رواية سليمة كاملة بقلم ميمي عوالي
رواية سليمة الفصل السابع و العشرون و الأخير 27
ناهد اتفرجت على البيت عند عبد الهادى و هى طايرة من الفرح ، كانت حاسة انها لسة بنت عشرين سنة و خارجة مع عريسها تنقى و تختار ، و رغم خجلها اللى كان بيبان عليها كل ما عينها تيجى فى عين عبد الهادى ، الا ان الضحكة اللى كانت بتترسم على شفايفها كانت كاشفة فرحتها و سعادتها لكل اللى حواليهم
سلوان و نبيلة كانوا بيقترحوا عليها الحاجات اللى ممكن تتعدل او تتغير ، و كانت بتسمعهم من سكات من غير ما توافق او ترفض لكن فى الاخر لما عبد الهادى سألها و قال لها و هو ماسك ورقة و قلم و مستعد يكتب كل اللى هتقول عليه : ها يا ست البنات قولي لى عاوزة تغيرى ايه
ناهد بصت له بابتسامة و قالت : الحقيقة انا مش عاوزة اغير حاجة خالص
سلوان باستغراب : الله ، مش انا و اختك عمالين نقترح عليكى من الصبح ، مافيش ولا حاجة من اللى قلناها عجبتك
ناهد : كلامكم حلو يا سلوان و الله ، بس انا البيت عاجبنى زى ما هو كده ، ما انتو عارفين انى طول عمرى بحب البساطة
رامى : خلاص يا حبيبتى براحتك ، ده بيتك و انتى اللى هتعيشى فيه
عبد الهادى : طب تحبى ننزل امتى نختار الفرش و الموبيليا
ناهد بخجل : ابقى اتفق مع بابا على معاد يناسبك و انا ما عنديش مانع
رامى ضم ناهد و باس راسها و قال : ربنا يكملك بعقلك يا حبيبتى ، و الله يا هادى ناهد دى طول عمرها البونبوناية بتاعتنا كلنا ، مبروك عليك
عبد الهادى ابتسم وهو باصص على ناهد و قال : الله يبارك فيك
سليم : طب طالما خلصتوا ياللا بينا عشان نروح نتغدى
عبد الهادى : طب ما تسمح لى انا بالطلعة دى يا سليم
سليم : ابدا و الله ما يحصل ، دى هدية فرحتى بناهد و بيك ، ياللا بينا
……………….
عند رحيم فى البيت .. كانت سليمة بتشرف على تحضير الغدا و سايبة رحيم قاعد وسط الولاد و ابوه
رحيم بص لعبد العزيز لقاه سرحان فى حاجة و مش معاهم خالص فقال : ايه يا بابا ، مالك سرحان كده و مش معانا خالص
عبد العزيز : ابدا يا ابنى ، سرحان فى تدابير ربنا
رحيم : خير ، طب ما تشركنى معاك
عبد العزيز : رفضنا لهادى زمان لما اتقدم لنادية و كنا شايفينه وقتها انه ما يناسبناش ، و ترحيبنا بيه النهاردة لناهد
رحيم : يا بابا هادى و الله انسان كويس اوى ، انت ليه برضة معترض علبه من جواك
عبد العزيز بنفى : تبقى لاول مرة فى عمرك ماتفهمنيش يا رحيم
رحيم : معلش ، طب فهمنى بالراحة تقصد ايه
عبد العزيز : اقصد اننا زمان بتعنتنا معاه خسرنا قرب بنتنا منا فى اخر ايامها ، كان يجرى ايه لو كنا اديناله فرصة ساعتها انه يقرب مننا عشان نفهمه زى ما فهمناه دلوقتى
رحيم بابتسامة : ده قدر ربنا يا حاج عبد العزيز ، هو انا برضة اللى هقول لك الكلام ده
عبد العزيز بتنهيدة : حزين على حسرة قلب اختك لما ماتت فى غربتها بعيد عننا يا رحيم و هى بعيدة عن حضننا و حبنا ليها ، ماتت و هى مقهورة على مقاطعتنا ليها ، اى نعم اللى عرفته ان هادى ربنا يجازيه كل خير كان قايد لها صوابعه شمع ، لكن اكيد قلبها من جوة كان واجعها على مقاطعتنا ليها
رحيم بمواساة : هون على نفسك يا بابا ، كل واحد بياخد نصيبه ، و كلنا الحمد لله راضيين بقدرنا ، و اكيد هى حاسة بينا و راضية و مبسوطة بلمتنا حوالين ولادها و جوزها
عبد العزيز : تفتكر ناهد ممكن تبقى متضايقة من جواها انها هتتجوز جوز اختها
رحيم بتفكير : الحقيقة يا بابا ، انا مافكرتش فى الموضوع من الناحية دى ، لكن اللى انا متأكد منه ان ناهد متعلقة بهادى و بولاده اوى ، و حاسس انها مبسوطة
