رواية بحر العشق المالح البارت الواحد و الخمسون 51 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية بحر العشق المالح الفصل الواحد و الخمسون 51
بعد مرور ثلاث أيام
صباحً
بشقة فادى
بالمطبخ
إنتهى فادى من تحضير ووضع الفطور على طاولة المطبخ، أدار جسده كى يذهب ويُخبر غيداء كذالك والداته، لكن قبل أن يخرج من المطبخ دخلت ساميه وقامت بلوي شفتيها بإمتعاض قائله:
زى كل يوم تحضر الفطور وتروح تصحى الدلوعه تجي تفطر وهى لويه شفايفها انا مش عارفه مش عارفه هى الآيه إتعكست، المفروض الست هى اللى بتصحى بدري قبل جوزها تقوم تحضر الفطور، لكن طبعًا مراتك دلوعه وواخده عالفطور يروحلها لحد سريرها، كويس إنها بتتنازل وتمشي لحد المطبخ عشان تفطر على السُفره معانا.
تنهد فادى بسأم قائلاً:
ماما مالوش لازمه الكلام ده قولتيه قبل كده وأعتقد إنى رديت عليكِ وقولتلك آنى متعود أحضر لنفسى الاكل من أيام الجيش ولما سافرت ألمانيا، وبعدين ليه مش عاجبك ده دلوقتي أنا فاكر ان اوقات كتير بابا كان هو اللي بيحضر لينا الفطور وسندوتشات المدرسه لأن حضرتك كنتِ بتبقى مُرهقه من شغل البيت طول اليوم.
قال فادى هذا وغادر من المطبخ وترك ساميه وقفت تنظر الى طاولة الطعام بسخريه وإستهزاء من تلك الأصناف ودت تكسير تلك الأطباق فوق رأس تلك الدلوعه بنظرها، تشعر بحقد فى قلبها فادى يقوم بالرد عليها بطريقه غير مُحببه لو كان مصطفى لكان إمتثل لرغبتها،لكن فادى دائمًا كان مُتمرد على أفعالها وأقوالها ليس فقط مُتمرد بل يفعل عكس ما ترغب،شعرت بحسره فى قلبها تود دائمًا ان تكون صاحبة الكلمه والآمر عند فادى مثلما كان مصطفى يفعل ويُلبى لها رغبتها دون معارضه منه حتى أدق تفاصيل حياته كان يُخبرها بها ويأخذ بقولها بل ويثق أنه الأصح،لكن هذا ليس عيب فادى فقط لتلك اللئيمه الناعمه غيداء أيضًا دور فى الإستحواز على عقل وقلب فادى الذى يتلهف عليها بوضوح وهى تبدوا بارده معه، بالتأكيد تتعمد ذالك حتى يلهث خلفها،لكن هى بعد طلاق ذالك الحقير جمال لها بتعسُف غير مُراعيًا للسنوات التى عاشت بها معه او منظرها الإجتماعى التى تركت البلده من أجله وهى ترى حديث بعض الألسُن والعيون الشامته بها،فهى أصبحت مثل العلكه بألسنة البعض يتعاطف معها والبعض يرمى عليها بانها فعلت خطأ فادح.. إمرأه تتطلق من زوجها بعد زواج دام لعدة عقود من الزمن فجأه يُطلقها زوجها،وبعد زواج إبنها لم يُراعى لا عِشره ولا عُمر،أصبح الآن لم يبقى لها مكان غير هنا مع ولدها،لكن هنالك أفعى صغيره ناعمه تحاول اللعب على مشاعره الواضحه لها ،وهى لن تدعها تهنئ بذالك الدلال ،لتبدأ أولى خطوات تعكير صفوهم معًا.
بغرفة النوم
وضعت غيداء صندوق الإسعافات الاوليه جوارها على الأريكه ثم مددت إحدى ساقيها ورفعت عنها بنطلون منامتها قليلاً وهى تشعر ببعض الآلم قليلاً ثم قامت بيد مُرتعشه ومتردده بنزع ذالك الضماد من على ذالك الجرح الذى أسفل رسغ ساقها، نظرت للجرح مازال لم يلتئم كذالك مُتعرق ببعض قطرات الدماء، بآلم وبنفس الأرتعاش بيدها قامت بوضع أحد المُطهرات فوق قطن طبى تشعر بتردد وهيبة تُفكر بتردد قبل أن تضع تلك القطنه فوق الجرح.
