رواية القلب يهوي قاتله الفصل السادس شيماء رضوان
رواية القلب يهوي قاتله الفصل السادس
كُلُّ هذا الضوءِ لي. أَمشي. أخفُّ. أطيرُ
ثم أَصير غيري في التَّجَلِّي. تنبُتُ
الكلماتُ كالأعشاب من فم أشعيا
النِّبَويِّ: ((إنْ لم تُؤْمنوا لن تَأْمَنُوا)).
أَمشي كأنِّي واحدٌ غيْري. وجُرْحي وَرْدَةٌ
بيضاءُ إنجيليَّةٌ. ويدايَ مثل حمامتَيْنِ
على الصليب تُحلِّقان وتحملان الأرضَ.
لا أمشي، أَطيرُ، أَصيرُ غَيْري في
التجلِّي. لا مكانَ و لا زمان . فمن أَنا؟
أَنا لا أنا في حضرة المعراج. لكنِّي
أُفكِّرُ: وَحْدَهُ، كان النبيّ محمِّدٌ
يتكلِّمُ العربيَّةَ الفُصْحَى. ((وماذا بعد؟))
ماذا بعد؟ صاحت فجأة جنديّةٌ:
هُوَ أَنتَ ثانيةً؟ أَلم أَقتلْكَ؟
قلت: قَتَلْتني... ونسيتُ، مثلك، أن أَموت.
"محمود درويش"
متيم بعشقك يا حبيبتي... أتمني نظرة من عيناك تروى ظمأى فكوني رحيمة بي من أجل خفقاتي التي تنطق باسمك...
عودة الي الوقت الحالي
غبي هو من ظن أنها ستنظر له يوما اقترنت بأربع رجال ولم تنظر له والخامس معه الأن وأيضا لم تنظر له
عجيب أمرك يا خالد تعشق من رفضتك كثيرا وتذللت لها أكثر لتقبل بك
أين كرامتك يا رجل بحب بائس مرغ كبرياء الرجل بداخل تحت قدمها ودعس علي نخوتك بكعب حذائها .
ركضت ورائها ومزقت قلبا تمني لك الرضا لترضي بئسا علي الرجال أمثالك...
ماذا يفعل هنا بتلك الحارة البسيطة؟ لم أتي من الأساس؟ كيف سيبلغها رسالته؟
سار متوسط القامة بعيناه الثاقبة وهيئته المنمقة التي تدل علي انتمائه للطبقة الراقية لا يعلم كيف سيعثر عليها كي يبلغها رسالته تلك المرأة الخبيثة التي لا تستحق ما يفعله لأجلها ولكن لا يمكنه تركها تتأذى فليس من شيمه التهرب من مساعدة الغير .
زفرة عميقة خرجت من فمه عندما وجد نفسه يقف أمام المنزل المنشود "منزل عائلة غفران"
بشقة الجد
جلست معه تتناول طعامها بشرود بناءا علي طلب من الجد بعد أن أصر علي مكوثها معه منذ أسبوع مضي يحاول التخفيف عنها قليلا واقناعها أن ابن عمها لا يراها الا أخت له
تفهمت ما يريد الجميع قوله ولا تريد منه شيئا فستبتعد عن طريقه وتعامله كشقيقها ولكن ذلك الخائن الذى يقبع يسار صدرها لا يستجيب لها أبدا فقط يخفق بقوة عند رؤيته كأنه يتعمد ايلامها غير عابئا أنه يمزق روحها ويبخس من حقها في نسيان من لم ينظر لها من الأساس .
لكزة خفيفة لمرفقها من يد الجد فاستدارت له مبتسمه وقالت بخفوت :
في ايه يا جدى .
أجابها بابتسامة وقورة :
في ان الباب بيخبط من الصبح يا روح جدك .
أمسكت الوشاح لتلفه حول رأسها؛ ثم نهضت لتعرف من الطارق
عينان ثاقبتان ينظران اليها بجمود لا تعلم هوية صاحبهما فقط يقف بجوار والدها الذى قبل رأسها بابتسامته المعتادة ثم دلف معها للداخل ومعه الرجل المجهول .
جلس الجميع في صالة الجد ماعدا والد فرحة الذى استأذن كي يهبط ليباشر عمله وفرحة التي ذهبت لتحضر للضيف شيئا كي يشربه .
تنحنح الرجل بخفوت قائلا بهدوء :
أولا كده يا حاج أنا اسمي مراد عندى مكتب استيراد وتصدير علي قدى وجايلك في موضوع مهم .
