رواية مرايا القلب كاملة بقلم ريهام حلمي عبر مدونة دليل الروايات
رواية مرايا القلب الفصل الرابع
في ڤيلا مصطفي الحاوي،،،
تمددت مريم علي فراش غرفتها الجديده عليها وهي تأخذ وضع الجنين ،خائفه ،حزينه ،لا تعلم لماذا تفعل عمتها معها ذلك ،فقد أدركت الأن حديث والدها الحنون وهو يخبرها بضروره الذهاب الي أهل والدتها ،اغمضت عينيها للتتذكر حديثه الذي أخبرها به منذ عام ..
قبل عام في منزل محمود النويري،،،
نظرت مريم الي والدها الجالس بتوتر ويبدو أنه يريد اخبارها بشئ فهتفت له بهدوء:
=قول يا بابا اللي حضرتك عاوز تقوله ؟
ابتسم محمود لانه يدري جيدا أن ابنته تشعر به ،ليأخذ نفسا عميقا ليقول بعدها بحزن:
=انا هقولك علي سر كنت مخبيه عنك السنين اللي عدت لحد ما تكبري وتفهمي ،وجه الوقت علشان تعرفي حكايه أمك الله يرحمها..
ابتسمت مريم ما ان ذكرها ،فعلي الرغم انها لم تراها ابدا ولكن شاهدتها في الصور التي كان يحتفظ به والدها ،فكم رأتها حنونه وعطوفه وجميله ،تشبهها الي حد كبير ،تنهد لتنظر الي والدها لترد عليه بحب:
=اتفضل يا بابا أنا سمعاك؟
زفر محمود ليمسك بيدها ثم قال بحزن :
=زمان اتعرفت علي هدي في الجامعه ،حبيتها من اول ما شوفتها شوفت فيها الانسانه اللي هتقدر تصوني وتصون بيتي ،حاولت كتير اتكلم معها بس هي كانت رافضه جدا لانها كانت صعيديه فاذاد اعجابي بيها ،واقدرت اوصلها عن طريق صحبتها ومره في مره بدأنا نتكلم وهي حبتني أوي.
صمت محمود ليبتسم الي تلك الذكرى ثم أكمل بنفس النبره:
=وبعدها اتقدمت لاهلها وصارحتهم بحبي ،بس أبوها كان راجل قاسي وشديد رفض من غير حتي ما يديني فرصه ،وكمان حاول يجوزها لابن عمها بالغصب ،لكن هي رفضت وطلبت مني انها تهرب وتجوزني ،انا رفضت علشان كنت عارف ان اهلها هيحاولوا يقتلوها لو عرفوا مكانها ..
اغرقت عيناه بالدموع ليكمل بعدها بأسي:
=بس حبي ليها خلاني اسمع كلامها واتجوزنا بعد ما اخوها فايز هربها وكمان شهد علي العقد ،وقضيت معاها احلي سنه في عمري وبعدها حملت فيكي ولما جه وقت الولاده قالتلي الدكتوره ان حالتها صعبه جدا ..
قاطعته مريم لتمسح دموعه بحنان التي بدأت تتساقط ،ثم امسكت بكفه وهي تبكي هي الاخري ،ليتابع بحزن دفين:
=وقتها دخلتلها وقالتلي انها نفسها تشوف ابوها قبل ما يموت يمكن يسامحها ،مقدرتش اقول لا وهي في الحال ده ،وكلمت جدك وقبل ما يشوفها كانت ماتت ،انا ساعتها كنت زي المجنون خطفتك منهم وهربت خوفت عليكي منهم يا مريم
فاقت كريم من شرودها علي دلوف عمتها چيهان وهي تخبرها بكل غرور:
=قومي يلا معانا حفله بليل ولازم تحضريها
زهلت مما تسمعه اي حفله وابيها لم يمضي علي موته سوي اسبوع واحد ،ولكنها هتفت بنبره هائه :
=معلش يا عمتو مش هقدر أحضر انا..اا
قاطعتها جيهان وهي تقترب منها لتقول بأمر صارم :
=كلامي يتسمع يامريم ،انا قولت هتحضري يعني هتحضري ،وكمان هتقعلي الحجاب ده من هنا ورايح…
=ايييه
_____________________
في مشفي غياث البكري الخاص،،،
دلفت ياسمين بتوتر بداخل المشفي ،فقد كانت علي اتفاق مع مريم ان يأتوا سويا الي هنا ولكن مع وفاة والدها لم تعد تراها في الكليه كما ان هاتفها دائما مغلق ،تنهدت للتتوجه الي الاستقبال لتسأل عن مكتب غياث ، ثم اخبرتها العامله انه بالعاشر ،شكرتها بهدوء ثم ذهبت حيث المصعد ،وجدته فارغا ،فقرعت علي رقم الطابق وقلبها لا يهدأ من دقاته ،فهي لم تصدق الي الان انها ستظل بجواره وتراه سويعات كثيره ،اظهرت ابتسامه علي شفتيها وهي تتخيل ان ذلك الرجل الرزين يهمس لها بكلمات العشق يوما ما ،فاقت من تخيلها الجميل علي توقف المصعد ،فعادت الي طبيعتها للتتوجه حيث مساعدته..
