رواية بيت القاسم الفصل الخامس بقلم ريهام محمود
رواية بيت القاسم الفصل الخامس
الحب مخادع. أحياناً تشعر بأنه قوة لا يمكن إنكارها، وأحياناً يكون متحولاً وقابلاً للتشكيك.. أقل ما يقال عنه إنه معقد.. لكن المهم هو كيفية قبولك للحب....
.. بغلالتها الحمراء والتي أرتدتها نيرة بعد انتهائها من أعمال المنزل وتحضير العشاء وتزيين السفره بالورود المجففة والشموع الحمراء ذات الرائحة النفاذة.. تقف أمام المرآه تعدّل من هيئتها تستدير نصف استدارة لترى قوامها لقد نحفت كثيراً الفترة الماضية ولكن تبقى جميلة كما هي.. اقتربت قليلا من انعكاسها بالمرآه تتأمل بشرتها واسفل عينيها بضيق بسبب الهالات الواضحة أسفل جفنيها ..
تنظر للساعة أمامها فقد تجاوزت الثانية صباحاً ولكن لابأس ستنتظره وعلى ثغرها ابتسامة مرسومة بعناية من أجل الموضوع الذي تود محادثته به.. انتبهت على صوت مفاتيحه بباب الشقه.. اعتدلت بوقفتها وأخذت نفساً عميقاً ثم أخرجته ببطء وتعود لتلك الابتسامه..
دخل زياد صالة منزله يحمل جاكيت بدلته بسبابته على كتفه.. وجدها أمامه بهيئتها الجميلة وابتسامتها الناعمه.. ليرمقها بلهفة وحيرة ارتسمت على قسماته.. اقترب منها وهو يلقى بجاكيته جانباً.. تحدث غامزاً
-احنا ليلتنا فل ولا ايه..
ضحكت برقة.. وقالت وهي تبتعد عنه..
-ثواني أسخن العشا..
لينتبه لما حوله ومائدة الطعام المزينه والشموع.. سأل بتوتر..
- ف ايه هو انهارده عيد جوازنا ولا ايه..
ضحكت من خوفه الظاهر ان يكون اليوم عيد زواجهما حقآ وهو نسي كالعادة.. هزت رأسها يأساً منه ثم قالت..
- لامتخافش.. وحشتني بس فحبيت ادلعك..
وضع كفه على صدره متنهداً براحة..
- طب الحمدلله..
سار باتجاهها وحاوط خصرها بذراعه وبأنامله يتلمس ظهرها ارتجفت إثر لمساته الحانية.. همس بجوار اذنها وهو يوزع قبلات ناعمة كالفراشات على بشرة وجهها.
- انا اتعشيت.. خلينا ف المهم..
قالها وهو يخلع قميصه بعد أن حل أزاراره سريعاً.. مازالت محاطة بذراعيه... يسير بها إلى غرفة نومهم ومازالت قبلاته ينثرها على وجهها وأعلى جيدها .. إلي أن قاطعته بنبرة منخفضة التقطها بصعوبة من وسط غمامة مشاعره..
-زياد.. أنا عايزة بيبي..
عقد حاجبيه بعدم فهم تلاشى فور أن فهم مغزى حديثها..حديثها المرفوض.. ع الاقل تلك الفترة.. قال بمهادنه مستهزئاً..
-حاضر ياحبيبي.. بكره نروح اي هايبر ماركت نجيبلك البيبي اللي انتي عيزاه..
أبعدته بكفيها عنها.. غضنت حاجبيها بضيق وقالت..
-زياد متستعبطش..
تبدلت ملامح وجهه وامتعضت.. ليقول وهو يبتعد عنها هو الآخر..
- أنا بردو اللي بستعبط.. انتي عارفة الموضوع ده مرفوض حاليآ..
كتفت ذراعيها النحيلين.. وسألته وقد ضاقت به ذرعاً..
-ممكن أعرف هيفضل مرفوض لحد أمته..؟
زفر حانقاً.. ثم زمجر بنفاذ صبر وضجر..
-قولتلك قبل كده بدل المرة عشرة احنا لسه صغيرين .. ومش هجيب عيل يوجعلي دماغي من دلوقتي..
-بس انا عايزة..!!
وتلك النبرة الحزينة منها لا يحبها.. تضايقه.. فمهما حدث تلك نيرة حبيبته.. حتى وإن كان كصنف الرجال عموماً يعجب بالكثيرات ولكن تلك التي بحبها..
