رواية سليمة كاملة بقلم ميمي عوالي
رواية سليمة الفصل الثاني 2
بعد يومين .. سِليمة كان عندها خبيز برضة فى بيت قريب من بيت عبد الهادى ، و اخدت معاها دقيق عشان تخبز لنفسها شوية عيش بعد ما تخلص الخبيز بتاع الناس ، و بعد ما خلصت خبيز و اخدت حسابها ، حطت العيش بتاعها فى قفتها و شالتها على راسها و روحت على البيت ، بس و هى فى طريقها وقفت قدام دار عبد الهادى و ندهت و قالت : يا فهمى .. يا فهمى .. يا فاطمة
اتفاجئت بعبد الهادى خارج لها باستغراب من جوة و كان فى ايده بصلة و سكينة ، سِليمة انكسفت و بصت فى الارض و قالت : العواف عليك
عبد الهادى : الله يعافيكى .. اتفضلى
سِليمة نزلت القفة من على راسها و طلعت منها كام رغيف عيش و مدت ايدها بيهم لعبد الهادى و هى بتقول بكسوف : انا كنت جايبة عيش للعيال ، لسه مخبوز بالف هنا
عبد الهادى مد ايده ياخد العيش السكينة اللى فى ايده كانت هتعور سِليمة ، فقال لها بتوتر : لا مؤاخذة ، كتر خيرك ، بس تعبتى حالك
سِليمة و هى بتنفض ايدها مطرح العيش : مطرح ما يسرى يمرى ، فوتتك بعافية و صبح لى على العيال
عبد الهادى بامتنان : يسعد صباحك ، و تسلم ايدك
عبد الهادى دخل حط العيش على ترابيزة صغيرة فى ركن الصالة ، و راح على المطبخ كمل الاكل اللى كان بيعمله ، و بعد شوية سمع صوت فهمى من وراه بيقول له و هو بيدعك فى عينيه : صباح الخير يا بابا
عبد الهادى التفت لابنه بابتسامة و قال له : صباح الخير يا فهمى ، صح النوم ، روح صحى اختك ياللا انا عملت لكم شكشوكة من اللى بتحبوها
فهمى : هى دى ريحة الشكشوكة ، و اللا ريحة العيش
عبد الهادى لقى فهمى عينه على العيش اللى جابته سِليمة فقال له : دى طنط حليمة و اللا مش عارف طنط فهيمة جابتهولك من شوية انت و فاطمة
فهمى راح ناحية العيش مسك رغيف و قعد ياكل منه فابوه قال له : روح اغسل وشك الاول و صحى اختك ياللا
فهمى قعد على الكنبة و هو بيمضغ العيش : انا غسلت وشى ، و فاطمة مش بترضى تقوم غير لما انت اللى بتصحيها
عبد الهادى بضحك : طب سيب العيش على ما نبتدى ناكل عشان ماتشبعش
فهمى : اصل طعمه حلو اوى يا بابا
عبد الهادى راح صحى فاطمة ،، وقعدوا ياكلوا ، و فاطمة اول ماشافت العيش قالت بفرحة : الله ، ده زى العيش بتاع طنط سِليمة
عبد الهادى : ايوووة ، سِليمة ، انا عمال افتكر فى الاسم الغريب ده من الصبح ، بس العيش ده مش زى العيش بتاع طنط سِليمة ، ده هو عيش طنط سِليمة ، جابتهولكم و انتو لسه نايمين
فاطمة بزعل : يا خسارة ، كان نفسى اشوفها
عبد الهادى : معلش ، مسيرك تشوفيها تانى ان شاء الله
و مرت الايام ، و اتكرر نفس الموقف ، و كانت سليمة كل ما تخبز ، كان لازم تعدى على الولاد و تديهم من نصيبها اللى بتخبزه عشانها ، ده غير خيرات الله التانية ، مرة عيش و مرة فطير ، و ساعات كانت تشويلهم ذرة أو سودانى
