رواية فؤادة الفصل الثامن بقلم ميمي عوالي
رواية فؤادة الفصل الثامن
كان كريم يقف مذهولا وهو لا يصدق أذنيه ، ولكنه سمع ندا تقول مرة أخرى وبنفس الغضب : انت هتجننى ، يعنى ايه ماليش فيه ، ده بعد اللى حصل ده عمرها هيطول بزيادة جوة البيت ده ، يبقى انا بقى كده استفادت ايه لما مشيت وراك وسمعت كلامك
لم يستطع كريم الصمت اكثر من ذلك فاقترب من ندا بسرعة وجذبها بعنف من ذراعها ليسقط الهاتف من يدها متحطما الى اشلاء وسط هلعها من المفاجأة ، لتقول بشهقة عالية : كريم .. فى ايه ، انت اتجننت ، ايه اللى بتعمله ده
كريم بغضب : اللى بعمله ده كان ممكن عارف اللى يعمله لو كان دخل معايا وسمع اللى سمعته ، واللا لو كان جوزك واللا مراة عمك ، ثم نظر اليها بغل وهو يكمل حديثه قائلا : واللا بقى لو جلال بذات نفسه هو اللى سمعك بعد ماعرف كل اللى حصل منك الصبح
ندا ببهوت : وعرف منين ، هى فاقت وحكتله كمان
كريم بغل : اللى كنتى هتتسببى فى موتها النهاردة ورغم ذلك مارضيتش تقول لجلال كلمة واحدة من اللى حصل رغم انه عاتبها ولامها على خروجها من غير اذنه ، لكن هى .. مارضيتش تخليه يشيل منك ولا يحملك ذنب اللى حصللها
ندا بغضب : انت هتجننى ، لما هى ماقالتلوش وطلعت ملاك زى مابتقول ، اومال جلال عرف منين
كريم بشماتة : من حسين
ندا ببهوت : حسين .. حسين هو اللى قال له على اللى حصل ، يعنى كمان مش مكفيه اللى بيعمله ، ورايح كمان يفتن عليا لاخوه
كريم بفضول : وهو حسين بيعمل ايه
ندا بغضب : مش عاوز يعمل ياكريم
كريم باستغراب : انا مش فاهم حاجة ، انتى تقصدى ايه
ندا بملل : مصمم على شغله فى المستشفى الكحيانة اللى بيشتغل فيها دى ، ومش عاوز يشتغل مع اخوه
كريم : وهيشتغل ايه مع جلال ، انتى اتهبلتى ، واحد دكتور ، هيعمل ايه هو فى الارض مش فاهم
ندا : وهو يعنى جلال اللى كان فلاح ، و اهو نزل وفهم وعرف ، وبقى مسيطر ومكوش على كل حاجة لوحده
كريم بصدمة : مكوش … جلال … من امتى جلال حايش عنكم حاجة ، ده يمكن يكون مايحتكمش على اللى اخواته بيحتكموا عليه
ندا بغضب : كفاية ان كل حاجة تحت ايده لوحده ، وهو اللى بيثصرف فى كل حاجة من دماغه من غير حتى مايشور حد ، بيبيع ويشترى ولا اكن الورث ده بتاعه لوحده
كريم : ده لانه هو اللى بيفهم فى الكلام ده
ندا : وليه يبقى هو لوحده اللى بيفهم ، ليه مايبقاش البية جوزى بيفهم زيه ويبقى ايده فى ايده على الاقل يبقى عارف اللى داخل واللى خارج
كريم بفضول : طب ما عارف كمان سايب كل حاجة على اخوه مانصحتيهوش ليه هو كمان بكده
ندا بغضب : هى ناقصة قرف عارف راخر عشان يحشر نفسه فى الليلة ، ده انا بتحايل على الغبى جوزى انه يبقى ايده فى ايد جلال ، وقلت شوية بشوية هيفهم وهيعرف ويمسك هو بقى كل حاجة بعد كده
كريم : يعنى انتى عاوزة حسين يبقى مكان جلال
