رواية القلب يهوي قاتله الفصل الخامس شيماء رضوان
رواية القلب يهوي قاتله الفصل الخامس
من أنا بعد ليل الغريبةِ؟
ذاتَ يَوْمٍ سأجْلِسُ فوق الرَّصيف.. رَصيف الغَريبَةْ
عانِقيني لأُولَدَ ثانيَةً
من أنا بعد ليل الغريبةِ؟
في الرَّحيل أُحبك أَكْثَرَ
إنَّ هذا الرَّحيل سَيتْرُكُنا حُفْنَةً منْ غُبارْ..
مَرَّ الْخَريفُ عليّ وَلَمْ أَنْتَبهْ
للْحَقيقَة وَجْهان، وَالثَّلجُ أَسْوَدُ فوق مَدينتنَا
لَمْ نَعُدْ قادرين على الْيأْس أكْثرَ مما يَئسْنا..
والنِّهايةُ تَمْشِى إلى السُّور واثقَةً مِنْ خُطَاهَا
فَوْقَ هذا الْبلاط الْمُبلِّل بالدَّمْعِ، واثقةً مِنْ خُطاها
"نزار قباني"
كانت تركض ذو القلب المرح ركضا علي الدرج سعادتها لا توصف بانتهاء فترة امتحاناتها ودراستها بعد أن كانت تقيم ببيت للطالبات بسبب ابتعاد محل اقامتها عن جامعتها ولكن اليوم أتمت تعليمها الجامعي وتخرجت من كلية التجارة لتعود مرة أخرى راسمة البهجة علي ثغرها ؛ فسترى حبيب القلب والروح مرة أخرى بعد غياب دام لشهر ونصف بسبب امتحانات السنة النهائية وليالي المذاكرة الكئيبة ورفضها العودة للمنزل حتي تنتهي من كل شئ غافلة عن أحلامها الوردية التي قضي عليها قبل أن تتحقق وبخرت في الهواء فلم يعد لها وجود فحبيب القلب والروح أصبح ملكا لأخرى أكثر شراسة ستدافع عنه مهما حدث.
دلفت خديجة شقتها بهدوء تزيل دمع عيناها بيدها ورأسها يدور به عشرات الأفكار هل تترك حياتها تسير كما خطط لها القدر تنتظر ما سيحدث بخنوع ورضا بالنصيب أم تتمرد مرة أخرى وتترك المنزل كما تركته دوما ولكن هناك ما تغير ذلك الدفء الذى افتدقته دوما شعرت به هنا..الأمان الذى حرمت منه حصلت عليه يكفيها أنها تنام أمنة وسط كنف عائلتها حتي لو كانوا يبغضونها وصالح ذلك القاسي .
موقنة بشدة أنها هي من تجعله يشيط غضبا
هي من تخرج الثور من عقاله ماذا سيحدث ان عاشت حياتها معه كزوجة مطيعة هل سينقص من كرامتها شيئا ولكن كيف تتعامل معه وهو يكرها بشدة يبغض الظروف التي أوقعتها بطريقه .
"حمقاء أنت يا خديجة فذلك الذى يكرهك ويبغضك من وجهة نظرك ما هو الا عاشق قديم لك منذ الصغر فرفقا بعاشق فقد الأمل بعودة معشوقته حتي وهي أمامه لا يثق ببقائها لجواره ".
خديجة..خاؤها هو الخوف بعينه من فقد الذات ودالها هو الدلال كله والأنوثة الناعمة وياؤها هي الملكية لكل ما تقع عليها عيناها وجيمها هو جمال الشكل وتاؤها هو أجمل ما يزين اسمها كما يزين القمر السماء......
طرقات شديدة علي باب الشقة جعلت تلك المرأة تشتاط غضبا وتعقد حاجبيها بضيق من هوية الطارق الا أنها عندما أبصرت تلك الناعمة الواقفة أمامها ضحكت عيناها قبل ثغرها ورقص قلبها طربا قبل أن تجذبها اليها في عناق شديد اشتاقت له كثيرا فابنة القلب عادت فرحة العائلة اسمها فرحة ووجودها فرحة .
قبلتها علي سائر وجهها فضحكت ذات القلب المرح هاتفة بسعادة :
كفاية يا ماما كفاية .
ابتعدت عنها والدتها ببطئ تنظر لوجه ابنتها البشوش ثم جذبتها للداخل كي ترى والدها.
تعالت الضحكات فخرج علي أثرها والدها فايز الذى أشرقت شمسه بعودة ابنته فأخذها من أحضان والدتها لأحضانه فتلك ابنة قلبه .
بعد فترة من السلامات والقبلات صمتت فرحة لتهتف بتساؤل :
أنا عايزة أطلع أسلم علي جدى والكل يا ماما .
