رواية هويت رجل الصعيد البارت العاشر 10 بقلم نورا عبدالعزيز
رواية هويت رجل الصعيد الفصل العاشر 10
بعنـــوان " خطــوة نحـو القلـب" ___
أخذها “خالد” إلى سيارته وهو يقول:-
-وعهد تعرف أنك جاية؟
أجابته “ليلى” بنبرة جادة وهى تسير خلفه:-
-لا تليفونها مقفول
تبسم “خالد” بمكر شديد وفتح لها باب السيارة الأخر وقال:-
-أتفضلى
صعدت للسيارة وذهب “خالد” إلى مقعد السائق وصعد وهو يفكر كيف تكون هذه الفتاة الأعز على قلب “عهد” وإذا أخذها سيكون سبب كافى بأن تأتى “عهد” له فتبسم بخبث وهو يضغط على زر التشغيل لكن قبل أن ينطلق فتح باب السيارة الأيسر ورأى وجه “عطيه” يشتاط غضبًا ويفتح لها حزام الأمان دون ان يأخذ أذنها ثم قال بغضب:-
-أنزلى
جذبها من يدها بغضب وأنزلها ليترجل “خالد” غاضبًا ويقول:-
-أيه اللى بتعمله دا يا عطيه
كانت مصدومة من ظهوره المفاجى أمامها وتنظر له بصمت دون ان تتفوه بكلمة واحدة وعندما سمعت جملة “خالد” قالت بتمتمة:-
-اسمك عطيه
تجاهل تمتمتها ويرمق “خالد” وهو يلتف إليه حول السيارة حتى وقف أمامه ليقول “عطيه” بغضب شديد وصوت خشن:-
-بعد عنها يا خالد وأتجى شري
أقترب “خالد” منه خطوة بثقة وقال:-
-أنت بتهددنى بجى
أقترب “عطيه” منه خطوة أكثر بدون خوف ونظرة تحدي تحتل عينيه ثم قال:-
-أعتبره كيف ما تحب
جذبها من يدها بقوة وسار بعيدًا ليتأفف “خالد” بضيق ويغلق باب السيارة، توقفت “ليلى” بضيق من فعلته ثم جذبت يدها من قبضته بقوة وقالت بانفعال:-
-أنت مجنون ولا عبيط بصفتك أيه أن شاء الله تجرنى وراك كدة ولا تتدخل فى شئون
رفع يده أمام وجهها ليغلق قبضته قبل أن تفلت أعصابه عليها فهو غاضب كافية منها على ركوب سيارة مع رجل غريب والأن تغضبه أكثر بردودها الغليظة، تحدث بضيق شديد منها:-
-وبصفته ايه ان شاء الله عشان تركبى معه، ليكون اخوكى فى الرضاعة
عقدت ذراعيها أمام صدرها بضيق وقالت ساخرة من حديثه:-
-لا كان معايا فى المدرسة
أغمض عينيه بضيق والغيرة ألتهمت كيانه وعقله عندما رأى تركب مع رجل غريب وليس بأى رجل بل أقل بكثير من أن ينال لقب رجل، ألتف مُستديرًا ثم قال:-
-أركبى هوصلك
أستوقفته بجملته الغليظة المستفزة تقول:-
-وأنت أخويا فى الرضاعة عشان أركب معاك
كز على أسنانه وهو يلتف لها ثم مسك كم قميصها وجذبها بقوة حتى ادخلها سيارته وأغلق الباب بقوة ينفث به غضبه لتفزع من صوت الباب وقوته وأزدردت لعابها الجاف فى حلقها بخوف من غضبه …
_________________
كان “نوح” جالسًا على الأريكة والشرفة مفتوح تعبأ الغرفة بضوء الصباح وينظر تجاه الفراش عليها وهى نائمًا كملاك بريء وتزين فراشها كفراشة ربيعية جميلة ملونة فتبسم وهو يفكر كيف يقظها، سار نحوها ثم جلس على الفراش خلف ظهرها يتطلع بملامح وجهها عن قرب فرفع ذراعه ببطيء ليداعب أنفها بسبابته لتتذمر على مداعبته وهى نائمة فتبسم بلطف عليها ثم نكز كتفها من الخلف بقوة وهو يقول بنبرة غليظة:-
-جومى .. جومى يا عهد
تذمرت على إيقاظه لها فحركت جسدها بضيق وهى تقول:-
-سبنى أنام يا نوح
نكزها مرة أخرى وكأنه يتعمد أن يثير غضبها ويقول:-
-جومى بجولك.. جومى جهزيلى الفطار
صرخت به غاضبة دون أن تفتح عينيها :-
-فطار ايه دا اللى بتصحينى من الفجر عشانه
تبسم خلسًا عليها وهو كلما أغضبها كلما زادت جمالًا وأحب غضبها أكثر فقال:-
