Ads by Google X

رواية ليتني مت قبل هذا الفصل العشرون 20 - بقلم نعمة حسن

الصفحة الرئيسية

 رواية ليتني مت قبل هذا الفصل العشرون 20 بقلم نعمة حسن

 رواية ليتني مت قبل هذا الفصل العشرون 20

في المشفـي بقسم الإستقبال و الطوارئ...

دخل يحيـي مهرولاً وهو يحمل طفلته بين يديه والتي ساءت حالتها و إرتفعت حرارتها أكثر...

وقف أمام الممرضة التي إلتقطت منه نور علي الفور و ذهبت لعمل اللازم بينما وقف هو أمام الغرفه ينتظر و القلق قد أخذ منه كل مأخذٍ.

إرتفع رنين الهاتف وكانت غزل فأجابها بهدوء: ألو؟

_أيوة يا يحيـي، طمني، إيه الأخبار؟

تنهد بتعب وقال: مش عارف لسه هما خدوها بيكشفوا عليها في الأوضه جوا و أمها معاها.. أنا واقف برا بستني.

_طيب إن شاء الله خير.. لما تطمن إبقا طمني.

=تمام ماشي..مع السلامه.

أنهي المكالمه بتعجل عندما رأي الطبيب يخرج من الغرفه فإتجه نحوه مسرعاً و تسائل بلهفه: مالها يا دكتور؟

نظر إليه الطبيب بعملية شديدة وأردف قائلاً: متقلقش هي زي الفل.. عدوي من الجو و كل الأطفال بيصابوا بيها اليومين دول.. هي خدت خافض للحراره و كتبتلها علاج تاخده بإنتظام و هتبقي كويسه إن شاءالله.. ألف سلامة.

=الله يسلمك.

ألقاها بإقتضاب عندما رأي يُسر تخرج من الغرفه وهي تحمل نور فأسرع نحوها و حملها عنها وهو يتفحصها ويقول: عملتوا إيه؟

نظرت إليه يُسر بملامح متحفزة وقالت: الدكتور بيقول إن حرارتها دي بسبب الإهمال في الأكل اللي بتاكله و أكيد كلت حاجه سخنتها و كمان أوقات الشاور بتاعها مش مناسب مع الجو البرد اللي إحنا فيه.

نظر إليها متعجباً فتابعت قائلة: يعني اللي هي فيه ده بسبب إهمال المدام اللي إنت مسلمها ولادي أمانه في إيديها.

ظل ينظر إليها بثبات حتي توترت وقالت: إيه مالك بتبصلي كده ليـه؟

_ عشان عمرك ما هتتغيري..إتـفضلي.

برز صوته بالأخيرة حاداً صارماً لا يقبل النقاش فإنصاعت خلف أمره و إستقلت المقعد المجاور له بالسياره ليركب هو منطلقاً بالسياره عائداً نحو البيت.

_أنا مش هسيب ولادي مع واحده مهمله زي دي تاني.

ألقتها يُسر في محاوله منها لجذب طرف الحديث معه فإذ به يتجاهلها لتعود قائلة: يا إما أخد نور و زياد يعيشوا معايا يا إما أفضل أنا معا.......

=يُسـررررر.

قاطعها بحدة و أكمل: متخليش عقلك الخايب ده يصورلك إن يحيـي هيتضحك عليه تاني.. لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين..و شوفي بقا أنا إتلدعت منك كام مره.. يعني وفري علي نفسك و عليا كل الحوارات دي.

_قصـدك إيه؟!!

تسائلت بغضب ليجيبها بغضب مماثل: قصدي إنتي عارفاه و فهماه.. عيالي هيتربوا معايا أنا ده أولاً..و إنتي ملكيش قعاد عندي بعد بكرة ده ثانياً.

ثم نظر إليها و أضاف بقوة: و المدام اللي بتقولي عليها مهمله دي هي اللي بتربي لك عيالك و بتراعيهم أحسن مما كنتي إنتي بتعملي و أنا مش شايف منها أي تقصير أبداً.. بالعكس، وقتها و مجهودها كلهم رايحين عليهم.. و علي فكرة أنا سألت الدكتور قبل ما تخرجي و قاللي إن دي عدوي من الجو.. بطلي الكدب اللي في دمك ده بقا.

ألقي بالأخيره وهو يحدجها بنظرات يائسه لتلتزم هي الصمت كحاله حتي وصلوا أمام المبني فقال: تطلعي تاخدي بنتك و علي الأوضه من سكات .. مش عايز لكلكه فارغه أنا قولتلك أهو.

ترجّل من السياره و حمل نور ثم صعدا إلي الشقه فقام بفتح الباب لتسرع غزل نحوهم بلهفه و تسائلت: عملتوا إيه طمنّي؟!

