رواية ليتني مت قبل هذا الفصل الثامن بقلم نعمة حسن
رواية ليتني مت قبل هذا الفصل الثامن
بعد مرور شهر علي زواج سليمان و يُسر......
دخل سليمان إلي شقة يُسر ليجدها نائمة كعادتها في الآونه الأخيرة فإنتابه الضيق و جلس إلي جانبها يحاول إفاقتها وهو يقول: يُسر، إصحي بقينا المغرب.
تحركت في الفراش بضيق و تجاهلته ليعاود حديثه قائلاً: يا يُسرررر، قومي بقا مش كل ما أدخل ألاقيكي نايمه إنتي إيه اللي جرالك؟!
زفرت بتأفف وقالت: في إيه يا سليمان حرام عليك هو إنت هتنقص حاجه لو سيبتني نايمه!
رفع حاجبيه متعجباً و قال: هنقص حاجه؟! أه هنقص كتير قومي يلا.
نظرت إليه بضيق وقالت: عشان خاطري يا سليمان سيبني نايمه أنا مش قادرة أقوم.
قلّب كفيه متعجباً وقال: طيب قومي هاتيلي أتغدي.
أجابت بإقتضاب: مقدرتش أطبخ، إنزل إتغدي عند صافيه.
نظر إليها مغتاظاً و قال: أتغدي عند صافيه؟! طب و عيالك هياكلوا فين؟! عند صافيه بردو؟!
نهضت عن الفراش بحدة و صاحت بعصبية بالغة وقالت: يووه، هو تحقيق ولا إيه عالصبح؟!
ظل ينظر إليها متعجباً من عصبيتها المفرطه و الغير مبررة بالنسبة له وقال: في إيه يا يُسر مالك؟؛ بقيتي عصبيه و خُلقك قصير كده ليه؟!
تنهدت مطولاً وقالت: مش عارفه أعصابي تعبانه ليه الفترة دي! مبقيتش مستحمله حد ينبش جمبي و عندي إستعداد أفضل نايمه طول اليوم.
ثم إستطردت بخبث تتبيّن ردة فعله: شكلي كده حامل!
تهلل وجهه و إبتسم محيّاه مستبشراً ليمسك بكلتا يديها بين يديه وهو يقول بلهفه: حامل؟! بجد يا يُسر؟!
تعجبت فرحته المفرطه تلك وقالت: إنت فرحان!! أنا فكرتك هتضايق.
ضيّق بين حاجبيه مستغرباً وقال بإستهجان: أتضايق عشانك حامل؟! دنا نِفسي و مُني عيني في اللحظه دي بقالي 20سنه! إنتي مش متخيله أنا فرحان إزاي!
تراقص قلبها فرحاً وقالت بإبتسامه: بجد يا سليمان فرحان؟ طب و صافيه هتقوللها إيه؟! إنت مش كنت قلتلي إنها كانت موافقه عالجواز بشرط إنه يبقا جواز عالورق بس؟!
تلعثم و إرتاب قليلاً قبل أن تتلهج شفتاه بلهجة فرحه ويقول: ولا صافيه ولا معكرة، سيبك من الناس كلها، هي لو بتحبني هتفرح لي.
أومأت بتأييد و أضافت: مظبوط، المفروض تفرح إنك أخيراً هيجيلك الولد اللي معرفتش تجيبه هي بقالها عشرين سنه.
إرتسمت علي وجهه سيماء الفرح و البِشر وقال: ولد! هو ولد؟!
ضحكت عالياً وقالت: أكيد مش عارفه لسه ولد ولا بنت، بس إحساسي بيقوللي إنه ولد.
نظر أمامه بحالمية وقال: إن شاء الله ولد، ولد و هسميه فضل.
نظرت إليه بتعجب وقالت: إشمعنا فضل؟!
أجاب شارداً: فضل من عند ربنا، كتير كنت بدعي ربنا يرزقني بعيل و أسميه فضل و يشاء ربنا بعد 20سنه جواز إنه ييجي.
إبتسمت بـِ حبور شديد فقال: قومي يلا عشان نروح للدكتور، لازم تكشفي عشان لو في علاجات أو حاجه تاخديها.
قالت بفتور: طيب خلينا بكرة.
أومأ نافياً وقال: لاا، هنروح دلوقتي عشان أتطمن و أتأكد.
