Ads by Google X

رواية هويت رجل الصعيد 2 الفصل الخامس والعشرون 25 - بقلم نورا عبدالعزيز

الصفحة الرئيسية

 رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني 2 البارت الخامس والعشرون 25 بقلم نورا عبدالعزيز

رواية هويت رجل الصعيد 2 الفصل الخامس والعشرون 25

بعنوان “قلب أفتك به البكاء” __

كلاهما كان متشبث برأيه والغضب يجتاح الأثنين، نامت “عهد” بفراشها على حافته وتعطيه ظهرها وهو الأخر مثلها يعطيها ظهره بغضب و”نوح” يشعر بأنها لم تفكر إلا في أحلامها وما تريده وحدها لكن عائلته وزوجها وتحمله لمسؤولية والده العجوز ووالدته وأعماله وأرضه هنا هل يجب أن يترك كل هذا ويتنازل عن كل مسؤوليته لأجل أرضائها هي وأحلامها، هو لم يمنعها عن تحقيق ذاتها والعمل كاملًا ليقيدها بأحكامه ومعتقداته فلما تطمع بالأكثر وتلومه على رفضه لهذه الخطوة في حياتها، أغمض عينيه بضيق شديد من خصامهما لكن غلبه النوم بسبب أرهاق جسده في يوم شاق في العمل فألتفت “عهد” إليه غاضبة وتمتمت بضيق:-

-وجالك قلب تنام كمان

غادرت الفراش وهكذا الغرفة بأكملها لتمر من أمام غرفة “تاج” وسمعت همسات لم تنوى التجسس وأسترق السمع لكن الفضول غلبها فأقتربت من الباب بهدوء بفضول من معرفة الطرف الأخر فهى تسكن الغرفة وحدها وحسب حديثها لا تملك هاتف تتحدث به

-أنا عملت كل اللى جولتلى عليه، بتلف وتدور له ولا هو أنت تأخد اللى عايزه وتيجى عند الدفع وتكبر دماغك وتنشغل

-جولتلك مش جبل ما أحجج مرادى

أتسعت عينى “عهد” على مصراعيها حينما سمعت صوت “خالد” بالداخل، وإذا كانا على وفاق لما يختلقا العداوة أمام أهل المنزل

أقترب “خالد” من “تاج” وهو يحاصر خصرها بيديه ويقول:-

-روجى دمك أمال يا تاج الرأس مش وجته الحديد

ضربته “تاج” على يديه بأغتياظ شديد من بروده وقال:-

-دا اللى أنت فالح فيه وبس

ابتعدت “عهد” عن الباب وأكملت سيرها للأسفل مُتمتمة بضيق:-

-خباثة ومكر

جلست بالأسفل في الحديقة تفكر في حديثه ومستقبلها شاردة الذهن..

دق باب غرفة “نوح” ليستيقظ من نومه على صوت الطرقات لينظر بعيني غافلة إلى المنبه الموجود على الكمودينو أمامه وكانت الساعة الخامسة والنصف فجرًا وحاول تجاهل الطرق على الباب لكنه أستمر أكثر فقام من فراشه بتكاسل وهو يمطي جسده ثم فتح الباب وكان “خلف” يقف امامه حاملًا بندقيته على كتفه فقال “نوح” بضيق:-

-في أيه يا خلف على الصبح

تنحنح “خلف” بحرج من “نوح” وعينيه تتجول في العدم مُتحاشي النظر إليه ليقول “نوح” بضيق أكثر:-

-في أيه؟

لم يتمالك غضبه من حديث “خلف” وترجل الدرج كالبركان الغضب مُتجهًا إلى الحديقة فرأى زوجته هناك كما قال “خلف” نائمة أسفل شجرة وترتدي فستان أزرق بكم وطويل لكن نسمات الهواء الباردة رفعته عن قدمها قليلًا ليشتاط غضبًا من الغيرة فسار نحوها وهو ينظر على رجاله الجالسين هناك بجوار بوابة المنزل حول دائرة من النار ويرتشفوا الشاي الساخن لم يرفع أحد نظره بها لكن هذا لم يكن سبب كافى لكي يوقف غضبه، وصل جوارها وكان غاضبًا جدًا وأيضا يلوم نفسه ربما شجارهما هو السبب في تركها للغرفة وبقاءها هنا أمام الرجال، أنحنى قليلًا ثم حملها على ذراعيه ووقف لتستيقظ من نومها ورمقته فدفعته في صدره محاولة النزول عن ذراعيه وغاضبة تقول:-