بنفس الوقت فتح فادى باب الغرفه ودخل نظر نحو جلوسها على تلك الأريكه ومنظر وجهها المُتألم وكذالك رأى يدها التى تمسك بالقطن وهى ترتعش ومتردده من وضعها فوق الجرح،لكن حين رأت دخوله للغرفه إدعت القوه رغم ذالك مازالت متردده تخشى الآلم،إقترب من مكان جلوسها وجلس على الأريكه ورفع ساقها فوق ساقهُ، حين نظر للجرح شعر بتآلم كآن ذالك الجرح بجسدهُ هو، كذالك رأى تعرُق الدماء بالجرح فقال لائمًا:.
قولتلك الجرح كبير وكان لازم يتخيط عند دكتور لكن إنتِ عاندتى وقولتى يومين ويطيب وأهو لسه الجرح شبه مفتوح غير معرق بدم.
حاولت غيداء جذب ساقها من فوق ساق فادى قائله بغضب تُخفى ذالك الآلم:
قولتلك مالوش لازمه الدكتور عادى ده جرح بسيط إتجرحت أقوى منه قبل كده، وأعتقد إنى مطلبتش منك مساعده.
رفع فادى وجهه ينظر الى وجه غيداء رأى بعينيها نفس الدمعه وكان نفس الرد قبل ثلاث أيام وقت أن إنجرحت
[فلاشـــــــــــ،باك]
رأى فادى بعض قطرات الدماء تسيل أسفل إحدى ساقي غيداء أصبحت تزداد شعر برجفه فى قلبه،لكن كانت الرجفه الاكبر فى قلب غيداء وظنت أنها تنزف فى البدايه،لكن رغم الآلم تنفست براحه لوهله ثم عادت تشعر بالآلم حين أزاح البنطون فادى عن ساقها ورأى ذالك الجرح الكبير...
شعر بخضه قائلاً:.
غيداء واضح إنه جرح كبير قومى غيرى هدومك بسرعه ونروح أى مستشفى.
رغم الآلم جذبت غيداء ساقها بحِده قائله:
لأ ده جرح صغير مقارنه بجرح تانى، يومين ويخف لكن فى جروح مش بتخف مهما طال الوقت.
تغاضى فادى عن فحوى حديث غيداء ونظر لتلك الدموع التى تترغرغ بعينيها بشفقه قائلاً:
غيداء واضح إن الجرح كبير، قومي معايا وبلاش كلام فارغ مالوش لازمه.
قال فادى هذا وأمسك غيداء من عضدي يدها يساعدها للنهوض والسير معه، لكن غيداء جلست بعد خطوات على أريكه بالغرفه قائله بتعِناد:
أنا مش هروح أى مستشفى، فى هنا فى الحمام صندوق إسعافات أولية، هضمد الجرح بقطن ومُطهر، وهيخف بسرعه، إنما أنا بكره الدكاتره والمستشفيات.
ألح فادى كثيرًا على غيداء لكن هى صمتت على رأيها خشية أن يفتضح أمر أنها مازالت تحمل بأحشائها طفلهُ، لا تعرف سبب لرغبتها بعدم معرفته أن الجنين مازال بأحشائها،ربما مازالت لم تغفر له أنه فضح أمرها معه،إنتقامً هى الأخرى تنتقم منه لكن بالنهايه هى الأخرى تدفع معه الثمن بجلد ذاتها.
عاد فادى من تلك الذكرى حين شعر بآه خافته من غيداء بعد أن تحاملت على نفسها ووضعت القطنه بالمُطهر فوق الجرح، شعر بغصه قويه ومد يدهُ فوق يدها التى تُمسك بها القطنه ورفعها ثم جذب تلك القطنه بقلة حيله منه وبدأ فى تضميد ذالك الجرح ثم وضع فوقه لاصق طبى، وأخذ يُنظف المكان ونهض بذالك الصندوق ووضعه بالحمام وعاد لها مره أخرى يبتسم قائلاً:
على فكره أنا حضرت الفطور فى المطبخ غيرى هدومك وخلينا نفطر سوا.
امائت له رأسها بموافقه تنتظر خروجه من الغرفه حتى تستبدل ثيابها بأخرى.