ندا : وليه لا ، حقه ، وحق ولاده
كريم : وحق عارف وولاده وحق جلال وولاده
ندا : عارف مش حاطط الجواز فى دماغه اصلا ، وجلال هى سلوى وبكرة تكبر واجوزها لادهم ويبقى زيتنا فى دقيقنا
كريم بدهشة : ده انتى مرتبة كل حاجة على مزاجك بقى
ندا : هو ده الصح
كريم : وعشان كده محاجية على سلوى ومسيطرة عليها ، لا والكل مفكر انك بتعوضيها عن امها
ندا بعدم تركيز : الكل كان بيحب امها اكتر منى رغم انى كنت بسمع الكلام زيها بالظبط
كريم : طب عمرك ماركزتى ان هدى كانت بتسمع الكلام حبا فى اللى حواليها ، مش مجرد تنفيذ اوامر
طب وانتى تضمنى يعنى ان جلال مايتجوزش تانى ويجيبله عيلين تلاتة كمان
ندا : جلال مش ممكن يحب غير هدى ، غيرش بس اللى طلعتلى شبهها من تحت الارض دى
كريم بصدمة : يعنى انتى خايفة لا جوازه من فؤادة يتقلب جد عشان الورث مش حكاية انك مش عاوزة مراة اب لسلوى زى مافهمتينى
ندا بتردد : يعنى .. تقدر تقول كده وكده
كريم بغضب وهو يجذبها من ذراعها مرة اخرى : ومين بقى اللى روحتى اتفقتى معاه انك تخرجيهاله عشان يخلص عليها .. انطقى
ندا بدفاع : ماكنتش اعرف انه هيضرب عليها نار ، كنت فاكراه هيخطفها واخلص منها وخلاص
كريم : انتى مش طبيعية ، انتى ازى بقيتى كده ، ايه السواد اللى جواكى ده ، واللا انتى طول عمرك كده وانا اللى مش واخد بالى
ندا بغل : بلا سواد بلا بياض ، انا طول عمرى عايشة وسطيكم زى العروسة الماريونيت اللى بتحركوها بالخيطان ، اتعلمى .. حاضر ، ادخلى الكلية دى .. حاضر ، مش لازم تشتغلى .. حاضر ، اتجوزى ابن عمك .. حاضر ، مافيش مرة واحدة قلت رأيى فى حاجة عاوزاها ولا اخترت حاجة لنفسى
كريم : ومافيش مرة حد غصبك على حاجة ، كنتى دايما بتعملى اللى بيتقاللك عليه من غير حتى ماتتناقشى ولا تعترضى ، يعنى بموافقتك
ندا بغضب : ماحصلش ، عمرى ماوافقت على اى حاجة ولا كنت عاوزة اى حاجة من الكلام ده ، ده حتى لما قالولى اتجوزى ابن عمك ماعرفتش انه حسين غير وانا بلبس الدبلة
كريم بفضول : اومال كنتى فاكراه مين … مانتى عارفة من زمان ان جلال وهدى بيحبوا بعض ، وان عارف من زمان وهو رافض فكرة الجواز زى مابتقولى ، يبقى فاضل مين يعنى ، بالعقل كده ، واللا انتى كان عينك على حد تانى
لتستدير ندا وتعطيه ظهرها وهى تقول : ماحدش بلغنى ولا قاللى ، ماهتمتوش حتى تقولولى على اسمه
كريم : وانتى ماسألتيش
ندا : وحصل اللى حصل ، وقلت هيحبنى ، وهيعوضنى ، لكن للاسف طلع انيل بكتير
كريم : انتى اتخبلتى ، حسين ده الف ست تتمناه
ندا بغضب : الا انا ، انا عمرى ما اتمنيته ، بنى ادم هش وغبى ومالوش اى طموح ومابيفكرش غير فى شوية العيانين بتوعه ، اقول له ورثك وارضك ، يقوللى ما اقدرش اتخلى عن العيانين والمرضى بتوعى ، اقول له طب افتح عيادة خاصة ، يقوللى الطب ده رسالة سامية ، انا دخلت الطب لانى عاوز اخدم الناس الغلابة مش عشان اكسب فلوس ، انا مش محتاج فلوس ، طب وانا .. انا فين من كل ده
