رواية عشقت من الصعيد الفصل الخامس بقلم حنين عماد
رواية عشقت من الصعيد الفصل الخامس
قالوا ان الغيرة مؤلمة ولكن الأشد ألماً هو حين تغار على مَن لا تملكه .. يشعر ببراكين تتفجر بصدره وهو يراها واقفة بحديقة المنزل وتتحدث مع ذلك اللعين الذي لا ينفك عن تذكر كيف نادته ب "حبيبها" .. يا الله لو يضع يديه عليه سيذيقه من العذاب ألوان .. سيستمتع وهو يحطم وجهه وربما وقتها فقط ستهدأ ناره .. ربما .. على بُعد منه كانت تقف وهي تبتسم على ذلك العنيد الذي تحس بلهفته عليها من صوته
إيمان: على فكرة انا بقالي ساعة بصالحك .. انت بقيت قفوش اوي
…: ليكي عين تهزري؟! انتي ماتعرفيش انا حصلي ايه امبارح لما ماكلمتينيش بالليل ولقيت موبايلك مقفول .. لا ولما اروح البيت ألاقي البواب بيقول انك نزلتي مع والدتك وراجل تاني بشنط سفر ومايعرفش روحتوا فين .. انتي متخيلة كم الافكار السودا اللي جت في دماغي من امبارح لحد النهاردة
إيمان(بأسف صادق): انا اسفة والله بس انت قولي كنت اعمل ايه ها .. كل حاجة جت فجأة واضطرينا نسافر وماكتشفتش ان موبايلي فصل شحن غير النهاردة الصبح وبمجرد ما شحن فتحته علشان أكلمك بس انت سبقتني
تنهد تنهيدة طويلة تسرب له بها بعض الهدوء بعد ان اطمئن عليها لتردف إيمان بابتسامة
إيمان: خلاص بقا ماتزعلش
…: انتي كويسة؟
إيمان: الحمد لله
…: ووالدتك؟
إيمان: كويسة برضو
…: هترجعوا امتى؟
إيمان: مش عارفة بس ماظنش هنطول يعني اسبوع بالكتير ما انت عارف إني لولا ماما ماكنتش جيت
…: عارف .. اهم حاجة ماتجيش على نفسك علشان اي حد ولو حد ضايقك كلميني وانا مسافة الطريق اكون عندك
ابتسمت إيمان بسعادة لذلك الذي يشعرها دائماً انه في ظهرها .. هو السبب الوحيد لعدم انهيارها بعد وفاة والدها فقد استطاع ان يُكَوِن مع خالها ووالدتها مثلث حماية لها من الاحزان .. مثلث قادر على نسف من تسول له نفسه في المساس بها .. اتسعت ابتسامتها واردفت بمزاح
إيمان: آآآآه انت بتتلكك بقا عشان تيجي وتشوفني؟ على العموم ماتقلقش انا كدا كدا اول ما ارجع لازم اقابلك
استشف من نبرتها وجود خطب ما ليردف بنبرة حماية يشوبها التوجس
…: فيه حاجة ولا ايه؟
إيمان: مش هينفع الكلام في التليفون لازم نتقابل
…: ماشي .. موبايلك يفضل مفتوح انتي فاهمة؟ وخل..
إيمان: اخلي بالي من نفسي واتصل بيك كل يوم اول ما اصحى وقبل ما انام ولو احتجت حاجة اكلمك
…: ماشي يا لمضة .. عايزة حاجة؟
إيمان: سلملي على اللي عندك
…: الله يسلمك .. سلام
…: سلام
اغلقت إيمان الخط بابتسامة مشرقة اختفت حين شهقت بخضة عندما أدارت وجهها ووجدت ذلك الذي احمرت عيناه من فرط غيرته وغضبه .. هو الآن يقتل ذلك المجهول في عقله بأبشع الطرق .. وضعت إيمان يدها على صدرها واخذت عدة أنفاس عميقة لتنظم ضربات قلبها المتواثبة لتردف
إيمان: حد يخض حد كدا
زين(بنبرة يشوبها الكثير من الغيرة): كنت هتتكلمي مع مين؟
إيمان(وهي ترفع حاجبها): نعم؟!! وانت مالك
زين(وهو يمسك ذراعها بغيظ وغيرة): بجولك كنتي هتتكلمي مع مين؟
إيمان(وهي تسحب يدها بعنف): نزل ايدك دي .. انت مالك بكلم مين انا حرة
زين(وهو يحاول التحكم بغضبه): ماتطلعيش عفاريتي عالصبح عاد
إيمان(بنبرة يشوبها القليل من الغضب من اسلوبه): لا عفاريتك دي تطلعها على اي حد إلا انا انت فاهم
زين(وهو يتقدم منها): بت انتي..