فهم فادى وخرج من الغرفه وأغلق خلفه باب الغرفه وقف على حائط جوار الغرفه بتنهد بشعر بضياع لأول مره بحياته يحاول ان يضبط مشاعره التى أصبحت تنجرف بهاوية عشق غيداء التى تفرض عليه حقيقه واحده أن البدايه او النهايه ليست بيديه بل بأيدي غيداء التى تفرض برود وهجر عليه أحيانًا يود أن يصرخ عليها ويقول لها أن خطأهم متساوى وأنه لم يُجبرها على شئ،لكن يعلم أنه لو قال ذالك سيُعجل قرار غيداء بإنهاء زواجهما،يحاول تلجيم غضبه حتى لا يخسر غيداء أكثر من ذالك.
بعد دقاىق
بالمطبخ
دخلت غيداء تقول بإبتسامه رقيقه:
صباح الخير يا طنط.
زفرت ساميه نفسها وردت بإمتعاض:
صباخ النور يا حبيبتي،خير هى لسه رِجلك بتوجعك.
ردت غيداء بكذب:
لا الحمد بقت أحسن،وبفكر أروح الجامعه النهارده.
نظر لها فادى برفض قائلاً:
جامعة أيه اللى تروحيها، الجرح اللى فى رجلك لسه بينتع دم.
نظرت ساميه للهفة فادى بسخريه قائله:
وماله ماتروح جامعتها يعنى هى هتروح مشي،ما العربيه هتاخدها من قدام باب العماره وترجعها لهنا تانى...يعنى مش هتتعب فى مواصلات.
نظى فادى لـ ساميه بإستفسار قائلاً:.عربية أيه اللى هتاخدها من قدام العماره.
ردت ساميه بتبرير:
العربيه اللى كانت بتوصلها قبل ما تتجوز.
نظر فادى لوالداته وفهم قصدها قائلاً:
ده كان زمان زي حضرتك ما قولتى قبل ما تتجوز دلوقتي غيداء مسؤوله منى مسئوليه كامله والعربيه دى ملهاش لازمه وغيداء عارفه مستوايا كويس إنى مقدرش أجيب لها عربيه بسواق وكانت الايام اللى كانت بتروح الجامعه بتاكسى،بس كانت رِجلها سليمه وتقدر تمشى عليها بسهوله، مش هيحصل حاجه لو غابت كم يوم وتقدر تتصل على أى زميله ليها وتسألها عن المحاضرات اللى فاتتها وأعتقد لسه بدرى على إمتحانات نص السنه وجامعة غيداء مفيهاش جزء عملى فمش هتتأثر بعدم الحضور.
شعرت ساميه بغيظ وبررت حديثها:
انا قصدى مصلحتها وأنتم أحرار.
رد فادى بجفاف:
فعلاً إحنا أحرار وغيداء مسؤوله منى وانا شايف إنها مش هتقدر تحمل على رِجلها، وكمان أنا شبعت ولازم ألحق ميعاد المصنع.
قال فادى هذا ونهض واقفًا ثم نظر ببسمه لـ غيداء التى إبتسمت غصبًا بإعجاب لا تنكره فادى رغم ما حدث لم يُكن طامعًا بثروة والداها ربما تلك نُقطه لصالحه.
بينما شعرت ساميه بنار ساحقه فى جنبيها، هى كانت تظن أن ولدها سينعم برغد بعد زواجهُ من غيداء سلسلة عائلة زهران، لكن فادى هو من يبدأ بالرفض، وتلك الحمقاء تبتسم له وتوافقه، عليها حثها حتى تشعر بأن حياة الزوجين مُشاركه ولا عيب من مساعدة الطرف ذو الترف للآخر، هكذا هى الحياه الزوجيه مُشاركه بكل شئ وأول شئ المُشاركه الماديه.
........ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لندن
بـ "تل كليف"أحد سهول لندن ذات الطبيعيه الريفيه الخضراء.
ترجل عواد وصابرين من تلك السياره، سارت صابرين سريعًا الى الجهه الأخرى مكان ما يقف عواد الذى تبسم لها ووضع يدهُ حول خصرها مُبتسما يسمع سؤالها:
إحنا هنا فين؟
رد عواد:
إحنا فى أشهر مكان ريفي فى إنجلترا،" تل كليف"
ودى مزرعة صديق ليا هنا وهو عزمنا نقضى اليوم عنده، وأنا وافقت... يعنى اليوم كله هيبقى بين
الماء والخضره والوجه الحسن.