فجر ايه الساعة 7 الصبح
فتحت عينيها بضيق أكثر وهى ترغب بالمزيد من النوم وجسدها مُرهق فهو لم يتركها تنام مبكرًا ولم تنال إلا ساعتين من النوم بعد صلاة الفجر، تحدثت غاضبة بإرهاق شديد:-
-7 وبتصحينى يا مفترى يا ظالم دا أنت منيمنى بعد صلاة الفجر.. قوم يا نوح من جنبى قبل ما أرتكب فيك جناية
دفعته بقوة من الفراش ليسقط منه فوقف ماسكًا بذراعه المصاب وهذه الزوجة لا تهتم لمرضه ولا لصحته فقط تهتم لنومها، أتسعت عينه وهو يقف بعيدًا ويراها تعود لنومها وتضع الوسادة فوق رأسها، أشتعل الغضب به وهو يراها تكمل نومه دون أن تهتم له فعاد مُجددًا للجلوس جوارها وهو يقول بصياح فى أذنها ويديه تشد الوسادة عنها:-
-والفطار يا عهد
تأففت “عهد” بضيق أكثر لتقول:-
-صوم يا نوح
أتسعت عينيه بذهول من حديثها وتشبثها بالنوم أكثر منه فقال بصدمة:-
-نعم ياخيتى
تمتمت بصوت مبحوح وهى على وشك النوم مرة أخرى مُتعبة جدًا:-
-صوم يا نوح وكله فى ميزان حسناتك
نظر بها بصمت وفى أقل من دقيقتين كانت غرقت فى نومها بتعب ليتبسم عليها بحُب فأبعد خصلات شعرها عن وجنتها وأعاد الغطاء على جسدها ثم أنحنى ليضع قبلة على وجنتها بدلال وقلبه يرفرف فرحًا على وجوده جوارها، سنة كاملة من الفراق مرت عليه وهو كاد أن يفقد عقله من التفكير بها والإشتياق لها لكن كبريائه كان يمنعه من الذهاب لها والآن أصبحت جواره فلن يُفلتها أو يتركها ترحل بعيدًا مرة أخرى، شعرت بشيء على وجنتها عندما قبلها وكانت لحيته تضيقها فتذمرت مرة أخرى وهى تستدير له غاضبة ثم قالت:-
-يا نوح عاوزة أنام
أرتبك من يقظتها فى التو من أن تكون شعرت بقبلته فأخفى ربكته أمام حدته وهو يقول غيظًا:-
-أنا جعان جوم يا عهد ولا أصوم عشان جناب السفيرة عزيزة اللى متجوزها عايزة تتخمد، جومى حضري الفطار أنا ورايا شغل مفاضيش لك
تأففت بضيق من نبرته الحادة الغليظة وهكذا يقظته له فقالت وهى تضرب الفراش بقدميها من إلحاحه الكثير:-
-يا صبر أيوب على دا فطار على الصبح، أقولك روح لحُسنة تجهزه
جذبها من أكتافها ليجعلها تجلس على الفراش فجلست مغمضة العينين وجسدها مُرتخى تماما بين يديه وهتف بنبرة غليظة:-
-حُسنة أيه هو أنا متجوزك انتِ ولا متجوزة حُسنة
فتحت عينيها بأنفعال وأبعدت يديه عنها ثم قالت:-
-يا دى النيلة على متجوزك، يا عم هو أنا قولتلك تتجوزنى .. ما قولتلك طلقنى
حدق بها بعينيه وأشتعلت نيران الغضب بداخله وهى ما زالت تتفوه بهذه الكلمة فقال بجدية:-
-ببُعدك يا عهد نجوم السماء أجرب لك من أنى أطلجك وأوعى خيالك المريض دا يفهمك أن لما تهملنى وتتجاهلينى هزهج وأطلجك … لا يا عهد دا أنا أتجوز عليكى تخدمنى ولا أطلجك
دفعها على الفراش وهو يتابع حديثه بنفس درجة الحدة قائلًا:-
-أتخمدى يا عهد
وضعت الوسادة على رأسها وهى لا تبالى لدفعه لها فجسدها مُرهق كفاية لكى تكترث لشيء أخرى مما أثار غضبه أكثر فهو لا يعلم بأنها لم تنال قسط من النوم قبل حفلة تخرجها وأمس عندما أحضرها لم تنم، تبسم بمكر بعد أن خطر على عقله فكرة خبيثة ليقول وهو يغادر الفراش:-
-أنا أروح أخلى أسماء تجهزلى الفطار والله أتوحشت فطارها
سمعته جملته وهى تضع الغطاء على رأسها فأبعدت الغطاء عنها ثم جلست صارخة عليه تناديه:-
-خد هنا يا نوح ..
