رواية جبران العشق البارت السادس والثلاثون 36 بقلم دينا جمال
رواية جبران العشق الفصل السادس والثلاثون 36
- زياد دا ما يعرفش حاجة خالص ... دا كان هيموت ويقتل أخوه عشان ياخد ترقية أنتي متخيلة هو قد ايه مريض !!
ظلت للحظات طويلة تنظر له وكأن علي رأسها الطير عقلها لا يفهم ولو حرف واحد مما قال من شدة خوفه ربما أو لأن كلماته غريبة لا تُعقل ربما تلعثمت تهمس مذعورة :
- أنا مش فاهمة حاجة زياد ليه هيقتل مراد ومراد عايش إزاي
ابتسم ثغره ليرفع يديه عن الحائط ابتعد عنها ذهب إلي الأريكة يجلس هناك انحني بجذعه إلي الطاولة أمامه يسكب كوب عصير برتقال مد يده لها به ... نفت برأسها لا تعرف اي سم وضعه به ... ليبتسم من جديد قام من مكانه متجها إليها لتشهق وكأن روحها تُزهق مد يده بالكوب يردف مبتسما :
- خدي اشربي دا وتعالي اقعدي وأنا هفهمك اللي عايزة تفهميه
امسك كف يدها ليجعلها تُمسك بالكوب تركها وتوجه الي الأريكة من جديد سكب كوبا آخر من عصير البرتقال لنفسه اتكأ بجسده إلي الأريكة يضع ساقا فوق أخري يرتشف نصف الكوب تقريبا جرعة واحدة ليغمغم ساخرا :
- ما فيهوش سم يا حياة ما تخافيش
اشار إلي مقعد قريب منها يردف مبتسما في هدوء !! :
- اقعدي عندك لو مش عايزة تقربي
اضطربت حدقتيها تنظر له بحذر إلي ما يخطط تحديدا كيف يمكن أن يكن الشخص ونقيضه في آن واحد إلي ما يسعي بتصرفاته تلك ماذا يريد منها توجهت الي المقعد جلست هناك بعيدة عنه ولكنها لا تزال في قبضته داخل بيته غرفته تجلس أمامه ولو يفصل بينهم امتارا مجرد الفكرة جعلت الدموع تترقرق بعنف داخل مقلتيها لتسمعه يردف بهدوء وكأن شيئا لم يكن :
- مش عايزة تعرفي إجابات اسألتك زياد ليه هيقتل مراد وهو مراد عايش ولا ميت
توجهت مقلتيها تنظر إليه خائفة من أن تجيب بالإيجاب أو الرفض فظلت صامتة واعتبر هو صمتها موافقة ليردف مكملا :
- بصي يا ستي أنا ومراد ابن خالتك كنا أعز أصدقاء من حوالي عشر سنين وأكتر ... من غير تفاصيل كتير مالهاش لازمة مراد كان العقل المدبر لكل عملية تهريب عملناها شخص ذكي دماغه دي الماظات زي ما بيقولوا ... وطبعا زياد اتبري منه من ساعتها وحلف أن نهايته هتكون علي ايده وجو الأفلام العربي القديمة دا ... المهم يا ستي في آخر كام سنة مراد افتكر أنه ممكن ياخد مكاني ويبقي هو ال boss ودا ما ينفعش خالص هو صاحب عمري آه إنما الخيانة في قانونا تساوي الموت .. أنا حقيقي زعلت لما قتلته ... بس بما أننا كنا أصحاب فترة طويلة فهو كان حكالي عنك قبل كدة كتير ... ما انكرش اني أول ما خطفتك كان هدفي في الأول وفي الآخر اني أكسر زياد بس مراد كان اخويا مش صاحبي وكان دايما بيقولي أنه بيعتبرك أخته الصغيرة ... فعشان كدة خطفتك تاني من ناحية احرق قلب زياد ومن ناحية تانية في حاجات كتير ناوي أعملها كنوع من أنواع الاعتذار عن اللي حصل مني قبل كدة
مجنون نقطة في نهاية السطر علي الرغم من أنها تعرف وتثق في ذلك ولكن ما قاله الآن يفوق حد استيعابها مراد كان يعمل معهم وقُتل وزياد كان يريد أن يقتل أخاه وكل ما حدث لها انتقاما من زياد الذي لم تره في حياتها سوي مرة او اثنين ... شعورها بالألم الآن لا يوازي شظية واحدة من شعورها بالغضب لهيب الانتقام يشتغل بين أوردتها لم يعد لديها ما تخسره ستقتل ذلك المختل عاجلا وليس آجلا
رفعت كوب العصير إلي فمها ترتشف منه القليل لترفع وجهها إليه بالكاد ارتفعت دفتي شفتيها ترسم شبح ابتسامة مرتعشة علي ثغرها لن تكون الدمية التي يحركونها بعد الآن
______________
تحبه !! بتلك السرعة وقعت في حبه .. لا وتر اذكي من أن تبادر هي وتعترف بحبها ظل صامتا ينظر لعينيها الناعسة ابتسامتها الرقيقة العذبة يديها التي تلتف حول عنقه برفق تداعب خصلات شعره ... رأي كيف توترت حدقتيها حين لم يعلق علي اعترافها المفاجئ بحبها له لتردف من جديد بنبرة اشد نعومة :
- مش كان بينا اتفاق مش كدة لو حبيتك واعترفت بدا تبعد عن كل القرف دا وتبدأ صفحة جديدة معايا أنت وعدتني بكدا ولا ناسي
الآن فقط فهم وتر تحاول بالحيلة أن تبعده عن ما هو فيه وتر لم تحبه بعد ... ظلت ملامحه هادئة جامدة لترتجف حدقتيها قلقا من صمته كادت أن تسأله لما هو صامت لتلك الدرجة حين ارتفع رنين هاتفها زفرت حانقة تبتعد عنه تلتقط هاتفها لتجد رقم صديقتها فتحت الخط تضع الهاتف علي اذنها :
- ايوة يا سو في اي
سمعت صوت صديقتها تغمغم سريعا :
- وتر دكتور فؤاد هيدي النهاردة درجات أعمال السنة وباعت علي جروب الدفعة اللي مش هيحضر المحاضرة دي هيشيل المادة بليز يا وتر حاولي تيجي بسرعة
أغمضت عينيها تشد علي كفها ليس الآن لما في ذلك الوقت تحديدا تنفست بعمق تردف سريعا :
- حاضر يا سو أنا جاية
اغلقت معها الخط تنظر لجبران بضع لحظات في صمت عله يقول شيئا ولكنه لم يفعل لتزفر غاضبة تردف ببعض الحدة :
- أنا عندي محاضرة مهمة في الجامعة ولازم اروحها
