رواية بيت القاسم الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم ريهام محمود
رواية بيت القاسم الفصل الرابع والعشرون 24
بيت نورهان".. فتحت باب بيتها والصغيرة على كتفها، تحمل بيدها الحرة عدة أكياس بلاستيكية بها طعام وأغراض للمنزل قد أتت بها بطريق عودتها..
كان البيت فارغًا فـ مجد شقيقها بالمكتبة مع العم حسين جارهم، جلست معهما بعض الوقت قبل أن تتركهما وتصعد للبيت،
دلفت غرفة نومها تضع ملك على فراشها برفق وقد غفت، فمالت تطبع على وجنتها قبلة ناعمة، تمسح على شعرها الخفيف بحنان وقد اشتاقت لرؤيتها تغفو بين أحضانها وتحت عينيها..
ابتعدت عنها قليلاً، تجلس على الفراش بأرهاق وقد استنزفت طاقتها اليوم،
كلما رأته تعود مئات الخطوات للوراء.. تفشل محاولاتها العتيدة بنسيانه..
.. من قال أن الفراق سهل لم يعرف قلبه يومًا مذاق الحنين..!
.. هربت من أمامه بالتأكيد لن تمكث بمكان هو فيه، تتحاشاه.. تتجنب وجوده ونظراته، نظراته التي تُعريها بحقيقة أنها أضعف من أن تجابه أو تقف أمامه..
.. في عمق عينيه ترى انكسارها مرسوم بدقة.. وما تبقى من كبريائها يصرخ بها بأن يكفي إلى هذا الحد..!
زفرة متعبة اخرجتها وهي تلتفت وتمسك بهاتفها الموضوع على طاولة صغيرة بجانبها، هاتف ذو طراز قديم ولكنه يفي بالغرض، ولذلك تستعمله فقط بالمنزل أو المكتبة، بالتأكيد أكرم لو رآه سيصعق، بالتأكيد لايعرف تلك النوعية من الهواتف..
تضغط على أزراره عدة ضغطات بلا مبالاه.. إلى أن اعتدلت تحدق بالشاشة ورسالة نصية من رقمه..
"لما توصلي كلميني"..
والعديد من الاتصالات التي تَلَت رسالته، يبدو أنه أصابه القلق..
شعور بالخوف مس قلبها وهي ترى إلحاحه بالإتصال.. بالتأكيد والدته أخبرته بما طلبت...
ضغطت عدة ضغطات على الأزرار.. ترفع الهاتف على أذنها بانتظار رده وعتابه بالتأكيد..
بدأ قلبها يدق مع رنين هاتفه حتى جائها صوته اللاهث..
-بعتلك رسالة من مدة.. كنتي فين؟!
بللت شفتيها بتوتر من حدة سؤاله.. أجابت بهدوء تصنعته بعد أن أجلت حنجرتها..
-كنت ف المكتبة.. ولما طلعت شوفتها..
كتم زفرة غاضبة بسيرة المكتبة، كم يود احراقها أو تكسيرها على رأسها..
أغلق قبضته بعنف.. يسحب نفسًا عميقًا لداخله.. قبل أن يسأل بضيق..
-ماما كلمتني.....إنتِ شايفة إني ظالمك معايا؟!
لترد بصوت جامد به نبرة اختناق..
-أنت شايف إيه؟..
كان بغرفته يجلس على كنبة صغيرة، نهض وقت أن سألته يتحرك بقدمين متعبتين،ليقف أمام مرآته.. يُدقق النظر لوجهه، لحيته، جزعه العارِ وقد اشتاق لعناق منها تعطيه له باحتواء ويقابله بترفع..
لاينكر أنه بالفترة الماضية كان يضغط عليها.. يتلمس حنانها المعتاد وتنازلاتها الغير متناهية معه..
قلبها الذي يغفر له كل شيء بسهولة... وحبها.... حبها الغير موجود حاليًا..
تمتم بصوت محترق خافت وهو يمد كفه يحجب رؤية وجهه بالمرآه..
-أنا مش شايف غير واحد متمسك وإنتِ رافضة.... بتعززي نفسك وترخصيني..!!
هتفت بصوت مرتعش..
-أنا مش حسباها كدة.. زي ما أنت هتشوف حياتك أنا كمان عايزة ابدأ من جديد وأشوف حياتي...
هكذا ببساطة.. رغم ارتعاد صوتها الواضح لأذنه، إلا إنها استطاعت..
مازال على وقفته وقد تسارعت أنفاسه..
-حقك..حقك طبعاً تبدأي من جديد.. وأنا مش هفرض نفسي أكتر من كدة..
ثم تابع بصوت مختنق..
-زي مابدأنا هننهيها.. هكلم جدي وننفصل وتاخدي حقوقك...
دمعت عيناها وهي ترى اقتراب النهاية.. غمغمت بسخرية مريرة..