نزلت من الفراش وسارت أمامه وهو يبتسم بداخله بعد أن نجحت خطته فى إيقاظها لكنه أصطنع البرود أمامها فقالت وهى تقف أمامه بغيرة تلتهم قلبها وهو يخبرها بأنه ذاهب إلى امرأة أخرى:-
-أسماء مين دى اللى رايح لها وقرف أيه دى اللى هتأكل من أيدها، انت عاوز مرت عمك وبناتها يقولوا عنى أيه، طب أبقى أعملها يا نوح وأطفح حتى بوق مياه من أيدها وأنت والله ما تشوف وشي تانى ولا تعرف لي طريق
عادت للفراش ليغتاظ من تجاهلها وفى النهاية عادت للفراش، دق باب الغرفة فذهب لكى يفتح الباب وكانت “حُسنة” لتخبره بأن “ليلى” جاءت، دخل للداخل وبدل ملابسه ليقول وهو يلف عمته:-
-صاحبتك جت تحت
أنتفضت من الفراش فرحًا وأمتلت بالحماس وهى تركض للخارج فأتسعت عينيه بصدمة من النشاط التى ملأها فجأة من أجل صديقتها لكن عندما حدثها هو كانت مليئة بالكسل والخمول....
_____________________
وقف “حمدى” مع رجال الجبال بداخل الجبل يفحص الأسلحة الجديدة ثم قال بحماس:-
-تسلم يدكم يا رجالة
نظر للصناديق ثم سأل بفضول وهو يغادر المخزن:-
-وصلك كام صندوج
-13 صندوج وكلهم من نوع النوع اللى شوفته دا
أومأ لهم بنعم ثم قال:-
-حلو جوى متخرجش منهم حاجة إلا لما اجولك
أومأ له بنعم ثم غادر “حمدى” الجبل مُبتسمًا بسعادة بعد أن حصل على صفقة جديدة ولم يبالى بما فعله أمس وضرب “نوح” بالرصاص ولم يشعر بأى تأنيب ضمير بل هو على وشك فعل المزيد لأخذ حقه...
____________________
__منزل الصيــــــاد__
تحدثت “ليلى” بصوت هاديء:-
-ما دام مخلصتيش الكتاب يبقى تخلصيه يا عهد أنتِ ماضية عقد
تنهدت “عهد” بتعب وهى تجلس جوارها على الأريكة فى الصالون ثم قالت بضيق:-
-مش قادرة يا ليلى، حقيقى مش عارفة أكمل واقفة فى النفس ومش عارفة اكمل
أتاها صوت “سلمى” تقول:-
-حاولى يا عهد، حسب اللى فهمته أنك زينة جوى فى شغلك
تبسمت “ليلى” بحماس وقالت بعفوية:-
-أوى أوى يا طنط
وقفت من مكانها وجلست بجوار “ليلى” وهى تفتح الهاتفعلى أحد فيديوهات “عهد” وجعلتها تشاهد “عهد” وهى تتحدث بمهارة وثقة أمام الكاميرا فتبسمت “سلمى” بفخر شديد من هذه الفتاة التى أصبحت زوجة لأبنها دون ان يختارها احد لأنها كانت وما زالت الافضل له من وجه نظر الجميع عدا عمه وعائلته..