نظرت له صابرين تتدلل بترقُب قائله:
ومين بقى الوجه الحسن؟
ضحك عواد بمكر مجاوبًا:
أكيد أوليڤيا بنت صاحب المزرعه.
توقفت صابرين عن السير ونظرت لعواد بغيظ قائله:
كده طب كمل بقى إنت لوحدك اليوم هنا وأرجع أنا شقة لندن تاني.
ضحك عواد وجذبها لمواصلة السير قائلاً:
تعالى بس هتنبسطي أوى هنا المكان له طبيعه خاصه وإن كان عالوجه الحسن هتلاقى هنا كتير.
نظرت صابرين لـ عواد قائله:
تعرف إن دمك بارد زى الإنجليز بالظبط واضح تآثيرهم على شخصيتك البارده، وأنا كمان هستمتع بالماء والخضره ويمكن يطلع صاحب المزرعه راجل وسيم ويبقى هو الوجه الحسن بالنسبه ليا.
ضحك عواد بثقه قائلاً:
"والتر" وجه حسن، ده أكبر من جدى صادق ده على رأى رائف عايش من قبل ميلاد الملكه فيكتوريا.
تحدثت صابرين بإغاظه:
وماله ما الشخصيات الكبيره دى بتبقى مُميزه بالحكمه والموده اللى تجذب اللى قدامها ليها.
تبسم عواد لـ صابرين بثقه دون رد،سار الاثنين الى أن وصلا الى مدخل المنزل المُرفق بالمزرعه إستقبلهما رجل بعمر الثمانين لكن يبدوا بصحه جيده بالنسبه لعمره فقط يسير على عكاز خشبى أنيق له رأس من الفضه تبدوا بوضوح أنها صدفة بحر...إستقبلهما بحفاوه بالاخص صابرين مما جعل عواد يشعر ببعض الغيره وهو يتعامل معها بتلك الأُلفه،حتى صابرين تسير على هواه كآنها تحاول إستفزاز غِيرة عواد
تجول الثلاث بين جنبات المزرعه هى تستمتع فقط برفقة عواد لا أكثر فالمكان رغم طبيعته الخضراء لكن لم يكُن جذاب بالنسبه لها، بعد وقت تركهم والتر وحدها وذهب لقضاء آمر هام.
إنحنى عواد على صابرين هامسًا:.
مش عارف ليه حاسس إن المكان مش داخل مزاجكك.
ردت صابرين:
فعلاً ، المكان مش مثير،فقط خُضره،بس تحسها خُضره مُصطنعه،ريف صحيح بس مش زى الريف المصرى،فى مصر تحس الطبيعه أفضل...يعنى أبسط شئ المدخنه العاليه اللى هناك دى تحس أنها معموله ديكور مش أكتر إنما هتلاقى فى المكان دفايه بالكهربا، التطور الممزوج مع البدائيه بيفسدها.
تبسم عواد وهو يلف يدهُ حول خصرها ومال على أذنها قائلاً:
طب بذمتك لو إحنا فى مصر فى بلدنا كنت أقدر أمشي معاكِ وأنا لافف إيدى على وسطك كده.
ضحكت صابرين قائله:
لأ طبعًا، كانوا يتغمزوا ويتلمزوا علينا، إنما هنا عادى عندهم تسيُب من الآخر معندهمش حيا...غير ممكن فى مصر يقولوا علينا فعل فاضح فى الطريق العام،أو أنا أقول إنى معرفكش وقتها يخدوك على أقرب قسم ويتعملك محضر تحرُش بأنثى رقيقه وتتلسوع فى القسم.
ضحك عواد بينما بنفس اللحظه صدح رنين هاتفه.
أخرج الهاتف من جيبه ونظر للشاشه وطبيعة صابرين الفضوليه لابد ان ترى من يُهاتفه، نظرت نحو الشاشه قائله:
مش أوليفيا دى اللى بتقول إنها بنت صاحب المزرعه طب بتتصل عليك ليه.
رد عواد بتلقائيه:
أكيد بتشوفني وصلت لهنا ولا لسه؟
تعجبت صابرين قائله:
وبتسأل ليه هى مش هنا فى المزرعه وأكيد باباها قالها او بعت لها خبر.
رد عواد بسهوله:.أوليڤيا مش هنا فى المزرعه ممكن تكون لسه عالطريق،هى عايشه فى لندن بتشتغل هناك،ده بيت والداها بتيجي فى الاجازات فقط.