ضيق الجد النظر عينيه تجاه مراد وقال بابتسامة رزينة :
شرفتنا يابني بس ممكن تقولي سبب الزيارة وتعرفني منين .
تنحنح مراد بخفوت يجلي حلقه ثم قال بتنهيدة عميقة:
بص يا حاج أنا جاي بخصوص حفيدتك خديجة .
تجعدت ملامح الجد أكثر من تجعيدتها الطبيعية وقال بجمود :
ما تنطق يبني في ايه ومالك ومال خديجة .
رد مراد ببساطة :
أنا صاحب طليقها السابق حازم وجيت علشان أحذرها منه حازم بسبب قضية الخلع اللي فضحته بيها خديجة علشان تطلق منه بقي زى المجنون وعمال يدور عليها .
صمت قليلا يشرب من كوب المياه الموضوع أمامه ثم استطرد متابعا :
أنا مشغل ناس من رجالته لحسابي وبسببهم هو مش قادر يوصل لهنا لغاية دلوقت لاني بوصله معلومات غلط بس هي مسألة وقت مش أكتر .
صمت مراد منتظرا حديث الجد الذى قال بنبرة تحمل القلق بين طياتها :
طيب حازم ده ناوى علي ايه لو لقاها .
فرك جبينه بضيق قائلا :
مش عارف والله بس حازم مش سهل.
ايه اللي خلاك تيجي ليا أنا بالذات يا أستاذ مراد .
رد ببساطة :
أنا عرفت انها اتجوزت ابن عمها وبما انها رجعت لهنا واتجوزت يبقي عايزة تستقر وربنا هداها وبعدين صحيح أنا ضد حياتها الغلط لكن متمناش الأذية ليها أبدا وطالما في ايدى أساعدها مش هتراجع أبدا .
كرر السؤال مرة أخرى :
برده ليه جيت ليا أنا بالذات مرحتش ليها قلت الكلام ده ليه هي صاحبة الشأن .
نظر للأرض ثم قال بخفوت :
لان مقدرش أتواصل مع ست علشان أحذرها طالما عيلتها فيها رجالة وكمان جوزها ممكن يكون حساس من الموضوع ده وجوازاتها الكتير وبظهورى في حياتها ممكن أبهدل الدنيا ويحصل سوء تفاهم .
ابتسم الجد برضا لاجابته تلك ونادى علي حفيدته التي كانت تقف منزوية شاحبة الوجه لما سمعت فحضرت وقدمت المشروب للضيف وانصرفت علي الفور .
دلفت للغرفة التي تقيم بها بسرعة وهي تضع يدها علي خدها بصدمة
من حازم ذاك الذى يريد أذيتها يجب أن تبلغها حتي تأخذ حذرها مهما حدث هي ابنه عمها وواجب حمايتها .
رحل مراد بصمت علي وعد بالحضور مرة أخرى ببعض المعلومات الحديثة ولكنه رحل وذهنه مشغولا بتلك الحسناء الموجودة بمنزل الجد .
بها شيئا خاص يجذبك اليها ناهيك عن ملامحها العادية ولكن هناك هالة غريبة تحيط بها متيقن أنه لا يريد الحب فقط الإستقرار وتاسيس أسرة يجمعهما المودة والرحمة ويأتي الحب ليتوج تلك الحياة
سيضعها في حسبانه ولكن لينتهي من مشكلة خديجة أولا .
الألام تشتد ببطنها لا يمكنها التحمل أكثر ان صمتت ستخسر جنينها ما تعيش وتتحمل لأجله زوجها وغادر لعمله ووالدتها ذهبت بصحبة حماتها للسوق من سينقذها الأن صرخت بقوة من الألم ووصل صوتها لأذن خديجة التي انتفضت بقوة .
تجلس أمام التلفاز تشاهد مسلسلها المفضل بعد ذهاب زوجها للعمل لا تدرى لم يتهرب منها وهي لم تفعل له شيئا
تستيقظ صباحا مبكرا لتراه وتحضر له الإفطار فيفاجئها بذهابه الي العمل .
لم يتهرب من رؤيتها بعد أن اعتادت وجوده بجوارها .
بعد أن أرادت الاستقرار والعيش بكنف رجل من دمها يحميها ويحافظ عليها .
لم الحياة قاسية هكذا جميل الرجال تريد ودى ووصالي ومن أريد وده ووصاله يهجرني ويتهرب مني .
زفرة عميقة خرجت من جوفها ماذا ستفعل هل تنتظره ليعود وتجلس معه تخبره برغبتها في العيش معه دوما وأنها راضية كل الرضا بسكنها هنا بجوارة في الحارة التي كانت تنفر منها مسبقا .
