رواية ليتني مت قبل هذا الفصل التاسع بقلم نعمة حسن
رواية ليتني مت قبل هذا الفصل التاسع
فـي منتصف الحي يجتمع الكل أمام منزل عائلة الهنداوي حيث تُذبح الذبائح و تُقام الولائم و تجري التجهيزات علي قدمٍ و ساق .
كان الجميع يتحدث عن تلك المناسبه و من كل الفئات يتوجهون إلى منزل الهنداوي لأخذ نصيبهم من اللحوم التي يقوم سليمان بتوزيعها بسخاء علي الناس وهو يقول :إدعوا لأم فضل تقوم بالسلامه .
كانت صافيه تقف خلف نافذة غرفتها تشاهد ما يحدث بالأمس و عيناها تفيض بالدمع ذُلا و هواناً .
إستمعت إلي طرقات علي باب شقتها ففتحت لتجد زينب تقف أمامها وهي تبتسم لها بهدوء وقالت :مش هتنزلي شويه يا صافيه؟!
نظرت إليها صافيه بتعجب وقالت :أنزل أعمل إيه؟!
_إنزلي أقفي شويه بدل ما يقولوا زعلانه ولا غيرانه .
ضحكت صافيه و أردفت بسخرية:يقولوا اللي يقولوه يا زينب مش فارقه ..أهم حاجة أم فضل .
نظرت زينب إليها بشفقة و مسحت علي ذراعها وقالت :هو إنتوا لسه مبتتكلموش من ساعة اللي حصل؟!
أومأت صافيه بموافقه وقالت :وهو لسه عايز يكلمني ليه ما كفايه عليه أم إبنه،هي الكل في الكل دلوقتي.
_طيب و إنتي إيه اللي مصبرك علي الوضع ده يا صافيه،لما هو طلع خسيس و كداب كده و مبقي يُسر الحربايه دي عليكي لسه باقيه عليه ليه؟!
نظرت إليها صافيه وقالت:هعمل إيه يا زينب؟!هتطلق و أروح فين؟! أنا مبقيتش صغيرة علي قلة القيمه دي.. وبعدين إبراهيم أخويا كفايه عليه شايل هم بنته ،هروح أشيله همي أنا كمان ؟
زفرت زينب بـِ حيرة شديدة وقالت: والله يا صافيه منا عارفه أقوللك إيه .
ثم مسحت علي ذراعها بمواساة وقالت :طيب أنا هنزل شويه وهطلع .
أومأت صافيه بموافقه وقالت:ماشي يا زينب روحي إنتي ولو عايزة تسيبي يحيى معايا هاتيه .
ناولتها الصغير و نزلت إلي الأسفل لتجد نفسها تقف وسط جموع غفيرة من الناس تلتف حول سليمان و يُسر التي تقف في كامل زينتها و كلها زهو و تفاخر .
ذهبت يُسر إلي القصّاب و وقفت علي مقربةٍ منه وتحدثت بإبتسامة قبل أن تتلفت حولها لتتأكد من أحدً لا يراها :بقولك يا معلم متبقاش ترمي "قشرة اللوح" عشان عندي العيال بيحبوا الشوربه بتاعتها .
أومأ الرجل موافقاً و قام بوضعها بـِ كيساً بلاستيكياً و أعطاها لها فأخذتها و قامت بتخبئتها بين أغراضها ثم ذهبت إلي سليمان الذي كان منهمكاً في توزيع اللحوم ليقف منتبهاً لها و إبتسم قائلاً:إيه يا عسليه ما تطلعي إنتي ترتاحي فوق بدل وقفتك دي.
تصنّعت الغضب وقالت :أومال فين صافيه منزلتش ليه؟
قال بعدم إكتراث:هي حرة لو كانت عايزة تنزل كانت نزلت .
جادلته فقالت :حرة إزاي يعني ؟!وهو إنت كنت قولتلها إنزلي وهي منزلتش؟!
نظر إليها بعدم تصديق وقال:وهو إنتي عايزاني أقوللها تنزل؟!
أومأت بموافقه وقالت : طبعاً تقوللها،و تسيب اللي في إيدك ده دلوقتي حالاً و تطلع تراضيها و تجيبها و تيجي.
_أنا مش مصدقك والله،إنتي اللي بتقولي كده!!
=و مقولش كده ليه!!صافيه في الأول و في الآخر في مقام أختي و أنا بعزها و إذا كانت زعلتني فأنا راضيه و مسامحه،وبعدين صعبانه عليا نبقا كلنا متجمعين كده و هي فوق لوحدها.
ربت علي ظهرها بتقدير وقال :معاكي حق يا يُسر،أنا هطلع دلوقتي حالاً أطيّب خاطرها بكلمتين و أجيبها و أنزل.
أومأت قائلة : و أنا هطلع أغير هدومي لإن الهدوم دي إتبهدلت و هنزل تاني .
دخلت يُسر إلي شقة "علي" وقالت بإبتسامة :بعد إذنك يا بابا فين المفاتيح الإحتياطي اللي هنا لإني نسيت مفتاح شقتي جوة .
أشار لها علي ركنٍ خشبيّ صغير معلّق بهِ مفاتيح لجميع الشقق فأخذت بخفة يد مفتاح شقة صافيه بدلاً من مفتاحها وعلي الفور صعدت إلي شقتها لتقف علي حافة السلم من الأعلي تنتظر خروج سليمان و صافيه من شقتهما .
.....في تلك الأثناء.......
دخل سليمان إلي شقة صافيه ليجدها لا زالت تقبع خلف نافذة غرفتها تشاهد ما يحدث بالخارج فإقترب منها مبتسماً و دون أن يتفوّه ببنت شفة إنحني ليمنح جبينها قبلة حانية جعلت عَبراتها تنهمر فوق خديها دون هوادة.
_متزعليش يا صافيه حقك عليا.
قالها وهو يمد يده يزيل آثار دمعاتها لتنظر إليه بقهر يملؤها وقالت :مكنتش أتوقع إني أهون عليك في يوم من الأيام يا سليمان،و مكنتش أتوقع كمان إنك تكدب عليا.
ربت علي ذراعها وقال : أنا كدبت لإني كنت مضطر يا صافيه،عارف إن غيرتك عليا مكانتش هتسمحلك تقبلي بحاجة زي دي عشان كده إضطريت أقوللك كده .
نظرت إليه بإستنكار وقالت :و حملها منك ؟!كنت مضطر بردو؟!
تجهم وجهه وقال :كانت غلطه صدقيني،جت كده معرفش إزاي حصل و هي كانت مرة واحده و الحمل حصل في يومها ومن وقتها وأنا مبقربش منها .
إبتسمت ساخرة وقالت بعدم تصديق:للأسف يا سليمان مبقيتش عارفه أصدقك،اللي عملته خلاك نزلت من نظري أوووي و حتي لو بتقول الحقيقة مش عارفه أصدقك.
ضمها إلي صدره قائلاً:عشان خاطري يا صافيه،سامحيني زي ما طول عمرك قلبك أبيض و بتسامحي ،أنا إنسان و ضعفت بس طول الوقت محتاجلك إنتي .
نظرت إليه بـِضعف تستشف صدقه ليشدد من إحتضانها ويقول :أنا عايزك تنزلي معايا و تشاركيني فرحتي ،أنا مش عارف أفرح وإنتي زعلانه مني .
ثم قال مستعطفاً إياها:أهون عليكي مفرحش يا صافيه وأنا مستني يوم زي ده من زمان.
بدون قصدٍ منه دعس هو علي جُرحها الدامي بشدة فنظرت إليه و إبتسمت بحزن:لا متهونش عليا يا سليمان،و هنزل معاك و أوزع معاك اللحمه علي الغلابه كمان ،و هدعي قبل منهم لأم فضل تقوم بالسلامه.
تهللت أساريره فرحاً و إصطحبها و نزل للأسفل لتسرع بعدها يُسر و تدلف إلي شقة صافيه بِـ خلسة و أخرجت "عظمة الكتف" من الكيس البلاستيكي الذي يحويها و قامت بتخبئتها في حجرة المطبخ بعناية و أسرعت إلي خارج الشقه و منها إلي شقتها فقامت بتبديل ثيابها و نزلت إلي الأسفل مجدداً.
رأت علي مدد بصرها صافيه تقف إلي جانب سليمان و تساعده في توزيع اللحوم فذهبت إليها و صافحتها و إحتضنتها بودٍ زائف وقالت :الشادر كلّه نور يا صافيه.
تعجبت صافيه و لكنها لم تعقّب فإبتسمت بلطف وقالت :منور بيكي يا يُسر،ربنا يقومك بالسلامه.
وقفت يُسر إلي جانبهم وهي ترسم إبتسامه واسعه علي وجهها حتي إنتهاء اليوم فهمست إلي سليمان قائلة:خليك مع صافيه النهارده يا سليمان،ميهمش.
قالت الأخري وهي تتصنّع الحزن ليبتسم سليمان وهو يضرب كفاً بِكف ويقول : عجيبه،في إيه النهارده!ده أنا ربنا راضي عني بقا .
إبتسمت بهدوء وقالت :لا عجيبه ولا حاجه،إنت بقالك كتير مش بتبيت عند صافيه و هي باين إنها زعلانه و بعدين ده عدل ربنا .
و أضافت :وأنا أصلاً تعبانه النهارده و هطلع أنام علي طول .
أومأ موافقاً لتنصرف هي إلي شقتها و إصطحب سليمان صافيه و صعدا إلي شقتهما .
