رواية اوتار حاده كاملة بقلم مروه اليماني عبر مدونة دليل الروايات
رواية اوتار حاده الفصل الثالث عشر 13
عادت لمنزلها وهي تكاد تطير من كثرة الفرح, كأنها تطير في السماء كما لو أنها أحد النجوم, ألقت نفسها علي فراشها, لتغفوا, حتي الصباح لتخبر والدها بطلب ياسين, كانت تعلم أنه لن يمانع ارتباطه به ... طالما أنه شاب مكافح ولديه ماله الخاص .... لم يأتي طمع في ثروتها, ولن يرفض أيضاً لأنها فرصة تنشغل به عن أمها ولو لقليل! . فرصة أتته علي طبق من ذهب, دون أن يسعي لها .
بدأت سر الحياة في التبختر علي عرش السماء... تعلن عن نفسها بكبرياء وتباهي وهي تظهر شيء فشيء, لتشع بنور الحياة من جديد بعد انتصارها علي الظلام . استيقظت نور.... هرولت للأسفل في عجله من أمرها وجدتهم علي السفرة عدا أبيها, سألت زوجته والتي بدورها أخبرتها أنه لم يأتي منذ البارحة وأتصل بها ليخبرها أن لديهم عمليات كثيرة اليوم ولن يتمكن من العودة للبيت.... صعدت لغرفتها وقررت أن تنتظره في النهاية ليس لديها شيء تفعله بعد انتهاء العام الدراسي, سوي البقاء في المنزل, أو الخروج مع صديقاتها, أو الذهاب لأمها .
في المعرض جلس ياسين مع أصدقائه لتناول الفطور, لم ينم منذ الأمس, كان يفكر في نور ورد والدها الذي يتنظره بفارغ الصبر, أخبرهم بما فعله بالأمس بعد تطفلهم عليه وسؤالهم لما ذهب لها, قال له مصطفي : هتتجوز واحدة لا تعرفها ولا تعرفك .
تعجب كثيراً من سؤاله وقال: أمال الخطوبة دي عملوها ليه ؟! .
قال عاصم وهو يضحك: يا عم سيبك من مصطفي.... المهم أنك خدت القرار أخيراً .
رن هاتفه وجدها نشوي, فرد قائلاً: السلام عليكم .
_: عليكم السلام .... أنت فين؟! .
_: في المعرض .
_: أنا والأولاد في المطار تعالَ خدنا .
_: حمد لله علي السلامة .... مسافة السكة وأكون عندكم .
أغلق هاتفه وأستأذن منهم, ثم أخذ مفاتيح سيارة مصطفي ورحل .
أخذهم من المطار, وذهب للمنزل, حين وصل حمل حقائبهم, ثم وضع حقائب الأولاد في غرفة نشوي عندما كانت صغيره, بينما حقيبة نشوي في غرفته, فهو ينم في غرفة أبويه .
جلس مع خديجه وعمر علي الأريكة ليداعبهم, ظل يلعب معهم قليلاً ويدغدغهم وهم يضحكون, قالت خديجه وهي تضحك وتقفز علي ظهره: شيلني شويه صغنين عشان أحبك .
ضحك وقال: طب ممكن أروح شغلي ولما أرجع نلعب .... راء علامات الضجر والحزن علي وجهها بطريقتها الطفولية التي أضحكت قلبه, فقال: هجيب لك شكولا وأنا راجع .
انفرجت أساريرها وقالت: لو كدا يبقي أوكي .
قال عمر: هاجي معاك ياسين .
أتت أمه وقالت: لا يا عمر ... يلا أدخلوا ناموا شويه علي ما أجهز الغداء .
دخل الأطفال بضجر الي غرفتهم, بينما قالت نشوي لياسين: أحكي لي بقه يا سيدي إيه حكاية نور دي .
أبتسم ياسين وقال: لا دا موضوع يطول شرحه.... أروح الشغل ولما أجي هحكيلك.... ثم قبل جبهتها ورحل .