توقعت أن يرفض لسبب مجهول توقعت الا يوافق ... الا أنه فقط ابتسم اومأ برأسه يغمغم ببساطة :
- غيري هدومك بسرعة طالما المحاضرة مهمة هستناكي برة
خرج من الغرفة يجذب الباب يغلقه خلفه لتشد علي أسنانها غاضبة تغرز أظافرها في كف يدها ليتها لم تخبره بما قالت لم تتوقع أن يكن رد فعله هو الصمت !! ابدلت ثيابها سريعا تحركت للخارج لتجده يقف هناك لمعت عينيه بنظرة إعجاب ما أن رآها وتر تعرف جيدا متي تكن وتر ابنه رجل الأعمال سفيان الدالي كل ما فيها ينضح رقيا الثياب النظارة الحقيبة الحذاء حتي وهي تقف تبدو كعارضة ازياء ماهرة لا منافس لها اقترب منها مبتسما امسك بكف يدها يغمغم مبتسما:
- تعالي هوصلك وامشي من قدام الجامعة لو مش عيزاني ادخل
وكم أرادت أن ترفض ولكنها ببساطة وافقت اومأت له بالإيجاب لتتحرك بصحبته إلي سيارة أجرة جلست جواره تخبر السائق بعنوان الجامعة ... تجلس هي وهو والصمت منذ متي والصمت طرف ثالث في علاقتها المشاغبة مع جبران ما الذي حدث هل اعترافها جاء في وقت خاطئ ربما !! وربما هو لم يحبها من الأساس تنهدت تشرد في تفكير عميق إلي أن وصلوا إلي الجامعة التفتت برأسها إليه تحركت مقلتيها علي وجهه للحظات قبل أن تهمس تطلب منه بخفوت مُحبَط :
- تعالا معايا واستناني في الكافتريا ... بابا شريك في الجامعة وبنسبة كبيرة كمان يعني ما يقدروش يرفضوا دخولك
اومأ موافقا دون أن يعقب لتعطيه شبح ابتسامة رقيقة مدت يدها تفتح باب السيارة ليفتح الباب المجاور له أعطي للسائق نقوده لتتوجه إليه تشبك كف يدها في يده يتوجهان إلي البوابة ليُفسح لهم الأمن الطريق دون أن تنطق بكلمة حرفيا لم يجرؤ اي منهم علي اعتراض طريقها اختطف لها نظرة سريعة بجانب عينيه يبتسم في نفسه ساخرا وتر لا تشبهه لا تشبه حياته التي تحاول أن تضع نفسها فيها ... تحرك بصحبتها إلي أحد المقاهي الفاخرة في الجامعة تركت يده لتنظر لساعة يدها تغمغم سريعا :
- جبران أنا لازم امشي عشان ألحق المحاضرة مش هتأخر عليك باي
وهرولت تُسرع الخطي إلي أحد المباني الضخمة وهو فقط يراقبها إلي أن اختفت من أمام عينيه تماما قام من مكانه يسأل أحد العمال عن مكان المرحاض نظر له العامل بريبة ليشير إلي أحد المباني القريبة تحرك جبران إلي هناك فتح باب المرحاض ليدخل إلي ممر طويل به احواض بيضاء فاخرة تتراص جوار بعضها صنبور المياة هنا يفوق الخيال جمالا والكثير من المرايا المرحاض فاخر مميز ولكن لم يكن ذلك ما جذب انتباهه حقا .... ولكن جمع الشباب الذي يتراوح أعمارهم ما بين التاسعة عشر والثالثة والعشرون علي اكثر تقدير هو من جذب انتباهه لمجموعة تجلس أرضا علي أرض المرحاض الباردة أحدهم يمسك ملف أوراق أحدي المحاضرات ينثر فوق سطحه خط طويل مستطيل من مادة بيضاء مخدرة اخرج من جيب سرواله ورقة نقديه بفئة المئاتين جنية يلفها في يده يستخدمها كمعبر لنقل المادة السامة إلي داخل عقله لن ينسي مشهد الفتي وهو يضطجع بظهره إلي الحائط خلفه يبتسم في انتشاء عينيه ضائعة تائهة ، أما الشاب الجالس جواره فيزيح أحد أكمام قميصه للخلف ينظر لصديقه الجالس جواره من الاتجاه الآخر يهمس له محتدا:
- اخلص يلا اديني الزفتة دي عشان اديهالك أنا كمان
حين ازاح الشاب قميصه رأي جبران عروقه الزرقاء الداكنة التي اقتربت من أن تصبح سوداء بفعل ذلك السم لم يتحرك جسده شُل بالكامل يراقب بجذع ذلك السن المدبب وهو يخترق ذراع المادة والسم الأبيض يندفع إلي أوردته مشهد قاسي مؤلم خاصة مع ابتسامة الفتي الواسعة التي علت شفتيه ما أن تحرك السم في دمه والثالثة يضع علي ساقيه طبق من الزجاج به تبغ السجائر ومعه قطعة سوداء يعرفها ، يعرفها جيدا مادة الحشيش الذي يتاجر فيها بكل اعتزاز وفخر ، الشاب يعمل باحترافية علي جمع تلك المواد معا في لفافة تبغ واحدة أخرج قداحته يشغل التبغ في يده ليخرج من بين شفتيه دخان رمادي قاتم ... ها هو السم الذي يببعه بين يدي أحد الشباب الفتي علي أكثر تقدير لا يصل لسن الواحد والعشرون لم يستطع أن يضل واقفا هنا تحرك ليغادر ليصل إليه صوت أحد هؤلاء الشباب يتفاخر ضاحكا :
- انتوا عارفين امبارح الصنف كان سوبر أوي حقيقي سجارتين وبدأت أطير وفجاءة جوعت
نزلت من اوضتي اخلي حد من الخدامين يحضرلي آكل شوفت بنت الشغالة اللي بتشتغل عندنا شديتها جري علي الأوضة من غير ما حد يشوفنا وكلت يا سيدي
تعالت ضحكات الشباب الماجنة من حوله ليكمل ذلك الشاب يتفاخر من جديد :
- أمها فضلت تصرخ وتطلم وتعيط وتعمل حركات الأفلام دي ...راحت ماما طرداهم ورميالهم فلوس وهددتهم أنها مش عايزة تشوف وشهم تاني
وقف مكانه جسده يرتعش بعنف يشد علي قبضته تتسارع أنفاسه في الخروج من رئتيه يتذكر ما قاله لوتر
«لو ما خدتش مني هياخد من غيري انتي فاكرة لو أنا ما ادتلوش هيكتشف أنه شخص ضايع ويروح يتعالج ويغير حياته للأحسن ويغير العالم فوقي يا حبيبتي دا لو ما خدش السم دا