صعدت “ليلى” مع “سلمى” بعد أن تحمست كثيرًا لرؤية المزيد عن “عهد”، ضحكت “عهد” عليهما وجاءت “حُسنة” تضع القهوة امامها فهى بحاجة إلى المزيد من القهوة لتصارع نومها وتعبها، أرتشفت الكثير فى هدوء لكن لم يدوم هدوئها كثيرًا عندما جلست “حورية” جوارها لتقول:-
-أيه اللى رجعك يا عهد؟
تعجبت “عهد” من سؤالها فأبعدت الفنجان عن شفتيها ثم نظرت إلى “حورية” بعدم فهم السبب من سؤالها العجيب لتقول:-
-قصدك أيه؟
وضعت “حورية” قدم على الأخر ثم قالت:-
-بجولك أيه اللى رجعك ما دام مبتحبيش نوح ولا جوازه تم وأنتِ فاهمة جصدى زين يبجى رجعتى ليه ما كنتي خليكى بعيد وتهمل نوح للى بتحبه ورايده
وقفت “عهد” من مكانها بأشمئزاز من حديثها وأشتاطت غضبًا من هذه المرأة الماكرة وقالت بجدية:-
-اللى هى مين أختك؟ وبعدين أنتِ بتتحشرى فى اللى ميخصكيش ليه مش ملاحظة أنك بتتحشرى بين راجل ومراته
وقفت “حورية” تثير أستفزازها اكثر وهى تقول:-
-وأنتِ بجى مرته صوح يا عهد ولا بالاسم كدة
لم تتمالك “عهد” غضبها أكثر فصاحت بانفعال وعقدت حاجبها قائلة:-
-مالكيش فيه وبعدين لتكونى فاكرة أن نوح هيفكر يبص لأختك المعفنة دى، الراجل يا حبيبتى مبيبصش للى مدلوقة عليه وأنتِ أختك متتوصاش فى الدلقة، وأخر مرة يا حورية إياكِ تتدخلى فى حياتى أنا أو جوزى
أستدارت “عهد” لكى تغادر لكن أستوقفها صوت “أسماء” الواقفة على باب المطبخ بعد أن سمعت حديثهما وإهانة “عهد” لها فقالت:-
-بكرة تشوفى يا عهد نوح هيبص لي ولا لا ما هو الراجل برضو مبيبصش للمرة اللى تهمله وتطلعه من داره من غير فطار مثلًا
أتسعت عينيها على مصراعيها بغضب وهذه الفتاة تخبرها بأنها ستأخذ زوجها منها لتشعر بأختناق فى صدرها وغيرة تلتهم قلبها وتذكرت حديثهما صباحًا عندما أخبرها بأن ستزوج من أخرى وذهابه إلى “أسماء” فغادرت المنزل غاضبة بقلب مُرتجف خوفًا من أن تفقده إلى أخرى....
وقفت "حورية" خلف أختها وقالت بمكر:-
-جدعة يا خيتى ولو جمدتى جلبك هبابة كمان هتجدرى تأخدى نوح منها
تمتمت "أسماء" بغضب كامن بداخلها وحبها يشتعل لهيبه بقلبها قائلة:-
-عندك حج يا حورية أنا لازم أحرب عشان جلبى وحُبي ومستسلمة واصل لحد ما نوح يكون جوزى، هى مش أحسن منى فى حاجة
اربتت "حورية" علي كتفها بحماس وقالت بمكر تبخ سمها فى أذنها:-
-جدعة يا خيتى، هى مش أحسن منك أبدًا ومفهاش حاجة تحليها عندك، أنتِ بس لازم تديها على رأسها عشان تخاف منك...