في مكتب شيرين أتي لقي وطلب الحديث معها قليلاً, خرجت خلفه وتوجهوا لمكتبه, جلس فجلست هي الأخرى, ظل صامت لثواني, ثم قال: كلمت ماما عشان نحدد معاد الفرح .....واتفقنا علي يوم الأتنين .
تحولت معالمها وحاولت رسم ابتسامة علي وجهها, رغم موافقتها علي تلك الزيجة إلا أنها لا تريد الزواج بتلك السرعة, قالت: وماما قالت لك إيه؟! .
_: مامتك موافقه وأنا كمان معنديش مانع .... المهم رأيك أنتي .
صمتت قليلاً, ثم قالت: أيوه بس مش كدا بدري أوي .
نهض لقي وجلس علي المقعد المقابل لها, ثم قال: حبيبتي إحنا جاهزين ومش ناقصنا حاجه ... البيت وجهز وأتفرش .... وإحنا وعرفين بعض كويس وبنحب بعض صح, أومأت برأسها إيجاباً, فتابع كلامه قائلاً: طب يبقي ليه نستنا ؟! ما خير البر عاجل.
ابتسمت وقالت: تمام .... هروح أ كمل شغلي .
تركته وخرجت وهي حزينة, تحاول أن تخرج ياسين من عقلها, لكن كلما حاولت اشتاقت له أ كثر, وحاولت أيضاً حب لقي, الذي يفعل كل ما بوسعة ليجعلها سعيدة, صارت تكره نفسها لأنها تشعر أنها تخون لقي بتفكيرها بياسين الذي لم يفعل أي شيء يجعلها تحبه, تسلل حبه خلسة لقلبها دون أن تدري, وتشعر بكرهها لذاتها أيضا لأنها تشعر أنها تخون نفسها بظلمها لها.
أن تنزع أحدهم من قلبك أمر عسير لأننا لا نملك قلوبنا, فقط نخدع أنفسنا حين نخبرها أننا نتحكم في زمام الأمور ونملك هذا الشيء الذي يقع أيسر قفصنا الصدري, فلن نحب أحدهم مدمنا لا نريد أو سننسى أحدهم لأننا نريد.
كانت تقف كعادتها كل يوم, تعطي للأشخاص الدواء, حتي دلف ووقف أمامها, فانتهت من الأشخاص الواقفين حتي فرغت الصيدلية, نظرت له بغضب وقالت: جاي هنا ليه؟! .
قال مصطفي: مفيش عندكم مسكنات للقلب .
ابتسمت ابتسامة خفيفة حاولت إخفاءها, ورسمت الجمود علي ملامحها وقالت: أنت مبتزهقش؟ .
حرك رأسه نافياً وقال: لا ومش هزهق يا نيفين .... نفسي بس تديني فرصه ... مش عارف ليه كل مره تتهربي مني حتي المرة الوحيدة إلي اتكلمتي معايا فيها ... مقولتيش غير أسفه .... وبعدها مشفتكيش ولا مره مع البنات كأنك مش عايزه تشوفيني .
_: أنا فعلاً مش عايزه أشوفك ... وياريت تخلي عندك دم ومتورنيش وشك تاني ولا تتصل عليَّ .
_: ليه ... أنا ضايقتك ... أنتي فاكره أني بتسلي بيكي ... لو عيزاني أثبت لك أنك بجد فرقه معايا أنا مستعد أجي لوالدك وأطلبك منه .
أغمضت عينيها لثواني, لتحبس تلك الدموع الغادرة, ثم قالت: أعتبر نفسك أتقدمت واترفضت .
خرج مصطفي غاضب, وهو يتسأل, لماذا ترفضه بهذا الشكل, أيكون في حياتها أحد غيره؟! , أم لا وترفضه لذاته ؟, لكن كيف وهي لا تعرفه حتي تحكم عليه ؟! .