كريم : انتى بنى ادمة سودة ومريضة نفسيا
ندا باستهزاء : مريضة نفسيا عشان عاوزة ابقى حاجة ويبقى ليا كيان
كريم : ما انتى ممكن يبقى لك كيان من غير كل السواد اللى ماليكى ده ، من غير طمعك وجشعك ده ، ده انا اللى اسمى اخوكى خفت منك وكشيت ، بقى تتسببى فى اذية بنى آدمة عشان الفلوس
ندا بمكابرة : قلتلك ماقالليش انه هيضربها بالنار
كريم بغضب : وهو الخطف ده مش اذية ، ثم ماهو كان ممكن يخطفها وبعدين يقتلها برضة عادى ، واللا لو قتلها بعيد مش مشكلة طالما بعيدعنك
ندا بتردد : انا ماليش دعوة ، انا عاوزاها تخرج من هنا وخلاص
كريم بشماتة : طب ابشرك بقى انها النهاردة لما ماقالتلوش على اللى حصل منك .. كسبت احترام الكل ، ثم اخذ يعدد على اصابعه وهو يكمل قائلا : جلال وعارف وجوزك وكمان مراة عمك .. ومستنيينها تخرج بالسلامة عشان يبقوا كلهم تحت رجلها .. ها ازى الحال ، ناوية على ايه تانى
ندا بغضب : مش هسمحلها تفضل كتير
كريم بغضب هو الاخر: تبقى هربت منك على الاخر ، افهمى بقى ، لو كان ربنا سترها معاكى المرة دى وانا اللى سمعتك وانتى بتتكلمى فى التليفون ، فالمرة اللى جاية مش هيسترها معاكى ، وساعتها حسين هيطلقك ويرميكى برة البيت
ندا دون ان تشعر : ماهو لو كان جلال اتجوزنى انا كان زمان كل حاجة هنا ملكى انا لوحدى
كريم بصدمة : انتى كانت عينك من جوز اختك واخو جوزك ، انتى بتحبى جلال
ندا بقهر : مش الحب اللى بالك فيه ، ماتخليش مخك يروح لبعيد ، بس ااه كانت عينى منه ، عينى من دماغه ونضجه وطريقة تسييره للامور ، عينى من قوة شخصيته وهيمنته ، عينى من جبروته وقوته ، كان نفسى حسين يبقى كده
كريم بفروغ صبر : طب ماهو كده يامجنونة ، حسين كمان كده بس فى مجاله ، فى الحاجة اللى بيحبها ، فى شغله وسط الناس اللى بيحبهم وبيحبوه ، انتى عمرك ماشفتى حسين وهو فى شغله
ندا : ومش عاوزة اشوفه ، انا فى هدف معين قدامى وهفضل وراه لغاية اما اخليه يعمل كل اللى انا عاوزاه ويحققهولى
كريم بزهق : وهتحققيه ازاى بقى ، ايه هتخدريه
ندا بمكابرة : انا عارفة انا بعمل ايه كويس
كريم بفروغ صبر اخذ ينادى بصوت عالى على والدته مرارا وتكرارا حتى سمع صوتها وهى تجيبه من الاعلى ثم التفت لندا قائلا بتحذير : انا حاولت اعقلك وانتى راكبة دماغك ، بس ما اوعدكيش ياندا انى ممكن ادارى عليكى لو حصل منك حاجة تانية ممكن تأذى فؤادة
ندا بمكر : ايه ، هى عجبتك واللا ايه
لينظر لها كريم وهو يزفر من تحت انفاسه وما ان وصلت اليهم زينب حتى سمع صوت سلوى وهى تصرخ باسمه بفرحة قائلة : خالو كيمو