مع إصراره ذهبا إلي الطبيب سويّاً و الذي أكد خبر حملها لينصرف سليمان من عنده و قلبه يتراقص فرحاً.
إستقلّا السيارة سوياً ليقول سليمان بإبتسامه واسعه: هاا يا حبيبي عايزة تروحي فين ولا نحتفل إزاي بالخبر الجميل ده!
نظرت إليه بغنج وقالت: والله شوف إنت هتفرح أم فضل إزاي.
نظر إليها مبتسماً بفخر و قال: معاكي حق، أم فضل لازم يجيلها كل حاجه حلوة النهارده، و مش النهارده بس، لأ ده كل يوم بإذن الله.
و أخرج هاتفه ليقوم بالإتصال بأحدهم فقال: أيوة يا ريس رفاعي، كنت عايزك تشوفلي أعتي أربع عجول عندك عشان هفدي بيهم إن شاءالله.. تجهزهم حالاً و بالليل يكونوا بايتين عندك عشان ندبحهم بكرة إن شاءالله.
أنهي الإتصال لينظر إلي يُسر ويقول بحماس: ده كان ندر عليا يا يُسر و لازم أوفيه، و بإذن الله لحد ما تولدي بالسلامه هدبح كل شهر عِجل و أعمل وليمه و أطعم الغلابه كلهم.
كانت تستمع إليه بسعادة غامرة و إحساس يملؤها بالتفوق و التميز علي غريمتها مما أشبع لديها الإحساس بالتعاظم و أرضي غرورها.
إنصرف مصطحباً إياها إلي إحدي أكبر متاجر المصوغات الذهبيه و إبتاع لها كوليهاً فخماً سَعِدت بهِ كثيراً ومن ثم عادوا إلي المنزل ليدخل إلي شقة والده فوجده قائماً يصلي كعادته فإنتظر حتي فرغ من صلاته لينحني مقبلاً يده ثم قال بإبتسامه: باركلي يا حج، يُسر حامل.
إهتزت مشاعر والدُه متذكراً نفس ذلك المشهد منذ خمسة أعوام عندما ذهب إليه يحيـي برفقته يُسر و أبلغه بخبر حملها فإنفرجت شفتاه عن إبتسامه فاترة ليقول سليمان: إنت مش فرحان إني هبقا أب أخيراً بعد السنين دي كلها؟
هُنا إبتسم بسمةً حقيقيه صادره من أعماق قلبه وقد إساشعر فرحة إبنه ليردف قائلاً: أكيد فرحان يا سليمان، ألف مبروك يبني، ربنا يقومهالك بالسلامه.
إحتضنه سليمان بسعادة و إنحني بجزعه يقبّل يدي والده مرة أخري وقال: ياارب يابا، ربنا يطولنا في عمرك و يتربي في عزك إن شاء الله.
ربت والده علي كَتِفه وقال: يتربي في عزك و عز أمه يبني.
_هو مين ده اللي يتربي في عزه و عز أمه؟!
برز بها صوت عبدالقادر الذي دلف إلي الغرفه لتوّه ليقول والده مبتسماً: تعالي بارك لأخوك يا قدّورة، مراته حامل.
و أشار برأسه بإتجاه يُسر التي تهادت خطواتها نحوه مختاله فقالت وهي تحتضنه: الله يبارك لنا في عمرك يا بابا الحج و تعيش لما تجوزه و تحضر فرحه إن شاء الله.
في تلك الأثناء كان عبدالقادر يحاول الإفاقه من صدمته بينما هو ينظر إلي سليمان الذي أومأ أن نعم وهو يتيقن ما يدور بـِ خُلد أخيه فهرول نحوه عبدالقادر محتضناً إياه بشدة و تمتم مسروراً: الكلام ده بجد يا سليمان؟! ألف مبروك يا حبيبي، ألف ألف مبروك.
ربت سليمان علي ظهره بسعادة غامرة وقال: الله يبارك فيك يا قدّوره، عقبال عندك إن شاء الله.
نظر عبدالقادر إلي يُسر وقال: ألف مبروك يا يُسر، ربنا يقومك بالسلامه إن شاء الله.
تمتمت بهدوء: الله يبارك فيك يا عمو، عن إذنكوا أنا بقا عشان طالعه أرتاح.
صعدت يُسر إلي شقتها بينما تسائل الأب: هتعمل إيه مع صافيه يا سليمان؟
أجاب سليمان بهدوء علي عكس كم الإنفعالات التي يمر بها وقال: ولا حاجه، أول ما ترجع من عند أخوها هبلغها.
أومأ والده وقال: ربنا يعديها علي خير.
ثم إنصرف عبدالقادر و سليمان كلٌ إلي شقته فدخل عبدالقادر مبتسماً لتقول زينـب: خير يا قدّورة مالك فرحان كده! ما تفرحني معاك.
نظر إليها بسعادة و قال: سليمان أخويا.
هزت رأسها تحثه علي إستئناف حديثه ليقول وهو يهمس إليها كإنما يخبرها سراً: يُسر مراته حامل.
فرغت فاها و إتسعت عيناها بدهشة و تمتمت: يا لهوي!
نظر إليها سليمان حانقاً وقال: جرا إيه يا وليه مالك؟!
_حامل؟! غمغمت بها زينب بصدمه ليومأ مؤكداً فقالت: دي صافيه هتروح فيها!
إرتفعت زاوية فمه بسخريه وقال مستنكراً: ليه إن شاءلله هو كان متجوز عرفي ولا ماشي في الحرام؟! بلا خيبة نسوان.
جادلته فقالت: لا ده ولا ده، بس إنت عارف هي بتحبه إزاي و بتغير عليه قد إيه!
أشاح غير مكترثاً وقال: وهو بيحبها ولو مكانش بيحبها مكانش صبر عليها 20 سنه من غير خلفه، لو واحد تاني كان زمانه إتجوز و بقا معاه عزبة عيال.
آثرت الصمت فقال: وبعدين هي لو بتحبه بصحيح تفرح له إنه هيبقاله ضهر و سند يشيل إسمه و يتسند عليه لما يكبر.
زمت شفتيها بإقتضاب ليقول: عالعموم ملناش دعوه بحد، إعمليلنا لقمه يلا عشان نتعشي و ننام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت صافيه تجلس إلي جانب شقيقها تخبره بقرار غَزل في الإنفصال عن إسلام ليستشيط غضباً ويقول: البت دي هتموتني ناقص عمر والله!
ربتت صافيه علي كتفه وقالت: معلش يا إبراهيم إستهدي بالله، أنا هناديها و إنتوا إقعدوا إتكلموا مع بعض بالهداوة و في الآخر لا يصح إلا الصحيح.
_يا بنتي الله يهديكي، هو كان إيه اللي حصل لده كله يعني ما أي واحد و خطيبته بيتناقروا، هو كل إتنين يتناقروا حبه يسيبوا بعض؟! ده مكانش حد عمّر فيها بقا.
إستهل إبراهيم حديثه بتلك الكلمات وهو يحاول جاهداً ثني غَزَل عن قرارها بأن تنفصل عن إسلام ليتلقي منها الرفض التام حيث قالت: لو سمحت يا بابا أنا وافقت حضرتك و إتخطبت للواد إسلام اللي شبه كرتونة البيض ده، و حاولت بكل قوتي أتأقلم معاه و أخد عليه بس مش عارفه، لا دماغنا واحده ولا ميولنا واحدة ولا حتي عارفين نفهم بعض.
جادلها قائلاً: يبنتي ما هي دي سنة الحياة أومال هتكملوا بعض إزاي!! لازم تكونوا مختلفين و كل واحد يشارك التاني الحاجات اللي بيحبها.
أومأت بالنفي فقالت: لأ يا بابا أنا مش متفقه مع حضرتك في النقطه دي، ده مش عايزني أرجع الشغل!!
صاحت بالأخيرة مستنكرة فقال والدها: آاااه قولي كده بقا، الحكاية حكاية شغل مش حكاية ميول و إهتمامات.
زفرت بضيق وقالت: يا بابا عشان خاطر ربنا إفهمني، مش عشان الشغل و بس، إسلام ده تركيبه مختلفه عني تماماً، ده بالنسبه له القراءه تضييع وقت، و إني أخرج مع صحباتي كلام فارغ و قلة أدب، الـ sitter بيقول عليها خدامه!! دماغه في عالم موازي يستحيل نتفق أنا و هو.
زفر والدها بتعب و ضيق وقال: اللي يريحك إعمليه يا غزل، لو شايفه نفسك مش مرتاحه قوليلي و أنا أتكلم مع باباه و مامته و نفض الخطوبه.
أومأت مسرعة: طبعاً يا بابا مش مرتاحه، و ياريت تتكلم معاهم النهارده قبل بكرة.
إرضاءً لرغبتها قام بالإتصال بوالدي إسلام و إعتذر منهم و أبلغهم بقرار إبنته و قرر أن يرسل لهم كل ما إشتراه إسلام لـِ غزل في يوم غد.
في صباح يومٍ جديد أفاقت صافيه علي إتصال مُلِحّ من زينب لتجيب متعجبه :أيوة يا زينب صباح الخير.قلقتيني بتليفوناتك الكتيرة دي عالصبح،حد تعبان ؟!
تسائلت بالأخيرة وهي تعرف أنه ليس كذلك و أن هناك خبرٌ طارئ لا يحتمل الإنتظار من قِبل زينب ليس إلّا .
_صباح النور يا صفصف،لا محدش تعبان الحمدلله بس كنت بطمن عليكي ،ناويه تطولي عندك أكتر من كده ولا إيه؟!
هزت صافيه رأسها بيأس وقالت وهي تنهض من الفراش متجهه نحو باب الغرفه :لأ هرجع النهارده بإذن الله.
أومأت زينب بموافقه و قالت بمكر :هترجعي لوحدك؟
ضيّقت صافيه بين حاجبيها وقالت :وأنا من إمتا برجع لوحدي ؟! سليمان إمبارح كان قايلي هيجي ياخدني !
تمتمت زينب بنبرة ذات سخرية مبطنه وقالت :ده إمبارح بقا.
توقفت صافيه بمنتصف الغرفه و تحولت نبرتها من اللين إلي الحدة و قالت :إمبارح بقا يعني إيه؟!تقصدي إيه يا زينب ؟!هاتي ما عندك و إخلصي!
_أصل ضُرّتك حامل !
ألقت بها زينب بقوة دفعةً واحده لتتسمر قدما صافيه بالأرض من أسفلها وقد شعرت بأن الأرض تميد بها لتتسائل بصوتٍ مهزوز :بتقولي إيه؟!إزاي؟!مستحيل!
قالت كلمتها الأخيرة بقهرٍ لم و لن يشعر به أحدٌ سواها لتقول زينب غير آبهه :هو إيه اللي مستحيل ،بقوللك حامل ، و البيت مقلوب فوقاني تحتاني من إمبارح و سليمان هايص و مسابش حد غير لما قالله ..........
لم تستمع صافيه إلي بقية حديثها بل أنهت الإتصال علي الفور و بدون وعيٍ منها إرتدت ملابسها و خرجت من الغرفه لتلتقي بأخيها يجلس شارداً قبل أن ينتبه لها فقال مستغرباً : رايحه فين يا صافيه عالصبح؟!
بجمودٍ أجابته :راجعه بيتي .
إزداد تعجبه فقال :راجعه بيتك الساعه 8 الصبح؟ و بعدين مش المفروض جوزك هييجي ياخدك!
أشاحت بوجهها إلي الجانب تخفي عينيها الدامعه عنه حتي لا يتبين كذبها وقالت :منا كلمته إمبارح بالليل و قال إنه مش فاضي النهارده،هرجع أنا بقا هو أنا هتوه يعني!
نظر إليها مطولاً و قال :إنتي متخانقه مع جوزك؟حاسس إن في حاجه مش طبيعيه.
تأففت بنزق وضيق يملؤها وقالت :يووه يا إبراهيم،هو عشان عاوزة أرجع بيتي يبقا في حاجه مش طبيعيه؟!
تبين ضيقها بالإضافه إلي عدم رغبتها بالحديث فهز رأسه متفهماً ثم قال:طيب طيب اللي يريحك .
أومأت بإقتضاب وقالت :هبقا أكلمك أطمن عملتوا إيه و إبقا سلملي علي غزل .
و إنصرفت صافيه عائدة إلي بيتها و قد أخذتها سورةٍ من الغضب و باتت يداها و قدماها ترتجفان من فرط التوتر ،إستقلٌت سيارة أجرة أقلتها إلي المنزل لتدلف فوراً قاصدة شقتها قبل أن يستوقفها "علي"قائلاً:صباح الخير يا صافيه،حمدالله علي السلامه البيت كان مضلم من غيرك.
طالعته صافيه بـِ كرهٍ و حنق فاضا من عيناها و قالت :الله يسلمك.
ثم ذهبت إلي شقتها و منها إلي غرفة النوم لتجد فراشها مرتّب كما تركته هي فإبتسمت ساخرة و قالت :هه،طبعاً السرير زي ما هو بحطة إيدي،هتنام هنا ليه يا سليمان أفندي و إنت ما صدقت إني غورت عشان يخلي لك الجو مع الهانم .
ألقت بحقيبتها إلي سريرها بحدة و بكل ما تملك من قوة ثم فتحت باب شقتها بغضب و صعدت سريعاً إلي شقة يُسر تطرق بابها بقوة و لو إستطاعت لقامت بـِكسره فوق رؤوسهم.
فتح سليمان الباب لتجحظ عيناه عند رؤيتها فرمقته هي بنظرات ساخرة من أعلي رأسه إلي أخمص قدميه ثم دفعته بيدها ليرتد للخلف فدخلت الشقه تجوب ببصرها جميع أنحاءها و هي تبحث عن يُسر .
_حمدالله علي السلامه يا صافيه،جيتي إمتا ؟!
نظرت إليه بحدة و غضب و إقتربت منه لتقف أمامه مباشرةً وقالت :الكلام اللي بيتقال ده صحيح يا سليمان؟
تقوّس حاجبيه بتعجب و قال مستفهماً :كلام إيه مش فاهم!
أجابت وهي ترجوه النفي فقالت :إن يُسر حامل !
إبتلع لعابه بتوتر وقال :عرفتي منين؟!
رفرفت بأهدابها قليلاً وقالت :عرفت منين؟؟! يعني الكلام ده صحيح فعلاً ؟! يُسر حامل منك ؟!
_أيوة يا صافيه حامل منه أومال يعني هكون حامل من مين!و بعدين إنتي جايه و قالبه الدنيا عالصبح عشان تسألي أنا حامل ولا لأ؟!
هنا برز صوت يُسر مستاءة و ألقت بكلماتها بحدة مما جعل صافيه تنتبه علي صوتها فنظرت خلفها حيث مصدر الصوت لتجد يُسر تقف علي باب غرفتها و تستند بإحدي يديها علي حافة الباب و بيدها الأخري تخصّرت ،ترتدي قميصاً حريرياً يكشف اكثر مما يخفي و آثار النوم لا تزال علي وجهها .
إزداد جمود صافيه من هيئتها و ظلت تحملق بها بدهشه بغير تصديق فقالت يُسر :إيه هتفضلي تبحلقي فيا كتير!
تفوّه سليمان حانقاً و صاح عالياً فقال :إدخلي جوه يا يُسر .
نظرت إليه يُسر بغيظ مكتوم ثم دلفت إلي غرفتها و صفقت الباب بشدة .
نظرت صافيه إلي سليمان وقالت :إيه ده يا سليمان؟!أنا مش مصدقه اللي شوفته و اللي سمعته !
حاول إحاطتها بذراعه وهو يقول :تعالي بس يا صافيه ننزل شقتنا وأنا هفهمك كل حاجه .
نزعت يده عنها لتصرخ بقوة و حده وهي تقول : شيل إيدك دي عني ،إنت راجل كداب و ملاوع فضلت تدحلب تدحلب لحد ما عملت اللي إنت عايزه .
إنفرج الباب بقوة لتظهر يُسر وقد بدلت ثيابها إلي أخري مناسبه فخرجت وهي تتحدث بإستنكار شديد وقالت :ما تتكلمي كويس يا صافيه جرا إيه مالك،هو إيه اللي يدحلب و يشقلب هو إحنا كنا ماشيين مع بعض في الحرام وأنا مش عارفه! و بعدين ما كله كان علي عينك يا تاجر من الأول خالص و بموافقتك كمان،جايه دلوقتي تعمليلنا فيها مصدومه !!
كانت صافيه تراقب إنقلابتها تلك بأعين مندهشه وهي تستمع إلي حديثها المغاير لذي قبل وقالت :كله كان بموافقتي!! لعلمك بقا أنا وافقت بس عشان سليمان و أبوه ميتفرقوش بسبب الجوازة دي ، و لولا كده مكنتش أوافق ولا أقبل إن جوزي يتجوز عليا أبدأ.
