رواية ليتني مت قبل هذا الفصل السابع بقلم نعمة حسن
رواية ليتني مت قبل هذا الفصل السابع
كانت غَزَل تباشر عملها بالمركز قبل أن تنتبه إلي صوت رنين هاتفها لتخرجه من حقيبتها فوجدت رقم مجهول يتصل بعدها فأجابت مسرعة ليصلها صوت أنثوي ميّزته هي فقالت بلهفه: أيوة يا طنط هبه؟
_أيوة يا غزل، بابا تعبان وإحنا في المستشفي الأميري غرفة 205 تعالي بسرعه.
هرولت ركضاً تستوقف سيارة أجرة ركبتها و إتجهت بها إلي المشفي فوراً.
وصلت للغرفه الموجود بها والدها و دلفت بلهفه لتجده راقداً علي الفراش لا حول له ولا قوة فإقتربت منه و دمعاتها تسيل دون هوادة و أمسكت بيده تقبلها وهي تقول: مالك يا بابا سلامتك ألف سلامه.
ثم نظرت إلي جارتهم المدعوة هبه وقالت: هو جراله إيه يا طنط هبه؟!
قالت هبه بأسف: والله يا غزل إحنا كنا قاعدين في أمان الله و فجأه سمعنا صوت حاجه بتتهبد علي الأرض، طلعنا نجري لقينا صوت حد بينازع عندكوا في الشقه، أبو إسلام كسر باب الشقه و دخل لقا الحاج إبراهيم واقع في الأرض و جمبه الكرسي كان تقريباً بيحاول يتسند عليه قام خده و وقع..
نظرت غزل إلي والدها بحزن وقالت: أكيد مخدش العلاج بتاعه، أنا السبب.
قللت الأخيرة لتنفجر بالبكاء فقالت هبه: وإتتي ذنبك إيه بس يا بنتي؟
_ذنبي إني سيبته و نزلت إشتغلت، فكرت في نفسي و نسيت إنه مليش غيري يراعيه و ياخد باله منه.
ربتت هبه علي كتفيها تواسيها وقالت: معلش يا حبيبتي وحدي الله و إن شاءلله بابا هيبقا كويس و يقوم بالسلامه.
بدأ إبراهيم بالإفاقه لتهرع إليه و تمسك بيديه تقبلها بأسف و ندم وتقول: أنا آسفه يا بابا إني مكنتش في وقت تعبك، سامحني.
مسح والدها علي شعرها بهدوء وقال: متعيطيش يا حبيبتي إنتي ذنبك إيه بس.
نظرت إليه بلهفه وقالت: إنت كويس؟!
أومأ موافقاً لتقول هبه: طيب يا عم إبراهيم حمدلله على السلامة، شده و تزول إن شاءلله، هستأذن أنا.
إنصرفت هبه لينظر إبراهيم بإتجاه غَزَل ويقول: ربنا يباركلها طنط هبه و جوزها و إسلام إبنهم هما اللي جابوني عالمستشفي و مسابونيش لحظه.
ربتت علي يده وقالت: ربنا يوقفلك ولاد الحلال دايماً و ميحرمنيش منك ابدا يارب.
إبتسم قائلاً: الواد إسلام ده طيب بشكل، و جدع كمان، راجل من ضهر راجل.
تجاهلت حديثه الذي تعلم مبتغاه ليتسائل حانقاً: يعني مبترديش!
_أرد أقول إيه يا بابا؟! منتا عارف ردي.
=لأ مش عارف حاجه، و من الآخر كده أنا بعد اللي حصلي إمبارح ده إستحاله أسيبك تعملي الهبل اللي في دماغك ده.
نظرت إليه بضيق وقالت: مش فاهمه حضرتك تقصد إيه؟!
أضاف بقوة: قصدي إني معنديش إستعداد أموت و أسيبك تلطشي في الدنيا لوحدك، و إذا كنت بوافقك علي اللي في دماغك قبل كده مش هوافق تاني خلاص.
تسائلت بغضب: يعني إيه يا بابا الكلام ده؟!
قال بنبرة لا تقبل النقاش: يعني إسلام كلمني عليكي إمبارح تاني وأنا قررت أوافق خلاص.
نظرت إلي والدها بذهول وقالت: توافق؟! توافق علي أي أساس يا بابا؟!
أشاح والدها جانباً وقال: علي أساس اللي عيشته النهارده ده، أنا كان بيني و بين الموت شعره، مكنتش شايل هم حاجه غير إني هموت و أسيبك لمين؟!
سالت دمعاتها ليردف بضعف قائلاً: مش كل مره تعيطي يا غزل عشان تسكتيني، إفهميني يا بنتي أنا مش عايزك تتحوجي لحد من بعدي...
قاطعته بسيلٍ جارف من الدمعات وقالت: متقولش كده يا بابا ربنا يخليك ليا....
ليقاطعها هو بدوره قائلاً: لو خلاني النهارده مش هيخليني طول العمر يا بنتي إفهمي، أنا مش هعيشلك العمر كله و مش ضامن عمري، عايز لما أموت أبقا مرتاح و مطمن عليكي إنك في حما راجل.
سددت إليه نظرات فارغه ليستأنف حديثه بوهن وقال: أنا عمري ما ضغطت عليكي في حاجه يا غزل و عمري ما جبرتك تعملي حاجه ملكيش هوي ليها، كنت أقوللك بلاش تقوليلي عشان خاطري يا بابا و أسيبك تعملي اللي إنتي عيزاه لكن المرادي أنا اللي بقولك عشان خاطري يا غزل ريحيني و وافقي.
وضعت رأسها بين كفيها لتنخرط في بكاءٍ مرير وقالت: مش هقدر يا بابا، والله العظيم غصب عني مش عارفه.
_يحيـي مات يا غزل.
نظرت إليه بألم ليردف مؤكداً: يحيـي مات و الحي أبقا من الميت، مش هينفع تعيشي طول عمرك راهنه حياتك بيه، ده مراته اللي معاشراه و مخلفه منه عيلين نست و إتجوزت.
آثرت الصمت ليتسائل بأمل قائلاً: هاا قولتي إيه؟!
_اللي تشوفه يا بابا.
نطقتها بحزن و يأس ليتمتم هو فَرِحاً: علي خيرة الله، بكرة بإذن الله هبعتلهم الرد بالموافقه واللي فيه الخير يقدمه ربنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد خروج إبراهيم من المشفي قام بمهاتفة والد إسلام و أخبره بموافقتهم علي طلبه لخطبة غزل فقاموا بتحديد موعد الغد للتعارف و قراءة الفاتحه.
علي مضض و بين بكاءٍ و نواح تجهزت غزل فإرتدت ملابس بسيطه و لم تتزين بل تركت بشرتها صافيه دون أي مساحيق تجميل و عكصت شعرها للأعلي بأنشوطه ثم خرجت لتقوم بمصافحة الجالسين و من ثم جلست إلي جانب والدها ليبادر بالحديث قائلاً: نورتونا يا جماعه.
نطق والد إسلام مبتسماً وقال: ده بنورك يا حج إبراهيم.
_نورتنا يا إسلام يا إبني.
قالها إبراهيم مبتسماً وهو يتحدث إلي إسلام الذي نظر بإتجاه غزل و أفتر ثغره عن إبتسامه مختاله لتطالعه غزل بنظرات فارغه أحبطته فقال: البيت منور بناسه يا عمي.