ليلتقطها كريم بين يديه رافعا اياها لاعلى وهو يداعبها ضاحكا وهو يقول : حبيبة خالو كريم اللى وحشتنى
سلوى بامتعاض : لو كنت وحشتك بجد كنت جيت تزورنا ، بس انت مش جيت ، وكمان اتاخرت النهاردة والملاهى زمانها قفلت
كريم : معلش ياحبيبتى ، بس انتى عارفة ان طنط فؤادة اتعورت جامد ، فانا وصلتهم المستشفى واتأخرت عشان كنت معاهم ، وكمان بابا قاللى نأجل موضوع الملاهى ده شوية على ما الجو يبقى حلو ومافيش مطرة عشان تعرفى تلعبى براحتك
سلوى : طب انا عاوزة اروح لطنط فؤادة ، انا بحبها اوى
ندا بغضب : انتى ماتعرفيهاش عشان تحبيها
سلوى : دى طيبة اوى ياخالتو وبتحبنى
ندا بزهق : انا مش عاوزاكى تتكلمى معاها تانى ، واسمعى الكلام بقى ، دى لو فضلت هنا هتاخد مكان امك
زينب : بالراحة على البنت ياندا ، دى عيلة ، عمرها ماهتفهم الكلام ده
ندا : لازم تفهم وتعرف
تعرف ايه ياندا
كان هذا صوت جلال الواقف على مدخل الباب بصحبة اخوته ، لتلتفت ندا بذعر الى جلال وهى لا تعرف ماذا سمع او عرف بالضبط
ليتقدم منها جلال وهو يعيد سؤاله بهدوء قائلا : ماقلتليش ياندا ، عاوزاها تفهم وتعرف ايه بالظبط وانا اعرفهولها
لتقترب سلوى من ابيها وبعيونها بعض العبرات وتقول بحزن : يا بابا انا بحب طنط فؤادة ، هى طيبة وبتحبنى ، ليه مش عاوزنى اكلمها
ليتقدم عارف من سلوى ويحملها على كتفه واتجه الى الدرج المؤدى الى الاعلى وهو يقول : انا هطلع انام وهاخد سلوى تبات معايا النهاردة طالما ماما هتبات مع فؤادة
وبعد انصراف عارف بصحبة الصغيرة .. اقترب جلال من ندا وقال : اسمعى ياندا ، انا بقالى كام يوم سايبك تعملى وتقولى كل اللى انتى عاوزاه ، ومش عاوز اتدخل ولا اعلق عشان ما ازعلكيش ، ومش عاوز انسى انك اخت الغالية ، بس ده مش معناه ابدا انك تتمادى فى اللى بتعمليه ، اللى حصل الصبح ده اتمنى انه مايتكررش تانى
لتنظر ندا الى حسين الذى كان يقف مكانه وهو يتابع مايحدث دون ان يتدخل بين ندا واخيه ، وعندما نظرت لكريم وجدته ينظر لها بتحدى ، فارجعت بصرها الى جلال وأومأت برأسها فى استكانة
فتقدم جلال من زينب وقبل رأسها وقال بترحيب : اتارى الدنيا منورة ، سامحينى انى ماكنتش موجود عشان ارحب بيكى
زينب بمحبة وهى تربت على يديه : البيت منور باصحابه ياحبيبى
ليتقدم منهم حسين ويرحب هو الاخر بزينب قائلا : وانا كمان مالحقتش اقعد معاكى ، انا بقول خليكى بايتة معانا النهاردة .. ايه رأيك
زينب : ياخبر ، ماينفعش ، عمك مابيحبنيش ابات برة البيت ابدا
كريم بمرح : طب ياللا بينا بقى لا يبلغ القسم انك خرجتى ومارجعتيش
زينب : ابوك ويعملها ، ياللا بينا ، معلش يا اولاد بقى ، تتعوض ان شاء الله ، لما الضيفة بتاعتكم ترجع بالسلامة
وبعد كلمات الوداع وانصراف زينب وكريم ، يصعد جلال الى غرفته تاركا حسين وندا بالاسفل ليقول حسين بجمود : تحبى نتكلم هنا واللا فى حتة تانية