أومأ بهدوءء وقال: الحمدلله بسيطه، عدوي من الجو.

دخل إلي الغرفه و وضع نور بفراشها ثم توجه إلي غرفته بصمت فتبعته غزل بينما صفقت الأخري الباب بحدة.

تنهد يحيي بثقل وقال: زياد نام إمتا؟!

_بعد ما مشيتوا فوراً.

أومأ موافقاً وقال: أنا هنام يا غزل لإني مش قادر خلاص و حاسس إن جسمي مهمد.

_أجيبلك مسكن طيب؟

= لأ مش ضروري، هنام و أبقا كويس.

_ماشي، تصبح على خير.

دخلت إلي فراشها كما فعل هو أيضاً ليغط في النوم سريعاً بينما بقت هي تتطلع نحوه بألم داخلي يملؤها.

كم تمنت أن تحظي بلحظةٍ كهذهِ ، أن تراه عن قُرب غافٍ إلي جانبها كما هو الآن ، تستمع إلي أنفاسه و تشتم رائحته ، تراقب كل حركاته و سكناته حتي أثناء نومه ، لم يكن بمخيلتها أبداً أنها ستتمكن يوماً من نيْل ما تمنّت و لم تتوقع أيضاً أنها ما إن نالته ستقف مكتوفة الأيدي تشاهد من بعيد ولا تقوي على الإقتراب!، و لكنها تستحق ولو فرصة واحده!

مدّت أطراف يدها المرتعشه تتحسس ملامحه الهادئه التي تعشقها فمررت أصابعها الناعمه علي خصلاتهِ السوداء، أنفه المنمق، وجنتيه الدافئتين، شفتيه البارزتين و لحيته الناميه قليلاً.

أرادت الإقتراب أكثر و النوم إلي جانبه ففعلت، ثار قلبها و طلب المزيد فلم تبخل عليه و إلتصقت بهِ و وضعت رأسها علي ساعدهِ المفرود إلي جانبه و وضعت يدها موضع قلبه تلتمس دقاته بيدها، إشتمت أنفاسه عن قُرب فكانت لها بمثابة إكسيراً للحياةِ و أكثر.

إنها الآن لا تتمني أكثر من ذلك فأسبلت أجفانها و نامت قريرة العين.

إستمع هو إلي إنتظام أنفاسها فـعلِم أنها قد تعمّقت في النوم ففتح عينيه ناظراً أمامه بشرود وهو يتأمل فعلتها تلك!

ألهذا الحد تعشقهُ؟! و ما الذي يجعلها تتحمل و تتحامل علي نفسها و تقبل بكل ما يقدمه إليها من فتات المشاعر و بقايا الأحاسيس؟! لِما هي التي تعشقه لهذا الحد و الأخري لا؟! و لِما لا يستطيع هو أن يمنحها ولو نصف ما تستحقه؟! هل أصبح ظالماً لذلك الحد؟!

إنها حتماً تستحق أن يمنح نفسه فُرصةٍ ثانيه!

أحاطها جيداً بذراعه الذي تستند عليه و يدهُ الأخري تزيح خصلات شعرها من فوق جبينها ليجدها تحيط خصره بيدها بإحكام مما جعل قلبه يهتز بين أضلاعه وهو يجاهد كي لا يتأثر بقربها الشديد منهُ فقرر أن يتجاهل مشاعره وليدة اللحظة تلك و أن يخلد إلي النوم!

__________________________

ظلت يُسر بغرفتها مستيقظه لم يطأ النعاس جفناها ، يتآكل داخلها من فرط الغيظ و قد عبث الفضول بها .

تودُ لو ذهبت إلي غرفتهم و عَلِمت ماذا يفعلون!

تحدثت إلي نفسها وقالت: بقا علي آخر الزمن يوصل بيا الحال إني أبقا مع يحيي في نفس البيت و كل واحد مننا في أوضه؟! لا و كمان الحربايه غزل هي اللي نايمه في حضنه!! والله لو كانوا حلفولي ع الميه تجمد إن ده هيحصل ما كنت أصدق أبداً.

و زفرت بقوة و تابعت:فكري يا يُسـر.. دي فرصتك الأخيره ولازم تستغليها، إنتي مش ضامنه هتعرفي تيجي هنا تاني ولا لأ.. فكري.. فكري.. بسسس.. لقيتهـا !!!!

دخلت إلي فراشها مجدداً بحماس و إستسلمت للنوم وهي تعتـزم فِعل ما تنويه غداً.

