رواية فؤادة الفصل السادس بقلم ميمي عوالي
رواية فؤادة الفصل السادس
اومأت فؤادة برأسها بهدوء قائلة : من غير ماحضرتك تقول ، انا اصلا مش من طبعى انى احكى حاجة ماتخصنيش
جلال : اتمنى تكونى عند كلمتك وتبقى اهل للثقة اللى هحطها فيكى
لتقف فؤادة وهى تحاول كبت غضبها قائلة : حضرتك مش مضطر تتكلم طالما مابتثقش فيا .. عن اذنك
لتستدير وهى تستعد لمغادرة الغرفة ، لينهض جلال قائلا بقوة : انا طبعا ماقصدتش كده
لتلتفت اليه مرة اخرى قائلة بقوة : اومال قصدت ايه ، كل كلامك بيقول انك ماعندكش ثقة فيا ، وعندك حق طبعا ، انت تعرفنى منين عشان تثق فيا ، واحدة لقيتها مرمية فى الطريق ، جبتها بيتك وعالجتها وحميتها واويتها وخليتها مديونالك فوثقت فيك ومشيت وراك وهى مغمضة عنيها ، لكن انا بقى … قدمتلك ايه فى المقابل عشان تدينى الثقة دى ، ولا حاجة غير المشاكل والقلق
جلال بحزم : اقعدى يافؤادة واهدى عشان تفهمى الحكاية
كانت فؤادة تقف ويدها متشبثة بملابسها دليل على غضبها المكبوت بداخلها والذى قد بدأ جلال بمعرفته عنها فقال لها مرة اخرى : اهدى واقعدى واسمعى ويمكن لما تسمعى تعذرينى على كل ده
لتنظر له فؤادة بتردد ، لكنها جلستت مكانها وهى مازالت تعبث بيدها فى ملابسها
جلال وعينيه ترتكز على عينيها : الهلالى هو اللى قتل هدى
فؤادة بشهقة : ايه الكلام اللى بتقوله ده ، انا اللى عرفته انها ماتت وهى بتولد سلوى
جلال : دى نص الحقيقة بس
فؤادة بفضول : والنص التانى
ليبدأ جلال فى قص كل ماحدث ليلة الحادثة حتى ولادة سلوى ، كانت فؤادة تستمع اليه وعينيها تمتلئ بالدموع حتى فرغ من حديثه فتفاجئ بها تقول وسط نحيبها : ذنبها ايه المسكينة دى تعيش محرومة من امها ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، ولكنها سرعان ما تمالكت نفسه وجففت دموعها وهى تقول : لا حول ولا قوة الا بالله ، ربنا يصبرك ويعوضك خير
كان جلال مندهشا من سرعة تحولها لكنه قال : وعشان كده قلت ان ليا تار عنده ، وآن الاوان انى اخده بقى
فؤادة بفضول : طب وهتاخده ازاى
جلال : دى بالذات هتعرفيها بعدين
لتومئ فؤادة رأسها ثم قالت بخفوت : طب هو انا ممكن اسال حضرتك سؤال تانى
جلال : اسألى
فؤادة : هو ليه فى بعض الاشخاص هنا مش مرحبين بيا وحساهم كرهيننى
ليصمت جلال قليلا ثم قال : ماتزعليش من ندا ، ندا كانت اخت مراتى ، وعز عليها انها تشوف حد تانى مكانها
فؤادة : بس انا مش مكانها
جلال : معلش استحمليها ، ندا طيبة جدا وكانت بتحب هدى ومتعلقة بيها لاقصى درجة
فؤادة : بس انا برضة مش فاهمة ايه علاقة اللى حضرتك حكتهولى بانك مش عاوزنى اروح بيتى
جلال بدهشة : تانى ، هو مافيش فايدة
فؤادة بتمرد : هو ايه اللى تانى و اولانى ، حضرتك حكيتلى على حاجة مالهاش اى علاقة بوجودى هنا من عدمة
جلال بفروغ صبر : يابنتى افهمى ، انتى لو خرجتى من هنا فى خطر عليكى
لتقول فؤادة ببهوت : خطر ايه اللى تقصده
جلال : المفروض انك فاهمة انهم عاوزينك تتنازلى عن ورثك ليهم ، ولو وصلولك مش هيسيبوكى غير وانتى متنازلالهم عن كل قرش وكل فدان تملكيه