ندا بمكابرة : هنتكلم فى ايه ، اعتقد بعد اللى حصل منك الصبح انك تخجل تتكلم معابا من اصله
ليجلس حسين على اقرب مقعد باريحية واضعا ساق فوق الاخرى وقال : بصى يا ندا ، كل اللى حوالينا بيسألوا نفسهم سؤال مهم جدا
ندا باستخفاف : سؤال ايه ده بقى ان شاء الله اللى محير الكل كده
حسين وهو يدقق النظر اليها : بيسألوا نفسهم ياترى انا ليه ساكت عليكى لحد دلوقتى
ندا : يعنى ايه ساكت عليا ، مش فاهمة
حسين : ساكت على عمايلك وتصرفاتك وردودك اللى بقت زى السم وعدم احترامك لحد
ندا : انا مابعملش اللى انت بتقول عليه ده
حسين : بتعملى انيل من كده ، وانا ساكت ، بس ساكت اكراما لعمى ومراة عمى واخوكى ، ولولادنا ، ولذكرى اختك ، وللى حوالينا
ندا بضيق : وانا فين بقى من كل الاكراميات دى ، ده انت فاضل تعمل خاطر للغفر والشغالين ، طب وانا ، ايه .. لابسة طاقية الاخفا
حسين : انتى طاقية الاخفا ذات نفسها ياندا ، خفيتى كل حاجة حلوة ليكى عندى خلال السنة اللى فاتت دى ، حتى حبى ليكى قرب يختفى هو راخر
ندا بصدمة : حبك ليا ، وهو انت كنت حبيتنى اصلا
حسين : يمكن اكون عمرى ماقلتلك انى بحبك ، ويمكن اكون غلطان انى ماعملتش ده ، لكن كمان انا ماشفتش منك اى حاجة تشجعنى انى اقوللك ده ياندا
انا لما اتجوزتك .. اتجوزت ندا الهادية ، ام صوت هادى ، والبسمة دايما على وشها ، ما اعرفش ايه اللى بدلك ، من بعد موت هدى الله يرحمها حسيتك اتبدلتى ، فى الاول كنت فاكر موت اختك هو السبب ، وفراقها وجعك واثر عليكى ، لكن بعد كده .. اكتشفت انه لا ، مش ده اللى بيحصل ، حسيتك عاوزة تتقمصى شخصية مش بتاعتك ، وانك كنتى هتتقمصيها فى وجود اختك او عدمه
السؤال هنا بقى : هل انتى عملتى حساب بقية الشخصيات معاكى ، واللا قررتى تاخدى البطولة لوحدك واسمك يتحط على الافيش بالبنط العريض وبس
ندا بعند : انا مش فاهمة ولا كلمة من اللى بتقولها ولا عارفة انت عاوز منى ايه بالظبط
حسين بهدوء : صحيح مش فاهمة ياندا
وعندما وجدها صامتة ولاترد عليه قال : طب لو قلتلك انى عاوز ندا مراتى اللى اتجوزتها ترجعلى زى الاول من تانى ، هتقوليلى ايه
ندا بكبر : هقوللك لما تنفذلى اللى طلبته منك
حسين : ولو قلتلك ان ده مش هيحصل
ندا : انا كمان هقوللك مش هيحصل
لينهض حسين من مكانه متجها الى الاعلى وهو يقول بهدوء : يبقى اتفقنا
ندا بحنق : اتفقنا على ايه ، مش فاهمة
حسين دون ان يستدير لها : اتفقنا اننا مانتفقش يابنت عمى
وتركها بمكانها وصعد الى غرفته دون ان يزيد كلمة واحدة ، لتتجه ندا الى الجدار وتنحنى تلمم بقايا هاتفها لتجد انه لن يصلح للاستخدام مرة اخرى ، لتسحب منه الشريحة الرقمية والذاكرة وتأخذهم بيدها وتصعد هى الاخرى الى غرفة ابنائها لكى تنام
………….