-أنا مليش حقوق.. أنت ناسي الجواز كان غرضه إيه!!
صوته قوي وثابت يسألها مباشرة..
-كان غرضه إيه؟ .. أصلي نسيت يوم ماشوفت ملك..!
فكريني الجواز كان غرضه ايه يانور..!
يتلاعب بها بعدم نزاهة.. هي ادري بتلك النبرة.. وقت ان يكون واثقًا بأن من أمامه لا يستطيع منافسته..
همست بخفوت حزين..
-أكرم.. أنا متنزلالك عن حقوقي..
ارتفعا حاجبيه باستنكار.. يسأل بنبرة مجروحة..
-يااه للدرجادي أنا عشرتي كانت وحشة!
هزت رأسها تنفي.. تغمض عيناها لتجيبه بصوت متهدج..
-لأ.. أنت عارف إنه لأ.. بس أنا مش هقدر أظلم نفسي معاك أكتر من كدة...
مش هقدر استنى لليوم اللي هتقولي فيه كفايه كدة عليا..
مش هستني لما جيلان تقولك سيبني فتسيبني وتختارها..
.. وصمتت وهو الآخر صمت.. صمت ثقيل بينهما، كانت تود إنهائه.. تشعر بأنها خائرة القوى.. تلك المكالمة أصعب من مواجهته وجهًا لوجه..
تنهد بعد صمته.. يهز رأسه بيأس منها..
- أنا سيبت جيلان...
رفعت رأسها المتعبة بسرعة ليقابلها انعكاسها بالمرآه المشوشة أمامها..
حدقتيها متسعة بذهول.. تشير بسبابتها على صدرها..
- عشاني!
نفى..
- عشانها...
وكان صادقًا..
استكمل بنبرة مبحوحة وكأنه عاد من معركة خاسرة.. يعيد على مسامعها ما قالته..
- عشان مش هقدر أظلمها معايا.. مش هستني لما تيجي في يوم تخيرني بينها وبينك فاسيبها واختارك .....
....................
"بالمساء"..
على العشاء كان كمال يجلس على المائدة يمين والدته وأمامه قاسم وأكرم..
كانت جلسة فاترة.. كلًا في عالمه شاردًا بما يخصه، وقد انسحبت نيرة وأخذت معها الصغار اولاد كمال ليشاهدوا فيلم عائلي..
ران صمت ثقيل قطعته فاطمة بنفاذ صبر وهي تنتزع كمال من شروده تسأله بحنانها الذي تخصه هو به فقط..
- قولي ياكمال.. سبب المشكلة بينك وبين مراتك ايه يابني يمكن اقدر احلها..
زفر بقوة وهو يحذرها بعينيه يشير على إخوته..
-وأنا من أمته ياأمي.. كنت بخلي حد يحللي مشاكلي!!
أردفت بصدق حانٍ..
-يابني ده اناماصدقت أن ربنا صلح حالك وارتحت في بيتك..
غمم كمال بحدة مستنكرًا
-للدرجادي يا أمي وجودي هيضايقك..!
رد عليه أكرم يدافع عن والدته..
ماما مش قصدها كدة ياكمال...
ثم اتجه بحديثه لوالدته..
- سيبيه ع راحته ياماما..
وبخته أمه بملامح ممتعضة..
-والنبي إنت بالذات تتلهي ع خيبتك التقيلة بدل منتا زي اللي راح وجه عل الفاضي لاطولت بلح الشام ولا عنب اليمن..
احمر وجه أكرم غضبا.. هدر بها بخفوت من بين شفتيه
- ماما..
لم يستطع قاسم كتم ضحكته، فصدحت ضحكاته مجلجلة.. لتنهره والدته بتوبيخ هو الآخر..
-وانت كمان أخيب منه ياللي حتة عيلة ضحكت عليك..
.. صاح قاسم معترضًا
-الله.. وانا كلمتك ياست إنتِ..
اشاحت بذراعها تتجاهلهما.. ثم تعود بنظراتها وحنو نبرتها تسأل كمال..
-كمال.. بطلت أكل ليه.. كل ياحبيبي..
ارتفع حاجب أكرم ليرمق قاسم بجانب عينيه، يتبادلان النظرات المغتاظة بينهما بصمت..وملل..
وضع كمال شوكته بجانب طبقه .. ثم قال لها بهدوء شديد
-ماما.. لما خديجة الله يرحمها ماتت أنا مشيلتش حد همي.. ولادي كانو معايا فوق.. أنا اللي كنت برعاهم و بقوم بكل حاجة معاهم..
ارتسمت ملامح الحزن على وجهها.. وهي تسمع اتهامه المبطن لها.. تعاتبه
-اخس عليك ياكمال.. هو أنا لما أكون عايزة اطمن عليك يبقى ده ردك..
أغمض عيناه يطبق عليهما بشدة.. قبل أن يتمتم بهدوء كاذب تفضحه نظراته الحزينة..