-نزلنى يا نوح

شد عليها بذراعيه بأحكام وتقابلت عينيهما وقال بحذر صارم:-

-متتحركيش عشان صبرى منفدش عليكى يا عهد

صمتت “عهد” خوفًا من غضبه وأخذها للغرفة ثم ألقاها على الفراش بقوة لتستشيط غضبًا من فعلته وقالت صارخة:-

-أنا بترمينى كدة ليه ما تولع فيا أحسن

صعد إلى فراشه وقال بنبرة غليظة:-

-أن شاء الله أول ما أصحى من النوم

نام مكانه مُجددًا لتلقى الوسادة عليه من الغيظ والضيق بسبب تجاهله لها وبروده، وتتساءل كيف تحول الحب النارى بينهما إلى برود تام هكذا كل هذا لأنها تريد النجاح وتحقيق حلم لتنام بفراشها على الجهة الأخرى غاضبة منه..

______________________

أعدت “سلمى” الإفطار مع “حُسنة” وجهزت السفرة وخرجت لكى تجلس بجوار زوجها على السفرة وقالت:-

-بجولك أيه يا حج

نظر “على” إليها وهو يرتشف الشاي الساخن وقال:-

-جولى يا سلطانة قلبى

تبسمت بسعادة ثم قالت:-

-عاوزة أطلع أحج أدينى أطمن على نوح ويا مرته

أومأ لها بنعم وجاء “نوح” وحده فسألته بلطف:-

-فين مرتك هنا؟

لم يُجيبها وجاءت “عهد” لتجلس جوارها بعيدًا عن زوجها فنظرت لهما هي و “على” بدهشة وأدركت خصامهما الواضح في ملامحهما فتنهدت بعبوس وقالت بتمتم:-

-أنسي يا حج اللى طلبته واضح أن الأمور مش في أحسن حال

ظهرت “ليلى” وهكذا “فاتن” وجلسوا معهم على السفرة فتنحنح “نوح” بضيق وقال:-

-الشاي يا حُسنة

تبسمت “سلمى” وقالت:-

-صُبي الشاي لجوزك يا عهد

ضحكت “عهد” بسخرية وأكملت اكل طعامها وهى تقول:-

-الشاي مضر بالصحة

رمقها “نوح” بضيق لتقف “فاتن” وتسكب الشاي له فنظر لها ثم لزوجته وقال بجدية:-

-خلينا في اللى مهوش مضر أنا عاوز أكل محشي ورق عنب

أجابته ببرود شديد قائلة:-

-مبعرفش

وقف من مكانه غاضبًا ليقول:-

-تتعلمي زى بجية الستات مأنتش أحسن منهم

ضربت السفرة بيديها وهى تقف من مكانها هي الأخر وتحدق به غاضبة وتقول:-

-أحسن منهم وبعدين أنا كدة مش عاجبك دى حاجة ترجعلك وزى ما أنت مؤمنة بمعتقداتك واللى في دماغك مبيتغرش أنا كمان كدة بقى

كانت تلقى الحديث على معارضته لفرصة عملها فقال بشجن ونبرة أكثر غلاظة:-

-ومن معتقداتي اللى معجبكيش أن الست تخدم جوزها واللى متعرفش تتعلم مش عجب أنك متعرفش لكن تحاول تتعلم لكن اللى متحاولش وتفضل أنانية تستاهل أن جوزها يتجوز عليها اللى تخدمه وتدلعه

كان الجميع يتابع ما يحدث في صمت، ضحكت “عهد” على حديثه ساخرة من كلماته بضيق وهى تعلم أنه يرمي للحديث عن أنانيتها في العمل وأحلامها لتقول:-

-روح أتجوز تحب أشوفلك عروسة بنفسي والله يا ما أحب على قلبى أنى أجوز جوزى

قالتها ساخرة من حديثه ثم ألتفت لكى تغادر ليغادر هو الأخر المكان فوقفت “ليلى” من مكانها بحرج تقول:-

-هشوف مالها؟!