...: زييييين
صرخت بها دعاء قبل ان تجري بفرحة وتلقي بنفسها بين أحضان اخيها التي اشتاقت له .. اشتاقت لقلبه الطيب ولغيرته الاخوية التي لم تخنقها كما تخنقها غيرة زوجها .. اشتاقت لحضنه واشتاقت لحمايته لها
دعاء(وهي تبتسم وتغمض عينيها بأحضانه): اتوحشتك جوي جوي
زين(بابتسامة وهو يلف ذراعه حول وسطها ويرفعها عن الارض بداخل احضانه): واني كما اتوحشتك جوي جوي يا حبيبتي
هل شعرتم من قبل بقلبكم يتخبط بين جدران صدوركم .. هل شعرتم انكم على وشك الإختناق وكأنكم تتنفسون من ثقب إبرة .. هل شعرتم بزلزال يضرب برؤوسكم جاعل عيونكم ككاسات الدم .. هي تشعر بكل ذلك وهي ترى يديه ملتفة حول خصر تلك الفتاة التي إن قالت عنها جميلة لم تُوفيها حقها .. تزيد دعاء من لف يديها حول عنق زين لتحس إيمان وكأنها تختنق .. تتحرك بغضب من أمامهم وهي تدك الأرض خلفها .. تكاد لا ترى من فرط غضبها وتكور يديها بقوة حتى ابيضت اطراف اصابعها .. ما ان دخلت المنزل حتى اصطدمت بقوة برحمة التي انتهت للتو من مساعدة صالحة بالمطبخ وكانت في طريقها لترتاح بغرفتها
رحمة: على مهلك يا حبيبتي الدنيا ماطارتش
إيمان: انا اسفة يا خالتو .. معلش مش قصدي
رحمة(بابتسامة بسيطة): ولا يهمك يا حبيبة خالتك .. اني خليتهم مايشيلوش الفطور علشان تكملي وكل
إيمان: لا لا انا شبعت الحمد لله
رحمة: وه! .. شبعتي كيف؟! دا انتي يا حبة عيني وشك ممجوت وجد اللجمة ..(وهي تنظر لعينيها).. وه! عينيكي حمرا إكده ليه؟
إيمان(وهي تحاول الهدوء): لا دا .. من الشمس برا بس .. ماتقلقيش
رحمة(وهي تمسك بكفها): طب تعالي معاي
إيمان: اجي فين؟
رحمة(وهي تتحرك بها): تعالي بس
////////////////////
على مسافة من سرايا المنياوي زفرت قمر بغضب وهي تنظر لوالدتها التي اجبرتها ان تنتظر معها حتى تشتري القليل من البن المطحون و بعض اعواد النعناع الطازجة حتى تستمتع بشرب الشاي والقهوة مع اختها كما اعتادت واخبرت دعاء ان تسبقهم للسرايا
قمر(وهي تزفر بتذمر): ما تخلصي ياما عاد , هتجعدي طول اليوم تختاري في حزمة نعناع
صابرة(وهي تشم حزمة نعناع): يا بتي اصبري شوية مش بختار حزمة صابحة إكده عشان يكون للشاي طعم
قمر: وموجفاني چنبك ليه؟ هي الحزمة تجيلة جوي إكده؟
صابرة(وهي تمسك حزمة اخرى): لاه يا ناصحة عشان اسيب مرت اخوكي دجيجتين مع امها واخوها وابوها من غير ما تحس اننا كابسين على نفسها .. مش كفاية اخوكي وتحكيم رأيه انها ماتعتبش برات الدار من غير ما اكون وياها
قمر(بنفاذ صبر): بجولك ايه اني رايحة الدار بلا كابسين بلا ماكبسينش
صابرة: استني بس , اهو هاخد دي ..(قالتها وهي تضع حزمة النعناع في القفة).. يلا همي بينا ..(قالتها ثم حملت القفة بمساعدة ابنتها لتردف بنبرة ذات مغزى).. على الله بعد اللهوجة دي تنولي اللي في بالك
قمر(بابتسامة مغرورة): هنوله, وهنوله بالجوي كمان .. وهنفذ اللي كان نفسك فيه ياما
صابرة: يا بتي ديه كان من سنين لما شوفت ولد خالتك بيكبر وبيبجى راچل ملو هدومه ساعتها جولت كيف ما اخوكي اخد دعاء زين ياخدك بس..