قال والده: دلوقتي يا أستاذ إبراهيم خير الكلام ما قل و دل و بما إن حضرتك عارف سبب الزيارة دي فـ الأفضل ندخل في الموضوع طوّالي.
أومأ إبراهيم موافقاً وقال: إتفضل يا أستاذ عبدالله.
_دلوقتي إحنا كنا سبق و طلبنا من حضرتم إيد كريمتك الآنسه غزل و الحمد لله جالنا الرد بالقبول، فبما إن الموافقه موجوده الحمد لله يبقا خير البر عاجله.
أومأ إبراهيم مؤيداً ليردف الآخر متابعاً ويقول: النهارده بإذن الله غزل و إسلام يقعدوا مع بعض يتعرفوا على بعض أكتر و بإذن الله الخطوبه تبقا آخر الأسبوع.
تمتم إبراهيم قائلاً: وهو كذلك.. علي خيرة الله.
جلس إسلام و غزل بغرفة الصالون بصمت لم يقطعه أياً منهما ليردف إسلام قائلاً: عامله إيه يا غزل؟
تمتمت بهدوء و قالت: كويسه الحمد لله.
أومأ بإبتسامه صافيه و قال: مفيش حاجه عايزة تسأليني عنها.
نظرت إليه بشرود وقالت: إشمعنا أنا؟!
نظر إليها مستفهماً ببلاهة و تسائل فقال: إشمعنا إنتي إيه مش فاهم؟!
_إشمعنا إتقدمتلي أنا؟!
أجاب بعفوية: عشان متربيين سوا من صغرنا و عارفك و عارف طبيعتك و عارف تربيتك شكلها إيه!
قالت بتهكم: عشان كده بس؟!
أومأ موافقاً و قال: أيوة، بس بتسألي السؤال ده ليه مش فاهم!
هزت رأسها بلا مبالاه و قالت: لأ أبداً، بسأل بس.. كنت عايزة أشوف سبب إصرارك ده إيه؟!
نظر إليها متلعثماً متخطباً لتنتشله هي من حيرته تلك و تقول: خلاص يا إسلام، مش لازم تجاوب.
أومأ علي الفور موافقاً و كأنه تخطي إختباراً صعب للغايه و قال: لو مفيش عندك حاجه عايزة تعرفيها ممكن نخرج نقعد معاهم.
راقتها الفكرة لتنهض علي الفور و تخرج اليهم برفقته و يبلغانهم بالموافقه لينصرف إسلام و أهله علي إتفاق بأن الخطبة يوم الخميس المقبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إستيقظت يُسر من نومها بضيق داخلي يملؤها فتململت بفراشها لتقع عيناها بغتةً علي صورة يحيـي المعلّقه علي جدار الغرفه لتشيح بوجهها جانباً و كإنما تتحاشي النظر إليه فنظرت إلي الجهة الأخري لتصطدم بصورته التي تقبع فوق الصوانة الموجودة إلي جانب الفراش فشعرت بالإختناق و كإنما يلاحقها و يحاصرها لتمسك بصورته و تزچ بها في الجارور ثم تنهدت بريبة و خرجت من غرفتها لتذهب إلي المغسل.
كان سليمان يرقد فوق فراشه بملل و ينتظر إفاقتها حتي يراها ليستمع إلي حركتها بالخارج فتصنع النعاس و خرج من الغرفة مسرعاً قبل أن تعود إلي غرفتها مجدداً فوجدها تخرج من المغسل ليقف مصدوماً و قد إزدرد ريقه بصعوبه وهو يراها تقف أمامه بـ طلّتها الـعاتيه تلك ترتدي قميصاً يكشف اكثر مما يخفي بـكرمٍ شديد و شعرها الشبيه بأوتار العود قد ثار علي ظهرها و كتفيها محدثاً فوضي فاتنه أودت بهِ لينظر لها بإعجاب و إكبار شديدين و هو لا يستطيع أن ينتزع عيناه من عليها.
_إحممم.. صباح الخير يا عمو.
قالتها يُسر بحرج و قد أخفضت بصرها أرضاً ليردف هو قائلاً: يا صباح الجمااااال.
إزدهي داخلها و شعرت بالإنتشاء لإطراءه البسيط ذلك فـ وأدت إبتسامةٍ كانت تتسلل إلي شفتيها و تصنّعت الخجل و قالت: معلش خرجت براحتي بقا مكنتش أعرف إنك صاحي.
تمتم مسرعاً: لأ معلش إيه، إنتي تاخدي راحتك عالآخر، هو أنا معقول يعني هقيد حريتك في بيتك!
ثم أضاف بنبرةٍ واهية: بصي؛ إعتبريني مش موجود.
أومأت بإبتسامة هادئة و قالت: طيب بعد إذنك هغير هدومي و آجي أعمللك فطار.
همّت بالإنصراف ليمسك بيدها سريعاً يستوقفها فقال: لا ملوش لزوم تتعبي نفسك، إرتاحي و أنا اللي هعمل الفطار.
نظرت إليه بتعجب سرعان ما تحوّل إلي سرور فأشارت له بالموافقة و إنصرفت من أمامه بينما كان ينظر هو في أثرها بـِ شغف وقد أوشك صبرهُ علي النفاذ.
ذهب لإعداد طعام الفطار بينما دلفت هي إلي غرفتها و قد بدأت تستعيد يُسر تِلك المتفاخرة المتعاظمه بجمالها الأخّاذ.
جلست هي و سليمان و أطفالها يتناولون طعام الإفطار فنظر سليمان إليها قائلاً بمشاكسة: فطار ولا فطار في فندق خمس نجوم أهو، أي خدمه.
ضحكت عالياً و أردفت قائلة: معاك حق، تسلم إيديك.
تمتم مبتسماً: بألف هنا.
برز صوت الصغير قائلاً: هو إنت بتاكل عندنا ليه يا عمو؟!
نظر إليه سليمان و قال: إيه يا سي زياد مش عايزني أفطر معاكوا ولا إيه؟! أقوم أمشي؟!
أجابه الصغير بإيماءه موافقة و أردف بعدها قائلاً: أيوة عشان إنت قاعد في المكان بتاع بابا.
أصابه الخَرَس و إمتدت يده ليتناول كأساً من المياه تجرّعهُ ليزدرد غصّته و من ثَمّ نهض عن مائدة الطعام و دخل ليبدل ثيابه فإستوقفته يُسر قائلة: متزعلش من زياد، ده عيل صغير مش فاهم حاجه.
إبتسم بلطف قائلاً: و مين قال إني زعلان، أنا بس ردّه فاجئني.
_طب إنت رايح فين دلوقتي؟معقول هتنزل؟!
أومأ أن نعم و قال: هنزل أطلّ علي أبويا و أشوف صافيه عشان متزعلش و هبقا أرجع عالغدا.
أومأت بموافقة ليغادر هو الشقه و ينزل إلي شقة صافية فوجدها تلتزم فراشها و قد تملّك الإكتئاب و اليأس من وجهها ليرسم أسفل عيناها لوحةً سوداء ذات محجرين غائرين و شفاه عابسه إنقشعت عنها البسمة.
تعجّب سليمان من هيئتها الحزينه ليتسائل قائلاً: مالك يا صافيه، إنتي تعبانه ولا إيه؟!