ذهبت لتجلس “سلمي” مكانها والخذل تمكن منها لتقول:-

-مفهاش سفر لما نشوف مالهم

وقف “على” مُتكأ على عكازه وقال بهدوء شديد:-

-أنا هشوف ولدك حاولي أنتِ تشوفي المدام

غادر المنزل لتنظر “سلمى” إلى “فاتن” التي وقفت “تربت على كتفها بلطف وقالت:-

-كله هيتحل دى خناجات أول الجواز وأول سنة، الخناجات دى اللى بتجوى علاقتهم ببعض وأنتِ خابرة دا زين

أومأت “سلمى” لها بحزن...

___________________

تحدث “عطيه” بالهاتف وهو يقف في المحجر بعيدًا:-

-يعنى أيه نأجل بس

أجابته “ليلى” بحزن على حال صديقتها قائلة:-

-هتيجى تطلبنى منهم أزاى والحال هنا شايط زى الحريق

تأفف “عطيه” بضيق شديد لتتابع “ليلى” غاضبة:-

-كله من صاحبك فيها أيه يعنى لما يوافق أنها تشتغل في الأخبار

تحدث “عطيه” بلطف وقال:-

-هكلمك بالهدوء والعقل والمنطق، نفترض أنه موافجش هيحصل أيه؟

أجابته “ليلى” بضيق قائلة:-

-هتخسر عهد فرصة مبتتكررش

أومأ لها بنعم وقال بحب:-

-دا حجيجى، لكن لو وافج بقى هيحصل أيه؟

تبسمت “ليلى” بلطف وقالت:-

-هتحقق عهد حلمها

-دا من الناحية العملية يا ليلى لكن الحياة مش عملية بس في حياة شخصية وأسرية هتتدمر يا ليلى لأن نوح عنده حياة هنا ودا الجواز أثنين حياتهم مرتبطة ببعض يعنى حياتها مرتبطة بحياته مينفعش تبص للى هي عايزاه وبس، أهله اللى هنا هيهملهم لحالهم وهم كبر في السن ولا المحاجر اللى عنده والعمال اللى بيشتغلوا تحت أيده كل دى بيوت هتتخرب وأرزاق هتتجطع، إلا بجى لو عهد رجعت الجاهرة وهملت نوح هنا ينفع بجى واحدة تعيش في محافظة وجوزها في محافظة وتولد لحالها وتربى لحالها وتحرم ولدها من العيش ويا أبوه عشان بس حلم، إحيانا التنازل يا ليلى بيكون أحلى ومحدش بيأخد كل حاجة تفتكرى لو نوح خيرها بينه وبين الحلم دا؟ الحلم يستاهل أنها تخسر نوح قصاده ولا نوح الراجل اللى بيحب ويصون يستاهل يخسر عشان تتطلع في التلفزيون طب ما هي ناجحة في قناتها ومشروعها الخاص والناس بتشوفها الأختلاف أيه؟

صمتت “ليلى” أمام حديثه وأقتنعت بنسبة كبيرة بهذا الحديث، رأى “عطيه” سيارته تصل إلى المحجر فقال بعفوية:-

-أنا هجفل دلوجت ونصيحتي ليكي يا ليلى أن عهد صاحبة عمرك أنصحيها باللى أنتِ شايفة ومقتنعة أنه الأصح

أغلق معها الخط وذهب إلى عمله...

_________________

وقفت “أسماء” أمام المرآة تتطلع بأنعكاسها بعد أن أرتدت عباءة أستقبال مطرزة بخطوط ذهبية كأنها تحفة فنية وقطعة ناردة تزيدها جمالًا بسبب تصميمها، بأكمام طويلة تظهر راحة يدها بالمنتصف وينتهى طرف الأكمام عند ركبتيها وشعرها مُصفف على كتفها وظهرها مموج ووضع القليل من مساحيق التجميل تظهر جمال ملامحها بينما عينيها دامعة تحاول جاهدة كبح هذه الدموع الأسيرة بداخل جفنيها فتح الباب ودلفت “فاتن” بسعادة وحماس حاملة فى يديها عقد من الذهب الخالص كبيرة الحجم وأقتربت لكى تضعه حول عنق أبنتها الثابتة كجسد فارق الحياة وبقى بلا روح هنا، حدقت “فاتن” بابنتها بعد أن وضعت العقد الذي أحتل منطقة صدرها بسبب كُبره وقالت:-

-حصوة فى عين اللى يشوفك يا بتى وميصليش على النبى

تبسمت “أسماء” بانكسار ثم قالت:-

-مبسوطة يا ماما

دمعت عيني “فاتن” من السعادة وقالت:-

-واو وفى واحدة متكونش مبسوطة وبنتها عروسة كيف البدر أكدة

أومأت “أسماء” بأنكسار فقالت:-

-ودا يهمنى يا ماما، مينفعش ولادك الثلاثة يسببولك الحزن والوجع على الأجل أنا أجدر أسعدك

قبلت “فاتن” جبين أبنتها لتتساقط الدمعة منها غصب عنها وقالت:-

-متنسيش يا حبيبة أمك تلبسي دهبك معاوزنيش الناس تجول أننا أجل منهم

هزت “أسماء” رأسها بلطف لتغادر “فاتن” بهدوء فأكملت “أسماء” استعداداتها حزينة مهمومة وكأنها تستعد وتتزين للموت، أرتدت حلق أذن كبير على هيئة زهرة تداعب أطرافه كتفها بسبب طوله وكبره وحاوطت معصميها بالأساور فى اليدين ثم بحثت عن الحذاء الأبيض ولم تجده فخرجت تبحث عنه بغرفة “حورية” لتُصدم عندما رأت “نوح” يصعد الدرج بعد عودته من العمل فوقفت تتطلع به بقلب مُنقبض وكيف تترك حبيبها هنا وتذهب لغيره، رأها “نوح” تقف بمنتصف الرواق وتحدق به وكانت جميلة بحق فسار نحوها بخطوات ثابتة وهو يمسك بيده عصا سوداء كعكازًا له ورأسها على هيئة تنين مطلية بالذهب ثم قال:-

-طالعة كيف الجمر يا أسماء ربنا يتم لك على خير ويسعدك

تتطلع بملامحه بوجع وغصات قلبها تشعل نيران الألم بداخلها فى هذه اللحظة لتقول بصوت مبحوح:-

-هيسعدنى فعلاً، أعتقد أنى أكتر إنسانة تعيسة فى الدنيا وكأن الفرح مهوش مكتوب ليا

صمت حادقًا بها لتتابع الحديث قائلة:-

-هو كام واحدة بيجوزها حبيبها لراجل تانية؟

حد من ملامحه بجدية وكأنه لا يسمح لها بهذا الحب فى حين أن عينيها تنازلا عن أسر الدموع وتركوا العنان لهم ليشق طريقهم إلى وجنتيها وبدأت الحديث قائلة:-

-معرفش ذنب إيه اللى عملته فى دنيتى عشان أستاهل الموت بالطريجة دى، عمرى ما أذيت حد ولا جيت على ضعيفة لكن الموت جالى أكتر من مرة بسببك يا نوح مرة لما أتجوزت أولانى ومرة تانية لما أتجوزت عهد ودلوجت لما هتسلمنى بأيدك لراجل تانية ..بس أنا مستاهلش الوجع دا كله …

رفعت يديها إلى وجنتيها تجفف دموعها بحزن وتتحاشي النظر له وقالت بتلعثم قائلة:-

-بس مجدرش أكسر أمى كفاية عليها خالد وحورية

رفعت نظرها إليه تتطلع به وكأنها تودعه ثم أقتربت خطوة واحدة نحوه ورفعت يدها تلامس وجنته ولحيته بحزن وقالت بهمس:-

-أعمل أيه يا حبيبى إذا كنت وعدت قلبى ما أحب غيرك ولا أكون لغيرك ها..وأنا جد وعدى دا والله

أبعد يدها عنه وقال مُتجاهل أعترافها المعتاد بحبها له:-

-أدعي ربنا يشيل الحب دا من جلبك يا أسماء عشان تعرفى تعيشي .. هغير خلجاتى جبل ما الناس توصل

تركها ورحل لتخفض رأسها بالأسفل باكية بأنهيار وكأنه رؤيتها له الآن دهست كل الصمود والقوة المُصطنعة التى تحلت بها..