كانت سكرتيرته علي علم بوجودها ،لذا رفعت سماعه الهاتف لتخبره بوجودها ،ثم قالت لها بابتسامه هادئه :
_اتفضلي دكتور غياث منتظرك .
ازدادت دقات قلبها المسكين ثم اومأت برأسها ولكن قبل ان تتقدم خطوه نبهتها السكرتيره باحراج :
=دكتور ياسمين ،بعد اذنك ما تقفليش الباب بعد ما تدخلي حضرتك عارفه نظا..
قاطعتها يا سمين بابتسامه رقيقه:
=عارفه ،انا من نفسي كنت هعمل كده ،بعد اذنك .
اومأت لها الفتاه بينما هي دلفت الي الداخل بخطوات واثقه يشوبها بعض الارتباك فحييته بهدوء ،بينما سمع غياث خطواتها ،فرفع عينيه من الملف الذي ينصب عليه كل اهتمامه وهو يبعد بصره بعيدا عنها حتي لا يُعصي خالقه ،ثم هتف بجديه :
=وعليكم السلام ،عم يسري قالي ان معاكِ صحبتك !
فركت يديها بتوتر ثم ردت عليه بخفوت :
=باباها توفي من اسبوع ومش هتقدر تيجي حاليا .
اومأ رأسه بتفهم ثم مسد علي لحيته الناميه وتلك هي عادته ثم هتف بنفس النبره الجاده :
=طيب يلا جهزي نفسك علشان هتدخلي معايا عمليه بعد ساعه .
اتسعت عينيها بعدم تصديق ،هل سيدخلها معه وهي مازالت تحت التدريب ،قاطع عليها زهولها عندما قال لها بصوت اعلي قليلا لتنتبه له:
=ايه دكتوره في حاجه ؟!!
انتلهت لحالها ثم قبضت علي كفها لتهدأمن توترها ثم ردت عليه بفرح داخلي :
=لا لا ابدا يا دكتور انا مع حضرتك ومتشكر جدا
.
اومأ غياث برأسه ثم عاد الي الي اوراقه وهو يقول لها بهدوء:
=اتفضلي .
استقامت لتخرج وهي لا تصدق حالها ان يكون هذا يومها الاول بتلك الفرح والسرور ،تشعر ان الدنيا بدأت تبتسم له ،فهل حقا تلك سعاده ام بدايه شقاء لها؟
_____________________
ڤي قصر زين الهواري ،،،
طرق علي مكتبه بقبضه يده بعنف وعصبيه بعد ما أخبره حسان ذلك الكلام ،ثم هتف من بين اسنانه بغضب مكتوم :
=انت ما بچتش تنفع يا حسان ،البت هتكون راحت وين فص ملح وداب ،انطج
ارتبك حسان من عصبيته فرد عليه بتبرير :
=والله يا عمده بعد مالجيت العنوان بتاعهم ،جالولي الجيران ان الحاج محمود اتوفي وبته ما خبرينش راحت وين.
مسح علي شعره بعصبيه ،كأنه يريد الانقضاض علي اي احد ،لما لا يجد تلك الفتاه الي متي سينتظر اكثر ،ازدادت عصبيته عندما اخبره بتركها لمنزل والدها ،هل هي فتاه منحله ام ماذا ،عند تلك النقطه جن جنونه ،فاذا كانت كذلك سوف يسود عليها حياتها ويجعلها عبره لمن يعتبر ولكن ليجدها اولا ..
حاول الهدوء علي قد الامكان وهو يسأل حسان بتروي:
=وهي ملهاش اعمام ،عمات اي حاچه ادلنا علي طريجها ؟
رد عليه حسان مسرعا خوفا من غضبه:
=انا مش ساكت يا حضره العمده ،هدور لحد ما الاجيها اعطيني بس سبوع وانا هجلب عليها مصر كلاتها.
رفع زين حاجبيه بسخريه ليهتف بعضها بغضب :
=انت خلاص يا حسان فرصك خلصت معايا
وقبل ان يستوعب حسان شئ كان زين يخرج مسدسه ليطلق علي ساقه بطلقه جعلته يصرخ الما منها ،ليقول بعدها بتآوه:
=سامحني يا عمده وانا هچلب عليها الدنيا المره دي.
لم يستمع زين له ،ليطلق الطلقه الاخري علي زراعه الايسر ليصرخ الاخر مستغيثا ،ليتحدث زين بخشونه:
=جولتلك فرصك خلصت امعايا مخيمر يا مخيمر .
جاء رجله الاخر فاتسعت عينيه عند رؤيه حسان وما فعله له عمدتهم ،ليأمره زين بغضب :
=غوره من چدامي وحسابكوا كلكم امعايا.
ابتلع مخيمر ريقه بخوف فهو يدري جبروت زين الهواري جيدا ،فامسك بحسان بارتباك ليصرخ الاخر ثم اخذه تحت نظرات زين الغاضبه ..
وما ان خرجوا حتي جلس زين بهدوء علي مقعده كانه لم يفعل شئ لتو ،ثم عاد بفكره عندما حملها لاول يوم لها في هذه الحياه
قبل اربعه وعشرون عاما ،،
دلفو جميعهم بوجه شاحب ما ان اخبرهم محمود النويري ان هدي بين الحياه والموت ،وكان هو معهم لم يتم العشر سنوات بعد ،لم يدري ماذا حدث الا وصرخات النساء ترتفع عاليا بعدما علموا بوفاه هدي ،نظر الي جده الذي فقد الوعي ليحملوه ليسغيثوا بالطبيب …
بينما البعض الاخر جاذبين محمود من تلابيبه يريدون قتله والثأر لموت شقيقتهم
وفي تلك الاحداث وجد الممرضه تحمل الطفله المولوده حديثا واقفه حائره تعطيها لمن ،اقترب هو وطلب منها ان تعطيها اياه ،فوافقت الممرضه حتي تهرب من تلك الحرب الدائره بينهم ..
شعر بشعور غريب يعتليه ما ان حملها بين زراعيه ،كأنها شئ يريد امتلاكه بشده ،تطلع الي شعرها الاسود النامي حديثا و ملامحها الصغيره والمستكينه لا يدري ماذا يفعل وكيف يتصرف ،ظل شاردا بها للحظات نسي ما يدور حوله من صياح وسباب ،فقط عقله مع تلك الصغيره التي بين يديه ،لم يفق من تأملها الا عندما اختطفها والدها من بين يديه راكضا بها الي البعيد ،حاولوا اللحوق به ولكن استطاع الافلات منه ،وكم بغضه في تلك اللحظه لانه حرمه منها …
عاد من شروده وهي يتمني ان تقع بيده بأسرع ما يمكن وخاصه بعد ما عرف انها تركت بيت والدها تنهد بغضب ،ثم هتف بخشونه :
=ماشي يا بت محمود ان وراكي لحد ما توقعي في ايدي وساعتها هعرفك كيف تمشي علي حل شعرك.
_____________________
في محافظه أسيوط ،،،
ڤي فيلا آسر الرفاعي ،،،
جلس ذلك الشاب بضيق من عناد والده واصراره علي المكوث هنا ،بينما يرمقه والده بضيق ايضا ليقول بعدها بحزن:
=يا بني انا مجدرش اسيب بيتي واروح معاك مصر،كل ذكريات امك الله يرحمها اهنا في البيت ده ،وهي اللي مهونه علي من بعد وفاتها ،ما تحرمش الراجل العجوز من ذكرياته ..
اومأ آسر رأسه بتفهم وحزن بآن واحد ،يتذكر وفاه والدته الحنونه قبل خمس سنوات كانت تملأ هذا المنزل المتسع بهجه وفرح ،ومنذ ان رحلت خيم الحزن عليهم ،يعلم بشعور والده چيدا ولكن هو ايضا يريد الاطمئنان عليه لا يعجبه تركه وحيدا هنا بينما هو هناك حيث القاهره ..
عندما ادرك والدته حيرته حتي هتف بهدوء;
=ما تجلجش عليا يا آسر انا كويس وبعدين عوض ما بيهملنيش لحالي واصل ..
اومأ أسر برأسه مضطرا بضيق ،بينما تابع والده بحنان:
=جولي يا ولدي عامل ايه في شغلك؟
شبك كفيه ببعضهما ليجيبه بهدوء:
=كويس يا حاچ مش عاوز غير رضاك عني.
ربت والده علي كفه ليرد عليه بدعاء نابع من قلبه :
=جلبي وربي راضين عليك يا ولدي ،ربنا يحفظك ليا ولا يحرمني منك .