-اطمني يا أمي .. أنا كويس.. ربنا مبيجيبش حاجة وحشة أكيد ..
رفعت فاطمة كفيها تدعو له بصدق..
-ربنا يكتبلك الخير كله ياكمال يارب.. ويهديلك العاصي..
هتف قاسم سريعًاوفمه ملئ بالطعام..
-وانا كمان يافاطمة.. ادعيلي..
رمقته بنظرة حانقة.. قالت قاصدة إثارة سخطه
-ربنا يردلك عقلك..
رمقها قاسم بغيظ.. يعض على نواجزه ليستكمل طعامه متجاهلًا نظرات كمال المبهمة له اليوم....!
.................
.. كان عاصم يجلس على طاولة جانبية بالنادي المشترك به.. مكان اعتاد الجلوس فيه بعيد عن أعين أعضاء وعضوات النادي المتطفلة.. والهائمة به!
أمامه عصير برتقال طازج وبجواره فنجان قهوة قد انتهى من ارتشافه منذ قليل وهو ينتظرها..
يريد رؤية وجهها الحلو صباحًا قبل أن يبدأ عمله.. يرفع ساعة معصمه كل دقيقة وأخرى، تأخرت وقد مل من الانتظار..
ينتظرها منذ ساعة، وسينتظر أكثر..
هو لايعرف أن كان أحبها ام لا.. هو جرب الحب مرة واحدة منذ زمن وقد فشل..!
ولكنه يحب رؤيتها، وسماع صوتها.. لون العشب الصافي بمقلتيها واللمعة الصادقة بهما وقت رؤيته والتي اختفت آخر مرة رآها بحفلتها..
كان لاينوي التلاعب بها.. رغم أنها تلاعبت به واستغلته من أجل تسلية وقتية..
ولكن رفضها له وانكارها، جعل شيطانه يصحو من غفوته..
أخذ رشفة من العصير أمامه وقبل أن يعيده شاهدها تأتي نحوه..
كانت صغيرة وجسدها زاد نحولًا ترتدي سروالًا أبيض شديد الضيق يعلوه كنزة زرقاء صيفية، تعقص شعرها بشدة للخلف وتركت الغُرة على جبينها كعادتها تُخفي نظراتها التائهة..
التمعت عيناه بلمعة خاطفة، ويبدو أنه اشتاق لاعتياد مرآها، تجهم ملامحها الحالي يجذبه أكثر. يعلم جيدًا بأنه السبب بتبدل ملامحها..
اقتربت من طاولته وضعت حقيبتها الانثوية الصغيرة أمامها .. دون كلام تسحب كرسي كان ملتصق بكرسيه بعيدًا عنه حتى صارت بمقابله..
رفع حاجبه من حركتها البلهاء تلك.. لو أراد شئ سيأخذه حتى وإن أشادت بينهما ألف حائط..
-اتأخرتي..!
ألقاها بتهكم، استقبلته هي بازدياد تجهم قسماتها.. ورفض نبرتها..
- مكنتش هاجي أصلاً..
ارتفعا حاجبيه يدّعي الذهول.. يثني شفتيه بسخرية لاذعة..
-أووه إنتِ واخدة حبوب شجاعة قبل ماتيجي بقى..!
تسارعت انفاسها قليلاً.. هتفت به ونظرتها كانت مرتعشة كنبرتها..
-انت مش هتهددني بزياد.. أنا ممكن أقوله علفكرة..
اعتدل بكرسيه وهو يميل على الطاولة.. يقول ببساطة
-طب ماتقوليله..!!
الخوف المتراقص بعينيها وُخز قلبه بضيق لايعلم سببه.. أو يعلم لايهم!
يتذكر جيدًا زياد وهو يحكي ويتحاكي بشقيقته الرقيقة البريئة بالتأكيد ستكون صدمة حين يعلم بأخلاقه ويرى صورهما معًا..
هو لن يُري الصور لزياد بالطبع ولن يخبره حتى.. هو يهددها فقط..
ازداد شحوب وجهها ووهج قوتها يتراجع من جديد، فقالت تحاول أن تُنهي حوارهما بأقل الخسائر..
- طب مانفضها سيرة... وننسى أن أنا وانت شوفنا بعض أحسن ..
-أنا مستحيل انساكي..
قالها بصدق مسرعًا.. ولكنه اكمل باستهزاء محافظًا على ماء وجهه..
-معقول هنسى البنت الوحيدة اللي اشتغلتني!
قالت..
-دلوقتي ورقي كله بقى مكشوف أودامك.. هتكمل بعدماعرفت أني أخت زياد..!
التمعت عيناه ببريق عابث.. يغمغم بحرارة أنفاسه يشدد بتأكيد..
-هكمل... أنا عايزك بأي شكل سواء كنتي أمنية أو يارا... هكمل...
