Ads by Google X

رواية اوتار حاده الفصل الثاني عشر 12 - بقلم مروه اليماني

الصفحة الرئيسية

   رواية اوتار حاده كاملة بقلم مروه اليماني عبر مدونة دليل الروايات

رواية اوتار حاده

رواية اوتار حاده الفصل الثاني عشر 12

حين عاد ياسين ألتقي ن بشرين علي مقربه منزله فأبتسم لها قائلاً: أزيك ‏عامله إيه ؟!,ابتسمت شيرين وقالت: الحمد لله بخير ....وأنت عامل إيه؟ .‏

‏_: كويس الحمد لله .... ثم قال بعدما وقعت عينه علي تلك الدبلة : مبروك ‏الخطوبة.‏

‏ نظرت لتلك الدبلة التي تزين يدها اليمني وابتسمت قائله: الله يبارك فيك ‏‏.... معلشي بقا جات فجأة وأنت ماكنتش هنا وقتها .‏

أومأ برأسه قائلاً: ربنا يتمم بخير.... وان شاء الله معوضه في الفرح .‏

ابتسمت قائله : اه أكيد .‏

أستأذن منها وتركها ودلف منزله نظر في شاشة هاتفه وجدها الثامنة من ‏صباح الخميس قال متعجباً: معقول مشيت كل الوقت دا! .‏

دلف ليغسل وجهه بالماء، نظر لنفسه في المرآة، تذكر نور فابتسم، ولكن ‏سرعان ما اختفت ابتسامته مجدداً وقال لنفسه: معقول تصدقك أو تقبل ‏بوجودك في حياتها كزوج لما تعرف الحقيقة! .‏

أغمض عينيه لثواني، ثم أستدار وأخذ تلك المنشفة الصغيرة وجفف وجهه ‏بها، خرج من منزله متوجه للمعرض بدراجته البخارية التي تسابق الريح .‏



خرجت نور بعدما جمعت أوراق الامتحان من الطلاب الجامعيين وجدت ‏كامل الذي أتي بالسيارة فور رؤيتها.... كانت في غاية الفرح ليس لأنه يوم ‏زفاف أخيها عصام علي سارة صديقتها فقط والذي أصر والدها علي أقامته ‏في حديقة منزلهم، بل أيضاً لأجل لقاءها بياسين في الصباح، هذا اللقاء ‏جددا كل شيء بها وأصلح ما أفسدته الأيام الماضية.‏

عندما وصلت للمنزل رأت تلك الحيه عصمت التي ذكرتها علي فور بأمها التي ‏لم تخبرها بخبر زواج أخيها بعد، أسرعت إلي غرفة إياد متجاهلة زوجة أبيها، ‏طرقت الباب عدة مرات, ثم دلفت، قالت : ها عملت إيه في امتحانك .‏

رد عليها بلامبالاة: عادي.‏

‏_: طب هات تليفونك.‏

أعطاها الهاتف وقال : مالك فرحانه كدا ليه ؟! مش كفاية ماما مش معانا ‏في الوقت دا .‏

‏_: عشان كدا هكلمها .‏

أعتدل بسرعه وقال وهو يبتسم : أهو دا الكلام ولا بلاش .‏

أتصلت بأمها واطمأنت عليها، وكذلك إياد وأخبروها عن حفل الزفاف ففرح ‏قلبها لأجل أبنها، وحزنت علي حالها كيف يكون فرح أبنها اليوم وهي لا ‏تتمكن من حضوره!, أغلقت نور الهاتف فقال إياد: تفتكري أننا مغلطناش ‏لما قولنا لها . ‏

‏_: لا مغلطناش لأنها كدا كدا كانت هتعرف سوء من الجرائد أو الفيس, ‏مط شفتيه وفكر لثواني، ثم قال: معاكي حق ....بس أكيد صعب عليها أنها ‏مش معانا...حرام عليه والله ليه يعمل كل ده .‏