قمر(مقاطعة بثقة كبيرة): مابسش .. هو دا اللي هيوحصول وشعري ديه مايبجاش على مرة لو ماكانش زين السنادي كاتب كتابه عليا
صابرة(وهي تضيق عينيها بشك من ثقة ابنتها): ناوية على ايه يا بت بطني؟
قمر(بابتسامة مغترة): اصبري ياما وهتشوفي .. هيتجوزني وهبجا مرت العمدة وبيدك دي هتلبسيني الابيض وبكرة تجولي جمر جالت ونفذت
صابرة: ربنا يجدم اللي فيه الخير يا بتي
تحركت صابرة مع قمر التي كانت تُمسك مع والدتها القفة بيد وباليد الأخرى تربت على حقيبتها التي تحتوي على ذلك العمل الذي اخذته من تلك الدجالة وسهرت تعد الايام حتى تستطيع الذهاب لخالتها لتبدأ في تنفيذ خطتها فهل ستنجح فيما خططت له ام سيكون عليها خوض تحدي مع خصم ليس بهين .. تحدي مع القاهرية
/////////////////////
تجلس إيمان بغرفة رحمة التي ما أن دخلوا إليها حتى همت بفتح دولابها والتفتيش به
رحمة(وهي تزفر بملل): هو راح فين عاد؟! راح فين؟!
إيمان: هو ايه دا يا خالتو؟!
رحمة(وهي تقف على اطراف قدميها): هتعرفي دلوكيت يا عيون خالتك .. اني متوكدة اني شايلاه إهنيه ..(ثم اردفت بفرحة).. ايوة أهو
قالتها وهي تسحب احدى الشنط لتفرد امامها فستان بناتي من اللون الاصفر الشبيه بلون الكركم وذو نقط سوداء بسيطة
رحمة(وهي تفرد الفستان امامها): ايه رأيك؟
إيمان: في ايه؟
رحمة: في الفستان ديه
إيمان(بابتسامة): حلو اوي
رحمة(بابتسامة مماثلة وهي تقدمه لها): مبروك عليكي
إيمان(بذهول): عليا انا؟!!
رحمة: إيوة
إيمان: انا مش فاهمة حاجة
رحمة(وهي تجلس بجانبها): بصي يا ست البنات , بصراحة إكده اني كنت چايبة الفستان ديه من كام شهر لما نبوية الدلالة چت إهنيه .. اول ما شوفته عچبني بس بعد ما چبته لاجيته ماينفعش للي في سني
إيمان: سنك ايه يا خالتو! دا اللي يشوفك يقول انك اصغر مني
رحمة(بابتسامة): هتعملي زي زين عاد .. كل شوية يجولي تعرفي يا عمتي لو ماكنتيش عمتي كنت اتچوزتك .. مدبوب الواد ديه والله
ارتسم العبوس على وجه إيمان حين سمعت اسمه بل وازداد عبوسها حين تذكرت عناقه لتلك الفتاة .. لاحظت رحمة عبوسها لتردف بنبرة حنونة
رحمة(وهي تربت على يدها): مالك يا حبيبتي مكشرة إكده ليه؟ ..(ثم نظرت للفستان لتردف).. هو يعني ذوجه مش زي ذوج لبس مصر بس ..