هيروح يقتل ولا يعمل اي جناية بالعكس دا أنا كدة منعته من أنه يعمل مصيبة »
نعم منعه وغيره من ارتكاب مصائب وساعدهم في ارتكاب كوارث جرائم لا تُغتفر خرج يهرول الخطي خارج ذلك المستنقع الذي شارك هو ومن معه في صنعه بأيديهم ، خرج من المرحاض يعود إلي حيث كان عينيه شاردة تتخبط بين شعوره بالندم وما يجب عليه أن يفعل ...اجفل علي حركة جواره أحدهم يجذب المقعد المجاور له نظر للفاعل ليجد طارق !! الأحمق هنا لولا أنه فقط لا يريد افتعال فضيحة لكان هشم عظام وجهه الذي يضحك غير مباليا بشئ شد علي كف يده نظر له باحتقار يهمس حانقا :
- أنت عايز ايه دلوقتي ،قوم من قدامي احسنلك بدل ما اخليهم يدورولك علي قطع غيار للي باقي منك
ضحك طارق بخفة يضجع بجسده إلي ظهر إلي ظهر المقعد خلفه يضع ساقا فوق أخري يغمغم ساخرا :
- ما تبقاش قفوش كدة يا جبران يعني أنت سرقت خطيبتي واتجوزتها وأنا ما عمتلكش حاجة مع اني اقدر ما اخرجكش من هنا علي رجليك بس أنا مش هعمل كدة عارف ليه عشان أنت صعبان عليا
احتدت عيني ينظر له حانقا يستدعي كل ذؤة ثبات به قبل أن ينقض علي عنق ذلك الاحمق يبرحه ضربا في حين عاد طارق يردف ساخرا :
- آه والله صعبان عليا بس حقيقي وتر دي طلعت شيطانة وكسبت في التحدي اللي بينا ... مش هقعد ارغي وأنت في الأغلب مش هتصدقني فخد دي أحسن
أخرج من جيب سرواله شريحة صغيرة وضعها علي الطاولة أمامه ليردف ساخرا :
- صدقني هتنبسط أوي لما تشوف اللي هنا ... سلام يا جبران هنتقابل تاني قريب
قام من مكانه ليغادر نظر لجبران يبتسم باستفزاز يلوح له وهو يرحل انتظر الأخير إلي أن اختفي من أمام عينيه ليرفع تلك الشريحة أمام عينيه ينظر لها عن كثب تري أي خدعة وضعها طارق في تلك القطعة الصغيرة ليدمر علاقته بوتر
أخرج هاتفه من جيب سرواله وضع به الشريحة ولم يجد الوقت ليري شيئا حين شعر بيدها تحط برفق علي كتفه وصوتها الرقيق تعتذر منه :
- معلش اتأخرت عليك الدكتور خلص أخيرا
نظر لساعة يده المحاضرة لم تتجاوز النصف ساعة اي محاضرة تلك !! ابتسم لها قام من مكانه ليرحلا لتهمس تخبره :
- هو ينفع نروح نشوف ماما بقالي كتير ما روحتلهاش
ومن جديد ابتسم يومأ برأسه لتزفر أنفاسها حانقة لما يتقمص دور الأخرس الآن !
_________________
علي صعيد آخر في الحارة تحديدا في شقة أمل حيث تجلس والدتها جوارها تلح عليها أن تعرف سبب انفصالها المفاجئ هي وحسن وسر اختفائهما وأين كانا وأمل صامتة لا ترد فقط تنظر بعيدا عينيها شاردة اجفلت حين صرخت بها والدتها :
- انتي هتفضلي ساكتة كدة كتير لا راضية تقوليلي اتطلقتوا ليه ولا كنتوا فين
وهنا فاض بها الكيل لما لا تقدر والدتها أنها حقا في حالة نفسية لا تسمح لها بالحديث لما ذلك الإلحاح المؤذي هب واقفة تصرخ بجزع :
- كفاية أسئلة يا ماما ارحميني ... عايزة تعرفي كنت فين أبو حسن خطفنا عشان يرجع حسن تحت رحمته تاني ولما رفض الحراس بتوعه كانوا هيعتدوا عليا لولا حسن ... بعد اللي حصل حسن قرر يبعد عن حياتي عشان ما اتأذيش تاني ولأني ما اقدرتش أحبه كدة مبسوطة سيبني في حالي بقي
تركها تُسرع الخطي لداخل غرفة نومها تلقي بجسدها إلي الفراش تبكي بحرقة ، تجمعت الدموع في عيني سيدة لتلحق ابنتها سريعا تقدمت تجلس علي الفراش جوارها مدت يدها تمسح علي خصلات شعر ابنتها برفق اختنقت نبرتها بغصة باكية تهمس لها بحرقة :
- مبسوطة في أم هتبقي مبسوطة لما تعرف أن بنتها حصلها اللي حصلك لما بنتها العروسة تتطلق في أول جوازها ... أنا قولتلك من الاول بلاش منها الجوازة دي وانتي اللي حكمتي رأيك الله أعلم هو كان مهددك بإيه قولتلك هقف جنبك بس أنتي ارفضي وانتي بردوا عاندتي ووافقتي ... قومي يا أمل
مدت سيدة يديها تمسك بذراعي أمل برفق تجذبها لتجلس مدت كف يدها المرتجف إلي وجه ابنتها تزيل عنه الدموع تردف تحادثها :
- أنا لما خلفتك اصريت إني اسميكي أمل عشان تكوني الأمل اللي ينور حياتي بعد اللي عمله ابوكي وهرب وسابنا كنت كل ما بحس إن الدنيا بتتهد من حواليا ببص ليكي ... أنتي مش خلصتي امتحانات المعادلة آخر مادة امتحنتيها من كام يوم انزلي افتحي العربية علي ما النتيجة تطلع وأنا واثقة أن ربنا هيجبر بخاطرنا وتدخلي الكلية قومي يا بنتي ما تستسلميش للحزن أبدا
الكلام سهل بسيط للغاية ولكن الفعل أصعب بكثير ستراه بين لحظة وآخرة أن نزلت للشارع من جديد وستجن من التفكير والحزن أن بقيت هكذا في قوقعة سجنها السوداء يبدو أن والدتها محقة عليها أن تأخذ الخطوة الأولي لالهاء عقلها إلي أن يتم الإعلان عن نتيجتها ارتسمت شبح ابتسامة مترددة علي ثغرها تومأ لها بالإيجاب لتتوسع ابتسامة سيدة تحتضن
ابنتها تدعو في قلبها بحرقة :
- يارب اجبر بخاطرها يارب اجعل حظها أحسن من حظي
ابعدتها عنها بخفة تحتضن وجهها بين كفيها تشجعها مبتسمة :
- يلا يا حبيبتي عايز أمل بنتي حبيبتي اللي نا كنش يقدر اجدعها تخين يقولها تلت التلاتة كام قومي يلا !!