اقترب منها خطوات بطيئه هادئة كهدوء صوته..
-نيرة.. انتي عايزه ايه وانا اعملهولك.. انا كل اللي عايزه راحتك صدقيني..
قالت متنهدة بيأس ..
راحتي انك تكون معايا..
أحتضن وجهها بكفيه وقال صادقاً بخفوت وعيناه تتقدان ببريق جذاب..
-مانا معاكي
ثم مال بوجهه إلى وجهها وداعب بأنفاسه أذنها.. وأنامله تسير براحه على ذراعها .. ثم ردد بهمس قتل ماتبقى من دفاعاتها..
-أنا كلي ليكي ومعاكي
والتقط شفتيها المطليتين بالأحمر القاني بعدة قبلات خفيفه ورقيقه سرعان ماتحولت لشغوغة وهو يسحبها دون أن تعترض إلى غرفتهم.. وما أن دلفا داخلها حتى أغلق الباب بقدمه..
............*****
خدعوه فقالو أن الحب هو الشعور الأجمل على الاطلاق.. ولكنهم نسو أن يخبروه بأن جماله يوازيه سوءاً ..
أن تحتوي مراهقة وتفهم تفكيرها وكل أمورها المعقدة لأمر صعب مع شخص كقاسم ،صبره معدوم.. طبعه حاد..
كان يقف بالدكان الكبير للأخشاب الخاصة بعائلته "عائلة القاسم" مستنداً بذراعه على طاولة خشبية عريضه موضوع عليها عدة أخشاب يرتدي بنطال اسود كمزاجه اليوم يماثله قميصاً من نفس اللون أزراره مفتوحة لمنتصف صدره .. يضغط بعصبيه على هاتفه المحمول عدة ضغطات ثم يرفعه على أذنه فيجيئه الرد برفض المكالمه.. كررها عدة مرات ثم زفر بضيق واضح وهو يلقى بهاتفه علي الطاولة أمامه بعنف محدثاً ضجة لينتبه إليه الصبيان اللذان يعملان لديه ..ومن ملامحه العابسة تنبأوا بيوم سئ سيمر عليهم..!
تناول قاسم إحدى الأخشاب ثم وضعها أمامه وأمسك بالمطرقة وحفنة
مسامير وأخذ يطرق عليها بغل وغيظ.. ثم انتبه على نظراتهم المصوبة عليه ليصيح بحدة وغضب بإحدهم..
-واقف عندك كده ليه.. يللا انجر اعملي شاي ..
ليركض الفتى من أمامه وهو يومأ بنفاذ طلبه.. وأمسك قاسم مرة أخرى بهاتفه وعاود الاتصال بحنين..
بالوقت ذاته كانت حنين تقف بحمام المدرسة بعد انتهاء اليوم الدراسي مع صديقتها( هنا) والتي حذرها قاسم من الحديث معها.. تمسك بهاتفها الذي لم يكف عن الرنين منذ مدة وتضغط بالرفض..
قالت هنا وهي تنظر لانعكاسها بالمرأه الصغيره المعلقه على جدار الحمام
-هو مش هيبطل رن بقى ولا ايه..
إجابتها حنين بقلق جليّ بنبرتها..
-خايفه يكون بيرن عليا عشان هيجي ياخدني!!
والقلق انتقل على الفور إلى الأخرى التي أمامها لتقول برجاء..
-لا والنبي.. بلاش انهارده رامي بجد جاب آخره مننا..
ثم انحنت أرضاً لتفتح حقيبتها الملقاة أرضاً وأخذت منها علبة السجائر خاصتها.. وقامت بإشعال واحده وباصبعيها وضعتها بين شفتيها بمجون لتسحب نفساً ثم تقول من بين غمامات دخان سيجارتها وهي تمد بها لحنين..
-خوديلك نفس..
هزت حنين رأسها رفضاً وابتعدت خطوتان عنها وكأنها جان سيتلبسها..
- لا مستحيل.. قاسم لو عرف هيقتلني..
امتعضت ملامحها وقلبت عيناها ضجراً ثم قالت بتهكم..
-يادي قاسم.. وهو قاسم هيعرف منين..
هتفت حنين بتأكيد وكأنها تتحدث عن شئ بديهي..
قاسم بيعرف كل حاجه واي حاجه.. وعموما انا مش مرتاحه لفكرة السجاير دي اصلا
تجاهلت هنا نبرتها في الحديث عن قاسم.. هنا تعلم بمشاعر قاسم وحبه لحنين رأته في عينيه حب صادق.. ولكن وعلى الرغم من صدقه الا انه ناقص.. والدليل أن تلك الغبية والتي أمامها لا ترى حبه ولا اهتمامه لاترى سوى تملكه فقط..!!
اعتدلت هنا بوقفتها واقتربت من حنين.. وتسائلت بمكر غير واضح..
-ها هتعملي اي مع رامي.. الواد مش على بعضه ومستني ع نار
توترت حنين وارتجفت دواخلها.. وقالت بخوف..
انا خايفه اووي اركب معاه واكلمه قاسم لو عرف هيفتلني والله
وهنا لم تستطع أن تكبح جماح لسانها وغيرتها هتفت بشراسه..
-قاسم قاسم قاسم زهقتينا بقاسم ده..
ثم مالت على إذن حنين و استكملت حديثها بمكر واغواء..
-رامي هيخرجك من عيشتك دي.. هتركبي أحدث عربية وهتلبسي أحلى لبس.. مش هيتحكم فيكي ويقولك تكلمي مين ومتكلميش مين وهتلبسي ايه وتروحي فين..... كفاية أوي انه مش هيعايرك بأمك وجوازاتها..
وعلى ذكر أمها غامت عينا حنين بحزن.. تنهدت بيأس ثم قالت..
-طب خليه يكلم جدي..
تلعثمت هنا وبررت..
-هيحصل طبعا ياحبيبتي.. بس هو عايز يكلم معاكي الاول يشوف تفكيرك.. كلامك وكده..
............... ***
على طاولة مستديرة بإحدى المقاهي الشهيرة.. كان زياد يجلس برفقة أكرم.. أكرم الذي قبل أن يكون شقيق زوجته وابن خاله فهو بالأصل صديقه ورفيق طفولته .. كلاً منهما يجلس قبالة الآخر.. أمام أكرم فنجان من القهوة المرة كما اعتاد أحتسائها دائماً، أما زياد فأمامه مشروب بارد وعينيه الزائغة تجول بالمكان..إلى أن استقرتا على الطاولة التي أمامه والتي تجلس عليها ثلاث حسناوات بادل إحداهن غمزه وابتسامة عابثة لتضحك بخجل مصطنع وتشاركها صديقتيها الضحك والنظرات العابثة تبادلت..
هز أكرم رأسه وهو يتنهد يأساً من تصرفات زياد.. رفع فنجانه وارتشف رشفة مره منه ثم قال..
-مش ناوي تتوب بقى ياأخي..!
ليلتفت زياد برأسه إليه واتسعت ابتسامته الشقية ليقول بمجون..
-أتوب واسيب النسوان الحلوة دي كلها لمين..
وعينا العابث جابت المكان كله وأشار بعينيه على فتاة ترتدي تنورة حمراء قصيرة ثم تركها وأشار ع أخرى تصطبغ شعرها بالأصفر الفاقع وغيرها وغيرها..
.. وتابع بغمزته العابثه..
-رد عليا اتوب واسيب المانجا دي كلها لمين. وعشان مين.!!
وإجابة أكرم كانت طبيعيه حد اللاحد.. يذكره بواقع ملموس يحاول تجاهله..
-عشان نيرة.. عشان مراتك ياأخي..!
العبث تحول إلى عبس.. والابتسامة خفتت.. اجابه بتقرير..
-نيرة بتحبني مستحيل تقدر تعيش من غيري ..
ثم التمعت عيناه ببريق ماجن وهتف ضاحكاً..
-وبعدين نيرة دي رقيقه اووي آخرها تتبلس وتتحط جمب الحيطه.. وأنا راجل كلي رغبات وعاوز ادلع..
عقد أكرم حاجبيه.. وبخه بعصبيه..
-ماتحترم نفسك ياجحش انت.. لاحظ انها أختي..
اقترب زياد بجزعه على الطاولة وبادله عصبيته.
-أيوه أنا عارف انها أختك .. بس أنا مكنتش عايز اتجوز دلوقتي
هي اللي غبيه وراحت قالت لجدي.
صمت أكرم وأحني رأسه دون رد يرسم بسبابته دوائر على حافة فنجانه..
سأله زياد متهكماً..
-ايه مردتش يعني.؟
هز منكبيه متنهدا بحيرة..
-هرد أقولك إيه. .
قال زياد مستاءً وهو ينقر باصبعيه على الطاولة..
- أنت مردتش عشان أنت زيي كمان جربت حكم جدك..
جابهه أكرم بنظراته وقال بتأكيد..
-بس انت نيره بتحبك..
اعتدل زياد واستند بظهره على الكرسي الذي يجلس عليه ورفع زراعه بمحاذاته كتفه وقال..
-طب مانت نورهان بتحبك..
وما أن سمع اسمها حتى اكفهرت قسماته وزفر ضيقاً.. ثم هتف بانفعال..
-بس انا مبحبش نورهان..
ضحك باستهانة ثم قال مستهزأً بوقاحة ..
-مبتحبش نورهان.. اومال ملك دي ايه؟
ضرب بكفه على الطاولة.. ثم صاح به هادراً بملامح غاضبة..
-ولا مش عايز قلة أدب احسنلك..
ضحك زياد ملئ شدقيه فرؤية أكرم وهو غاضب هكذا تنعشه وتحسن من مزاجيته..
-خلاص سكت اهو.. قولي طيب انت ناوي ع ايه؟
أطلق تنهيدة طويلة أتباعها بنظرات تائهه كروحه تماماً.. قال بهدوء
-هروح انهارده أقابل جيلان هحاول اظبط معاها الأمور تاني.. واكلم جدي بعدها..
-طب ونورهان..!
سأله زياد باندهاش من تجاهله لها.. ليجيبه الآخر بحدة..
-نورهان مش من حقها تعترض أو توافق..
ارتفع حاجبي زياد وسأله بغيظ..
-ليه انشاء الله.. هي مش مراتك ومن حقها توافق وترضي أو تطلق و تسيبك!
نظر أكرم إليه بذهول.. الكلمات كان وقعها غريب على مسامعه.. قال ومازال الذهول مسيطراً عليه..
-تطلق وتسيبني..؟
اجابه زياد ببديهيه..
-طبعاً ده حقها..
ورد أكرم كان لارد.. وصمت وقد تلاعبت كلمات زياد برأسه رغم أنه يعلم أنها سترضي بأي حال .. فهو المسؤول عنها وعن عائلتها الا ان احتمالية طلاقها قبضت صدره ... واستمر الصمت بينهما طويلا وما تلاه كانت مغادرة للمكان ووداع بارد ونية باللقاء ثانية بمفردهم..
........ **
كان كمال يجلس على الأريكة الأثيرة بالصالة أمام التلفاز بجواره ابنه مراد ذو السبعة أعوام ممسكاً بجهاز الآيباد خاصته يلعب به.. وحاتم ذو الخمسة أعوام كل تركيزه بالكارتون أمامه.. كان متجاهلاً لكل شئ إلا عنها.. يراقبها بصمت بدءً من قميصها الرمادي القطني القصير ككل ملابسها تقريباً البيتية دون أدنى مراعاة لشعوره أو كونه رجل.. رجل مرفوض.. كانت تجلس أمامه على الكنبة الصغيرة وملتصق بها زين ابنه الثالث والذي لم يتجاوز الثلاثة أعوام تطعمه بيدها.. ملعقة بفم الصغير و قبلة على وجنته لاطاعتها تختمها بجملة "شاطر يازينو". . ليزدرد كمال ريقه بصعوبه وأصبح الجو حار كحرارة أعصابه وهو يرى الدلال للصغير.. عض على شفتيه بحسرة وبصوت خافت همس من بين أسنانه..
-يابخته..
-بتقول حاجه يابابا..
قالها مراد ابنه الكبير وهو ينظر له مستفهماً.. فانتبه كمال لذلة لسانه ونفي برأسه
-مبقولش حاجه..
وعاود التأمل والمراقبة والمشاهدة عن كثب.. وبعقله مقارنة بينها وبين خديجة رحمها الله زوجته المتوفية وشقيقتها.. كانت خديجة هادئه منظمه كانت تحمل نفس طباعه.. امرأه روتينية.. لاجديد يذكر في فتره زواجهما معا..سوى انجابها لأولاده الثلاثه.. خديجه رحمها الله كانت مشاعره تجاهها ود وإحترام، أم أطفاله ورفيقة دربه المتفهمة لكل خلجاته..
اما ريم فهي النقيض تماما هي وخديجه كقضيبي السكة الحديدية لن يجتمعا إطلاقاً سواء بالشكل أو الطباع أو التصرفات ف ريم فوضوية يذكر أنه كلما دخل غرفتها وجدها مقلوبة رأساً على عقب.. ملابسها منثورة هنا وهناك تستخدم أكثر من منشفة بذات الوقت.. خديجة كانت قليلة الكلام ملابسها كانت أكثر حشمه حتى وهي بالمنزل اما ريم وملابسها ف حدث ولا حرج تغري الناسك على الخطيئة.. وهو ليس بناسك.. هو رجل بمنتهى البساطه يريد أنثى في حياته.. يريد زوجه وليست مربيه..
.. هو لايمانع بل يرغب وبشدة ومن بحالته تلك ويرفض ذلك العرض.. ع الاقل يشاهد..
حرك كفيه أمام وجهه يجلب بعضاً من الهواء كي يهدئ من حرارة الجو المشتعلة. اشتعل غيظه وقد بلغ ذروته من برودها ودلالها للصغير وهو الأحق بهذا الدلال.. أجلي صوته قبل أن يهتف باسمها بحدة..
-ريم..
التفت برأسها إليه مغضنه جبينها باستغراب من نبرته الحادة.. بصوتها الناعم أجابت..
-أيوه ياكمال..
وكأن كمال كان ينقصه نعومة صوتها .. "ايوة ياكمال" والجو حار
.. وخفقات قلب كمال زادت أضعاف.."
تحدث بصعوبه محاولا ً التقاط أنفاسه..
-عايزك جوه في كلمتين..
اومأت له وابتعدت عن الصغير .. ليقف هو الآخر ويسبقها إلى غرفة نومهم والتي أصبحت غرفة نومها هي.. تبعته باستفهام واستغراب..
وقف بمنتصف الغرفة وبدورها وقفت أمامه بينهما مسافة لابأس بها ليشتم رائحة عطرها وسائل استحمامها الذي يثير أعصابه.. تجاهل النار المشتعلة بداخله وقال بصوت أجش..
-ريم ياريت تاخدي بالك من طريقة لبسك وبالذات اودام الولاد..
ارتفعا حاجبيها بدهشه ثم سألته وهي تنظر لما ترتديه..
- ليه مالها طريقة لبسي!!
اتدعي الغباء.. أم تدعي الوقاحه.. إن كانت تدعي الغباء فهذا ليس وقته وان كانت تدعي الوقاحه فهو أهلها.. ثبت نظراته على جسدها وقال بوقاحه مستحدثه عليه..
-لبسك ياريم كله قمصان نوم.. انا معنديش مانع تلبسيهم بس يعني هتلبسيهم ازاي وانتي عايشه معانا هنا زي مابتقولي داده..!! هو فيه داده بتلبس قمصان نوم ياريم؟!..
أحمرت واصفرت وتبدلت ألوان الطيف على ملامحها الجميلة.. لتهمس مصعوقة من وقاحته..
- كمال.. ايه اللي انت بتقوله ده..؟
هز رأسه بتقرير وعلى نفس الوتيرة تكلم..
-بقول اللي المفروض تعمليه من نفسك ياريم..
ثم اقترب خطوة وهي متسمرة مكانها فاقترب الثانية ثم مال عليها بطوله الذي يفوقها بالكثير وأكمل كلامه ..
-لبسك ده معناه انك عيزاني.. انتي عيزاني ياريم..؟
اتسعت عيناها ذعرا وكأنها ترى كائن مخيف.. أنفاسها الثائرة كانت دليل على رفضها وغضبها.. ابتعدت عنه وقد التمعت بعض حبيبات العرق على جبينها لتقول بحدة.. متجاهله كلامه الأخير..
-حاضر ياكمال عندك حق انا لازم اخلي بالي من طريقة لبسي..
ممكن تتفضل برة عشان اغير هدومي..!!
ولته ظهرها بحركة ظاهرة منها أن حديثها انتهى.. اصطكت أسنانه ببعضها غيظاً رمق ظهرها بغضب ود لو أنه جذبها من خصلاتها المنسابة على ظهرها ليتم أمر زواجه حتى وإن كان رغماً عنها.. ولكنه اختار الصبر والتمهل فخرج غاضباً من الغرفة يجر اذيال خيبته خلفه.. وما أن خرج حتى أغلقت الباب وراؤه بالمفتاح واستندت عليه بظهرها وببالها متى ستنتهي من كل ذلك....
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية بيت القاسم" اضغط على أسم الرواية