تهكمت صابرين قائله:
آه يعنى إنت وهى متواعدين تتقابلوا هنا،ويا ترى بقى الست أوليڤيا دى بتشتغل أيه فى لندن،فاتحه محل بقاله بتبيع فيه منتجات لحوم وألبان.
ضحك عواد بصخب قائلاً:.
هى فعلاً بتشتغل فى اللحوم،بس اللحوم البشريه دكتورة علاج طبيعي.
تهكمت صابرين بسخريه قائله: يعنى قصدك
دكتورة تفعيص ،طب رُد عليها واضح إنها تِلمه ومش هتبطل رن غير لما ترد عليها.
كتم عواد ضحكته وقام بالرد عليها بهدوء،وأخبرته انها اصبحت قريبه من المزرعه.
انهى عواد الأتصال مُبتسمًا وهو يرى ملامح وجه صابرين التى ترسم بسمه ودت السؤال بفضول لكن قطع السؤال،إشارة والتر لـ عواد ان يذهب له ناحية أحد الحظائر القريبه من مكان سيرهم.
اماء له عواد برأسه ونظر لـ صابرين قائلاً:
تعالى معايا.
نظرت صابرين نحو المكان الذى أشار له منه والتر ثم قالت برفض:
لأ المكان ده واضح انه مكان حيوانات خلينى اتمشى شويه فى المزرعه وروح إنت له يمكن هيدبح عجل على شرف إستقبالنا.
ضحك عواد قائلاً:
إحنا فى إنجلترا دبح العجل ده فى مصر بس.
ضحكت صابرين قائله:
أهو شوفت ميزه تانيه للريف المصري، كرم الضيافه.
ضحك عواد وذهب الى والتر وترك صابرين وحدها تسير بالمزرعه، رأت إحدى شجرات الورد البلدى باللون الوردى إقتربت منها ومدت يدها على إحدى الزهرات بالشجره وكادت تقطفها لولا أن شعرت بضربه خفيفه على كفها ثم تحدثت لها إمرأة بعمر الخامسه والخمسون لكن من يراها يقول انها بأواخر الثلاثينيات او حتى بمنتصفهم
تنهرها بهجوم قائله بالإنجليزيه:
كيف لك أيها البلهاء ان تقطفىِ زهره الا تعلمين أن الزهور مثلنا تتآلم.
نظرت لها صابرين بغيظ متهكمه وكادت تسبها لكن إقترب من مكان وقوفهن معًا عواد يبتسم قائلاً:
أولفيا لقد تأخرتى كثيرًا لابد ان تدفعى ضريبة تأخير.
تبسمت له أولفيا قائله بود وترحيب: عواد
أيها الوسيم المصري من أجلك على إستعداد بدفع ضريبه مزدوجه.
قالت هذا وتركت صابرين وذهبت نحو عواد تفتح له ذراعيها بترحيب حقًا لم تحتضنه لكن يكفى ذالك الترحيب الحافل منها له يجعل صابرين تود سفك دمها الآن أسفل قدميها.
...... ــــــــــــــــــــــــ
الاسكندريه
بمصنع السيارات الذى يعمل به فادى
بعد الانتهاء من فترة العمل
دخل فادى الى غرفة مدير المصنع قائلاً:
مساء الخير يا أفندم،خير، وصلنى خبر إن سيادتك طلبت تقابلنى بعد نهاية وردية العمل بتاعتى.
تبسم مدير المصنع قائلاً:
خير يا فادى أقعد عاوزك فى مصلحه لك.
جلس فادى على أحد المقاعد مُبتسمًا ينتظر حديث المدير الذى قال له:
بص يا فادى انا من خلال الفتره اللى فاتت شوفت كدك فى الشغل هنا فى المصنع غير كمان انك عندك كفاءه و خبره كويسه،وعرفت كمان إنك كنت بتشتغل قبل كده فى الفرع الرئيسى للمصنع فى ألمانيا،وبصراحه كده صاحب المصنع طلب منى أرشح له كفاءات مميزه تسافر للمصنع الرئيسى هناك بألمانيا تمده بخبره،وأنا رشحتك فى أول القائمه دى...مع إنى مش عارف سبب إنك مجددتش العقد فى المصنع الرئيسى وجيت تشتغل هنا فى إسكندريه،حد عاقل برضوا يسيب الشغل فى مصنع زى ده فى ألمانيا...ويفضل يشتغل هنا فى فرع.
