رواية سحر سمرة الفصل الختامي بقلم أمل نصر
رواية سحر سمرة الفصل الختامي
طرق عنيف على الباب مع قرع مستمر لجرس المنزل .. جعله يخرج من غرفته نومه مجفلاً .. نادى على خادمته التي ذهبت لفتح الباب سريعاً :
- مين يا" زهرة "؟
- انا يا" تيسير " اللى عايزاك .
اشاح بوجهه فور ان راَها امامه بعد ان دلفت بخطواتٍ مسرعة اليه فقال بسأم :
- اهلاً ياصافى.
بهتت من مقابلته الباردة لها فقالت :
- هو في ايه يا" تيسير " ؟ بتبعد وشك عنى ليه ؟ هو انت كمان صدقت اللى بيقولوا " رؤوف " بعد ماصدق المتخلف جوز سعاد .
وضع يديه بجيب بنطاله البيتى محدقاً اليها بعنيه يسألها بنزق:
- وانتي ايه رأيك ؟ اصدق ابن عمى ولا اصدقك انتي ؟
اقتربت تطبق بكفها على ذراعه قائلة بلهفة :
- تصدقني انا يا" تيسير " .. رؤوف مخدوع فى البنت دى وبتضحك عليه؟ وتلاقيها هى اللى راسمة الخطة دى كلها عشان تسيطر عليه وتبعدني عنه .
قال باذدراء :
- والنبى حقيقي مصدقة نفسك ؟ هو انتي لدرجادى غرورك صورلك ان كل الناس اغبيا ومش في مستوي ذكائك ؟
ازدردت ريقها بتوتر:
- قصدك ايه يا" تيسير " مش فاهمة ؟
- قصدي افكرك .. اني ماكنتش سكران ولا فاقد الذاكرة .. عشان انسى ان انا اللى قولتلك عن موضوع قاسم .. واديتك بغبائي طرف الخيط اللى يوصلك ليه .. واللى هو طبعاً ممدوح.. عشان تتفقوا مع بعض وتخلصي من سمره وبعدها بقى يخلالك الجو مع رؤوف ..عشان تحققي حلم عمرك بالقرب منه .
شهقت بدموعٍ حقيقية فقالت يائسة :
- طب حتى لو كان الكلام دا حقيقي.. ممكن يا" تيسير " .. تُقف معايا وتقنع رؤوف ببرائتى .. انا مش قادرة ابعد ولا اسيبه .. خليه يسيبها ويرجعلي.. دي ما تستاهلوش ولا من مستواه .
- سامحيني ياصافى .. بس انا لا يمكن هاكدب ولا اخدع رؤوف فى موضوع هو خلصان اصلاً .. نصيحتي ليكي انك تسافري وتوفري على نفسك تعب القلب ..وعلى فكره بقى .. النهاردة فرحهم ياصافي .
صاحت بجزع :
- كمان فرحهم النهاردة؟
- ايوه النهاردة .. يعنى بقى حاولى تشوفيلك حجة تواجهي بيها اصحابك .. اللى ماهايصدقوا يفرحوا فيكى .. عن اذنك بقى عايز اريح ساعة كده .. اصل النهاردة السهره هاتبقى صباحى فى فرح ابن عمي
تركها متسمره مكانها من الصدمة ودلف هو لغرفته غير مبالي .
.............................
هجمت الفتيات الثلاثة والمرأتين عليها بالعناق والقبلات يهنأنها بكل ود ومحبة .. حتى " رضوى " تخلت عن حقدها قليلاً بعد اقتناعها اَخيراً .. ان ماكانت تحقد بهِ على ابنة عمتها لم يكن سوى بلاءً فوق رأس سمره .. حرمها الراحة والسعادة لسنوات .. مروة وشيماء وزوجات اعمامها نعيمة وثريا كن يهنأنها من قلوبهم بفرحة لا تشوبها شائبة .. فرحة كانت بداخل " سمره " اضعاف وهى ترى اكتمال سعادتها بحضور عائلتها معاها فى هذا اليوم الاهم فى حياتها ..ولكن عيناها كانت معلقة بالمرأة التى وقفت بجوار الباب .. وكأنها فقدت القدرة على المشي وهى مطرقة برأسها ارضاً .. لا تقوى على النظر بعينى ابنتها العروس التي وجدت سعادتها اَخيراً .. بعد ان خرجت من محيط سيطرتها وقرارتها الخاطئة والمدمرة فى حق ابنتها .