في منزل زينب أغلقت الهاتف وتصفحت الجريدة التي أمامها وجدت الخبر في ‏الزاوية اليسرى لإحدى صفح الجريدة، فأغلقتها وألقتها أمامها، نهضت وقلبها ‏يعتصر ألماً، اليوم الذي تنتظره كل أم في الكون حين تري أبنها البكري ‏عريس جوار عروسته وهما سعيدان أمام عينيها حرمها من هذا الشعور ، ‏حتي أنها لا تقدر علي التواجد كأحد المدعوين للحفل! .‏

ألم يفكر فيها عصام أم أنه ألف بعدها وتعود عليه ؟! ألا يشتاق لحضن أمه ‏التي تموت شوقا لرؤيته ؟! أم سقاه أباه جحوداً فصار لا يبالي بأمرها ؟!, ‏ظل عقلها يفكر ويكاد ينفجر وقلبها ينفطر.‏



تركت إياد وذهبت لغرفتها ظلت جالسة بها حتي جاء موعد حفل الزفاف ‏ارتدت فستان أنيق ورقيق، غير لامع وزينته قليله ووشاحها من نفس ‏اللون ولم تضع أي من مساحيق الزينة، نزلت للأسفل وجلست مع إيمان ‏ونيفين التي لم تبدو في حالة جيده، سألتها إيمان ونور عن ما بها ولكنها ‏أكتفت بأخبارهم أنها بخير ولا يقلقن عليها, كان الفرح غاية في الجمال، بدأ ‏ببعض الاغاني الدينية، ثم تحول لفرح شعبي صاخب كعادة أكثر الأفراح في ‏تلك الأيام.....كانت تضحك هي وإيمان وحاولت نيفين التظاهر بالفرح ‏والاندماج معهن، وكلما رأت والدها عبث وجهها عنوة عنها وهي تتذكر ‏صفعته التي أصابت قلبها قبل وجهها، فكان يحزن هو الآخر لأنه يعلم سبب ‏ذلك ,حتي انتهت تلك الليلة وصعد كل منهم لغرفته ليستريح، غيرت ثيابها ‏وجلست علي فراشها تلعب في خصلات شعرها وهي تفكر في ياسين، طرق ‏باب غرفتها فقالت: أتفضل .‏

دلف والدها وهو يبتسم، فانتفضت من علي الفراش وهي تقول: بابا! .‏

قال والدها وهو يجلس علي الفراش: أنا عارف أنك زعلانه ..... معاكي حق ‏أنا زودتها شويه ... بس أنا أب يا نور ومن حقي أخاف علي أولادي... ‏وأخاف حتي من فكرة أنهم يسيبوني في يوم .‏

جلست جواره وقالت: بس أنت عذبت أمي يا بابا هي كمان أم ومن حقها ‏ولادها يكونوا جنبها أو علي الأقل يزوروها ويطمنوا عليها .... وأنت حرمتها ‏من الحق ده .‏

ظل صامت لا يعرف كيف يجيبها حتي قال: وتفتكري لو أنا معملتش معاكم ‏كدا من الأول كانت أمكم هتسيبكم تعيشوا معايا .... هي كمان كانت هتعمل ‏نفس إلي أنا عملته عشان تحافظ عليكم وتفضلوا جنبها .‏

قالت نور وهي تقف : مش حقيقي يا بابا ... ماما عمرها ما كانت هتفكر ‏بالطريقة دي وحضرتك عارف كدا ومتأكد كمان .‏

نهض وقال : أنا مش جاي هنا عشان أتناقش في مين عمل ايه ومين كان ‏هيعمل إيه .‏

أخرج هاتف ومفاتيح من جيبه وقال: أنا جاي أصالحك وأخد منك وعد ‏لآخر مره أنك مش هتروحي هناك تاني .... وكمان إياد ميعرفش الحقيقة .‏