و كانت كل مرة تنده على الولاد و معظم الايام كان عبد الهادى هو اللى بيقابلها و بياخد منها الحاجة و هو بيشكرها ، لحد ما جه يوم و هى بتودى العيش ، عبد الهادى خرج لها بترحاب و قال بابتسامة مرحة : اهلا يا خالة سِليمة ، يا ترى عاملة ايه النهاردة
سليمة و هى بتخرج فطير مشلتت من القفة بتاعتها : عاملة فطير و جايبالكم كمان قشطة بالف هنا
عبد الهادى : يا ستى تسلم ايدك ، بس انا كنت عاوزك فى كلمتين
سليمة بفضول : خير يا استاذ ، فى حاجة و اللا ايه
عبد الهادى : الحقيقة انتى خيرك زاد و فاض ، و العيال ادمنوا الخبيز بتاعك ، و عشان كده عاوزك تخبزيلى مرة كل اسبوع ، ايه رأيك
سليمة بفرحة : ده انا عيونى ليكم ، انت بس قوللى عاوز فى حدود كام رغيف ، عشان اعرف اجيب دقيق اد ايه ، و انا هعملهملك من عينى
عبد الهادى : يا ستى تسلم عينيكى ، بس انا هبعتلك البيت الدقيق و انتى اعمليلنا بقى شوية عيش على فطيرتين حلوين كده ، و قرب ما ييجوا يخلصوا هقول لك عشان تعمليلنا تانى .. ها ايه رايك
سِليمة : على عينى حاضر ، عاوزهم امتى
عبد الهادى : هبعتلك الدقيق النهاردة ، و اعمليهم بكرة و وقت ما تخلصيهم هاتيهم
سليمة : حاضر .. و التفتت وقالت .. فوتتك بعافية
عبد الهادى : استنى
سِليمة التفتت له تانى بفضول فقال لها : كنت عاوز منك خدمة تانية
سِليمة : خير
عبد الهادى : خير ، انا بس كنت عاوز اسألك .. انتى بتعرفى تطبخى
سِليمة بابتسامة : عاوزنى اعمل لك اكل
عبد الهادى : لو مش هتقل عليكى ، ممكن ابعتلك كمان خضار و لحمة تدسيهم لنا فى الفرن بعد ما تخلصى خبيز
سِليمة : طبعا ممكن ، بس معلش ممكن كمان تبعتلى صينية من عندك و حلة عشان اعمل لكم كمان شوية رز جنب الاكل
عبد الهادى بفرحة : ااه طبعا ، حاضر هبعتلك كل الكلام ده النهاردة
سِليمة بابتسامة : و يارب عمايل ايدى تعجبكم
بعد سِليمة ما روحت البيت ، لقت ايوب خبط عليها و ده كان بيشتغل مع عبد الهادى فى الدكان و جابلها شوال دقيق و شكارة رز ، و سكر و زيت ، و صفيحة سمنة و خضار و لحمة و سألها ان كانت محتاجة حاجة تانية
سِليمة و هى عمالة تبص على الحاجة بذهول : لا شكرا بس ايه كل ده
وقتها كانت نبوية بتصلى الضهر و بعد ما خلصت صلاة ، و شافت الحاجات دى قالت لسِليمة باستغراب : ايه يا بنتى كل ده
فسِليمة حكتلها على اللى حصل ، فنبوية قالت : يقوم يبعتلك شوال دقيق بحاله
سِليمة : ماهو تلاقيه ما يعرفش يا امة ، انا هبقى افهمه ، على الاقل ماحدش يضحك عليه
نبوية بتردد : كنت عاوزة اقول لك على حاجة كده يا سِليمة
سِليمة : حاجة ايه يا امه
نبوية : بس مش عاوزاكى تزعلى و لا تضايقى روحك
سِليمة اتنهدت و قالت : لو قصدك على جواز السيد .. ما تقلقيش ، انا عارفة من بدرى
نبوية باستغراب : مين قال لك
سِليمة بابتسامة : لا هو الفرح بيستخبى يا امة ، اهو عرفت و السلام
نبوية : اوعى تكونى زعلانة يا بنتى ، ده نصيب
سِليمة : مش زعلانة يا امة ، خلاص اللى حصل حصل ، بس انتى بقى اللى عرفتى منين