شعرت بها فجأه وهى تلقي بنفسها عليها بشوق .. تعانقها بقوة:
- وحشتينى جوى ياامى .
شددت " بسيمة " بذراعيها تعانقها بقوة اكبر وهى تذرف الدمعات بغزارة على الفستان الأبيض .. تبكى بحرقة وبصوتٍ مكتوم:
- سامحيني يابتى سامحيني.
تاثرت سمره هى ايضاً فقالت مابين دمعاتها :
- خلاص ياامى .. اللى فات مات على كده .. وبالعكس كمان بجى .. دا انتي اللى تسامحيني مش انا .
شهقت " بسيمة " واصبح بكائها بصوتٍ عالي .. فالتف حولهم جميع من في الغرفة :
- سيبى البت يابسيمة مش كده .
- خالتى بسيمة براحة على نفسك وعلى بتك .. دى عروسة ودا يوم فرحها .
- مكياجك يا" سمره " .. كده هايبوظ يابت عمي .
قالت " سمسمة " بدعابة:
- يانهار ابيض .. مافيش وقت ياجدعان .. عشان نصلح المكياج والفستان اللى هايبوظوا
اخرجتها بسيمة اَخيراً من احضانها .. تنظر لها عن قرب وهى تبتبسم بسعادة والم :
- طول عمر ابوكي يقول عليكى ..اميرة من كتب الخيال .. بس انا دايماً كنت بكلامي المدب .. اقتل الشعور دا فيكي عشان ماتتكبريش ولا تنغري .. بس والنعمة الشريفة ابوكي كان صادق يابتى وانتي عمرك ماببنتي اي فعل يدل على التكبر ..لكن انا اللى كنت بعاند وبس ..مع انه دايماً كان معاه الحق .
قالت الاَخيرة بحرقة وهى تطبق عليها داخل احضانها مرة اَخرى .. مما جعلهن جميعن يهتفن متذمرات :
- يوووووه مش هانخلص النهاردة.
- جرى ايه يابسيمة ؟ هو انتي فتحتي فى البكا ومش ناوية توجفي ؟
.................................
بعد ذلك بقليل
كل شى فى الحفل كان يقارب الكمال .. تزينت الحديقة واصبحت بفضل الفريق المنظم للحفل باحترافية قطعة من الخيال .. اماكن المدعوين وموائد الطعام وفريقً لتقديم المشروبات بالملابس الرسميه.. وفريقً َاَخر موسيقى يشدوا باجمل الالحان الراقية .. مع بعض الأغاني المعتادة فى الافراح والتي تصلح لحفلات الزفاف .. اقارب العروس اجتمعوا على طاولاتٍ تجمعهم بجوار المدعوين من اقارب العريس وبعض رجال الاعمال اصدقاءه .. حتى " سعاد" كانت جالسة على طاولة وحدها مع اولادها .. دون عمل هذه المرة ولا شقاء .. فقد اصدرت سمره تعليماتها بتعين عدة فتيات اخريات يساعدنها فى المطبخ وتبقى هى فقط مشرفة عليهم.. اما عن العروس فى ليلتها فقد كانت حقاً اميرة كما وصفها ابيها قبل ذلك ..ابهرت جميع من في الحفل .. بفستانها الرائع التصميم ..الذى أحاط جسدها برقى .. مع زينةٍ وجهها التى اظهرت جمال ملامحها الرائعة بسخاء .. لتخطف قلب فارسها الذي كان بجوارها كالمسحور .
تفوه بدعابة
- انتي مكسوفة ليه ماترفعي وشك ؟
ابتسمت بخجل تقول بغيظ :
- ارفع وشي ازاي بس ؟ وانت كل شوية تكسفني بنظراتك الجريئة وكلامك الاجرأ منها .
قال بتسلية :
- بتتكسفي من نظراتي وكلامي !! هو انا لسة قولت حاجة .. اصبري انتي بس .. التقيل جاى .