نظرت يُسر إليها بتهكم فأضافت صافية بحزم :و اللي متعرفيهوش كمان إن أنا كان شرطي عشان الجوازة دي تتم إن الجواز يفضل عالورق و بس و سليمان كان موافق !! مش آجي ألاقيكي حامل و خارجالي بقميص نوم!
نظرت يُسر إلي سليمان بـغيظ و ظلت تهز قدمها بعصبية مفرطه بينما كان هو يتلاشي النظر إليها فقالت صافيه :ساكت ليه يا سليمان؟! ما تقوللها إن ده كان إتفاقنا اللي إنت أخلّيت بيه! ولا أقوللها أنا إنك مكنتش طايق ولا عايز تتجوزها أصلاً لولا أبوك اللي غصب عليك .
تبدّلت ملامح يُسر إلي أخري ممتعضه و مستنكرة بشده فقالت وهي تضع يديها بخصرها :نعم نعم نعم!! هو مين ده يا حبيبتي اللي مكانش طايق و لا عايز يتجوزني ؟! و أنا اللي كنت بجري وراه ولا إيه؟!!
مسح سليمان وجهه بغضب و صاح متشنجاً بعصبيه يقول :ما خلاص بقا إنتي و هيا ،إتفضلي دلوقتي يا صافيه علي شقتك و إنتي يا يُسر خشي أوضتك .
إنفجرت به يُسر غاضبه وقالت :لا مش داخله الا لما ترد علي كلامها ،هو إنت مع كل حد بكلام ولا إيه؟!
نظرت إليها صافيه ساخرة وقالت :و كمان ليكي عين تتبجحي و تعلي صوتك !
إرتفع صوت يُسر أكثر وقد ثار غضبها وقالت :و مليش عين ليه يا حبيبتي هو أنا عامله حاجه أتكسف منها ؟!
ثم إقتربت منها و أردفت بنبرة هادئه :ولا إنتي مش هاين عليكي إني أجيب له العيّل اللي بقالك عشررررين سنه معرفتيش تجيبيه.!
صفـعه!!
هي كل ما تلقّتهُ يُسر من صافيه رداً علي كلامها لتتسع عيناها بشدة وقد جف حلقها من الصدمة بينما هَرع سليمان إليها بلهفه وهو يعنّف صافيه بشدة قائلاً:إنتي إتهبلتي يا صافيه،إيه اللي عملتيه ده!
نظرت إليه صافيه بذهول،لم يكن بمخيّلتها يوماً أن تري بأم عينيها لهفة زوجها علي إمرأة أخرى،و مَن؟! تِلك !!
لم يَسعها سوي أن تنصرف بِصمت و دمعاتها تنساب فوق وجنتيها بقهرٍ .
زمجرت يُسر و ألقت علي سليمان نظرةٍ قاسيه و تحدثت بتشنج و عصبيه بالغة :إنت واقف تتفرج عليها وهي بتضربني؟! والله عال يا سليمان بيه .
نظر إليها محاولاً إرضاءها وقال :معلش يا يُسر منتي كمان غلطانه.
حملقت بهِ بشدة وقالت :غلطانه؟!عشان بقول الحقيقه أبقا غلطانه؟! وبعدين إيه حكاية الإتفاق اللي كان بينكوا ده ؟!و آخرة المتمة أبقا أنا اللي ملهوفه عليك و سيادتك مكنتش طايق تتجوزني!
إجتمع الكل علي صراخها المرتفع ليقول "علي" :في إيه يا يُسر مالك بتزعقي كده ليه؟!في إيه يا سليمان؟!
إنفجرت بهم بغيظ وقالت :في إن مدام صافيه حرم جوزي المصون جت ضربتني في شقتي عشان عرفت إني حامل!
تعجّب الجميع ليردف علي مستفهماً بتعجب وقال :ضربتك؟!إستحالة صافيه تعمل كده!
قالت بتهكم:لا والله عملت كده و قالت اللي أسخم من كده كمان .
أوقفها عن إسترسال حديثها بإشارةٍ من يده ثم قال :إنزلي يا زينب نادي سِلفتك .
علي الفور نزلت زينب و قامت بإستدعاء صافيه فوقفت أمام علي تسدد نحوه نظرات فارغة لم يعلم ماهيّتها فقال :إنتي مديتي إيدك علي سِلفتك يا صافيه؟!