تنهد فادى نادمًا،بالفعل كان هناك بألمانيا أفضل له سواء ماديًا او معنويًا،لكن أعماه إنتقام واهى دفع ثمنهُ...لكن عقل حديث المدير برأسه
وإزداد الشغف حين قال له:.
انا عرفت إنك متجوز حديثًا وأكيد دى فرصه لك كبيره إنت أكيد محتاج عائد مادى أكبر يساعدك فى المستقبل أكيد هيكون عندك ولاد وهتجتاح مصاريف وإمكانيات أكبر، وإنت سبق وأشتغلت هناك وشوفت طبيعة العمل والآجر المقابل ليه، هسيبك أسبوع تفكر وترد عليا دى فرصه بلاش تضيعها انا لو شاب فى سنك مستحيل أضيعها خبره وزيادة كفاءه غير عاىد مادى سخي.
أماء فادى له براسه بموافقه،لكن هنالك من ود معرفة رد فعلها حين يُخبرها،فهل سترضى وتُسافر ألمانيا معه أم ترفض وتضع نهايه مؤلمه. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالأسكندريه
بمطعم رائف
كات يحمل ميلا على ساقيه مُبتسمًا وهو يُعاندها ويقوم بشد شعرها الذى ترفعه على هيئة خُصل تُشبه ذيل حصان معقود بعدة فراشات ملونه، يحاول سلت إحداى الفراشات لكن ميلا سأمت من عبث رائف بشعرها فقامت بصفعه على عُنقه بطفوله منها، تآلم فادى بمفاجأه.
بينما لم تستطع فاديه كتم ضحكتها قائله بنُصح:. ميلا عيب كده... معليشى يا رائف هى بتعمل كده مع هيثم لما يعاندها هى عندها شعرها والفراشات دة منطقه خاصه.
إبتسم رائف يقول بعتاب مرح:
كده يا ميلا تضربي بابا لما أنت لسه مكملتيش سنه وبتضربينى أمال لما يبقى عندك عشر سنين هتحطينى فى دار المسنين.
ضحكت الصغيره وامائت رأسها وقالت بتهته:
آه إنت وهثم.
ضحكت فاديه كذالك رائف الذى إدعى المأساه ومد يده بـ ميلا لـ فاديه قائلاً:
يا خسارتك يا رائف ياللى بنتك هتحطك فى دار المسنين بدرى بدرى مش بعيد لما تكمل سنتين ترفع عليا قضية حجر وتتهمنى بالسفه.
ضحكت فاديه وهى تأخذ ميلا منه، ونظرت لـ ميلا قائله:
لأ ميلا طيوبه.
امائت ميلا ببسمه وقبلت وجنة فاديه.
نظر لها رائف قائلاً بتحسُر:
ناس تتباس وناس هتتحط فى دار المسنين... بس أنا عندى الحل أنا أتجوز وأجيب ليها مرات أب تعاملها زى مرات أبو سندريلا.
للحظه إرتجف قلب فاديه وشعرت بهزه قويه... وظلت صامته... لكن فى نفس الوقت آتى النادل لهم ووضع بعض المشروبات أمامهم، زاغ احد المشروبين بعين ميلا وأشارت عليه...
فقالت لها فاديه:
تبرد شويه يا ميلا.
وافقت ميلا فاديه، بينما رائف شعر بندم يبدوا انه تسرع فى قول أحمق، حتى فاديه إدعت الإنشغال مع ميلا وهى تُسقيها من ذالك المشروب الخاص بها تتهرب من النظر إليه...
قطع رائف ذالك الصمت قائلاً:
عرفتى إن عملية عواد بعد تلات أيام.
ردت فاديه:
آه صابرين إتصلت عليا النهارده الصبح وقالتلى، بس شكلها متوتره بزياده، برضوا عمليه مش سهله وهى لوحدها مع عواد.
تنهد رائف قائلاً:
بس تحيه قالتلى إنها هتسافر لندن وأنا معاها.
ردت فاديه: وكمان بابا هيسافر عشان يبقى جنب صابرين.
تعجب رائف مُبتسمًا يقول بسذاجه منه وظن أن فاديه لا يفرق معها الأمر قائلاً:
تعرفى إنى أنا اللى عملت مونتاچ عالصوره اللى بسببها إتجوز عواد وصابرين.