زجرته بجدية زائفة فضحتها الابتسامة:
- رؤوف والنعمة هازعل لو ماسكت .
بابتسامة مشاكسة قال :
- طب ازعلي عشان اصالحك .. دي لعبة حلوة قوي على فكرة .
همت بالرد عليه ولكنها انتبهت لأبيها الذى كان يقترب بخطواته منهم .. وقف " رؤوف " مرحباً بالرجل الذي عانقه بحميمية:
- نورت الفرح والله ياعمي .. اَخيراً شوفناك من ساعة ماجيت اطمنت على " سمره " الصبح .. خرجت وقولت عدولي .
قال ابوالعزم بابتسامة كبيرة على وجهه :
- هاقولك كنت فين بس اسلم الاول على اميرة قلبي الاول .
اصدر " رؤوف " صوتٍ متزمر وهو يرى ابوالعزم يتقدم ليعانق ابنته بحنان ابوي :
- ايه اميرة قلبي دى كمان ؟ ماتجيبها معايا لبر ياعم ابو العزم .. انا مش شاعر زيك ياعم ولا اعرف اجيب التشبيهاتك دي .
قال " ابو العزم " وهو يقبل سمره فى وجنتيها :
- الواد دا بيغير باينه .. بس يتفلق بقى .. انا اول راجل فى قلبك ولا ايه .
قالت بابتسامة متشفية وعيناها على زوجها :
- طبعاً وانا اقدر انكر .
ضيق عينيه اليها متوعداً يتمتم :
- ماشي ياسمره .. بس خليكى قد الكلام ده بقى .. لكن انت مابرضوا ياعمى ماقولتش كنت فين من الصبح ؟
قال سؤاله بصوت عالي ليسمعه ابو العزم الذي ازدادت ابتسامته اتساعاً وهو يجيب :
- اصل انا النهاردة كنت بتعاقد مع دا نشر كبيرة .. اخيراً اشعاري هاتشوف النور .
هللت سمره فرحة مع زوجها ايضاً :
- مبروك ياوالدي مبروك .. اخيراُ حلم من أحلامك هايتحقق .
- يارب كل أحلامك ياعمي .
.................................
وسط المدعوين
كانت جالسة " لبنى " على طاولة واحدة مع بسيمة والدة سمره و ثريا ونعيمة زوجات اعمامها ومروة شقيقة رفعت .. حسن وسليمان ..
قالت " لبنى " مرحبة:
- حقيقي انتوا نورتونا وشرفتوا الفرح بحضوركم .
ردت ثريا :
- تشكرى ياهانم انتي ياام الكرم .. دا احنا من ساعة مادخلنا بيتكم ..وعرفنا على حق ان انتوا ناس ولاد اصل وكرم .
قالت نعيمة ايضاً :
- والنبي جميلك انتي ورؤوف باشا على راسنا من فوق عشان وقفتوا مع سمره لحد اما ربنا نصرها وكشف الغمة .
قالت لبنى :
- ماتقولوش كده ياجماعة .. دى كل حاجة من تدبير ربنا وحده .
اطبقت بسيمة بكفها على كف المرأة تقول بامتنان :
- هو فعلاً تدبير ربنا .. بس انتوا كنتوا سبب اساساً .. في حماية بنتي وكشف الزفت قاسم .
ربتت " لبنى " بكفها على كف بسيمة تقول :
- سمره تستاهل كل خير .
اتت فجأة بجوراهم شقيقة رؤوف تهتف على الجميع وهى تجلس :
- ايه ياجماعة ساكتين ليه ؟ .. مش هاتقوموا تعملوا اى حركة كده صعيدية تفرحنا معاكم ؟
اجابتها مروة ضاحكة :
- انتي عايزانا نعمل ايه يعنى ؟ نرجص.
قالت ببساطة:
- ومالوا ماترقصوا فيها ايه يعنى دي ؟
ثريا بخجل :
- يامري نرجص .. وكمان جدام الناس الكبيرة دى .