قطع شرودها تلك الصرخة القوية التي شقت سكونها وهدوئها فانطلقت بسرعة لغرفتها لتبدل ملابسها وتعرف ماذا يحدث .
أتتها الصرخة القوية مرة أخرى فخرجت مسرعة من شقتها بعد أن علمت مصدر تلك الصرخات المتألمة .
طرقات عنيفة كان مصدرها خديجة :
افتحي يا حبيبه مالك .
تحاملت تلك المتألمة علي نفسها لتفتح الباب ثم سقطت علي الأرضية وهي تشهق بعنف
الحقيني بسرعة ابني .
دلفت خديجة للداخل بسرعة تبحث عن ملابس لحبيبة حتي تستطيع اخراجها وأمسكت بعباءة سوداء ألبستها اياها بسرعة وحاولت اسنادها حتي تتمكن من الذهاب بها للمشفي .
كانت تهبط الدرج بذهن شارد فلفت نظرها ما يحدث ثم انطلقت اليهما بقلب ملتاع قائلة:
في ايه .
سنديها معايا بسرعة نوديها المستشفي مفيش وقت .
تحملت عليهم حبيبة وهبطوا للأسفل سويا وتكفل احدى السكان بنقلهم لأقرب مشفي بسيارته التي يعمل عليها .
وقفتا بقلب يرتجف أمام غرفة الكشف بعد أن رفض الطبيب دخولهما مع حبيبة
جلست خديجة علي أقرب مقعد بعد أن أنهكها القلق والشعور بالخوف لا تدرى ماذا تفعل فقط تنتظر أن يخرج أحد ويخبرهم ما يحدث مع تلك المسكينة .
يجرى بين أروقة المشفي الحكومي القديم يجوب طرقاته بحثا عن شقيقته وزوجته بعد أن أخبره بعض الرجال ما شاهدوه فأتي بقلب يرتجف بين جنباته .
وصل اليها هاتفا بقلق وأنفاس متسارعة :
حبيبة حصلها ايه .
رفعت وجهها الباكي اليه ووقفت لتواجهه :
معرفش سمعتها بتصرخ فجبناها هنا أنا وفرحة ولسه مفيش حد خرج من عندها .
جلس علي المقعد واضعا وجهه بين يديه قلقا علي شقيقته والحالة السيئة التي وصلت اليها .
أسبوع وهي ليست علي ما يرام يراقب شرودها الدائم وحزنها الواضح بأيدى مكتوفة
كيف يساعدها وهي ترفض المساعدة .
أمسك هاتفه ليخبر المسمى بزوجها عن ما يحدث وان كان يرفض التواصل معه من الأساس .
يقف بمكان منعزل يجتمع فيه برجاله لمعرفة أخر الأخبار
زأر بقوة كالأسد يرفض ما يتفوهون به ويرددونه دوما .
يعني ايه موصلتوش لبيتها احنا بنلعب ولا ايه قدامكم 48ساعه أخركم معايا ويا توصلوا ليها يا أوصلكم أنا للنهاية .
أمسك هاتفه ليجيب عن المتصل بكلمات مقتضبة ثم أغلقه متجها الي منزل رفيقه .
فتح له الباب بوجه جامد الملامح فدلف حازم بعنجهيته وسخريته المعتادة قائلا :
عايز ايه يا مراد .
أجابه بقوة :
عايزك تفوق بقي وتركز في حياتك وشغلك أسهمك في البورصة بتقع وده مش كويس .
زمجر بخشونة قائلا :
تتحرق الأسهم بس لازم أوصل لخديجة مش هسيبها تفلت مني بعد اللي عملته .
جلس علي المقعد المجاور شابكا يديه ببعضهما ومنحنيا للأمام قائلا بسخرية :
كل ده علشان كانت عايزة تطلق وانت رفضت فخلعتك صح .
انطلق اليه بسرعة يمسكه من تلابيبه قائلا بقوة :
احترم نفسك وحاسب علي كلامك يا مراد مش حازم اللي يتعمل فيه كده وهي لازم أعرفها مقامها كويس .
دفعه بقوة ليرتد للخلف ثم نهض من مكانه قائلا بأسف :
هتستفاد ايه لما تضرها هي مشيت خلاص كمل حياتك بقي وسيبها .
أدار وجهه لباب المنزل ثم استدار هاتفا بقوة:
لا يا مراد مش أنا اللي أسيب حقي هي فضحتني وسط الناس ولازم أخد حقي .