ألقت عليه نظرةٍ قاسية وقالت و الحزن يخيّم علي معالم وجهها: لا مش تعبانه يا سليمان، أعمللك تفطر؟!
قال ببساطه: لا أنا فطرت قبل ما أنزل.
رآها تنظر نحوه نظرات لم يستطع فك شيفرتها ليردف مكملاً: العيال كانوا بيفطروا و فطرت معاهم.
تسائلت مجدداً وهي تعلم مسبقاً بما سيجيبها و قالت: طب تحب أعملك إيه عالغدا؟!
أتاها جوابه كما إنتظرت فقال: لا أنا هتغدي مع العيال النهارده.
إبتسمت بتهكم و قالت: ربنا يخليلك العيال و أم العيال.
تبيّن ضيقها ليردف قائلاً: معلش يا صافيه هو عشان أول يوم بس.
نظرت إليه و بداخلها تعتمل الكثير من الأحاسيس إلا أنه أخمدها جميعاً و أوقظ لهيب الحب عندما إقترب منها مردفاً بحنية لم يفشل يوماً في إتقانها وقال: صافيه يا حبيبتي، إنتي طول عمرك بنت أصول و بتفهمي في الأصول، عايزك تساعديني بس لحد ما أعدي اليومين دول و أصالح أبويا و أكسب رضاه من تاني، أنا نمت فوق إمبارح غصب عني و حاسس إن السرير عليه شوك لإنك مش جمبي، بس إتغصبت علي نفسي عشان مينفعش مكنتش أنام فوق إمبارخ منتي عارفه دماغ أبويا و تحكيم رأيه.
تهاوت إلي صدره تحتضنه بإحتياج شديد و قالت: أنا معرفتش أنام يا سليمان، عنيا مداقتش طعم النوم طول الليل و حاسه إن الفرشه بارده من غيرك، أنا حاسه إني ظلمت نفسي و ظلمتك لما شجعتك علي قرار الجواز ده.
إضطرب و أخذ منه التوتر كل مأخذٍ و أردف قائلاً: معادلوش لزوم الكلام ده يا حبيبتي اللي حصل حصل، بس أنا مش عايزك تقعدي حزينه و مضايقه كده و شايله الهم، كده إنتي بتعجزيني، قومي يلا إفطري و فرفشي نفسك، و أقوللك أنا مفطرتش فوق بـِ نفس، إعمليلنا فطار ملوكي من بتاعك ده و تعالي نفطر يلا عشان أنزل أشوف أبويا.
تهللت أساريرها و أسرعت لتعد له طعام الإفطار و مِن ثَم جلسا يتناولان الطعام سوياً ثم مرّ بشقة والده و من بعدها إلي المتجر الخاص به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتي يوم خطبة غَزَل التي إستقبلته بحزن و بؤس شديد، كانت صافيه تجلس إلي جوارها تحتضنها وهي غارقه في سيْل دموعها الجارف.
_خلاص بقا يا غزل يا حبيبتي، في عروسه تعيط يوم خطوبتها بردو؟
نظرت غَزَل إليها وقالت: مش عيزاه يا عمتو، حاسه إني هيجرالي حاجه لو إتجوزته، حاسه إني كده هبقا بخون يحيـي!
دُهِشت صافيه مما إستمعت إليه فأردفت بحدة تقول: بتخوني يحيـي!! إيه العبط اللي بتقوليه ده يا غزل؟! يحيـي مات يا بنتي الله يرحمه، و حتي لو كان عايش إنتي لا كنتي مراته ولا خطيبته عشان تقولي كده.
و أضافت بإستهجان: ده مراته معملتهاش!!
لم تجيبها غَزل لتتابع عمتها حديثها و تقول: قومي يلا بلاش خيابة، إغسلي وشك كده و غيري و حطي ميكب و حاجات من بتاعة العرايس دي زمان المعازيم علي وصول.
علي مضض، نهضت غَزل و قامت بتبديل ملابسها إلي رداء فضفاض بسيط من اللون الوردي و لم تضيف أي زينه إلي وجهها و خرجت لتجلس وسط الحضور بوجهٍ عابس شاحب اللون.
تقدم منها والدها فنهضت لتصافحه فقام هو بإحتضانها بسعادة وهو يقول: حبيبة قلبي يا غزل أخيراً ربنا إستجاب ليا و شوفتك عروسه زي القمر.
إحتضنت والدها بشده وقد أجهشت بالبكاء ليقول محذراً: لاا بلاش عياط عشان مزعلش منك، هو في عروسه قمر كده تعيط.
ثم ربت علي كتفها قائلاً: ربنا يسعدك يا بنتي و يتم عليكي بخيرر.
ثم إنصرف لتجلس هي مجددًا إلي جوار إسلام و يستكملان حفل الخطوبة حتي إنتهاءه و مغادرة الجميع.
في نهاية حفل الخطوبة تقدم سليمان من غَزل و صافحها مهنئاً إياها و متمنياً لها أياماً سعيدة ثم إنفرد بزوجته و همس إليها قائلاً: يلا عشان الوقت إتأخر.
_لا يا سليمان معلش روّح إنت و أنا هفضل مع غَزَل يومين لإن نفسيتها تعبانه و مش عايزة أسيبها لوحدها.
نظر إليها مستفهماً وقال: يعني مش هترجعي معايا؟
أومأت بالنفي ليصطنع الضيق ثم قال: مش معقول يا صافيه كده، مش كفايه إن إمبارح كنت بايت فوق!
منحته إبتسامه هادئة و قالت: معلش يا حبيبي غصب عني والله، عشان مسيبش غَزَل لوحدها، و كلها يوم ولا اتنين و هاجي بإذن الله.
إقترب ليقبّل جبينها ثم قال: ماشي يا صافيه، طيب محتاجه فلوس ولا حاجه؟!
_لا معايا متحرمش منك.
أومأ موافقاً لينصرف سريعاً ثم قام بالإتصال بـ يُسر التي أجابت علي الفور فقال: أيوة يا يُسر.
_أيوة يا عمو.
=العيال ناموا ولا لسه؟!
_زياد نام أيوة بس نور لسه مغلباني.
=طيب محتاجين حاجه أجيبها لكوا و أنا جاي؟!
تسائلت بتعجب وقالت: إنت هتبات هنا النهارده؟
=أيوة لو مش هيضايقكوا، صافيه هتبات عند أخوها يومين ولا حاجه، قولت بدل ما أنام لوحدي أطلع أبات عندكوا.
_تمام ماشي، تنور.
إبتسم قائلاً: منور بأهله، عايزين حاجه أجيبها وأنا طالع؟
_طالما جاي دلوقتي هات عشا بقا لإني ملحقتش أعمل عشا و الوقت إتأخر.
=حاضر من عينيا، سلام.
إبتاع سليمان طعام العشاء و صعد علي الفور إلي الشقه و من ثم بدأوا يتناولون طعام العشاء سويّاً و من بعدها ذهبت يُسر كي تضع الصغيرة في سريرها و من بعدها خلدت إلي النوم.
أمّا هو فـ خاصم النعاس جفنيه ليسهر ليلته يطوف بالغرفه ذهاباً و إياباً وهو يقوم بتدخين سيجارة تلو الأخرى حتي إستمع إلي وَقْع خطواتـها ليسرع خارج الغرفه فوراً فوجدها تخرج من المغسل و كعادتها ترتدي ملابس نوم قصيرة.