وبأقل من ثانية كان يقترب بكرسيه منها، يلمس الجزء الظاهر من بشرة ذراعها بإشارة واضحة منه على تأكيد كلامه، فشهقت بعنف وهي تبتعد.. تصيح بخفوت متوتر..
-ابعد ايدك...
-ولو مبعدتش..
يهدد بعيناه.. ويعيد اللمسة وتلك المرة أكثر خشونة وتملك.. فلم تستطع فعل شئ غير أنها جذبت حقيبتها ونهضت بتوتر وارتباك ممتزجان بخوف.. تبتعد من أمامه وتتركه بمفرده...
شقت شفتاه ابتسامة شيطانيةوهو يرى ابتعاده وتعثر خطواتها .. وفسر هروبها بشكل خاطئ كعادته.....!
..................
... تقف هنا من مدة.. مترددة وخائفة.. تتلاعب بالكارت في يدها..
توزع نظراتها بين الكارت واللوحة العريضة المعلقة على المبنى الحديث أمامها.. " Gold's Gym " وذيلت تحتها بخط رفيع "تحت إدارة ك/أحمد عادل"
.. تحسست ذراعها وقد عاد شعور النفور والخوف إليها.. فحسمت قرارها وتوجهت صوب المبنى.. تصعد درجاته القليلة وتدخله..
تقف بمنتصف الصالة حائرة لا تدري ماذا تفعل.. حتى اقتربت إحدى العاملات بالجيم منها تسألها بتهذيب..
- أي خدمة اقدر اساعدك بيها..!
التفتت يارا لها بإبتسامة خفيفة.. تقول بتردد..
- ممكن أعرف كابتن أحمد هنا ولا لأ..؟
كانت تشد على الكارت بأصابعها تُخفي توترها..
كانت الفتاه أمامها ترمقها باستغراب وضيق من ملابسها الضيقة المُلفتة وحقيبتها الصغيرة أي أنها لم تأت من أجل تدريب أو اشتراك..
-الكابتن مش فاضي دلوقتي..
كادت تشكرها وتغادر.. ولن تعود ثانيةً..
ولكن صوت رجولي خشن النبرة هتف باسمها باندهاش..
-انسة يارا... بتعملي ايه هنا؟!
واقترب منها يقف أمامها يسد عنها الرؤية بجسده الضخم.. كانت أمامه تبدو كعصفورة وقفت أمام حائط..
غمغمت بارتباك..
-حضرتك نسيت انك قولتلي اني لو محتاجة Self-defense .. اجي هنا؟!
هتفت الفتاة الوقفة بينهما بضيق بان جليًا بنبرتها..
-بس احنا هنا مبنديش Self-defense!
انتبه أحمد على وجودها.. فقال لها..
-شكراً ياسلمي.. انسة يارا تبعي.. تقدري ترجعي تشوفي شغلك..
أُحرجت.. فاستدارت بـ آلية تُخفي احتقان ملامحها..
-عنئذنك ياكابتن...
وولاها اهتمامه ثانيةً.. يسأل بإبتسامة..
-ها تحبي تيجي أمته عشان نبدأ..
وتذكرت تهديده.. لمسته... خوفها الزائد...ليلة أن حاول يغتصبها.. وتحرشه بها.... وزياد...!
هتفت دون أن تعي أن الآخر يراقبها..
-حالًا .. عايزة ابدأ دلوقتي.!
اتسعت ابتسامته، فظهرت أسنانه المصطفة.. يقول بنبرة مرحة..
- مممممـ اتمنى ميكونش ده حماس البدايات وبعد كدة متجيش؟!
سألته بلهفة..
- يعني ينفع نبدأ دلوقتي؟!
أجاب وهو يفسح لها الطريق أمامه يرد بشكل عملي ..
- عشان خاطرك ينفع..!
........
.. تبعته لغرفة واسعة، منفصلة عن الصالة تقريبًا، وكأنها تخصه هو فقط، وترك بابها مفتوحًا..
جزء واسعًا منها مغطى بالمرايا والباقي زجاج لامع.. فارغة من أي شئ عدا جهاز للسير السريع وبالمنتصف كيس ملاكمة أسود كبير الحجم..
جالت بعينيها المكان كله.. ثم استدارت تسأله..
- هندرب هنا..؟
صحح سؤالها.. يعطيها ظهره منشغلًا بتهيأة الجو..
- قصدك هدربك هناا..
ثم استدار لها يتحدث بعملية وهو يدور حولها..
- الموضوع مش صعب ولا كبير.. ولا محتاج أن جسم اللي أودامك يكون ف مستوى جسمك وطولك...
الدفاع عن نفسك نابع من جوة..
"يُشير بسبابته عليها"
من جواكي إنتِ.. لازم تكوني واثقة في قدرتك انك تقدري تجابهي اللي أودامك.. تتحديه.. وقتها هيعمل ألف حساب قبل مايلمسك...