ماذا قال هذا الابله الذى يضحك
صمت ساد للحظه
قبل أن تنظر فاديه الى بسمة ذالك الابله السمجه
ثم نهضت واقفه، بنفس الوقت شعر رائف بسخونه تكاد تكون حارقه بصدرهُ
قائلا ببروده المعتاد:
آه القهوه حرقت شعر صدرى كش... قدامك عالطرابيزه حاجات كتير ملقتيش غير القهوه ترميها عليا، دى سخنه مغليه.
نظرت له فاديه بغيظ قائله:
أنا لو قدامى مية نار كنت رميتها عليك وسلختك بقى إنت مبسوط إن إنت اللى فبركت صورة عواد مع صابرين، عارف الصوره دى كانت سبب فى عذاب لأختى، لسعة القهوه اللى حاسس بيها دى جنبها ولا حاجه، أنا ماشيه وبعد كده ممنوع تتصل عليا، ولا أقولك أنا هغير رقمى.
قالت فاديه هذا وسارت لخطوات قبل أن يقول رائف:
إستنى مكانك، إنت رايحه فين وواخده بنتى معاكِ.
توقفت فاديه لدقيقه ونظرت لتلك الصغيره التى تحملها وقالت لها:
تروحى له.
أمائت الصغيره رأسها بـ لا وتشبثت بيديها بعُنق فاديه.
نظرت له فاديه قائله: أهو شوفت بنفسك حتى بنتك مش طيقه سخافتك، إياك تفكر تتصل عليا او حتى اشوف وشك تانى، يلا بينا ياروحى إنتِ.
قالت فاديه هذا وقبلت وجنة الصغيره ثم سارت بها سريعًا.
تنهد رائف بآلم قائلاً بمزح: طب ما تبوسى الواوا بتاعتى يمكن النار تهدى شويه...
معليشى يا رائف، واضح إن ملكش حظ
حتى بنتك باعتك، "كل حلفاؤك خانوك يا روفى".
قال رائف هذا وأشار للنادل الذى أتى له يحاول كبت ضحكته وهو يرى مديره بملابس مصبوغه بالقهوه قائلاً:
تحت أمرك يا افندم.
رد رائف:
انا مش محذر عليك قبل كده بلاش تجيب أى حاجه سخنه،بالذات قهوه.
كبت النادل بسمته قائلاً:
يا أفندم حضرتك اللى طلبت القهوه،والمدام طلبت هوت شوكليت.
نظر رائف للنادل قائلاً:.
كنت هات إتنين هوت شوكليت،على الاقل الشوكليت طعمها حلو مش مر زى القهوه،أعمل حسابك حق القميص وانبوبة التسلخات هيتخصموا من مرتبك ودلوقتي بقى روح هاتلى قهوه تانيه بدل اللى إندلقت على هدومى.
نظر له النادل قائلاً:
حاضر سيادتك،بس اجيب قهوه قهوه ولا أجيب هوت شوكليت.
نظر رائف له قائلاً:
سؤال غبى وبسببه هتدفع تمن فنجان القهوه،عشان إنت غبي،القهوه دى بعد كده تتمنع تنزل المطعم وفتوش هنا مفهوم.
اماء له النادل راسه بـ مفهوم وذهب ضاحكاً،هو يعلم أن رائف لن يخصم منه شئ هو فقط يمزح وبعد قليل سينسى كالعاده او يدعى النسيان...لكن هنالك مشاعر آن آوانها،بمجرد عودته من لندن بعد ان يطمئن على عواد، سيبيح بمشاعره لها...وتنتهى تلك الحيره الذى يعيش بها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد ثلاث أيام
اليوم هو موعد عملية عواد
لندن صباحً
لم تنم صابرين طوال ليلة أمس ظل الفكر يشغل رأسها بهواجس لا تنكر أنها تخشى تلك العمليه الذى سيخضع لها عواد اليوم،العمليه ليست سهله بالمره
نتائجها ليست مضمونه والمؤكد عودة عواد للمقعد المتحرك لكن لفتره غير معلومه قد تُحدد بدايتها نتيجة تلك العمليه الجراحيه لكن العمليه نفسها صعبه ونتائجها غير معروفه...ظلت تتآمل وجه عواد وهى تضم جسدها لجسده تود الإلتصاق به أكثر ودت ان توقيظه وتقول له لا تخضع لتلك العمليه أنا لدي هواجس تُرعب قلبى،قلبى الذى تعلق بك،لكن صمتت تسير بأنامل يدها على وجنتيه ولحظه أغمضت عينيها تكبت تلك الدمعه بعينيها،لكن سقطت من عينيها على صدر عواد الذى كان شبه مُستيقظ وشعر بتلك الدمعه الساخنه على صدره ففتح عينيه ورفع يدهُ يضع أنامله فوق وجنة صابرين،شعر بآسى فى قلبه قائلاً:
على فكره أنا مش هموت...عملت عمليات كتير زى العمليه دى قبل كده وقدرت أقف من تانى على رِجليا.