فؤادة : بس هم هيعرفوا منين انى مشيت ، المقروض انهم فاهمين انى خلاص كده اتجوزت وبعدت
جلال بسخرية : لا طبعا ، بدليل انهم مراقبين البيت هنا من تانى يوم قدمتى فيه البلاغ
فؤادة بخوف : طب يعنى هفضل كده طول عمرى
جلال : لا طبعا ، انا بس عاوزك تصبرى اسبوعين مش اكتر ، وكل حاجة هتنتهى ، ووقتها هتبقى حرة تعملى كل اللى انتى عاوزاه
لتركز فؤادة نظرها على ملامح جلال للمرة الاولى منذ مجيئها لديهم ، لتلاحظ ملامحه الجادة ، ولم تعلم لما شعرت بالثقة اللا متناهية فى حديثه لها ، وكأنها تعرفه منذ سنوات طوال ، ولاحظت ايضا عيونه المركزة دائما على حركة يديها والتى كانت تزيد من توترها
وعندما لاحظ جلال صمتها رفع عيونه عن يدها لينظر بوجهها ليجدها تنظر اليه بتركيز شديد فنهض من مكانه وامسك عصاه وهو يقول : متهيألى انا كده وضحتلك الامور ماشية ازاى ، واتمنى انى ما اضطرش اعيد الكلام ده مرة تانية
لتومئ فؤادة برأسها وتقول ببعض الضيق : انا مخى نضيف على فكرة وبفهم
جلال : هو انتى ليه دايما بتتكلمى باسلوب الدفاع وكأنى بهاجمك
فؤادة باندفاع : لان حضرتك بتكلمنى اكنك بتكلم طفلة صغيرة او موظفة عندك ، فى حين انى ماحصلش منى اى حاجة تقول انى عملت حاجة غلط
جلال بصوت عالى: ومش ملاحظة انك على طول معترضة وعلى طول مش عاجبك اللى بيحصل
فؤادة وهى لازالت غاضبة : ده لانى ماكنتش فاهمة ايه اللى بيحصل ، وحضرتك كنت مهمشنى ولا كأن اللى بيحصل ده يخصنى زيك بالظبط
جلال بتنهيدة : هو احنا مش هنبطل خناق كل ما نكون بنتكلم مع بعض
لتنظر فؤادة له بتردد ثم تقول : انا اسفة ، ثم ترفع صوتها مرة اخرى قائلة : بس برضة انا ماعملتش حاجة تستدعى انك تكلمنى بالاسلوب اللى حضرتك بتكلمنى بيه ده
جلال وهو يزفر انفاسه بحرارة : خلاص يا فؤادة ، انا خلصت اللى عاوز اقولهولك
فؤادة بصدمة : انت بتطردنى بالذوق .. مش كده
جلال بفروغ صبر : لا مش كده ، لان انا اللى عندى مشوار ومضطر اسيبك ، عن اذنك
وبعد ان امسك عصاه وتركها وتوجه الى الباب وسط دهشتها ، عاد مرة اخرى ووقف امامها وتنحنح قائلا : بكرة على الغدا ، هيبقى موجود معانا مراة عمى واللى تبقى والدة ندا وهدى الله يرحمها ، وكمان ابن عمى اخوهم ، وعلى ما اعتقد ان ندا اكيد هتكون حكيتلهم على اللى حصل وبالتالى …
فؤادة وهى تقاطعه بحزن : وبالتالى اعدائى بكرة هيبقوا تلاتة مش واحد بس
جلال : حاولى تتفهمى موقفهم ، وتفهمى ان لو حصل حاجة انهم مايقصدوكيش انتى بالذات
لتومئ فؤادة رأسها وتتركه وتذهب هى هذه المرة دون كلمة واحدة ، ليتنهد جلال بقوة وكأن همأ ثقيلا قد انزاح من على عاتقه ولكنه اعاد نظره مرة اخرى الى باب الغرفة وهو ينظر فى اثرها قائلا بخفوت : بنى ادمة مجنونة ، البت دى عندها شيزوفرينيا ، لينفتح الباب فجأة ويجد حسنة تقف امامه قائلة : فاضى ياجلال
جلال : خير يا امى فى حاجة
لتتقدم حسنة الى الداخل وهى تغلق الباب خلفها وتقول : كنت عاوزة اتكلم معاك يابنى شوية
جلال : تحت امرك يا امى ، اؤمرينى
لتجلس حسنة الى جواره قائلة : الامر لله من قبل ومن بعد