كان صوته عالي.. ثابت.. كانت تلتفت له برأسها.. نصف كلامه كانت لاتفهم لولا إشارة يديه..
ولكنه جذبها، هيئته كانت كرجلٌ حقيقي ليس ذكر أو شبه رجل..
فاجئها بوقوفه أمامها مرة واحدة يلمس دون ملامسة حقيقية كتفها.. فشهقت تبتعد بكتفها عنه..
- انت بتعمل ايه؟
-اللي أودامك مش هيستني سؤالك ده.. أول ماتحسي أن ايده قربت تلمسك...
تمسكيها كده..
.. وأمسك بكفها الطري بخشونة كفه يلويه بخفة ولكنها أوجعتها.. فهز رأسه بلا معنى واستنكر من "دلع البنات وميوعتهن"
-هعيد الحركة تاني.. ومطلوب منك ترديهالي بنفس الطريقة..!
وبالفعل اعادها رغم بطء تحركاتها إلا أنها حاولت.. وأول محاولة كانت فاشلة وبجدارة..
ولم ييأس..
-لو مش هتقدري تلوي ايده... ارفعي ايدك واضربيه ف رقبته..
.. وأشار بمنتصف حلقه على تفاحة آدم خاصته..تراقب حركاته وانفعالاته بعيني متسعتين بشدة.. فيخطفة البريق المنبهر فيهما فيبتعد ويوليها ظهره مرة أخرى..
اقترب وألقى سؤال مباشر..
- يبقى مين؟!
تلقت سؤاله كصفعة.. ولا تعلم لما انزعجت أن تكون بها عيب أمامه..
ردت بخفوت بالكاد سمعه وقد فهمت من يقصد ..
-صاحب زياد اخويا..
أمسك بكفها يفردها أمامه.. ثم يثنيها.. كررها أكثر من مرة وكل مرة تزيد شدة قبضته..
- ومقولتيش لزياد ليه..؟
سؤاله أشبه بتقرير، تغضنت قسماتها الناعمة من شدة قبضته، لتزدرد ريقها الجاف،ورفعت رأسها تجيبه
- محبتش أكبر الموضوع..
.. تشنجت حركاته.. يشعر بأنها تخفي شئ أو ربما يتوهم،
استغل ارتباكها وسريعًا حاصرها بوقوفه أمامها وذراعيه مقتربان من أعلى ذراعيها.. تخشب جسدها وساقيها لم تقوى على الحركة..
- في إيه؟
قالتها بصوت مرتجف واعين متسعة.. خطواته وحركاته غريبتان عليها..
عطره الخفيف يسيطر على حواسها.. ينتزع خلايا دماغها انتزاعاً من تأثيره بعطر آخر ثقيل كانت أدمنته..
ورغم عدم انحراف نظراته إلا أن بها لمحة إعجاب لاتخفي على فتاه مثلها..
- عنيكي بتتهز..
يتجاهل سؤالها.. ويكمل بحرفية
- لما تكوني بنفس الوضع ده.. لازم تعرفي نقاط ضعف اللي أودامك عشان تدافعي عن نفسك..
أسهل طريقة ليكي.. انك تضربيه براسك ف مناخيره أو دقنه..
.. وفك محاصرتها يبتعد..أطلقت تنهيدة طويلة مرتاحة، ببالها أن خرجت من هنا ستركض ولن تعود..
ولكنها تذكرت شيئًا فضحكت بخفوت بعد أن التقطت أنفاسها، واستغرب هو..
عقد حاجبيه وسأل بتعجب..
-بتضحكي ع إيه؟
ارتفعت ضحكتها تُخفي ثغرها بباطن كفها... وعيناها تمنحانه سحر جميل يسحبه للأعماق بكل رضاه..
وقد أجل العواطف والمشاعر لبعد الميدالية الذهبية والبرونزية والمزيد من البطولات..
- أصل إنت بتضرب براسك..!
عض على شفته يخفى احراجه ومنحنى أفكاره ، ضحك هو الآخر ضحكة صافية..
-أسهل وأسرع..
ثم استطرد وقد عاد للهجته العملية..
- كفاية عليكي كدة انهاردة..
.. اتجهت للمرآه تعدل من هيئتها وغرتها وكأنه هواء ولا وجود له.. وعلى الرغم من ضئالة جسدها إلا أنها جذبته كأنثى..
زاغت نظراته بالمكان كله، يحاول تجاهل اعجابه بها ومراقبتها هكذا..
وقرر بأن المرة القادمة لها ستكون مع مدربة أنثى مثلها.. فتلك المهمة شاقة على رجل مثله معها ....
.......................
..."بـ شرفة قاسم"
.. كان قاسم يجلس على حافة السور.. يستند بظهره إلى الجدار وراؤه،
وقد جفاه النوم تلك الليلة رغم اهاق بدنه وعقله، إلا أن تلك الفترة أصابه الأرق على مايبدو..