_________________________________
بعد مرور أسبوع وقد إستقر الحال لدى الجميع و بينما كان سليمان يجلس بمتجرهِ الخاص تلقّي إتصال من رقم مجهول ليجيب بهدوء قائلاً:ألو،مين معايا؟!
_مش لازم أقول إسمي يا معلم سليمان إعتبرني فاعل خير،مراتك الأولانيه كانت عندي النهارده و معاها "عضمة كتف" كانت جيباها عشان تعمل عليها سحر إسود لمراتك التانيه ....
قاطعه سليمان مستنكراً وقال :إيه اللي إنت بتقوله ده !؟؟
_اللي سمعته يا معلم سليمان،أنا مشيتها و مرضيتش أساعدها لأني مبشتغلش في السحر الإسود،أنا آخري أفك عمل ،أعمل حجاب،أرجع واحد لبيته،إنما اللي مراتك كانت جايه فيه ده شغل كبير أوي.
تسائل سليمان فقال:كانت عايزاك تعمل إيه؟!
_كانت عايزاني أعمل سحر إسود لمراتك عشان أموت الجنين اللي في بطنها ،بس أنا عرفت إنها مراتك و مهانش عليا أأذيك في ضناك و بكلمك عشان أقوللك إنها مشيت من عندي وهي معاها ''عضمة الكتف '' و ممكن تروح لأي حد تاني و يعمللها اللي هي عيزاه و العضمة دي خطيرة في السحر الإسود و كل ما تنشف السحر يشتد و المسحور بيموت بالبطئ بسببها ،فأنا كلمتك أنبهك تدوّر عليها و تتخلص منها وربنا يكفيك شرها.
أنهي ذلك الرجل المجهول إتصاله و أغلق الهاتف بعدها وقد كادت الدماء أن تنفجر من عينه من شدة الغضب ليذهب مهرولاً إلي البيت و صعد إلي شقة صافيه ليجدها تبدل ملابسها فتسائل بترقب:إنتي كنتي برة ولا إيه؟!
نظرت إليه بتعجب وقالت :أيوة يا سليمان منا قايلالك إني كنت مع غزل بتشتري حاجات.
قال بِشك:كنتي مع غزل بردو؟!
قطبت جبينها بتعجب وقالت :أومال هيكون كنت مع مين يعني؟!!مالك يا سليمان !
صاح متشنجاً و قال و الشرر يتطاير من عيناه:وكمان بتكدبي و عامله فيها بريئة !
ثم راح يجول و يصول في أرجاء الغرفه باحثاً عن شيء ٍ ما مما أثار فضولها فقالت :إنت بتدور علي إيه؟؟و بتزعق ليه كده!
لم يجيبها و إتجه نحو المطبخ يفتّش بين الأغراض حتي أخرج عظمة كتف من بين أغراض المطبخ لينظر لها مصدوماً ويقول :دي أخرتها يا صافيه؟!
نظرت إلي ذاك الشئ بين يديه بتعجب وقالت :إيه اللي في إيدك ده!!
نظر إليها متهكماً وقال :مش عارفه إيه اللي في إيدي دي ؟!
أجابت ببساطة:دي عضمة!!إنت جايبها منين؟!
أردف وهو يتقدم منها بهدوء و يده خلف ظهرة بينما يده الأخري تمسك بتلك العظمة ويقول : أيوة عضمة،و مش أي عضمة دي عضمة كتف ،عارفه بيعملوا بيها إيه عضمة الكتف يا صافيه؟!
نظرت له بإستغراب وقالت :لأ مش عارفه يا سليمان،وبعدين البتاعه دي جايبها منين و أنا علاقتي إيه بالموضوع ده؟!
نظر إليها ساخراً وقال : واحده واحده،مش عارفه بيعملوا بيها أعرفك أنا،العضمه دي بيعملوا بيها سحر إسود بعيد عنك و المسحور مبيتعالجش ،لأ ده بيموت بالبطئ،جايبها منين بقا فأنا جايبها من قلب شقتك أهو زي منتي شايفه و من مطبخك كمان ،تالت حاجه بقا ..إيه علاقتك بالموضوع ده فـ ده اللي عايز أفهمه منك .
و تابع بصوت حاد:ليـه الأذية يا صافيه؟!
إنزوي حاجبيها بإستنكار شديد وقالت :أذية إيه أنا مش فاهمه حاجه،ما تيجي دوغري يا سليمان و تقوللي قصدك إيه.
إرتفع صوته مما جذب إنتباه جميع من بالمنزل وقال:كنتي عايزة تسقطي يُسر ليه يا صافيه ؟!!
جحظت أعين الواقفين جميعاً و كانت أولهم يُسر التي تقدمت منهم ببطء وهي تصطنع الصدمه وتقول :إنت بتقول إيه يا سليمان؟!إستحاله صافيه تعمل كده !
نظر إليها بغضب عاصف وقال :إسكتي إنتي يا يُسر دلوقتي،أنا إتأكدت بنفسي من اللي بقوله ده و الأماره أهي .
قال الأخيرة وهو يرفع يده بتلك العظمه لينظر لها الجميع بإستنكار فقال والده : إيه اللي في إيدك ده يا سليمان؟!دي "قشرة لوح" !!
أومأ سليمان موافقاً وقال :أيوة يابا "قشرة لوح" زوجتي المصون كانت واخداها عشان تعمل عليها عمل لـ يُسر .
إتسعت عينا صافيه وقالت :إيه اللي إنت بتقوله ده يا سليمان؟!إنت واعي للي بتقوله ده؟!
برز صوته الجهور غاضباً بشدة وقال :أيوة واعي و متأكد يا صافيه،أنا إستحاله أظلمك ،الراجل النصاب اللي كنتي رايحاله عشان يعمللك العمل عرفك و هو اللي بلغني عشان يحذرني منك .
سالت دمعاتها بقهرٍ و عدم تصديق و راحت تهز رأسها بالنفي بهيستيريه وهي تتمتم :لأ،مش معقول .
كان الجميع ينظر إليهم بذهول فقال عبدالقادر : إصبر بس يا سليمان أكيد في حاجه غلط ،صافيه عشرة سنين مش يوم ولا إتنين و إحنا عمرنا ما نصدق إنها تعمل كده!
قال سليمان بثقة:الغيرة تعمل أكتر من كده يا قدّورة.
كانت يُسر تقف و قلبها يتراقص فرحاً بينما شعرت غريمتها و كأن الأرض ضاقت عليها بما رَحُبت لتقول بصوتٍ مرتجف:صدقني يا سليمان وحياة ربنا ،وحياة كتاب الله أنا مظلومه ،أنا مليش في السكك دي وإنت عارف .
قال ساخراً:أصدقك؟!أصدقك و أكدب عنيا يا صافيه؟!ده أنا أبقا معتوه لامؤاخذه و باخد علي قفايا .
_و ليه ميكونش حد تاني اللي عمل كده عشان يتهم صافيه؟!
قالتها زينب وهي تنظر بتحدٍ تجاه يُسر التي أشاحت بوجهها بعيداً عنها بسرعة وقد إنتابها التوتر ليقول سليمان بإستفهام ساخر:حد تاني زي مين يعني؟!
رفعت زينب كتفيها وقالت :معرفش حد مين،بس ده شئ وارد يعني .
تجاهلها و نظر مجدداً تجاه صافيه التي تقف ترجوه بعيناها الباكيتين ليقول بصوت حاد : أنا مش هسمح لنفسي أمشي ورا إحتمالات خايبه و أقف أتفرج لحد ما يُسر ولا اللي في بطنها يجرالهم حاجه .
و تابع بغضب:مكنتش متصور إن غيرتك تعميكي بالشكل ده يا صافيه،إنتي غلطتي غلطة لا تغتفر .
و أضاف بنبرة صارمه لا تقبل النقاش:إنتي طالق يا صافيه.
________________________________
كعادتها كل مرة عندما يتحدث إليها والدها عن الزواج أو أن أحدهم قد تقدم لخطبتها تفتعل المشكلات و تنسحب من الحديث بغتةً ،و لكنه اليوم لن يسمح لها أبداً فتلك فرصة من اللواتي لا يأتين في العمر إلا مرة .
_ماهو إسمعي بقا،هتهزري،هتعيطي،هتتشقلبي،هترمي نفسك من البلكونه حتي،هتتجوزيه يعني هتتجوزيه .
ألقي الأب بكلماتهِ الصارمات بغضب صرف لتلك التي كانت تحاول إتباع أساليبها المعتادة في مثل تلك المواقف لتتنهد بحزن وهي تستغيث بـ زمرديتيها ناظرة نحو عمتها أن تساعدها لتقول صافيه بيأس:بتبصيلي ليه؟!بصراحه كده أبوكي معاه المره دي و أنا مش لاقيالي عين أنطق بحرف واحد.
تجهم وجهها عندما رأت إتحاد عمتها مع والدها لتقول :إنتي اللي بتقولي كده يا عمتو، منتي عارفه اللي فيها.
نفذ صبر والدها و نهض واقفاً بغضب وقد صدح صوته غاضباً يقول:إيه اللي فيها يا غزل؟!خدي بالك أنا سكتتلك كتير بس المرة دي خلاص مبقاش عندي طاقه ولا عندي إستعداد أستحمل،الأوهام اللي إنتي عايشه عليها دي هتوديكي في داهيه .