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

تململت غزل في نومها لتشعر وكأنها مقيدةً بمكانها، فتحت عينيها لتصطدم بصاحب أكثر وجه تعشقه في العالم يسلط نظره نحوها مبتسماً وهو يحيط خصرها بيمناه مما أثار ذهولها فقالت وهي تحاول التملّص من تحت ذراعه: صباح الخير.

=صباح النـور.. كل ده نوم!

قالها وهو يزيد من إحكام قبضته على خصرها و أضاف: هو إنتي بتحلوّي وإنتي نايمه ولا أنا متهيألي؟!

هوي قلبها أرضاً لمغازلته اللطيفه تلك فإبتسمت إبتسامه مفعمه بالحب ليبادلها الإبتسامه فقالت: ماشاءالله مزاجك حلو علي الصبح، ياارب تفضل كده دايماً.

_هحاول يا غزل، هحاول أفضل كده علي قد ما اقدر.

ألقاها بغموض قليلاً ثم قال مبتسماً وهو يمسح على شعرها بحنان: سيادتك هتفضلي نايمه كده و تسيبي جوزك من غير فطار؟! يرضيكي أخرج علي لحم بطني ولا كإني متجوز؟!

نهضت بحماس و حيويه وقالت: حالاً هعمللك تفطر.. علي ما تاخد شاور و تجهز هيكون الفطار جاهز.

ثم خرجت من الغرفه و منها إلي المطبخ لتجد يُسر تقوم بإعداد القهوة فقالت بإقتضاب : صباح الخير.

_ يا أهـلاً.

ألقتها يُسر بفظاظه فعادت غزل لتتسائل قائلة: نور عامله إيه دلوقتي؟!

_ كويـسه.

نطقتها بإقتضاب و حملت قهوتها و خرجت من المطبخ ثم عادت إلي الغرفة بينما أنهت غزل إعداد الفطور و ذهبت به إلي غرفة يحيـي لتجده يقف أمام المرآه ممسكاً بإثنتين من رابطات العنق الخاصه به فنظر إليها وقال: إيه رأيك يا غزوله.. الكراڤته الرمادي ولا السودا؟

دنت منه أكثر ثم طالعتهم سريعاً و نظرت إليه قائلة: السودا أحلـي.

أومأ مؤيداً ثم إرتداها و جلس ليتناول فطوره سريعاً وقال: هدخل أشوف نور بسرعة و بعدها أنزل عشان عندي شغل كتير.

ذهب إلي غرفة أولاده و طرق الباب بخفه لتفتح يُسر مبتسمة فقال بإقتضاب: نور صحيت ؟

_أيوة من شويه.. و زياد كمان.

دلف إلي الغرفة ليجد زياد يجلس بجانب أخته فـ منحه إبتسامة صافيه وقال: صباح الخير يا زيزو.

_صباح الخير يا بابا.

قبله يحيي و جلس إلي جوارهم و مد يده يتحسس جبين نور وقال مبتسماً: الحمدلله يا بابا بقيتي جميله؟

أومأت الصغيرة بموافقة فقال: الحمد لله.. كلي و خدي العلاج عشان لو خدتي العلاج هنروح الملاهي.

_و ماما؟

تسائلت نور و تابعت: إيه يا بابا !؟

تجاهل سؤالها و نهض من جانبها و قال وهو يتجه نحو الخارج: أنا هروح الشغل ولما أرجع هجيبلك حاجه حلوه.

ثم همس إلي يُسر وقال: متحاوليش تلعبي في عقل العيال و تعشميهم بحاجات مش هتحصل .. عشان في الآخر إنتي اللي هتزعلي.

تركها تغلي و تزبد من شدة الغيظ و غادر منصرفاً إلي مقر شركته.

_____________________

تلقت غزل إتصالاً من صافيه فأغلقت باب الغرفه و أجابتها فقالت: صباح الخير يا عمتو.

_صباح النور يا حبيبتي.. طمنيني إيه الأخبار؟

=الحمدلله.. زي ما إحنا.

_ و الحربايه دي لسه عندك؟

=أيوة المفروض تمشي النهارده.

_مش هتمشي.

=إشمعنا؟! يحيـي مأكد عليها إنها هتمشي النهارده.

_وأنا بقوللك مش هتمشي.. هتعمل أي حاجة و تتحجج و تقعد.

=لاا ده أنا مش هسكت أبداً لو ده حصل.

_بصي.. أنا جيالك، مينفعش تقعدي مع واحده زي دي لوحدك أصلاً.. ساعة بالظبط و تلاقيني عندك.

=أيوة يا ريت يا عمتو ألا أنا إتخنقت.. يلا هستناكي.

أنهت غزل المكالمه و قامت بالإتصال بـ يحيي...