تصنّع اللامبالاه بهيئتها تلك وقال بتعب مزيف: مفيش هنا برشام مسكن؟
أومأت علي الفور قائلة: أيوة في، إنت تعبان مالك؟
ترنّح ليمسك برأسه فأسرعت هي تتمسك بِخصرهِ تمنعه ألّا يسقط فأحاط رقبتها بذراعيها يستند عليها و ألصقها بهِ مما كان السبب في خفقان قلبِها بشدة لتنظر إلي عيناه بترقب بينما كان يدنو منها ببطء ليتبيّن ردة فعلِها فوجدها ساكنةً لا تُحيد ببصرها عنهُ مما دَفَعهُ لإتمام ما نَوَي فِعله.
في الصباح و بينما كان هو شارداً بها يحفر ملامح وجهها ذو الجمال الفتّان بمخيّلتهِ و كإنه يَخشي أن تكون تلك هي المرة الوحيده
أمعن النظر بها ليجد جبينها وقد تصبب عرقاً متناثراً و وجهها يتحرّك بعشوائية و كإنها تطارد شبحاً في منامها مما أثـار تعجبّه ليوقظها علي الفور فإنتفضت هي بشدة و راحت تحملق به دون النّبس بِكلمـة بِضع ثوانـي حتي قال: مالك بتبصيلي كده ليه؟! إنتي قايمة مفزوعه!!
تنهدت مطولاً بضيق ثم تذكرت ما حدث بينهما لتردف بغتةً: أكيد زعلان مني!
تسائل بإيماءه من رأسه و قال: مين اللي زعلان؟! أنا؟!
أومأت بالنفي و قالت: لأ؛ يحيـي!
تجهم وجهه و صاح مستنكراً: يحيـي؟!!
أومأت أن نعم و قالت: يحيـي جالي في المنام و كان بيصرخ و حوالين رقبته حبل، و أنا كنت بحاول أفك الحبل بس مش بيتفك، كإني كنت بلفه حوالين رقبته بالغلط، وهو عمّال يصرخ و يبكي و كان بيتخنق قدامـي!
تأفف بِضيق وقال: طب تفّي علي شمالك 3مرات، و إبقي إتغطي كويس بعد كده!
نطق بها ساخراً لتنظر إليه و تقول: هو ممكن زعلان مننا فعلآ؟!
طالعها بقوة حانقاً و قال بحدة: يُسر، يحيـي الله يرحمه مات و شبع موت، و إحنا لا عملنا حاجه حرام ولا حاجه عيب، و تاني مرة إبقي خدي بالك من كلامك عشان إنتي بقيتي مراتي؛ يعني ميصحش ولا هقبل إنك تتكلمي عن واحد تاني قدامي حتي لو كان أخويا.
إضطربت و شحب وجهها فإقتربت منه و إمتدت يداها لتمسك كفه وقالت بهدوء: إنت زعلت؟! أنا مقصدش حاجه....
قاطعها بغتةً عندما مال بجسده كلياً عليها و قال وهو ينظر لعينيها بثبات: لأ مزعلتش، مقدرش أزعل منك أصلاً بس نبهتك عشان متعيديهاش تاني!
حبست أنفاسها وهي تنظر إليه ولا تستطيع تحديد هوية مشاعرها الآن قبل أن يختلس قبلةٍ من شفتيها جاءت كالـريـح العاتية و عَصِفت بها مما جعلها
تنطق بضياع: عموو....
قاطعها مشاكساً: عمو؟! ده إنتَ اللي عمو.
إبتسمت ليستأنف حديثه قائلاً: قولي سليمان.
نظرت إليه بصمت ليكرر حديثه قائلاً: عشان خاطري نفسي أسمعها منك ولو مرة واحده بس! قولي سليمان.
إصراره لنطقها بإسمه جعلها تشعر بِحجم لهفته عليها و شغفه بها مما زادها غروراً و زهواً فقالت بِغنح هي أهله: سليمـان.
أفتر ثغره عن إبتسامه و حثها بِحماس عينيه علي تكرارها لتقول مجدداً: سليمـان.
مسح وجهه بحركةٍ فوضويه وقال: أيوووووه عالحلاوة يا ناس.
لترتفع ضحكاتها عالياً فقال: بصي إنتي تثبتي علي كده؛ مسمعش عمو دي منك تاني، مفهوم؟
أومأت أن نعم ليقول مرة أخري: و إثبتي مكانك كمان متتحركيش، أنا نازل أستلم البضاعه الجديدة و طالعلك، و متطبخيش أنا هجيب أكل و أنا جاي.
أومأت بموافقة ليستعد هو منصرفاً نحو الأسفل وهو ينزل درجات السلم.متحمساً و صوت صفيره قد إرتقي عالياً ليلتقي بشقيقه و زوجته علي الدَرج فقال أخيه: صباح الخير يا سليمان، ماشاء الله عليك صاحي رايق و فايق.
إبتسم سليمان بهدوء و لم يعقّب فقالت زينب: عروستنا أخبارها إيه يا عمي سليمان؟
زمّ شفتيه مقتضباً و تشدق قائلاً: كويسه.
ثم عاد ينظر لأخيه و قال: إبقا حصّلني عالمحل يا قدّورة، عشان في فواتير هتتراجع و أنا مش فاضي.
أومأ شقيقه موافقاً لينصرف هو مغادراً بينما كانت زينب تنظر في أثره بخبث وقالت: شكله كده مزاجه حلو، مانا عارفه يُسر دي مش سهله.
نعرها زوجها قائلاً: خلينا في حالنا، يلا.
ثم إنصرفا مغادرين ليلتقي عبدالقادر بِوالده الذي تسائل قائلاً: علي فين يا ولاد؟
أجاب عبدالقادر: رايحين نكشف علي يحيي يا حاج، صدره مكتوم و طول الليل عياط.
حمله الجد مربتاً علي ظهره بحنان وهو يقول: سلامتك يا حبيب جدو، سلامتك يا يحيـي.
قالت زينب: الله يسلمك يا عمي الحج و يباركلنا فيك، كان نفسي عمه سليمان يشوفه لإن مشافوش من زمان بس هو نزل مستعجل.
أضافت بكلماتها الأخيرة بمكر لينظر لها "علي" مضيقاً عيناه و يقول: هو سليمان نزل؟! إنتزا شفتوه؟!
نظر عبدالقادر إلي زوجته بعتاب و نظر إلي والده قائلاً: أيوة يابا لسه نازل قدامنا أهو.
قالت زينب: كان نازل بيصفر.....
لتبتلع كلماتها فور أن لكمها عبدالقادر لكمةً قويه بيده و نظر إليها بتحذير.
أومأ الأب بهدوء وقال: طيب يلا إتكلوا إنتوا علي الله روحوا مشواركوا، و إبقوا طمنوني لما ترجعوا.
إنصرفوا علي الفور و عبدالقادر يهمس إلي زوجته قائلاً: إنتي إيه! لسانك زايد حته دايماً كده، لازم يعني تقوليله كان نازل يصفر ولا يزمر؟!
طالعته بحنق وقالت: الله، وأنا كنت أجرمت يعني!
أشار إليها لتمتنع عن الحديث وقال: إتفضلي إركبي خلينا نخلص.