‏_: الوعد دا تمنه حريتي يعني .‏

هز رأسه ايحاياً وقالت : وأنا مش عايزه الحرية دي .... إلي هي في الحقيقة ‏مش هتكون غير خنوع لرغبة حضرتك ... يعني سجن من تاني .‏

نظر لها بغضب ثم قال وهو يترك أشيائها علي الفراش : الحاجه قدامك أهي ‏فكري براحتك, تركها ورحل فجلست علي الفراش ونظرت لأغراضها ‏وضحكت ساخرة .‏



في صباح اليوم التالي أستيقظ ياسين فجراً وصلاه حاضر في مسجد قريب ‏من منزله، ثم عاد وظل يستغفر ،ويسبح، ويقرأ قرآن كعادته حتي النداء ‏بالجمعة، طرق باب منزله في الحادية عشر ، كان عاصم الذي أتفق معه علي ‏الذهاب للمسجد في هذا اليوم .‏

ذهبوا سوياً للصلاة وهناك تعرف عاصم علي الشيخ (عبدالرحمن) الذي ‏طلب منهم اصطحابهم لمنزله اليوم لتناول الغداء ، قال ياسين: مش هينفع يا ‏شيخ والله.... مشغولين .... أوعدك إني هاجي البيت بس في يوم تاني .‏

قال الشيخ: ايوه زي ما وعدتني قبل كدا ومجتش .... يلا يا بني أنت ‏وصاحبك أنا مش هسيبكم أنهارده إلا بعد ما نتغدا سوي .‏

انصاعوا لطلبه وذهبوا معه لمنزله، أخبره ياسين عن سببه في عدم الحضور ‏وما حدث معه في الإسكندرية فقال الشيخ: ( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا ‏يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ) صدق الله ‏العظيم .‏

قال عاصم وياسين : صدق الله العظيم .‏

تحدثوا قليلاً حتي تم تجهيز السفرة فقال الشيخ: يلا يا بني أتفضلوا السفرة ‏جاهزة.‏

أبتسم ياسين وعاصم وقالوا: يزيد فضلك يا شيخ، ثم ذهبوا خلفه وهم ‏ينظرون في الأرض حفظاً لحرمة البيت . ‏



كانت نيفين تجلس في غرفتها حزينة ها قد رحلت أمها وتركت المنزل، ذهبت ‏لمنزل خالها، وقامت برفع دعوة خلع علي والدها، رحلت من كانت تمدها ‏بالقوة وتتحمل لأجلها كل هذا العناء، فكرت في الذهاب عند خالها هي ‏الأخرة ولكنها شعرت بالحرج، فأطرت للبقاء مع أبيها، علي الأقل لن تشعر ‏أنها عبء علي أحد في هذا المنزل, طرق والدها الباب، ثم فتحه وقال: ‏أنتي مش هتنزلي شغلك ؟! .‏

هزت رأسها نافيه وقالت: الفلوس علي التسريحة في اوضتك يا بابا .‏

انصرف والدها ففرت دمعه من عينها، ماذا فعلت ليحدث لها ذلك؟! لما لا ‏يكون والدها هو عائل أسرتها وعمود بيتهم وسندهم كأي أب في كل أسرة ‏عاديه ؟! .أستغفرت الله وحمدته علي هذا البلاء ودعته أن يرزقها الصبر ‏عليه, أتاها اتصال هاتفي وجدتها نور فردت قائله: أزيك يا نور؟! .‏

‏_: الحمد لله ..... هنخرج باليل في نفس المكان هستناكي ماشي .‏

قالت نيفين بحزن: لا يا نور معلشي مش هقدر .‏

‏_: هتيجي غصب عنك وإلا هتلاقيني عندك قدام البيت وهجيبك بالعافية .‏

ضحكت نيفين وقالت: حاضر .‏

‏(الصبر أمر شاق وصعب لذا هو باب من أبواب الجنة، نجاهد لنبقي ‏صامدين وصابرين، راضين بقضاء الله، ولكن يأتي علينا وقت تصعب علينا ‏به أنفسنا، فنجدنا نبكي دون أن ندري.)‏