_أيوة يا غزل؟

=أيوه يا يحيى.. بقوللك عمتو جايه تقضي معايا اليوم النهارده.. لسه مكلماني دلوقتي فقولت أعرفك.

_مش محتاجه تبلغيني يا غزل ده بيتك و تستقبلي فيه اللي إنتي تحبيه.. عالعموم كويس عشان متقعديش لوحدك.. و أنا هحاول أرجع قبل ما صافيه تمشي عشان أشوفها.

=تمـام ماشي.. مع السلامه.

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

رن جرس الباب ليهرول زياد نحوه و قام بفتحه لتتهلل أساريره قائلاً: طنط صافيه!!

إحتضنته صافيه بقوة و راحت تغدقه بالقبل و الأحضان وقالت: وحشتني أوي يا زيزو.. أخبارك إيه و نور عامله إيه؟!

_الحمد لله كويسين.

خرجتا كلاً من غزل و يُسر من غرفهن في نفس الوقت فهرولت غزل نحو عمتها تستقبلها بينما تمتمت الأخري بنزق : آاااه.. العصابه كملت!

دلفت صافيه إلي الداخل وهي تتفحص المكان من حولها و تسائلت بهمس: هي فين؟!

همست إليها غزل وهي تشير برأسها تجاه الغرفه وقالت: في الأوضه دي مع نور .

نظرت صافيه إلي زياد وقالت: بسرعه يا زيزو ناديلي نور عشان اشوفها..

إنصرف الطفل علي الفور بينما نظرت صافيه إلي غزل وقالت: محضره ليكي حتة مفاجأة إنما إييه؟!

وقبل أن تتسائل غزل كان قد إرتفع رنين جرس الباب معلناً عن وصول تلك الضيفه التي قامت صافيه بدعوتها.

_زينب؟!

نطقت بها غزل بإبتسامه متحمسه و هرولت تجاهها تحتضنها بشدة بينما بادلتها الأخري الإحتضان وهي تقول: إيه ده با بت يا غزوله عيني بارده عليكي، إحلويتي عالجواز يبت!

ضحكت غزل بإتساع لتنظر صافيه إلي يُسر وقالت: الله أكبر يا زيزي.. إحنا طول عمرنا حلوين يختي.

نظرت إليها زينب و تسائلت بهمس قائلة: هي فين؟!

إرتفعت ضحكات الجميع بينما تجلس يُسر بالغرفه و الغيظ يأكل داخلها لتنصدم بـ زينب والتي تقف علي باب الغرفه وتقول: ياااه يا سوسو.. مين كان يصدق إننا نتقابل تاني بعد ما يحيي طلقك؟! لأ و نتقابل في بيت يحيي و غزل كمان.!!

زفرت يُسر بضيق و تحاهلت حديثها لتستطرد قائلة: بس بصراحه لعبتيها صح.. طول عمرك معلمه بردو.. عملتي العيال حجتك عشان تقعدي معاهم هنا و يحيي الغلبان صدقك زي كل مرة!

نهضت يـسر بنفاذ صبر و صفقت الباب بغتةً بوجه زينب التي قالت: لأ أتفضل فين أنا مش فاضيه للضيافه و الكلام الفاضي ده.. إتفضلي إنتي يا حبيبتي.

إنفجرت غزل ضاحكه بينما صافيه كانت تهز رأسها بيأس من أفعال زينب المضحكه و نادتها قائلة: طب إتفضلي بجد بقا وتعالي إقعدي.. خلينا نتكلم شويه قبل ما أروح.

نظرت غزل إلي صافيه وقالت: تروحي إيه هو إنتي لحقتي تقعدي؟

_نعمل إيه يا حبيبتي حكم القوي.. منتي عارفه أبوكي و تحكماته.. ده كان عايز ييجي معايا عشان يشوفك بس أتا اللي فضلت أتوه في الكلام لحد ما زوغت منه.

قالت زينب: وحشتيني أوي يا صافيه و وحشتني قعدتك و إنتي كمان يا بت يا غزل.. فاكره أيام رمضان لما كنتي تفطري معانا أول يوم؟

أومأت غزل بتأكيد بينما شردت صافيه بعيداً ثم تسائلت بإنتباه: أخبار عمي علي إيه يا زينب؟! كل ما أقول لـ إبراهيم أروح أزوره ميرضاش

تنهدت زينب بحزن وقالت: عمي الحج إتغير أوي.. هزل و كبر ييجي عشرين سنه في السنه ونص اللي فاتوا دول.. و مبقاش لا يضحك ولا يهزر معانا زي زمان.. زعله علي ولاده هد حيله.. الله يكون في عونه.