ابتسمت لها احسان بود ثم ربتت علي فخذها قائلة :
دلوقتي ارتاحي يا حبيبتي ونتجمع كلنا باليل واهه تبقي مفاجأة حلوة للكل انك رجعتي.
وافقت علي حديث والدتها ؛ ثم دلفت لغرفتها لتفتح نافذتها وتقف فيها بابتسامة حالمة تتأمل حبيب الروح وهو يعمل بنشاط داخل محله وهي تتساؤل :
متي سيشعر بها وبحبها له
متي سيدق قلبه لها كما دق قلبها له
تنهدت بيأس أن ينظر لشرفتها ثم أغلقت النافذة ودلفت للداخل كي تبدل ثيابها وتنام.
جلست بغرفتها تعيد حساباتها مرة أخرى أخطأت كثيرا عندما ظنت أن الدنيا أموال فقط .
مخطئة يا خديجة فما هي الا أمان وراحة بال .
نهضت بتكاسل ووقفت أمام مرأتها تتأمل وجهها الخالي من مستحضرات التجميل في عادة جديدة عليها بعد أن أخذ صالح أدوات الزينة الخاصة بها ومكواة شعرها أيضا
أمسكت خصلاتها المموجة بشدة ولكن راقها شعرها المموج كثيرا ولكن تشتاق لرؤيته منساب علي جانب وجهها كالعادة
زفرت بضيق ثم اتجهت للمطبخ عازمة علي تحضير ورق العنب فقد اشتاقت له بشدة وستصنع بعض الحلويات .
أفكار كثيرة راودتها وستبدأ بتنفيذها وعلي رأسها تغيير جيجي المدللة المرفهه مغرية الرجال الي خديجة الزوجة المطيعة الهادئة
تلك كانت أولي محاولاتها لاصلاح الذات فهل ستستطيع؟؟؟؟
عاد من عمله بوجهه خالي من التعابير كالعادة من يراه لا يعرف ما يدور بخلده وذلك أكثر ما تبغضه .
اغتسل وأبدل ملابسه ثم عاد للصالة بانتظار الغداء فقامت باحضاره وجلست معه فنظر لها متعجبا فخلال الأيام المنصرمة لم يتناول معها الطعام قط ترى ما حدث .
تناولا الغداء بصمت ينظر لها بين الحين والأخر بدهشة لم هي صامتة هكذا دوما ما تبدأ باثارة غضبه وحنقه ترى هل بها شئ ما هل هي مريضة .
أنهي طعامه ونهض ليجلس قليلا أمام التلفاز وبدات هي بتنظيف الأطباق فنادى عليها لتحضر الشاي الخاص به الا أنها فاجأته قائلة بهدوء ليس من شيمها :
لا هنحلي الأول .
زادت الدهشة لينفض وجهه للجانبين وتأكد أن هناك شيئا بها ولكنه التزم الصمت الأن
عادت حيث يجلس بطبق من كيك الشيكولاتة ووضعته أمامه بابتسامة جميلة
نظر للكيك أمامه ثم اليها قائلا بتساؤل حذر :
مالك يا خديجة انتي تعبانه .
عقدت حاجبيها من سؤاله وقالت :
لا مش تعبانه .
وضع يده علي جبهتها ثم قال بدهشة :
مفيش حرارة أمال في ايه .
تجهم وجهها ونهضت بضيق لتدلف للمطبخ مرة أخرى هاتفة بغيظ :
أنا اللي غلطانه يا ابن بثينه قلت أعملك كيك ونعيش في هدوء شوية لكن شكلك بتحب الخناق وأنا كمان بموت فيه .
اختفت داخل المطبخ أما هو علم أنها تحاول إصلاح ما أفسدته لا ينكر فرحه بمحاولاتها للتغير ولكن كسي الحزن نظراته فسوف يتركها عندما تتغير للأحسن مهما فعلت لن تستطيع محو ماضيها نعم تزوجت ولكن كبرياء الشرقي بداخله يأبي الإنصياع لقلبه فمهما فعلت طرقهما متوازية لن يستطعان التلاقي يوما .
نعشق من كتب عليهم وعلينا الإفتراق
لم أعشق امرأة لن تكون لي مهما حدث
انها زوجتي ولكنها بعيدة عني
طريقي وطريقك متوازيان يا خديجة كشريطي قطار فهل يتلاقيان يوما
هل سأستطيع العيش مع امرأة أنا الخامس بحياتها .
لن أضع قلبي بين يديها مهما حدث فالي الأن لا أمن لها فيكفي ألم قلبي ونزيف روحي قديما ولن أكرر فعلتي مرة أخرى .