‏"ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعـا ‏

وعند الله منهـــا المخـــرج ‏

ضاقت فلما استحكمت حلقاتهـا ‏

فرجت وكنت أظنهـا لا تفــرج" ( الشافي )‏



دلفت لمنزلها منهكه القوي وتشعر بألم شديد في رأسها أخرجت هاتفها ‏بصعوبة واتصلت بنادر، رد عليها فقالت بوهن وصعوبة: نادر ..... هات ‏الدكتور .... وتعال بسرعه, أتي إليها سريعاً ومعه الطبيبة وجدها مغشي عليها ‏علي الأرض، يفصل بينها وبين الباب خطي قليله، حملها ووضعها علي ‏الفراش، ثم قامت الطبيبة بالكشف عليها قالت وهي تنظر له: متقلقش شوية ‏هبوط أدتها حقنه وهتفوق .... بس لازم ترتاح ومتعملش مجهود كتير ‏

شكرها نادر وانصرفت، عاد لها وظل جالس بجوارها قالت بضعف بعد ‏صوت أمتد لدقائق :فين خديجه وعمر .‏

قال نادر وهو يبتسم: متقلقيش في أوضهم بيلعبوا .... أنتي إيه الي خرجك ‏النهارده .‏

قالت نشوي: مفيش كنت عايزه طلبات للبيت وملقتكش فرحت أنا .‏

نادر: معلشي يا حبيبتي كان في ملف مهم معايا والمدير طلبه أنهارده اطريت ‏أروح له البيت .... ممكن تسكتي بقا وترتاحي عشان تخفي .‏

تركها وخرج من الغرفة، ثم عاد وهو يحمل صينة صغيره عليها طعام، قال ‏وهو يضحك: دلوقتي تاكلي الأكل الي عملتهولك وتبقي زي الفل .‏

ابتسمت وقالت: ربنا يستر ومنمش في الترب أنهارده .‏

تبدلت ملامحه وقال ناهر: قولت لك كذا مره متجبيش سيرت الموت .... ‏بعد الشر عنك .... أنا مقدرش أعيش من غيرك يا نشوي .‏

ابتسمت خجلاً، ثم قالت : ولا أنا أقدر أعيش من غيرك .‏

جلس بجوارها وبدأ يطعمها بمهل وهي تكاد تموت فرحاً، حمدت الله في ‏داخلها علي هذا الزوج الطيب الحنون .‏



في منزل أميرة قالت عصمت وهي تهرول خلف شريف الذي دخل غرفته: ‏شريف .‏

أستدار لها قائلاً: أيوه يا خالتو في حاجه؟! .‏

أمسكته من زراعه وقالت : تعال عايزه أتكلم معاك لوحدنا بقالي فتره ومش ‏عارفه اتلم عليك, جلست علي طرف الفراش وجلس بجوارها فقالت وهي ‏تبتسم :أنت بتحب نور ؟! .‏

قال شريف بتعجب: إيه السؤال العجيب ده ؟! .‏

تابعت بمكر: أصلي مش شيفاك يعني بتتصرف علي أساس أنك بتحبها .... ‏يعني لا بتحاول تقرب منها ولا حتي تخليها تحبك .‏

قال شريف بسخريه: يعني حضرتك عيزاني أروح أضربها علي أيدها وأقولها ‏حبيني وإلا هزنبك علي الحيطة .‏

ضحكت خالته وقالت : يخيبك يا شريف ..... لا يا حبيبي بس علي الأقل ‏تحاول تلفت انتباها .... تتكلم معاها وتشوفها بره ... كدا يعني .‏