نظرت إليه بضيق ليردف وهو يستنفذ آخر جرعات تحملها وقال :مش هتبقي أوفي من مراته اللي كانت معاشراه خمس سنين و جايبه منه عيلين،أديكي شيفاها أهو عايشه حياتها ولا كإن كان في حد إسمه يحيي موجود أصلاً.
نظرت إليه بحزن يتغمدها ليردف مضيفاً :رفضتي عريس و إتنين و تلاته و أربعه و كنت بقول ياد سيبها مسيرها تعقل و تنسي و تعيش حياتها هي كمان ،لكن توصل بيكي الدرجه أنك عايزة تعيشي علي ذكري واحد ميت لا كان خطيبك ولا جوزك ولا كان شايلك من أرضك أصلاً ده يبقا غباء و سذاجه وأنا مش هسمح بكده أبدأ.
إنخرطت في بكاء مرير ليتجاهلها ويقول بقوة و حزم:أنا هتصل بالباشمهندس أكرم دلوقتي حالاً و أبلغه إن الخطوبه يوم الجمعه و لو سمعت منك كلمه زيادة في الموضوع ده لا إنتي بنتي ولا أعرفك.
إهتز قلبها بين أضلعها و تجمدت الدماء في عروقها من فرط الحزن لتنهض صافيه و تجلس إلي جوارها محتضنه إياها بحب و يدها تمسح على ذراعها بحنية وتقول :متعيطيش يا غزل،متعيطيش يا حبيبتي كله مكتوب ،و اللي مكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين حتي لو إيه.
_مش هقدر يا عمتي،أنا المرة اللي فاتت وافقت علي إسلام عشان ارضي بابا ،بس كنت عارفه إني هعرف أخلص منه لإنه كله عيوب..بس أكرم هخلص منه إزاي ؟!مش هقدر أتجوزه يا عمتو ولا هقدر أكون لراجل غير يحيي .
سالت دمعات صافيه حزناً و قلة حيله وقالت : يحيى الله يرحمه يا غزل ميرضيهوش أبداً تتعذبي بسببه كده ولا يرضيه شبابك يضيع عشانه،ده ميت يا حبيبتي و الحي أبقي من الميت و مسيرك تنسي .
أومأت نافيه وقالت : عمري ما هقدر أنسي يحيي يا عمتي،يحيي بيجري في دمي من وأنا عيله صغيره مفهمش حاجه،لو نسيته أبقي كإني بمحي حياتي كلها بأستيكه.
ربتت صافيه علي وجنتها بحنان وقالت :هتنسي يا غزل ،سبحان من بينسي و بيصبر يا بنتي و لولا النسيان كان زماننا إتجننا أو متنا بحسرتنا،هتنسي و هتعيشي و هتفرحي و هتحبي أكرم كمان.
_إستحاااله.
=بيتهيألك ،لما تلاقيه بيحبك أكتر من ضي عينه غصب عنك هتحبيه ،و حتي لو معرفتيش تحبيه هتعيشي مرتاحه،الحب مش كل حاجه يا غزل ،يعني اللي حبوا خدوا إيه!!
قالت الأخيرة بسخرية من حالها و أضافت :قومي يا حبيبتي إغسلي وشك و إتوضي و صلي ركعتين لله و إدعي ربنا يريح قلبك و يقدملك اللي فيه الخير .
أذعنت غَزل لأوامرها و نهضت لتتوضأ و وقفت تناجي ربها أن يضع الخير بطريقها حيثما كان و من ثم ألقت بجسدها المنهك إلي الفراش و سبحت في نومٍ عميق .
_________________________
بعد مرور خمسة أشهر و حيث كانت التحضيرات لزفاف غزل و أكرم علي قدمٍ و ساق .
كان أكرم منشغل في تجهيز و إتمام ما ينقصه من أغراض للمنزل أو أغراضه الشخصية بينما كانت غزل منهمكه في شراء ما يخُص ليلة الزفاف من الفُستان و توابعه و بصحبتها صافيه التي كانت ترافقها في كل خطواتها .
إرتفع رنين هاتفها لتجيب بنبرة هادئة :أيوة يا أكرم؟
قال مبتسماً:أيوة يا حبيبتي،خلصتي ولا لسه؟!
_لسه بنلف أنا و عمتو أهو ،مش لاقيه مقاسي في الشوزات خالص،محسسيني إني عمله نادرة .
ضحك قائلاً:منا قولتلك إرتاحي إنتي و إختاري اللي إنتي عيزاه و أنا هجيبهولك لو من برة مصر حتي بس إنتي رفضتي .
_لاا و أنا أبقي عروسه إزاي لو ملفيتش و إتمرمطت في المحلات ،دي طقوس متفهمهاش إنت .
أومأ قائلاً:ماشي يا ستي اللي يريحك،أهم حاجه متنسيش بروڤا الفستان النهارده،أول ما تروحي تتصلي عليا عشان آجي أخدك .
_تمام ماشي،يلا سلام دلوقتي.
أنهت الإتصال لتعود و تكمل مسيرتها في رحلة البحث عن حذاء سندريلا المفقود و بينما هي تسير بين المتاحر الخاصه بالأحذية تسمرت بمكانها و كادت أن تسقط أرضاً من هول الصدمة.
_يحيـي؟!!
تمتمت بها و ضربات قلبها تتسارع محدثةً فوضي عارمه و أسرعت تهرول بإتجاه ذلك الرجل الثلاثيني الذي رأته لتجده وقد إختفي من أمامها و كأنه لم يكن.
عادت تجر أذيال الخيبه فقالت عمتها متسائلة :مالك يا غَزل كنتي بتجري ليه كده؟!
قالت غزل و دمعاتها تتساقط : شوفته يا عمتو،شوفت يحيي.
نظرت إليها عمتها بتعجب وقالت :يحيـي؟!!
أومأت غزل بتأكيد وقالت :أيوة يحيـي،كان ماشي قدامنا هناك كده و أول ما وصلت لمكانه ٱختفي.
زمّت عمتها شفتيها بأسف و شفقه و مسحت علي ذراعها بلين وقالت :أكيد بيتهيألك يا حبيبتي،يلا بينا .
إنصرفت غزل وعيناها لا تحيد عن ذلك المتجر الذي رأته بجانبه حتي إبتعدا عن ذلك المكان و أكملت شراء أغراضها و عادت إلي المنزل بعدها .
......في تلك الأثناء.......
كان يحيـي يقف حانقاً وهو يخلل شعره الفحمي بأصابعه مغتاظاً ويقول :أنا متأكد إني كنت باجي هنا دايماً ،عندي إحساس قوي إني كنت باجي هنا كتير و ممكن يومياً كمان ،بس مش قادر أفتكر حاجه ،مش قاادر .
قال الأخيره وهو يضرب جبهته بقبضة يده بقوة ليقول مصعب :معلش يا محمد إن شاءالله خير و طالما بدأت تفتكر أماكن و شوارع يبقا في أمل إن شاءالله،أهم حاجه تمشي على العلاج و متحاولش تعصر في دماغك عشان تفتكر ،زي ما الدكتور لسه قايللك .
قال متشائماً:و تفتكر يعني كلام الدكتور بتاعك ده هيفيد بحاجة !! معتقدش.
قال مصعب حانقاً :يا عم تفائل و خلي عندك امل بالله،المفروض أصلاً كنا روحنا للدكتور من ست شهور فاتوا بس الله يسامحك بقا كنت مصمم و راكب دماغك .
وقف يحيـي أمام متجر خاص ببيع زينة و فوانيس رمضان ليشرد طويلاً بشئ ٍ ما فقال مصعب وهو ينتزعه من شروده: في إيه؟!روحت فين كده !
لم يجيبه بل دلف إلي المتجر و قام بشراء ذلك الفانوس تحت نظرات مصعب المتعجبه فقال :إنت جايب الفانوس ده لمين؟! إوعي تكون جايبه لأمي.
قال الأخيرة ممازحاً لينتزع إبتسامةٍ مقتضبه من شفتيه وقال :مش عارف ساعة ما شوفت الفانوس حسيت إني حنيت كده !!زي ما أكون شفته قبل كده .
و زفر بيأس قائلاً:ياا عالم بقا يمكن يساعدني أفتكر حاجه.
ربت مصعب علي ظهره بشفقة وقال :كل سنه وإنت طيب يا محمد،رمضان باقي عليه أقل من شهر .
أومأ يحيى موافقاً وقال :بقالي سنه عايش معاكوا أهو،سنه متغرب عن أهلي و عيلتي اللي معرفهاش ولا أعرف إذا كانت موجوده ولا لأ .
قال مصعب مواسياً:كله نصيب يا صاحبي،و إن شاءالله ذاكرتك ترجعلك في أقرب وقت و ترجع لأهلك بالسلامه.
إنصرف بعدها يحيي و مصعب عائدين نحو بيتهما و يحيي يشعر بأنه قد ترك قطعةً من فؤاده .
____________________________
كانت يُسر تفيق للتو من نومها قبل أن تري إنعكاس صورة سليمان في المرآة من أمامها فإعتدلت بمجلسها وقالت بتعجب:رايح فين متأخر كده يا سليمان؟!
نظر إليها ليتقدم منها وهو يعدّل ربطة عنقه ويقول :رايح فرح غَزل .
إرتفع حاجبها بنزق وقالت :فرح غزل؟!و إنت عرفت منين إنه النهارده!!
قال وهو ينثر بعضٍ من زخات العطر فوق يده :عرفت من الفيس.
أومأت و قالت بتهكم :آاااه ،وهو لازم تحضر الفرح يعني؟!