بينما كان "علي" يتمتم مستاءً: من أولها كده يا سليمان نسيت نفسك! ربنا يستر من اللي جاي!!
ليتني مِتُّ قبل هذا
_أيوة يا غزل، بابا تعبان وإحنا في المستشفي الأميري غرفة 205 تعالي بسرعه.
هرولت ركضاً تستوقف سيارة أجرة ركبتها و إتجهت بها إلي المشفي فوراً.
وصلت للغرفه الموجود بها والدها و دلفت بلهفه لتجده راقداً علي الفراش لا حول له ولا قوة فإقتربت منه و دمعاتها تسيل دون هوادة و أمسكت بيده تقبلها وهي تقول: مالك يا بابا سلامتك ألف سلامه.
ثم نظرت إلي جارتهم المدعوة هبه وقالت: هو جراله إيه يا طنط هبه؟!
قالت هبه بأسف: والله يا غزل إحنا كنا قاعدين في أمان الله و فجأه سمعنا صوت حاجه بتتهبد علي الأرض، طلعنا نجري لقينا صوت حد بينازع عندكوا في الشقه، أبو إسلام كسر باب الشقه و دخل لقا الحاج إبراهيم واقع في الأرض و جمبه الكرسي كان تقريباً بيحاول يتسند عليه قام خده و وقع..
نظرت غزل إلي والدها بحزن وقالت: أكيد مخدش العلاج بتاعه، أنا السبب.
قللت الأخيرة لتنفجر بالبكاء فقالت هبه: وإتتي ذنبك إيه بس يا بنتي؟
_ذنبي إني سيبته و نزلت إشتغلت، فكرت في نفسي و نسيت إنه مليش غيري يراعيه و ياخد باله منه.
ربتت هبه علي كتفيها تواسيها وقالت: معلش يا حبيبتي وحدي الله و إن شاءلله بابا هيبقا كويس و يقوم بالسلامه.
بدأ إبراهيم بالإفاقه لتهرع إليه و تمسك بيديه تقبلها بأسف و ندم وتقول: أنا آسفه يا بابا إني مكنتش في وقت تعبك، سامحني.
مسح والدها علي شعرها بهدوء وقال: متعيطيش يا حبيبتي إنتي ذنبك إيه بس.
نظرت إليه بلهفه وقالت: إنت كويس؟!
أومأ موافقاً لتقول هبه: طيب يا عم إبراهيم حمدلله على السلامة، شده و تزول إن شاءلله، هستأذن أنا.
إنصرفت هبه لينظر إبراهيم بإتجاه غَزَل ويقول: ربنا يباركلها طنط هبه و جوزها و إسلام إبنهم هما اللي جابوني عالمستشفي و مسابونيش لحظه.
ربتت علي يده وقالت: ربنا يوقفلك ولاد الحلال دايماً و ميحرمنيش منك ابدا يارب.
إبتسم قائلاً: الواد إسلام ده طيب بشكل، و جدع كمان، راجل من ضهر راجل.
تجاهلت حديثه الذي تعلم مبتغاه ليتسائل حانقاً: يعني مبترديش!
_أرد أقول إيه يا بابا؟! منتا عارف ردي.
=لأ مش عارف حاجه، و من الآخر كده أنا بعد اللي حصلي إمبارح ده إستحاله أسيبك تعملي الهبل اللي في دماغك ده.
نظرت إليه بضيق وقالت: مش فاهمه حضرتك تقصد إيه؟!
أضاف بقوة: قصدي إني معنديش إستعداد أموت و أسيبك تلطشي في الدنيا لوحدك، و إذا كنت بوافقك علي اللي في دماغك قبل كده مش هوافق تاني خلاص.
تسائلت بغضب: يعني إيه يا بابا الكلام ده؟!
قال بنبرة لا تقبل النقاش: يعني إسلام كلمني عليكي إمبارح تاني وأنا قررت أوافق خلاص.
نظرت إلي والدها بذهول وقالت: توافق؟! توافق علي أي أساس يا بابا؟!
أشاح والدها جانباً وقال: علي أساس اللي عيشته النهارده ده، أنا كان بيني و بين الموت شعره، مكنتش شايل هم حاجه غير إني هموت و أسيبك لمين؟!
سالت دمعاتها ليردف بضعف قائلاً: مش كل مره تعيطي يا غزل عشان تسكتيني، إفهميني يا بنتي أنا مش عايزك تتحوجي لحد من بعدي...
قاطعته بسيلٍ جارف من الدمعات وقالت: متقولش كده يا بابا ربنا يخليك ليا....
ليقاطعها هو بدوره قائلاً: لو خلاني النهارده مش هيخليني طول العمر يا بنتي إفهمي، أنا مش هعيشلك العمر كله و مش ضامن عمري، عايز لما أموت أبقا مرتاح و مطمن عليكي إنك في حما راجل.
سددت إليه نظرات فارغه ليستأنف حديثه بوهن وقال: أنا عمري ما ضغطت عليكي في حاجه يا غزل و عمري ما جبرتك تعملي حاجه ملكيش هوي ليها، كنت أقوللك بلاش تقوليلي عشان خاطري يا بابا و أسيبك تعملي اللي إنتي عيزاه لكن المرادي أنا اللي بقولك عشان خاطري يا غزل ريحيني و وافقي.
وضعت رأسها بين كفيها لتنخرط في بكاءٍ مرير وقالت: مش هقدر يا بابا، والله العظيم غصب عني مش عارفه.
_يحيـي مات يا غزل.
نظرت إليه بألم ليردف مؤكداً: يحيـي مات و الحي أبقا من الميت، مش هينفع تعيشي طول عمرك راهنه حياتك بيه، ده مراته اللي معاشراه و مخلفه منه عيلين نست و إتجوزت.
آثرت الصمت ليتسائل بأمل قائلاً: هاا قولتي إيه؟!
_اللي تشوفه يا بابا.
نطقتها بحزن و يأس ليتمتم هو فَرِحاً: علي خيرة الله، بكرة بإذن الله هبعتلهم الرد بالموافقه واللي فيه الخير يقدمه ربنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد خروج إبراهيم من المشفي قام بمهاتفة والد إسلام و أخبره بموافقتهم علي طلبه لخطبة غزل فقاموا بتحديد موعد الغد للتعارف و قراءة الفاتحه.
علي مضض و بين بكاءٍ و نواح تجهزت غزل فإرتدت ملابس بسيطه و لم تتزين بل تركت بشرتها صافيه دون أي مساحيق تجميل و عكصت شعرها للأعلي بأنشوطه ثم خرجت لتقوم بمصافحة الجالسين و من ثم جلست إلي جانب والدها ليبادر بالحديث قائلاً: نورتونا يا جماعه.
نطق والد إسلام مبتسماً وقال: ده بنورك يا حج إبراهيم.
_نورتنا يا إسلام يا إبني.
قالها إبراهيم مبتسماً وهو يتحدث إلي إسلام الذي نظر بإتجاه غزل و أفتر ثغره عن إبتسامه مختاله لتطالعه غزل بنظرات فارغه أحبطته فقال: البيت منور بناسه يا عمي.
قال والده: دلوقتي يا أستاذ إبراهيم خير الكلام ما قل و دل و بما إن حضرتك عارف سبب الزيارة دي فـ الأفضل ندخل في الموضوع طوّالي.
