Ads by Google X

رواية جبر السلسبيل الجزء الثاني 2 الفصل السابع عشر 17 - بقلم نسمة مالك

الصفحة الرئيسية

رواية جبر السلسبيل الجزء الثاني 2 الفصل السابع عشر 17 بقلم نسمة مالك

رواية جبر السلسبيل الجزء الثاني 2 الفصل السابع عشر 17

 اللهم يا سامع كل شكوى،  يا شاهد كل نجوى، يا عالم كل خفية، يا كاشف كل كرب وبلية، يا منجي نوح و إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السلام نجي "سلسبيل" و ولادها  بعينك التي لا تغفل و لا تنام، أجبر قلبها و أشفي "عبد الجبار" شفاءًا لا يغادر سقماً يارب العالمين..
تردد "عفاف" هذا الدعاء بلا توقف منذ دخول "سلسبيل" غرفة العمليات المجاورة لغرفة زوجها مباشرةً، بقي الجميع في حالة مزرية حقًا ينتظرون و لو بريق أمل يُزيح هذه الغمة عنهم..
"ماما عفاف.. سلسبيل بتولد إزاي و هي في السابع؟!"..
قالتها "صفا" التي وصلت للتو حاملة حقيبة كبيرة بها كل أغراض "سلسبيل" الخاصة بالولادة..
استقبالتها "عفاف" بضمة حنونة، و أخذت منها الحقيبة و بدأت تجهز ثياب الصغار و هي تقول بصوتٍ متحشرج بالبكاء..
"الحمد لله إني جهزت لها كل حاجة هتحتاجها بدري.. قلبي كان حاسس أنها ممكن تعملها و تولد في أي وقت بسبب الضغط الكبير اللي بتمر بيه.. أدعيلها يا صفا تقوم بالسلامة" ..
ربتت "صفا" على كتفها مغمغمة بيقين.. 
" إن شاء الله هتقوم بالسلامة هي و النونو يا ماما عفاف اطمني يا حبيبتي"..
" لا متخليهاش تولد يا دادة عفاف.. خليها حامل لو ولدت أمي هتموتها و تموت أخوي و لا أختي اللي هتيچي كيف ما عملت في أبوي ".. صرخت بها" فاطمة" الواقفة بإحدى الأركان محتضنة شقيقاتها و يبكيان بنحيب بصوتٍ مكتوم..
جملتها جعلت الجميع يتطلع ل" خضرا" بأسف ، لتهرول مسرعة تجاه البنتين فاتحة ذراعيها و قد تذكرت وجودهما الآن ..
" فاطمة.. حياة.. متخفوش يا ضناي.. تعالوا في حضني"..
ظهر الذعر على ملامحهما، و فروا مبتعدين عنها اختبؤا خلف ظهر "جابر"، فعلتهما هذه كانت أقسى عقاب بالنسبة لها، أبنتيها خائفتان منها ! تسمرت محلها تطلع لهما بأعين تنهمر منها العبرات حين قالت "حياة" أبنتها الصغيرة.. 
"عمو چابر متهملناش وياها.. أبوي وصاك على أني و خيتي قبل ما يموت "..
جثي "جابر" على ركبتيه أمامها، و رفع يديه زال دموعهم برفق مردفًا بابتسامة مطمئنة..
"أبوكم مماتش.. أبوكم بإذن الله هيعيش و أنا معاكم أهو مش عايزكم تخافوا و تبطلوا عياط و أدعوا ل بابا و ل سلسبيل كمان يقوموا بالسلامة "..
أتت إحدي الممرضات و تحدثت بعملية قائلة..
"جهزنا جناح لمدام سلسبيل تقدروا تنتظروها فيه على ما تولد"..
نهضت" صفاء" حاملة الحقيبة، اقتربت من الصغيرتان ضمتهما بحنو، و سارت بهما و هي تقول..
"أيه رأيكم تيجوا معايا نستنى النونو سوا في الأوضة "..
تابعتهم" خضرا" بحسرة شديدة على حالها، لتنتفض بهلع حين وجدت باب غرفة العمليات يُفتخ و خرج منه إحدي الأطباء يتحدث بأنفاس لاهثة قائلاً..
"المريض محتاج نقل دم فورًا"..
"أنا معاه قولي أتبرع فين".. قالها "جابر" بلهفة و هو يفك زرار القميص من حول معصمة، و يرفعه يظهر ذراعه له.. 
"اتفضل معايا هناخد منك عينة و نحللها الأول"..
أسرعت "صفا" خلفه و هي تقول بستحياء..
"أنا هاجي معاك يا جابر"..
نظر لها" جابر" نظرة جعلت وجنتيها تتورد بحمرة الخجل، ليزيد من خجلها أكثر حين مد يده أمسك كف يدها الصغير بين راحة يده الضخمة ضاغطًا عليها بخفة..
" تعالي "..
سارت بجواره تحاول سحب يدها من يده، لكنه رفض تركها هامسًا بأذنها..
" مش هسيبك.. فاهمة.. أنا مش هسيبك.. ده أنتي وصية أمي يا صفا"..
خفضت رأسها حتى لا يرى ابتسامتها و الدموع التي تجمعت بعينيها تدل على فرحتها بتمسكه بها..
......................لا إله إلا الله وحده لا شريك له......
"خضرا"..
لم يبق أحدًا غيرها أمام غرفة العمليات، عينيها تذرف الدمع بغزارة، دموع ندم، حسرة، خوف من القادم ..