فتح “نوح” باب الغرفة ودلف ببرود كأنه لم يتأثر بشيء وكيف لأى امرأة أن تؤثر به وهو عاشقًا حد الموت وإلى اللانهاية بزوجته المدللة، أتاه صوتها من المرحاض تستفرغ وتتألم فألقى بالعصا وهكذا عباءة أكتافه وأسرع للمرحاض، طرق الباب أولًا ودلف ليراها جالسة بالأرض وتتستفرغ ما بأحشاءها فأسرع نحوها وهو يمسكها من أكتافها ويقول:-

-مالك يا عهد؟

تشبثت بذراعه ويدها الأخرى تمسك بطنها ويبدو أن طفلها يلهو ما والدته بقوة لم تتحملها هى بجسد هزيل مثل هذا ورفعت نظرها به وكانت وجنتها تتعرق بشدة وقالت:-

-من الصبح وبطنى وجعانة أوى يا نوح

ساعدها فى الوقوف وكلا منهما تناسي شجارهما والخصام، وقف بها أمام الحوض وغسل لها وجهها بيده وذراعه الأخرى يحاوط خصرها من الخلف مُتمسكًا بها بأحكام حتى لا تسقط منه ثم أخذها للخارج وجعلها تجلس بفراشها وجلس جوارها ماسكًا بيدها وقال:-

-تحبى نروح لدكتور؟

هزت رأسها بلا وقالت :-

-مفيش داعي يا حبيبى أنا هبقى كويسة كمان شوية

رفع يده إلى وجهها يضع خصلات شعرها خلف أذنها ثم بدأ يمسح على شعرها بلطف وقال:-

-طب أرتاحي وأنا هجابل الناس اللى جاية دى وأطلع ..

هزت رأسها بالنفي وقالت:-

-لا ماما جابت ليا عباءة ألبسها عشان أنزل لستات

أشارت بيدها على الحافة الأخرى من الفراش وكان عليها عباءة ذات اللون الأخضر فأومأ لها بنعم ودلف للمرحاض يأخذ حمام دافيء ويبدل ملابسه وعندما خرج رأها وضعت له عباءة سوداء اللون على الفراش وأختارت حذاء لأجله وحتى العطر أختار واحدًا ووضعت بجواره ساعة يد من أختيارها فتذكر شجارهما صباحًا عندما أخبرها بأنه سيتجوز أخرى تهتم به فتبسم على محبوبته التى أرعبتها بعض الكلمات الحمقاء التى تفوه بها وقت شجارهما وهى تعلم بأنه لن يتزوج غيرها، أرتدى ملابسه ولف عمته ونزل للأسفل باحثًا عنها ليراها تخرج من المطبخ مُرتدية عباءتها الخضراء فأتسعت عينيه أنبهارًا بجمالها فى ملابسها المختلفة وكانت العباءة عبارة عن طبقتين أولها عباءة مطرزة بأكملها بالخيوم الفضية من العنق ومنطقة الصدر حى أنتهى التطريز حول خصرها مع الرباط الخاص بالعباءة وهكذا من الأسفل والطبقة الأخرى شفافة لها تبدأ من الكتف للخلف وتزحف خلفها قليلًا بسبب طولها من الخلف وتستدل شعرها بحرية خلف ظهرها وترفعه من الجانبين بدبابيس الشعر وهكذا غرتها وترتدي الطاقم الألماس الذي أحضره لأجلها، سارت نحوه بخطوات ثابتة وقالت:-

-واقف كدة ليه يا نوح

أجابها بأنبهارًا شاردًا بجمالًا:-

-إياك يلمحك رجل غيرى النهاردة يا عهدي

أتسعت عينيها بذهول من أمره فأن كان يتغزل بجمالها فلما يستخدم الأمر، عقدت ذراعيها أمام صدرها بغرور وقالت:-

