رواية أقدار بلا رحمة البارت التاسع 9 بقلم ميار خالد
رواية اقدار بلا رحمة الفصل التاسع 9
- براااء!!
صرخ يامن وانتفض من مكانه ليفيق من نومه بفزع، كان يعرق بشدة وكأنه كان في سباق للجري، نظر حوله بعدم تركيز و كأنه يبحث عنها بجانبه و كان يتنفس بسرعة لتدخل عاليا والدته على صوته، أردفت:
- في إيه! سمعتك بتصرخ أنت كويس
نظر لها يامن بعدم تركيز و قال بسرعه:
- اه كويس .. بعد أذنك اطلعي و سيبيني
- لا طبعا لازم أطمن عليك
ارتفعت نبرة صوت يامن قليلاً ليقول بحده :
- قولت بعد أذنك اطلعي و سيبيني!!
نظرت له عاليا للحظات ثم خرجت من الغرفة و تركته، ظهرت بعض الدموع في عينيه ووضع وجهه بين كفيه وقال بدموع :
- أنا عارف إني جرحتك .. واستاهل العقاب و أكبر عقاب ليا اللي أنا فيه دلوقتي .. أنا قلبي مش مطمن حاسس أنه فيكي حاجه يا براء حاسس إنك في مشكلة وأنا حتى مش عارف أوصلك
زفر بضيق و لاحظ أن نور الشمس قد اخترق نوافذ غرفته و رن المنبه لينهض من مكانه ويستعد ليومه ..
ليلة أمس خرجت براء من المستشفى ورجعت إلى بيتها بصمت و رفضت أن تقول لفاطمه ما يدور برأسها، و قد طلبت من فاطمه أن توعدها أن ها مهما فعلت سوف تظل تدعمها وقد وعدتها فاطمة بذلك و لكن قلقها قد زاد، و في اليوم التالي أتت الممرضة التي تعمل بإحدى المستشفيات القريبة من بيت براء حتي تغير الضمادات التي تحمي جروح براء بسبب وقوعها على الزجاج، و بعد أن رحلت الممرضة جهزت براء نفسها حتي تخرج من البيت و قد منعتها فاطمة :
- انتِ رايحه فين؟!
- مشوار صغير و راجعه
- الناس على وصول يا براء
- عارفه و مش هتأخر متقلقيش
ثم تخطتها و خرجت من المنزل، و بعد ساعات وصل خالد و أهله و كذلك ماجد، رحب بهم جمال و كذلك فاطمه و جلسوا سويا و أخذهم الحديث حتي وصلت براء الي المنزل و دخلت عليهم، نظرت لها والدة خالد بتساؤل و قالت :
- ايه ده هو انتِ كنتِ برا .. أنا بحسبك بتجهزي نفسك
- لا يا طنط .. كان عندي مشوار مهم كان لازم اعمله
- طب ليه تتعبي نفسك .. لما تخفي خالص أبقي شوفي اللي وراكي
- كان نفسي بس مينفعش .. أنا اسفه لو اتأخرت عليكم
- لا يا حبيبتي مفيش حاجه حمدالله علي السلامة
أبتسمت براء وجاءت لتجلس على إحدى المقاعد و لكن والدة خالد قالت :
- لا تعالي اقعدي جمبي كده .. أنا امبارح مشوفتكيش كويس
أبتسمت براء و ذهبت لتجلس بجانب والدته و تحدثوا سويا و كان ماجد يختلس النظر عليها و كذلك هي، كانت تنظر له بابتسامه خفيه و نظرات غير مفهومه تعجب هو منها، و بعد لحظات دق باب المنزل بقوة ليفزعوا جميعا و قال خالد :
- خير يا عمي .. انتم مستنين حد؟ و حتي لو بيخبط كده ليه
- لا يا ابني!
نهضت براء من مكانها و ذهبت لتفتح الباب و بمجرد أن فتحته انتشر العساكر في جميع أنحاء المنزل، نهض ماجد من مكانه بفزع و قال :
- بوليس!!
خرج يامن من بيته و أتجه الي شركته، جلس في مكتبه للحظات ثم نهض و اتجه الي مكتب كريم لتمنعه السكرتيره الخاصة بمكتب كريم، نظر لها يامن بتساؤل و قال:
- هو إيه اللي ممنوع أنتِ اتجننتي!
- أنا أسفه جداً والله بس دي أوامر مستر كريم
- وأنا ميهمنيش الكلام ده .. وسعي من قدامي!
تحركت السكرتيرة من أمامه بتوتر و دخل هو الي المكتب ليجد كريم جالس علي مكتبه و أمامه المحامي الخاص به و الذي يدعى ياسر، نظر له يامن بتعجب :
- أنت قولت للسكرتيره إني مدخلش! هو في إيه
نهض كريم من مكانه بسرعه و أتجه اليه :
- مفيش حاجه يا يامن .. أنا كنت بناقش ياسر في حاجه مهمه و مكنتش عايز حد يزعجنا
- و هو أنا من أمتي كنت مصدر إزعاج ليك
- مش قصدي يا يامن خلاص متكبرهاش .. أنت كنت عايز حاجه؟
- لا .. كنت جاي اطمن عليك بس مش مشكله شكلك مش فاضي دلوقتي
- هخلص مع ياسر و هعدي عليك
- تمام يا كريم
قال تلك الجملة ثم خرج من المكتب و بداخله إحساس غريب أن كريم يخفي عنه شيئاً ما، كريم صديقه الوحيد و الذي بمثابة أخيه أنه لا يخفي عنه شيئاً إذا ما الأمر تلك المره حتي يخفيه عنه هكذا! و لكنه وعد نفسه أن يعرف هذا السر قريبا!
و بعد أن خرج يامن من الغرفة نظر ياسر الي كريم و قال له :
- أنت ليه مش عايز تقوله الحقيقة .. لو عرف لوحده هتبقي صدمه ليه
- مش دلوقتي
- اومال أمتي
- لما أرتب أفكاري يا ياسر .. مقدرش اقوله فجأه و أنا مش مرتب ايه اللي هيحصل بعد كده
- أنت متخيل رد فعله لما يعرف هيكون إيه أصلاً .. أنا اتصدمت لما عرفت اللي في دماغك
تنهد كريم بضيق و قال :
- ياسر أنا مش هوصيك .. أوعى يامن يعرف حاجه عن التقارير دي .. هتبقي مشكلة كبيرة
- متقلقش .. ربنا يستر
************************
- بوليس!
نظر جميعهم إلى العساكر بقلق و نهضوا من مكانهم و في تلك اللحظة دخل أحد الضباط وجال بنظره في المكان حتى وقع بصره على ماجد فقال :
- أمسكوه!
هجم عليه العساكر ليصرخ هو :
- أبعدوا عني أنا معملتش حاجه
أتجه الضابط الي براء و قال :
- شكراً جداً يا آنسة براء على تعاونك معانا
أتجه إليهم جمال و قال :
- خير حضرتك هو في ايه؟!
نظر له الضابط و قال :
- اللي قدامك ده و اللي بيصرخ أنه معملش حاجه عليه قضيتين اغتصاب! ده غير تجارة البنات اللي هو ماشي فيها .. و بعد ما بيعمل المصيبه بيختفي و محدش بيعرف يوصله .. لكن المره دي حظه وحش اوي
نظر إلي براء و اكمل :
- أنا أعرف آنسه براء من فترة كبيرة و كذلك مراتي .. و بفضلها عرفت إنك هنا و أكيد مش هضيع الفرصة دي! جه الوقت عشان تتعاقب فيه على كل أفعالك
نظر والد خالد و الذي يدعى عبد العزيز الي ماجد بصدمه كبيرة و قال :
- أنت يطلع منك كل ده! معقول توصل للاغتصاب! أنت أيه يا أخي
- الكلام ده كدب أنا راجل ليا مركزي و أكيد البنت دي بتتبلي عليا .. أنا عارف البنت دي من زمان و فاكر أول مرة شوفتها فيها قبل سبع سنين بس أنا مرضيتش افضحها عشانك يا خالد قولت يمكن اتغيرت و تابت لربنا!
كانت براء تنظر له بثبات و لم تحركها كلماته تلك على عكس خالد الذي نظر إليه بدهشة و قال :
- نعم؟! قصدك إيه
- قصدي هفهمهولك كويس يا خالد .. البنت دي مش كويسه و مش محترمه أنا أول مرة شوفتها كانت في بيت مشبوهه و أنا كنت عايز اساعدها و أخرجها من المكان ده عشان صعبت عليا بس هي كان عاجبها الوضع و كانت عايزه تبيع نفسها ليا! لولا أنا رفضت و خرجت من المكان
نظر له خالد بصدمة ثم نظر إلي براء و قال :
- الكلام ده صح؟!