سِليمة و هى جاية من المطبخ : ناهد بتحب عبد الهادى يا خال و مبسوطة اوى الحمدلله ، ماتشغلش انت بالك ابدا من الناحية دى ، و ياللا عشان الغدا جاهز
فهمى : انا عاوز استنى ماما
سِليمة : ماما لو جت و عرفت انك ما اكلتش معانا هتزعل منك ، تعالى اتغدى معانا ، و لما ماما توصل بالسلامة هى و بابا تبقى تتعشى معاهم ، ياللا يا اولاد
كان ربيع داخل عليهم فى اخر كلام سِليمة فقال : ايه الخيانة دى ، كنتوا هتتغدوا من غيرى
سِليمة : و الله فكرتك هتتاخر فقلت اغديهم عشان خالى ياخد العلاج بتاعه ، بس ياللا الحمدلله انك لحقتنا
على الغدا .. عبد العزيز قال لربيع : مش ملاحظ ان اجازتك طولت يا ربيع ، انت يا ابنى مش ناوى ترجع شغلك بقى
ربيع : انا تقريبا ما باخدش اجازات خالص يا بابا ، و عشان كده رصيد اجازاتى السنة دى كله بخيره ، خلينى قاعد معاكم يومين
رحيم بضحك : الخوف بعد اليومين جسمك يريح يا معلم و ماتبقاش عاوز تنزل تانى ، ده انا عمال ادعى ربنا ان جسمى ما يريحش بسبب القاعدة اللى انا قاعدها دى
ربيع : لو زهقتوا منى انزل الشغل من بكرة
عبد العزيز بتلميح : المهم ان اجازتك تكون بفايدة يا ابنى و تقدر تنظم حياتك مظبوط
ربيع و هو بيبص ناحية ولاده : ما انا كلمت الراجل ، و بعد اذن حضرتك حددت معاه معاد النهاردة بالليل ، هيستنانا على الساعة سبعة ان شاء الله
رحيم : سامحنى يا ربيع ، كان نفسى ابقى معاك
ربيع : كفاية نفسك يا حبيبى ، انا عموما اتفقت مع سليم انه هييجى معانا
رحيم : طب و رامى
ربيع : بلاش رامى فى المشوار ده ، ما انت عارف العلاقات اصلا بينهم من زمان مش اد كده ، فمش عاوز صدام ، انا كل اللى انا عاوزه انى احط النقط على الحروف
عبد العزيز : يعنى انت ناوى انك تستمر على قرارك برضة ، مش ناوى تتراجع عنه
ربيع بسخرية : اللى شفته النهاردة خلانى اصمم على قرارى اكتر من الاول
عبد العزيز : لا حول و لا قوة الا بالله
………..
الساعة سبعة فى بيت ابو ليلى كان وصل عبد العزيز و ربيع و سليم ، و كانوا قاعدين مع عبد المنعم ابو ليلى
عبد المنعم : عاش من شافك يا حاج عبد العزيز ، بقى يوم ما نشوفك ، نشوفك برضة فى الظروف دى ، ما انتش قادر تهدى ابنك و تنصحه انه يحافظ على بيته و ولاده من الخراب
عبد العزيز : يا ترى ليلى قالت لك ايه هو سبب الخلاف يا منعم و اللا لا
عبد المنعم : قالتلى
عبد العزيز : و يا ترى قالت لك ايه
عبد المنعم : سيبك من اللى قالته ، ما البيوت ياما بيحصل فيها يا عبد العزيز ، بس المفروض الراجل يبقى عاقل و مش كل ما مراته تعمل حاجة يحلها بالهروب
ربيع بصدمة : هروب ايه اللى حضرتك بتتكلم عليه يا عمى ، اسمحى لى اقول لحضرتك انك اكيد ما تعرفش حقيقة اللى حصل ، لانك لو عارف الحقيقة و شايف ان انا كده هربت تبقى مصيبة ، بنت حضرتك كانت بتتفق مع طليقة اخويا على خراب بيت اخواتى ، كانت بتتآمر على اخواتى .. انت شايف ان ده طبيعى
عبد المنعم باستغراب : ايه الكلام الفارغ ده
ربيع : مش كلام فارغ ابدا ، اسمع حضرتك
ربيع طلع تليفونه و شغله و سمعه التسجيل بتاع ليلى و سهير و اللى اخده من على تليفون سلوان ، و كانت معالم الصدمة كل ما دا و بتترسم على وش عبد المنعم و فى الاخر ربيع قال له : و يا ريتها جت على كده ، بنت حضرتك هددتنى انها تلفقلى تهمة التآمر على اختى و فلوسها قدام بابا ، لو ماكدبتش على بابا و اخواتى عشان ابرأها بالكدب