-دى غيرة ولا تحكم

وضع يده خلف رأسها ليجذبها إليه وتلتصق جبينها بشفتيه واضعًا قبلة رقيقة عليها ثم أبتعد يقول:-

-غيرة، إياك رجل يلمح طرف عباءتك يا عهد والله أفلق رأسك نصين

قهقهت ضاحكة وهى تأخذه من يده للمطبخ وقالت:-

-هههه غيرة عنيفة أوى بس عارف المشكلة فين؟

وقف بمنتصف المطبخ مُنتظر بقية حديثها لتقول بدلالية:-

-المشكلة أنه عاجبنى

كادت أن تذهب بعيدًا ليمسك يدها بقوة ويلفها إليه من جديد فنظرت له بدهشة، نقر بيده الأخرى على وجنتها وقالت:-

-وإياك تضحكي أكدة لرجل تاني حتى لو مجاملة

أقتربت نحوه لتضع قبلة على وجنته بلطف ويديها تتشبث بعباءته من الصدر حتى لا تسقط وهى تقف على أطراف أصابعها بسبب طول قامته وأبتعد عنه لتقول:-

-معقول أشوف راجل غيرك يا نوح

تبسم بسعادة فتابعت الحديث لتقول:-

-أستنى لحظة

وقف مكانه بينما ذهبت نحو البوتاجاز وعادت إليه بحلة صغيرة وفتحتها ليرى ما بداخلها فأتسعت عينيه بدهشة مما يراه وقد أعدت له ما طلبه صباحًا، رفع نظره إليها غير مصدق ما يراه فهو تفوه بالهراء لإغاظتها فقط لكنها بالفعل نفذت هذا الهراء لأجله، أخرجت صبع من ورق العنب وورفعت يدها به إلى فمه وأطعمته بنفسها وهى تقول:-

-حاولت أعمله على قد ما أقدر

تناول لقمته حادقًا بها وينظر بها فقط لتتابع الحديث بتعجل:-

-والله ما حد ساعدنى أنا خليت حُسنة تعمل ورق عنب فى الحلة التانية وأنا قعدت جنبها عملت الحلة دى كلها لوحدى عشانك

صمت وهو يزدرد لقمته وضربات قلبه تتسارع أكثر وأكثر لأجل هذه الفتاة لتقول بخجل:-

-هى أصغر حلة بس كنت تعبت فعلًا وبطنى كانت وجعانى وحاولت أكملها عشانك يا نوح فممكن لو الطعم مش ألطف حاجة تتقبله وبلاش تقول أنك هتتجوز عليا تانى

بدأ يتناول بيده من الحلة وهى تمسكها بيدها فتابعت النظر له فى هدوء لتنتبه لأثر قبلتها على لحيته من أحمر الشفايف الخاص بها فمسكت طرف عباءتها الشفاف وبدأت تمسح لحيته بلطف وهو يتناول طعامه وينظر بها فقط حتى أكل الحلة بأكملها وقال بلطف ولين:-

-حتى لو مش ألطف حاجة كفاية أنه من يدك يا عهد، الحب اللى عملتيه به الحلة دى حلاه وخلاه أحلى ورق عنب كلته فى حياتي

أخذ يدها التى تمسح لحيته ثم قبلها بلطف كشكر لها وقال:-

-تسلم يدك يا حبيبة قلبى وشكرًا أنك أتنازلتنى عن عنادك وحتى فى خصامنا لينة يا عهدي

تبسمت بمكر شديد وقالت بغرور:-

-على فكرة إحنا لسه متخاصمين بس لما نطلع أوضتنا

ضحك “نوح” على حديثها وكاد ان يتحدث ليسمع صوت أرتطام شيء قوي وتاليها صوت صراخ ليخرج للخارج فزعًا ووضعت “عهد” الحلة جوارًا وخرجت خلفه للخارج لترى الجميع يركض للحديقة وعندما خرجت شهقت بذعر ورعبًا حينما رأت “أسماء” على الأرض وسط بركة من الدماء ولم تصدق “عهد” ما تراه وكيف قفزت من النافذة قادمة على الأنتحار وتنهى حياتها بنفسها....
google-playkhamsatmostaqltradent