أومأ مؤكداً وقال وهو يجلس إلي جانبها علي الفراش :آه يا حبيبي لازم،غزل دي مهما حصل هتفضل غاليه عندي .
نظرت إليه بضيق ليضحك هو قائلاً:إيه يا سوسو إنتي غيرانه ولا إيه ؟!ده أنا لو خلفت من يوم ما إتجوزت كنت خلفت قدها .
و أضاف وهو يعدّل هندامه للمرة الأخيرة وقال : وبعدين غزل دي متربيه في البيت ده و من صغرها و إحنا كلنا بنحبها وهي كمان بتحبنا.
لوت فمها بسخرية وقالت :آااه إنت هتقوللي!
قطب حاجبيه وقال مستفهماً :تقصدي إيه ؟!
هزت رأسها بنفي وقالت :لا مقصدش حاجه،طيب و صافيه؟
نظر إليها و هز رأسه لتقول :أقصد يعني أكيد هتشوفها هناك ،هتتصرف إزاي؟!
زمّ شفتيه بعدم إكتراث وقال :ولا أي حاجة،كأني مش شايفها.
هزت رأسها بهدوء فنهض قائماً وإنحني مرة أخري ليتلمس بطنها المنتفخ ويقول :فضل مش نفسه في حاجه أجيبها وأنا جاي؟!
عادت برأسها للخلف تتمدد بجسدها علي الفراش وهي تمسح بحركات دائريه علي بطنها المتكور وقالت بإبتسامه ناعمه: والله إنت و ذوقك يا بابا بقا ،شوف عايز تجيب إيه لـ فضل و مامت فضل .
إبتسم إبتسامةً واسعه وأشار إلي عينٍ تلو الأخرى وقال :من عنيا الاتنين ،يلا سلام عليكم.
خرج من شقتهِ ليتجه في طريقه علي الفور نحو القاعه المقام بها حفل الزفاف .
•••••••••••••
كانت غَٕزل تتأبط ذراع والدها الذي دخل بها إلي القاعه ليقوم بتسليمها إلي زوجها ،إرتدت فستاناً هادئاً بسيطاً للغايه فكانت بساطته و رقته لا تتنافي مع جماله و فخامته و ٱختارت زينتها من الألوان الهادئة للغايه فـَ بدت كـ ملكة جمال أخذت عقول الكل بسحرها و رقة طلتها.
قام والدها بإحتضانها بشدة وقد سالت دمعاته فرحاً و سروراً لرؤية قطعةً من فؤاده عروس ثم قام بتسليمها إلي أكرم الذي كان يقف مختالاً فرحاً بشده و سيماء الغبطة و السرور ترتسم علي وجهه .
أمسك أكرم بِـ يدها لينحني طابعاً قبله ناعمه علي ظهر كفها و يضع يدها علي ساعده الذي يسنده إلي أسفل صدره وهو يتطلّع نحوها بحبورٍ و سرور شديد.
دلف سليمان إلي القاعه مرتاباً وهو يتفحص الأجواء من حوله حتي وقعت عيناه علي صافيه التي فور ما إن رأته حتي أشاحت بوجهها بعيداً بعد أن رمقته بغضبٍ و كره.
تجاهل نظراتها الساخطه و تقدم من أخيها الذي فوجئ بوجوده يقول:ألف مبروك يا إبراهيم...
قاطعه إبراهيم قائلاً:جااي ليه يا سليمان؟!
لم يكن سليمان يتوقع هجومه ذلك فقال :جاي أبارك لـ غزل يا إبراهيم..مهما كان اللي حصل بيننا بس غزل بنتي..
قاطعه إبراهيم مرة أخرى قائلاً بحدة:غزل بنتي أنا يا إبراهيم و صافيه كمان بنتي ،بأي عين جاي تبارك لواحده من بناتي وإنت دابح التانيه بسكينه تلمه !!
نظر إليه سليمان مذهولاً ليستطرد حديثه قائلاً: لا تبارك ولا تهني،علي رأي المثل ،يا نحله لا تقرصيني ولا عايز منك عسل.
ثم أشاح بوجهه للجانب وقال :شرفت يا سليمان.
إتسعت عينا سليمان بصدمه لينصرف كما أتي بهدوء و عاد إلي منزله.
إنتهي حفل الزفاف الذي كان رائعًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى لتبدأ غزل في فرك أصابعها بتوتر وهي تنظر بإتجاه صافيه التي إحتضنتها بعطفٍ و حب كبير وقالت :إهدي يا حبيبتي و متقلقيش نفسك.
نظرت إليها غزل بأعين لامعه وقالت :تعالي معايا يا عمتو والنبي.
إرتفعت ضحكات صافيه وقالت :آجي معاكي إزاي بس يا حبيبتي،أنا و بابا هنيجي نوصلك و نمشي فوراً إنما مش هندخل معاكوا.
و بالفعل ذهب كلاً من والدها و عمتها برفقتها حتي وصولهم إلي منزلهم برفقة كاريمان و إنصرفوا مغادرين بعد أن أوصاه والدها بحسن معاملتها و اللين معها.
دلفت غَزل إلي غرفتهم وهي ترتجف خيفةً و توتر ليستوقفها قائلاً:إستني يا غزل عايزين نتكلم شوية قبل أي حاجة.
هدأت قليلاً و أومأت موافقة بسرعه ليجلس علي الفراش و أمسك يدها ليجلسها إلي جواره وقال : أنا عارف إنك متاخده مني و خايفه و إنك ملحقتيش تتعودي عليا،و مقدر إن كل حاجه جت بسرعه و ملحقتيش تستوعبي وجودي في حياتك حتي ،و بالتالي ملحقتيش تحبيني ولا تحوشي في قلبك اي مشاعر من نحيتي ،بس واثق إنك هتحبيني مع الوقت زي منا بحبك و أكتر كمان .
إبتسمت بهدوء لتفهّمه و هدوءه فأضاف قائلاً:اللي أنا عايز أوصلهولك إني بحبك جداً يا غزل،يمكن من أول مرة شوفتك فيها وأنا حبيتك بس مكنتش متأكد من مشاعري دي ،و لما أمي قالت إنها مش عيزاكي أنا كنت في أشد ضيقي و حزني إني مش هشوفك تاني ،بس مكانش في إيديا حاجه أعملها و بالذات إني مقدرش أجبر أمي علي حاجه و خصوصاً لو واحده هتقعد معاها فترة طويله زي دي فـ سلمت أمري لله لحد ما لقيتها هي بتسأل عليكي تاني و عايزاكي تيجي تشوفيها وقتها فرحت وعرفت إن ربنا عطاني فرصه تانيه ولازم أستغلها عشان كده طلبت إيدك من عمي إبراهيم فوراً و الحمدلله إتجوزتك أهو.
إبتسمت هي لإبتسامته لتجده وقد شرد بها مطولاً فعادت لتفرك يديها بتوتر مرة أخري و خاصةً عندما رأته يدنو منها وهو علي وشك تقبيلها لتنهض عن الفراش بغتةً وقالت:إيه رايك نغير هدومنا كده و نتعشى لإني بصراحه ميته جوع.
ضحك ببشاشه وهو يشاهد إرتباكها ليومأ موافقاً ويقول:معاكي حق،يلا غيري هدومك إنتي وأنا هخرج أطمن علي أمي و أرجعلك تاني.
خرج من الغرفه لتطلق هي تنهيدةً حارة طردت معها كل الإنفعالات الموجوده بصدرها ثم خلعت فستانها و من بعدها إغتسلت و فعل هو المثل ثم وقف يصلي بها و من بعدها جلسا يتناولا العشاء سوياً فبادرت هي بالحديث قائلة :ماما كاريمان نامت؟!
أومأ بإيجاب وقال :أيوة دخلت لقيتها نايمه،هي عادتها مبتحبش السهر و بتقدّس الإنتظام في ميعاد النوم .
إبتسمت وقالت :و اليوم كان طويل عليها النهارده .
هز رأسه بتأكيد وقال: فعلاً،الحمدلله أنا شبعت .
أومأت بإقتضاب وقالت:وأنا كمان الحمد لله شبعت،ثواني هغسل إيديا و آجي .
دلفت إلي الغرفه مجدداً و صعدت إلي فراشها بقلق ثم نظرت إليه بحرج بالغ لينظر إليها مستفهماً وقال :مالك وشك بقا أحمر كده ليه،لو قلقانه إحنا ممكن ننام النهارده و ترتاحي .
أجابته وقد إصطبغت وجنتيها بحمرة الخجل وقالت :لأ ماهو،أصل يعني .....
حثها علي إسترسال حديثها بإشارةٍ من رأسه لتردف بغتةً وهي تغمض عينيها تعتصرهما بشدة بخجل :ماهو مش هينفع اليومين دول خالص!!
إرتفعت ضحكاته بشدة لتفتح كلتا عينيها و نظرت إليه ببراءه فإمتدت يده تمسح على رأسها بحنوٍ بالغ وقال :أنا مش فارق معايا أي حاجة غير إنك جمبي دلوقتي،دي نعمه كبيره تستاهل أفضل أشكر ربنا عليها طول العمر .
إضطرب قلبها من حديثه الهادئ لتبتسم بودٍ حقيقي فقال :يلا ننام و نرتاح لإن الوقت إنأخر و إنتي تعبتي النهارده.
أسرعت تتدثر بغطاءها سريعاً و راحت في سُباتٍ عميق بينما ظل هو يتفحص ملامحها بعشقٍ لم تتسني له الفرصه أن يفصح عنهُ بعد ثم أسبل جفنيه و غط في النوم.