ضربت بيدها على رأسها مرددة ببكاء كاد أن يقطع أنفاسها.. 
"اااه يا أخوي.. يارب لاچل حبيبك النبي تقلبه مقلب سلامة لخاطر البنته الصغار"..
كفت عن البكاء حين رأت الطبيب المشرف على حالة "بخيتة" يقترب منها بوجهه لا يُبشر بالخير..
"خير يا دكتور.. أمه حُصلها حاچة..
أجابها الطبيب بأسف قائلاً..
" واضح إن المريضة اتعرضت لصدمة شديدة جدًا أدت لشلل رباعي و حالتها للأسف مش مستقرة.. أدعيلها "..
لطمت" خضرا "وجنتيها بعنف مرددة بنواح..
" يا مرك يا خضرا.. يا وچع الجلب اللي ملوش علاچ و لا دوا"..
........................................ سبحان الله وبحمده .... 
.. داخل غرفة العمليات..
صدمة شلت الجميع حين توقف قلب "عبد الجبار" عن النبض رغم النجاح الكبير للعملية التي قام بها "أيوب" ببراعة و إتقان شديد،
هرول مسرعًا نحو الجهاز الخاص بإنعاش القلب، و صعقه به مرات متتالية، يكرر المحاولة مرارًا و تكرارًا دون يأس و هو يقول بغضب عارم..
"رافض الحيااااة لييييييييييييه"..
على الجانب الأخر بالغرفة التي تلد بها "سلسبيل" كانت الفرحة تعم المكان حين قالت الطبيبة التي تولدها بسعادة بالغة..
"ولدين.. جالك ولدين زي القمر يا سلسبيل"..
كان صوت بكاء الصغيران يجعل القلوب تتراقص فرحًا، فرحة غامرة تدمع لها العين إلى أن توقف أحدهما فجأة عن البكاء، و تباطأت أنفاسه و حتي نبضات قلبه..
ظهر الذعر على وجهه الطبيب المشرف على حالة الصغيران، و أسرع بإنقاذ الصغير بشتى الطرق أمام نظرات"سلسبيل " الزائغة، لكن في خلال لحظات فقط قد نفذ أمر الله و توقف نبض الصغير تزامنًا مع عودة النبض لقلب والده،
حينها شعر قلبها بفقدان إحدي صغارها فهبطت عبراتها ببطء على وجنتيها، أبتسمت إبتسامة يملؤها الرضى مرددة بصوتٍ ضعيف مرتجف ..
"إبني فدى أبوه.. عبد الجبار هيعيش.. إبني فداه"..
حمل الطبيب الرضيع على يده ، و ركض به مهرولاً عبر الباب الداخلي المؤدي للغرفة المتواجد بها دكتور "أيوب"، و تحدث بأنفاس متلاحقة قائلاً..
"دكتور أيوب.. قلب الطفل وقف فجأة ".
كان "أيوب" أنتهي للتو من إنقاذ "عبد الجبار "، ليطلق صرخة مغتاظة، و هو يلتقط الرضيع و وضعه على كتف والده العاري مرددًا بغضب مصطنع و هو يقوم بإنعاش قلبه بمهارة و دقة عالية..
"الواد و أبوه دول حد مصلطهم عليا انهاردة و لا أيه؟!!!"..
ليصل إلى سمعه صوت بكاء شقيقه التوأم، فتابع بتساؤل مستفسرًا..
" هما توأم؟!"..
"أيوه يا دكتور توأم.. مولودين قيصري.. و الولادة تمت قبل معادها في الشهر السابع"..
لم يتوقف "أيوب" عن محاولة إنقاذ الرضيع و هو يقول..
" هات أخوه بسررررعة"..
ركض الطبيب و اندفع نحو الرضيع الباكي، حمله على الفور و هرول مسرعًا أمام أعين "سلسبيل " التي تتابع ما يحدث بقلبها قبل عينيها..
لحظات مرت من أصعب اللحظات، حبس الجميع أنفاسهم و هم يتابعون محاولات" أيوب" المستميته لإنقاذ الرضيع، قام بوضع شقيقه بجواره داخل حضن والدهما الذي بدأ في إستعادة وعيه رويدًا.. رويدًا..
هبطت دموع "سلسبيل" بغزارة على وجنتيها متمتمة بهمس ضعيف بنبرة متوسلة..
"يارب.. أجبر قلبي يا جبار.. يارب متوجعش قلبي على ضنايا و لا على أبوه.. يارب أنا ملحقتش أخده في حضني"..
و ها قد حان وقت الجبر.. جبر السلسبيل الذي أثلج قلبها حين وصل لسمعها صوت بكاء الصغيريان معًا من جديد، يليه صوت تكبير من جميع الحاضرين الذين بكوا من شدة تأثيرهم عندما خر" أيوب " أرضًا ساجدًا..
لتجهش" سلسبيل " في البكاء و الضحك في آنٍ واحد حين استمعت بقلبها أسمها من بين شفتي "عبد الجبار" يقول دون أن يفتح عينيه و هو يضم صغاره بجسده بحماية دون إرادة منه ..
"س سلسبيل.. "..
تأوهت "سلسبيل" بصوتها كله مرددة بفرحة غامرة..
"آآآآه يا عبد الجبار... يا جبر السلسبيل "..
google-playkhamsatmostaqltradent