أومأ إبراهيم موافقاً وقال: إتفضل يا أستاذ عبدالله.
_دلوقتي إحنا كنا سبق و طلبنا من حضرتم إيد كريمتك الآنسه غزل و الحمد لله جالنا الرد بالقبول، فبما إن الموافقه موجوده الحمد لله يبقا خير البر عاجله.
أومأ إبراهيم مؤيداً ليردف الآخر متابعاً ويقول: النهارده بإذن الله غزل و إسلام يقعدوا مع بعض يتعرفوا على بعض أكتر و بإذن الله الخطوبه تبقا آخر الأسبوع.
تمتم إبراهيم قائلاً: وهو كذلك.. علي خيرة الله.
جلس إسلام و غزل بغرفة الصالون بصمت لم يقطعه أياً منهما ليردف إسلام قائلاً: عامله إيه يا غزل؟
تمتمت بهدوء و قالت: كويسه الحمد لله.
أومأ بإبتسامه صافيه و قال: مفيش حاجه عايزة تسأليني عنها.
نظرت إليه بشرود وقالت: إشمعنا أنا؟!
نظر إليها مستفهماً ببلاهة و تسائل فقال: إشمعنا إنتي إيه مش فاهم؟!
_إشمعنا إتقدمتلي أنا؟!
أجاب بعفوية: عشان متربيين سوا من صغرنا و عارفك و عارف طبيعتك و عارف تربيتك شكلها إيه!
قالت بتهكم: عشان كده بس؟!
أومأ موافقاً و قال: أيوة، بس بتسألي السؤال ده ليه مش فاهم!
هزت رأسها بلا مبالاه و قالت: لأ أبداً، بسأل بس.. كنت عايزة أشوف سبب إصرارك ده إيه؟!
نظر إليها متلعثماً متخطباً لتنتشله هي من حيرته تلك و تقول: خلاص يا إسلام، مش لازم تجاوب.
أومأ علي الفور موافقاً و كأنه تخطي إختباراً صعب للغايه و قال: لو مفيش عندك حاجه عايزة تعرفيها ممكن نخرج نقعد معاهم.
راقتها الفكرة لتنهض علي الفور و تخرج اليهم برفقته و يبلغانهم بالموافقه لينصرف إسلام و أهله علي إتفاق بأن الخطبة يوم الخميس المقبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إستيقظت يُسر من نومها بضيق داخلي يملؤها فتململت بفراشها لتقع عيناها بغتةً علي صورة يحيـي المعلّقه علي جدار الغرفه لتشيح بوجهها جانباً و كإنما تتحاشي النظر إليه فنظرت إلي الجهة الأخري لتصطدم بصورته التي تقبع فوق الصوانة الموجودة إلي جانب الفراش فشعرت بالإختناق و كإنما يلاحقها و يحاصرها لتمسك بصورته و تزچ بها في الجارور ثم تنهدت بريبة و خرجت من غرفتها لتذهب إلي المغسل.
كان سليمان يرقد فوق فراشه بملل و ينتظر إفاقتها حتي يراها ليستمع إلي حركتها بالخارج فتصنع النعاس و خرج من الغرفة مسرعاً قبل أن تعود إلي غرفتها مجدداً فوجدها تخرج من المغسل ليقف مصدوماً و قد إزدرد ريقه بصعوبه وهو يراها تقف أمامه بـ طلّتها الـعاتيه تلك ترتدي قميصاً يكشف اكثر مما يخفي بـكرمٍ شديد و شعرها الشبيه بأوتار العود قد ثار علي ظهرها و كتفيها محدثاً فوضي فاتنه أودت بهِ لينظر لها بإعجاب و إكبار شديدين و هو لا يستطيع أن ينتزع عيناه من عليها.
_إحممم.. صباح الخير يا عمو.
قالتها يُسر بحرج و قد أخفضت بصرها أرضاً ليردف هو قائلاً: يا صباح الجمااااال.
إزدهي داخلها و شعرت بالإنتشاء لإطراءه البسيط ذلك فـ وأدت إبتسامةٍ كانت تتسلل إلي شفتيها و تصنّعت الخجل و قالت: معلش خرجت براحتي بقا مكنتش أعرف إنك صاحي.
تمتم مسرعاً: لأ معلش إيه، إنتي تاخدي راحتك عالآخر، هو أنا معقول يعني هقيد حريتك في بيتك!
ثم أضاف بنبرةٍ واهية: بصي؛ إعتبريني مش موجود.
أومأت بإبتسامة هادئة و قالت: طيب بعد إذنك هغير هدومي و آجي أعمللك فطار.
همّت بالإنصراف ليمسك بيدها سريعاً يستوقفها فقال: لا ملوش لزوم تتعبي نفسك، إرتاحي و أنا اللي هعمل الفطار.
نظرت إليه بتعجب سرعان ما تحوّل إلي سرور فأشارت له بالموافقة و إنصرفت من أمامه بينما كان ينظر هو في أثرها بـِ شغف وقد أوشك صبرهُ علي النفاذ.
ذهب لإعداد طعام الفطار بينما دلفت هي إلي غرفتها و قد بدأت تستعيد يُسر تِلك المتفاخرة المتعاظمه بجمالها الأخّاذ.
جلست هي و سليمان و أطفالها يتناولون طعام الإفطار فنظر سليمان إليها قائلاً بمشاكسة: فطار ولا فطار في فندق خمس نجوم أهو، أي خدمه.
ضحكت عالياً و أردفت قائلة: معاك حق، تسلم إيديك.
تمتم مبتسماً: بألف هنا.
برز صوت الصغير قائلاً: هو إنت بتاكل عندنا ليه يا عمو؟!
نظر إليه سليمان و قال: إيه يا سي زياد مش عايزني أفطر معاكوا ولا إيه؟! أقوم أمشي؟!
أجابه الصغير بإيماءه موافقة و أردف بعدها قائلاً: أيوة عشان إنت قاعد في المكان بتاع بابا.
أصابه الخَرَس و إمتدت يده ليتناول كأساً من المياه تجرّعهُ ليزدرد غصّته و من ثَمّ نهض عن مائدة الطعام و دخل ليبدل ثيابه فإستوقفته يُسر قائلة: متزعلش من زياد، ده عيل صغير مش فاهم حاجه.
إبتسم بلطف قائلاً: و مين قال إني زعلان، أنا بس ردّه فاجئني.
_طب إنت رايح فين دلوقتي؟معقول هتنزل؟!
أومأ أن نعم و قال: هنزل أطلّ علي أبويا و أشوف صافيه عشان متزعلش و هبقا أرجع عالغدا.
أومأت بموافقة ليغادر هو الشقه و ينزل إلي شقة صافية فوجدها تلتزم فراشها و قد تملّك الإكتئاب و اليأس من وجهها ليرسم أسفل عيناها لوحةً سوداء ذات محجرين غائرين و شفاه عابسه إنقشعت عنها البسمة.
تعجّب سليمان من هيئتها الحزينه ليتسائل قائلاً: مالك يا صافيه، إنتي تعبانه ولا إيه؟!
ألقت عليه نظرةٍ قاسية وقالت و الحزن يخيّم علي معالم وجهها: لا مش تعبانه يا سليمان، أعمللك تفطر؟!
قال ببساطه: لا أنا فطرت قبل ما أنزل.