كان الجميع يتحدث عن تلك المناسبه و من كل الفئات يتوجهون إلى منزل الهنداوي لأخذ نصيبهم من اللحوم التي يقوم سليمان بتوزيعها بسخاء علي الناس وهو يقول :إدعوا لأم فضل تقوم بالسلامه .
كانت صافيه تقف خلف نافذة غرفتها تشاهد ما يحدث بالأمس و عيناها تفيض بالدمع ذُلا و هواناً .
إستمعت إلي طرقات علي باب شقتها ففتحت لتجد زينب تقف أمامها وهي تبتسم لها بهدوء وقالت :مش هتنزلي شويه يا صافيه؟!
نظرت إليها صافيه بتعجب وقالت :أنزل أعمل إيه؟!
_إنزلي أقفي شويه بدل ما يقولوا زعلانه ولا غيرانه .
ضحكت صافيه و أردفت بسخرية:يقولوا اللي يقولوه يا زينب مش فارقه ..أهم حاجة أم فضل .
نظرت زينب إليها بشفقة و مسحت علي ذراعها وقالت :هو إنتوا لسه مبتتكلموش من ساعة اللي حصل؟!
أومأت صافيه بموافقه وقالت :وهو لسه عايز يكلمني ليه ما كفايه عليه أم إبنه،هي الكل في الكل دلوقتي.
_طيب و إنتي إيه اللي مصبرك علي الوضع ده يا صافيه،لما هو طلع خسيس و كداب كده و مبقي يُسر الحربايه دي عليكي لسه باقيه عليه ليه؟!
نظرت إليها صافيه وقالت:هعمل إيه يا زينب؟!هتطلق و أروح فين؟! أنا مبقيتش صغيرة علي قلة القيمه دي.. وبعدين إبراهيم أخويا كفايه عليه شايل هم بنته ،هروح أشيله همي أنا كمان ؟
زفرت زينب بـِ حيرة شديدة وقالت: والله يا صافيه منا عارفه أقوللك إيه .
ثم مسحت علي ذراعها بمواساة وقالت :طيب أنا هنزل شويه وهطلع .
أومأت صافيه بموافقه وقالت:ماشي يا زينب روحي إنتي ولو عايزة تسيبي يحيى معايا هاتيه .
ناولتها الصغير و نزلت إلي الأسفل لتجد نفسها تقف وسط جموع غفيرة من الناس تلتف حول سليمان و يُسر التي تقف في كامل زينتها و كلها زهو و تفاخر .
ذهبت يُسر إلي القصّاب و وقفت علي مقربةٍ منه وتحدثت بإبتسامة قبل أن تتلفت حولها لتتأكد من أحدً لا يراها :بقولك يا معلم متبقاش ترمي "قشرة اللوح" عشان عندي العيال بيحبوا الشوربه بتاعتها .
أومأ الرجل موافقاً و قام بوضعها بـِ كيساً بلاستيكياً و أعطاها لها فأخذتها و قامت بتخبئتها بين أغراضها ثم ذهبت إلي سليمان الذي كان منهمكاً في توزيع اللحوم ليقف منتبهاً لها و إبتسم قائلاً:إيه يا عسليه ما تطلعي إنتي ترتاحي فوق بدل وقفتك دي.
تصنّعت الغضب وقالت :أومال فين صافيه منزلتش ليه؟
قال بعدم إكتراث:هي حرة لو كانت عايزة تنزل كانت نزلت .
جادلته فقالت :حرة إزاي يعني ؟!وهو إنت كنت قولتلها إنزلي وهي منزلتش؟!
نظر إليها بعدم تصديق وقال:وهو إنتي عايزاني أقوللها تنزل؟!
أومأت بموافقه وقالت : طبعاً تقوللها،و تسيب اللي في إيدك ده دلوقتي حالاً و تطلع تراضيها و تجيبها و تيجي.
_أنا مش مصدقك والله،إنتي اللي بتقولي كده!!
=و مقولش كده ليه!!صافيه في الأول و في الآخر في مقام أختي و أنا بعزها و إذا كانت زعلتني فأنا راضيه و مسامحه،وبعدين صعبانه عليا نبقا كلنا متجمعين كده و هي فوق لوحدها.
ربت علي ظهرها بتقدير وقال :معاكي حق يا يُسر،أنا هطلع دلوقتي حالاً أطيّب خاطرها بكلمتين و أجيبها و أنزل.
أومأت قائلة : و أنا هطلع أغير هدومي لإن الهدوم دي إتبهدلت و هنزل تاني .
دخلت يُسر إلي شقة "علي" وقالت بإبتسامة :بعد إذنك يا بابا فين المفاتيح الإحتياطي اللي هنا لإني نسيت مفتاح شقتي جوة .
أشار لها علي ركنٍ خشبيّ صغير معلّق بهِ مفاتيح لجميع الشقق فأخذت بخفة يد مفتاح شقة صافيه بدلاً من مفتاحها وعلي الفور صعدت إلي شقتها لتقف علي حافة السلم من الأعلي تنتظر خروج سليمان و صافيه من شقتهما .
.....في تلك الأثناء.......
دخل سليمان إلي شقة صافيه ليجدها لا زالت تقبع خلف نافذة غرفتها تشاهد ما يحدث بالخارج فإقترب منها مبتسماً و دون أن يتفوّه ببنت شفة إنحني ليمنح جبينها قبلة حانية جعلت عَبراتها تنهمر فوق خديها دون هوادة.
_متزعليش يا صافيه حقك عليا.
قالها وهو يمد يده يزيل آثار دمعاتها لتنظر إليه بقهر يملؤها وقالت :مكنتش أتوقع إني أهون عليك في يوم من الأيام يا سليمان،و مكنتش أتوقع كمان إنك تكدب عليا.
ربت علي ذراعها وقال : أنا كدبت لإني كنت مضطر يا صافيه،عارف إن غيرتك عليا مكانتش هتسمحلك تقبلي بحاجة زي دي عشان كده إضطريت أقوللك كده .
نظرت إليه بإستنكار وقالت :و حملها منك ؟!كنت مضطر بردو؟!
تجهم وجهه وقال :كانت غلطه صدقيني،جت كده معرفش إزاي حصل و هي كانت مرة واحده و الحمل حصل في يومها ومن وقتها وأنا مبقربش منها .
إبتسمت ساخرة وقالت بعدم تصديق:للأسف يا سليمان مبقيتش عارفه أصدقك،اللي عملته خلاك نزلت من نظري أوووي و حتي لو بتقول الحقيقة مش عارفه أصدقك.
ضمها إلي صدره قائلاً:عشان خاطري يا صافيه،سامحيني زي ما طول عمرك قلبك أبيض و بتسامحي ،أنا إنسان و ضعفت بس طول الوقت محتاجلك إنتي .
نظرت إليه بـِضعف تستشف صدقه ليشدد من إحتضانها ويقول :أنا عايزك تنزلي معايا و تشاركيني فرحتي ،أنا مش عارف أفرح وإنتي زعلانه مني .
ثم قال مستعطفاً إياها:أهون عليكي مفرحش يا صافيه وأنا مستني يوم زي ده من زمان.
بدون قصدٍ منه دعس هو علي جُرحها الدامي بشدة فنظرت إليه و إبتسمت بحزن:لا متهونش عليا يا سليمان،و هنزل معاك و أوزع معاك اللحمه علي الغلابه كمان ،و هدعي قبل منهم لأم فضل تقوم بالسلامه.
تهللت أساريره فرحاً و إصطحبها و نزل للأسفل لتسرع بعدها يُسر و تدلف إلي شقة صافيه بِـ خلسة و أخرجت "عظمة الكتف" من الكيس البلاستيكي الذي يحويها و قامت بتخبئتها في حجرة المطبخ بعناية و أسرعت إلي خارج الشقه و منها إلي شقتها فقامت بتبديل ثيابها و نزلت إلي الأسفل مجدداً.
رأت علي مدد بصرها صافيه تقف إلي جانب سليمان و تساعده في توزيع اللحوم فذهبت إليها و صافحتها و إحتضنتها بودٍ زائف وقالت :الشادر كلّه نور يا صافيه.
تعجبت صافيه و لكنها لم تعقّب فإبتسمت بلطف وقالت :منور بيكي يا يُسر،ربنا يقومك بالسلامه.
وقفت يُسر إلي جانبهم وهي ترسم إبتسامه واسعه علي وجهها حتي إنتهاء اليوم فهمست إلي سليمان قائلة:خليك مع صافيه النهارده يا سليمان،ميهمش.
قالت الأخري وهي تتصنّع الحزن ليبتسم سليمان وهو يضرب كفاً بِكف ويقول : عجيبه،في إيه النهارده!ده أنا ربنا راضي عني بقا .
إبتسمت بهدوء وقالت :لا عجيبه ولا حاجه،إنت بقالك كتير مش بتبيت عند صافيه و هي باين إنها زعلانه و بعدين ده عدل ربنا .
و أضافت :وأنا أصلاً تعبانه النهارده و هطلع أنام علي طول .
أومأ موافقاً لتنصرف هي إلي شقتها و إصطحب سليمان صافيه و صعدا إلي شقتهما .
_________________________________
بعد مرور أسبوع وقد إستقر الحال لدى الجميع و بينما كان سليمان يجلس بمتجرهِ الخاص تلقّي إتصال من رقم مجهول ليجيب بهدوء قائلاً:ألو،مين معايا؟!