عقله شارد في البعيد، أو ربما في القريب بالغرفة المجاورة..
يمسك بورقة بيضاء وقلمًا من الرصاص يرسم به عليها.. موهبةكانت لديه منذ صغره ونماها جده مع الوقت ولذلك أحب الأخشاب والنجارة والنحت عليهما..
في البداية كانت نيته منظر طبيعي لـ الليل، سماء بدكنة الدُجى ونجوم متلألأة تُزينها، والجو المحيط به.. رسمة ببساطة تعبر عن السكون المحيط به..
ولكن انامله توقفت عن الرسم وهو يستمع لباب الشرفة المجاورة يُفتح بهدوء..
من وقت ان عادت لم يراها غير مرتان وبكل مرة كان يترك الجلسة ويرحل
رغم رفض قلبه..
بالتأكيد بتجاهله هذا سينساها مع الوقت.. ولكن كيف وهي أمامه!!
تقف مستندة على السور بمنامتها الصيفية الخفيفة ، تستنشق هواء الليل النقي بإبتسامة..
وكأنها تقصده هو بابتسامتها، أو لا تقصده، عمومًا لن يعيد بناء بيوتًا من أوهام برأسه..
لم ينطق، يستكمل مع يفعله دون تركيز..
- مش جايلك نوم زيي..!
تسأله بخفوت ناعم وقد اقتربت من حافة السور خاصته.. يشعر بنظراتها المخترفة.. آه من الاشتياق وكرامته البائسة..
رد كاذبًا دون أن ينظر إليها..
-نمت العصر.. فمش عارف انام دلوقتي..
رده احبطها لا تعلم لم! ارتفعت بطولها قليلاً تحاول أن ترى مايفعله..
- بترسم... وريني كدة..!
سابقًا كان يُريها معظم رسوماته عدا رسمها لوجهها طبعًا.. كانت صغيرة تركض وراؤه في كل زاوية من زوايا منزلهم.. تُلح عليه أن تشاهد رسوماته..
وكبرت قليلا وقل الحاحها، إلا أن بلغت الثامنة عشر وتوقفت عن الطلب حتى..
ولكنه كان يُريها دون أن تطلب ..
زفر بضيق، ليرفض بهدوء..
-مش برسم.. دي مجرد شخبطة..
ابتلعت ريقها برعشة وهي تشعر بنبذه لها.. همست بصوت خفيض ولكنه التقطه.
-انت لسة زعلان مني!
التفت لها وزاد تجهمًا، منحها نظرة خاصة تحمل بين طياتها لوم وغضب..
نظر إلى عمق عينيها اللامعتين قبل أن يجيب بحدة أثارت حزنها..
-وهزعل منك ليه يابنت عمي.!! ، هو إنتِ عملتي حاجة تزعل ..
استقامت بوقفتها تزم شفتيها وقد التمعت حدقتاها ببريق دمعٍ.. طأطأت برأسها تبتعد عنه بعد أن وصلتها رسالته..
- انا هدخل.. تصبح ع خير..
.. تنفس بقوة وهو يسمع باب شُرفتها تغلقه بهدوء كما فتحته،
بالله كيف سيستطيع النسيان!
تنهد مطولاً قبل أن يسحب نفسًا عميقاً لصدره أخرجه على دفعات متتالية..
يعود بانظاره للورقة أمامه.. تتسع عيناه بمفاجأة وتبدلت رسمته لتصبح عبارة عن وجهها وخصلاتها القصيرة.. وكأن أصابعه تتحداه كـ كل شئ حوله..
............................
.. "بعد عدة أيام"..
.. كانت نورهان تقف أمام المكتبة بالخارج.. تتطلع إليها بانبهار وفرحة..
وقد تبدل حالها ومنظرها بعد أن قامت بطلائها هي ومجد شقيقها ليلًا،
الجدار بلون النسكافيه والأرفف بتدرجات اللون البني.. هيئة وقورة تُليق بمكتبة حُلمت بها سابقًا..
تحمد الله بداخلها فالعمل أصبح رائعًا ومريحًا.. وبالطبع مُربحًا وخاصةً بعد أن افتتح سنتر للدروس قريب من المكتبة..
نظراتها السعيدة المنبهرة بمكتبتها.. جعل الجار يهنئها بمباركة..
- مبروك يانور يابنتي... بقيتي بسبس وومان كبيرة..
ضحكت باتساع.. ملامحها اليوم مُشرقة، تهز رأسها وهي تحدثه..
- مسمعش أكرم وانت بتقول بسبس دي.. اسمها بيزنز وومان ياعم حسين..
تهكم من التصحيح..
- طب وانا قولت ايه يعني!
ثم تابع بملامح ممتعضة..
- ثم إن جوزك ده مبيعجبنيش متكبر كدة وشايف نفسه..وكأن نوعيته انقرضت..