أومأت غزل بتفهم لتعود و تقول: يحيي كان عنده قريب، الظاهر بدأ ينسي و يسامح.. بس سليمان اللي ميعرفش عنه حاجه غير إنه ساب إسكندرية.

توترت صافيه قليلاً وحاولت إخفاء ذلك ثم تسائلت بفضول: ساب إسكندرية و راح فين؟!

رفعت كتفيها بجهل وقالت: محدش عارف.

حاولت غزل تغيير مجري الحديث فقالت: بقول لكوا إيه.. قوموا نعمل كيك و شاي و نقعد في البلكونه أحسن من القعده في الخنقه هنا.. الجو بره جميل.

أومأت كلاً من صافيه و زينب و ذهبوا لإكمال جلستهم بالشرفه غير غافلين عن زوج العيون الحانق الذي يراقبهم بضيق و غيظ.

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

بعد إنصراف زينب و من بعدها صافيه التي أخبرتها قبل أن تغادر: خدي بالك و فتحي عينك كويس.. إنتي قاعده مع حربايه بتتلون علي كل لون شويه أهم حاجة عندها مصلحتها و بس.. و متستبعديش عنعا أي حاجة و توقعي منها أي شئ دي إنسانه طماعه و إستغلاليه و قلبها إسود.. خلي بالك من نفسك و من جوزك و بيتك و اوعي تسمحيلها تخرب حياتك .. و أهم حاجة قعدتها هنا متطولش و إلا مش هيحصل كويس من وراها.

و أضافت: لما ييجي يحيـي سلميلي عليه و قوليله إني هبقا أجي وقت تاني و اقعد معاه بس المرة دي سماح عشان خاطر إبراهيم.

أومأت غزل وقالت: الله يسلمك يا عمتو.. هتوحشيني.

إحتضنتها صافيه بشدة وقالت: هجيلك يا حبيبتي.. يلا خلي بالك من نفسك و إبقي طمنيني عليكي.

غادرت صافيه المنزل لتدلف غزل إلي المطبخ تحاول إنهاء تلك الفوضي العارمه التي حدثت به قبل أن تصلها رساله علي هاتفها وكان مفادها:

" جوزك بيخونك مع واحده أعرفها .. لو مهتمه ممكن تروحي و تشوفيهم بنفسك في العنوان ده...."

إنقبض قلبها و حاولت تجاهل تلك الرساله العابثه إلا إنها لم تستطع فأسرعت تبدل ملابسها و هرولت مغادرة المنزل قاصده ذلك العنوان.

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
عاد يحيي من عمله فوجد البيت هادئاً ساكناً، راح يتطلع حواه فظهرت يُسر فجأةً وهي تبتسم فقال بوجه متجهم: غـزل فين؟!

أجابت بخبث: مش عارفه الصراحه.. هي كانت قاعده و فجأه تليفونها رن ، دخلت البلكونه ترد و بعدها فجأه غيرت هدومها و نزلت جري.. مش عارفه بقا نزلت راحت فين!

إنزوي حاجبيه بتعجب ثم تجاهلها و دلف إلي غرفته و أخرج هاتفه محاولاً الإتصال بها عدة مرات ليأتيه الجواب المعتاد في كل مرة " الهاتف الذي طلبته مغلق" .

زم شفتيه بتعجب و إستنكار ثم بدأ بتبديل ثيابه ، خلع سترته و فك ربطة عنقه و ألقاهم إلي الفراش بتعب ، حلّ أزار قميصه و همّ بخلعه و إستدار ناحية خزانته ليحضر ملابسه فإذ بالباب ينفرج لتظهر يُسر من خلفه ترتدي قميصاً قصيراً خاصاً بـ غزل.

وقف أمامها متعجباً وهو ينظر إلي هيئتها بإشمئزاز ثم قال: إيه اللي جايبك هنا و إيه اللي إنتي عاملاه في نفسك ده؟

توقفت أمامه مباشرةً و وضعت يدها على صدره موضع قلبه وهي تنظر نحوه بشغف وقالت: وحشتني يا يحيـي...

نزع يدها عنه بحدة وقال: اخرجي بره حالاً قبل ما غزل تشوفك.. و اعملي حسابك مش هتقعدي هنا ثانيه واحده بعد كده.

إلتصقت بهِ أكثر وقالت: إنت ليه مش حاسس بيا.. بقوللك وحشتني، و أنا متأكده إن أنا كمان وحشتك و هتموت عليا .

نظر إليها بإحتقار بادٍ علي ملامحه الممتعضه لتقول: متبصليش كده.. أنا عارفه إنك كل ده بتقاوح و بتحاول تنساني بيها بس مش قادر.. بدليل ده.

و أشارت إلي الثوب الذي ترتديه فنظر إليها بإستفهام لتقول: ده قميص غزل.. إزاي معرفتوش؟! هو في واحد ميعرفش هدوم مراته ؟! إلا لو كان مبيشوفهاش أصلاً!!

تجهّم وجهه و إستشاط غضباً و قال : و إنتي إيه اللي يخليكي تلبسي لبس غزل؟! روحي إقلعي اللي انتي لبساه ده حالاً.

_ليه؟! خايف تضعف؟!

نظر إليها مذهولاً و راح يقلّب كفيه بتعجب وقال: أضعف إيه و زفت إيه؟! كل الحكايه إن اللبس اللي إنتي لبساه ده أنضف من إنه يتحط علي لحم رخيص زيك.

أحاطت عنقه بقوة وهي ترغمه علي الإقتراب منها وقالت بإصرار: لما إنت بتحبها كده مقربتش منها كل ده ليه؟! بتنام في أوضه وهي في أوضه ليه؟!

قطب حاجبيه بتعجب وقال: مين اللي قاللك الكلام ده؟!

تحاهلت سؤاله و أضافت: أقوللك أنا ليه، عشان عمرك ما هتلاقي نفسك غير معايا أنا، متضحكش علي نفسك يا يحيي إنت لا يمكن هتعرف تبقا لحد غيري.

دفعها بعيداً عنه بحدة وقال: أنا كرهتك.. كرهتك و قرفت منك و زعلان علي نفسي إني في صله بيني و بينك.. اخرجي من هنا حالاً و اقلعي القميص ده و خدي بعضك و امشي من البيت ده و متفكريش مجرد إنك تمشي من جنبه حتي بعد كده.

تجاهلت حديثه و سارت بخطوات متمايله نحو الفراش و جلست علي طرفه بإغواء ليسرع نحوها و يجذبها من ملابسها بحدة وهو يقول بغضب هادر: اخرجي بره... انتي مكانك الزباله اللي إنتي عايشه فيها طول عمرك مش هنا .

إحتدم النقاش بينهما بين شدٍ و جذب، مقاومتها أمام إصراره ، غضبه أمام برودها و ثباتها لتنفلت أعصابه فجأةً
و زمجر بغضبٍ عاصف و قبض علي لياقة قميصها بقوة يجبرها علي النهوض من الفراش فإنقطع الثوب الذي ترتديه.

إستمعت هي إلي صوت الباب فعلمت بقدوم غزل و إقترابها من تحقيق هدفها لتجذبه من ساعده فجأه بحركةٍ سريعة حتي سقط فوقها علي الفراش فإذ بالباب ينفرج و تظهر غزل من خلفه جاحظة الأعين وهي تنظر إليهم بصدمة فوضعت يدها فوق فمها تكتم شهقةً كادت أن تنفلت منها بينما سالت دمعاتها بقهرٍ و حسرة وهي تهز رأسها بنفي و عدم تصديق.

تصنعت يُسر الخوف و الإرتباك فنهضت علي الفور وهي تحاول تخبئة ما ظهر من جسدها و إنصرفت إلي الغرفه بسرعة.

إستغرق الأمر ثوانٍ معدودة حتي إستطاع يحيي إستيعاب و إدراك ما حدث منذ قليل فنظر إلى غزل و قال بشفتان مثقلتان: غزل.. متفهميش غلط، الموضوع مش زي ما متهيألك!

إقتربت منه تجر قدميها جراً كـ المكبّل بالأغلال و وقفت أمامه مشدوهةً و رفرفت بجفنيها تحاول جمع شتاتها.

أصاب جسدها رعشةً قويةً لم تستطع هزيمتها فحاولت البقاء صامدة إلي آخر لحظة.

وقفت تطالعه بغموض و هو يحاول تفسير نظراتها لكن دون جدوي فقال بصوتٍ مختنق: صدقيني وحياة ربنا محصلش بيني و بينها حـ......

صفعـه!

هي كل ما ناله منها لتتسع عيناه بذهول وهو ينظر إليها فإمتدت يده يتفقد أثرها وكإنه يتأكد من أنها قد صفعته فعلاً!

_إنت مفيش عندك ذرة ضمير.

نطقتها غزل بين بكاؤها ليتناسي يحيـي ما فعلته للتو و عاد إلي إحساسه بالذنب وقال: غزل أقسملك بالله الموضوع مش زي مانتي فاهمه، أنا هشرحلك كل حاجه بس إهدي.

_تشرحلي؟!! تشرحلي إيه وأنا شوفت كل حاجه بعنيا.. هتبرر موقفك إزاي؟! هل إنت متخيل إن في أي مبرر هتقوله للي شوفته ده هيدخل دماغي و أصدقه؟!