الله يحظك يابتى .. الا قوليلى صح.. هو انتي صح اسمك سمسمة كده على طول؟
ضحكت بمرح قائلة :
- كده على طول ازاي بس ؟ انا اسمي الاصلى " اسما" بس حبيبى اخويا طلع عليا سمسمة من صغرى عشان هو الى رباني بقى وكنت دلوعته.
نعيمة باعجاب :
- بسم الله ماشاء الله عليكى.. وانتو حلوة ولايق عليكى الدلع.. زي بنتك الصغيرة ام عنين زرجا دي .
- اه .. بنتى كارما دي واخدة راحتها اوى النهاردة فى اللعب مع عمها تيسير ووالدها .
اجفلتهم مروة سائلة:
- هي رضوى راحت فين صح ؟ انا مش شايفاها .
اجابتها ثريا :
- رضوى دخلت جوا تظبط مكياجها وطالعة دلوك .
..........................
كانت الطفلة الصغيرة تركض بين الطاولات غير مبالية هرباً من " تيسير " الذى كان كالطفل فى اللعب معها .. وهو يصيح عليها بمرح:
- بت ياكوكى .. تعالى هنا ياعفريتة .
كانت تطلق ضحكاتها البريئة بصوت عالى غير مبالية بالحدث .. لتجعله يعدوا بخطواته السريعة خلفها .. حتى كاد ان يمسك بها ولكن تفاجأ وقد أوشك على يصطدم باحدى الفتيات بقوة .. ولكنه ادرك نفسه وارتد للخلف سريعاً رافعاً كفيه فى الهواء :
- اسف ياانسة .. بس الحمد لله مالمستكيش .
- لا كنت المسني احسن .. عشان كنت جلبتها ضلمة النهاردة .
تذكر صاحبة الصوت ولكنه تفاجأ وهو يراها تختلف هذه المرة عن الأخرى .. فهذه المرة كانت ترتدى فستان سهره محتشم ويليق بالمناسبة مع بعض المساحيق الخفيفة على وجهها ..فجعلتها تبدوا جميلة حقاً .
اشار اليها بسبابته يقول :
- انت بنت خال سمره صح ؟
زمت شفتيها تقول باقتضاب :
- بت خالها ولا بنت عمها وانت مالك ؟
قالتها وذهبت من امامه لتتركه ينظر فى اثرها مندهشاً .. اجفل على ضربة قوية على ذراعه .
- انت بتعمل ايه يانيلة انت ؟
- صاح حانقاً :
- ياباي عليك ياعصام .. هزارك تقيل اوى يااخى .
تابع عصام :
- بتعاكس فى الصعايدة ! انت عايزها تبقى ضلمة يابنى زى مابتقول البنت ؟
تذكر الموقف .. فقال مبتسماً :
- شرسة وشديدة باين عليها .. بس حلوة .. اينعم مش في جمال سمره .. بس يكفى انها من طرفها عشان تبقى مضمونة .
- بتفكر في ايه يا" تيسير " ؟
اجاب ضاحكاً بينما هو يقبض على الملعونة الصغيرة .. التى اصدرت صرخاتها المرحة .
- بفكر اجيب واحدة زى العفريتة دى .. واخدة بالك ياعفريتة انتي .
بانفه يداعبها وهى تضحك باصوتها بجنون .. بينما قال ابيها متمتماً بتعجب :
- ياسبحان الله .. هى دى اخرتك ياتيسير عشان تتربى.
...........................
حلو والله وزي العسل كمان .. مالهاش لزوم الربكة دى .
تفوهت بها وهى تنظر اليه باعجاب وهو يحكم على رابطة عنقه جيداً ..وهما جالسان على طاولة وحدهم .
اجفلته بجراتها كالعادة فقال :
- هو ايه اللى حلو بس يامجنونة انتي ؟
قالت ببساطة:
- انت الحلو يارفعت .. واحلى من اى راجل هنا لابس البدلة .
نظر حوله فقال بتوتر رغم السعادة البادية فى عينيه:
- ياشيماء ماينفعش كده .. المفروض انا اللى اجولك الكلام ده .. بس انتي مش بتديني فرصة .
- ماانا مش بتكسف .. وبحب اعبر عن اللى فى جلبي وخلاص.. لكن بجى لو انت عايز تدلعني وتجولي كلام حلو اهلاً وسهلاً .
ضيق عنينه قليلاً بتفكير قبل ان يقترح :
- بجولك ايه ياشيماء .. احنا مش كنا متفقين اننا هنعمل الخطوبة على طول بعد امتحاناتك اللى فاضلها شهر .. ماتيجي نخليها جواز بالمرة وتكملى السنة اللى فاضلة فى بيتي .
اجابته سريعاً بجرأتها المعتادة :
- موافقة .. بس بشرط ترجص معايا رقصة رومانسية.
قال متذمراً :
- يعنى لبستينى بدلة وكمان عايزة ترجصينى ياشيماء ؟.
- ويعنى انت حد هايعرفك هنا يارفعت .. وحتى لو هايعرفوك .. احنا مالنا بالناس .
صمت قليلا بتفكير ثم قال :
- خلاص ياشيماء موافق.. مدام دا شرط الجواز.
هللت بفرح ولكن خبئت ابتسامتها فجأة تقول :
- طب والست الوالدة او السيد الوالد مش هايعترضوا ولا يزعلوا عشان حبس قاسم يعنى .
قال واثقاً :
- صدقينى مش هايزعلوا ياشيماء.. احنا خلاص رمينا طوبته.. دا زرعة شيطانى وطلعت من ارض سليمة .. خليه يجني نتيجة افعاله .. واحنا هانعيش حياتنا ونفرح ونكمل .. ولا انتى مش شايفة مروة وهى بتضحك وتهزر رضوى هناك .
عادت اليها ابتسامتها مرة أخرى فقالت :
- شايفة يارفعت وفرحانة جوي كمان .. وادي كمان الرقصة الرومانسية اشتغلت .. جوم بجى نرقص زي سمره وعريسها..
جذبته من يده فنهض معها بقلة حيلة :
- طب بالراحة عليا يامجنونة انتى طيب .
...........................
على صوت الموسيقى الحالمة .. يدها بيده تتتمايل معه وخطواتهم تتحرك بتناغم .. وجهه القريب من وجهها .. عيناه المثبتة على عيناها تبعث بألاف رسائل الحب والوعود المطمئنة .. بحياة جميلة تجمعهم معاً .. قلبها القريب من قلبه ينبضان بعنف اعترافاً بعشقهم .. الذى قدر مع ميعاد مولدهم.. رغم ابتعاد المسافات واختلاف الطبقات.. ولكن ما جمعه القدر لا يفرقه بشر .
استمرت رقصتهم الفردية معاً لدقائق قبل ان يسمح المنظم الموسيقى بانضمام الباقين معهم .. دخل عصام وزوجته " سمسمه " شقيقة رؤوف .. تاركان مهمة الطفلة الصغيرة ل" تيسير " الذى بدا مرحباً بحملها وهو ينظر ل" رضوى " وهى الأخرى تبادله النظرات.. دخل رفعت مضطراً مع شيماء .. شاعراً بالخجل والتشنج لبعض اللحظات .. ولكن كل هذا اختفى بعد ان شعر بقربها منه واحساسه بدفأ مشاعرها البريئة والعاشقة له .
وعلى احدى الطاولات .. كان حسن فاغراً فمه بذهول وهو ينظر لابنته وهى ترقص بجرأة مع خطيبها..
قال سليمان بابتسامة ماكرة :
- احمد ربنا ياحسن اننا مش فى بلدنا .. دى بتك رقصت كبير العيلة .
تمتم حسن مندهشاً :
- يابت ال.....ياشيماء .
..................................
في اليوم التالي
استيقظت سمره فلم تجده بجوارها ولكن صوت اندفاع المياه القادمة من الحمام أخبرتها انه بالداخل .. نظرت فى الساعة وجدتها قاربت على التاسعة .. نهضت مجفلة وهى تتذكر ميعاد عودة عائلتها الى البلدة .. تناولت مئزرها الحريري ترتديه سريعاً ونهضت لتدخل الشرفة.. تنظر فى الأسفل فرأت السيارات المصطفة فى انتظار رحيلهم .. التفت للنزول اليهم فشهقت مجفلة حينما وجدت نفسها محاصرة بين ذراعيه :
- انت طلعت امتى من الحمام.
شدد عليها بذراعيه اكثر قائلاً بمرح :
- كنت عايز اخضك واعملهالك مفاجأة.
- تعمليهالى مفاجأة برضوا .. دا انت عجلك صغير جوى .. بَعد شعرك المبلول دا عنى عايزه انزل لاهلى قبل مايمشوا .
قالت الاخيرة وهى تُشيح بوجهها عنه .. فقال بجدية زائفة :
- اعدلى وشك ياسمره وبلاش استعباط .. انا لسه عندى كلام عايز اقوله .
- كلام ايه تانى بس ؟ سيبنى اللبسلى حاجة زينة وانزل لاهلى والنبى.
قال بترجى مع ابتسامته الرائعة:
- طب والنبى انتى ياشيخة.. ماتبقى قاسية وانتظرى شوية .
نظرت إليه بتردد وقبل ان تسجيب .. اجفلهم طرق باب الغرفة .
صاح متذمراً :
- مين اللى بيخبط على اول الصبح كده ؟
وصلهم صوت " سعاد " الضاحك مع استشعار الخبث فى نبرته :
- لامؤاخذة ياسعادة الباشا .. اهل سمره هانم ماشين بلدهم وعايزين يلحقوا يسلموا عليها.
- قوليلهم انا نازلة حالاً اها .
فلتت نفسها سريعاً منه لتأخذ احدى قطع الملابس من دولابها :
- مش قولتلك اهلى ماشين ويدوبك اسلم عليهم.
تمتم مع نفسه بكلماتٍ غير مفهومة وهو يراها تذهب لترتدى ملابسها فى الحمام بعيداً عن عيناه .
...........................
وبداخل قسم الشرطة
خرج من غرفة الظابط المسؤل بعد ان انهى تحقيقه.. بملابسه الرثة وبعض اثار الكدمات البادية بوضوح على وجهه بتدرح الوانها حسب شدة الاصابة .. وجهه متجهم ولا يُنبئ بشئ .. لا يجد فرداً واحداً حتى للسؤال عنه .. ولكن مافائدة سؤال الجميع حتى .. وقد خسر سمره نهائياً ولم تعد لديه فرصة للوصول اليها .
عند هذه النقطة وقف فجأة فى نصف المسافة المؤدية الى باب القسم ..ليوقف رجل الأمن الموصولة بيده كلابته ..
زجره الرجل قائلاً بحنق :
- وجفت ليه يامتهم ؟ اتحرك اخلص عشان تركب العربية اللى هاتوديك النيابة.
- عايز ادخل الحمام بسرعة.. مش هاقدر استنى .
دفعه الرجل فى بقبضة يده :
- لما توصل هناك يبقى يعدلها ربنا .
قال برجاء :
- والنبى ياسيادة العسكري لاتخليني ادخل بسرعة .. مش هاقدر اركب العربية ولا اتحمل اي مسافة .. وحياة عيالك ياشيخ.
نظر اليه يامتعاض قبل ان يسوقه الى الغرفة الكبيرة التى تحوى بداخلها حمامات الرجال .. دخل معه فكانت عدد الأشخاص بكاد يكون منعدماً بداخله ..وذلك لانها بداية اليوم .
- ايه ؟ انت هاتدخل معايا الحمام .. فك الكلبشات خليني ادخل بسرعه وخليك واجف انت على الباب .
حرك الرجل راسه باعتراض :
- مليش دعوة.. انا هادخل واديك ضهرى .. لكن افك كلبشات أنسى .. ياما تطلع معايا من سكات
- لا وعلى ايه؟ ادخل ياعم..
حينما دخل الرجل معه فى الغرفة الصغيرة الضيقة .. اوهمه قاسم انه سيفعل .. فاستدار الراجل بجسده ليعطيه حريته.. وبمجرد ان لمحه قاسم معطى ظهره .