بنت حضرتك روحتلها البنك النهاردة عشان احاول اسوى الامور اللى ما بيننا بالتفاهم و الود بس العنجهية ركبتها و الغرور ملى قلبها بالسواد ، طول عمرى مهما كانت غلطاتى الا انها عارفة انى بحب بابا و اخواتى و الغلطة اللى غلطتها فى حق اختى كانت دايما تعمينى عنها و تبعدها عن عينى ، دايما كلامها عن اهلى بيبقى ماليه الغل و الوسوسة ، و انا السكينة سرقتنى معاها و بسببها فترة ، بس الحمد لله ربنا شال الغمامة من على عينى ، بس هى مش عاجبها ده ، و حضرتك تيجى فى الاخر تقول لى هروب
انا كل اللى انا عاوزه ان الولاد ما يتشحوروش و يتشحططوا بيننا ، انا سايبلها الشقة عشان الولاد ما يتأثروش ، و قلت شقتها و شقة ولادها و كل احتياجات ولادى انا ملزم بيها ، و انا عارف مصاريفهم ، و مش هطالبها بالفلوس اللى حوشتها من فلوسى من ورايا ، لانها كانت على ذمتى وقتها ، و نفقتها و مؤخرها بالكامل قدام حضرتك فى الشنطة دى ، و شاور على شنطة حطها على الترابيزة قدام عبد المنعم
عبد المنعم بذهول : انا اول مرة اسمع الكلام ده
سليم : اسمحلى يا عبد المنعم بية ، كان لازم من وقتها تطلب انك تتكلم مع ربيع ، على الاقل تكون سمعت من الطرفين
عبد المنعم : بس برضة ممكن تكون عملت كده مع سهير على اساس بتسايسها على ما تعرف اللى فى دماغها ، مش عشان تتفق معاها
ربيع : للاسف يا عمى مش حقيقى ، و هى بنفسها ما انكرتش و ما اعتقدش انك لو سالتها قدامنا انها ممكن تنكر بعد المواجهة اللى حصلت ما بينى و بينها
عبد العزيز : اسمع يا عبد المنعم ، انت عارف ان من يوم ابنى ما اتجوز بنتك و انا عمرى ما اتدخلت فى حياتهم ، و كنت سايبهم هم الاتنين يعملوا مابدالهم طالما ما بيأذوش حد من اخواته ، لكن اللى حصل اخر مرة ده كان ابعد ما يكون عن خيالى يا عبد المنعم ، ماتوصلش للمؤامرات ابدا ، و خصوصا ان اللى كانوا بيتأمروا عليهم دول سواء بنتى او مراة ابنى عمرهم ما اتعرضوا لها و لا غيرها باى شر ، يبقى ليه ، عشان الفلوس ، ياخى ملعون ابو الفلوس اللى تعمل كده فى الناس ، و رغم ذلك انا برضة مش مبسوط ابدا ان الوضع يوصل لكده ، على الاقل عشان الولاد ، لكن اللى فهمته من ربيع ان ليلى مش ناوية تجيبها لبر ، و عشان كده شيل ده من ده يرتاح ده عن ده ، و عموما احنا ناس بنخاف ربنا ، و عشان كده كل حقوقها احنا جيبنهالها بنفسنا لحد عندك عشان تبقى شاهد عليها انها استلمت حقوقها بالكامل
ربيع : انا لا هطلب امضاء و لا اقرار ، لانى عارف تماما و متأكد ان عمر حضرتك ما هترضى بحاجة غلط ، و الولاد هيرجعوا بيتهم بعد فرح عمتهم ان شاء الله ، لانهم حابين يفضلوا مع ولاد عماتهم و عمهم ، و ادينا فى اجازة ، يعنى لا هيأثر على مدارس و لا غيره و بعد كده انا هرجعهم بنفسى لحد البيت ، و هسيبهم معاها طول الاسبوع و هاخدهم يقضوا معايا الويك اند بتاعهم و لو فى اى وقت ليلى حست انها مش عاوزة تكمل معاهم ، انا موجود و عمرى ما هخلى بيهم
عبد المنعم : و ما اعتقدش ان ليلى هتكل بولادها يا ربيع
ربيع : انا عارف و متأكد من النقطة دى كمان ، انا بس بفترض معاك و بحط الحل لمشكلة احتمال تظهر او ماتظهرش
عبد العزيز قام وقف ، فربيع و سليم كمان وقفوا ، و عبد العزيز فال و هو بيسلم على عبد المنعم : ما كنتش اتمنى ابدا ان ده يحصل فى يوم من الايام ، لكن النصيب غلاب ، و طبعا العلاقة اللى بينا و بين بعض هتفضل زى ما هى ، لو مش عشانا يبقى عشان خاطر احفادنا ، و ربنا يديم المعروف
…………….