غادر حازم بوجه جامد ملامح أما مراد زفر بقوة ثم أمسك هاتفه ليجيب علي الرنين المتواصل وقد علم بما حدث لحبيبة من رجاله المتربصون دوما بالحارة ليتدخلوا في الوقت المناسب ان وصل لها حازم فأخر ما يريده هو أذيتها .
أبدل ثيابه وانطلق قاصدا المشفي الذى ترقد به حبيبة عله يستطيع التواصل مع خديجة بدون معرفة زوجها .
وصل خالد ومعه الجد أيضا في الوقت الذى خرج فيه الطبيب ليخبرهم بعملية أن حبيبة كانت تحمل توأما وقد أجهضت واحدا منهما.
واضح انها كانت متوترة الفترة اللي فاتت وحالتها النفسية سيئة جدا فده أثر علي واحد من التوأم هي حاليا الحمد لله كويسة بس لازم تستني هنا النهاردة نعمل شوية فحوصات نطمن عليها وعلي الجنين التاني وياريت تبعد عن أى ضغط نفسي الفترة دى.
غادر الطبيب ومعه تنهد صالح بارتياح لاطمئنانه علي شقيقته؛ ثم حول نظره لزوج شقيقته الواقف علي مقربة منه لا يكترث بشئ فقط أنظاره تصب علي زوجته التي تقف شاردة تنظر للباب المغلق أمامها فذهب اليه وأمسكه من تلابيه قائلا بقوة :
قسما بالله لو ما اتعدلت يا خالد لأعرفك مقامك انت ايه يا حقير انت اختي أجهضت بسببك وحالتها زى الزفت وانت واقف ولا همك ولا حتي اهتميت تدخل تطمن عليها.
أبعده الجد عن خالد ووبخه بقوة قائلا :
ابعد عنه يا صالح لا ده وقته ولا ده مكانه
أطرق صالح وجهه بتعب ؛ ثم استدار لتلك التي تقف تراقب الموقف بخوف وأمسكها من يدها قائلا بقوة :
تعالي معايا .
كانت تسير بسرعة وراءه لا تدرى ما أصابه ولم يتوقف عن السير الا أمام باب المشفي ثم أوقف احدى سيارات الأجرة ليدفع بها داخلها ويعطي للسائق أجرته قائلا بقوة :
ارجعي علي البيت .
انطلق السائق بسرعة بتلك التي لم تتفوه بحرف ولم تجادله فأخر ما ينقصها هو اثارة غضبه فالعقل يقول لا تقف أمام الثور الأن ابتعد عن طريقه حتي لا يلحق بك الضرر .
وصل المشفي الذى وصفه له رجله ودار بعينه في الطابق الذى ترقد به حبيبة عله يلمح طيف خديجة ولكنه وجد الجد ومعه بعض الأشخاص أما خديجة ليس لها أثرا .
طبعت قبلة علي جبين حبيبة بعد أن ذهبت في نوم عميق بفعل الدواء واطمأنت علي حالتها ؛ ثم خرجت لتطلب كوبا من الشاى عله يزيح بعض من ألام الصداع التي تكاد تفتك برأسها .
رأته يقف في الطرقة المؤدية لغرفة حبيبة يبحث بعيناه بين المتواجدين فخشيت أن يراه أحدا ويتساءل عن هويته فانطلقت اليه ثم أمسكته من ذراعه لتجذبه الي ممر جانبي.
استجاب لجذبها له ووقف أمامها يطالعها بعيناه الثاقبتان قائلا بترقب :
خير يا أنسه .
رفعت سبابتها في وجهه قائلة بقوة :
انت ايه اللي جابك هنا .
تجاهل اصبعها الذى ارتفع بوجهه وقال بجمود :
حاجة متخصكيش .
أغضبها رده الجاف وقالت بحنق :
لا يخصني أنا عارفه كل حاجة قلتها لجدى وياريت تمشي من هنا علشان ميحصلش مشاكل لان خديجة أكيد تعرفك ولو شافتك ممكن تحاول تتواصل معاك علشان تعرف انت عايز ايه وساعتها صالح هيعرف ويحصل مشاكل .
ابتسم بسخرية قائلا :
لازم أشوف خديجة .
ردت بقنوط :
مينفعش يا أستاذ انت اللي بتطلبه صعب وهيعمل مشاكل صالح لو عرف مش هيعديها.
شبك ذراعيه أمام صدره وقال بهدوء :
طيب عايز أتواصل مع جدك .
ردت بهدوء :
يبقي تمشي من هنا وأنا هبلغه من غير ما حد يحس .