نبوية بضيق : تفيدة جت الصبح تعزمنا و انتى كنتى برة
سِليمة بضحك : و الله فيها الخير
نبوية : دى ست اعوذ بالله منها ، و الله يا بنتى كتر خيرك انك عاشرتيها تلات سنين بحالهم
سِليمة باستغراب : ليه يا امة ، هى عملت لك حاجة ، قالت لك ايه خلاكى تتضايقى كده
نبوية بضيق : قال عاوزاكى تروحى تساعدى فى الخبيز و عمايل الكحك ، قال و تقولى طالما كده كده اللى هيساعدنا بالفلوس تبقى سِليمة اولى من الغريب
سِليمة ابتسمت بحزن و قالت : معلش ، ماتضايقيش روحك
نبوية : بس انا و الله يا بنتى ماسكتتلهاش
سِليمة : قولتيلها ايه
نبوية : اهو اديتلها اللى فيه النصيب و قلت لها انك لا يمكن تعتبى يامة عتبة دارهم تانى ابدا
سِليمة هزت راسها بالموافقة و بعدين قالت : عارفة السيد هيتجوز مين
نبوية بفضول : هو انتى تعرفى مين
سِليمة بصت لها بابتسامة و قالت : ثريا بنت الجابرى
فجأة نبوية قعدت تزغرد و سِليمة مستغرباها جدا ، و اول ما خلصت زغاريد فالت بفرحة : اهى ثريا دى اللى هتجيب لك حقك كله ، فعلا ربنا يمهل و لا يهمل
سِليمة قامت و راحت تروق الحاجة اللى باعتهالها عبد الهادى و قالت : يا ستى ربنا يهنى سعيد بسعيدة ، المهم ان ربنا يكفينى شرهم
نبوية فى سرها : ربنا يا بنتى يعوضك خير على قلبك الطاهر ده و يأيدلك من عنده راجل ابن حلال يبقى لك سند و عون
عبد الهادى كان فى الدكان بتاعه و اللى كان زى السوبر ماركيت كده ، بس صغير و كان بيبيع فيه كل حاجة ، الشيخ مدبولى عدى عليه و قال له : السلام عليكم ، ازيك يا ابنى
عبد الهادى قام وقف و قال : و عليكم السلام يا شيخنا ، اتفضل استريح
مدبولى قعد و مد له ايده بورقة و قال له : حضر لى الحاجات دى يا ابنى الله يبارك لك
عبد الهادى و هو داخل يحضر له الطلبات : من عينيا يا شيخنا
و بعد ما حضر له كل حاجة ، نده لايوب اللى بيشتغل معاه و اداله الحاجة و قال له : طيران على بيت الشيخ مدبولى ، وديلهم الحاجات دى و تعالى على طول
الشيخ مدبولى و هو بيقوم من مكانه : و على ايه يا ابنى تمشور الراجل ، الحاجة مش تقيلة اوى يعنى ، هاخدها فى ايدى و انا مروح
عبد الهادى و هو بيرجع مدبولى بايده عشان يقعد من تانى : اقعد بس يا شيخنا ، انا كنت عاوزك فى كلمتين كده
مدبولى : اتفضل يا ابنى قول اللى انت عاوزه
عبد الهادى : انت عارف ان مراتى ميتة
مدبولى : الله يرحمها و يعوضك خير
عبد الهادى بتنهيدة : يارب ، المهم انك عارف ان ولادى لسه صغيرين ، و انا بالنسبة لهم ابوهم و امهم
مدبولى : الله يعينك يا ابنى و يخليك ليهم و يخليهم لك
عبد الهادى : يارب يا شيخ مدبولى يارب ، الحكاية ان فاطمة سنها وصل للمدرسة من السنة اللى فاتت ، بس عشان ظروف كده ماقدرتش اقدم لها السنة اللى فاتت ، بس نويت انى اقدم لها السنة دى ان شاء الله
مدبولى : على خير يا ابنى ، و ايه المشكلة
عبد الهادى : المشكلة ان رغم صغر سنها الا انى كنت ببقى متطمن عليها و على اخوها و هم مع بعض ، لكن اما هى تروح المدرسة ماينفعش فهمى يفضل لوحده و لو جيبته معايا الدكان كل يوم هيبقى تعب عليه و هيتمرمط
مدبولى : فعلا يا ابنى ، عندك حق
عبد الهادى : و عشان كده كنت عاوز اطلب من بنتك انها تفضل معاه كل يوم على ما فاطمة ترجع من المدرسة ، و لو امكن يعنى تعمل لنا لقمة ناكلها ، و انا تحت امرها فى المبلغ اللى هتطلبه
مدبولى : عاوزها تشتغل عندك يعنى
عبد الهادى : ابدا ابدا و الله ، انا ما اقصدش كده نهائى ، انا كمان كنت هقترح انها لو حابة تفضل فى بيتك و اوديلها فهمى كل يوم ماعنديش مانع ابدا ، انا بس لاحظت ان الولاد عندى حبوها و اتعلقوا بيها ، و هى كمان بتعاملهم بحب كده .. يمكن ماشافوهوش من حد تانى غيرها
مدبولى سكت شوية و بعدين قال له : بص يا ابنى ، قبل ما ارد عليك لازما تعرف ظروف سِليمة الاول عشان تفهم سبب ردى
عبد الهادى : و انا سامعك يا شيخنا
مدبولى حكى لعبد الهادى كل حاجة عن سِليمة من ساعة موت ابوها لغاية النهاردة ، و بعدين قال له : احنا يا بنى بلد ارياف زى ما انت دارى ، رغم انك مش من بلدنا و لا تعرف عن عوايدنا حاجة ، لكن كلام الناس كتير ، و وجود واحدة عازبة فى بيت واحد عازب مهما ان كان طاهر الا ان اصحابه مش هيسلموا ابدا من السنة الناس
عبد الهادى بحزن : عندك حق يا شيخنا ، و عشان كده انا بقول لك لو انت و هى ما عندكمش مانع انا هجيبلها فهمى كل يوم قبل ما اجى على الدكان
و لما اخته ترجع من المدرسة تبقى تروح تاخده من عندكم
مدبولى : و من غير ما اسالها يا ابنى ، مايتهيأليش ابدا انها ترفض ، دى بتحب عيالك اوى و اتعلقت بيهم
عبد الهادى :بس برضة هستناك ترد عليا لما تسألها ، طب انا بعد اذنك بعتتلها دقيق و شوية حاجات عشان تخبزلنا عيش و تعمل لنا اكل ، و بلغها انى هبعت لها ايوب ياخد منها الحاجة برضة ، ما تتعبش حالها و تروح لحد البيت
مدبولى قام و قال له : ماشى يا ابنى ، و ان شاء الله هرد عليك فى موضوع فهمى لما اشوفك وقت صلاة العشا ، و حاسبه على الطلبات اللى اخدها و التفت عشان يمشى ، لكن بعد ما مشى كام خطوة رجع عبد الهادى نده عليه و قال له بتردد : يا شيخنا
مدبولى رجع التفت له تانى بفضول فعبد الهادى قال له : كنت عاوزك فى موضوع تانى لو مش هعطلك
مدبولى : اتكلم يا ابنى عاوز تقول ايه
عبد الهادى و هو بيتلفت حواليه : الكلام اللى عاوز اقولهولك .. ما ينفعش يتقال كده ، و مش عاوز حد يسمعنا و احنا بتتكلم
مدبولى : طب و اللى يريحك
عبد الهادى : ممكن اما نتقابل فى صلاة العشا تيجى عندى البيت نقعد و نتكلم براحتنا
مدبولى رغم استغرابه : ماشى يا ابنى ، ان شاء الله ، امشى بقى و اللا عاوز حاجة تانية
عبد الهادى بابتسامة : لا خلاص ، بالسلامة انت
فى بيت الشيخ مدبولى بعد ما رجع من برة ، قعد اتغدا مع نبوية و سِليمة ، و حكى لسِليمة على اللى طلبه عبد الهادى ، فنبوية قالت : طب و الله حاجة حلوة ، و اهو احسن من مرواحك كل يوم فى بيت شكل عشان الخبيز ، اديكى هتبقى فى بيتك لا مرواح و لا شحططة
سِليمة كمان رحبت بالفكرة ، فمدبولى قال لهم : خلاص انا هبلغ عبد الهادى بموافقتك و اشوف الكلام ده هيبتدى من امتى
نبوية بصت لمدبولى و قالت له : ام السيد كانت هنا الصبح
مدبولى باستغراب : هى برضة جت ، ما فيش فايدة فى دماغها ، الله يهديها
نبوية : معناته ايه الكلام ده ، لا هو انت شفتها
مدبولى : ايوة ، و قلت لها ان اللى عوزاه مش هيحصل
نبوية : و انا كمان قلت لها نفس الكلام
مدبولى : و الحقيقة السيد كمان ما وافقهاش ابدا على كلامها و شدوا مع بعض قدامى فسيبتهم يصطفوا سوا و مشيت
سِليمة بفضول : كانت عاوزاك عشان الخبيز برضة
مدبولى : خبيز ايه ، لا مش الخبيز
نبوية : اومال كانت عاوزة ايه
مدبولى بزعل : قال عاوزة سِليمة تروحلهم كل يوم شوية الصبحية تشوف لها شغل الدار بالفلوس
نبوية شهقت جامد و هى بتضرب على صدرها و قالت : الهى ربنا ينتقم منك يا تفيدة يا بنت الجازية ، بقى بنتى انا تشتغل خدامة عندهم على اخر الزمن ، ده لو هتموت من الجوع ، و الله ما يحصل ابدا
مدبولى : الكلام ده من ساعة ما اتطلقت من السيد و بيتجدد كل ما تشوفنى و اخرها النهاردة ، و اللى عرفتوا ان من ساعة ما سِليمة سابت دارهم و هم ما عرفوش يتعاملوا مع الجاموسة ، و كان اللى يدخل يحلبها لازم ترفصه ، و السيد كان فين وفين على ما يعرف يحلبها ، لكن فجأة لقوها تعبت و كانت هتموت منهم فى مرة ، و فى الاخر السيد باعها
نبوية بتنهيدة : ده بس حق صغير من حقوق بنتى و لسه ياما ربنا هيوريهم
التفتوا لقوا سِليمة دموعها مغرقة وشها ، فنبوية قامت خدتها فى حضنها و قالت لها : الله فى سماه ، ربنا ماهيسيب حقك ابدا ، انتى بس صبرك بالله
سِليمة بحزن : و نعم بالله
مدبولى : اومال خبيز ايه اللى بتقولى عليه
فنبوية حكت له على اللى حصل فمدبولى قال : هى عرفت مقام بنتك من يوم ما سابت دارهم ، كانت فاكرة ان المركب ماشية ماشية ، ماكانتش تعرف ان بنتك اللى ماسكة دفتها ، ياللا الحمدلله، كل واحد بياخد نصيبه
انا هقوم اتوضى و اروح الجامع عشان صلاة المغرب ، و يمكن أتأخر شوية
مدبولى بعد صلاة العشا راح مع عبد الهادى على بيته ، و اول ما دخل لقى فاطمة و فهمى قاعدين بياكلوا فطير من اللى سليمة خبزتهولهم الصبح ، سلم عليهم بحنية ، و راح قعد مع عبد الهادى اللى عمل لهم شاى و ابتدى يتكلم معاه فقال له : انا عاوز اقول لك على سر كبير يا شيخنا
مدبولى : و سرك فى بير يا ابنى ، انا سامعك
عبد الهادى : انت عارف طبعا انى مش من نواحيكم
مدبولى : ايوة يا ابنى طبعا عارف
عبد الهادى : انا اصلا من الفيوم و كنت بشتغل موظف فى شركة ، و حبيت مراتى و اللى كانت من عيلة غنية ، و انا ظروفى ما كانتش وحشة ، بس كانت قليلة بالنسبة لهم ، فرفضونى ، و عافرت لحد ما جالى عقد عمل ، و سافرت و هى سافرت معايا بعد ما عقدت عليها من ورا اهلها
مدبولى بزعل : عقدت عليها من غير ولى
عبد الهادى : لا طبعا بولى ، لان اخوها صاحبى الروح بالروح ، و هو الوحيد اللى كان موافق على جوازنا ، فكان هو وليها ، و هو اللى ساعدنا اننا نتجوز و ساعد اخته انها تسافر معايا كمان
مدبولى بارتياح : طب الحمدلله ان جوازك منها مافيهوش شبهة ، طب و بعدين
عبد الهادى : سافرنا سوا و كنا الحمدلله بكل خير ، لحد ما جه وقت ولادة فهمى ، كانت تعبانة اوى و حست انها مش هتقوم منها ، فوصيتنى ان لو حصل لها حاجة ، ولادها يتربوا فى مصر
و زى ما قلبها كان حاسس ، ماتت و هى بتولد ، فبعد ما ابتديت استوعب اللى حصل و ابتديت افوق ، قررت انى انفذ لها وصيتها ، فكلمت اخوها رحيم و عرفته باللى حصل و باللى ناوى اعمله
مدبولى : رحيم ده اللى جه من قبل منك اشترى البيت و الدكان و الارض مش كده
عبد الهادى : ايوة هو ، و قال لى انه هيحاول يمهد لرجوعى من تانى لبلدنا ، على ما انا اخلص حاجتى هناك
لكن بعدها بكام يوم لقيته كلمنى و حذرنى انى ارجع على الفيوم و انهم هناك لو شافونى ممكن يأذونى ، و قال لى انه هيدور لى على بلد تانية بعيدة اعيش فيها فى امان مع ولاد اخته
مدبولى : انت عاوز تفهمنى ان حياتك و حياة ولادك فى خطر
عبد الهادى : دى اول حاجة عاوز اعرفهالك
مدبولى : و ايه تانى حاجة
عبد الهادى مد ايده بورقة لمدبولى و قال له : عاوزك تخلى الورقة دى امانة عندك
مدبولى : و فيها ايه يا ابنى الورقة دى
عبد الهادى : فيها عنوان خالهم و رقم تليفونه ، لو حصل لى حاجة فى اى وقت كلمه ، مش عاوز ولادى يتظلموا زى سِليمة
انا عارف انك ربيتها و حميتها ، لكن فى الاخر جه اللى طمع فيها لانها اتربت بعيد عن اهلها الحقيقيين
مدبولى : طب ما هو اهل امهم يا ابنى ممكن يأذوهم
عبد الهادى : اللى عرفته من رحيم ، ان جدهم زعل على موت بنته و نفسه يشوفهم ، لكن اخوات رحيم هم اللى رافضين و مفكرين انى لو رجعتلهم بولادى هطالبهم بورثها
مدبولى : ورث ايه و ابوها لسه عايش
عبد الهادى : ورثها من امها الله يرحمها مش قليل
مدبولى و هو بيضرب كف على كف : لا حول و لا قوة الا بالله العلى العظيم ، هى الناس بقت تستحل مال اليتيم بالساهل كده ليه ، ده يا ويله من ربنا ساعة الحساب
عبد الهادى : ربنا يهدى العاصى ، انا مايهمنيش غير سلامة ولادى و بس
مدبولى : ربنا يسلمهملك يا ابنى من كل شر و يسلمك ليهم ، وماتقلقش يا ابنى حاضر ، سرك فى بير
و مرت الايام و عبد الهادى كان بيوصل فهمى كل يوم لغاية سِليمة ، و كانت تفضل مراعياه لحد ما فاطمة ترجع من المدرسة تقعد معاهم شوية و بعدين يروح ايوب ياخدهم و ياخد الاكل او الخبيز اللى سِليمة جهزتهولهم
و عبد الهادى كان فرحان جدا بسِليمة لما عرف انها بتحفظ فهمى قرآن ، و طلب منها انها تحفظ فاطمة كمان فى الاجازات بتاعتها
فى بيت السيد ، كانت الساعة قبل صلاة العصر بشوية ، و تفيدة قاعدة على المصطبة فى صحن الدار ، و ثريا كانت بتنشر الغسيل على السطوح ، فتفيدة قعدت تنده عليها بصوت عالى و بتقول : انتى ياللى تنشكى فى معاميعك ، كل ده بتنشرى الهدمتين
و فضلت تزعق و تصرخ و ثريا سامعاها و مابتردش عليها ، لغاية ما خلصت اللى فى ايدها و نزلت ، و اول ما تفيدة لمحتها نازلة من على السلم قالت لها بزعيق : هو انا يا مزغودة مش عمالة انده عليكى من الصبح ، ما بترديش ليه و اللا انطرشتى فى ودانك
ثريا ببرود : و هو انتى بتبطلى ملالية طول النهار و الليل ، ما انتى عارفة انى بنشر ، بتندهى عليا ليه ، ما تصبرى لما انزل و تبقى تقول لى اللى انتى عاوزة تقوليه ، و اللا انتى بس غاوية تسمعى حسك للخلايق كل ساعة و التانية
تفيدة بغيظ : اما انك ما عندكيش دم ، الاكل اللى على الوابور هيتحرق و انتى عمالة تتقصعى و تتمطعى يا ام لسان عاوز الحش ، ما تشهلى روحك كده و بصى على الاكل
ثريا بصت لها باستهانة و اتنهدت و راحت ناحية الوبور تشوف الاكل و هى بتقول بصوت مسموع : اللى يشوفك و انتى قاعدة مربعة على المصطبة و عمالة تصرخى و تولولى و انتى قاعدة مكانك يفكر انك البعيدة مشلولة ، ما قمتيش انتى ليه و اتشمليلتى و بصيتى على الاكل ، ناقصة ايد و اللا رجل
تفيدة بغيظ : انتى عاوزانى اخدم عليكى يا بنت الجابرى
ثريا : انا ما قلتش تخدمى عليا ، لكن على الاقل اعملى بلقمتك بدل ما انتى قاعدة مربعالنا فى مطرحك كده طول الليل و النهار لما هتجيبى لنا الفقر
تفيدة بنرفزة : بقى انا يا بنت المركوب اللى هجيبلكم الفقر ، بقى انا يتقالى الكلام ده
ثريا لمحت السيد بجنب عينها و هو داخل البيت فقالت : و فيها ايه يعنى يا امة لما كلنا نتعب عشان خاطر السيد ، ده بيصحى من الفجرية يا حبة عينى و يتنه طول اليوم رايح جاى على الغيط وشقيان يا نضرى ، و ده جوزى و ابنك يا امة ، يعنى ضناكى ، بقى يهون عليكى برضة
تفيدة و هى مش فاهمة اللى بتقوله ثريا فقالت بغضب : بت انتى .. اتعدلى كده و اتكلمى كلام يتفهم زى الناس ، يا اما يمين تلاتة لو قمت لك مالكيش عندى غير البلغة
و قتها بس السيد دخل بالحمار و قال : السلام عليكم ، فى ايه يا امة
تفيدة بغيظ : فى قلة حيا و قلة رباية هيبقى فى ايه يعنى غير كده
السيد نفخ و استغفر ربنا ، فثريا عملت انها بتعيط و راحت اخدت منه الحمار دخلته على الزريبة و قالت له : انا دفيتلك ماية عشان تتسبح ، و حطيتهالك جوة ، روح اتسبح و تعالى ، اكون حطيت الاكل ، زمانك جعان يا نضرى
تفيدة بغيظ قالت بتريقة : روح يا اخويا ، اوعاك تفلت ديلها لا تتكعبل يا نضرى
بعد ما دخل السيد ورا ثريا قال لها بهمس : هو فى ايه
ثريا و هى بتتصنع الزعل : هيبقى فى ايه يعنى يا سيد ، اهو موال كل يوم ، بس معلش ، انا هستحمل عشان خاطرك
عبد الهادى فى سره : و بعدهالك يا امة ، ناوية تخربى بيتى من تانى و اللا ايه
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية سليمة) اسم الرواية