.. بيده الحرة تناول راس الرجل فضربها فى الحائط بقوة ليجعل الرجل يسقط صريعاً فوراً على الارض .. مدرجاً بدماؤه .. لم يستغرق معه الامر طويلاً .. بحث سريعاً بجيب الزي العسكري للرجل فوجد المفتاح الصغير .. فتمكن من فتح الكلابة المطبقة على رسغه.. ثم خلع ملابسه وارتدى الزي العسكرى .. بعد ان خلعه من الرجل .. وبالخطوة السريعه خرج من الحمام .. ليسير بشكل طبيعي بعد ذلك وكأنه فرد امن .. حتى لا يسير الشك.. وصل إلى الطرقة المؤدية لباب الخروج.. تبسم بانتشاء داخله لقرب الهرب .. ليشعر فجأه بثقل يدفعه للسقوط ارضاً .. وجسد ثقيل يقيد حركته ويتناول كف يده بقوة :
- كنت فاكر انك هاتهرب ياقاسم.. دا انت بالذات الوصاية عليك جامدة اوى .. يعنى انا مش اهبل عشان مراقبش خروجك.
صاح بصوت مختنق :
- انا عارفها الوصاية دى .. اكيد الزفت رؤوف.
نهض الظابط المسؤل بعد ان قيد يديه الاثنتان بكلاببتين .. ثم رفعه عن الارض عنوة يقول :
- دا انت ليلتك سودة .. وضيفت على جرايمك .. كذا جريمة تاني .. شكلك هاتقضى العمر كله مسجون !
.......................
كان تودع افراد عائلتها بالقبلات والاحضان الدافئة.. متمنين لها دوام السعادة .. لم يتبقى غير ابيها ورفعت الذين بدوا على معرفة قديمة ووطيدة..
- خلاص ياعم " رؤوف " .. تخلصوا شهر العسل وتيجوا الفرح طوالى .
قال رؤوف مرحباً :
- طبعاً دا انا اتمنى .. بس يعنى الناس فى بلدكم مش هايعترضوا ولا يطلعوا اشاعات.
اكملت سمره على قول زوجها:
- دا اكيد طبعاً .. ماحدش هناك هايجبلني .
تدخل ابو العزم بالحل قائلا:
- هانبقى نقول انها نزلت على والدها.. اللى هو انا وفركشت انا الخطوبة وبعدها جوزتك ل" رؤوف " .
ضحك الثلاثة على فطنته فقال رفعت:
- وادى عمنا ابو العزم الشاعر حبيبنا حلها اها .
قال رؤوف:
- خلاص بقى مافيش حجة تاني طبعاً. اكيد جاين.
- طب ياعم سلام بجى احنا نمشي.
- طب ماتستنوا شوية طيب ..
- لا ياعم يدوبك نحصل.
خرج رؤوف مع رفعت ليودع الجميع معه ولم يبقى الا ابو العزم الذى قبل ابنته فى وجنتيها وهو يعطيها بعض النصائح الابوية قبل ان ينضم الي الجميع ويذهب الى بلدته التى تركها منذ عدة سنوات ..
بعد ان خرجت جميع السيارات .. دلف رؤوف لداخل القصر . تناول الصغيرة من جوار والديها وهما جالسان مع لبنى فى بهو القصر .
- حبيبة قلبى انتي ياكوكى .. وحشتينى من امبارح.
قالت شقيقته بمشاكسة :
- يعني افتكرتها اساساً وانت قاعد جمب العروسة ؟
قال بجدية :
- ايه الكلام ده ؟ معقولة انا انسى كوكى عشان" سمره "لا مالكيش حق صراحة ياسمسمه.. هى صحيح فين ؟
- اشارت بيدها قائلة :
- اااه انت تقصد سمره ؟ هى طلعت فوق .
فتح فمه للكلام ولكنه توقف فجأة يتحرك سريعاً من امامهم :
- طب عن اذنكم ياجماعة بقى البيت بيتكم
هتف عليها عصام زوج شقيقته ضاحكاً:
- ايه ياعم هو نسيت كوكى ؟
رد عليه وهو يصعد درجات السلم بسرعة :
- هابقى اشوفها بعدين هى هاتطير .. سلام بقى
صعد سريعاً يكمل حديث بداه ولا ينتهى الا بانتهاء العمر
تمت الرواية كاملة عبر مدونة دليل الروايات
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية سحر سمرة" اضغط على اسم الرواية