جلست بغرفتها شاردة تنظر لنقطة ما أمامها منذ حديثها مع والدتها وعقلها لا ينفك عن التفكير في حياتها القادمة
وضعت يدها علي بطنها تتحسس جنينها بابتسامة خافتة .
كان يعمل علي حاسوبه ويراقب شرودها بين الحين والأخر ماذا حدث معها لينقلب حالها هكذا
هل هذه حبيبة شقية العائلة ماذا حدث لها
زواجه منها كان خطأ كبير تزوجها لينسي حبه القديم ولكنه دمرها وجعلها تبدو كوردة ذابلة تتساقط أوراقها بعد أن خلعها من ارضها ووضعها في أرض قاحلة .
أغلق حاسوبه ثم نهض وجلس بجوارها واضعا يدها علي ذراعها فانتفضت تحت لمسته فوضع يده جانبه ثم رسم ابتسامه باهته علي شفتيه قائلا بهدوء :
مالك يا حبيبة .
أجفلت علي صوته ونظرت له بعينان باردتان رأى فيهما الحزن والألم بعد أن كانت تنضحان قديما بالحب وتلمعان بالعشق ثم نهضت قائلة بخفوت :
مفيش يا خالد .
غادرت الغرفة دون إضافة كلمة أخرى متوجهه للغرفة الأخرى لتبيت ليلتها بها وتذرف دموع عيناها دون أن يسألها أحدا ما بك وهل يفيد البكاء علي اللبن المسكوب .
مساءا تجمع الجميع ورفضت حبيبة الصعود ومشاركتهم أما فرحة رحب بها الجميع وجلست تتسامر معهم ولكن صالح وخديجة تأخرا بالصعود قليلا .
اليوم تجمع الرجال مع النساء بسبب عودة فرحة فالكل يود الحديث معها وسؤالها عن أحوالها الكل سعيد فرح بعودتها الا من يجلس يتأمل ابتسامتها التي ستخبو بعد قليل كيف غفل عنها وعن ما سيصيبها ولكن ابن عمها لم يراها يوما أكثر من أخت له أما الأخرى فأحبها منذ الصغر حتي وان خبا هذا الحب فهو كالذهب سيلمع مرة أخرى .
زفرة قوية خرجت من جوفه عندما أبصر كلا من صالح وخديجة يدلفان معا يحيون الجميع .
أبصرت حبيب القلب والروح من احتل أحلامها في صباها وفي شبابها من دق القلب له وشرد العقل به
صالح الروح والقلب متي ستشعر بس
طال تحديقها به ولاحظتها خديجة التي ضيقت عيناها لترى لمعة الأعين التي لا تظهر الا عند وجود الحبيب ؛ فشعرت بالحنق مما يحدث وشعورا أخر لا تعلم ماهيته فقد تريد دق عنق أحدهم
اصطنعت ابتسامه وتقدمت لترحب بفرحة وكذلك صالح أيضا ؛ ثم جلست خديجة بجواره متعمدة الإلتصاق به فحزنت فرحة لما تراه أمامها فتلك خديجة لا تبتعد عنه إنشا واحدا لم تلتصق به هكذا بل لم عادت من الأساس .
غصة مؤلمة شعرت بها من التصاقها به بتلك الطريقة الحميمية وشعرت بوجود خطب ما وضيق في نفسها كأن أحدهم اقتلع روحها منها .
كانت احسان تراقب خديجة بضيق وابنتها باشفاق فقد انكسر قلبها وهي بأول حياتها .
رفع صالح يده اليسري ليحك جبينه قليلا وكانت تلك حركة جمدت الدم بأوردة فرحة فلم يلبس محبس زواج وهو لا يطيق تلك الأشياء من الأساس .
نظرت ليد خديجة اليسرى وجدتها ترتدى محبس زواج هي الأخرى .
انقبض قلبها من الفكرة أن يكون ارتبطا ببعضها ولكنها لم تغب سوي شهر ونصف .
كانت بثينة تراقبها باشفاق يجب أن تعلم فرحة بزيجة صالح هل سيظل الأمر مخفيا عنها يجب أن تعلم الأن ستتألم ولكن يجب أن تفق من وهم حبها لصالح
تزوج صالح بأخرى وانتهي الأمر ويجب عليها نسيانه والنظر لحياتها ولكن كيف ستعلم ذلك لن تستطيع اخبارها فستظل بمثابة ابنتها التى شاهدتها تكبر يوم بعد يوم لن تخبرها هي ولكن كيف ستعلم .
انقضت السهرة لم يجرؤ أحد علي إخبار فرحة بشئ من يعلم حبها لصالح قليل وخافوا عليها عندما تعلم صدمتها ستكون قوية لكسرها وجرح قلبها سيصعب عليهم مداواته ولكن كان للقدر رأى أخر .