_____________________
خرج "على" من الجامع مُتكأ على عكازه الخشبي ويسير مع صديقه فقال بجدية:-
-خلى ولدك يوزع الورث بالحج يا على عشان حمدي مهيسكتش أمبارح ضربه بالنار وربك سترها ومتعرفش المرة الجاية هيعمل أيه؟
تنهد "على" تنهيدة معبأة بالخبيات واليأس ثم قال:-
-نوح مهيرضش يديله المال الحلال عشان يغرجه فى الحرام ويكبر الحلال بالحرام
أربت صديقه على كتفه بخفة ثم قال بتحذير:-
-أتحدد وياه، نوح هيسمع منك يا على ولدك طيب وعلى طول فى حاله
نظر "على" إليه بضجر ثم قال:-
-طيب!! نوح مهيسمعش من حد وراسه ناشفة، نوح ما هيوزعش الأرض والمحاجر، ولدى فى حاله لكن اللى يجرب من حاله دا بيأكله بأسنانه ويولع فيه، أنا جلجان جوى عليه وعلى حبايبه ربك يسترها
سار مع صديقه إلى أحد التجار لكى يباشر عمله بعد صلاة العصر....
_____________________
وقف “نوح” من مكتبه وهو يقول:-
-أتحكم فى عصيبتك يا عطيه معها مفيش ست بتحب الراجل اللى يتعصب عليها
نظر “عطيه” له ثم سأله بضيق:-
-يعنى عاوز تفهمنى أن عمرك ما أتعصبت على مرتك
تبسم “نوح” وهو يفتح باب المكتب ويشرد فى تفاصيل زوجته المتمردة فقال:-
-عمرى يا عطيه، أنا فى عز عصبيتى وأنفعالى بأجى جدامها وأنسي كل العصبية و....
صمت عن الحديث عندما رأها تأتى هناك وسط عمال المحجر فدفع “عطيه” بعيدًا وهو يقول:-
-هوينا بجى
سار نحوها وعندما وصل إليها أتسعت عينيه على مصراعيها عندما رأها قادمة تبكى ودموعها لوثت وجنتيها الحمراء، أخذها من يدها إلى مكتبه وهى صامتة ودموعها تنهمر بينما قلبه دب به الفزع والقلق مما أبكاها هكذا، وقف أمامها يتطلع بها وهى تنظر للأرض باكية وعينيها تورمت من البكاء وما زالت بملابس أمس بنطلون جينز وتي شيرت أبيض فوقه جاكيت أزرق اللون وفى حالة فوضوى، شعر بالغيرة من ملابسها وخروجها من المنزل أمام الرجال هكذا فأخذ عبائته الموجودة على المقعد ليضعها على أكتافها بلطف وأخرج شعرها من الخلف، جفف دموعها بأنامله ورفع رأسها له بيديه لتتقابل عيونهما وكانت تبكى بقوة قهرًا فأرتجف قلبه فزعًا بعد أن رأها بهذه الحالة عندما جاءت إليه باكية وضعيفة، أخذ وجهها بين راحتى يديه ثم قال بنبرة دافئة:-
-حصل أيه؟ أيه بكاكى أكدة
لم تجيبه بل زاد بكاءها وهى ترتعش بخوف شديد فوضع خصلات شعرها خلف أذنها بغضب من رؤيتها حزينة هكذا وقلبه يحترق مع حرارة دموعها ثم قال بنبرة دافئة:-
-احكي ليا حصل أيه؟ معلون أى حاجة تزعلك وتبكيكى يا عهد، أنا فاكر أن جولتلك أنى معاوزش غير أنك تكوني سعيدة ومبسوطة، بتبكى ليه وأيه اللى خرجك من دارك كدة فى الحالة دى
تمتمت "عهد" بضعف وسط شهقاتها قائلة:-
-نوح
جفف دموعها بأبهاميه برفق وحدثها بلهجة ناعمة ونبرة دافئة تطمئن قلبها المُرتجف خوفًا:-
-عيون نوح وروحه ليكى يا عهدى
أنهمرت دموعها أكثر من لطفه الذي يحتوي أوجاعها بمهارة وأتقان وكأن زوجها الصارم الشرس يتقن جيدًا سُبل أحتوائها وكيفية زرع الطمأنينة بداخل قلبها وروحها البريئة ثم غمغمت باكية:-
-أنت مش هطلقنى صح؟!