=اللي إنتي شوفتيه ده مجرد فخ معمول ليا و ليكي.. والله العظيم مظلوم.

_كداب.. كداب مش مظلوم يا يحيي.. أنا مش هاممني اللي شوفته لإن ده المتوقع من ناس شبهكوا.. أنا بس عايزة أفهم حاجه.

نظر إليها متسائلاً فقالت: لما إنت لسه بتحبها إتجوزتني ليه؟! أو بلاش إتجوزتني ليه لإن الإجابه واضحه .. طلقتها ليه؟! طلقتها عشان تنتقم منها و ترد كرامتك مش كده؟! و جوازك مني ده بقية إنتقامك..صح؟!

أومأ نافياً وقال: إسمعيني يا غزل .. والله العظيم كل اللي حصل ده تمثيليه يسر عاملاها و متعمده إنك تشوفينا بالوضع ده عشان تفرقنا عن بعض.

أطلقت ضحكه ساخره مقتضبه سرعان ما تحولت إلي قهقهه عاليه يتخللها نشيجها وقالت : تفرقنا؟!

إنتابتها حاله من الضحك الهيستيري وأضافت بإستنكار: تفرقنا؟!..إحنا مفيش حاجه بتجمعنا أصلاً يا يحيـي عشان تفرقنا!

نظر إليها بحزن بالغ علي رؤيتها بتلك الحالة و إقترب منها لتمنعه هي بإشارة ناهيه من يدها وقالت: متقربش مني.. خليك بعيد.. أنا بقيت بقرف منك و بكرهك.

إبتلع غصةً بحلقهِ و قال بهدوء: أنا مش هعرف أتكلم معاكي يا غزل وإنتي في الحاله دي.. أنا هسيبك لوحدك شويه علي ما تهدي وبعدها أفهمك كل حاجه.

إحتد صوتها وقالت: لأ مش هقعد ولا ههدي.. أنا همشي يا يحيـي بس الأول تطلقني!

إرتفع حاجبيه بتعجب و تمتم: أطلقك؟!!!

أومأت بتأكيد وقالت: أيوة هتطلقني، طالما مش قادرين علي بعاد بعض كده يبقا تطلقني و ترجعلها علي الأقل هي أحق برعاية ولادها.

_لا مش هطلقك يا غزل.. إهدي و بعدين نتكلم.

همّ بالخروج من الغرفه لتستوقفه هي ممسكه به بكلتا يديها تمنعه من المغادرة وهي تقول: لأ مفيش كلام بعد اللحظه دي.. و مش هتخرج من الأوضه غير لما تطلقني.

صدح صوته غاضباً يقول: قولت مش هطلقك يا غزل.. بمزاجك أو غصب عنك لازم هتفهمي اللي حصل و تعرفي إن محصلش بيني و بينها حاجه.

نظرت إلي عينيه بقوة مصطنعه وقالت: مش عايزة أفهم.. إفهم إنت و خلي عندك كرامه و طلقني.. بقوللك طلقني يا بارد!

قضم شفتاه بغضب شديد وهو يمسك بذراعيها بكلتا يديه بغلظه ضاغطاً عليهما بشده دون وعيٍ منهُ وقال بصوتٍ حاد: قولتلك طلاق مش هطلق.. متختبريش صبري عشان أنا مش عارف أتحكم في أعصابي دلوقتي.

نظرت إليه بإستهزاء و دفعته بصدره للخلف وهي تقول بتحدٍ: مش قادر تتحكم في أعصابك هتعمل إيه يعني؟!

و أعادت الكرّة وقالت: هتضربني؟!

و فعلتها مرةً أخري و قالت: إضربني، إضربني مستني إيه؟!

إعتراه الذهول و التعجب الشديد من أفعالها ليجدها تدفعه مرةً ثانيه حتي إلتصق بجدار الغرفه وقالت: مهما تعمل فيا مش هيأثر يا يحيي.. أنا خلاص بقيت معدومة الإحساس بسببك.. مبقاش يأثر فيا أي حاجة.

أغمض عيناه بألم لتستطرد حديثها وتقول: إنت طول عمرك بتموتني بالبطئ يا يحيي بس النهارده خلاص إنت قضيت عليا.

إمتدت يداه تحيطان بوجنتيها وقال وهو يقترب بوجهه منها و ينظر داخل عينيها بأسف ويقول: أقسم بالله يا غزل ما عملت معاها حاجه...

_ليه كده يا يحيـي؟! ده أنا اللي حبيتك بجد!

قالتها ببكاء تتمزق له نياط القلب ليجيبها قائلاً: وحياة ولادي إنتي فاهمه غلط.