أومأت بنعم دون أن تنطق لينظر لها متعجباً وقال :معقوله؟!وإيه اللي يوصلكوا لكده ! كل ده عشان إيه؟
تفوهت صافيه بهدوء ينافي ما يعتمل بصدرها وقالت وهي تشير برأسها تجاه يُسر: إسألها .
نظر إلي يُسر وقال :إيه اللي حصل يا يُسر؟!
صمت الجميع فـ برز صوتها الجهور تقول : اللي حصل إني كنت نايمه في أمان الله و سمعتها بتتكلم مع سليمان خرجت أشوف في إيه سمعتها بتقوله الكلام ده صح و يسر حامل منك صحيح؟! قولتلها أومال هيكون من مين يعني،و قعدت بقا تبرطم و تقول كلام ملوش لازمه ،و إتفاق و مش إتفاق ،و سيادتها بتقول إنها مكانتش هتوافق علي الجواز لولا إنك كنت مقاطع سليمان عشان يتجوزني.
_ما تكملي الكلام للآخر،و قولي إنتي قولتيلي إيه.
جادلتها صافيه بينما ضيّق الأب عيناه بتعجب لينظر الكل نحوه في حين كان ينظر هو بإتجاه سليمان و بداخله لا يصدق ما وصل إلي مسامعه .
كان سليمان ينظر إلي أبيه نظرات إستغاثة وهو يتمني أن يساعده والده و يُخرجه من ذلك المأزق بينما كانت صافيه تنتظر أملاً أن يؤكد 'علي' حديثها ،أمّا يُسر فكانت تستعد لهجوم عاتٍ علي زوجها حالما ثَبُتَ عكس ما أخبرها به .
نظر إليهم الأب و أردف منهياً ذلك الجدال فقال : الكلام الكتير ده ملوش لزوم ،اللي حصل حصل وخلاص،وإنتي يا صافيه راضي سِلفتك و اللي حصل منك ميتكررش تاني .
نظرت إليه صافيه بتعجب وقالت : يعني بعد ده كله أنا لوحدي اللي غلطانه و لازم أعتذر كمان؟!أنا آسفـه يا عمي بس أنا مش هعتذر لحد .
أفضت ما بـِجعبتها ثم هرولت نحو شقتها يتبعها عبدالقادر و زوجته بينما ظلّ الأب يتطلع نحو إبنهِ بخيبة أمل ليركض سليمان نحوه وهو يقول :لو سمحت يابا إسمعنـ....
قاطعه والده بإشارةٍ من يده وقال : بس يا سليمان،لا أسمع ولا مسمعش ملوش لازمه الكلام ،ربنا يعينك عاللي جاي .
إنصرف "علي" مغادراً لتركض يُسر نحو زوجها وهي تقول:ممكن تفهمني بقا إيه اللي إتقال ده ؟! و مجيبتليش حقي منها ليه؟!
نظر إليها مستاءً وقال :يُسر وحيات أبوكي أنا مش فايق دلوقتي لأي كلام ,بعدين .
تمتمت بغيظٍ يأكلها وقالت :لا بعدين ولا قبلين يا سليمان و حقي أنا عارفه هجيبه كويس إزاي .
ثم غادرت و تركته شارداً يفكر ما الحل بما حدث للتو .
***********************
في اليوم التالي كانت غَزل قد تخلّصت من قيود إسلام و عادت لعملها مجدداً لتتلقي إتصال من رقم مجهول فأجابته مستبشره أن يكون إتصال عمل .
_ألو ؟!
=أيوة يا آنسه غَزل ،أنا باشمهندس أكرم المسيري إبن مدام كاريمان.
_أيوة أيوة إزي حضرتك ؟!
=بخير والحمد لله،الحقيقه كنت بكلمك ومش عارف إذا كنتي هتقبلي تكلميني ولا لأ....
قاطعته قائلة:خير حضرتك؟!هي مدام كاريمان تعبانه ولا حاجه؟!
_لا أبداً هي كويسه الحمدلله،و عايزة تشوفك.
تعجبت غَزل وقالت :عايزة تشوفني؟!
قال مؤكداً:أيوة لقيتها إمبارح بتسأل عايكي و زعلانه إنك مبقيتيش تيجي تشوفيها .
إبتسمت بتعجب وقالت :يبقا أكيد ناسيه اللي حصل و إنها كانت واخده مني موقف.