إيمان(مقاطعة بنفي): بتقولي ايه بس يا خالتو .. دا حلو اوي واحلى كمان علشان منك
رحمة: صوح؟
إيمان: صوح الصوح كمان .. طب ايه رأيك اني هلبسه وهنزل بيه السوق معاكي انتي وخالتو صالحة
رحمة(بابتسامة): يا حبيبة خالتك انتي
إيمان: يلا بقا اجهزي يا خالتو يا قمر انتي عقبال ما اروح اغير هدومي
اكتفت رحمة بابتسامة صغيرة لتقف إيمان بعد ان طبعت قبلة على وجنة خالتها ومن ثم تحركت لغرفتها حيث تنتظرها مفاجأة من نوع خاص جداًاًاً
///////////////////
حضنك حلو جوي يا عمتي
قالتها دعاء التي عرفت منذ دقائق ان عمتها التي كانت تسمع عنها كثيراً أخيراً أتت لدارهم .. ترقرقت عينيها بالدموع ما ان عرفها والدها على صفاء لترتمي بين احضانها مستشعرة بها ذلك الحنان الذي ورثته عن والدتها كما ورثت جمالها الساحر الذي كان نعمة ونقمة عليها .. فهو السبب في فراقها عن والدها وسنعرف فيما بعد كيف حدث ذلك ولكن دعونا نركز الآن في ذلك الحضن الحنون الصافي الخالي من اي كذب او نفاق او كره .. قالوا فيما مضى ان بعض الاقارب عقارب ولكنهم نسوا ان يقولوا ان بعضهم يكونوا رحمة من الله .. تبتسم صفاء وتزيد من احتضان دعاء التي تغمض عينيها براحة فوق صدر عمتها التي لم تراها سوى اليوم
سالم(بابتسامة وهو ينظر لهم): وه وه وه .. ايه الحب ديه كله .. يا بختك يا صفاء
ابتسمت دعاء وخرجت من احضان عمتها لتحتضن والدها الذي كان ولا يزال وسيظل دوماً حنوناً عليها .. من قال ان رجال الصعيد لا يعرفون الحب او قساة القلب فهم خير الرجال وفيهم يكمن المعدن الاصيل .. هم اصل كل شئ ولكنهم يعلمون ان الكلام سهلاً إنما الفعل يساوي ألف كلمة
سالم(وهو يربت على ظهرها): اتوحشتك يا جلب ابوكي
دعاء(بنبرة صادقة وهي تدفس رأسها بصدره): وأني كمان يابوي اتوحشتك جوي جوي
سالم: ولما انتي اتوحشتيني اكده ماچيتيش بجالك سبوعين ليه؟ ايش حال البيت چنب البيت
هربت دعاء بعينيها فهي تعلم ان والدها إن عرف معاملة ممدوح لها وكونه يمنعها من الخروج حتى امام المنزل لن يمرر ذلك مرور الكرام
صالحة(بنبرة هادئة وهي تنظر لهم): معلش يا حاچ المهم يكون ربنا هادي سرها مع چوزها .. مش برضك ربنا هادي سركم يا بتي؟
هزت دعاء رأسها ولم يطاوعها لسانها في نطق انهم بخير .. فهي ليست بخير .. هي متعبة .. هي مجروحة .. هي تعاني ولكنها تصمت لأنها تعلم انه لن يرضى بها أحد وهي (معيوبة) .. انتبهت على جملة والدتها التي زادت من نزيف قلبها
صالحة: طب مفيش حاچة چاية في السكة؟
سالم(بنبرة محذرة): صالحة
صالحة(بنبرة هادئة وهي تنظر لهم): يا حاچ عايزة اطمن عليها .. نفسي اشيل عيالها هي وزين
سالم(بنبرة لا تقبل النقاش): لما ربنا يريد