نظر بعينيها العسليتين الباكيتين وخرج منه ضحكة خافتة عليها فى قبل مُغادرته صباحًا كانت ثابتة على قرارها وطلب الأنفصال والأن جاءت إلى عمله باكية بخوف من أن ينفصل عنها ليقول بجدية وثقة:-
-صح مفيش طلاج
ما زال يحتضن رأسها بيديه لتتشبث بساعديه بخوف وقالت راجية وقد تنازلت عن كبريائها قليلًا:-
-يعنى مش هتتجوز عليا يا نوح، أوعاك تعملها وأنا على ذمتك هتكسرنى وتوجعنى يا نوح وجع عمرى ما هقدر أغفره ولا أتحمله... لو عاوز تتجوز أسماء طلقنى قبلها
مسح على شعرها بلطف وقد فهم سبب بكاءها ومجيئها فيبدو أنها تشاجرت مع أحدهن فى المنزل وأخبروها بأنه سيتجوز ابنه عمه فقال بجدية وثقة:-
-أنا مهتجوزش غيرك يا عهد لا وأنتِ على ذمتى ولا وأنتِ بعيد عنى، أنا مهتجوزش بعدك طول عمرى ولحد مماتى.. مفيش غيرك، حتى بعنادك وخناقاتنا اللى كترت والمشاحنات اللى بينا مهسبكيش، خانقينى وعاندينى وطلعى روحى وزعلنى كل يوم لكن أبعدك عنى لا فأهدي يا عهد وأطمنى أنتِ هتفضلى جارى لأخر نفس فيا....
مسحت أنفها الذي سال من كثرة بكائها بدلال بعد أن طمأن قلبها وأحتواء حزنها المشتعل بداخلها ثم قالت بعفوية:-
-خلاص أنا مش زعلانة
ضحك عليها بخفة لتنظر إلى ضحكاته الساحرة التى زادته وسامة وخطفت قلبها عاشقًا له أكثر ويجدد حُب داخلها فى التو وشردت بهما لأول مرة ترأه يضحك أو يبتسم فنظر إلى شرودها به وقال مُتعجبًا:-
-ما لك؟
أجابته بدون وعى شاردة بوسامته وضحكاته التى زادته جمالًا على جماله:-
-أول مرة أعرف أنك بتعرف تضحك يا نوح
مسك ذقنها بلطف وهو يداعبها بأبهامه وقال بهيام:-
-وأنا وأول مرة أعرف أن أسمى زين جوى أكدة
أنفجرت ضاحكة عليه بسعادة ليتأمل ضحكاتها بهيام وهذه الفتاة ستجلب الكثير من المشاعر لقلبه والعشق يسكنه لأجلها ويرفرف قلبه فرحًا لرؤيتها هكذا، خجلت من نظراته فقالت بخجل:-
-أحم أنا هروح
مسك يدها قبل أن تغادر لتلف تنظر له مرة أخرى لتُصدم عندما أخذ خطوة لها وما زالت يده متشبثة بيدها ثم وضع شفتيها على جبينها بلطف تاركًا لها قبلة ناعمة تذيب قلبها وكبريائها اللعين، خفق قلبها بسرعة جنونية وشفتيها مُلتصقة بجبينها ليتلاشي عنادها الماكر وتكفىُ عن التمرد أكثر معه، أبتعد عنها وجسدها يقشعر خجلًا من فعلته ثم نظر إلى عينيها وقال هامسًا لها:-
-أنا مهروحش لغيرك يا عهد ومتسمعيش لحد غيرى واصل
أومأت له بنعم دون أن تتفوه بكلمة واحدة فقط أغلقت يدها على قبضته لينظر إلى يديهما المتشابكة بعد أن بادلت يده عناق يدها ثم نظر لها مُبتسمًا وقال:-
-عهد
حدثته بعفوية وعينيها تحتضن عينيها بنظراتها الدافئة المليئة بالحب ويفيض منهما لأجله:-
-أنا مش عايزة أطلق يا نوح متطلقنيش
هز رأسه بالموافقة لأجلها ثم غادرت المكتب وعلى أكتافها عبائته السوداء، كانت تسير فى البلد والعشق يغمرها ويتراقص قلبها وعقلها وكل ما بها هائمًا بالهوى وقد غلبها الهوي ولم تنتبه وسط سعادتها إلي هذه المرأة الغجرية التى تسير خلفها تمكر لها وتنظر حولها بخوف من أن يراها أحد حتى تأكدت بألا يراها أحد ثم أقتربت من خلف “عهد” أكثر
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية هويت رجل الصعيد" اضغط على أسم الرواية