_ده أنا ضيعت سنين عمري عشانك و حرّمت علي عنيا تشوف ولا تبص لراجل غيرك.

=أنا آسـف.

قالها مغمضاً عيناه وهو يسند جبينه علي جبينها و تابع: سامحيني ..أنا السبب في كل حاجه وحشه حصلتلك.

_إنت أول حب في حياتي يا يحيـي.. من أول ما فتحت عينيا عالدنيا وأنا بحبك.. كنت بحبك وأنا عارفه و متأكده إنك مش هتكون ليا.. كنت بحبك وأنا عارفه إنك ميت و مبقيتش موجود.. كنت بحبك وأنا متجوزاك وعارفه إنك مش بتحبني و قلبك معاها لسه.. أنا قبلت بيك في كل الحالات يا يحيي و قبلت بأقل من اللي أستحقه بكتير ..كل ده عشان أكون معاك.

قبّل كلتا عيناها بأسف و منح جبينها قبلةً وأردف: أنا آسف..إنتي أنضف إنسانه قابلتها في حياتي.. عشان خاطري سامحيني و صدقيني.. كل اللي أنا طالبه منك تصدقيني وأنا مستعد أحلف لك علي كتاب ربنا..

رفعت عيناها تنظر إليه ليقول وهو ممسكاً بوجهها بين راحتيه: هتصدقيني؟!

كان رجاءً أقرب منه إلي سؤال فأومأت بموافقة ليقول: أنا دخلت لقيتها بتقول انك جالك تليفون و اول ما رديتي نزلتي تجري.. حاولت اتصل بيكي كذا مرة تليفونك مش مجمع.. دخلت الاوضه و بغير هدومي لقيتها فتحت الباب و دخلت بالمنظر اللي شوفتيها بيه ده.. قولتلها ايه اللي انتي عملاه في نفسك ده لقيتها قربت اكتر و بدات تتمايع و تقرب مني بكل بجاحه .. طردتها مرة و اتنين مسمعتش مني و راحت قعدت على السرير و قالتلي ان القميص اللي هي لبساه بتاعك و بدأت تلمح تلميحات سخيفه فانا قربت منها و بشدها بغيظ القميص اتقطع زي ما شوفتي و فجأه هي شدتني عليها و وقعت جمبها زي مانتي دخلتي و شوفتينا.. اقسم لك بالله وحياة ولادي ده اللي حصل بالظبط.. لا اكتر ولا اقل من كده.

بدا عليها الإقتناع قليلاً فنظرت إليه وتسائلت: وهي ازاي هتجيلها الجرأه تدخل اوضتك كده وهي عارفه اني ممكن ارجع في اي وقت و اشوفكوا سوا؟!

_إعقليها إنتي و اربطي الخيوط ببعضها...هي عارفه انتي نازله فين و ليه و هترجعي امتا .. و كل خطوة عملتها بحساب و كانت مرتبه ليها كويس اووي.

_تقصد انها هي اللي ورا التليفون اللي جالي ده؟!

أومأ موافقاً وقال: معنديش ذرة شك.

نظرت إليه بحيرة ليقول : لازم أمشيها حالاً.. خليكي هنا هرجعلك.

عدل ثيابه و خرج متحفزاً من غرفته إلي الغرفه التي تختبئ بها و أدار مقبض الباب ليجده مغلقاً من الداخل فركله ركلةً واحده من قدمه لينفتح الباب علي الفور فإذ بها تنتفض وهي تجلس تحتمي بأطفالها ليجذبها من شعرها بقوة متجاهلاً صرخاتها و إستغاثاتها و توسلات أطفالهما ثم دفعها أمام باب الشقه بقوة لتسقط أرضاً ثم عاد إلي الغرفه مرةً أخري و إلتقط ثيابها من علي الفراش و أحكم إغلاق الباب علي الصغار ثم ءهب إليها و ألقي إليها بملابسها وقال: دقيقه واحده تلبسي هدومك و مشوفش وشك هنا.

قالت ببكاء: عشان خاطري يا يحيـي خليني مع زياد و نور.

جلس القرفصاء وهو يقبض بيديه علي شعرها قبضةً قويه وقال : مش عايز أشوف وشك تاني.. و تنسي إن ليكي عيال من أصله.. لو سمعت إسمك بس بعد كده همحيكي من علي وش الدنيا ..هخلي عيشتك جحيييم.. إنتي فاهمه؟!

أومأت بموافقه ملتاعه وهي تحاول الفرار من بين يديه لينهض وهو يرمقها بـ كرهٍ شديد فما كان منها إلا أن إرتدت ثيابها سريعاً و إنصرفت بصمت. 
google-playkhamsatmostaqltradent