صمتت صالحة بطاعة حين حذرتها نظرات سالم من التمادي في ذلك الحديث الذي لا جدوى من الكلام به فهم يعلمون مشكلتها بالإنجاب ولكنها كأي أم تحلم باليوم الذي تحمل به احفادها بين احضانها .. وللحق سالم أيضاً يشعر مثلها واكثر فهو صعيدي أبا عن جد وعندما رزقه الله ب زين وبعده دعاء كانت سعادة قلبه لا توصف كون نسله لن ينقطع .. سيأتي من يحملون اسمه جيلاً بعد جيل .. نعم صُدم حين علم بعجز ابنته الحبيبة ولكنه اخذ يصبرها ويصبر نفسه بآيات الله سبحانه وتعالى التي تلملم شتات النفس وتطيب جروح القلب وترمم انكسار الروح .. لاحظت صفاء ان الجو اصبح مشحوناً يشوبه التوتر والصمت القاتل لتبتسم بهدوء وتردف وهي تربت على كتف دعاء
صفاء(بابتسامة حنونة): مش عايزة تتعرفي على بنت عمتك؟
لمعت عيون دعاء بفرح لتردف بابتسامة مترددة
دعاء: ايوة هي فين عاد؟
سالم: تلاجيها في اوضتك فوج .. اطلعيلها
تراقص التردد بعيون دعاء لتبتسم صفاء وهي تقف لتتحرك معها مشجعة إياها على التعرف على من ستكون لها اكثر من أخت فترى كيف سيسير لقاءهم بعدما رأتها إيمان في احضان ذلك المستفز الهمجي الذي يسبب ربكة قلبها الصغير
///////////////////
قبل دقائق قليلة كانت إيمان في طريقها لغرفتها .. ترتسم ابتسامة جميلة على وجهها وهي تمسك ذلك الفستان بين يديها .. احبته واحبت ذوقه الذي يشوبه الطابع الصعيدي .. رقيق وجميل مثل خالتها تماماً .. لا تعلم لما كلما نظرت لها ترى الحزن يخيم بعينيها السوداء الكحيلة .. يبدو أن ذلك المنزل ملئ بالاسرار وحتماً ستنكشف سراً وراء الآخر .. فتحت باب غرفتها وخطت خطوة واحدة للداخل ولم تكد تخطو الثانية لتشهق بفزع حين وجدت يداً قوية تحاوط خصرها وجسداً صلباً كالجدار يدفع بها مُلصقاً ظهرها بالباب .. رفعت عينيها بغضب لتراه واقفاً أمامها وعينيه مثبتة على عينيها بقوة وكأنه يحاول ان يقرأ ما يدور بعقلها لتردف هي بنبرة غاضبة يشوبها الغيظ والتوتر من قربه
إيمان(بحدة وغيظ): انت اتجننت؟!! ايه اللي عملته دا ومين سمحلك اصلا تدخل الاوضة ولا عشان انا ماقولتش لخالي عاللي عملته هتفتكر انك تقدر تدخل وتخرج زي ما تحب , لا اصحى دا انا..
زين(مقاطعاً بنبرة عميقة): هتحبيه؟
إيمان(وهي تعقد حاجبيها باستغراب وعدم فهم): هو مين؟!
زين(وهو يضغط على اسنانه بغيظ وغيرة): اللي كنتي هتتكلمي معاه عالتلافون
إيمان(ببرود وهي تكاد تتحرك من امامه): انت مالك
زين(بغيرة وهو يمسك رسغها يمنعها من التحرك): هو مين؟
إيمان(وهي تحاول سحب يدها منه): سيب ايدي بدل ما اصوت وألم عليك البيت
بيده الأخرى أدار المفتاح في الباب موصداً إياه ليجذبها لصدره بقوة مردفاً بغيرة وعينيه مثبتة بعينيها
زين(بغيرة تشتعل بصدره): جوليلي الأول هو مين وهتحبيه ولا لاه؟
إيمان(بأنفاس ثائرة بصدرها وارتباك من قربه): قولتلك وانت مالك ملكش دعوة ..(ثم اردفت بنبرة يشوبها الغيرة).. هو انا كنت سألتك مين اللي حضنتها تحت؟!!