ضحكت ضحكة حلوة وعيناها تشرد رغماً عنها بأول ليلة معهما سويًا بمنزله.. وقت أن دخلته عروس..
كان وسيم ببذلة سوداء وقميص زهري دون ربطة عنق، وسامة ملامحه خبأت وقللت من تجهم ملامحه وعقدة حاجبيه الدائمين..
هتف بها بنبرة خشنة.. يشير بكفه..
-اتفضلي..
أجفلت من خشونة نبرته وقد هدم سقف توقعاتها فوق رأسها..
كانت ترتدي ثوبًا أبيض ضيق من الأعلى ينزل باتساع ذو اكمامَا واسعة منحتها زيادة خادعة ، ناعم على جسدها يُعطيها أنوثة كانت على أعتابها باستحياء..
دلفت بهدوء ونطراتٍ خجلة.. تحني رأسها، ثم توقفت.. وكان هو مازال يقف على الباب وراؤها..
أغلق الباب بشدة، يزفر بصوت مرتفع،
- متتوقعيش مني اني اشيلك والجو ده..!
عضت على شفتها، وارتسم الحزن على ملامحها.. همست بخفوت..
-لا مش متوقعة...
صوت جارها جذبها من الذكرى البائسة، لتتبدل ضحكتها لوجوم وصمت.. تمتمت بشرود..
-هو فعلًا متكبر.. بس قلبه طيب..!
وكانت تقصد معاملته لأهلها.. وبعض زلاتٍ له كان هو يعتبرها أخطاء وتعتبرها هي تسامح منه وكرم من أجل استمرار الحياة بينهما..
تذكر أنها فعلت المستحيل له.. كي تنال رضاه وإعجابه.. فرجل كـ أكرم برجولته العاصفة ومستواه العالي بالنسبة لها يستحق أن تفعل أي شئ من أجل أن تكون معه..
.. دخلت المكتبة تقف أمام مكتب خشبي صغير مازالت رائحة طلاوؤه موجودة.. والعم حسين أعطاها ظهره يُرتب بعض الكراريس والأوراق على الأرفف..
فتحت الجارور الصغير بالمكتب تأخذ منه علبة مخملية رفيعة بلون كحلي
وفتحتها.. لتخرج منها قلم لو بريق ذهبي تتأمله بإبتسامة زادت من وهج عينيها..
التفت العم لها يشاهد وقفتها الصامتة.. وامساكها بالقلم..
ليهتف بمكر لا يناسب سنه..
- مممممـ هدية صلح..
همست بصوت ناعم ومازالت تتأمل القلم بأصابع رقيقة ..
- هدية معروف..
انتفضت بوقفتها على صياح شقيقها يركض نحوها يقول بانفاسٍ لاهثة..
-ابن خالك علي مات..
غامت عيناها وقد شُحبت ملامحها وكأن الدم سُحب من وجهها، ارتجف يداها فنظرت أرضًا للقلم تحت قدميها ولا تدري متى أو كيف سقط منها..
.......................
.. خرجت نيرة من المصعد يتبعها زياد وهو يحاوط خصرها بذراعه.. كانا معًا بزيارتها الشهرية للطبيبة تطمئن على حملها....
تتراقص البهجة والسعادة على وجهه وقت أن علم بأنها تحمل بأحشائها صبي.. صبي منه هو، الفكرة بحد ذاتها تعزز شعور الأبوة لديه بعد تأجيل ونكران..
كانت تسير أمامه بملامح عابسة وحاجبان معقودان برقة.. كانت تريد فتاة من أجل اغاظته...
عند خروجهم من المبنى.. سبقها بخطوات بسيطة يفتح لها باب سيارته، لتتجاوزه هي وتنحني قليلًا لتركب بسيارته بإصرار منه..
يستدير سريعا بعدما أغلق بابها يدلف للداخل بدوره عائدًا بها لبيت جدها..
كان يقود سيارته بهدوء.. هو يعز سيارته جدًا أكثر من أي شئ..
لطالما حلم باشترائها، ووقت أن اشتراها العام الماضي كانت سعادته تكاد تبلغ العنان وكأنه بابتياعها نال أقصى أحلامه..
هتف بحبور يوزع نظراته على الطريق وعليها..
-الحمدلله..
قلبت ملامحها.. تحدجه بغيظ..
-الحمدلله أنه ولد..!
أوضح باهتمام صادق..
- الحمدلله انك كويسة.. والبيبي كمان..
سحب نفسًا عميقًا وهو يرمقها بطرف عينيه.. تسترخي بالكرسي ولازالت على عبوسها الخفيف.. فستانها الأزرق الرقيق المنكمشة به رغم استراحتها بجواره..
هتف متنهدَا..
- أظن كفاية عليا كدة.. وترجعي بيتك بقى..
نال منها نظرة حزينة حين التفتت اليه.. رغم صدق نيته ونبرته إلا أنها تشكك به..