جلال : خير ، فى حاجة واللا ايه
حسنة : فى ان زينب جاية بكرة
جلال : اهلا وسهلا ، تنور
حسنة بامتعاض : ماتستغبانيش ياجلال ، انت فاهم كويس انا بتكلم على ايه
جلال : طب انا ايه اللى فى ايدى اعمله بس يا امى
حسنة : ياجلال يا ابنى ، رغم ان جوازك من فؤادة انا وانت عارفين وفاهمين سببه ، لكن ده مش معناه ابدا اننا نعرض البنت للاهانة والتجريح وهى تحت سقف بيتنا
جلال باستغراب : وهو مين اللى اهانها او جرحها بس يا امى
حسنة بدهشة : انت عاوز تفهمنى انك مش شايف عمايل ندا معاها ، مابالك بقى لما زينب كمان تنضملها ، ده قليل ان ماخنقوها بايديهم
جلال : مش للدرجة دى يعنى يا امى ، ليه يعنى .. ريا وسكينة
حسنة بامتعاض : يعنى مش ناوى تحمى البنت منهم بكرة
جلال بمهادنة : طب قوليلى احميها ازاى وانا هحميها ، عاوزانى اعمل ايه
حسنة : على الاقل تنبه على ندا مالهاش دعوة بيها
جلال : لاااا ، ده انتى كده عاوزاها تاكلها رسمى ، الا هى شايفة بنفسها انا بتعامل ازاى وهاين عليها تولع فيها ، اومال بقى لو طلبت منها حاجة زى دى هتعمل ايه
حسنة بقلة حيلة : ما انا غلبت يا ابنى كلام معاها وهى كل ما دا وبتعند اكتر ، وبصراحة فؤادة صعبانة عليا ، كفاية وحدتها وسطينا
ليتنهد جلال ويقول : المفروض حسين هو اللى يتكلم مع ندا يا امى مش انا
حسنة بسخرية : حسين ، كسبنا صلاة النبى ، حسين ده بقى عامل زى الضيف ، بيسمع اخبارنا من بعيد لبعيد وسالت ايده من كل حاجة
جلال : انا حاسس ان فى مشكلة معينة بينه وبين ندا ، ومن فترة ، بس مش قادر افهم ايه سبب البرود اللى بينهم ده ، ماكانوش كده لحد سنة فاتت ، ما اعرفش ايه اللى حصللهم
حسنة بترقب : اقوللك وماتجيبش سيرة ، وتخلى الكلام بينى وبينك
جلال : ومن امتى يا امى فتشت سرك
حسنة بهم : بصراحة ، ندا مانعة نفسها عن حسين بقالها اكتر من سنة دلوقتى
جلال : ايه الكلام الفارغ ده ، وعرفتى السبب
حسنة : عاوزاه يسيب المستشفى ويبقى ايده بايدك فى الارض والجناين
جلال باستغراب : ومن امتى ندا شاغلة نفسها بالكلام ده
حسنة : اهو جنان بعيد عنك ، ومن ساعة ماحسين زعقلها وقاللها تشيل الكلام الفارغ ده من دماغها ، وهى بتنام مع العيال فى اوضتهم
جلال : وانتى ازاى ساكتة على الموضوع ده
حسنة بقلة حيلة : ماحدش دخلنى يابنى عشان اتصرف ، ده انا عرفت بالصدفة لما سمعتهم غصب عنى وهم بيزعقوا مع بعض من اسبوعين ، واتفاجئت ان الحكاية جدورها من سنة دلوقتى
كنت كل ما اشوفها نايمة فى اوضة العيال واسألها تقوللى دى ليلى كانت بتعيط ، ده أدهم صحى قلقان ، او تقوللى انها كانت بتشقر على سلوى ، وانا عشان ماكنتش اعرف حاجة كنت بصدقها ، لكن لما سمعت خناقهم ربطت كل ده باللى سمعته
جلال : طب وهو حسين ليه سايبها
حسنة : مش عارفة يابنى ، حسين اصلا من وقت ماكانت ندا حامل فى ليلى ، وهو بينتقدها فى تصرفات كتير وبيحاول يصلحها وهى مافيش فايدة
ثم قالت وهى تنتقد الحال : البطن قلابة ، مين يقول ان ندا تبقى اخت هدى الله يرحمها ، كانت زى النسمة ، ومطيعة وقنوعة ، انما ندا …. لا حول ولا قوة الا بالله
جلال : طب ماتحاولى تتكلمى معاها واكنك لاحظتى نومها المتكرر مع الولاد
حسنة : لا يابنى ، ابعدنى عن ندا ومشاكلها ، ردودها بقت عفية بزيادة
جلال بفضول : هى بترد عليكى وحش واللا ايه
حسنة : لا يابنى ، بس يا اما بتقاوح يا اما تسكت وماتردش ، وانا مابقيتش صغيرة يابنى ولا بقى فيا حيل للمناهدة دى كل ساعة والتانية
جلال : طب انا برضة المفروض اعمل ايه ، انا شايف ان الوحيد اللى بيعرف يتعامل معاها هو عارف
حسنة برفض : ياختااااى ، لا والنبى اعمل معروف ، دول بيقفوا لبعض على الكلمة وبقم عاملين زى الديوك
جلال بقلة حيلة : طب اعمل ايه بس ، اقوللك ، ايه رأيك .. سيبيها على الله ، واللى تخافى منه مايجيش احسن منه
حسنة : ونعم بالله يابنى ، بس ابقى خد بالك انت بس من كلامك معاها انت كمان ، ماهو مش هتبقى من كل يامة
جلال : حاضر يا امى ، ماتقلقيش ، ادعى انتى بس ان ربنا يهديها هى راخرة ، احسن ساعات بحس انها مجنونة
حسنة بضحك : انت بس اللى بتنرفزها ، بس هى طيبة وبنت حلال ، انت بس بطل تناكف فيها
جلال : حاضر يا امى ، لما نشوف اخرتها
فى اليوم التالى
كانت فؤادة تجلس بالحديقة ، لتأتى سلوى وتجلس بجوارها وتقول : طنط فؤادة ، هو انتى ممكن تعمليلى شعرى زى المرة اللى فاتت
فؤادة بتردد : ماطلبتيش ليه من خالتو يا سلوى
سلوى : خالتو مش بتعملها حلوة زيك ، انا عاوزاكى انتى تعمليهالى
فؤادة بتردد اكبر : اصل خالتو بتزعل يا سلوى لما حد بيسرحلك شعرك غيرها ، وانا مش عاوزاها تزعل
سلوى : ماهى قالتلى انها مش فاضية دلوقتى
ليأتيهم صوت عارف من خلفهم قائلا : ماتشغليش دماغك كتير بندا وعمايلها يافؤادة ، واتصرفى براحتك
فؤادة بخجل : انا بس مش عاوزة احس انى اقتحمت حياتكم وغيرتلكم نظامكم بدون وجه حق
عارف بضحك : وهو انتى لما تعملى لسلوى شعرها تبقى اقتحمتى حياتنا ، اومال بقى لو طبختيلنا اكلة كده واللا كده تبقى حطتينا فى الاسر على كده
فؤادة بضحك : هى وصلت للاسر
عارف لسلوى : روحى يا سلوى هاتى فرشة شعرك وحاجتك لطنط فؤادة وهى هتعملهولك ياللا
لتسرع سلوى الى الداخل وتعود بعد قليل بفرشاتها وشرائطها وتعطيهم لفؤادة قائلة : انا المرة دى عاوزة ضفاير كتير اوى
فؤادة باستغراب : انتى ايه حكايتك مع الضفاير الكتير
سلوى : شفت فى المجلة صورة لبنت عاملة شعرها ضفاير كتير اوى ، وكان شكلها حلو اوى
فؤادة بهدوء : بس مش شرط يا لولو ان اللى يليق على حد يليق علينا ، انتى كان لايق عليكى بتاعة المرة اللى فاتت وعشان كده هعمللك زيها اتفقنا
سلوى : طب عاوزاكى تقصيلى اوصة
فؤادة : لا .. احنا كده لازم نستأذن من الكبار
عارف : استئذان ايه يابنتى ، دى اوصة مش حاجة يعنى ، قصيهالها
فؤادة برفض : لا يا استاذ عارف ، ممكن باباها يزعل او جدتها ، شعرها بالذات لازم تستأذن فى حاجة زى دى
ليخرج عارف هاتفه ويحادث جلال الذى كان من الباكر بحدائق الموالح وما ان رد عليه جلال حتى قال عارف : بقوللك ياجلال ، سلوى عاوزة فؤادة تقصلها الاوصة بتاعتها ، ايه رأيك
جلال : اوصة ايه اللى متصل بيا عشان تسألنى عليها ياعارف
عارف ضاحكا : والله انا قلت كده ، بس فؤادة مارضيتش تقصهالها الا لو تستأذنك عشان قال ايه .. احتمال ما توافقش
جلال : لا ياسيدى خليها تقصهالها ، ياللا سلام عشان التاجر وصل
وبعد ان اغلق عارف الهاتف ، اشار لفؤادة بيده وقال : اتفضلى ياستى قصيلها الاوصة اللى هى عاوزاها
لتمد سلوى يدها بالمقص لفؤادة قائلة : ياللا ياطنط
لتمسك فؤادة بالمقص وتسمى الله ، ثم تمد يدها باتجاه شعر سلوى فتقص لها غرتها برقة واناقة ، ليمدحها عارف بعد انتهاءها وتسعد بها سلوى جدا ، لتسرع الى الداخل كى تريها لخالتها وجدتها
وما ان دخلت سلوى حتى صاحت بفرحة : شفتوا شعرى والاوصة بتاعتى حلوين اوى ازاى بعد ماطنط فؤادة عملتهالى
لتنظر لها حسنة بابتسامة قائلة بحنان : حلوة ياحبيبتى جميلة
اما ندا ما ان رأتها حتى نهضت و توجهت الى الخارج بغضب دون كلمة واحدة حتى وصلت الى فؤادة وعارف وقالت بغضب ودون مقدمات : هو انا مش قلتلك قبل كده ماتمديش ايدك على شعر سلوى ، وانى مابحبش حد يسرحلها شعرها غيرى ، ليه اتعمدتى تعملى عكس كلامى ، وكمان ازاى جاتلك الجراءة انك تحطى مقص فى شعرها من غير اذنى .. ها .. انطقى
عارف بحزم : استأذنت جلال وجلال وافق يا ندا ، ومافيش داعى ابدا للازعرينة اللى انتى عاملاها دى
ندا وكأنها لم تسمع عارف : انتى لازم تفهمى انك هنا مش اكتر من ضيفة ولفترة محدودة جدا كمان ، فبلاش تتخطى حدودك احسن لك ، و بق الماية اللى تشربيه هنا لازم يبقى باستئذان
عارف بغضب : ندا .. الزمى حدودك
لتلتفت ندا اتجاه عارف بغيظ قائلة : انا لازمة حدودى كويس اوى يا سى عارف ، الدور والباقى على اللى مش عارفين جايالنا من انهى داهية
ليأتيهم صوت حسين غاضبا وهو يقول : ندا …. ادخلى جوة
لتنظر ندا له بتهكم دون ان تتحرك من مكانها ، حتى وصل اليهم حسين فقال مرة اخرى ولكن بغضب اقل : انا مش بقوللك تدخلى جوة
ندا بسخرية : وانا مش هدخل جوة ياحسين ، ها … هتعمل ايه
ليرفع حسين يده عاليا وكاد ان يلطم ندا على وجهها لولا ان حال عارف بين يده وندا وقال بتحذير : انت اتجننت ، من امتى بنرفع ايدينا على اى ست
ندا بغل : من يوم ما وش الغراب دخلت بيتنا
حسين بغضب : لا … لما تتجاوزى حدودك وتبقى محتاجة تتأدبى ، احنا من امتى بنتعامل كده مع ضيوفنا ، انتى ايه اللى جرالك ، مش عاوزة تلايميها ليه ، مشاكلك بتكتر وبتكبر يوم ورا يوم ليه
ندا بصراخ : مش عاوزاها هنا ، مش عاوزاها فى بيتى ، لتلتفت اتجاه فؤادة قائلة : اطلعى برة حياتنا بقى
ولكنها لم تجد فؤادة مكانها لتتلفت باحثة عنها بعينيها فلم تجدها ، وعندما همت للحاق بها بالداخل سمع الجميع صوت طلق نارى وصرخة مدوية بصوت فؤادة يأتى من خارج اسوار المنزل ، ليهرع الجميع نحو صوت الصرخة ليجدوا فؤادة ترقد على الارض وحولها بركة من الدماء ، ليسرع حسين بالانحناء عليها ليجد ان طلقة الرصاص قد اخترقت كتفها وخرجت من الجهة الاخرى ليقول بصوت عالى : حد يجيب حاجة اربطلها كتفها ده بسرعة عشان ماتنزفش اكتر من كده ، وانت يا عارف ساعدنى نشيلها نوديها العربية عشان ننقلها المستشفى بسرعة ، ليجدوا كريم والذى كان قد وصل لتوه يخلع كوفيته من حول رقبته ويمدها الى حسين الذى اخذها منه سريعا وربطها حول كتف فؤادة ثم حملها بمساعدة عارف وذهبوا باتجاه سيارة كريم الذى قال : هاتوها على عربيتى ، لسه دايرة مافصلتهاش
فقال حسين سريعا وهم ينطلقوا بالسيارة : ماحدش يكلم جلال ، انا هكلمه
حدث كل شئ فى ثوان معدودة ، وعندما جاءت حسنة من الداخل تسأل عن سبب الجلبة التى حدثت قالت لها سلوى وهى باكية : طنط فؤادة اتعورت وعمو حسين وعمو عارف ودوها المستشفى بعربية خالو كريم
حسنة بلهفة وهى تسأل ندا : اتعورت ازاى ، حصللها ايه
كانت ندا تقف شاحبة اللون مرتعشة الاطراف مبللة الاعين والوجه من اثر دموعها ، فلم تكن تتخيل للحظة ان يحدث كل هذا ، وعندما وجدتها حسنة على هذه الهيئة تقدمت منها وامسكت كتفها بحذر قائلة : فؤادة حصللها ايه ياندا انطقى
فرفعت ندا عينيها الى حسنة وقالت بارتعاش : فى حد ضرب عليها نار
حسنة بلهفة : نار ، وحصللها ايه ، ما تنطقى يابنتى وتقوليلى حصللها ايه
لتقول زينب والتى لم تنتبه لها حسنة : بالراحة ياحسنة ، انتى مش شايفة وشها عامل ازاى
حسنة : لامؤاخذة يازينب ، ماخدتش بالى انك وصلتى ، نورتى ياختى ، بس حد يطمننى على الغلبانة التانية دى
زينب : احنا مانعرفش حاجة ، احنا لسه بنركن العربية وحصل اللى حصل وخدوها وجريوا على المستشفى
حسنة بحزن شديد : عينى عليكى يابنتى ، هات العواقب سليمة يارب ، كلمتوا جلال عرفتوه
ندا بتردد : حسين قال ماحدش يكلمه ، هو هيكلمه
فى المستشفى ، كان حسين وعارف وكريم يجلسون امام غرفة العمليات بترقب ينتظرون اى خبر يطمئنهم على فؤادة ، وسمعوا صوت خطوات من على بعد علموا على الفور انها لجلال ، وما ان وصل اليهم حتى قال موجها سؤاله الى اخوته : اللى حصل ده حصل ازاى
ليتبادل عارف وحسين النظرات بحذر ولم يجيبه احد مما اثار غضب جلال فقال : غبية ، غبية ، حذرتها انها تتحرك برة البيت وهى دماغها انشف من الحجر ، مافيش فايدة فيها
عارف : ماتظلمهاش ياجلال
جلال بغضب : اظلم ايه وانيل ايه ، هى صغيرة عشان ماتفهمش الوضع اللى هى فيه ، بتعاند لمجرد العند ، هو انا هلاقيها منين واللا منين
حسين وهو يمسك جلال من كتفه : اهدى ياجلال وبالراحة شوية ماتنساش اننا فى المستشفى ، ادعى انها تيجى سليمة وتخرج بالف سلامة
ليكبت جلال غضبه ويجلس على اقرب مقعد لديه وهو يضع رأسه بين يديه، وبعد مايقرب من الساعتين يخرج الطبيب من غرفة العمليات ليسرعوا اليه جميعا فيقول حسين : طمننا يا دكتور سيف
سيف : الحمدلله ياجماعة ، الرصاصة دخلت وخرجت من مكان مافيهوش اجهزة حيوية و ده فى حد ذاته فضل كبير من ربنا ، بس المشكلة أن الطلقة جت قريب جدا من الوتر المسئول عن حركة دراعها ، واحنا حاولنا بكل طاقتنا اننا نعالج ده ، بس هى طبعا نزفت كتير اوى ، ومش هيبان النتيجة غير بعد ماتفوق ان شاء الله
حسين : طب انتو محتاجين دم واللا فصيلتها متوفرة هنا
سيف : لا الحمدلله فصيلتها متوفرة وعملنالها النقل بالفعل فى العمليات ، وهننقللها كيس كمان فى الاوضة بتاعتها مع المحاليل