_مش لازم أقول إسمي يا معلم سليمان إعتبرني فاعل خير،مراتك الأولانيه كانت عندي النهارده و معاها "عضمة كتف" كانت جيباها عشان تعمل عليها سحر إسود لمراتك التانيه ....
قاطعه سليمان مستنكراً وقال :إيه اللي إنت بتقوله ده !؟؟
_اللي سمعته يا معلم سليمان،أنا مشيتها و مرضيتش أساعدها لأني مبشتغلش في السحر الإسود،أنا آخري أفك عمل ،أعمل حجاب،أرجع واحد لبيته،إنما اللي مراتك كانت جايه فيه ده شغل كبير أوي.
تسائل سليمان فقال:كانت عايزاك تعمل إيه؟!
_كانت عايزاني أعمل سحر إسود لمراتك عشان أموت الجنين اللي في بطنها ،بس أنا عرفت إنها مراتك و مهانش عليا أأذيك في ضناك و بكلمك عشان أقوللك إنها مشيت من عندي وهي معاها ''عضمة الكتف '' و ممكن تروح لأي حد تاني و يعمللها اللي هي عيزاه و العضمة دي خطيرة في السحر الإسود و كل ما تنشف السحر يشتد و المسحور بيموت بالبطئ بسببها ،فأنا كلمتك أنبهك تدوّر عليها و تتخلص منها وربنا يكفيك شرها.
أنهي ذلك الرجل المجهول إتصاله و أغلق الهاتف بعدها وقد كادت الدماء أن تنفجر من عينه من شدة الغضب ليذهب مهرولاً إلي البيت و صعد إلي شقة صافيه ليجدها تبدل ملابسها فتسائل بترقب:إنتي كنتي برة ولا إيه؟!
نظرت إليه بتعجب وقالت :أيوة يا سليمان منا قايلالك إني كنت مع غزل بتشتري حاجات.
قال بِشك:كنتي مع غزل بردو؟!
قطبت جبينها بتعجب وقالت :أومال هيكون كنت مع مين يعني؟!!مالك يا سليمان !
صاح متشنجاً و قال و الشرر يتطاير من عيناه:وكمان بتكدبي و عامله فيها بريئة !
ثم راح يجول و يصول في أرجاء الغرفه باحثاً عن شيء ٍ ما مما أثار فضولها فقالت :إنت بتدور علي إيه؟؟و بتزعق ليه كده!
لم يجيبها و إتجه نحو المطبخ يفتّش بين الأغراض حتي أخرج عظمة كتف من بين أغراض المطبخ لينظر لها مصدوماً ويقول :دي أخرتها يا صافيه؟!
نظرت إلي ذاك الشئ بين يديه بتعجب وقالت :إيه اللي في إيدك ده!!
نظر إليها متهكماً وقال :مش عارفه إيه اللي في إيدي دي ؟!
أجابت ببساطة:دي عضمة!!إنت جايبها منين؟!
أردف وهو يتقدم منها بهدوء و يده خلف ظهرة بينما يده الأخري تمسك بتلك العظمة ويقول : أيوة عضمة،و مش أي عضمة دي عضمة كتف ،عارفه بيعملوا بيها إيه عضمة الكتف يا صافيه؟!
نظرت له بإستغراب وقالت :لأ مش عارفه يا سليمان،وبعدين البتاعه دي جايبها منين و أنا علاقتي إيه بالموضوع ده؟!
نظر إليها ساخراً وقال : واحده واحده،مش عارفه بيعملوا بيها أعرفك أنا،العضمه دي بيعملوا بيها سحر إسود بعيد عنك و المسحور مبيتعالجش ،لأ ده بيموت بالبطئ،جايبها منين بقا فأنا جايبها من قلب شقتك أهو زي منتي شايفه و من مطبخك كمان ،تالت حاجه بقا ..إيه علاقتك بالموضوع ده فـ ده اللي عايز أفهمه منك .
و تابع بصوت حاد:ليـه الأذية يا صافيه؟!
إنزوي حاجبيها بإستنكار شديد وقالت :أذية إيه أنا مش فاهمه حاجه،ما تيجي دوغري يا سليمان و تقوللي قصدك إيه.
إرتفع صوته مما جذب إنتباه جميع من بالمنزل وقال:كنتي عايزة تسقطي يُسر ليه يا صافيه ؟!!
جحظت أعين الواقفين جميعاً و كانت أولهم يُسر التي تقدمت منهم ببطء وهي تصطنع الصدمه وتقول :إنت بتقول إيه يا سليمان؟!إستحاله صافيه تعمل كده !
نظر إليها بغضب عاصف وقال :إسكتي إنتي يا يُسر دلوقتي،أنا إتأكدت بنفسي من اللي بقوله ده و الأماره أهي .
قال الأخيرة وهو يرفع يده بتلك العظمه لينظر لها الجميع بإستنكار فقال والده : إيه اللي في إيدك ده يا سليمان؟!دي "قشرة لوح" !!
أومأ سليمان موافقاً وقال :أيوة يابا "قشرة لوح" زوجتي المصون كانت واخداها عشان تعمل عليها عمل لـ يُسر .
إتسعت عينا صافيه وقالت :إيه اللي إنت بتقوله ده يا سليمان؟!إنت واعي للي بتقوله ده؟!
برز صوته الجهور غاضباً بشدة وقال :أيوة واعي و متأكد يا صافيه،أنا إستحاله أظلمك ،الراجل النصاب اللي كنتي رايحاله عشان يعمللك العمل عرفك و هو اللي بلغني عشان يحذرني منك .
سالت دمعاتها بقهرٍ و عدم تصديق و راحت تهز رأسها بالنفي بهيستيريه وهي تتمتم :لأ،مش معقول .
كان الجميع ينظر إليهم بذهول فقال عبدالقادر : إصبر بس يا سليمان أكيد في حاجه غلط ،صافيه عشرة سنين مش يوم ولا إتنين و إحنا عمرنا ما نصدق إنها تعمل كده!
قال سليمان بثقة:الغيرة تعمل أكتر من كده يا قدّورة.
كانت يُسر تقف و قلبها يتراقص فرحاً بينما شعرت غريمتها و كأن الأرض ضاقت عليها بما رَحُبت لتقول بصوتٍ مرتجف:صدقني يا سليمان وحياة ربنا ،وحياة كتاب الله أنا مظلومه ،أنا مليش في السكك دي وإنت عارف .
قال ساخراً:أصدقك؟!أصدقك و أكدب عنيا يا صافيه؟!ده أنا أبقا معتوه لامؤاخذه و باخد علي قفايا .
_و ليه ميكونش حد تاني اللي عمل كده عشان يتهم صافيه؟!
قالتها زينب وهي تنظر بتحدٍ تجاه يُسر التي أشاحت بوجهها بعيداً عنها بسرعة وقد إنتابها التوتر ليقول سليمان بإستفهام ساخر:حد تاني زي مين يعني؟!
رفعت زينب كتفيها وقالت :معرفش حد مين،بس ده شئ وارد يعني .
تجاهلها و نظر مجدداً تجاه صافيه التي تقف ترجوه بعيناها الباكيتين ليقول بصوت حاد : أنا مش هسمح لنفسي أمشي ورا إحتمالات خايبه و أقف أتفرج لحد ما يُسر ولا اللي في بطنها يجرالهم حاجه .
و تابع بغضب:مكنتش متصور إن غيرتك تعميكي بالشكل ده يا صافيه،إنتي غلطتي غلطة لا تغتفر .
و أضاف بنبرة صارمه لا تقبل النقاش:إنتي طالق يا صافيه.
________________________________
كعادتها كل مرة عندما يتحدث إليها والدها عن الزواج أو أن أحدهم قد تقدم لخطبتها تفتعل المشكلات و تنسحب من الحديث بغتةً ،و لكنه اليوم لن يسمح لها أبداً فتلك فرصة من اللواتي لا يأتين في العمر إلا مرة .
_ماهو إسمعي بقا،هتهزري،هتعيطي،هتتشقلبي،هترمي نفسك من البلكونه حتي،هتتجوزيه يعني هتتجوزيه .
ألقي الأب بكلماتهِ الصارمات بغضب صرف لتلك التي كانت تحاول إتباع أساليبها المعتادة في مثل تلك المواقف لتتنهد بحزن وهي تستغيث بـ زمرديتيها ناظرة نحو عمتها أن تساعدها لتقول صافيه بيأس:بتبصيلي ليه؟!بصراحه كده أبوكي معاه المره دي و أنا مش لاقيالي عين أنطق بحرف واحد.
تجهم وجهها عندما رأت إتحاد عمتها مع والدها لتقول :إنتي اللي بتقولي كده يا عمتو، منتي عارفه اللي فيها.
نفذ صبر والدها و نهض واقفاً بغضب وقد صدح صوته غاضباً يقول:إيه اللي فيها يا غزل؟!خدي بالك أنا سكتتلك كتير بس المرة دي خلاص مبقاش عندي طاقه ولا عندي إستعداد أستحمل،الأوهام اللي إنتي عايشه عليها دي هتوديكي في داهيه .
نظرت إليه بضيق ليردف وهو يستنفذ آخر جرعات تحملها وقال :مش هتبقي أوفي من مراته اللي كانت معاشراه خمس سنين و جايبه منه عيلين،أديكي شيفاها أهو عايشه حياتها ولا كإن كان في حد إسمه يحيي موجود أصلاً.