فتحت صابرين عينيها ونظرت لعواد قائله:
عايزاك توعدنى إنك هتقف على رِجليك مره تانيه.
تبسم عواد ومازالت يدهُ على وجه صابرين لكن قال بمراوغه:
مقدرش اوعدك بشئ مش فى إيدى،ده فى إيد ربنا...يعنى لو مكتوبلى أموــــــــــ
قطعت صابرين بقية كلمة عواد حين قبلته على غفله منه.
ضمها عواد قويًا على صدره يستمتع بتلك القُبله التى اخرسته بها صابرين فى البدايه لكن سرعان ما إستحوز هو على شفاها بقُبلات عذبه ترك شفاها ليتنفسا الأثتين،رفع عواد وجه صابرين ونظر لعينيها قائلاً:
أوعدك يا صابرين لو ربنا طول فى عمري هرجع تانى أمشي على رِجليا بس عشان أمشى وانا ماسك إيدك بإيديا.
تبسمت صابرين رغم تلك الدمعه التى بعينيها وأمسكت يد عواد بيدها قائله:
وأنا هفضل جانبك و عمرى ما هسيب أيدك يا عواد وهنعجز سوا وهحكى لأحفادنا عن قصة جوازنا،وأقول لهم إن الوغد المختال إتجوزتنى بفضيحه.
ضحك عواد قائلاً:
قلبك أسود يا حبيبتى.
ضحكت صابرين هى الآخرى قائله:
مش دى الحقيقه يا عواد يا زهران.
ضحك عواد وهو يضم صابرين قويًا كذالك صابرين تود الالتحام بجسده، لكن ربما ضحكه تهون مأساه
... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالأسكندريه
بشقة فادى
وقف فادى أمام غرفة النوم خائرًا حائرًا ماذا يفعل وماذا يكون رد فعله، والدته هى من أخطأت بحق غيداء ورد غيداء الفج كان هو الرد المناسب على ما قالته لها والداته وبعد ان كادت تتهجم عليها بالضرب حتى انها دفعتها بقوه وإصتطدمت بمسند أحد المقاعد،لكن غيداء فجأه إنسحبت الى غرفة النوم،ولم تسمع رده على والداته الذى أنصفها هى،حسم أمره لا داعى للعناد أكثر من ذالك سيدخل الغرفه الى غيداء ويقول لها إن كانت تُريد إنهاء هذا الزواج مثلما قالت أمام والداته قبل لحظات لن يمانع،يكفى سباحه عكس التيار ، هذا الزواج بُني على خطأ من البدايه.
بينما بغرفة النوم
جلست غيداء تنحنى بجسدها قليلاً تضع يديها حول بطنها تشعر بمغص شبه قوى، آنت بآلم
فى نفس الوقت كان يدخل فادى الى الغرفه بعصبيه لكن زالت تلك العصبيه وإتجه الى مكان جلوس غيداء بلهفه ورجفه من ملامح وجهها الواضحة الشحوب... نسي الغضب والعصبيه وجلس على ساقيه أمامها
قبل أن يتكلم آنت غيداء بآلم تبكى،
ذُهل فادى حين سمع قولها برجاء:
البيبى، فادى أرجوك خدنى للدكتوره أنا خايفه البيبى يكون جرى له حاجه...من الخبطه.
نظر لوجهها مصدوم ألم تخبرهُ سابقًا أنها أجهضت الجنين... ما معنى قولها هذا الآن، لكن عليه إنتظار تفسير فيما بعد عليه الآن الإطمئنان عليهما أولاً.
....... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية بحر العشق المالح" اضغط على أسم الرواية