مين ده يا فرحة
ثم أَصير غيري في التَّجَلِّي. تنبُتُ
الكلماتُ كالأعشاب من فم أشعيا
النِّبَويِّ: ((إنْ لم تُؤْمنوا لن تَأْمَنُوا)).
أَمشي كأنِّي واحدٌ غيْري. وجُرْحي وَرْدَةٌ
بيضاءُ إنجيليَّةٌ. ويدايَ مثل حمامتَيْنِ
على الصليب تُحلِّقان وتحملان الأرضَ.
لا أمشي، أَطيرُ، أَصيرُ غَيْري في
التجلِّي. لا مكانَ و لا زمان . فمن أَنا؟
أَنا لا أنا في حضرة المعراج. لكنِّي
أُفكِّرُ: وَحْدَهُ، كان النبيّ محمِّدٌ
يتكلِّمُ العربيَّةَ الفُصْحَى. ((وماذا بعد؟))
ماذا بعد؟ صاحت فجأة جنديّةٌ:
هُوَ أَنتَ ثانيةً؟ أَلم أَقتلْكَ؟
قلت: قَتَلْتني... ونسيتُ، مثلك، أن أَموت.
"محمود درويش"
متيم بعشقك يا حبيبتي... أتمني نظرة من عيناك تروى ظمأى فكوني رحيمة بي من أجل خفقاتي التي تنطق باسمك...
عودة الي الوقت الحالي
غبي هو من ظن أنها ستنظر له يوما اقترنت بأربع رجال ولم تنظر له والخامس معه الأن وأيضا لم تنظر له
عجيب أمرك يا خالد تعشق من رفضتك كثيرا وتذللت لها أكثر لتقبل بك
أين كرامتك يا رجل بحب بائس مرغ كبرياء الرجل بداخل تحت قدمها ودعس علي نخوتك بكعب حذائها .
ركضت ورائها ومزقت قلبا تمني لك الرضا لترضي بئسا علي الرجال أمثالك...
ماذا يفعل هنا بتلك الحارة البسيطة؟ لم أتي من الأساس؟ كيف سيبلغها رسالته؟
سار متوسط القامة بعيناه الثاقبة وهيئته المنمقة التي تدل علي انتمائه للطبقة الراقية لا يعلم كيف سيعثر عليها كي يبلغها رسالته تلك المرأة الخبيثة التي لا تستحق ما يفعله لأجلها ولكن لا يمكنه تركها تتأذى فليس من شيمه التهرب من مساعدة الغير .
زفرة عميقة خرجت من فمه عندما وجد نفسه يقف أمام المنزل المنشود "منزل عائلة غفران"
بشقة الجد
جلست معه تتناول طعامها بشرود بناءا علي طلب من الجد بعد أن أصر علي مكوثها معه منذ أسبوع مضي يحاول التخفيف عنها قليلا واقناعها أن ابن عمها لا يراها الا أخت له
تفهمت ما يريد الجميع قوله ولا تريد منه شيئا فستبتعد عن طريقه وتعامله كشقيقها ولكن ذلك الخائن الذى يقبع يسار صدرها لا يستجيب لها أبدا فقط يخفق بقوة عند رؤيته كأنه يتعمد ايلامها غير عابئا أنه يمزق روحها ويبخس من حقها في نسيان من لم ينظر لها من الأساس .
لكزة خفيفة لمرفقها من يد الجد فاستدارت له مبتسمه وقالت بخفوت :
في ايه يا جدى .
أجابها بابتسامة وقورة :
في ان الباب بيخبط من الصبح يا روح جدك .
أمسكت الوشاح لتلفه حول رأسها؛ ثم نهضت لتعرف من الطارق
عينان ثاقبتان ينظران اليها بجمود لا تعلم هوية صاحبهما فقط يقف بجوار والدها الذى قبل رأسها بابتسامته المعتادة ثم دلف معها للداخل ومعه الرجل المجهول .
جلس الجميع في صالة الجد ماعدا والد فرحة الذى استأذن كي يهبط ليباشر عمله وفرحة التي ذهبت لتحضر للضيف شيئا كي يشربه .
تنحنح الرجل بخفوت قائلا بهدوء :
أولا كده يا حاج أنا اسمي مراد عندى مكتب استيراد وتصدير علي قدى وجايلك في موضوع مهم .
ضيق الجد النظر عينيه تجاه مراد وقال بابتسامة رزينة :
شرفتنا يابني بس ممكن تقولي سبب الزيارة وتعرفني منين .