_بالظبط..ده اللي حاصل فعلاً،فأنا كنت بكلمك تيجي تشوفيها لو مفيش عندك مانع يعني.
=لأ طبعاً مفيش مانع ،ده شئ يسعدني.
_ربنا يخليكي ،شكراً جزيلاً.
=العفو حضرتك،بإذن الله هاجي أشوفها النهاردة.
_تنوري يا فندم ،مع السلامه.
أنهت الإتصال بسعادة وهي تستعد للعودة إلي عملها الذي تحبه كثيراً.
أنهت عملها سريعاً و ذهبت إلي منزل مدام كاريمان التي إستقبلتها بفرحة عارمة وقالت :كده يا وحشه تنسيني ،ده أنا من آخر مرة كنتي فيها هنا وأنا بسأل أكرم عليكي كل يوم.
هزت غَزل رأسها بيأس وإحتضنتها فقالت : معلش متزعليش مني كان بابا تعبان شويه و مكنتش عارفه أنزل و أسيبه.
ربتت كاريمان علي كتفها بحنان وسألتها :و إيه أخباره دلوقتي؟!
هزت غَزل رأسها برضا وقالت: الحمد لله بقا أحسن.
_طب الحمدلله ،يلا بقا إعمليلي فنجال قهوه من بتوعك كده عشان وحشوني.
أشارت غزل إلي عينٍ تلو الأخرى و ذهبت لإعداد القهوة بينما نظرت كاريمان إلي إبنها وأشارت برأسها بإتجاه غزل وقالت:عسل البنت دي،إسم على مسمي،غزل و كلها غزل فعلاً.
ضحك أكرم عالياً و قال: والله يا أمي إنتي مشكله ،يلا هنزل أنا أرجع شغلي طالما صاحبتك جت.
و إنصرف أكرم نحو مقر شركته بينما مكثت غزل مع كاريمان و ظلّتا تتجاذبان أطراف الحديث.
•••••••••••••••••••••••••••••••
عاد يحيـي من عمله بعد يومٍ شاق و طويل ،إغتسل و بدّل ثيابه و تناول الطعام سريعاً ليلقي بجسده المنهك إلي ذلك الفراش المهترئ و جسده يصرخ شوقاً للراحة .
دق مِصعب باب غرفته بشدة و دخل قبل أن يسمح له يحيى بالدخول و جلس إلي جواره مبتسماً بإنساع وقال:عندي ليك خبر بمليون جنيه .
نظر إليه يحيي و هز رأسه مستفهماً ليردف مصعب قائلاً:شغلانه مرتاحه و هتريحنا من القرف اللي إحنا فيه و لم الخرده و الزفت .
قال يحيي ساخراً:إيه هتشتغل سفير ولا إيه ؟
_إتريق براحتك ،أنا عن نفسي راشق لو إنت مصمم تكمل في الخرده إنت حر.
نهض عن الفراش ليمسك به يحيي ويقول:إستني بس رايح فين,كمل كلامك.
جلس مصعب بأريحية وأضاف :وجيه إبن خالتي جايبلنا شغلانه في مخزن قطع غيار ،هننزل حاجات و نرفع حاجات و نسجل الوارد و الصادر بس ،و القبض ضعف ما كنا بنقبض من لم الخرده.
زفر يحيي حانقاً وقال :من هذا إلي ذاك يا قلبي لا تحزن ،أنا فكرتك جايبلي شغلانه في حته علي وش الدنيا تخليني أشوف الناس و يشوفوني يمكن حد يعرفني ولا أفتكر انا مين بدل ما أنا عايش مجهول الهويه كده .
واساه مصعب قائلاً:معلش يا محمد ،كله بأوان واللي عايزه ربنا هيكون.
أومأ يحيى موافقاً وقال :ونعم بالله.
تسائل الآخر فقال:هاا دايس معايا ولا إيه؟!
أومأ يحيى بتأكيد : طبعاً دايس هو انا أعرف حد غيرك.
_تمام ..بكرة إن شاءالله نستلم الشغل الجديد و علي الله التساهيل .
إنصرف مصعب مغادراً ليتدثر يحيي بفراشه وهو يغلق عينيه و يكاد يعتصر رأسه عساه يتذكر أي شئ و لكن دون فائدة فأسبل أجفانه مستسلماً لسلطان النوم