كانت حسنة قد صممت على المبيت مع فؤادة بالمشفى بعد ان لاحظت عليها الخوف من البقاء بمفردها ، فأوصى حسين عليهما قبل انصرافه مع اخوته وابلغ امه انه سيعود اليهم مع الفجر
وبالفعل .. كانت فؤادة مابين الصحو والنوم مرتبكة بين احلامها واوجاعها وسمعت طرقة خفيفة على الباب فقالت بهدوء : ادخل
لينفتح الباب ويدخل حسين بابتسامة هادئة وهو يرتدى البالطو الابيض ويعلق على رقبته سماعة الكشف وقال بهدوء : صباح الخير ، صحيتك واللا كنتى صاحية
فابتسمت فؤادة لرؤيته كذلك وقالت : الصراحة كنت بين بين
ليقترب منها ويعاين مؤشراتها الحيوية بمنتهى العملية ثم قال : ها .. قوليلى حاسة بايه دلوقتى
فؤادة : الحقيقة كتفى بيوجعنى النهاردة اكتر من امبارح ، والوجع واصل لدراعى كله .. حتى صوابعى بتوجعنى
حسين : معلش ، ده طبيعى عشان الانسجة بتحاول تلم ، بس اول ماهتاخدى جرعة العلاج والمسكن الجديدة هتحسى بتحسن
فؤادة : هو انا هفضل هنا اد ايه
حسين بابتسامة : انتى ليه محسسانى انك هنا بقالك شهر مثلا ، ده هو من امبارح ، اصبرى معلش ، يومين كمان وان شاء ممكن يسمحولك بالخروج
فؤادة باستغراب : هم مين دول اللى هيسمحولى
حسين : الدكاترة اللى عملولك العملية يا فؤادة
فؤادة : طب ماهو حضرتك ممكن تكتبلى على خروج
حسين بضحك : يابنتى هى طابونة ، لازم الدكاترة الجراحين اللى عملولك العملية يتطمنوا ان الجرح بقى تمام ، لا جرح ايه ، الجرحين
فؤادة : جرحين ليه ، هو انا متعورة فى حتة تانية
ليضحك حسين بشدة قائلا : ااه متعورة فى حتة تانية ، فى كتفك من قدام ومن ورا
كانت حسنة قد استيقظت على صوت ضحكات حسين فقالت بابتسامة : جيت بدرى اوى ياحبيبى ، صباح الخير
ليلتفت حسين اليها وينحنى ويقبل جبهتها وقال : ماجاليش نوم ، قلت اجيلكم ابقى معاكم احسن ، وعارف زمانه هيحصلنى كمان شوية
حسنة وهى تعتدل بفراشها : ييجى بالخير والسلامة ان شالله
فؤادة بخجل : انا مش عارفة اشكركم ازاى ، انتو تعبتوا معايا اوى ، وماحسستونيش انى لوحدى
حسنة : بلاش عبط يابت انتى ،انتى ناسية انك دلوقتى تبقى مراة ابنى واللا ايه
فؤادة بصدق : اللى عمرى ماهنساه بجد انك امى ، ربنا يكرمك زى ما اكرمتينى
حسين ضاحكا : ماشاء الله عليكم ، جوزين عصافير ، انا هضطر اسيبكم بقى ياحلوين واروح اشوف شغلى ، كفاية انى اجزت امبارح
فؤادة بخجل : حقك عليا ، سامحنى .. انا السبب
حسين وهو يتجه الى الخارج : مش هرد عليكى ، ياللا ، لو احتجتم حاجة يا امى ابقى كلمينى
حسنة : حاضر يابنى
وبعد ان خرج حسين نهضت حسنة من مكانها وذهبت لغسيل وجهها والوضوء وبعد ان عادت اقامت فرضها وما ان انتهت حتى وجدت ان فؤادة قد قامت من فراشها وفعلت المثل ولكن وهى جالسة على المقعد وبعد ان فرغت من صلاتها عادت الى فراشها فجلست حسنة بجوار فؤادة وقالت : كنت عاوزة اسالك على حاجة كدة بافؤادة
فؤادة : اؤمرينى يا امى
حسنة : انا عرفت من عارف امبارح سبب خروجك من البيت وقت ماحصل اللى حصل ، هو انتى ليه لما جلال سألك عن سبب خروجك ماقولتيلهوش اللى حصل
فؤادة بحزن : مش كفاية المشاكل اللى سببتهالكم من يوم مادخلت بيتكم ، كمان هعمل مشاكل بينكم وبين بعض