بعد كام يوم سامى كان ابتدى يتعافى ، و اتحول على الحبس الاحتياطى ، و عدلى المحامى كان معاه ، فسامى قال له بغضب : هو انت مش خليتنى اتنازل عن المحضر بتاع الزفت هادى على اساس ان رحيم كمان هيتنازل عن المحضر بتاعى
المحامى و هو بيدعى الزعل : للاسف يا سامى بية مانفعش
سامى بعدم فهم هو ايه ده بقى اللى ما نفعش
المحامى : للاسف الموضوع بتاعك النيابة رفضت تتنازل عنه او تقفل القضية و قالت ان القضية فيها شق جنائى ما هواش خناقة و عدت عشان يبقى تنازل و صلح و خلاص
سامى بذهول : يعنى ايه ، يعنى هتحبس
المحامى : انا هبذل كل مجهودى انى اخفف الحكم
سامى بغضب : حكم ايه الله يخرب بيتك ، انا عاوز اخرج اتصرف ، ادفع كفالة و خرجنى من هنا
المحامى : للاسف يا سامى بية ، ماينفعش ، دى جناية و التهمة ثابتة عليك
سامى : هو انت معايا و اللا معاهم انا مش فاهم
المحامى : يا سامى بية اهدى ، حضرتك المفروض تفهم حجم المشكلة اللى انت فيها ، وكيل النيابة اخد اقوال المجنى عليه و الشهود ، حضرتك دلوقتى واخد حبس احتياطى على ذمة القضية و لازم تترحل على الحبس لان فترة علاجك خلصت
……………
عدت الايام و كل واحد شبه رجع لحياته العادية ، حتى رحيم اللى الكرسى كان مساعده انه يتحرك نوعا ما احسن من الاول ، ابتدى ينزل الشغل مع عبد العزيز ، و ربيع قطع اجازته و رجع شغله فى البنك بس طلب انه يتنقل فى فرع تانى بعيد عن الفرع اللى فيه ليلى ، و بالفعل اتوافق على طلبه ، و نبيلة رجعت بنى سويف مع سليم و ولادها على وعد انها ترجع تانى قبل فرح ناهد باسبوع
و سِليمة قررت تدى نفسها اجازة من دار التحفيظ لحد ما حملها يتم التلات شهور و يستقر ، و قررت تستغل فترة قعادها فى البيت فى انها تكمل حفظ الاجزاء اللى باقيالها فى المصحف
اما ناهد فكانت بتنزل الماركيت الصبح و تخلص شغلها و بعدين ترجع بعد كده تنزل تتسوق عشان تكمل حاجاتها اللى ناقصاها ، و عبد الهادى كان بيعمل زيها ، فكان مشغول بفرش البيت اللى ناهد اوكلت له مهمته بالكامل ، و قالت له المكان الوحيد اللى هتوضبه وهتفرشه بنفسها و على ذوقها هو المطبخ
و طول الفترة دى كانوا ولاد ربيع متواجدين فى بيت جدهم و مندمجين مع ولاد عمهم و عمتهم ، و كانت ليلى بتكلمهم فى التليفون من وقت للتانى و هى بتحاول تكسبهم فى صفها و اكتر من مرة حاولت تغريهم انهم يسافروا معاها يقضوا كام يوم فى اى منتجع سياحى ، بس الولاد لما عرفوا ان ده هيكون وقت فرح ناهد رفضوا و قالولها خليه بعد فرح عمتو ، و ده ضايق ليلى جدا و راحت اشتكت لابوها و قالت له : شفت يا بابا ، عملوا غسيل مخ للولاد فى الكام يوم اللى قعدوهم هناك ،عشان كده ماكنتش برضى انى اوديهم هناك
عبد المنعم : ايه اللى حصل
ليلى بغيظ : بقول لهم حجزتلكم فسحة حلوة فى شرم كام يوم مارضيوش
عبد المنعم باستغراب : معقول !! طب ماقالولكيش سبب عدم موافقتهم ايه
ليلى بسخرية : اصلنا عاوزين نحضر فرح عمتو يا مامى
عبد المنعم باستفهام : و هو انتى عاملة الحجز فى معاد فرح ناهد
ليلى بعنجهية : و هو انا هظبط فسحتى على مناسباتهم ، و انا مالى و مالهم
عبد المنعم بدهشة : اما امرك عجيب و الله العظيم ، هو يعنى حبكت ، ما اكيد عاوزين يحضروا فرح عمتهم و ينبسطوا مع ولاد عمهم ، انتى بقى ايه مشكلتك انهم يحضروا الفرح و عاوزة تحرميهم منه ، و اللا انتى عاوزة تبعديهم عن اهل ابوهم و بس
ليلى : ابوهم ايه و اهله ايه ، ما خلاص لموا حواليهم شوية فلاحين ، بكرة الاقيهم راجعين و هم ناسيين كل اصول الاتيكيت اللى بعلمهولهم من يوم ما اتولدوا
عبد المنعم بتنهيدة : انتى مبسوطة كده
ليلى : تقصد ايه
عبد المنعم : اقصد مبسوطة بطلاقك و وحدتك
ليلى : ولادى هيبقوا معايا ، و ربيع مش هيقدر يستغنى عنى ، هيزعل شوية و هيرجع
عبدالمنعم : المرة دى لا يا ليلى ، ياما كان بيحصل بينكم زمان ، بس عمرها ابدا ما وصلت لبيت اهله ، عمره ما مد أيده عليكى ، و لا عمره رمى عليكى يمين الطلاق ، الهوة المرة دى كانت كبيرة اوى يا بنتى ، و لازم تراجعى نفسك يا ليلى و تعترفى بغلطك على الاقل تتصالحى مع نفسك يا بنتى ، لو حاطة فى دماغك انك توسوسى لولادك انهم يكرهوا ابوهم و اهله تبقى ظالمة ، ايوة يابنتى و ظلمك مش هيقع غير على اكتاف ولادك و بس ، و فى الاخر هتبقى انتى لوحدك الخسرانة ، لان ولادك هيطلعوا معقدين نفسيا و كارهينك و كارهين ابوهم و ناقمين على الدنيا و اللى فيها
ليلى كانت بتسمع ابوها بشرود و هى بتفكر فى كلامه لحد ما خلص كلامه فقالت : انا عمرى ما هسيب ولادى
عبد المنعم: انا مش عاوزك تسيبيهم ، بس لازم تتأكدى انى لو لقيتك بتبخى السم فى ودانهم ، انا بنفسى اللى هقف مع ابوهم ضدك و هساعده انه ياخدهم منك
ليلى بصدمة : انت عاوز تحرمنى من ولادى با بابا
عبد المنعم : لا يا بنتى ، ابدا ، انا بس عاوز نفسية احفادى تبقى متزنة ، و عشان كده عاوزك تتقى ربنا فيهم ، و لازم تعرفى و تعترفى انك غلطتى ، لانك لو ما اعترفتيش بغلطك ، هتدمرى نفسك و ولادك معاكى يا ليلى
………………
عدت الايام بسرعة ، لحد ما جه معاد فرح ناهد و عبد الهادى ، اللى كان نسخة تانية من فرح رحيم و سِليمة ، رحيم كان فك الجبس ، كان اتحسن كتير عن الاول ، كان بيقوم بمجهود كبير فى الفرح فى الترحيب بالمدعوين هو و ربيع و رامى اللى فجأوا ناهد وعملوا لها اغنية مخصوصة عشان يباركولها و يفرحوها ، و ناهد طول الوقت الضحكة ماغابتش عن وشها و فهمى و فاطمة بقوا مبسوطين جدا انهم هيعيشوا مع ناهد و عبد الهادى فى بيت واحد
اثناء ما كان الفرح شغال و الكل مبسوط .. عبد العزيز اتفاجئ بسهير جت و راحت سلمت عليه و قعدت جنبه و قالت له : مبروك يا عمى
عبد العزيز بص لها و ما ردش عليها و بعدين دور وشه الناحية التانية ، فسهير قالت بحزن : يا عمى انا مابقاليش غيرك فى الدنيا دى كلها ، سامى خلاص اخد عقابه على اللى عمله و انا بقيت لوحدى
عبد العزيز التفت لها و قال : سامى اخد عقابه فى الدنيا لكن لسه عقابه عند ربنا فى الاخرة ، و يا عالم ربنا رايد له ايه تانى فى الدنيا ، انما انتى بقى لسه ما اخدتيش عقابك و ما منعناش عنك غير عيالك ، لكن يا ويلك يا سهير لو صبرنا نفد ، مافيش حد فى الدنيا دى كلها هيشفعلك ابدا
سهير ببكا : ياعمى انا معترفة انى غلطت ، الله يسامحه سامى ، فضل يزن على ودانى لحد ما مشيت وراه ، بس دلوقتى هعيش ازاى بعد ما حصل اللى حصل
عبد العزيز : روحى يا سهير ، انا كل اللى هعمله انى هتكفل بكل احتياجاتك ، وهبعتلك كل اسبوع اللى يكفيكى من لوازم البيت ، و لازم تعرفى ان ده بس عشان خاطر ابوكى الله يرحمه ، و ولادك ، لكن حذارى شيطانك يوزك انك تأذى حد من عيالى تانى
ربيع كان بيرحب بالمعازيم فلمح ليلى داخلة القاعة و هى على سنجة عشرة ، اول ما شافته راحت ناحيته و قالت بنبرة عتاب ممزوجة بالغنج : مبروك يا ربيع ، رغم انك ما عزمتنيش ، لكن ما قدرتش ما اجيش اقف جنبك زى عادتى معاك من يوم ما اتجوزنا
ربيع بجمود : الله يبارك فيكى ، و شكرا على تعبك ، شرفتى
ليلى : ايه يا ربيع ، للدرجة دى مش عاوز تشوفنى ، ايه .. خلاص ، نسيت حبنا ، ده انت ما كنتش بتستحمل انى اغيب عن عينيك الكام ساعة بتوع الشغل ، و كنت بتخترع اى حاجة عشان تجينى القسم بتاعى و تشوفنى ، ايه اللى قسى قلبك عليا للدرجة دى
ربيع بص على ناهد اللى كانت بتضحك مع سلوان اللى واقفة جنبها بتعدلها الطرحة بتاعتها و قال : شايفة ضحكة ناهد اللى على وشها دى و هى بتتكلم مع سلوان ، عمرى ما شفتها على وشها و هى معاكى ، عمرك ما حاولتى تقربى من حد من اهلى و لا حاولتى تكسبيهم رغم انى عامل خدى مداس لكل اهلك و كل اصحابك اللى عارف انك بتحبيهم ، و كنت دايما اقول لك انى بحب كل اللى بيحبوكى
فى اللحظة دى ربيع بص لليلى و كمل كلامه و قال : و كان دايما عندى استعداد انى اكمل على كده حتى من غير اى مقابل لاهلى ، لكن لما الاقيكى بتقابلى اللى بعمله مع اهلك بالغدر لاهلى تبقى ما تلزمينيش ياليلى ، لو جاية تفكرينى بحبى ليكى ، فانا مانسيتهوش عشان حد يفكرنى بيه ، بالعكس انا فاكره كويس اوى و بعاقب روحى بيه كل يوم
ليلى باستغراب : بتعاقب نفسك
ربيع بابتسامة واضح عليها الحزن : ايوة يا ليلى ، بعاقب نفسى على فشلى ، انا كنت فاشل فى حبى ليكى ، عشان كده حبى ليكى كان مايل و مؤذى لانه انانى ، و عشان كده ظلمنا معانا كل اللى حوالينا
ما انكرش انى لسه بحبك زى زمان و يمكن اكتر ، بس ما اقدرش استمر فى اذيتى لنفسى و اللى حواليا اكتر من كده يا ليلى ، راجعى نفسك يا ليلى ، و ياريت تلحقى روحك زى ما انا لحقت روحى ، اخويا كان هيروح مننا فى لحظة غدر من سامى لولا رحمة ربنا و لطفه بينا و بأبونا ، لو كان رحيم حصل له حاجة ماكنتش هسامح روحى و لا هسامحك ابدا لان انا و انتى اللى ساعدنا سامى انه يوصل لمرحلة العنجهية الكدابة دى لحد ما بقى زى الغول المسعور اللى عاوز ينهش كل اللى قدامه
ليلى : تقصد انا و انت خلاص كده
ربيع بتنهيدة : طول ما انتى ماشية و انتى مغمية عينيكى عن الحق اللى انا و انتى توهنا عنه من زمان ، هتفضلى فى سكة و انا فى سكة ، لانى الحمد لله قدرت ارجع للطريق بتاعى من تانى ، ما ينفعش بقى بعد كل ده ، ربنا يمدلى ايده عشان الحق روحى و انا ارجع من تانى للضلال
ليلى سكتت شوية و بعدين مشيت بعد ما قالت له : هستنى ولادى يجونى بكرة فى البيت
ربيع فضل باصص بابتسامة حزينة عليها لحد ما اختفت من قدامه ، و بص فى الارض و هو بيتمتم بالدعاء ليها بالهداية و ما فاقش غير على خبطة على كتفه ، بيبص لقى رامى بيقول له : ياللا يا ربيع عشان العرسان هيمشوا
……………..
بعد ما عبد الهادى و ناهد وصلوا بيتهم و صلوا ركعتين السنة ، عبد الهادى قال لها : هتيجى افرجك على البيت
ناهد : انا لمحته بعينى و انا داخلة
عبد الهادى : ها ، و عجبك
ناهد بكسوف : حلو اوى ، ذوقك حلو اوى يا هادى ، و عشان كده سيبتك انت اللى تفرش البيت على ذوقك
عبد الهادى : مبسوطة اننا اتجوزنا يا ناهد و اللا برضة حاسة انك مغصوبة على جوازنا زى المرة اللى فاتت
ناهد رفعت راسها و بصت لعبد الهادى و قالت : طبعا مبسوطة ، دى تانى مرة ربنا يحقق لى فيها دعوة دعيتها من قلبى
عبد الهادى باستغراب : دعيتى ربنا اننا نتجوز
ناهد بخجل : دعيت ربنا انه يجمعنا فى الحلال و نربى فاطمة و فهمى سوا
عبد الهادى بمرح : ده انتى عينك منى من زمان بقى
ناهد بكسوف : مش هكذب و لا هنكر انى انشغلت بيك من يوم ما شفتك فى فرح رحيم و سِليمة ، رغم انى وقتها كنت لسه متطلقة جديد ، لكن لفتت نظرى برجولتك و جدعنتك و حبك لولادك ، و كان كل يوم اعجابى بيك بيزيد لما كنت بسمع عن اللى عملته مع نادية و هى عيانة ، و لما حسيت ان قلبى اتعلق بيك ، دعيت ربنا انه يرزقنى بيك فى الحلال و يدوقنى من حنانك و حبك
عبد الهادى بابتسامة : طب دى كانت تانى امنية اتحققت لك ، يا ترى بقى كانت ايه اول امنية اتمنيتيها و اتحققت
ناهد بصت فى الارض و قالت : كنت بدعى ربنا انه يخرج سامى من حياتى
عبد الهادى و هو بيطبطب على ايدها : و اهو الحمدلله خرج و للابد ، و اوعدك انى احقق لك امنيتك و ما تشوفيش منى غير كل حنان و حب ، لان اللى ما تعرفيهوش ان مش انتى بس اللى ربنا استجاب لدعاكى ، لا يا ناهد ، انا كمان اتعلقت بيكى و حبيتك ، و ما كانش مانعنى اتكلم و لا اتحرك غير خوفى من رد فعل باباكى و اخواتك ، و كنت بدعى ربنا فى كل صلاة انه يلم شملنا بالحلال و نقدر نعوض بعض عن كل اللى فات
…………………
عدت ايام و شهور و سنين حصل فيهم حاجات كتير ، لكن كان اجملهم بالنسبة للكل ان بعد ما سِليمة ولدت و جابت ولد و رحيم و سِليمة صمموا يسموه عبد العزيز ، الكل اتفاجئ بحمل سلوان و اللى ربنا رزقها باحلى عوض بعد صبر السنين و ادالها حسن و حورية و اللى كانوا احب الاحفاد لقلب عبد العزيز ، لحد ما ربنا طبطب على قلب ناهد هى كمان و ربنا رزقها ببنت صممت تسميها نادية و اللى كانت متدلعة من الكل ، لكن كان اكتر حد بيدلعها كان ربيع ، و اكنه كان بيعوض اللى حصل منه لنادية الكبيرة
السعادة و الستر رفرفوا على الكل ، الا سهير اللى تقريبا اعتكفت فى البيت و ماكانتش بتخرج غير للضرورة بعد ما اتحكم على سامى بعشر سنين مع الشغل ، و ده خلى ناس كتير بعدت عنها ، فقررت تبعد بنفسها عن الكل
اما ليلى ففضلت فترة كبيرة و هى معشمة نفسها أن ربيع الشوق هيجيبه لغاية عندها ، لكن كل ما كانت الايام بتجرى كل ما كانت بتفقد الامل ، لحد ما يئست تماما من رجوعهم لبعض ، لكن فضلت على عنجهيتها و غرورها ، لكن برغم كل شئ الا انها خافت تسؤء علاقة ولادها بربيع بعد تحذيرات ابوها الشديدة ليها
ربيع قرر يكمل حياته من غير ما يتجوز تانى ، و لما كان حد يكلمه فى الجواز كان يقول : مش عاوز اجرح الولاد ، انا كده كويس
و سليم فاجئ نبيلة انه قدر يجمع تمن شقة معقولة فى الفيوم ، و بقوا بنزلوا الفيوم كتير ، و وعدها انه مع الوقت هينقل شغله كله فى الفيوم عشان يبقوا وسط اهلهم و يبقى هو يروح و ييجى عشان يتطمن على الميراث بتاعه اللى هناك
فى الوقت ده ، كان الشيخ مدبولى توفاه الله و الكل حزن عليه جدا ، و بعدها سِليمة صممت تاخد الحاجة نبوية تعيش معاها ، و الكل اتفاجئ ان الشيخ مدبولى سايب البيت بتاعه فى بيت كنعان لسِليمة بيع و شراء ، سِليمة قررت انها تحتفظ بيه زى ما هو من غير ما تغير فيه حاجة ، و كانت كل فترة تطلب من رحيم انها تروح تزوره ، و كان رحيم يوديها تفتحه و تقعد فيه شوية تستعيد ذكريات عمرها و كل اللى حصل معاها من يوم ما وعيت على الدنيا ، و كانت لما بتروح هناك ، كانت ثريا لازم تروح تزورها و تهاديها من خيرات الله
لحد ما فى مرة عرفت ان تفيدة ماتت بعد فترة مرض قصيرة و ان ثريا هى اللى شالتها فى مرضها و خدمتها ، و انهم اتصافوا قبل ما تموت
و سِليمة دعت لها بالرحمة و المغفرة ، و كانت متأثرة اوى من موتها ، فرحيم قال لها : يا حبيبتى البقاء لله و ما دايم الا وجهه ، مالك سرحانة و متأثرة اوى كده
سِليمة : اصلها كانت طلبت من امى تطلب منى انى اسامحها يا رحيم
رحيم : ده امتى ده
سِليمة : لما كان ابويا مدبولى هينقل معانا فى الفيوم ، جت زارت امى نبوية و طلبت منها تقوللى اسامحها
رحيم بفضول : و سامحتيها
سِليمة بابتسامة رضا : و دعيت لها كمان ، مش كفاية ان هى السبب انى قابلتك و اتجوزتك و بقيت فى الهنا و النعيم ده كله
رحيم : و هى السبب ازاى بقى
سِليمة بتنهيدة : لولا انها خلت السيد يطلقنى ما كنتش قابلتك ولا اتجوزتك و اللا ايه ، و لا كمان كنت قابلت عبد الهادى و لا خبزت العيش و الفطير للعيال و اللى بسببهم العيال اتعلقوا بيا و انت شوفتنى و خالى عرفنى
رحيم ضحك و باس راسها و قال : عارفة ايه اكتر حاجة بحبها فيكى
سِليمة بمرح : ايه بقى
رحيم : ان قلبك زى اسمك رغم انى كنت مستغربه فى الاول ، بس بعد ما استطعمته حبيته اوى ، لكن صممت ادور على معنى سِليم ، لحد ما عرفت ان اول معنى من معانيه هو المجروح ، و انتى طول عمرك عيشتى مجروحة و موجوعة ، و كمان من معانيه سلامة النية و الاخلاص ، و القلب الصادق الوفى ، و انتى اسمك سِليمة و ضميرك سليم و نيتك سليمة و قلبك
سِليمة : ماله قلبى بقى كمان
رحيم بحب : قلبك طاهر و مليان سلام يا سِليمة
💕💕💕💕💕💕💕💕💕
كل واحد فينا معرض انه يغلط او يطمع ، لكن يا بخته اللى يقدر يلحق نفسه من طريق الغلط ، و اللى يقدر يشوف صورته على حقيقتها فى مرايته لكن اكيد فى مننا اللى بيفضل فى طرق الضلال و هو متغمى و داير فى دايرة الطمع اللى بتقفل عليه و تحبسه جواها
الرضا ، اجمل حاجة ممكن يمتلكها البنى ادم ، اما الانسان بيرضا بالمقسوم بيلقى احلى عوض من ربنا من غير حتى مايطلبه و لا ييجى على باله
و الصبر لما بيقترن بالرضا بيلعبوا على اوتار القلوب ، لما الانسان بيبقى طبعه الرضا المقترن بالصبر .. ربنا بيرزقه محبة الناس و يال اعظمها من نعمة و كنز غالى للى يملكه
ارضوا بالمقسوم و اصبروا على قضاء الله ، لان دايما قضاء ربنا بيبقى لحكمه لا يعلمها الا هو ، ( و لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع ) ، فدايما و ابدا …
تمت بحمد الله
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية سليمة) اسم الرواية