امن آسر علي دعائه ،ليرمقه اسر بتردد ثم حسم أمره ليقول بارتباك :
=عاوز اطلب من طلب يا بوي .
انتبه له والده وهو يسبح بالمسبحه التي في يده ،ثم رد عليه بهدوء:
=طلب ايه يا ولدي .
مسح آسر علي شعره يخشي رفضه تلك المره كسابق عهده ،ثم تشجع ليقول بتردد:
=عاوز اچبلك واحده تخدمك بدل عوض..اا
=لاااه
قالها بنبره فاطعه ليصمت آسر علي الفور احتراما لوالده ،ليتابع بنبره حازمه :
=البيت ده ما هتدخلش فيه حرمه غير أمك الله يرحمها واوعاك يا آسر تچبلي سيره الموضوع ده تاني .
اومأ اسر لوالده باحترام ،فوالده عنيد للغايه ولا يجدي معه النقاش ابدا ،لينهض ويقبل رأسه ثم استأذن منه بهدوء:
=أني هروح اتمشي شويه في البلد عاوز حاجه يا حاچ اچبهالك.
هتف له والده بنبره طيبه :
=عاوز سلامتك يا ولدي مع السلامه.
ودعه آسر بابتسامه ثم تركه ليتنفس هواء بلدته قليلا وما ان خطي للخارج حتي وجد من تتقدم له وهي تقول بغنج واضح:
=ازيك يا حضرت الظابط عاش من شافك.
نظر لها اسر بجمود ثم رد عليها ببرود :
=اهلا يا ..اا.امم معلش مفكرش الاسم كويس.
اغتاظت منه كثيرا ثم ردت عليه بحنق:
=سميره يا حضرة الظابط دا انا چدامك من ساعه ما تولدت ،ولا يكونش مصر غيرتك يا بن الرفاعي.
استاء آسر من حديثها ليتحول ملامح البارده قائلا بحزم :
=لمي الدور يا سميره واتلمي ها عشان مزعلكيش .
قال كلماته وتركها مغتاظه منه ،فلم ينظر اليها نظره اعجاب بتاتا وهي التي ما ان سمعت بمجيئه حتي وقفت ساعه اثام المرآه متمنيه ان يبادلها نفس الشعور ،لتقول وهي تغمز لاثره:
=ماشي يا حضره الظابط انا وراك لحد ما تجول حقي برقبتي.
__________________________
أمام ڤيلا مصطفي الحاوي ،،،
تسللت شهد وخلفها حبيبه ليتسلقوا سور الڤيلا دون ان يشعر بهم احد ،لتسألها حبيبه ببلاهه :
=احنا ليه بندخل الفيلا كأننا بنسرق ما كنا دخلنا من الباب احسن .
امتعضت شهد من غبائها ورمقتها بغضب بعينيها الخضراوتين لترد عليها بحده :
=بطلي غباء يا بت ،احنا مش عاوزين حد يشوفنا علشان نعرف نهرب مريم قبل ما أمك الشربره تعمل فيها حاجه .
اتسعت عينا حبيبه بغضب من حديثها ،لتمد يدها وتحذبها من خصلات شعرها الناعمه لتصرخ الاخري باعتراض وتقوم هي كذلك بجذبها من شعرها ليسقطا الاثنان ارضا بعد المجهود الذي بذلوه للتسلق …
ظلوا لبعض الوقت بشتبكن بالايدي والسباب حتي صرخت حبيبه بألم :
=خلاص يا شهد بقا شعري بيوجعني انتِ نسيت احنا هنا ليه؟
ابتعدت عنها شهد بحنق لترمقها بغيظ ثم ردت عليها وهي تعدل من خصلات شعرها :
=ماشي علشان خاطر مريم بس ،وبعدين نتحاسب .
ابتسمت حبيبه بسخريه ولم ترد عليها ،بينما رفعت شهد عينيها لذلك السور العالي لتهتف بغيظ:
=منك لله هنطلع كل ده تاني .
ربتت حبيبه علي كتفها بقوه متعمده إيلامها ،لترمق شهد كفها الذي يربت عليها بغضب ،حتي رفعتها حبيبه بخوف قائله باستعجال مصطنع:
=يلا بقا يا شهد كده الوقت بيضيع.
اومأت شهد ليتسلقن مجددا السور حتي استطاعوا العبور بنجاح ،بينما حبيبه دلتها علي الطريق للوصول الي الغرفه التي بها ومريم وما ان اقتربوا من غرفتها حتي اتسعت عينيهم بزهول مما حدث لمريم
يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية مرايا القلب ) اضغط على أسم الرواية