قالتها إيمان باندفاع لتكتشف انها فُضحت امامه .. فضحها لسانها الملعون حين نطق بما يُشعل النيران بقلبها .. دقات قلبها تتواثب بقوة وليس حالها بأفضل من حاله فقلبه حالياً يتراقص على إيقاع نبضاته التي اصبحت أعلى ما ان سمعت أُذناه شفتيها وهما يعترفان بتسرب الغيرة لقلبها .. اقترب زين خطوة منها ليردف
زين(وهو ينظر لعينيها): غيرتي؟
إيمان(بكذب وبنبرة حاولت جعلها متهكمة): غيرت؟! على مين؟! عليك أنت هه
زين(بابتسامة جانبية وهو يتقدم خطوة ثانية): غيرتي
إيمان(بغيظ من ابتسامته وثقته): ماغيرتش بقولك, وانا اغير عليك بتاع ايه واغير من مين أصلا؟!
زين(باستفزاز): من فلجة الجمر اللي تحت
إيمان(بغيرة حاولت اخفاءها): اشبع بيها ..(ثم همست بغيظ جعل صوتها مسموعاً قليلاً).. اولع انت وهي
ضحك زين بصوته كله مسبباً زلزلة قوية لقلبها .. اقترب خطوة أخرى ليحبسها مرة اخرى بين جسده والباب ورفع يده ليمسك بذقنها بإصبعيه مردفاً بنبرة اجشة
زين(وعينيه تتفرس وجهها): لسانك ديه اني هجطعهولك
إيمان(بغيظ وتحدي): لا انت ولا عشرة زيك
حسناً الآن الوضع خطر للغاية .. في كل مواجهة بينهم ينتهي الأمر بقرب وجوههم ولكن الآن قربهم خطر .. إن قلنا ان كل منهم يتنفس انفاس الآخر لم نوفيهم حقهم .. عيناهم تقول الكثير فقد صدق من قال ان للعيون لغة خاصة لا يعرفها إلا العشاق .. للعيون حديث خاص .. هو يقول لها "ماذا فعلتي ايتها القاهرية فأنا في كل معاركي اعود منتصراً ولكني أمام عينيكي أُهزم" .. أما هي فكانت عينيها وكأنها تستعجب من جمال عينيه وكيف تستطيع عيونه ان تحتلها وتجعل قلبها يردد "فلتسقط الحرية إن كان معتقلي عيناك" .. ظلوا على تلك الحالة لمدة لا يعرفونها حتى عادوا لأرض الواقع على صوت طرق باب الغرفة
إيمان(بارتباك): مين؟
صفاء: انا يا إيمان افتحي
إيمان(بتوتر حاولت اخفاءه): ثانية واحدة يا ماما
نظرت إيمان لزين الذي ابتسم باستفزاز وجلس على سريرها لتُصدم هي مما فعل وتردف بنبرة منخفضة يشوبها الغيظ
إيمان(بحدة): انت هتستهبل قوم امشي
هز زين رأسه ببرود رافضاً .. ضغطت على اسنانها وهي تردف
إيمان(بنبرة يشوبها الغيظ الكبير): انا مابهزرش اخرج بسرعة
زين(وهو يرفع كتفيه ببرود): مليش مزاچ
طرق صفاء تكرر لتنظر إيمان لزين وتردف بنبرة هادئة يشوبها التوتر
إيمان(بنبرة يشوبها الرجاء): زين, لو سمحت ماينفعش كدا لو سمحت اخرج