في الأسفل توجه حسن إلي الورشة بدلا عن جبران نزع قميصه يلقيه بعيدا يمسك تلك الأداة التي يطلق عليها ( الفارة ) يعمل علي مسح وتسوية وتشذيب وإزالة زوائد الخشب من لوح الخشب الكبير الجاثم أمامه حتي يبدأ جبران في نحت الشكل الخارجي لدولاب ثياب
يده تتحرك بعنف أنفاسه تلهث تتسارع العرق يغطي جبينه الدماء تركض داخل أوردته بعنف قلبه يلكم صدره غاضبا رفع وجهه ليمسح جبينه براحة يده تصمنت يديه وعينيه وهدأ القلب الغاضب حين رآها تتحرك قادمة صوبه راقبتها عينيه وهي تقترب أكثر ليعاود قلبه لكم صدره شوقا تحركت تتجاوز الورشة تتوجه إلي عربة الطعام الخاصة بها الذي يباشرها علي مقعده المتحرك صابر زوج والدتها توجهت إليه تقبل كف يده وجبينه ربتت علي كتفه برفق تتمتم بما يشبه ابتسامة :
- ارتاح يا بابا أنا هقف علي العربية من هنا وجاي ... خلي بالك منه يا ماما
ابتسمت سيدة لابنتها تومأ لها لتدفع المقعد المتحرك بزوجها تتوجه به إلي أعلي تحركت هي تقف خلف زجاج العربة تمسك بالسكين لتباشر العمل دون مقدمات أما هو فوقف يراقبها ازدرد لعابه مرتبكا يحاول الا ينظر ناحيتها ولكن عينيه الخائنة لم تطع عقله العاصي وخانته تتحالف مع قلبه المشتاق لها ... تنهد حانقا يلج لداخل الورشة حتي لا يراها ارتمي علي أريكة قديمة داخل باحة الورشة الداخلية يخفي وجهه بين كفيه يتنفس بعنف يبتسم رغما عنه سعيد لرؤيتها لأنها لم تجعل الحزن ينهش قلبها التقط أنفاسه وقف يشجع نفسه سيخرج ويكمل عمله فقط ...تحرك للخارج يباشر عمله من جديد لم يمنع عينيه من اختلاس النظرات إليها بين لحظة واخري يري ابتسامتها يشعر بالغيرة لأنها لغيره يزفر أنفاسه حانقا لكثرة عدد الزبائن أمام العربة ولكن ما يمطئنه حقا أن لا رجل في تلك المنطقة يجرؤ علي مغازلتها ببساطة أمل غرزت سكينها في كف يد رجل حاول التحرش بها مرة فلم يجرؤ أحد علي أن يعيدها من جديد نفض رأسه بعنف حين اطال النظر إليها دون أن يدري أنه حتي يفعل يسب ثباته الواهي في تلك اللحظات خرجت صفا من عمارتهم السكنية ترتدي جلباب أسود اللون وحجاب يماثله سودا توجهت صوب حسن مباشرة وقفت بالقرب منه اضطربت حدقتيها ارتعش كفها تهمس له بنبرة خافتة كسيرة :
- أنا موافقة ... موافقة اتجوزك
ارتسمت ابتسامة حزينة متألمة علي ثغره رفع رأسه ينظر لأمل يخترز قسمات وجهها يطيل النظر إلي عينيها وكأنه يودعها !
____________
تلك المرة سمح لها الطبيب بالدخول لغرفة والدتها فدخلت سريعا وقفت جوار فراشهت امسكت بكف يدها تحضتنه بين كفيها تقبله انسابت دموعها تهمس لها بصوت خفيض حزين :
- أنا آسفة يا ماما ... آسفة علي كل كلمة وحشة قولتها ليكي ما كنتش اعرف والله أنك مريضة يارتني كنت أعرف سامحيني يا ماما وقومي أنتي وحشتيني أوي
دخلت أحدي الممرضات توجهت إليها تحادثها :
- معلش يا آنسة بس لازم تخرجي الدكتور قال خمس دقايق بس
وضعت كف والدتها برفق جوارها علي الفراش تمسح علي رأسها مالت تقبل جبينها تهمس لها :
- هجيلك تاني يا ماما
تحركت لتخرج من الغرفة حيث ينتظرها جبران علي مقاعد الإستراحة أمام الغرفة ما أن خطت قدميها خارج الغرفة شعرت فجاءة وكأن رأسها يلتف جسدها يصبح أكثر برودة تشعر فجاءة بالغثيان !!
ما أن خطت قدميها خارج الغرفة شعرت فجاءة وكأن رأسها يلتف جسدها يصبح أكثر برودة تشعر فجاءة بالغثيان وضعت يدها علي ثغرها ليهرع هو إليها أمسك بسلة صغيرة فارغة للقمامة كانت جواره يضعها بالقرب منها لتفرغ كل ما في جوفها فيها بعنف جعلت أحدي الممرضات القريبة تتوجه إليهم تردف سريعا :
- سلامتها المدام تعالوا في حمام قريب أهو
ترك جبران السلة جانبا أمسك بكف يدها ينظر لها قلقا يديها باردة وكأنه يمسك قطعة ثليج في يده تنهد قلقا يلف ذراعه حول كتفيها يشد علي جسدها برفق تحرك معها إلي المرحاض وقفا أمام الحوض ليفتح الصنبور يملئ كفه بالماء يمسح علي وجهها برفق يحادثها قلقا :
- مالك يا وتر ... انده دكتور طيب
حركت رأسها بالإيجاب كانت متعبة ، متعبة للغاية شعور سئ يداهمها لا تعرف سببه ولكنها حقا بحاجة إلي طبيب الآن وحالا اهتزت حدقتي جبران قلقا يومأ لها بالإيجاب سريعا رفعها بين ذراعيه لترتمي برأسها علي صدره خرج بها من المرحاض وجد الممرضة أمامه ليخبرها سريعا :
- أنا عايز أي دكتور بسرعة بالله عليكِ
اومأت الممرضة سريعا بالإيجاب تشير له إلي أحدي الغرف الفارغة توجه إليها يضع وتر علي سطح الفراش برفق أمسك بكف يدها يسألها قلقا :
- مالك يا وتر فيكي ايه ما انتي كنتي كويسة
ارتسمت ابتسامة شاحبة علي ثغرها تشيح بوجهها تجاه الباب حين سمعته يُفتح واطلت منه الممرضة ومعها وطبيبة توجهت الأخيرة إلي الفراش تفحص وتر بلا دقة تسألها أسئلة عادية عشوائية انتهت من فحصها السريع للغاية لتنظر لجبران تتمتم مبتسمة:
- مبروك المدام حامل!!!