نظرت إليه بحزن يتغمدها ليردف مضيفاً :رفضتي عريس و إتنين و تلاته و أربعه و كنت بقول ياد سيبها مسيرها تعقل و تنسي و تعيش حياتها هي كمان ،لكن توصل بيكي الدرجه أنك عايزة تعيشي علي ذكري واحد ميت لا كان خطيبك ولا جوزك ولا كان شايلك من أرضك أصلاً ده يبقا غباء و سذاجه وأنا مش هسمح بكده أبدأ.
إنخرطت في بكاء مرير ليتجاهلها ويقول بقوة و حزم:أنا هتصل بالباشمهندس أكرم دلوقتي حالاً و أبلغه إن الخطوبه يوم الجمعه و لو سمعت منك كلمه زيادة في الموضوع ده لا إنتي بنتي ولا أعرفك.
إهتز قلبها بين أضلعها و تجمدت الدماء في عروقها من فرط الحزن لتنهض صافيه و تجلس إلي جوارها محتضنه إياها بحب و يدها تمسح على ذراعها بحنية وتقول :متعيطيش يا غزل،متعيطيش يا حبيبتي كله مكتوب ،و اللي مكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين حتي لو إيه.
_مش هقدر يا عمتي،أنا المرة اللي فاتت وافقت علي إسلام عشان ارضي بابا ،بس كنت عارفه إني هعرف أخلص منه لإنه كله عيوب..بس أكرم هخلص منه إزاي ؟!مش هقدر أتجوزه يا عمتو ولا هقدر أكون لراجل غير يحيي .
سالت دمعات صافيه حزناً و قلة حيله وقالت : يحيى الله يرحمه يا غزل ميرضيهوش أبداً تتعذبي بسببه كده ولا يرضيه شبابك يضيع عشانه،ده ميت يا حبيبتي و الحي أبقي من الميت و مسيرك تنسي .
أومأت نافيه وقالت : عمري ما هقدر أنسي يحيي يا عمتي،يحيي بيجري في دمي من وأنا عيله صغيره مفهمش حاجه،لو نسيته أبقي كإني بمحي حياتي كلها بأستيكه.
ربتت صافيه علي وجنتها بحنان وقالت :هتنسي يا غزل ،سبحان من بينسي و بيصبر يا بنتي و لولا النسيان كان زماننا إتجننا أو متنا بحسرتنا،هتنسي و هتعيشي و هتفرحي و هتحبي أكرم كمان.
_إستحاااله.
=بيتهيألك ،لما تلاقيه بيحبك أكتر من ضي عينه غصب عنك هتحبيه ،و حتي لو معرفتيش تحبيه هتعيشي مرتاحه،الحب مش كل حاجه يا غزل ،يعني اللي حبوا خدوا إيه!!
قالت الأخيرة بسخرية من حالها و أضافت :قومي يا حبيبتي إغسلي وشك و إتوضي و صلي ركعتين لله و إدعي ربنا يريح قلبك و يقدملك اللي فيه الخير .
أذعنت غَزل لأوامرها و نهضت لتتوضأ و وقفت تناجي ربها أن يضع الخير بطريقها حيثما كان و من ثم ألقت بجسدها المنهك إلي الفراش و سبحت في نومٍ عميق .
_________________________
بعد مرور خمسة أشهر و حيث كانت التحضيرات لزفاف غزل و أكرم علي قدمٍ و ساق .
كان أكرم منشغل في تجهيز و إتمام ما ينقصه من أغراض للمنزل أو أغراضه الشخصية بينما كانت غزل منهمكه في شراء ما يخُص ليلة الزفاف من الفُستان و توابعه و بصحبتها صافيه التي كانت ترافقها في كل خطواتها .
إرتفع رنين هاتفها لتجيب بنبرة هادئة :أيوة يا أكرم؟
قال مبتسماً:أيوة يا حبيبتي،خلصتي ولا لسه؟!
_لسه بنلف أنا و عمتو أهو ،مش لاقيه مقاسي في الشوزات خالص،محسسيني إني عمله نادرة .
ضحك قائلاً:منا قولتلك إرتاحي إنتي و إختاري اللي إنتي عيزاه و أنا هجيبهولك لو من برة مصر حتي بس إنتي رفضتي .
_لاا و أنا أبقي عروسه إزاي لو ملفيتش و إتمرمطت في المحلات ،دي طقوس متفهمهاش إنت .
أومأ قائلاً:ماشي يا ستي اللي يريحك،أهم حاجه متنسيش بروڤا الفستان النهارده،أول ما تروحي تتصلي عليا عشان آجي أخدك .
_تمام ماشي،يلا سلام دلوقتي.
أنهت الإتصال لتعود و تكمل مسيرتها في رحلة البحث عن حذاء سندريلا المفقود و بينما هي تسير بين المتاحر الخاصه بالأحذية تسمرت بمكانها و كادت أن تسقط أرضاً من هول الصدمة.
_يحيـي؟!!
تمتمت بها و ضربات قلبها تتسارع محدثةً فوضي عارمه و أسرعت تهرول بإتجاه ذلك الرجل الثلاثيني الذي رأته لتجده وقد إختفي من أمامها و كأنه لم يكن.
عادت تجر أذيال الخيبه فقالت عمتها متسائلة :مالك يا غَزل كنتي بتجري ليه كده؟!
قالت غزل و دمعاتها تتساقط : شوفته يا عمتو،شوفت يحيي.
نظرت إليها عمتها بتعجب وقالت :يحيـي؟!!
أومأت غزل بتأكيد وقالت :أيوة يحيـي،كان ماشي قدامنا هناك كده و أول ما وصلت لمكانه ٱختفي.
زمّت عمتها شفتيها بأسف و شفقه و مسحت علي ذراعها بلين وقالت :أكيد بيتهيألك يا حبيبتي،يلا بينا .
إنصرفت غزل وعيناها لا تحيد عن ذلك المتجر الذي رأته بجانبه حتي إبتعدا عن ذلك المكان و أكملت شراء أغراضها و عادت إلي المنزل بعدها .
......في تلك الأثناء.......
كان يحيـي يقف حانقاً وهو يخلل شعره الفحمي بأصابعه مغتاظاً ويقول :أنا متأكد إني كنت باجي هنا دايماً ،عندي إحساس قوي إني كنت باجي هنا كتير و ممكن يومياً كمان ،بس مش قادر أفتكر حاجه ،مش قاادر .
قال الأخيره وهو يضرب جبهته بقبضة يده بقوة ليقول مصعب :معلش يا محمد إن شاءالله خير و طالما بدأت تفتكر أماكن و شوارع يبقا في أمل إن شاءالله،أهم حاجه تمشي على العلاج و متحاولش تعصر في دماغك عشان تفتكر ،زي ما الدكتور لسه قايللك .
قال متشائماً:و تفتكر يعني كلام الدكتور بتاعك ده هيفيد بحاجة !! معتقدش.
قال مصعب حانقاً :يا عم تفائل و خلي عندك امل بالله،المفروض أصلاً كنا روحنا للدكتور من ست شهور فاتوا بس الله يسامحك بقا كنت مصمم و راكب دماغك .
وقف يحيـي أمام متجر خاص ببيع زينة و فوانيس رمضان ليشرد طويلاً بشئ ٍ ما فقال مصعب وهو ينتزعه من شروده: في إيه؟!روحت فين كده !
لم يجيبه بل دلف إلي المتجر و قام بشراء ذلك الفانوس تحت نظرات مصعب المتعجبه فقال :إنت جايب الفانوس ده لمين؟! إوعي تكون جايبه لأمي.
قال الأخيرة ممازحاً لينتزع إبتسامةٍ مقتضبه من شفتيه وقال :مش عارف ساعة ما شوفت الفانوس حسيت إني حنيت كده !!زي ما أكون شفته قبل كده .
و زفر بيأس قائلاً:ياا عالم بقا يمكن يساعدني أفتكر حاجه.
ربت مصعب علي ظهره بشفقة وقال :كل سنه وإنت طيب يا محمد،رمضان باقي عليه أقل من شهر .
أومأ يحيى موافقاً وقال :بقالي سنه عايش معاكوا أهو،سنه متغرب عن أهلي و عيلتي اللي معرفهاش ولا أعرف إذا كانت موجوده ولا لأ .
قال مصعب مواسياً:كله نصيب يا صاحبي،و إن شاءالله ذاكرتك ترجعلك في أقرب وقت و ترجع لأهلك بالسلامه.
إنصرف بعدها يحيي و مصعب عائدين نحو بيتهما و يحيي يشعر بأنه قد ترك قطعةً من فؤاده .
____________________________
كانت يُسر تفيق للتو من نومها قبل أن تري إنعكاس صورة سليمان في المرآة من أمامها فإعتدلت بمجلسها وقالت بتعجب:رايح فين متأخر كده يا سليمان؟!
نظر إليها ليتقدم منها وهو يعدّل ربطة عنقه ويقول :رايح فرح غَزل .
إرتفع حاجبها بنزق وقالت :فرح غزل؟!و إنت عرفت منين إنه النهارده!!
قال وهو ينثر بعضٍ من زخات العطر فوق يده :عرفت من الفيس.
أومأت و قالت بتهكم :آاااه ،وهو لازم تحضر الفرح يعني؟!
أومأ مؤكداً وقال وهو يجلس إلي جانبها علي الفراش :آه يا حبيبي لازم،غزل دي مهما حصل هتفضل غاليه عندي .