- مبقاش بيتي يازياد... ده بيتك انت..!
بساطتها بالرفض أزعجته، لهث بعنف وهو يتمتم..
-إنتِ ليه يانيرة مكبرة الموضوع!!
نظرت له بحدة وحاجب مرفوع.. فتدارك كلامه سريعًا..
- ماشي تمام الموضوع كبير.. بس والله توبت وندمت جدًا والله حتى اسألي جدي...
.. أغمضت عيناها لحظة قبل أن تردف بمرارة أستحكمت بحلقها..
- هتندم لنفسك وهتوب لنفسك.. أنا بقى هتعرف تنسيني اللي شوفته
، بلاش تنسيني.. هتقلل شوية من وجعي ساعتها..!!
.. ابتلعت غصة حلقها تقاوم دموع تجمعت بمقلتيها وقد تسقط بأي لحظة..
- الجرح اللي لسه متقفلش انت هتعرف تعالجه..؟!
واخفت وجهها عنه.. ترمق الطريق السريع أمامها دون اهتمام،
وهيئته بذلك اليوم تخترق ذكراها كل ليلة بشهبٍ من نار..
تُعيد خيانته، استرخاؤه.. اغواء أخرى... وقبلة آثارها طبعت على قلبها كـ صفعة قبل أن تطبع على خده..
هي محقة.. لها كل الحق، يعلم جيدًا جُرم مافعله بأنثي هشة ورقيقة مثلها..
تنهد بحرارة.. يقول بثبات صادق..
-اديني فرصة.. إنتِ مش مدياني فرصة اتكلم حتى..
كل محاولاتي معاكي بتقابليها بالرفض والتريقة.. أنا من حقي فرصة تانية...!!
وصمتها جعله يتابع بإلحاح يتوسل.
-والنبي يانون والنبي عشان خاطري.. عشان خاطر ابننا..
ابتلعت غصة دموعها بصعوبة، تأخذ نفسًا قبل أن تستدير توليه وجهها ونظرتها اللامعة..
-لو طلبت أي حاجة هتنفذها..
رد سريعًا غير مصدقًا بأنها توارب بابها..
-ع رقبتي..
أعادت كلامها بتحدي وبطء ..ونظرة خبيثة..
- أي حاجة أي حاجة..!
التواء ثغرها المُريب ونظراتها الماكرة أثارت ريبته.. هتف بتردد..
- أي حاجة... ع حسب بردو يعني..
عدّت بداخلها "واحد إثنان ثلاث" قبل أن تلقي قنبلتها بوجهه..
-هاخد عربيتك أسبوع... وخلال الأسبوع ده هتروح تشتغل عند قاسم..
التفت يسألها بوجه مشدود ونظرات خطرة..
-عيدي تاني كدة اللي قولتيه..
كتمت ضحكة بداخلها تهمس بخفوت..
-هاخد عربيتك.........
وقاطعها صارخاً يشوح بذراعيه..
- دي بتعيدها تاني... ده انتِ اتجننتي.. تاخدي عربية مين!!.. ومين ده اللي يشتغل عند قاسم. أنا زياد الدالي .....
قاطعت صراخه تنهره..
-زياد..
وقف بسيارته أمام بيت جدها.. يفتح الباب المجاور لها بعنف..
شششش انزلي. انزلي أحسنلك..
وزعت نظراتها بينه وبين الباب وذراعه الممدود لها بإشارة بالخروج.. تهتف بتوعد رغم ضحكتها بالداخل..
- هتندم علفكرة..
انفجر بها..
- هندم... دانا ندمان اني عرفتكو ياكلاب... قال اشتغل عندكو قال ...
يعلو صوته الساخط بغيظ بعدما صفعت الباب خلفها بقوة..
- عنك ماسمحتيني..
- قال تاخد عربيتي الغالية قال...
أخرج رأسه من شباك سيارته يهدر بها..
- وسعى يابت بدل مااشوطك بالعربية..
-قال اشتغل عند قاسم قال... ده ع جثتي.......!
سمعااااااني على جثتي.....
..................
"اليوم التالي"
- الساعة العاشرة صباحًا-
يترجل من سيارة أجرة متأففًا.. يرتدي ثياب عملية لا تُليق به قميص رمادي يثني عن اكمامه لكوعه وسروال من الجينز الباهت..
يقف أمام دكان كبير تعلوه لوحة خشبية كبيرة مكتوب عليها بألوان زرقاء،
"ورشة القاسم لتجارة الأخشاب وبيع الأثاث"
وحين انحني بنظره للباب الواسع.. وجد قاسم يقف أمامه فاردًا ذراعيه
يرمقه بنظرات غريبة وكأنه كان متاكدًا من مجيئه ...
- يامرحب بالغالي.....
- تابع الفصل التالي عبر الرابط:"رواية بيت القاسم "اضغط علي اسم الرواية