توسعت عيني جبران ينظر لوتر مدهوشا ليراها تنظر ناحيته في ذهول هي الأخري .. في حين خطت الطبيبة بعض اسماء الادوية والعقاقير علي ورقة الكشف تعطيها لجبران تغمغم :
- دي أدوية وفيتامينات لحالتها نصيحة المستشفى هنا مش قد كدة دا كارت العيادة بتاعتي برة أفضل بكثير من هنا عن اذنكوا مبروك مرة تانية
تركتهم ورحلت في هدوء خلفها الممرضة ليجلس هو علي حافة فراشها ينظر للفراغ مذهولا حامل !! لا الوقت غير مناسب تماما لهذا الطفل القادم حرب علي جميع المستويات ، وتر ستكره الطفل لأنه منه حين تعرف الحقيقة ماذا عليه أن يفعل الآن التفت برأسه إليها ينظر لها عدة لحظات في صمت قبل أن يجبر شفتيه علي رسم ابتسامة صغيرة يردف :
- مبروك يا وتر جه بدري شوية بس دا أمر ربنا
رفعت وجهها إليه تحرك رأسها نفيا لا هي من المستحيل أن تكن حامل والآن تحديدا كيف !! نفت برأسها من جديد تردف سريعا :
- الدكتورة دي كدابة أنا مش حامل يا جبران أنا واثقة أن أنا مش حامل
ادهشه رفضها لما ترفض التصديق ربما هو أثر الصدمة عليها لم تكن تريد أن تصبح حاملا منه في حين نزعت هي إبرة المحلول المتصل بيدها قامت من فراشها توجهت تقف أمامه تردف محتدة :
- الدكتورة دي كدابة أنا واثقة أنها بتقول كدة عشان نروح لها عيادتها اللي برة إنما أنا مش حامل
هنا وقف من مكانه أمسك بذراعيها يسألها بنزق :
- مالك يا وتر للدرجة دي مش عايزة تحملي مني مش أنتي اللي كنتي لسه بتقوليلي بحبك ايه اللي اتغير مسافة ما روحنا الجامعة
وصلت إلي ما تريد والتقط طرف الخيط الذي ألقته إليه نزعت ذراعيها من كفي يده عادت للخلف عدة خطوات تردف محتدة :
- وكان ردك ايه لما اعترفتلك ولا حاجة ، سكوتك حسسني اني أكتر بني آدمة غبية في الكون عشان قررت اعترفلك بحبي
اقترب خطوة واحدة يفتح ذراعيه بحركة درامية تعبر عن تعبه يردف محتدا :
- هنا بقي ال point ازاي بحبك يا جبران وقبلها بيوم واحد بس طلقني يا جبران وأنت مش راجل وأنا ذئب بشري وكل الكلام دا ازاي اقنعيني أنتي ازاااي نمتي صحيتي لقيتي نفسك بتحبيني ؟!
استمعت إلي ما قال جيدا ولكن عقلها توقف عند كلمة واحدة تلك الكلمة الإنجليزية التي نطقها جبران بطلاقة شديدة قاطعته قبل أن يكمل تسأله مدهوشة :
- point أنت جبت الكلمة دي منين يا جبران عرفتها إزاي اصلا
توترت حدقتيه للحظات يكاد يصفع جبينه براحة يده حمحم يردف سريعا بسخرية :
- دا اللي أنتي سمعتيه من كلامي ، سمعتها من عيل من العيال بتوع جامعتكوا بيقولها لبت تقريبا متجوزها عرفي وبيخلع منها ..أنا لو عايز ابقي ابن ذوات زيكوا هبقي يا بنت الذوات بس انتوا عمركوا ما تعرفوا تبقوا زيي
زفرت حانقة من ذلك النرجسي مُحب ذاته صاحب القدرة الخارقة علي قلب موازين جميع القضايا لصالحه إذا لتضرب وتر الأبوة داخله اشارت بيديها إلي بطنها ابتسمت تردف ساخرة :
- وافرض طلعت حامل فعلا ... هتستني لما يجي اليوم تشوف فيه ابنك زي الولد اللي جالك هيبوس ايدك عشان شمة مخدرات ساعتها بقي هتديله إنت الكيس بإيدك عشان ما يعملش مصيبة
كلماتها حقا ضربت شئ ما داخله جعلت دقات قلبه تتقافز ذلك الشعور المخيف يعرفه خاضه قبلا قبل أن يقرر تغير موازين كل شئ في حياته ... ابتسمت وتر في أمل لتردف سريعا :
- أنت مش مصدق أن أنا بحبك ودا حقك ما تصدقش بس افرض بجد طلعت حامل هتصرف علي طفل صغير بفلوس حرام هستنتي لما يكبر ويبقي نسخة من اللي أنت بتبيع ليهم السم دا
انتفض كمن لدغه عقرب ينفي برأسه بعنف لتتسع ابتسامتها اقتربت منها سريعا تمسك كف يده تبسطها علي بطنها تنظر لعينيه مباشرة تهمس بحذر :
- عشان خاطره هو يا جبران أبعد عن الطريق
تحركت مقلتيه علي قسمات وجهها قبل أن ينزل بعينيه إلي يده المسطحة علي بطنها عاد ينظر لعينيها ابتلع لعابه يردف :
- الموضوع مش بسيط زي ما انتي فاكرة يا وتر مش مجرد ما اقول أنا عايز ابعد هبعد في ناس أكبر مني ممكن يصفونا كلنا علي قرار زي دا لو جه فجاءة اديني وقت وأنا أوعدك وحياتك أنتي اللي وفي بطنك سواء كان بنت ولا ولد إني هبعد عن الطريق دا نهائي
علا ثغرها ابتسامة كبيرة واسعة لتهرع إلي أحضانه تطوق عنقه بذراعيها لتحاوط يديه جسدها يدس رأسه عند رقبتها يطبع جسدها علي جسده ليسمعه تهمس سعيدة :
- شكرا بجد شكرا أوي
ارتسمت ابتسامة حزينة صغيرة علي ثغره يومأ لها لحظات مرت قبل أن يخرجا معا من الغرفة تتشابك أيديهم كل منهم ينتظر الغد الافضل القابع داخل أحشائها الآن
____________________
استقلا معا سيارة أجرة تلك المرة أيضا كان الصمت حليفهم وتر تفكر في القادم وجبران يفكر في تلك الشريحة السوداء في جيب سرواله تري ما بها حين وقفت السيارة عند مدخل الحي كان المصلون في الكسج خ انتهوا من آداء صلاة المغرب ... أوصلها جبران إلي مدخل عمارتهم يحدثها مبتسما :
- اطلعي انتي ارتاحي أنا هروح اشوف حسن والورشة وهحصلك
ودعته بابتسامة ناعمة انتظر إلي أن صعدت ليتحرك صوب ورشته ما أن اقترب رأي حسن وهو يحاول اختلاس النظر لأمل .. نظر مندهشا ناحية عربة الطعام تلك الفتاة حقا من فولاذ هو حقا مندهش من قوة تحملها اتجه صوب حسن وضع يده علي كتفه فجاءة ليجفل الأخير التفت إلي جبران زفر أنفاسه يغمغم حانقا :
- ايه يا جبران خضتني مش كدة يا اخي
ضحك بخفة لتعلو شفتيه ابتسامة خبيثة ماكرة لاعب حاجبيه يردف عابثا :
- ما أنت اللي مش مركز عينيك في طاسة الكبدة لو نفسك فيها قولي اجبلك شقتين
زفر حسن أنفاسه ساخرا يشيح بعينيه عن جبران إلي لوح الخشب أمامه يكمل ما كان يفعل ليتوجه جبران بعينيه ناحية أمل وعربة الطعام قطب ما ببن حاجبيه مستنكرا المشهد ليعاود النظر لحسن يردف :
- ايه دا في اي هي رجالة الحتة كلها ملومة علي العربية ليه كدة هي بتبيع ببلاش النهاردة ولا ايه
ترك حسن ورقة السنفرة من يده ابتسم ساخرا يردف :
- لاء وأنت الصادق الست أمها قالت في الحتة كلها إن بنتها ما استحملتش العيشة مع البلطجي واتطلقت فالكل جاي ينول الرضا أنا ماسك نفسي بالعافية من إني أروح اولع فيهم بالعربية بصبر نفسي أنها موقفة كل واحد عند حده وما حدش يقدر يمد بكلمة حتي
همهم جبران متفهما الوضع برمته الآن نظر ناحية حسن من جديد حين أردف الأخير :
- البت اللي اسمها صبا وافقت علي جوازي منها كلها كام يوم والمصيبة دي هتتحل ما تقلقش
ابتسم جبران في خبث ينظر للفراغ لمعت عينيه يحرك اصبعيه السبابة والابهام علي ذقنه يغمغم ساخرا :
- عندك حق هي كلها كام يوم فعلا عايزك ترتب فرح تحكي وتتحاكي بيه الحتة كلها بس ما تعرفش حد مين العريس ومين العروسة خليها مفاجأة ساعتها
لم يهتم حسن كثيرا ولكن يبدو أن جبران لديه خطة كالعادة فقط وافق في صمت علي ما قال ليربت جبران علي كتفه من جديد يردف :
- وطالب منك خدمة كمان روح لأمل خليها تحبك من اول وجديد حسن علاقتك بيها اتعامل معاها بطبيعتك مش وش الجحش اللي بتلبسه لما بتشوفها
توسعت عيني حسن في دهشة لا يفهم ما الذي يريده جبران تحديدا كيف يطلب منه تجهيز زفافه علي تلك الفتاة بعد عدة أيام ويطلب منه في الآن ذاته أن يُعيد علاقته بأمل كاد أن يرفض حين قاطعه جبران :
- حسن أنا ليا عندك جميل مش كدة ودا رد جميلي وعلي فكرة أنا هسأل أمل أن كنت عملت اللي قولتلك عليه ولا لاء ... تصبح علي خير يا أبو علي لما تخلص ابقي اقفل الورشة كويس عشان البضاعة اللي فيها
لوح له ليتركه ويصعد تاركا إياه في حيرة من أمره جبران بات يتحدث بالالغاز حتي معه !! تثآب ناعسا يمط عظامه اليابسة من أثر ذلك المجهود العنيف منذ ساعات تحركت عينيه صوب أمل مباشرة ينظر لها دون أن يختلس النظر هو جائع معدته تزمجر لا تمؤ فقط والطعام أمامه وجبران أخبره أن عليه إصلاح علاقته بها إذا أيسر طريق لقلب حسن أمل !
تحرك صوبها وهي لم تره كانت شاردة الذهن تفكر في ماذا في ذلك الذي يتقدم صوبها دون أن تره في تلك الفتاة التي جاءت تقف أمامه تحادثه في شئ ما لا تدري ما هو ... في الأيام الفائتة بينهم في الكثير يديه تمسك بالسكين الكبيرة تقطع بها الخبز العربة مزدحمة منذ ساعات والعدد لا يقل رجال الحي هنا ليجددوا عرض الزواج بعد إن أخبرت والدتها الجميع حرفيا أنها انفصلت هي وحسن اجفلت علي صوت أحد الرجال يغمغم :
- اللي واخد عقلك يا استاذة أمل يلا بالله عليكي الأكل
زفرت حانقة حركت السكين بعنف علي رغيف الخبز لتغوص السكين في كف يدها صرخت من الألم في لحظة رأت دماء غزيرة تندفع من كفها في اللحظة التالية رأته جوارها يمسك بقطعة قماش يسد بها سيل الدماء يصرخ في الواقفين غاضبا أن يبتعدوا
اختفت الأصوات أجمع من حولها لم تعد تسمع سوي صوت أنفاسها السريعة حتي صوته وهو يصرخ لا تسمعه جل ما يحدث أنها تري المشهد كمتفرج صامت أصم يقبض علي يدها يصرخ في الناس أن يبتعدوا من أمامه يلف ذراعه حول كتفيها يدفعها برفق لتسير معه أراد للحظات أن يحملها ولكنه تراجع وأخيرا وصل معها إلي الصيدلية علي مقدمة شارعهم دخل إلي الصيدلية لتعود الأصوات من جديد حين سمعت يحادث الطبيب الواقف قلقا :
- ايديها اتعورت جامد من السكينة شوف مالها بسرعة بالله عليك لو محتاجة مستشفي اوديها حالا
تحرك ذلك الطبيب الشاب صاحب القامة المديدة والابتسامة الجذابة بتلك الغمازات التي تحفر وجنتيه حفرا منذ أن أتي ليعمل في حيهم وفتيات الحي أصابتهم الكثير من الأمراض اقترب من أمل ينزع قطعة القماش عن يدها جلب قطعة قطن ومطهر ينظف الدماء عن الجرح ينظر له عن كثب لينظر لحسن يتمتم :
- للأسف محتاج خياطة ... أنا اقدر اخيطه ليها لو حابب
تردد للحظات قبل أن يومأ له موافقا جذب الطبيب مقعد آخر يجلس أمام أمل يحضر حقيبة إسعافات بدأ بتعقيم الجرح جيدا ليحضر زجاجة مخدر يضع منها علي الجرح يحادثها بابتسامة واسعة ولهة :
- ما تقلقيش يا آنسة أمل دا مخدر مش هتحسي بحاجة خالص
رفع حسن حاجبيه مستهجنا ينظر لذلك العاشق الذي علي وشك أن تخرج القلوب المضيئة من حدقتيه وضع يده علي كتفه يشد عليه بعنف ابتسم يغمغم من بين أسنانه :
- مدام ...مدام أمل ، المدام مراتي يا دكتور إيهاب
نظر له الطبيب من جانب عينيه يبتسم ساخرا مستهجنا وكأنه يسخر منه لشئ ما لا يعرفه هو !!
عمل ذلك المدعو إيهاب علي الجرح في يد أمل بخفة ومهارة إلي أن انتهي ليلف يدها بالقطن المعقم والشاش تركها وغاب لعدة لحظات قبل أو يعود ومعه حقيبة صغيرة بها عقاقير مسكنة يحادثها مبتسما :
- دي مسكنات وخافض للحرارة عشان لو حرارتك ارتفعت بسبب الجرح لازم تغيري علي الجرح كل يوم ويوم وتبعدي عن الماية لو ما قدرتيش تيجي ابعتيلي اي حد وأنا اجي اغيرلك عليه بنفسي
احتدت عيني حسن غضبا يحاول أن يمسك زمام غضبه قدر استطاعته كلمة أخري وسينقش تحفة فنية رائعة علي وجه ذلك الفتي ... دس يده في جيب سرواله يغمغم :
- متشكرين لتعبك يا دكتور حسابك كام عشان المدام تعبانة وعايزين نروح
من جديد عاد ينظر له الطبيب تلك النظرة الساخرة لما ينظر له ذلك الفتي بتلك الطريقة !!
أخبره إيهاب بالمبلغ ليضع حسن النقود علي سطح المكتب أمامه يلقيهم له ينظر له محتدا ... خرج بصحبتها من الصيدلية لتنظر له مرتبكة همست تشكره متوترة :
- متشكرة يا حسن عن إذنك
كاد أن يوقفها ويقول شيئا ولكنه تراجع وهي تحركت تضع يدها السليمة علي قلبها تشعر به يتقافز بعنف ما حدث قبل قليل وجوده قلقه يده التي احتوتها الي صدره يتحرك بها متلهفا وكأنه يفقد جزء من روحه كل ذلك ترك أثرا ليس بسيطا ... ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها توجهت إلي عربة الطعام ساعدتها أحدي سيدات الحي لتغلقها
أما هو فارتسم علي ثغره ابتسامة واسعة يتحرك بلا هدي بين ارجاء الحي يتذكر يدها التي شدت علي كفه تلقائيا حين شعرت بألم وذلك الطبيب الاحمق يعقم جرح يدها وكم اشتاق للمسة يدها الناعمة ... وقعت عينيه علي شابين يتحركان جواره نظر أحدهما اليه يبتسم ساخرا ليميل علي أذن زميله يهمس له بشئ ما فضحك الآخر وتحركان يبتعدا عنه وقف يقطب ما بين حاجبيه مستنكرا ما به ذلك الحي اليوم ما حدث منذ بداية اليوم جعل عقله في دوامة من الحيرة يحاول إيجاد حل لمشكلة جبران ولكنه كان يلاحظ بين حين وآخر نظرات بعض الشباب والرجال له ولم يهتم ليعرف سببها ولكن الآن هناك شئ خاطئ يحدث في هذا الحي ... تحرك يعود إلي الورشة سريعا يصيح باسم عمر أحد صبيان جبران :
- واااد يا عمر تعالا هنا
جاء الفتي إليه مهرولا يغمغم متوترا :
- ايوة خير يا معلم حسن
نظر حسن حوله ليعاود النظر صوب عمر يغمغم محتدا :
- هو في ايه النهاردة الناس دي بتبصلي كدة ليه ... هي الحارة اتجننت ولا ايه
ارتبكت نظرات ذلك المدعو عمر لا يعرف حقا ماذا يجب ان يقول حمحم يغمغم متوترا :
- ما فيش حاجة يا معلم ما حصلش حاجة
توسعت عيني الفتي ذعرا حين قبض حسن علي تلابيب ثيابه بعنف يجذبه نحوه يتوعده غاضبا :
- ولا انطق في اي والا والله هشيل رقبتك من مكانها
حرك الفتي رأسه بالإيجاب سريعا ابتلع لعابه الجاف مرة بعد أخري تلعثم يردف مذعورا :
- اااصل بصصراحة .. السست سيدة أم الست أمل حماتك ... قالت يعني ...انك يعني ططلقت بنتها وهي لسه عروسة عششان عشششان عشششان
- ما تنطق يلا
صرخ بها حسن غاضبا بعد أن نفذ صبره ليردف عمر سريعا :
- عشان أنت يا معلم مالكش في الجواز فطلقتها وهي عروسة من غير ما تلمسها
شخصت عيني حسن في ذهول فك أصابعه عن ثياب الواقف أمامه ينظر أمامه مذهولا الآن فقط فهم سر نظرات الطبيب ونظرات الشبان في الحي ... اشتعلت مقلتيه غضبا وكأن الدماء تغلي تفور في كل خلية من جسده الغضب يرج جسده رجا يبدو أن ما سيفعله لن يكون هينا إطلاقا !!