نظرت إليه بضيق ليضحك هو قائلاً:إيه يا سوسو إنتي غيرانه ولا إيه ؟!ده أنا لو خلفت من يوم ما إتجوزت كنت خلفت قدها .
و أضاف وهو يعدّل هندامه للمرة الأخيرة وقال : وبعدين غزل دي متربيه في البيت ده و من صغرها و إحنا كلنا بنحبها وهي كمان بتحبنا.
لوت فمها بسخرية وقالت :آااه إنت هتقوللي!
قطب حاجبيه وقال مستفهماً :تقصدي إيه ؟!
هزت رأسها بنفي وقالت :لا مقصدش حاجه،طيب و صافيه؟
نظر إليها و هز رأسه لتقول :أقصد يعني أكيد هتشوفها هناك ،هتتصرف إزاي؟!
زمّ شفتيه بعدم إكتراث وقال :ولا أي حاجة،كأني مش شايفها.
هزت رأسها بهدوء فنهض قائماً وإنحني مرة أخري ليتلمس بطنها المنتفخ ويقول :فضل مش نفسه في حاجه أجيبها وأنا جاي؟!
عادت برأسها للخلف تتمدد بجسدها علي الفراش وهي تمسح بحركات دائريه علي بطنها المتكور وقالت بإبتسامه ناعمه: والله إنت و ذوقك يا بابا بقا ،شوف عايز تجيب إيه لـ فضل و مامت فضل .
إبتسم إبتسامةً واسعه وأشار إلي عينٍ تلو الأخرى وقال :من عنيا الاتنين ،يلا سلام عليكم.
خرج من شقتهِ ليتجه في طريقه علي الفور نحو القاعه المقام بها حفل الزفاف .
•••••••••••••
كانت غَٕزل تتأبط ذراع والدها الذي دخل بها إلي القاعه ليقوم بتسليمها إلي زوجها ،إرتدت فستاناً هادئاً بسيطاً للغايه فكانت بساطته و رقته لا تتنافي مع جماله و فخامته و ٱختارت زينتها من الألوان الهادئة للغايه فـَ بدت كـ ملكة جمال أخذت عقول الكل بسحرها و رقة طلتها.
قام والدها بإحتضانها بشدة وقد سالت دمعاته فرحاً و سروراً لرؤية قطعةً من فؤاده عروس ثم قام بتسليمها إلي أكرم الذي كان يقف مختالاً فرحاً بشده و سيماء الغبطة و السرور ترتسم علي وجهه .
أمسك أكرم بِـ يدها لينحني طابعاً قبله ناعمه علي ظهر كفها و يضع يدها علي ساعده الذي يسنده إلي أسفل صدره وهو يتطلّع نحوها بحبورٍ و سرور شديد.
دلف سليمان إلي القاعه مرتاباً وهو يتفحص الأجواء من حوله حتي وقعت عيناه علي صافيه التي فور ما إن رأته حتي أشاحت بوجهها بعيداً بعد أن رمقته بغضبٍ و كره.
تجاهل نظراتها الساخطه و تقدم من أخيها الذي فوجئ بوجوده يقول:ألف مبروك يا إبراهيم...
قاطعه إبراهيم قائلاً:جااي ليه يا سليمان؟!
لم يكن سليمان يتوقع هجومه ذلك فقال :جاي أبارك لـ غزل يا إبراهيم..مهما كان اللي حصل بيننا بس غزل بنتي..
قاطعه إبراهيم مرة أخرى قائلاً بحدة:غزل بنتي أنا يا إبراهيم و صافيه كمان بنتي ،بأي عين جاي تبارك لواحده من بناتي وإنت دابح التانيه بسكينه تلمه !!
نظر إليه سليمان مذهولاً ليستطرد حديثه قائلاً: لا تبارك ولا تهني،علي رأي المثل ،يا نحله لا تقرصيني ولا عايز منك عسل.
ثم أشاح بوجهه للجانب وقال :شرفت يا سليمان.
إتسعت عينا سليمان بصدمه لينصرف كما أتي بهدوء و عاد إلي منزله.
إنتهي حفل الزفاف الذي كان رائعًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى لتبدأ غزل في فرك أصابعها بتوتر وهي تنظر بإتجاه صافيه التي إحتضنتها بعطفٍ و حب كبير وقالت :إهدي يا حبيبتي و متقلقيش نفسك.
نظرت إليها غزل بأعين لامعه وقالت :تعالي معايا يا عمتو والنبي.
إرتفعت ضحكات صافيه وقالت :آجي معاكي إزاي بس يا حبيبتي،أنا و بابا هنيجي نوصلك و نمشي فوراً إنما مش هندخل معاكوا.
و بالفعل ذهب كلاً من والدها و عمتها برفقتها حتي وصولهم إلي منزلهم برفقة كاريمان و إنصرفوا مغادرين بعد أن أوصاه والدها بحسن معاملتها و اللين معها.
دلفت غَزل إلي غرفتهم وهي ترتجف خيفةً و توتر ليستوقفها قائلاً:إستني يا غزل عايزين نتكلم شوية قبل أي حاجة.
هدأت قليلاً و أومأت موافقة بسرعه ليجلس علي الفراش و أمسك يدها ليجلسها إلي جواره وقال : أنا عارف إنك متاخده مني و خايفه و إنك ملحقتيش تتعودي عليا،و مقدر إن كل حاجه جت بسرعه و ملحقتيش تستوعبي وجودي في حياتك حتي ،و بالتالي ملحقتيش تحبيني ولا تحوشي في قلبك اي مشاعر من نحيتي ،بس واثق إنك هتحبيني مع الوقت زي منا بحبك و أكتر كمان .
إبتسمت بهدوء لتفهّمه و هدوءه فأضاف قائلاً:اللي أنا عايز أوصلهولك إني بحبك جداً يا غزل،يمكن من أول مرة شوفتك فيها وأنا حبيتك بس مكنتش متأكد من مشاعري دي ،و لما أمي قالت إنها مش عيزاكي أنا كنت في أشد ضيقي و حزني إني مش هشوفك تاني ،بس مكانش في إيديا حاجه أعملها و بالذات إني مقدرش أجبر أمي علي حاجه و خصوصاً لو واحده هتقعد معاها فترة طويله زي دي فـ سلمت أمري لله لحد ما لقيتها هي بتسأل عليكي تاني و عايزاكي تيجي تشوفيها وقتها فرحت وعرفت إن ربنا عطاني فرصه تانيه ولازم أستغلها عشان كده طلبت إيدك من عمي إبراهيم فوراً و الحمدلله إتجوزتك أهو.
إبتسمت هي لإبتسامته لتجده وقد شرد بها مطولاً فعادت لتفرك يديها بتوتر مرة أخري و خاصةً عندما رأته يدنو منها وهو علي وشك تقبيلها لتنهض عن الفراش بغتةً وقالت:إيه رايك نغير هدومنا كده و نتعشى لإني بصراحه ميته جوع.
ضحك ببشاشه وهو يشاهد إرتباكها ليومأ موافقاً ويقول:معاكي حق،يلا غيري هدومك إنتي وأنا هخرج أطمن علي أمي و أرجعلك تاني.
خرج من الغرفه لتطلق هي تنهيدةً حارة طردت معها كل الإنفعالات الموجوده بصدرها ثم خلعت فستانها و من بعدها إغتسلت و فعل هو المثل ثم وقف يصلي بها و من بعدها جلسا يتناولا العشاء سوياً فبادرت هي بالحديث قائلة :ماما كاريمان نامت؟!
أومأ بإيجاب وقال :أيوة دخلت لقيتها نايمه،هي عادتها مبتحبش السهر و بتقدّس الإنتظام في ميعاد النوم .
إبتسمت وقالت :و اليوم كان طويل عليها النهارده .
هز رأسه بتأكيد وقال: فعلاً،الحمدلله أنا شبعت .
أومأت بإقتضاب وقالت:وأنا كمان الحمد لله شبعت،ثواني هغسل إيديا و آجي .
دلفت إلي الغرفه مجدداً و صعدت إلي فراشها بقلق ثم نظرت إليه بحرج بالغ لينظر إليها مستفهماً وقال :مالك وشك بقا أحمر كده ليه،لو قلقانه إحنا ممكن ننام النهارده و ترتاحي .
أجابته وقد إصطبغت وجنتيها بحمرة الخجل وقالت :لأ ماهو،أصل يعني .....
حثها علي إسترسال حديثها بإشارةٍ من رأسه لتردف بغتةً وهي تغمض عينيها تعتصرهما بشدة بخجل :ماهو مش هينفع اليومين دول خالص!!
إرتفعت ضحكاته بشدة لتفتح كلتا عينيها و نظرت إليه ببراءه فإمتدت يده تمسح على رأسها بحنوٍ بالغ وقال :أنا مش فارق معايا أي حاجة غير إنك جمبي دلوقتي،دي نعمه كبيره تستاهل أفضل أشكر ربنا عليها طول العمر .
إضطرب قلبها من حديثه الهادئ لتبتسم بودٍ حقيقي فقال :يلا ننام و نرتاح لإن الوقت إنأخر و إنتي تعبتي النهارده.
أسرعت تتدثر بغطاءها سريعاً و راحت في سُباتٍ عميق بينما ظل هو يتفحص ملامحها بعشقٍ لم تتسني له الفرصه أن يفصح عنهُ بعد ثم أسبل جفنيه و غط في النوم.
يتبع الفصل التالي: اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية ليتني مت قبل هذا" اضغط على أسم الرواي