رآها تنظر نحوه نظرات لم يستطع فك شيفرتها ليردف مكملاً: العيال كانوا بيفطروا و فطرت معاهم.
تسائلت مجدداً وهي تعلم مسبقاً بما سيجيبها و قالت: طب تحب أعملك إيه عالغدا؟!
أتاها جوابه كما إنتظرت فقال: لا أنا هتغدي مع العيال النهارده.
إبتسمت بتهكم و قالت: ربنا يخليلك العيال و أم العيال.
تبيّن ضيقها ليردف قائلاً: معلش يا صافيه هو عشان أول يوم بس.
نظرت إليه و بداخلها تعتمل الكثير من الأحاسيس إلا أنه أخمدها جميعاً و أوقظ لهيب الحب عندما إقترب منها مردفاً بحنية لم يفشل يوماً في إتقانها وقال: صافيه يا حبيبتي، إنتي طول عمرك بنت أصول و بتفهمي في الأصول، عايزك تساعديني بس لحد ما أعدي اليومين دول و أصالح أبويا و أكسب رضاه من تاني، أنا نمت فوق إمبارح غصب عني و حاسس إن السرير عليه شوك لإنك مش جمبي، بس إتغصبت علي نفسي عشان مينفعش مكنتش أنام فوق إمبارخ منتي عارفه دماغ أبويا و تحكيم رأيه.
تهاوت إلي صدره تحتضنه بإحتياج شديد و قالت: أنا معرفتش أنام يا سليمان، عنيا مداقتش طعم النوم طول الليل و حاسه إن الفرشه بارده من غيرك، أنا حاسه إني ظلمت نفسي و ظلمتك لما شجعتك علي قرار الجواز ده.
إضطرب و أخذ منه التوتر كل مأخذٍ و أردف قائلاً: معادلوش لزوم الكلام ده يا حبيبتي اللي حصل حصل، بس أنا مش عايزك تقعدي حزينه و مضايقه كده و شايله الهم، كده إنتي بتعجزيني، قومي يلا إفطري و فرفشي نفسك، و أقوللك أنا مفطرتش فوق بـِ نفس، إعمليلنا فطار ملوكي من بتاعك ده و تعالي نفطر يلا عشان أنزل أشوف أبويا.
تهللت أساريرها و أسرعت لتعد له طعام الإفطار و مِن ثَم جلسا يتناولان الطعام سوياً ثم مرّ بشقة والده و من بعدها إلي المتجر الخاص به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتي يوم خطبة غَزَل التي إستقبلته بحزن و بؤس شديد، كانت صافيه تجلس إلي جوارها تحتضنها وهي غارقه في سيْل دموعها الجارف.
_خلاص بقا يا غزل يا حبيبتي، في عروسه تعيط يوم خطوبتها بردو؟
نظرت غَزَل إليها وقالت: مش عيزاه يا عمتو، حاسه إني هيجرالي حاجه لو إتجوزته، حاسه إني كده هبقا بخون يحيـي!
دُهِشت صافيه مما إستمعت إليه فأردفت بحدة تقول: بتخوني يحيـي!! إيه العبط اللي بتقوليه ده يا غزل؟! يحيـي مات يا بنتي الله يرحمه، و حتي لو كان عايش إنتي لا كنتي مراته ولا خطيبته عشان تقولي كده.
و أضافت بإستهجان: ده مراته معملتهاش!!
لم تجيبها غَزل لتتابع عمتها حديثها و تقول: قومي يلا بلاش خيابة، إغسلي وشك كده و غيري و حطي ميكب و حاجات من بتاعة العرايس دي زمان المعازيم علي وصول.
علي مضض، نهضت غَزل و قامت بتبديل ملابسها إلي رداء فضفاض بسيط من اللون الوردي و لم تضيف أي زينه إلي وجهها و خرجت لتجلس وسط الحضور بوجهٍ عابس شاحب اللون.
تقدم منها والدها فنهضت لتصافحه فقام هو بإحتضانها بسعادة وهو يقول: حبيبة قلبي يا غزل أخيراً ربنا إستجاب ليا و شوفتك عروسه زي القمر.
إحتضنت والدها بشده وقد أجهشت بالبكاء ليقول محذراً: لاا بلاش عياط عشان مزعلش منك، هو في عروسه قمر كده تعيط.
ثم ربت علي كتفها قائلاً: ربنا يسعدك يا بنتي و يتم عليكي بخيرر.
ثم إنصرف لتجلس هي مجددًا إلي جوار إسلام و يستكملان حفل الخطوبة حتي إنتهاءه و مغادرة الجميع.
في نهاية حفل الخطوبة تقدم سليمان من غَزل و صافحها مهنئاً إياها و متمنياً لها أياماً سعيدة ثم إنفرد بزوجته و همس إليها قائلاً: يلا عشان الوقت إتأخر.
_لا يا سليمان معلش روّح إنت و أنا هفضل مع غَزَل يومين لإن نفسيتها تعبانه و مش عايزة أسيبها لوحدها.
نظر إليها مستفهماً وقال: يعني مش هترجعي معايا؟
أومأت بالنفي ليصطنع الضيق ثم قال: مش معقول يا صافيه كده، مش كفايه إن إمبارح كنت بايت فوق!
منحته إبتسامه هادئة و قالت: معلش يا حبيبي غصب عني والله، عشان مسيبش غَزَل لوحدها، و كلها يوم ولا اتنين و هاجي بإذن الله.
إقترب ليقبّل جبينها ثم قال: ماشي يا صافيه، طيب محتاجه فلوس ولا حاجه؟!
_لا معايا متحرمش منك.
أومأ موافقاً لينصرف سريعاً ثم قام بالإتصال بـ يُسر التي أجابت علي الفور فقال: أيوة يا يُسر.
_أيوة يا عمو.
=العيال ناموا ولا لسه؟!
_زياد نام أيوة بس نور لسه مغلباني.
=طيب محتاجين حاجه أجيبها لكوا و أنا جاي؟!
تسائلت بتعجب وقالت: إنت هتبات هنا النهارده؟
=أيوة لو مش هيضايقكوا، صافيه هتبات عند أخوها يومين ولا حاجه، قولت بدل ما أنام لوحدي أطلع أبات عندكوا.
_تمام ماشي، تنور.
إبتسم قائلاً: منور بأهله، عايزين حاجه أجيبها وأنا طالع؟
_طالما جاي دلوقتي هات عشا بقا لإني ملحقتش أعمل عشا و الوقت إتأخر.
=حاضر من عينيا، سلام.
إبتاع سليمان طعام العشاء و صعد علي الفور إلي الشقه و من ثم بدأوا يتناولون طعام العشاء سويّاً و من بعدها ذهبت يُسر كي تضع الصغيرة في سريرها و من بعدها خلدت إلي النوم.
أمّا هو فـ خاصم النعاس جفنيه ليسهر ليلته يطوف بالغرفه ذهاباً و إياباً وهو يقوم بتدخين سيجارة تلو الأخرى حتي إستمع إلي وَقْع خطواتـها ليسرع خارج الغرفه فوراً فوجدها تخرج من المغسل و كعادتها ترتدي ملابس نوم قصيرة.