قال شريف بنبرة بارده: معنديش وقت للتفاهات دي .... وبعدين هي لو ‏حاسة بيا أو علي الأقل في فرصه أن الجواز ده يتم ..... كانت أدتني فرصه ‏وأتخطبنا .... بس واضح أن الموضوع مش في دماغها .... وبصراحة بقا ‏معدش في دماغي أنا كمان ولا يفرق معايا . ‏

نهضت عصمت من علي الفراش غاضبه كأنه صعقها بالكهرباء للتو، وقالت ‏بحده: يعني أنت عايز تضيع حقنا .‏

وقف شريف وقال بحده هو الأخر: حقنا!!! .... حقنا في إيه يا خالتو ... ‏أنا وأنتِ عارفين كويس أوي أننا ملناش حقوق عند أبو نور .... وياريت ‏بلاش نتكلم في الماضي .... وكمان متحطنيش ضمن مخططاتك العالمية أنتي ‏وأمي .... وعشان ترتاحو أنا هخطب قريب .‏

تركته عصمت وهي تغلي وجدت أختها بالخارج، فأخذت حقيبتها وقالت: ‏أبنك أتجنن خالص.‏

وقفت أميره وقالت: طب فهميني بس إيه الي حصل ؟! .‏

قالت وهي تكمل طريقها نحو الباب: هبقي أكلمك يا أميره .‏

بينما شريف غير ثيابه لينام قليلاً ، رمي بكلامها عرض الحائط، هو بالفعل ‏يحب نور وبالطبع لن يخطب سواها حتي يتأكد أنها أصبحت لغيره وقتها فقط ‏قد يتزوج بأخري، لكن خالته ما كانت لتتركه لو أخبرها غير ذلك، أبتسم ‏وهو يتذكر ملامحها الغاضبة، ثم راح في ثبات عميق .‏



خرجت من المصعد وهي غاضبه من كلام شريف، صعدت السيارة وقادتها ‏عائدة للبيت، حين وصلت وجدت نور وإياد يودعون عصام وزوجته، ‏قالت: إيه يا حبيبي خلاص مسافرين ؟! .‏

أبتسم عصام وقال: أيوه أسبوع كدا ونرجع .‏

ابتسمت قائله: تيجوا بالسلامة ان شاء الله .‏

احتضنت نور سارة للمرة الأخيرة وقالت لأخيها: خلي بالك منها .‏

قال مداعب: دا بدل ما تقولي لها خلي بالك من أخويا .... ولا هو من ‏لقي أحبابه بقا .‏

ضحكت وقالت :خلوا بالكم من بعض يا سيدي ولا تزعل .‏

‏_: ماشي ماشي هعديها عشان مبسوط بس .‏

خرج هو وسارة بعدما حمل كامل الحقائب ووضعها في السيارة، واصطحابهما ‏للمطار . صعد إياد لغرفته وكادت نور تصعد لغرفتها فقالت عصمت : إلا ‏قوليلي يا نور هي ماما عامله إيه .‏

ابتسمت نور وقالت لتغيظها: ماما كويسه أوي أوي الحمد لله .... لما أروح ‏لها المرة الجايه هسلم لك عليها.... أو أقولك أبقي تعالي سلمي عليها بنفسك ‏‏..... عن أزنك بقا لحسن وحشتني هطلع أكلمها في التليفون .‏

صعدت نور وتركتها تشيط بالأسفل، ضحكت قائله وهي تتذكر ما فعلت: ‏أن ما وريتك يا بومه أنتي مبقاش أنا نور .‏



في السيارة ظل عصام صامت يفكر بأمه التي أشتاق لرؤيتها، لو كانت معه ‏بالأمس لصارت فرحته أكبر بالتأكيد، حين راء سارة في حضن أمها تودعها ‏وداع حار، تحرك شيء بداخله، شيء يريد هذا الشعور بالدفء في حضن ‏أمه التي تبكي من كثرة فرحتها، كاد يبكي من كثرة شوقه لأمه وغيرته من ‏هذا الحضن الدافئ الذي تمناه يوماً .‏