كان عصام يجلس في مكتبه, ويمسك في يده أحد الملفات, التي لم تكن تشغل ذهنه, كان ما يشغله هو أمه... أمه فقط, أغلق الملف ثم خرج, ظل يقود سيارته وهو يعصر ذهنه ليتذكر عنوان منزل جده بالتحديد فالمرات القليلة التي ذهب إليه فيها منذ طفولته غير كافية لنقش العنوان في ذاكرته الصغيرة وقت ذاك, ظل يتجول في الشوارع حتي تذكر رقم العمارة فأسرع إلي هناك, صعد للأعلى, ثم طرق الباب وأنتظر قليلاً حتي فُتح له الباب, كان يتوقع أن تفتح له أمه ولكن من فتح له كان أخر شخص يتوقع مجيئه إلي هنا يوم ما .
قال متعجباً : إياد! ... أنت عرفت .
أوم برأسه وصمت قليلاً ثم قال : أتفضل يا عصام .
نهضت هي حين سمعت أسم صغيرها الذي اشتاقت له ومهما كَبُرَ سنه سيظل صغير في عينيها . هرولت نحوه واحتضنته وهي تقول: كنت واثقه أنك هتيجي وأن ربنا
هيستجيب لي .
قال عصام بصوت متحشرج أثر البكاء: وحشتيني أوي ... وحشتيني أوي يا أمي ووحشني حضنك .
هداءَ كلاهما وكف عن البكاء , ظلت تتأمل أبنيها عصام الساكن بين ضلوعها الأن وإياد الذي يطالعهم بصمت وهو يبتسم والدموع حبيسة عينيه, وقلبها يردد بحمد الله, أعتدل عصام وأخرج هاتفه وفتح الصور الخاصة بعُرسة ليشارك أمه تلك الفرحة, وظل يخبرها عن زوجته وكم يحبها فدعت لهم بالبركة والسعادة, ظلوا يتطرقون من موضوع لأخر هو يخبرها عن حياته وهي تخبرهم عن سعادتها بوجودهم وحزنها في غيابهم وإياد يشاركهم الحديث والفرح والضحك يحيطهم .
في المساء كانت نور تنتظر في غرفتها عودة أبيها, هرولت للأسفل حين سمعت صوت والدها, ألتقت به علي الدرج فقالت وهي تلتقطت أنفاسها: بابا كنت عايزه أتكلم مع حضرتك شوية .
_: خير يا نور ؟ .
_: أن شاء الله خير, ثم تابعت كلامها وهي تنظر للأسفل حيث عصمت : بس
أحسن لو نتكلم لوحدنا .
قال والدها وهو يبتسم ويقبل جبينها : حاضر أستنيني في المكتب هجيب حاجه وأنزلك, صعد لغرفته وتبعته عصمت بدورها لتعد له حقيبته كما طلب .
جلست في المكتب تنتظر والدها, الذي أتي بعد دقائق, نهضت فقال والدها : ها يا نور في أيه ؟! .
_: في شاب عايز يقابل حضرتك ...هو إنسان محترم وطموح عنده معرض وبيبني نفسه يعني .
صمت والدها قليلاً, ثم قال: تعرفيه منين؟! .
_: مفيش أتقابلنا كام مره صدفه وخلاص .
_: أتقابلتوا صدفه وعايزه ترتبطي بيه أيه الزمن العجيب ده, مش لازم يا بنتي تعرفوا بعض كويس .
_: ما هو لو حصل نصيب يا بابا هنعرف بعض في الخطوبة .
قال والدها وهو يبتسم: عموماً أنا مستعجل دلوقتي, ولما أرجع من السفر هنكمل كلامنا وأبقي أديله معاد عشان أتعرف عليه .
قالت بتعجب: هو حضرتك مسافر! .