_____________
هناك علي صعيد آخر يُبعد كثيرا عن سابقه علي فراش فخم داخل غرفة نومهم ترقد شيرين بين أحضان مجدي !! تستند برأسها علي صدره في حين يمسح هو بيده علي خصلات شعرها وابتسامة كبيرة تغطي ثغره ارتجفت حواسه يشعر بالسعادة تتغلل كيانه حين سمعها تهمس له من جديد بنبرة إعتذار يشوبها الندم:
- أنا بحبك أوي يا مجدي أنا حقيقي ما اعرفتش أنا بحبك قد ايه غير بعد ما اتخطفت وشوفت خوفك ولهفتك عليا لما لقيتني ... سامحني يا مجدي سامحني علي كل السنين اللي ما عرفتش أحبك فيها زي ما حبتني أنا آسفة ... آسفة أوي
وانخرطت بعدها في البكاء بحرقة تخبئ وجهها صدره تبكي ليطوقها بذراعيه يقبل جبينها مرة بعد أخري يهمس لها مترفقا يحاول تهدئتها :
- شيرين اهدي بطلي عياط عشان خاطري ... خلاص يا شيرين أنا مسامحك والله .. أنا بحبك ، بحبك أوي من سنين كل اللي كان مجنني وحارق قلبي أنك مش شايفة حبي ليكي ... إنما أنا والله بحبك من قبل ما سراج نفسه يحبك
أمسك بذراعيها بخفة يبعدها عنه جلس يُجلسها جواره احتضن وجهها بين كفيه يقبل جبينها يردف :
- شيرين إحنا ما بقناش صغيرين آه ... بس صدقيني أنا اقدر اعوضك عن كل اللي شوفتيه معايا هحققلك كل اللي تحلمي بيه كل اللي أنا عايزه منك هو حبك ليا بس مش طالب غير قلبك بس
رفعت وجهها تنظر له تبتسم في وداعة رفعت يديها تمسح دموعها المتساقطة ابتسمت مرتعشة تومأ بالإيجاب ارتمت بجسدها بين أحضانه تلف ذراعيها حول جسده ابتسمت كأفعي تتلون تهمس برقة حزينة :
- قلبي وعقلي وروحي ملك ايديك أنا مش عارفة ازاي كنت غبية عشان أجري ورا سراب أحرم نفسي من كل الحب دا سامحني يا مجدي
استندت برأسها الي كتفه تنظر للفراغ تبتسم في خبث مخيف تتذكر
flash back
سراج بات مخيف مجنون هو الآخر كانت بين أحضانه تخبره كم تحبه وفجاءة دون سابق إنذار صرخت من الألم حين قبض علي خصلات شعرها بعنف يبعدها عنه نظرت له مذهولة وجهها يصرخ ألما في حين هزها هو بعنف يصيح فيها :
- بتحبيني وأنتي في حضن سفيان الدالي مش كدة ، أنا هدفعك تمن خيانتك ليا أنتي والكلب اللي اسمه سفيان ومجدي كلكوا هتدفعوا التمن غالي أوي
وبعدها جرعة خالصة من الألم المكثف لم تكن تعرف أن سراج مريض نفسي يعاني من مرض السيطرة لم تعد تشعر بشئ من الألم غابت عن الوعي حين فاقت وجدت نفسها تقف أرضا يديها معقلة إلي سلاسل ضخمة تتدلي من منتصف سقف الحجرة تقبض علي يديها تجبرها علي الوقوف وراته يجلس هناك يضع ساقا فوق أخري يرتشف كأس من النبيذ بتلذذ بالكاد فتحت مقلتيها وخرج صوتها المبحوح من الصراخ تهمس بهذيان من الألم تنساب دموعها بحرقة :
-ليه يا سراج دا أنا بحبك أوي ... مجدي هو اللي كان بيجبرني إني اعمل كدة معاه وسفيان كانت غلطة كنت واخدة جرعة كبيرة من الزفت اللي مخدي خلاني ادمنه صدقني أنا قرفت من نفسي أوي لما فوقت وعرفت اللي حصل
ترك كأس النبيذ من يده ليقترب منها وقف أمامها يقبض علي فكها بعنف يقرب وجهها منه يغمغم ساخرا :
أنا عارف يا روحي بس دا قانون مبدأ عندي اللي غلط لازم يتحاسب وأنا ما اقدرش اغير قانوني عشان خاطر مين من كان يكون وبعدين ما تبقيش شكاءة بكاءة أنتي ما شوفتيش ربع اللي شافته روزا ومع ذلك روزا ما نزلتش دمعة من عينيها طول عمرها
لم تستطع أن توقف سيل بكائها جل ما فعلته أنها اردفت تكمل :
- مجدي ... مجدي زمانه قالب الدنيا عليا كدة ممكن يعرف أنك عايش
ضحك سراج عاليا يرتشف ما بقي من كأسه جرعة واحدة يغمغم ساخرا :
- ما تقلقيش ياروحي مجدي فاكر أنك اتخطفتي وهو دلوقتي بيدور عليكي وأنا هبعتك لأخويا حبيبي عشان تكملي خطتنا ..عايزك يا قلبي تقنعي أخويا أنك حبيته وأنك كنتي غبية عشان بتحبي واحد ميت عايزه يصدق فعلا أنك حبيته فاهمة يا شيرين
حركت رأسها بالإيجاب سريعا ستفعل اي شئ لتبتعد عن ذلك الحجيم كانت تظن أن الحياة مع مجدي حجيم اتضح انها النعيم بعينيه مقابل ما حدث لها هنا علي يد من أحبت عمرا كاملا رفعت وجهها إليه تهمس :
- وبعدين اعمل ايه بعد كدة
دس يديه في جيب سرواله يخرج المفاتيح يفتح قفل السلاسل لتسقط شيرين أرضا قدميها لا تقدر علي حملها شيئا فشئ بدأت تغيب عن الوعي لتسمع صوته الخبيث يهمس لها قبل أن تغيب عن الوعي تماما :
- لاء بعدين دي أنا هبغلهالك بطريقتي ...نامي يا روحي لما تصحي هتلاقي نفسك في حضن جوزك حبيبك ما تنسيش ها جوزك حبيبك!!
Back
اجفلت من شرودها علي صوت مجدي يسألها قلقا :
-شيرين أنتي نمتي يا حبيبتي
رفعت يدها سريعا تمسح دموعها قبل أن يراها ابتعدت عنه قليلا تغمغم بنعومة :
- لا يا حبيبي أنا بس كنت متطمنة أوي وأنا في حضنك مش عايزة ابعد عنه تاني أبدا
ابتسم مجدي في سعادة قلبه يكاد يرقص فرحا لا يصدق أن حلمه المستحيل تحقق بعد سنوااات طوال !!
علي جانب آخر في جناح بعيد في نفس الطابق في غرفة طارق يرقد طارق علي فراشه يدخن التبغ تتسطح ماهي علي صدره تحادثه شامتة :
- يعني أنت خلاص اديته الكارت اللي فيه الفيديو بتاعها
ارتسمت ابتسامة ثعلبية خبيثة علي شفتي طارق يحرك رأسه بالإيجاب يردف متلذذا :
- ايوة وطبعا واحد بدماغ جبران هيعتبر اللي في الفيديو إهانة جامدة ليه ومش بعيد يطلقها أو علي أقل تقدير يسود عيشيتها زي ما بيقولوا عندهم في الحواري ... يجي بقي دوري طارق ، سو عيلة واطية قدرت اشتريها بالفلوس كل ما اعوز اشوف وتر هخليها تكلمها وتقولها الحقي يا وتر في محاضرة مهمة تعالي علي طول وفي المحاضرة تقولها خدي يا وتر جبتلك معايا عصير زي ما حصل النهاردة واديتها أول جرعة !! أو اخليها تروحلها البيت تزور صاحبتها وواخده معاها العصير ولسه اللي جاي احلي يا وتر
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية جبران العشق" اضغط على أسم الرواية