نظرت له براء بعدم اهتمام ثم اتجهت الي ماجد و قالت بصوت مسموع للجميع :
- كنت متاكده إني لو دورت وراك بس هوصل لمصايب .. و ده اللي حصل فعلاً .. متنكر ورا المركز الاجتماعي اللي أنت فيه و ماشي تسرق في حقوق الناس و أولهم البنات عشان ترضي النقص اللي فيك .. احنا فعلاً اتقابلنا قبل سبع سنين .. بس وقتها أنا مكنتش أعرف أن البيت ده مش كويس و لما عرفت و شوفت الحقيقة البشعة اللي كنت هقع فيها بسببك هربت من المكان و ساعتها ربنا وقعني في طريق ماما فاطمه و بابا جمال عشان يساعدوني
و هنا نهضت والدة خالد من مكانها و التي تدعي كريمه و قالت :
- يعني إيه وقعك في طريقهم؟! هو أنتِ مش بنتهم الحقيقية ؟!
نظرت لها براء بثبات و كأنها قد اعتادت على قول هذا الكلام :
- لا مش بنتهم .. أنا متربية في ملجأ
شهقت كريمة بفزع و بعد لحظات أخذوا العساكر ماجد الي قسم الشرطة حتي ينال عقابه، سوف يعاقب عن كل ذنب فعله في حق روح بريئة لم يكن ذنبها سوى أنها فتاه وقعت تحت يد رجل مريض، سوف يرد الله حق كل قلب تشقق من كثرة البكاء من هذا الرجل، هذا هو عدل الله ..
ظلت براء واقفة مكانها حتي أخذ خالد أهله و خرجوا من البيت و قد اوصلهم جمال الي باب البيت، كانت براء تنظر أمامها بدون هدف، تلك العيون البندقية ذو اللون العسلي الفاتح التي كساها القهرة و الحزن، ترقرقت الدموع في عيونها رغماً عنها وسقطت مكانها على الارض فأخذتها فاطمه في أحضانها سريعا، قالت براء :
- أنا ليه بيحصل معايا كده .. ليه مش بفرح ؟! فيا حاجه غلط عن بقية الناس طب ليه قدري مش رحيم معايا كده!
- استغفري ربك يا بنتي بلاش الكلام ده .. صدقيني ربنا هيجبر بخاطرك هي مسألة وقت بس عارفة الاختبار و الحياة كل شوية بتبقي أصعب .. بس بعد كل ده في خير كتير جايلك والله قلبي حاسس
أبتسمت براء بحزن ثم نهضت من مكانها و قالت :
- أنا هروح الاتيلية
- ريحي النهاردة طب أنتِ لسه تعبانه
- محتاجه أروح الشغل النهاردة .. أرجوكي خليني على راحتي
تنهدت فاطمة بضيق و قالت :
- ماشي يا بنتي
أبتسمت براء بفتور ثم خرجت من البيت و اتجهت الي الاتيلية الخاص بها و عندما وصلت لاحظت أن محل خالد كان مغلقا، دخلت الي المكان بهدوء و بدأت عملها و بعد لحظات دلف إليها بعض الزبائن و كان براء ترد عليهم بعدم تركيز و فتور، و بعد فتره كان المكان قد هدأ قليلاً و أحست هي ببعض التعب ففضلت أن تعود الي بيتها مرة أخرى و كان العشاء قد أقترب، قررت أن تسير الي البيت تلك المره رغم طول المسافة إلا أنها كانت بحاجه إلى المشي، ظلت تسير بين شوارع المدينه بدون هدف حتي وصلت الي إحدى الشوارع الهادئة نوعاً ما، كان الجو بارداً لذلك أخرجت شال كبير من حقيبتها و قبل أن تلتف به لاحظت وجود فتاة على إحدى الأرصفة ترتجف من البرد و تحمل أبنها بين يديها و وجهها مدفون في رقبة أبنها الصغير، رق قلب براء بسبب هذا المشهد و ظهرت بعض الدموع في عينيها لتتجه إليها بسرعه و بدون اي تفكير فردت شالها و وضعته على تلك الفتاة ليغطيها بالكامل هي و أبنها و قالت :
- تيار الهواء في الشارع ده صعب .. اقعدي في شارع دافي شوية
قالت براء تلك الجملة و جاءت لتتحرك من مكانها و لكنها توقفت عندما أمسكت تلك الفتاه بيدها! ألتفتت براء لترفع الفتاة وجهها إليها، نظرت لها براء بصدمة كبيرة و اتسعت عيونها بشده و كذلك تلك الفتاة! مرت لحظات و هم على تلك الحالة كانت الصدمة كبيره بالنسبة للاثنان، لتقول براء من بين صدمتها تلك :
- حنين!!
يا ترا ايه اللي في دماغ كريم؟؟
مين حنين ؟؟
توقعاتكم .. آراءكم؟؟
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية اقدار بلا رحمة" اضغط على أسم الرواية