_:أيوه عندي مؤتمر, مش هغيب يومين وهرجع .تركها والدها بعدما أحتضنها وودعها, فابتسمت وصعدت لغرفتها .
فتح ياسين باب المنزل ودلف للداخل بعدما أوصده, كانت نشوي والأولاد يشاهدون التلفاز, أسرع عمر تجاهه ففعلت خديجه كما فعل, ضمهم ياسين وأخرج من جيبه شكولا قالت خديجه: شكولاتة الله .
_: فين بوست ياسين الأول .
قبلت وجهه وأخذت الشوكولا, وكذللك فعل عمر ليأخذ الحلوى خاصته . قالت نشوي: يلا يا حبايبي علي أوضتكم ألعبوا علي ما أحضر العشاء .
قالوا في وقت واحد: حاضر .
جلس ياسين علي الأريكة, جلست نشوي وأغلقت التلفاز, ثم قالت: ها قولي بقا إيه الي حصل .
أخبرها كل شيء حدث فقالت نشوي: قولتلها ؟ .
أوما برأسه نافياً فقالت نشوي بغضب : أزاي يا ياسين أنت أتجننت .
_: هقولها يا نشوي بس مش دلوقتي .
قالت بنفس اللهجة: أُمال أمته لما تتجوزها .
_: نشوي ... أنتي ليه مش فهمه... أنا مصدقت لقيت نور وخايف تضيع مني لما تعرف حاجه زي دي ... خايف متصدقنيش .
_: عشان كدا لازم تقولها ... لأن هيجي وقت وتعرف ويمكن وقتها متسامحش يا ياسين .
قال ياسين : خليها لوقتها وزي ما تيجي بقي .
قالت نشوي بغضب: أنت حر يا ياسين بس وقتها مترجعش تندم وتقول يارتني .
قال ياسين وهو ينهض : يووووووه, فقالت نشوي: رايح فين ؟ .
لم يجيبها ياسين وخرج من المنزل هائماً .
ذهب لمكانه المفضل في مصر, توقف بدراجته أمام النيل ونزل منها كان إياد بانتظاره, قال إياد: أنا قولت أنت مش هتيجي النهارده وأكيد هتفضل مع أختك .
ظل صامت وجلس بجوار إياد, الذي قال: النهارده كان يوم جميل جداً .. مش هتتخيل قد أيه كنا مبسوطين أنا وماما وعصام ... هتصدقني لو قلتلك أني لحد الأن مش مصدق إلي حصل ...نظر له وقال: مالك يا ياسين شكلك متاضيق ؟ .
_: مفيش .
قال إياد : أنا عارف ... أنت قلقان بابا يرفض يقابلك, نظر له ياسين متعجباً, فقال إياد: نور قالتلي من نص ساعه تقريباً ... وكمان قالت أن بابا وافق يقابلك بس هو سافر يومين وأول ما يرجع هيشوفك .
حاول رسم الابتسامة أمام إياد, رغم أن هذا الخبر طمئن قلبه إلا أنه لم يأتي في وقته المناسب, لو كان إياد أخبره بهذا الخبر قبل ساعة فقط من الأن لهلل ورقص, لكن حديثه مع نشوي جعله يفيق من أحلامه علي كابوس مرعب .
في مساء اليوم التالي ذهب ياسين ليجلس في مكانه المعتاد أمام النيل بعد أنتهي عمله, لكنه لم يجد إياد بانتظاره كالأيام المنصرمة, فجلس بمفرده ينظر للمياه ويفكر في نور وما هو مقدم عليه, فهو علي وشك الاعتراف بطرف الخيط لها لتفك هي باقي البكرة وتعرف عنه كل شيء .
جلس أحدهم بجواره علي المقعد, نظر جواره في صمت وتعجب, بينما قالت هي وهي تبتسم: إياد إلي قالي أنك بتقعد هنا في الوقت ده .
ظل صامت فتابعت قائله: كنت عايزه أقولك أن بابا قالي
قاطعها قائلاً : إياد قالي .