حسين : للدرجة دى نزفت كتير
سيف : جدا ، الحمدلله انها جت على اد كده ، هى هتخرج دلوقتى على اوضة خاصة بيها ، وانا خليت المستشفى تبلغ البوليس واعتقد انهم هيبقوا متواجدين فى اقرب وقت
وبالفعل ما ان وصلت فؤادة الى غرفتها وتم تعليق الدم والمحاليل لها ، الا ووجدوا احد الاشخاص يتقدم اليهم معرفا نفسه لجلال قائلا : استاذ جلال ، حضرتك تبقى زوج المجنى عليها مش كده
جلال : ايوة انا ، مين حضرتك
علاء : انا المقدم علاء ، وجاى بخصوص ضرب النار اللى حصل لمدام فؤادة ، ياترى حضرتك بتتهم حد معين باللى حصل ده
ليأتيهم صوت سالم قائلا بغل : أنا بتهم جوزها ان هو اللى ورا اللى حصل
علاء : مين حضرتك
سالم : انا عمها ، وبتهم جوزها ان هو اللى ورا اللى حصل عشان يخلص منها ويستولى على ثروتها كلها
جلال بغضب : انت جاى تسبق قبل ما اتهمك بعملتك ، انت ناسى انك ماضى تعهد بعدم التعرض انت والهلالى لسه من يومين
علاء : واضح ان الموضوع كبير وله جذور
ليأتيهم صوت نهاد وسلمى ووالدتهما وهم يبكوا بحرقة ، وهرعت اليهم نهاد قائلة : حرام عليكم ، اتطمنوا الاول عليها وبعد كده ابقوا اتخانقوا زى مانتو عاوزين ، انا عاوزة اشوفها
ليسرع اليها عارف قائلا وهو يحاول طمأنتها : اتطمنى ، ماتقلقيش ، الدكتور طمننا عليها
نهاد وهى تنشج ببكائها: طمنكم ازاى وهى مضروبة بالنار ، هى وصلت لكده ، انا عاوزة اشوفها ، دخلونى ليها
ليتحدث علاء قائلا : وحضرتك تبقيلها ايه
نهاد : انا بنت عمها وتعتبر اختى ، من فضلك سيبونى اشوفها
لتقول سلمى من وسط دموعها : انا كمان من فضلك ، انا كمان عاوزة اشوفها ارجوك انا كمان بنت عمها و زى اختها … ارجوك
لينظر لها علاء بشفقة ثم يسأل سيف قائلا : هى حالتها ايه ، ياترى اقدر اتكلم معاها
سيف : هى حاليا لسه تحت تأثير البنج ، ومش هتفوق قبل ساعتين من دلوقتى
ليشير علاء لرجل امن كان بصحبته وقال : تفضل هنا على الباب ماتتحركش ، وممنوع اى حد يدخللها قبل ما انا اتكلم معاها
نهاد بلهفة : بس انا لازم اشوفها واتطمن عليها
علاء : للاسف ، مش هقدر ادخلك ليها قبل ما اتكلم معاها بنفسى ، واوعدك اول مايبلغونى انها فاقت هجيلها فورا
ليشعر عارف بالغضب من حديث علاء لنهاد ولكنه يظل مكانه دون اى رد فعل اما جلال فقال : وهوانا كمان ممنوع ادخلها
علاء : للاسف ايوة ، انت بقيت من المشتبه فيهم بعد اتهام عمها ليك
جلال بغضب : انت هتصدقه ، ده مجرد بيبعد الشبهة عن نفسة
سلمى بغضب : انا بابا مش قتال قتلى حضرتك ، ااه كان زعلان منها ، بس اكيد مش هيقتلها ، دى مهما ان كان بنت اخوه
علاء : الكلام ده هنعرفه فى التحقيقات ، لكن مش هنقدر نبت فى حاجة دلوقتى ، بعد اذنكم
وبعد انصراف علاء يجلس سالم على كرسيه وهو يضع رأسه بين يديه ، بينما تخرج نهاد هاتفها من حقيبتها عندما سمعت رنينه لترد قائلة : الحقنى يامحمد ، ضربوا فؤادة بالنار ، انا محتاجة لك وهى كمان ، انت لازم تيجى
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية فؤادة" اضغط على اسم الرواية