لتبتسم حسنة وتربت على يدها وتقول : طب اسمعينى بقى ، فى كلمتين عاوزاكى تفهميهم كويس
فؤادة : انا تحت امر حضرتك
حسنة : يمكن تكون ظروف جوازك من ابنى خلت حاجات كتير متعلقة ومش واضحة ، ورغم ان جوازكم احتمال مايستمرش اكتر من كام يوم ، لكن انا عاوزاكى خلال الكام يوم دول تتعاملى اكنك مراة ابنى العمر كله
فؤادة بعدم استيعاب : مش فاهمة حضرتك تقصدى ايه
حسنة : اقصد انى عاوزة جلال يتجوز ويعيش حياته ، كام سنة اهو وهو دافن نفسه وشبابه عشان خاطر هدى الله يرحمها ، لكن انا ام وبتمنى اشوفه عايش سعيد ومتهنى ، وعاوزة ندا تعرف ان جلال مسيره يتجوز ، فعاوزاها ترضخ للامر الواقع
فؤادة : ايوة يا امى بس انا مافيش فى ايدى حاجة اعملها
حسنة : لا فى ايدك ، فى ايدك انها لما تحاول تهمشك او تضايقك اعملى نفسك مش واخدة بالك ، ومش عاوزاكى تبعدى عن سلوى فى الوقت اللى هتبقى موجودة فيه معانا ، سلوى بتحبك واتعلقت بيكى ، واللى ندا بتعمله معاها هيطلعها انطوائية ومابتعرفش تتعامل مع حد ، فاهمانى يابنتى
فؤادة بابتسامة : فهمت حضرتك ، وحاضر ، اوعدك انى مش هتخلى عن سلوى طول الوقت اللى انا موجودة فيه معاكم
ليسمعوا طرقا على الباب لتقول حسنة : ادخل
ليطل عليهم عارف برأسه وهو يقول بابتسامة : صباح الخيرات
حسنة وفؤادة : صباح الخير
ليدخل عارف وهو ممسك بسلوى فى يده وما ان دخلت وراءه حتى قالت بتهليل : انا جيت ياتيتا
حسنة بضحك : نورتى ياروح تيتا
لترتمى سلوى باحضان حسنة وتقبلها ، ثم تنظر لفؤادة وتقول بطفولية شديدة : عمو عارف قاللى اسلم عليكى من بعيد عشان التعويرة بتاعتك ماتوجعكيش
لتشيرفؤادة بابتسامة على ذراعها المعلق وتقول : بلاش تسلمى عليا من ناحية دراعى ده وتعاليلى من الناحية التانية عشان ابوسك
لتنظر سلوى لعارف لتعلم مدى موافقته من عدمها ليشير اليها الاخر برأسه بالموافقة ، لتسرع سلوى بالالتفاف حول الفراش لتلتقطها فؤادة تحت جناحها وتقول بحب : وحشتينى يا لولو
سلوى : تعرفى ان ماحدش بيقوللى يا لولو غيرك انتى وبس
فؤادة : و ده حلو واللا وحش
سلوى : حلو طبعا ، انا عاجبنى الاسم ده اوى ، وعشان كده انا جبتلك معايا الوردة دى ، لتخرج من جيب معطفها وردة حمراء قد تساقطت بعض اوراقها نتيجة دسها بجيب المعطف ، وما ان رأتها سلوى على تلك الحالة حتى شهقت قائلة : دى كانت سليمة .. ايه اللى حصللها
ليضحك الجميع بشدة ويدخل جلال بعد ان طرق الباب والقى تحية الصباح ثم نظر الى فؤادة وقال : اخبارك ايه النهاردة
فؤادة بابتسامة وهى تمسك الوردة بيدها : احسن الحمدلله
جلال بابتسامة وهو يحدث سلوى : كده برضة فطستى الوردة فى جيبك
لتمتعض سلوى وتكتف يديها امام صدرها ، فتقول فؤادة بابتسامة : انتى عارفة يالولو ، دى احلى وردة جتلى فى حياتى كلها
سلوى بلهفة : بجد احلى وردة
فؤادة بمرح : والوحيدة كمان
ليضحك عارف بشدة ويقول : ياعينى يابنتى ، خلاص نبقى نجيبلك ورد بعد كده عشان نعوضلك الحرمان ده
جلال : انا عندى ليكى خبر مهم
فؤادة : خير
جلال : قبضوا على الهلالى امبارح وبيحققوا معاه بعد ماضموا اتهامك ليه بالقضايا التانية اللى كنا محضرينهاله
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية فؤادة" اضغط على اسم الرواية