هبط الجميع للأسفل ووصل صالح لشقته فدس المفتاح بالباب ليدخل وعندما دلفت وراؤه خديجة وهمت باغلاق الباب وقفت أمامها فرحة بقلب ينتفض وجسد يرتجف تريد سؤالها عن شئ علمت اجابته قبل النطق بها ولكنها تأبي التصديق:
انتي داخلة هنا ليه يا خديجة .
ابتسمت لها خديجة وأجابت بخفوت :
داخلة شقتي .
تعالي تنفسها ودارت الأرض بها .
بس صالح دخل هنا حالا
أجابتها ببساطة :
طبيعي يا فرحة انا وصالح اتجوزنا من أسبوع .
قلبها يأن بوجع لا يحتمل.. روحها تتمزق..بريق عيناها انطفأ.. اسمها فرحة والقلب حزين...أى تعويذة ألقيت عليك يا قلبي لتتألم هكذا .
ماذا فعلت لأعاقب بتلك الطريقة
ما ذنبي ليعشق قلبي من ليس له
مات قلبي وانطفأت روحي وصرت فرحة اسما فقط والمعني مفقود.....
دلف غرفته دون أن يتفوه بشي مغلقا الباب وراءه لا يريد رؤيتها فتفكيره مشوش الأن
هدوءها بالاعلي وحديثها المحترم مع الجميع واحتشام ملابسها وأخرها التصاقها به طوال جلستهم مع العائلة هل تلك علامات أنها تتغير للأفضل هل سيفترقا قريبا كما قرر منذ زواجهما
كيف سيتحمل لفظها من حياته بعد أن اقترن اسمها باسمه .
ياليت قلبي يتسامح مع عقلي ويصفح لك ولكن شتان بين القلب والعقل يتصارعان بشراسة وتقف روحي بينهما مشتتة ممزقة لا تعرف أي طريق تسلك هل تسير بطريق القلب وتفقد عزتها واحترامها لذاتها أم تسير بطريق العقل وتفقد حبها من يخفق القلب لها....
عشقك سوط حاد يمزق جسدى فابتعدى عني
واتركيني فلا مقدرة لي علي تحمل ذلاتك
مر أسبوع لم يحدث فيه جديد
فرحة وانطفأت...حبيبة وصارت بلا روح وخديجة تحاول جاهدة كسب ود الجميع
صالح شارد يوما فالفراق قريبا جدا بل أقرب مما يتخيل .
جلست حبيبة بغرفتها التي ظلت بها أسبوع بأكمله ترفض العودة لغرفتها المشتركة مع خالد فنزيف روحها كان أقوى الأن وكأن عاصفة هبت واقتلعت حبيبة من جذورها وتركتها أخرى تمر عليها الأيام مشابهة لبعضها .
أسبوع لا يعلم ما بها تقوم بكل واجباتها تجاهه ولكن عند النوم تلتزم الغرفة الأخرى لا ينكر أنه مرتاح لذلك فلا يمكنه الضغط علي نفسه أكثر والكذب عليها أن حياتهما معا مثالية وطبيعية بل هي أبعد من ذلك خاصة مع قدوم خديجة التي تتجنب النظر له من الأساس كأن ليس له وجود .
نظراتها لصالح تربكه فهى مغلفة بحب حديث العهد مازال صغير ينبت ولكنه سيكبر ويشتد عوده بقلبها.
تنهد شاردا بما كان يفعله وحضوره لتلك الحفلات الراقية من أجل رؤيتها .
عودة الي وقت سابق
تسير بخيلاء علي الأرض المصقولة.. تتهادى في مشيتها كالطاووس رافعة ذقنها بكبرياء.. تنظر أمامها باستخفاف لكل من تسقط عينيها الأسرة فوقه....
نظرة من عيناها يتمناها الكثير وأولهم هو...
المتيم بعشقها منذ سنتين يذهب لتلك الحفلات الخاصة بالطبقة المخملية كى يراها فقط ولكنه لا ينتمي لتلك الطبقة من الأساس .
زفر بيأس عندما مرت من أمامه دون النظر اليه فوضع يده علي قلبه بألم كأنها دعست بكعب حذائها فوقه..
أما هي نظرات الجميع لها تمنحها السعادة وكأنها تعيش فقط علي نظرات الاعجاب تلك...
متيم بعشقك يا حبيبتي... أتمني نظرة من عيناك تروى ظمأى فكوني رحيمة بي من أجل خفقاتي التي تنطق باسمك...
عودة الي الوقت الحالي
غبي هو من ظن أنها ستنظر له يوما اقترنت بأربع رجال ولم تنظر له والخامس معه الأن وأيضا لم تنظر له.
" من يحبك سيتمسك بك ولو كنت شوكا بين يديه
ذاتَ يَوْمٍ سأجْلِسُ فوق الرَّصيف.. رَصيف الغَريبَةْ
عانِقيني لأُولَدَ ثانيَةً
من أنا بعد ليل الغريبةِ؟
في الرَّحيل أُحبك أَكْثَرَ
إنَّ هذا الرَّحيل سَيتْرُكُنا حُفْنَةً منْ غُبارْ..
مَرَّ الْخَريفُ عليّ وَلَمْ أَنْتَبهْ
للْحَقيقَة وَجْهان، وَالثَّلجُ أَسْوَدُ فوق مَدينتنَا
لَمْ نَعُدْ قادرين على الْيأْس أكْثرَ مما يَئسْنا..
والنِّهايةُ تَمْشِى إلى السُّور واثقَةً مِنْ خُطَاهَا
فَوْقَ هذا الْبلاط الْمُبلِّل بالدَّمْعِ، واثقةً مِنْ خُطاها
"نزار قباني"
كانت تركض ذو القلب المرح ركضا علي الدرج سعادتها لا توصف بانتهاء فترة امتحاناتها ودراستها بعد أن كانت تقيم ببيت للطالبات بسبب ابتعاد محل اقامتها عن جامعتها ولكن اليوم أتمت تعليمها الجامعي وتخرجت من كلية التجارة لتعود مرة أخرى راسمة البهجة علي ثغرها ؛ فسترى حبيب القلب والروح مرة أخرى بعد غياب دام لشهر ونصف بسبب امتحانات السنة النهائية وليالي المذاكرة الكئيبة ورفضها العودة للمنزل حتي تنتهي من كل شئ غافلة عن أحلامها الوردية التي قضي عليها قبل أن تتحقق وبخرت في الهواء فلم يعد لها وجود فحبيب القلب والروح أصبح ملكا لأخرى أكثر شراسة ستدافع عنه مهما حدث.
دلفت خديجة شقتها بهدوء تزيل دمع عيناها بيدها ورأسها يدور به عشرات الأفكار هل تترك حياتها تسير كما خطط لها القدر تنتظر ما سيحدث بخنوع ورضا بالنصيب أم تتمرد مرة أخرى وتترك المنزل كما تركته دوما ولكن هناك ما تغير ذلك الدفء الذى افتدقته دوما شعرت به هنا..الأمان الذى حرمت منه حصلت عليه يكفيها أنها تنام أمنة وسط كنف عائلتها حتي لو كانوا يبغضونها وصالح ذلك القاسي .
موقنة بشدة أنها هي من تجعله يشيط غضبا
هي من تخرج الثور من عقاله ماذا سيحدث ان عاشت حياتها معه كزوجة مطيعة هل سينقص من كرامتها شيئا ولكن كيف تتعامل معه وهو يكرها بشدة يبغض الظروف التي أوقعتها بطريقه .
"حمقاء أنت يا خديجة فذلك الذى يكرهك ويبغضك من وجهة نظرك ما هو الا عاشق قديم لك منذ الصغر فرفقا بعاشق فقد الأمل بعودة معشوقته حتي وهي أمامه لا يثق ببقائها لجواره ".
خديجة..خاؤها هو الخوف بعينه من فقد الذات ودالها هو الدلال كله والأنوثة الناعمة وياؤها هي الملكية لكل ما تقع عليها عيناها وجيمها هو جمال الشكل وتاؤها هو أجمل ما يزين اسمها كما يزين القمر السماء......
طرقات شديدة علي باب الشقة جعلت تلك المرأة تشتاط غضبا وتعقد حاجبيها بضيق من هوية الطارق الا أنها عندما أبصرت تلك الناعمة الواقفة أمامها ضحكت عيناها قبل ثغرها ورقص قلبها طربا قبل أن تجذبها اليها في عناق شديد اشتاقت له كثيرا فابنة القلب عادت فرحة العائلة اسمها فرحة ووجودها فرحة .
قبلتها علي سائر وجهها فضحكت ذات القلب المرح هاتفة بسعادة :
كفاية يا ماما كفاية .
ابتعدت عنها والدتها ببطئ تنظر لوجه ابنتها البشوش ثم جذبتها للداخل كي ترى والدها.
تعالت الضحكات فخرج علي أثرها والدها فايز الذى أشرقت شمسه بعودة ابنته فأخذها من أحضان والدتها لأحضانه فتلك ابنة قلبه .
بعد فترة من السلامات والقبلات صمتت فرحة لتهتف بتساؤل :
أنا عايزة أطلع أسلم علي جدى والكل يا ماما .
ابتسمت لها احسان بود ثم ربتت علي فخذها قائلة :
دلوقتي ارتاحي يا حبيبتي ونتجمع كلنا باليل واهه تبقي مفاجأة حلوة للكل انك رجعتي.
وافقت علي حديث والدتها ؛ ثم دلفت لغرفتها لتفتح نافذتها وتقف فيها بابتسامة حالمة تتأمل حبيب الروح وهو يعمل بنشاط داخل محله وهي تتساؤل :
متي سيشعر بها وبحبها له
متي سيدق قلبه لها كما دق قلبها له
تنهدت بيأس أن ينظر لشرفتها ثم أغلقت النافذة ودلفت للداخل كي تبدل ثيابها وتنام.
جلست بغرفتها تعيد حساباتها مرة أخرى أخطأت كثيرا عندما ظنت أن الدنيا أموال فقط .
مخطئة يا خديجة فما هي الا أمان وراحة بال .
نهضت بتكاسل ووقفت أمام مرأتها تتأمل وجهها الخالي من مستحضرات التجميل في عادة جديدة عليها بعد أن أخذ صالح أدوات الزينة الخاصة بها ومكواة شعرها أيضا
أمسكت خصلاتها المموجة بشدة ولكن راقها شعرها المموج كثيرا ولكن تشتاق لرؤيته منساب علي جانب وجهها كالعادة
زفرت بضيق ثم اتجهت للمطبخ عازمة علي تحضير ورق العنب فقد اشتاقت له بشدة وستصنع بعض الحلويات .
أفكار كثيرة راودتها وستبدأ بتنفيذها وعلي رأسها تغيير جيجي المدللة المرفهه مغرية الرجال الي خديجة الزوجة المطيعة الهادئة
تلك كانت أولي محاولاتها لاصلاح الذات فهل ستستطيع؟؟؟؟
عاد من عمله بوجهه خالي من التعابير كالعادة من يراه لا يعرف ما يدور بخلده وذلك أكثر ما تبغضه .
اغتسل وأبدل ملابسه ثم عاد للصالة بانتظار الغداء فقامت باحضاره وجلست معه فنظر لها متعجبا فخلال الأيام المنصرمة لم يتناول معها الطعام قط ترى ما حدث .
تناولا الغداء بصمت ينظر لها بين الحين والأخر بدهشة لم هي صامتة هكذا دوما ما تبدأ باثارة غضبه وحنقه ترى هل بها شئ ما هل هي مريضة .
أنهي طعامه ونهض ليجلس قليلا أمام التلفاز وبدات هي بتنظيف الأطباق فنادى عليها لتحضر الشاي الخاص به الا أنها فاجأته قائلة بهدوء ليس من شيمها :
لا هنحلي الأول .
زادت الدهشة لينفض وجهه للجانبين وتأكد أن هناك شيئا بها ولكنه التزم الصمت الأن
عادت حيث يجلس بطبق من كيك الشيكولاتة ووضعته أمامه بابتسامة جميلة
نظر للكيك أمامه ثم اليها قائلا بتساؤل حذر :
مالك يا خديجة انتي تعبانه .
عقدت حاجبيها من سؤاله وقالت :
لا مش تعبانه .
وضع يده علي جبهتها ثم قال بدهشة :
مفيش حرارة أمال في ايه .
تجهم وجهها ونهضت بضيق لتدلف للمطبخ مرة أخرى هاتفة بغيظ :
أنا اللي غلطانه يا ابن بثينه قلت أعملك كيك ونعيش في هدوء شوية لكن شكلك بتحب الخناق وأنا كمان بموت فيه .
اختفت داخل المطبخ أما هو علم أنها تحاول إصلاح ما أفسدته لا ينكر فرحه بمحاولاتها للتغير ولكن كسي الحزن نظراته فسوف يتركها عندما تتغير للأحسن مهما فعلت لن تستطيع محو ماضيها نعم تزوجت ولكن كبرياء الشرقي بداخله يأبي الإنصياع لقلبه فمهما فعلت طرقهما متوازية لن يستطعان التلاقي يوما .
نعشق من كتب عليهم وعلينا الإفتراق
لم أعشق امرأة لن تكون لي مهما حدث
انها زوجتي ولكنها بعيدة عني
طريقي وطريقك متوازيان يا خديجة كشريطي قطار فهل يتلاقيان يوما
هل سأستطيع العيش مع امرأة أنا الخامس بحياتها .
لن أضع قلبي بين يديها مهما حدث فالي الأن لا أمن لها فيكفي ألم قلبي ونزيف روحي قديما ولن أكرر فعلتي مرة أخرى .
جلست بغرفتها شاردة تنظر لنقطة ما أمامها منذ حديثها مع والدتها وعقلها لا ينفك عن التفكير في حياتها القادمة
وضعت يدها علي بطنها تتحسس جنينها بابتسامة خافتة .
كان يعمل علي حاسوبه ويراقب شرودها بين الحين والأخر ماذا حدث معها لينقلب حالها هكذا
هل هذه حبيبة شقية العائلة ماذا حدث لها
زواجه منها كان خطأ كبير تزوجها لينسي حبه القديم ولكنه دمرها وجعلها تبدو كوردة ذابلة تتساقط أوراقها بعد أن خلعها من ارضها ووضعها في أرض قاحلة .
أغلق حاسوبه ثم نهض وجلس بجوارها واضعا يدها علي ذراعها فانتفضت تحت لمسته فوضع يده جانبه ثم رسم ابتسامه باهته علي شفتيه قائلا بهدوء :
مالك يا حبيبة .
أجفلت علي صوته ونظرت له بعينان باردتان رأى فيهما الحزن والألم بعد أن كانت تنضحان قديما بالحب وتلمعان بالعشق ثم نهضت قائلة بخفوت :
مفيش يا خالد .
غادرت الغرفة دون إضافة كلمة أخرى متوجهه للغرفة الأخرى لتبيت ليلتها بها وتذرف دموع عيناها دون أن يسألها أحدا ما بك وهل يفيد البكاء علي اللبن المسكوب .
مساءا تجمع الجميع ورفضت حبيبة الصعود ومشاركتهم أما فرحة رحب بها الجميع وجلست تتسامر معهم ولكن صالح وخديجة تأخرا بالصعود قليلا .
اليوم تجمع الرجال مع النساء بسبب عودة فرحة فالكل يود الحديث معها وسؤالها عن أحوالها الكل سعيد فرح بعودتها الا من يجلس يتأمل ابتسامتها التي ستخبو بعد قليل كيف غفل عنها وعن ما سيصيبها ولكن ابن عمها لم يراها يوما أكثر من أخت له أما الأخرى فأحبها منذ الصغر حتي وان خبا هذا الحب فهو كالذهب سيلمع مرة أخرى .
زفرة قوية خرجت من جوفه عندما أبصر كلا من صالح وخديجة يدلفان معا يحيون الجميع .
أبصرت حبيب القلب والروح من احتل أحلامها في صباها وفي شبابها من دق القلب له وشرد العقل به
صالح الروح والقلب متي ستشعر بس
طال تحديقها به ولاحظتها خديجة التي ضيقت عيناها لترى لمعة الأعين التي لا تظهر الا عند وجود الحبيب ؛ فشعرت بالحنق مما يحدث وشعورا أخر لا تعلم ماهيته فقد تريد دق عنق أحدهم
اصطنعت ابتسامه وتقدمت لترحب بفرحة وكذلك صالح أيضا ؛ ثم جلست خديجة بجواره متعمدة الإلتصاق به فحزنت فرحة لما تراه أمامها فتلك خديجة لا تبتعد عنه إنشا واحدا لم تلتصق به هكذا بل لم عادت من الأساس .
غصة مؤلمة شعرت بها من التصاقها به بتلك الطريقة الحميمية وشعرت بوجود خطب ما وضيق في نفسها كأن أحدهم اقتلع روحها منها .
كانت احسان تراقب خديجة بضيق وابنتها باشفاق فقد انكسر قلبها وهي بأول حياتها .
رفع صالح يده اليسري ليحك جبينه قليلا وكانت تلك حركة جمدت الدم بأوردة فرحة فلم يلبس محبس زواج وهو لا يطيق تلك الأشياء من الأساس .
نظرت ليد خديجة اليسرى وجدتها ترتدى محبس زواج هي الأخرى .
انقبض قلبها من الفكرة أن يكون ارتبطا ببعضها ولكنها لم تغب سوي شهر ونصف .
كانت بثينة تراقبها باشفاق يجب أن تعلم فرحة بزيجة صالح هل سيظل الأمر مخفيا عنها يجب أن تعلم الأن ستتألم ولكن يجب أن تفق من وهم حبها لصالح
تزوج صالح بأخرى وانتهي الأمر ويجب عليها نسيانه والنظر لحياتها ولكن كيف ستعلم ذلك لن تستطيع اخبارها فستظل بمثابة ابنتها التى شاهدتها تكبر يوم بعد يوم لن تخبرها هي ولكن كيف ستعلم .
انقضت السهرة لم يجرؤ أحد علي إخبار فرحة بشئ من يعلم حبها لصالح قليل وخافوا عليها عندما تعلم صدمتها ستكون قوية لكسرها وجرح قلبها سيصعب عليهم مداواته ولكن كان للقدر رأى أخر .
هبط الجميع للأسفل ووصل صالح لشقته فدس المفتاح بالباب ليدخل وعندما دلفت وراؤه خديجة وهمت باغلاق الباب وقفت أمامها فرحة بقلب ينتفض وجسد يرتجف تريد سؤالها عن شئ علمت اجابته قبل النطق بها ولكنها تأبي التصديق:
انتي داخلة هنا ليه يا خديجة .
ابتسمت لها خديجة وأجابت بخفوت :
داخلة شقتي .
تعالي تنفسها ودارت الأرض بها .
بس صالح دخل هنا حالا
أجابتها ببساطة :
طبيعي يا فرحة انا وصالح اتجوزنا من أسبوع .
قلبها يأن بوجع لا يحتمل.. روحها تتمزق..بريق عيناها انطفأ.. اسمها فرحة والقلب حزين...أى تعويذة ألقيت عليك يا قلبي لتتألم هكذا .
ماذا فعلت لأعاقب بتلك الطريقة
ما ذنبي ليعشق قلبي من ليس له
مات قلبي وانطفأت روحي وصرت فرحة اسما فقط والمعني مفقود.....
دلف غرفته دون أن يتفوه بشي مغلقا الباب وراءه لا يريد رؤيتها فتفكيره مشوش الأن
هدوءها بالاعلي وحديثها المحترم مع الجميع واحتشام ملابسها وأخرها التصاقها به طوال جلستهم مع العائلة هل تلك علامات أنها تتغير للأفضل هل سيفترقا قريبا كما قرر منذ زواجهما
كيف سيتحمل لفظها من حياته بعد أن اقترن اسمها باسمه .
ياليت قلبي يتسامح مع عقلي ويصفح لك ولكن شتان بين القلب والعقل يتصارعان بشراسة وتقف روحي بينهما مشتتة ممزقة لا تعرف أي طريق تسلك هل تسير بطريق القلب وتفقد عزتها واحترامها لذاتها أم تسير بطريق العقل وتفقد حبها من يخفق القلب لها....
عشقك سوط حاد يمزق جسدى فابتعدى عني
واتركيني فلا مقدرة لي علي تحمل ذلاتك
مر أسبوع لم يحدث فيه جديد
فرحة وانطفأت...حبيبة وصارت بلا روح وخديجة تحاول جاهدة كسب ود الجميع
صالح شارد يوما فالفراق قريبا جدا بل أقرب مما يتخيل .
جلست حبيبة بغرفتها التي ظلت بها أسبوع بأكمله ترفض العودة لغرفتها المشتركة مع خالد فنزيف روحها كان أقوى الأن وكأن عاصفة هبت واقتلعت حبيبة من جذورها وتركتها أخرى تمر عليها الأيام مشابهة لبعضها .
أسبوع لا يعلم ما بها تقوم بكل واجباتها تجاهه ولكن عند النوم تلتزم الغرفة الأخرى لا ينكر أنه مرتاح لذلك فلا يمكنه الضغط علي نفسه أكثر والكذب عليها أن حياتهما معا مثالية وطبيعية بل هي أبعد من ذلك خاصة مع قدوم خديجة التي تتجنب النظر له من الأساس كأن ليس له وجود .
نظراتها لصالح تربكه فهى مغلفة بحب حديث العهد مازال صغير ينبت ولكنه سيكبر ويشتد عوده بقلبها.
تنهد شاردا بما كان يفعله وحضوره لتلك الحفلات الراقية من أجل رؤيتها .
عودة الي وقت سابق
تسير بخيلاء علي الأرض المصقولة.. تتهادى في مشيتها كالطاووس رافعة ذقنها بكبرياء.. تنظر أمامها باستخفاف لكل من تسقط عينيها الأسرة فوقه....
نظرة من عيناها يتمناها الكثير وأولهم هو...
المتيم بعشقها منذ سنتين يذهب لتلك الحفلات الخاصة بالطبقة المخملية كى يراها فقط ولكنه لا ينتمي لتلك الطبقة من الأساس .
زفر بيأس عندما مرت من أمامه دون النظر اليه فوضع يده علي قلبه بألم كأنها دعست بكعب حذائها فوقه..
أما هي نظرات الجميع لها تمنحها السعادة وكأنها تعيش فقط علي نظرات الاعجاب تلك...
متيم بعشقك يا حبيبتي... أتمني نظرة من عيناك تروى ظمأى فكوني رحيمة بي من أجل خفقاتي التي تنطق باسمك...
عودة الي الوقت الحالي
غبي هو من ظن أنها ستنظر له يوما اقترنت بأربع رجال ولم تنظر له والخامس معه الأن وأيضا لم تنظر له.
" من يحبك سيتمسك بك ولو كنت شوكا بين يديه
يتبع الفصل التالي: اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية القلب يهوي قاتله" اضغط على أسم الرواية