تنحنح مراد بخفوت يجلي حلقه ثم قال بتنهيدة عميقة:
بص يا حاج أنا جاي بخصوص حفيدتك خديجة .
تجعدت ملامح الجد أكثر من تجعيدتها الطبيعية وقال بجمود :
ما تنطق يبني في ايه ومالك ومال خديجة .
رد مراد ببساطة :
أنا صاحب طليقها السابق حازم وجيت علشان أحذرها منه حازم بسبب قضية الخلع اللي فضحته بيها خديجة علشان تطلق منه بقي زى المجنون وعمال يدور عليها .
صمت قليلا يشرب من كوب المياه الموضوع أمامه ثم استطرد متابعا :
أنا مشغل ناس من رجالته لحسابي وبسببهم هو مش قادر يوصل لهنا لغاية دلوقت لاني بوصله معلومات غلط بس هي مسألة وقت مش أكتر .
صمت مراد منتظرا حديث الجد الذى قال بنبرة تحمل القلق بين طياتها :
طيب حازم ده ناوى علي ايه لو لقاها .
فرك جبينه بضيق قائلا :
مش عارف والله بس حازم مش سهل.
ايه اللي خلاك تيجي ليا أنا بالذات يا أستاذ مراد .
رد ببساطة :
أنا عرفت انها اتجوزت ابن عمها وبما انها رجعت لهنا واتجوزت يبقي عايزة تستقر وربنا هداها وبعدين صحيح أنا ضد حياتها الغلط لكن متمناش الأذية ليها أبدا وطالما في ايدى أساعدها مش هتراجع أبدا .
كرر السؤال مرة أخرى :
برده ليه جيت ليا أنا بالذات مرحتش ليها قلت الكلام ده ليه هي صاحبة الشأن .
نظر للأرض ثم قال بخفوت :
لان مقدرش أتواصل مع ست علشان أحذرها طالما عيلتها فيها رجالة وكمان جوزها ممكن يكون حساس من الموضوع ده وجوازاتها الكتير وبظهورى في حياتها ممكن أبهدل الدنيا ويحصل سوء تفاهم .
ابتسم الجد برضا لاجابته تلك ونادى علي حفيدته التي كانت تقف منزوية شاحبة الوجه لما سمعت فحضرت وقدمت المشروب للضيف وانصرفت علي الفور .
دلفت للغرفة التي تقيم بها بسرعة وهي تضع يدها علي خدها بصدمة
من حازم ذاك الذى يريد أذيتها يجب أن تبلغها حتي تأخذ حذرها مهما حدث هي ابنه عمها وواجب حمايتها .
رحل مراد بصمت علي وعد بالحضور مرة أخرى ببعض المعلومات الحديثة ولكنه رحل وذهنه مشغولا بتلك الحسناء الموجودة بمنزل الجد .
بها شيئا خاص يجذبك اليها ناهيك عن ملامحها العادية ولكن هناك هالة غريبة تحيط بها متيقن أنه لا يريد الحب فقط الإستقرار وتاسيس أسرة يجمعهما المودة والرحمة ويأتي الحب ليتوج تلك الحياة
سيضعها في حسبانه ولكن لينتهي من مشكلة خديجة أولا .
الألام تشتد ببطنها لا يمكنها التحمل أكثر ان صمتت ستخسر جنينها ما تعيش وتتحمل لأجله زوجها وغادر لعمله ووالدتها ذهبت بصحبة حماتها للسوق من سينقذها الأن صرخت بقوة من الألم ووصل صوتها لأذن خديجة التي انتفضت بقوة .
تجلس أمام التلفاز تشاهد مسلسلها المفضل بعد ذهاب زوجها للعمل لا تدرى لم يتهرب منها وهي لم تفعل له شيئا
تستيقظ صباحا مبكرا لتراه وتحضر له الإفطار فيفاجئها بذهابه الي العمل .
لم يتهرب من رؤيتها بعد أن اعتادت وجوده بجوارها .
بعد أن أرادت الاستقرار والعيش بكنف رجل من دمها يحميها ويحافظ عليها .
لم الحياة قاسية هكذا جميل الرجال تريد ودى ووصالي ومن أريد وده ووصاله يهجرني ويتهرب مني .
زفرة عميقة خرجت من جوفها ماذا ستفعل هل تنتظره ليعود وتجلس معه تخبره برغبتها في العيش معه دوما وأنها راضية كل الرضا بسكنها هنا بجوارة في الحارة التي كانت تنفر منها مسبقا .
قطع شرودها تلك الصرخة القوية التي شقت سكونها وهدوئها فانطلقت بسرعة لغرفتها لتبدل ملابسها وتعرف ماذا يحدث .
أتتها الصرخة القوية مرة أخرى فخرجت مسرعة من شقتها بعد أن علمت مصدر تلك الصرخات المتألمة .
طرقات عنيفة كان مصدرها خديجة :
افتحي يا حبيبه مالك .
تحاملت تلك المتألمة علي نفسها لتفتح الباب ثم سقطت علي الأرضية وهي تشهق بعنف
الحقيني بسرعة ابني .
دلفت خديجة للداخل بسرعة تبحث عن ملابس لحبيبة حتي تستطيع اخراجها وأمسكت بعباءة سوداء ألبستها اياها بسرعة وحاولت اسنادها حتي تتمكن من الذهاب بها للمشفي .
كانت تهبط الدرج بذهن شارد فلفت نظرها ما يحدث ثم انطلقت اليهما بقلب ملتاع قائلة:
في ايه .
سنديها معايا بسرعة نوديها المستشفي مفيش وقت .
تحملت عليهم حبيبة وهبطوا للأسفل سويا وتكفل احدى السكان بنقلهم لأقرب مشفي بسيارته التي يعمل عليها .
وقفتا بقلب يرتجف أمام غرفة الكشف بعد أن رفض الطبيب دخولهما مع حبيبة
جلست خديجة علي أقرب مقعد بعد أن أنهكها القلق والشعور بالخوف لا تدرى ماذا تفعل فقط تنتظر أن يخرج أحد ويخبرهم ما يحدث مع تلك المسكينة .
يجرى بين أروقة المشفي الحكومي القديم يجوب طرقاته بحثا عن شقيقته وزوجته بعد أن أخبره بعض الرجال ما شاهدوه فأتي بقلب يرتجف بين جنباته .
وصل اليها هاتفا بقلق وأنفاس متسارعة :
حبيبة حصلها ايه .
رفعت وجهها الباكي اليه ووقفت لتواجهه :
معرفش سمعتها بتصرخ فجبناها هنا أنا وفرحة ولسه مفيش حد خرج من عندها .
جلس علي المقعد واضعا وجهه بين يديه قلقا علي شقيقته والحالة السيئة التي وصلت اليها .
أسبوع وهي ليست علي ما يرام يراقب شرودها الدائم وحزنها الواضح بأيدى مكتوفة
كيف يساعدها وهي ترفض المساعدة .
أمسك هاتفه ليخبر المسمى بزوجها عن ما يحدث وان كان يرفض التواصل معه من الأساس .
يقف بمكان منعزل يجتمع فيه برجاله لمعرفة أخر الأخبار
زأر بقوة كالأسد يرفض ما يتفوهون به ويرددونه دوما .
يعني ايه موصلتوش لبيتها احنا بنلعب ولا ايه قدامكم 48ساعه أخركم معايا ويا توصلوا ليها يا أوصلكم أنا للنهاية .
أمسك هاتفه ليجيب عن المتصل بكلمات مقتضبة ثم أغلقه متجها الي منزل رفيقه .
فتح له الباب بوجه جامد الملامح فدلف حازم بعنجهيته وسخريته المعتادة قائلا :
عايز ايه يا مراد .
أجابه بقوة :
عايزك تفوق بقي وتركز في حياتك وشغلك أسهمك في البورصة بتقع وده مش كويس .
زمجر بخشونة قائلا :
تتحرق الأسهم بس لازم أوصل لخديجة مش هسيبها تفلت مني بعد اللي عملته .
جلس علي المقعد المجاور شابكا يديه ببعضهما ومنحنيا للأمام قائلا بسخرية :
كل ده علشان كانت عايزة تطلق وانت رفضت فخلعتك صح .
انطلق اليه بسرعة يمسكه من تلابيبه قائلا بقوة :
احترم نفسك وحاسب علي كلامك يا مراد مش حازم اللي يتعمل فيه كده وهي لازم أعرفها مقامها كويس .
دفعه بقوة ليرتد للخلف ثم نهض من مكانه قائلا بأسف :
هتستفاد ايه لما تضرها هي مشيت خلاص كمل حياتك بقي وسيبها .
أدار وجهه لباب المنزل ثم استدار هاتفا بقوة:
لا يا مراد مش أنا اللي أسيب حقي هي فضحتني وسط الناس ولازم أخد حقي .
غادر حازم بوجه جامد ملامح أما مراد زفر بقوة ثم أمسك هاتفه ليجيب علي الرنين المتواصل وقد علم بما حدث لحبيبة من رجاله المتربصون دوما بالحارة ليتدخلوا في الوقت المناسب ان وصل لها حازم فأخر ما يريده هو أذيتها .
أبدل ثيابه وانطلق قاصدا المشفي الذى ترقد به حبيبة عله يستطيع التواصل مع خديجة بدون معرفة زوجها .
وصل خالد ومعه الجد أيضا في الوقت الذى خرج فيه الطبيب ليخبرهم بعملية أن حبيبة كانت تحمل توأما وقد أجهضت واحدا منهما.
واضح انها كانت متوترة الفترة اللي فاتت وحالتها النفسية سيئة جدا فده أثر علي واحد من التوأم هي حاليا الحمد لله كويسة بس لازم تستني هنا النهاردة نعمل شوية فحوصات نطمن عليها وعلي الجنين التاني وياريت تبعد عن أى ضغط نفسي الفترة دى.
غادر الطبيب ومعه تنهد صالح بارتياح لاطمئنانه علي شقيقته؛ ثم حول نظره لزوج شقيقته الواقف علي مقربة منه لا يكترث بشئ فقط أنظاره تصب علي زوجته التي تقف شاردة تنظر للباب المغلق أمامها فذهب اليه وأمسكه من تلابيه قائلا بقوة :
قسما بالله لو ما اتعدلت يا خالد لأعرفك مقامك انت ايه يا حقير انت اختي أجهضت بسببك وحالتها زى الزفت وانت واقف ولا همك ولا حتي اهتميت تدخل تطمن عليها.
أبعده الجد عن خالد ووبخه بقوة قائلا :
ابعد عنه يا صالح لا ده وقته ولا ده مكانه
أطرق صالح وجهه بتعب ؛ ثم استدار لتلك التي تقف تراقب الموقف بخوف وأمسكها من يدها قائلا بقوة :
تعالي معايا .
كانت تسير بسرعة وراءه لا تدرى ما أصابه ولم يتوقف عن السير الا أمام باب المشفي ثم أوقف احدى سيارات الأجرة ليدفع بها داخلها ويعطي للسائق أجرته قائلا بقوة :
ارجعي علي البيت .
انطلق السائق بسرعة بتلك التي لم تتفوه بحرف ولم تجادله فأخر ما ينقصها هو اثارة غضبه فالعقل يقول لا تقف أمام الثور الأن ابتعد عن طريقه حتي لا يلحق بك الضرر .
وصل المشفي الذى وصفه له رجله ودار بعينه في الطابق الذى ترقد به حبيبة عله يلمح طيف خديجة ولكنه وجد الجد ومعه بعض الأشخاص أما خديجة ليس لها أثرا .
طبعت قبلة علي جبين حبيبة بعد أن ذهبت في نوم عميق بفعل الدواء واطمأنت علي حالتها ؛ ثم خرجت لتطلب كوبا من الشاى عله يزيح بعض من ألام الصداع التي تكاد تفتك برأسها .
رأته يقف في الطرقة المؤدية لغرفة حبيبة يبحث بعيناه بين المتواجدين فخشيت أن يراه أحدا ويتساءل عن هويته فانطلقت اليه ثم أمسكته من ذراعه لتجذبه الي ممر جانبي.
استجاب لجذبها له ووقف أمامها يطالعها بعيناه الثاقبتان قائلا بترقب :
خير يا أنسه .
رفعت سبابتها في وجهه قائلة بقوة :
انت ايه اللي جابك هنا .
تجاهل اصبعها الذى ارتفع بوجهه وقال بجمود :
حاجة متخصكيش .
أغضبها رده الجاف وقالت بحنق :
لا يخصني أنا عارفه كل حاجة قلتها لجدى وياريت تمشي من هنا علشان ميحصلش مشاكل لان خديجة أكيد تعرفك ولو شافتك ممكن تحاول تتواصل معاك علشان تعرف انت عايز ايه وساعتها صالح هيعرف ويحصل مشاكل .
ابتسم بسخرية قائلا :
لازم أشوف خديجة .
ردت بقنوط :
مينفعش يا أستاذ انت اللي بتطلبه صعب وهيعمل مشاكل صالح لو عرف مش هيعديها.
شبك ذراعيه أمام صدره وقال بهدوء :
طيب عايز أتواصل مع جدك .
ردت بهدوء :
يبقي تمشي من هنا وأنا هبلغه من غير ما حد يحس .
مين ده يا فرحة
يتبع الفصل التالي: اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية القلب يهوي قاتله" اضغط على أسم الرواية