تصنّع اللامبالاه بهيئتها تلك وقال بتعب مزيف: مفيش هنا برشام مسكن؟
أومأت علي الفور قائلة: أيوة في، إنت تعبان مالك؟
ترنّح ليمسك برأسه فأسرعت هي تتمسك بِخصرهِ تمنعه ألّا يسقط فأحاط رقبتها بذراعيها يستند عليها و ألصقها بهِ مما كان السبب في خفقان قلبِها بشدة لتنظر إلي عيناه بترقب بينما كان يدنو منها ببطء ليتبيّن ردة فعلِها فوجدها ساكنةً لا تُحيد ببصرها عنهُ مما دَفَعهُ لإتمام ما نَوَي فِعله.
في الصباح و بينما كان هو شارداً بها يحفر ملامح وجهها ذو الجمال الفتّان بمخيّلتهِ و كإنه يَخشي أن تكون تلك هي المرة الوحيده
أمعن النظر بها ليجد جبينها وقد تصبب عرقاً متناثراً و وجهها يتحرّك بعشوائية و كإنها تطارد شبحاً في منامها مما أثـار تعجبّه ليوقظها علي الفور فإنتفضت هي بشدة و راحت تحملق به دون النّبس بِكلمـة بِضع ثوانـي حتي قال: مالك بتبصيلي كده ليه؟! إنتي قايمة مفزوعه!!
تنهدت مطولاً بضيق ثم تذكرت ما حدث بينهما لتردف بغتةً: أكيد زعلان مني!
تسائل بإيماءه من رأسه و قال: مين اللي زعلان؟! أنا؟!
أومأت بالنفي و قالت: لأ؛ يحيـي!
تجهم وجهه و صاح مستنكراً: يحيـي؟!!
أومأت أن نعم و قالت: يحيـي جالي في المنام و كان بيصرخ و حوالين رقبته حبل، و أنا كنت بحاول أفك الحبل بس مش بيتفك، كإني كنت بلفه حوالين رقبته بالغلط، وهو عمّال يصرخ و يبكي و كان بيتخنق قدامـي!
تأفف بِضيق وقال: طب تفّي علي شمالك 3مرات، و إبقي إتغطي كويس بعد كده!
نطق بها ساخراً لتنظر إليه و تقول: هو ممكن زعلان مننا فعلآ؟!
طالعها بقوة حانقاً و قال بحدة: يُسر، يحيـي الله يرحمه مات و شبع موت، و إحنا لا عملنا حاجه حرام ولا حاجه عيب، و تاني مرة إبقي خدي بالك من كلامك عشان إنتي بقيتي مراتي؛ يعني ميصحش ولا هقبل إنك تتكلمي عن واحد تاني قدامي حتي لو كان أخويا.
إضطربت و شحب وجهها فإقتربت منه و إمتدت يداها لتمسك كفه وقالت بهدوء: إنت زعلت؟! أنا مقصدش حاجه....
قاطعها بغتةً عندما مال بجسده كلياً عليها و قال وهو ينظر لعينيها بثبات: لأ مزعلتش، مقدرش أزعل منك أصلاً بس نبهتك عشان متعيديهاش تاني!
حبست أنفاسها وهي تنظر إليه ولا تستطيع تحديد هوية مشاعرها الآن قبل أن يختلس قبلةٍ من شفتيها جاءت كالـريـح العاتية و عَصِفت بها مما جعلها
تنطق بضياع: عموو....
قاطعها مشاكساً: عمو؟! ده إنتَ اللي عمو.
إبتسمت ليستأنف حديثه قائلاً: قولي سليمان.
نظرت إليه بصمت ليكرر حديثه قائلاً: عشان خاطري نفسي أسمعها منك ولو مرة واحده بس! قولي سليمان.
إصراره لنطقها بإسمه جعلها تشعر بِحجم لهفته عليها و شغفه بها مما زادها غروراً و زهواً فقالت بِغنح هي أهله: سليمـان.
أفتر ثغره عن إبتسامه و حثها بِحماس عينيه علي تكرارها لتقول مجدداً: سليمـان.
مسح وجهه بحركةٍ فوضويه وقال: أيوووووه عالحلاوة يا ناس.
لترتفع ضحكاتها عالياً فقال: بصي إنتي تثبتي علي كده؛ مسمعش عمو دي منك تاني، مفهوم؟
أومأت أن نعم ليقول مرة أخري: و إثبتي مكانك كمان متتحركيش، أنا نازل أستلم البضاعه الجديدة و طالعلك، و متطبخيش أنا هجيب أكل و أنا جاي.
أومأت بموافقة ليستعد هو منصرفاً نحو الأسفل وهو ينزل درجات السلم.متحمساً و صوت صفيره قد إرتقي عالياً ليلتقي بشقيقه و زوجته علي الدَرج فقال أخيه: صباح الخير يا سليمان، ماشاء الله عليك صاحي رايق و فايق.
إبتسم سليمان بهدوء و لم يعقّب فقالت زينب: عروستنا أخبارها إيه يا عمي سليمان؟
زمّ شفتيه مقتضباً و تشدق قائلاً: كويسه.
ثم عاد ينظر لأخيه و قال: إبقا حصّلني عالمحل يا قدّورة، عشان في فواتير هتتراجع و أنا مش فاضي.
أومأ شقيقه موافقاً لينصرف هو مغادراً بينما كانت زينب تنظر في أثره بخبث وقالت: شكله كده مزاجه حلو، مانا عارفه يُسر دي مش سهله.
نعرها زوجها قائلاً: خلينا في حالنا، يلا.
ثم إنصرفا مغادرين ليلتقي عبدالقادر بِوالده الذي تسائل قائلاً: علي فين يا ولاد؟
أجاب عبدالقادر: رايحين نكشف علي يحيي يا حاج، صدره مكتوم و طول الليل عياط.
حمله الجد مربتاً علي ظهره بحنان وهو يقول: سلامتك يا حبيب جدو، سلامتك يا يحيـي.
قالت زينب: الله يسلمك يا عمي الحج و يباركلنا فيك، كان نفسي عمه سليمان يشوفه لإن مشافوش من زمان بس هو نزل مستعجل.
أضافت بكلماتها الأخيرة بمكر لينظر لها "علي" مضيقاً عيناه و يقول: هو سليمان نزل؟! إنتزا شفتوه؟!
نظر عبدالقادر إلي زوجته بعتاب و نظر إلي والده قائلاً: أيوة يابا لسه نازل قدامنا أهو.
قالت زينب: كان نازل بيصفر.....
لتبتلع كلماتها فور أن لكمها عبدالقادر لكمةً قويه بيده و نظر إليها بتحذير.
أومأ الأب بهدوء وقال: طيب يلا إتكلوا إنتوا علي الله روحوا مشواركوا، و إبقوا طمنوني لما ترجعوا.
إنصرفوا علي الفور و عبدالقادر يهمس إلي زوجته قائلاً: إنتي إيه! لسانك زايد حته دايماً كده، لازم يعني تقوليله كان نازل يصفر ولا يزمر؟!
طالعته بحنق وقالت: الله، وأنا كنت أجرمت يعني!
أشار إليها لتمتنع عن الحديث وقال: إتفضلي إركبي خلينا نخلص.
بينما كان "علي" يتمتم مستاءً: من أولها كده يا سليمان نسيت نفسك! ربنا يستر من اللي جاي!!
ليتني مِتُّ قبل هذا
يتبع الفصل التالي: اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية ليتني مت قبل هذا" اضغط على أسم الرواي