لم يستمع لكلمة من بعد اسمه .. قالوا من قبل انك ستظل تظن اسمك عادياً حتى تجد من يلفظه بطريقة تجعلك تظن انك وحدك من سُمي بذلك الإسم وذلك هو حاله الآن .. يشعر بحروف اسمه تخرج من بين شفتيها كمقطوعة لعمر خيرت او أغنية لكوكب الشرق .. يشعر بقلبه يدق بقوة بين صدره .. يشعر وكأنه يريد ان يخرج للفضاء فجدران المنزل لا تتسع له الآن .. وقف وتحرك خطوتين حتى أصبح أمامها لينظر لعينيها لثانية قبل ان يتحرك لشرفة غرفتها ومنها لغرفته دون ان ينطق حرفاً واحداً .. نظرت في اثره قليلاً قبل ان تسرع بعد ذلك باتجاه الباب وتفتحه وهي تحاول ان ترسم ابتسامة بسيطة على وجهها حتى لا تثير توجس والدتها لتختفي تلك الابتسامة الصغيرة حين رأت تلك التي تقف بجانب والدتها
صفاء: فيه ايه يا إيمان؟ ايه حكاية قفل الباب دي؟
إيمان: مفيش حكاية ولا حاجة يا ماما انا بس كنت فاردة شوية
صفاء(بابتسامة): طيب اعرفك بقا .. دي دعاء
كانت نظرات إيمان حادة لتتحول لنظرات مصدومة حين اخترقت جملة والدتها التالية اذنيها
صفاء: بنت خالك
إيمان(بصدمة): بنت خال مين؟!!
صفاء(باستغراب لصدمتها): خالك انتي
إيمان(بعدم استيعاب): ماله؟!!
صفاء(وهي ترفع حاجبيها باستغراب): ايه هو اللي ماله! بقولك دي دعاء بنت خالك سالم
رمشت إيمان اكثر من مرة لتستوعب جملة والدتها التي وضحت حقيقة ما حدث منذ دقائق .. نظرت إيمان لدعاء مرة اخرى وكأنها تريد التأكد مما فهمته
إيمان(وهي تشير لدعاء): انتي .. بنت خالي انا؟
دعاء(وهي تهز رأسها): ايوة
إيمان(بعدم تصديق): بنته بنته يعني؟
دعاء: ايوة
إيمان(مكررة مرة اخرى): يعني خالي سالم انتي تبقي بنته؟!
دعاء(باستغراب): ايوة
إيمان(وهي تفتح عينيها بصدمة): يعني انتي اخت زين؟!
دعاء: ايوة
صفاء(باندهاش لحالتها): مالك يا إيمان؟
إيمان(بابتسامة تتسع تدريجياً رغماً عنها): مليش .. مليش خالص ..(ثم نظرت لدعاء بفرحة وضحت بصوتها وهي تفتح ذراعيها).. بالحضن .. بالحضن يا بنت خالي بالحضن
في اقل من ثانية جذبت إيمان دعاء لحضنها وهي تبتسم بسعادة تدق بقلبها حين انكشفت الحقيقة وأُزيلت الغيرة من جذورها تجاة تلك الجميلة ذات البشرة البيضاء .. ابتسمت دعاء رغم استغرابها وعدم فهمها لما حدث ولكن كل ما ركزت به هو ذلك الحضن الذي احست فيه بالحنان لتربت هي الأخرى على ظهر إيمان وابتسامة جميلة تزور شفتيها فهل ستكون هي همزة الوصل بين قلب تلك القاهرية وقلب اخيها .. هل ستكون هي حمامة السلام بينهم .. هل ستكون هي السبب وراء الاعتراف الكبير بين القاهرية والصعيدي .. هل هي من ستجعل اخيها يعترف بأن قلبه قد دق لتلك العنيدة الشرسة .. هل هي من ستفتح الصناديق السوداء لتكشف الحقائق لتلك التي ستصبح لها أقرب من صديقة واكثر من اخت .. هل ستستطيع تسريب حب ذلك البيت و تلك القرية لقلب تلك العنيدة لتجعلها تهتف قائلة عشقت من الصعيد
يتبع الفصل التالي: اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية عشقت من الصعيد " اضغط على أسم الرواية