أومت برأسها, ثم قالت: كويس .... صمت لثواني ثم تابعت قائله: طب أنت وراك حاجه مهمه النهارده ... أصل في حد عايز يشوفك ويتعرف عليك .
رفع حاجبيه متعجباً, فتابعت: ماما...
أبتسم ياسين وقال: ماشي .
نهضوا فقالت: هنروح بعربيتي وبعدين هبقي أرجعك هنا, أوما برأسه, ثم صعدا السيارة.
في منزل زينب جلس ياسين, بينما دلفت نور لتعد لهم مشروب, قالت: وأنت بقي بتشتغل إيه؟ .
_: مشارك صحابي في معرض .... من فتره وقبل كدا كنت عايش في الإسكندرية وكنت فاتح معرض برضوا .
_: كويس ....
بعد فترة أتت نور وشاركتهم الحديث, ظلت والدتها تسأله بعض الأسئلة لتتعرف عليه, ثم جلسوا فترة قصيره وطلب ياسين الرحيل, فقالت نور: تمام ياسين... ممكن لو سمحت تستنا في العربية ثواني واحصلك .
نزل ياسين, فقالت زينب: شكله محترم وابن ناس.... بس عندي أحساس إني شفته قبل كدا .
_: هو فعلاً من الشخصيات إلي تحسي أنك عارفاهم من زمان ... أنا هنزل بقي يا أمي عشان متاخرش, احتضنت أمها وودعتها, ثم نزلت للأسفل .
في اليوم التالي, كان عُرس عاصم وإيمان, فذهبت نور مع أخيها إياد, وعصام الذي أتي مع زوجته سارة, وياسين وأخته وأبناءها أيضاً, ألتقت نور بشرين وتعرفت عليها ظلا يضحكن كثيراً ويتسامرون, بينما هو يقف مع صديقه مصطفي وينظر لهم من بعيد وهو مبتسم .
أما شريف فكان ينظر لنيفين التي كلما رأته أزاحت وجهها بعيداً عنه, أقترب إياد وعصام وتعرفوا علي ياسين وتحدث عصام معه قليلاً, ثم عاد ليجلس بجوار زوجته وظل إياد يتحدث مع ياسين ومصطفي, حتي أنتهي العُرس وعاد كل منهم لمنزله .
في الصباح علي مائدة الإفطار كان ياسر يجلس هو وعصمت, حين نزلت نور والبقيه, قالت نور وهي تحتضن أبيها وترحب به: بابا رجعت أمته؟! .
قال ياسر وهي يبتسم: النهارده الفجر .... طبعاً أنتو كنتوا نايمين.... فقلت أرتاح حبه قبل الفطار والشغل .
قال عصام وإياد : حمد لله علي السلامة يا بابا .
_: الله يسلمكم يا ولاد .
نظر لنور وقال: خدي معاد مع الشاب إلي كلمتيني عنه... الساعة ثمانية .
ابتسمت نور وأومأت برأيها إيجاباً, وفرح الجميع بينما قالت عصمت: ما تفرحونا معاكم شاب مين ده؟ ومعاد إيه؟! .
قال ياسر وهو ينظر لها: دا عريس جاي لنور .
رأت نور علامات وجهها المرتبك والحزن الذي خيم عليها, فازدادت فرحتها, قالت لتُكيدها: مش هتقوليلي مبروك ولا إيه؟ .
قالت عصمت التي حاولت رسم الابتسامة والفرح علي وجهها: لا طبعاً ... دا أنتي بنتي يا نور وفرحتك من فرحتي.... ألف مبروك يا حبيبتي .
قالت في نفسها: بنتك ... قال بنتك قال, ثم قالت لعصمت: الله يبارك فيكي .
أستيقظ ياسين علي صوت هاتفه المزعج, وجده إياد, قال إياد: صحي النوم يا عم وفوقلي كدا ... جايب لك خبر بمليون جنيه .
ضحك ياسين وقال: طب قول يا فالح .
_: جهز نفسك كدا .... ومستنينك في البيت علي الساعة ثمانية .
_:تمام .
نهض من فراشه ودلف للمرحاض, غسل وجهه بالماء, ثم خرج متوجه لعمله .
_: يالهووي يا عصمت لو أبوها وأفق .... دي تبقي مصيبه وحلت علينا يا عصمت .
قالتها أميرة وهي تندب حظها, بعدما أخبرتها عصمت بما حدث علي السفرة في الصباح .
_: مش هيوافق يا أميرة ... وحتي لو وافق مش ههداء ولا يرتاح لي بال إلا وهما سايبين بعض .
دلف شريف المنزل فقالت والدته: نور هتتخطب .
أبتسم شريف وقال: ربنا يسعدها ويتمم لها علي خير.
قالت عصمت بغضب: يا برودك يا أخي ... أنت السبب في ده كله لو كنت عملت زي ما قولتلك مكنش ده حصل وكان زمانها مراتك دلوقتي .
قالت أميرة: مش عارفه يا عصمت جايب البرود ده منين ... أُمال لو مكنتش بتحبها يا بني .
نهض شريف وقال غاضباً: يعني عايزني أعملها إيه ... أسحر لها ولا أبوس رجلها وأقولها والنبي حبيني وتعالي نتجوز ونعيش في تبات ونبات.. هه عايزني أعمل إيه... أروح أقتل إلي هيخطبها عشان أثبت أني بحبها ومتتجوزش غيري , تركهم وذهب غاضب لغرفته, فنظرتا لبعضهم بصمت .
في المساء أرتدي ياسين ملابسه ووضع من عطره المميز, وخرج هو وأخته تاركين الأولاد عند شيرين, التي كانت تزور أمها وفرحت بهم كثيراً .
توقفت سيارة الأجرة أمام فيلا تحمل يافطة مكتوب عليها (فيلا عصام وإياد) نزل كلاهما ودلفا للداخل جلسا في الصالون في انتظار والد نور الذي تعمد التأخر عليهم, بينما إياد كان يجلس معهم .
نزل ياسر ووقف أمام ياسين وهو ينظر له بغضب وتعجب, قال: أنت ... أنت إيه إلي جابك هنا؟! .
قال إياد: في إيه يا بابا .
نظر ياسين ونشوي لإياد, وقالا: بابا! .
قال بنفس لهجته الغاضبة: أعمل نفسك مش عارف بقي ... كل يواد بعقلي حلاوة وأنك مش عارف أن نور تبقي بنتي .
نزلت نور علي صوت والدها المرتفع, ووقف الجميع يشاهدون ما يحدث بصمت.
قال ياسين: أنا مش مطر أعمل نفسي معرفش ... ولو افترضنا إني أعرف وبنتقم منك يبقي أخر حاجه أفكر اعملها أني أكون هنا بس بعد ما بنتك تبقي مراتي فعلاً عشان أقهرك يا ياسر بيه .
قال ياسر بغضب: أطلع برا .... بقولك أطلع براا .
خرج ياسين بعدما نظر لنور بحسرة وخيبة, بينما قالت نور لوالدها: في إيه يا بابا إيه إلي حصل؟! .
_: مش عايز كلمه من حد .. والأنسان ده لو أخر واحد في العالم مش هتتجوزيه؟
قالت نور متعجبة : ليه؟ .
_: عايزه تتجوزي واحد رد سجون ومجرم .
صُعقت من كلماته, التي قالها وصعد لغرفته دون سماع أحد, فهرولت لغرفتها هي الأخرى وأوصدت الباب خلفها وظلت تبكي, قالت لنفسها: معقول .... معقول يكون ياسين إرهابي!!!!!!!!!
يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية اوتار حاده) اضغط على أسم الرواية