قالت سارة وهي تنظر له: مالك يا حبيبي ؟! .‏

هز رأسه مطمئنا وقال: مفيش حاجه .‏

ابتسمت سارة وقالت: لا في بس مش هتغط عليك .... هسيبك تتكلم لما ‏تحب تفضفض لوحدك .‏

أبتسم وفي عينيه شكر لاحترامها حقه في الاحتفاظ بمشاعره وألمه .‏



في المساء في المعرض اقتربت الساعة من الثامنة قال مصطفي لشاب من ‏العمال: كملوا أنتو وابقي أقفل المعرض .‏

أومأ الشاب برأسهم وخرج الثلاثة قال مصطفي: أنتو هتروحوا تعملوا إيه ‏؟! ‏

ضحك ياسين وقال : بفكر أنام .‏

عاصم: وأنا معرفش .... بقولكوا إيه ما تيجوا نقضي اليوم سوي ونروح ‏نتعشاء .‏

أبتسم مصطفي وقال وهو يرفع كلتا يديه : أنا عن نفسي موافق .‏

قال ياسين بضيق :مليش مزاج يا شباب .‏

قال مصطفي : بقولك إيه يا عم النكد أنت ... إحنا خلاص قررنا ومفيش ‏كلام بعد كلامي .‏

ضحك ياسين وقال: أمري لله .‏

ذهبوا لمكانهم المعتاد، وجلسوا في الطرف الأيسر علي طاولتهم المعتادة، ‏وجدوا الثلاث فتيات هناك يجلسن أيضاً في مكانهم المعتاد بالطرف الأيمن، ‏ظلوا يتبادلون الأنظار قليلاً حتي نهض عاصم وأخذ خطيبته إيمان التي ‏استأذنت الفتيات وجلسوا بمفردهم .‏

قال مصطفي: يا ابن المحظوظة يا عاصم ..... عن أزنك كدا .‏

لم يرد عليه ياسين، كان ينظر لها بين الحين والآخر وهي كذلك ,ذهب ‏مصطفي وطلب من نيفين الجلوس معها فرفضت، ضحك ياسين وكذلك نور ‏وعاصم وخطيبته الذين كانوا منشغلين بالحديث، أبتعد مصطفي وجلس علي ‏طاوله بمفرده، بعد قليل شعرت بمدي الاحراج الذي وضعته فيه فذهبت ‏إليه لتعتذر , ولكنها أيضاً لم تجلس معه.‏

بينما ظل كل من نور وياسين يتبادلون الأنظار بين الحين والآخر وكل منهم ‏في مكانه يخجل من الذهاب للثاني أو الحديث معه، لم يكن خجل ياسين ‏وحده السبب بل ما تربي عليه من أصول دينه والأعراف كانوا حاجز ‏أمامه، لكنه يشعر أنه وجد ما كان يبحث عنه أخيراً، وأن نور هي عوض ‏الله له في الدنيا .‏

تكررت اللقاءات والصدف بينهم ومع كل يوم كان ياسر يطمئن ونور تأخذ ‏حريتها لتعود الأمور شيء فشيء دون أن تطر للخضوع لتلك المقايضة التي ‏وضعها أبيها، وفي النهاية هو من أزال القواعد كما وضعها .‏

لكن في كل لقاء لهم, كان يحدث الشيء ذاته يبقي كل منهم في مكانه لا ‏يفعلون شيء سوء النظر علي فترات، لكن تلك اللقاءات كانت تطيب ‏جراحهم وندوب قلوبهم، وتشفي عليل قلوبهم .‏

استمروا علي تلك الحالة حتي أتي هذا اليوم وتخطيء هو ذلك الفاصل بينهم ‏وقال دون أن يجلس: ممكن تأخذي لي معاد من والدك يا أنسه نور ؟! .لم ‏تصدق كلماته تلك، أخيراً طلب الزواج منها؟! .‏

يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية اوتار حاده) اضغط على أسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent