رواية اوتار حاده كاملة بقلم مروه اليماني عبر مدونة دليل الروايات
رواية اوتار حاده الفصل الثالث
في المول
قا ل ياسين بغضب: مش تفتحي يا أنسه.
وقفت نور وقالت بغضب مماثل: أنا الي أفتح يا أعمي....كسرت لي الموبايل .
قال ياسين: عارفه أنتي لو اتكلمتي باحترام كان ممكن أفكر اديلك تمنه بس للأسف أنتِ قليلة الزوق .
قالت نور بغضب وسخريه: ده علي أساس إني محتاجه فلوس من واحد زيك أنت .
ضغط علي يداه محاول تمالك أعصابه أعطته إيمان السلسلة وأمسكت يد نور وأبعدتها عنه لتنهي تلك المشكلة .
نظر للخلف قليلاً ثم مضي في طريقه حتي خرج من المول ,ثم صعد السيارة مع عاصم ومصطفي دون أن يخبرهم شيء أو يسبها ولكن هذا الموقف لم يغادر ذهنه .
قال مصطفي: أي يا عم مالك ؟!
ياسين: مفيش ركز أنت في الطريق بدل ما نخبط في حاجه
مازالوا يقفون مكانهم في صدمه وخاصة نور التي اندفعت بالحديث, وكأنها في حرب وتلقن عدوها درس, قالت نور لصديقتها :إيمان أنا هرجع البيت كملوا أنتو
قالت نيفين بغضب: لا هنكمل مش معقول يا نور نبوظ اليوم عشان الغبي ده
نظرت لها نور وقالت: مش هقدر يا بنات أعصابي تعبت بجد نرفزني جداً
إيمان: طب يلا يا حبيبتي هنروح كلنا .
توقف مصطفي أمام المعرض فنزل الثلاثة وولجوا إليه ظلوا يتجولوا فيه وصعدوا للدور العلوي ومعهم التاجر قال مصطفي: جميل أوي إيه رأيكم
نظر عاصم لياسين فقال ياسين وهو يصافح التاجر : ماشي شكرا هنفكر ونكلمك .
هز الرجل رأسه إيجابا ونزل الثلاثة صعدوا السيارة فقال ياسين: أنت عبيط يا بني مصطفي: أيه المكان معجبكوش والله شكلكم بتسعبطوا ومش عايزين تشتغلوا .
ياسين: والله عايزين نشتغل اكتر منك ...عشان محتاجين فلوس .
قال مصطفي بتعجب :أمال في أيه ؟!
عاصم: المكان مش حلو .
ياسين: ده غير المنطقة دي نايمه يعني أخرنا نهش دبان في المعرض ده .
عاصم: عايزين منطقه الرجل فيها كتير ومعرض عدل شويه... ده هناخده ونصرف عليه عشان يتجدد يعني تكلفه أ كبر .
مصطفي: اهاااا .
ضربه ياسين علي رأسه وقال: فهمت يا غبي .
قال مصطفي وهو يزيل يد عاصم: ما تهدأ يا عم بدل ما نعمل حادثه .
في غرفة نور وضعت حقيبتها، ثم خلعت الحذاء وجلست علي طرف الفراش وهي ما زالت غاضبه من نفسها ومن هذا الشاب الذي لا تعرفه أعادت خصلات شعرها للخلف، وأمسكت حقيبتها، أخرجت الهاتف قالت لنفسها وهي تنظر له : فاكر أن نور ياسر مستنيه فلوس من واحد زيه.....ماما .
قالت كلمتها الأخيرة وهي تنهض بزعر حين تذكرت أنها أخذت موعد من والدتها اليوم نظرت في سعتها ولملمت أشيائها بسرعه وارتدت الحذاء وأسرعت للأسفل .
قادة سيارتها وعقلها يعبث في الماضي كماء يعبث البحر بالرمال .
ما زالت تذكر اليوم الذي انفصلت فيه أمها عن أبوها تتذكر حدة ياسر علام وقوته أمامها وهي في سن الرابعة عشر ولم يتجاوز أخيها الصغير الخامسة بعد لينحرما حنانها ما تبقي من عمرهم وينحرما الدفء بجوارها .
تذكرته وهو يقف أمامها ويقول بصوت حاد: أنا الي غلطان إني اتجوزت واحده زيك وعملتلها قيمة وجه الوقت إلي أصلح فيه الغلط دا ...أنتي طالق ولعلمك ولادك هيفضلوا هنا وهيتربوا أحسن تربيه وأحسن عيشه ومش هتشوفيهم طول ما أنا علي وش الأرض .
قال كلماته ورحل وانهمرت الدموع من مقلتي أمها كشلالات من المياه الساخنة لم يكفيه طلاقها فأخذ أبنائها ليحطم قلبها .
بالفعل أستطاع أن يأخذهم منها ومنعهم من الذهاب إليها ورباهم كما قال أحسن مدارس وأجود أنواع الطعام والسيارات من أفخم الموديلات ولكن ماذا يأتي كل هذا في حنان الأم ؟! ماذا يأتي جوار ضمتٍ واحده منها ؟! فضمت منها تساوي أموال العالم بأسره .
فمال الدنيا بأكملها لا يضاهي حضن دافئ من الأم يشعرك بالحنان والرضا وكأنك تملك الدنيا بأسرها، لذلك قررت نور أن تذهب لأمها في الخفاء دون علم أبيها لتحظا بدقائق تساوي عدد أيام الأرض .
في منزل في أحدي عمارات مصر، راقي الأثاث يحوي صالون مدهب من النوع الكلاسيكي والطراز العتيق الجذاب, وغرفتين, صغير المساحة بالنسبة لفيلا ياسر علام ماذا يأتي بجواره ؟! لا شيء, ولكنه دافئ علي عكس سراياه الباردة أكثر راحة وطمأنينة فهو منزل جدها والأن منزل أبنته الوحيدة .
دلفت بعدما فتحت لها أمها، احتضنتها بشوق وحنان ودموع أمها لم تنقطع لا تصدق عينيها، تري فتاتها التي كبرت هل
تراها حقاً أمام عينيها الآن ؟! غابت عنها كثيراً حين رحلت وكانت تخشي أن ترحل عن الدنيا قبل رؤيتها فلا أحد يزورها سوي نور
قالت نور وهي تجفف لها عينيها: كفاية عياط عشان والله هعيط أنا كمان .
زادت من احتضانها بقوة وقالت: وحشتيني يا نور عيني..وحشتيني .
قالت نور ببكاء : وأنتي كمان وحشاني اوي والله لو عليا يا أمي ما أسيبك أبدا بس مش بأيدي
جلست والدتها علي الأريكة وجلست نور بجوارها وهي تمسك يدها بقوه وكأنها الحبل السري الذي يربطهم ولم ينقطع بعد
قالت أمها وهي تمسد علي شعرها بحنان وتضمها إليها: احكي لي بقا عامله إيه ؟!
قالت نور بحزن: انهارده خبطت في واحد في المول وتليفوني انكسر اعتدلت والدتها بينما هي تحكي ثم أردفت نور: كان خارج من محل إكسسوارات وكان مركز في العلبة إلي في إيده وانا كنت بكلم البنات وخبطتنا في بعض
نظرت زينب لها بيقين ولوم: وطبعاً مسكتيش للشاب
نور: يا ماما كان قليل الزوق جداً كان لازم أعامله بنفس الطريقة
زينب : نور رغم إني مش عايشه معاكي بس في كل مره كنتي بتيجي هنا كنت بعلمك الأصول يا بنتي وبعرفك دينك بيقول إيه...ومربتكيش علي كدا ...أنتي بنت مينفعش تقفي وتعلي صوتك علي واحد حتي لو غلط فيكي تسيبيه وتمشي يا حبيبتي .
هزت رأسها إيجابا, فهي تتفق معها في ذلك وتعلم أنها مخطئة, ولكنها شعرت وكأن بركان ثار داخلها إثر كلماته وقالت وهي تنظر في الأرض: أنا جايلي عريس .
فرحت والدتها وقالت لها بعدما رأت الحزن في عينيها: شكلك مش موافقه ؟!
هزت رأسها إيجابا وأردفت: مش عايزه أحس إني ملك من امالكهم وجه الدور عليه في البيع ....شكه أنها جوازه مصلحه وخصوصا أنو قريب عصمت هانم
احتضنتها أمها بحكتك لنحفف عنها وسرعان ما تحولت فرحتها لخوف وقلق علي طفلتها .
في منزل نادر وضعت نشوي الطعام علي المائدة وجلست بجوار زوجها قال: كان في مشكله كبيره في الشركة .
رفعت نشوي حاجبيها متعجبة وقالت: ليه إيه الي حصل ؟!
نادر: مش مهم بقا....ياسين عامل ايه ؟
نشوي: كويس الحمد لله ....أنت مكلمتوش من يومها .
هز رأسه بالنفي وقال: لا يا حبيبتي ما أنا كنت مشغول في الشركة الفترة الي فاتت هحاول اكلمه انهارده .
قالت نشوي ببرود: ماشي .
أكملت طعامها وشعر نادر أنها غضبت منه فقال: هو قالك هيعمل إيه في موضوع الشغل .
هزت رأسها بالنفي وقالت: لا هكلمه باليل إمبارح قفل عشان كان مش عيزنا نتكلم في موضوع السفر وكدا .
نادر: حبيبتي سيبيه علي راحته وبعدين كلها كام شهر يا ستي ونسافر له إحنا في أجازه الميني ترم .
ابتسمت نشوي وأكمل كل منهم طعامه في صمت وهو يعلم أنه مهما حاول أقناعها ستظل قلقة علي ياسين , فهي رغم انها لا تكبره إلا بأعوام قلة كانت أمه وأخته وصديقته كيف لا تقلق عليه وهي تهتم بكل أفراد عائلتها, فهي تشبه أمها وكثيراً ما يخبرها ياسين بذلك .
في المساء أرتدى ملابسه الأنيقة ووضع البرفان الذي يحبه وربط رابطة عنقه, نظر لتلك الهدية وتذكر ما حدث معه في المول تذكر تلك الغريبة قليلة الزوق التي تطاولت عليه في الصباح أغلق العُلبة بغضب وأخذها وخرج من المنزل، طرق باب شيرين فتحت له قال وهو يعطيها العلبة: كل سنه وأنتِ طيبه, ابتسمت شيرين وهي تأخذها وقالت :وأنت طيب....شكرا أنك جيت ...ثم أردفت وهي تشير بيدها للداخل :أتفضل .
دلف وجدها حفله صغيره بها بعض البنات وسيدة علم أنها والدتها وشاب واحد, عادت إليه شيرين وهي تحضر والدتها قالت وهي تشير إليها: ماما
ثم أردفت وهي تشير إليه : ياسين يا ماما جارنا
قالت والدتها: أهلا وسهلا يا أبني
ياسين: أهلا بحضرتك
ذهبت شيرين لتقف مع صديقاتها قالت صديقتها المقربة أسيل: مين إلي واقف هناك ده .
شيرين: ده ياسين هبقي أحكي لك عنه بكرا في الشغل .
قالت وهي تنظر إليهم وتبتسم: لقي هيطق شوفي بيبصله إزاي!
ضحكت شيرين وحاولت كتم ضحكتها
بينما ياسين يقف أتي لقي ومد يده ليصافحه قائلا: أنا لقي
أبتسم ياسين وصافحه قائلا: أهلا ....ياسين
لقي :أنت تعرف شيرين من زمان ؟!
هز ياسين رأسه بالنفي وأردف: لا من يومين تلاته أنا جارهم في البيت الي قصادهم علطول .
أبتسم لقي وقال: اهاااا عشان كدا .....أنا اعرفها من حوالي سنه و...
قاطعه ياسين قائلا ببرود: مش عايز أعرف....عن أزنك
وجدته شيرين سيرحل فأسرعت إليه وهي تقول: ياسين
نظر لها ثم في نظر أرضا كعادته وقال: أنا لازم أمشي معلشي
شيرين: طب مش هتستنا نطفي الشمع .
ياسين: أسف ورايا حاجه مهمه لازم أعلمها...عن أزنك .
رحل ياسين وأتي لقي وقف بجوارها وقال: هتفضلي بصه كتير...مش نطفي الشمع ولا إيه .
نظرت له وقالت: اه.... يلا .
انتهي الحفل ورحل الجميع قالت أمها وهي تعاونها في حمل الأطباق: مُريب أوي ياسين ده....شكله وراه أسرار كتير .
ألقت قنبلتها التي أرعبت قلب شيرين ثم رحلت, وبدأ الشك يحيط بأسوار قلبها, ظلت شيرين مكانها تفكر في كلام أمها وفي ياسين لا يبدو علي وجهة الوسيم الريبة مطلقاً ولا شك أنه يبدو مزعج وغليظ في بعض الأحيان .
علي مائدة الطعام جلست تتناول العشاء مع والدتها بعدما أصرت علي ذلك فأبت نور أن ترفض طلب أمها الحبيبة وخاصة أن سفر ياسر بك سهل الأمر عليها كثيرا وأن سألها أحد اخويها ستخبرهم أنها كانت مع الفتات ستطر للكذب!
لماذا تطر الي لقاء أمها في الخفاء ؟! لما تطر في كل مره للكذب عنهم واختراع أي حجة لتجيب علي سؤالهم السخيف("كنتي فين ؟!" ) ؟! بينما يمكنها البقاء مع أمها طيلت العمر إذا أرادت فهي فتاه مسؤوله وتبلغ من العمر ما يؤهلها للاختيار حتي لو أمام محكمة الأسرة, هل تخاف من أبيها أن يضربها أو يمنعها بقوته ؟! أم الخوف علي والدتها التي قد يؤذيها أو يقتلها ويخفيها إذا أراد ؟!
لم تتخيل أن أبيها يفعل هذا فهي تعلم أنه طيب القلب ولن يؤذي أمها لأجلها أو لأجل صورته أمام أبنائه علي الأقل، لكنها كانت علي يقين أنه سيمنعها من العيش مع أمها .
نظرت لأمها وهي تبتسم ثم أطعمتها كم تمنت لو عاشت مع عائلتها تحت سقف بيت واحد بيت يجمعها هي ووالدها وأمها وأخوتها ،يجمعهم الحب ،الدفء ،الحنان.
انتهوا من الطعام فقالت نور وهي تنهض لتحمل الأطباق: خليكِ يا ماما أنا هغسل الأطباق
زينب :لا خليكي يا حبيبتي
ابتسمت نور وقالت: لا ما هو أنا مش هسيبك تغسلي الأطباق وتقفي علي رجلك وتوجعك كفاية أنك أصريتِ وعملتي العشاء .
قالت زينب بقلة حيله وهي تعرف عناد أبنتها جيدا: طب هدخل الأطباق معاكي بس
دلفت نور للمطبخ وتتبعها أمها وقفت علي الحوض تغسل الأطباق بعدما نزعت سترتها الزرقاء وطوت أ كمام قميصها جيدا قالت أمها وبداخلها الحزن العميق: أنهاردة أول يوم اتعشاء فيه...فتحتي نفسي علي الأكل .
لم تكن الكلمات بالقدر الذي يجعلها تبكي ولكن مضمونها يعكس مرارة الوحدة التي تحي فيها أمها وتجعلها بلا نفس للحياة بأكملها ،أرتمت في خضن أمها لا تعلم كيف تواسيها ترقرقت دموعها كانت تبكي بصمت ولكن أمها شعرت بنبضات قلبها، و صدرها الذي يعلوا ويهبط ببطء.
عادة إلي منزلها دلفت غرفتها ووضعت الحقيبة علي الفراش لحسن حظها أنه لم يكن هناك أحد بالأسفل الجميع بغرفهم وقفت أمام المرآه تنزع
ساعة يدها وقرطها الذي يزين أذنيها دلف إياد صاحب الوجه البشوش وسعادتها في هذا البيت, قال وهو يبتسم ابتسامته التي لا تفارقه: أميرتي الجميلة كانت فين؟!
ضحكت نور فأردف بوجه متهكم تلك المرة: مقولتش حاجه تضحك علي فكره
نور: اه عارفه بس كنت فكرت إني فلت من السؤال ده
إياد: هههههه تفلتي من مين ده أنا إياد
قالت نور وهي تقف: ماشي يا عم المفتح....كنت عند....قصدي كنت مع البنات
لم يلاحظ إياد ارتباكها الذي يوحي بكذبها أو أدعاء ذلك! قال بشقاوة ومرح: يا عم المفتح !! ده أنتي خدتي علي الجو المصري بسرعه تاني .
ضحكت نور وقالت: ده علي أساس إني اتولدت في أمريكا مثلا ....يلا روح نام عشان أنام أنا كمان .
خرج من الغرفة وأوصد الباب خلفه تنفست بقوة وكأنه كان يمسك بتلابيبها ويخنقها حمدت ربها أنه لم يلاحظ توترها ويعرف أنها تكذب ...لا تعرف لماذا خافت من هذا المفعوص الصغير ؟!! هل لأنها لا تحب تلك الكذبة، المفروض أنها اعتادت عليها وكانت تكرارها قبل سفرها .
ولكن ليس أمامها سوء ذلك حتي لا يفشي أحد خواتها سرها قصد أو بغير قصد أمام أبيها وامرأته الحي التي تبخ السم في أذنه ومن ثم يمتصه قلبه.
ظلت جالسه علي فراشها والأرق رفيقها لم يغفل لها جفن تفكر في هذا الغريب الذي صارعها اليوم .
جلس هو أيضاً علي فراشه وكأن لهم نصيب في تشارك الأرق فهو ظل يفكر في مشاكله التي لا تنتهي كان يري في عين شيرين تلك اللهفة وخشي أن يكون ما بدر في ذهنه حقيقه تمني لو ظل هذا وهم فقط ليس إلا.
علي صوت هاتفه الذي لم يكف عن الرنين منذ حوالي ساعه أخذ هاتفه ورد قائلا: الو يا نشوي
نادر: أنا نادر يا ياسين ...أردف وهو يضحك : بس الحكومة جنبي خد بالك بقا .
سمع صوت نادر يتأوه فعلم أن شيرين ضربته مداعبة قال ياسين وهو يضحك رغم ما به: سلم لي عليها وعلي الأولاد .
نادر: الله يسلمك ...معلشي بقا مقصر معاك اليومين الي فأتوا ... بس كان في مشاكل في الشغل .
قال ياسين متفهم الأمر: لا ولا يهمك ربنا يعينك
نادر: طب أنت عامل إيه ؟! وأخبار الشغل ؟!
ياسين :أنا كويس ...والحمد لله لقيت شغل اتفقت مع أتنين أصحابي يشاركوني عشان السيولة مش هتكفي المشروع يدوب بيها أشتري معرض
نادر: ربنا معاك ...ورسيت علي الشغل في أي ؟!
ياسين: الموتسكلات ....بس هنبدأ علي قدنا كدا
نادر: أن شاء الله تكون فتحت خير عليك
ياسين :أن شاء الله
نادر: بتقولك نشوي لقيت معرض وبدأت ولا لسه؟!
ياسين: لسه بنشوف مكان مناسب الأول وبعدين هنشتغل
نادر: تمام ابقا طمني عليك ... هسيبك أنا بقا عشان تنام ....أستودعك الله
ياسين: في رعاية الله
أغلق هاتفه وانهالت الأفكار عليه كأب يبرح أبنه ضرب بالسياط فيتألم مره خوف ومره حزناً ومره حسرة، وكان لهذه الغريبة المتكبرة جزء منها ،حاول جاهداً النوم ولكنه لم يستطع ولم يستطيع حجب أفكاره والتخلص منها كم هي مزعجة، ظل ينتقل من مقعد لمقعد ومكان إلي مكان بغرفته يحاول تمرير الوقت .
أختفي القمر أخيراً وبدأت الشمس في اعتلاء عرش السماء بتبختر وفخر وكأنها تعلم أنها سر من أسرار الحياه. ... أزعجها الضوء الذي ينعكس عليها نهضت سريعاً من علي المقعد وأغلقت الستار .
ثم غيرت ثيابها ونزلت مبكراً وجدت عصام: إيه اللي مصحيكي بدري ؟!
ردت نور سؤاله بسؤال :أنت الي مصحيك بدري ؟!
قال بحده: أنا عندي شغل وشغلي ملوش مواعيد ثم أردف محذراً: ودي أخر مره هسمحلك تردي علي سؤالي بسؤال
ازدردت غصتها وقالت: أنا كمان عندي شغل ...سلام
ودعته ورحلت فذهب هو الآخر لعمله لأن اللواء يريد منه الحضور فوراً .
في مكتب سيادة اللواء إبراهيم بيه الدهشوري دلف عصام وأدي تحيته العسكرية قال اللواء :أقعد يا سيادة الرائد
رفع حاجبيه متعجب فهو ما زال نقيب قال :أنا يا فندم
قال اللواء إبراهيم بغضب: هو في غيرك في المكتب ؟!
أبتسم عصام وقال :لا يا باشا قالها وهو يجلس
فقال اللواء :مبروك الإدارة قررت ترقيتك وخصوصاً بعد العملية الأخيرة
قال عصام بسعادة: شكرا يا فندم إحنا في خدمة الوطن
فتحت الباب وجدت نور أمامها احتضنتها أمها بقوه وقالت: مقولتليش أنك هتيجي
نور: حبيت اعملك مفاجأة....واعملي حسابك كل يوم هاجي أفطر معاكي
ضحكت زينب وقالت :بيتك يا بنتي تيجي في أي وقت
في فيلا عثمان والد عاصم يجلسون علي المائدة ويتناولون الطعام هم الثلاثة بعد وفاة الجميع صارت العائلة تتكون منهم فقط .
قال عثمان: إيه أخبار مشرعكم الجديد
عاصم: لسه بندور علي معرض يا عمي
مصطفي: عاصم وياسين دول ميعجبهمش العجب أصلا
ضحك والده ثم قال متعجباً: هو ياسين رجع من السفر امته؟!
عاصم: من فتره إحنا نسينا نقولك أنو شريك معانا في المشروع ودي فكرته أصلا
قال عثمان وهو ينهض: ماشي يا ولاد ربنا يوفقكم ...ثم قال وهو يشير لهم بيده متوعد: متنسوش تعزموا الولد ده علي الغداء وحشني وعايز أسلم عليه
هز مصطفي رأسه إيجابا وقال ممازح: أوامر معاليك يا فندم
ضحك والده ثم رحل قال عاصم لمصطفي: قولت للسمسار علي مواصفات المعرض إلي إحنا عايزنه؟
مصطفي :ايوه قالي يومين وهكلمك .... بقولك إيه الموضوع ده شكله هيطول ....ما تيجي نروح الشركة مع بابا بدل أم القعدة دي
عاصم :ماشي بس تعالَ نعدي علي الواد ياسين الأول
قالها عاصم وهو يقف ويوعك أخر قطعه من التوست
دلف الحارس وهو يحمل الحقائب صعد بها للأعلى وبعده دلف ياسر وزوجته قالت :يعني أنت عرفتها أنهم جايين انهارده
ياسر: أ كيد
عصمت: معتقدش أن نور هترفضه شريف عريس لقطه أي بنت تتمناه
ياسر :والله تقبله, ترفضه هي حره
عصمت: أنت هتفرط في عريس زي دا لبنتك دي فرصة متتعوضش شاب ابن ناس ومتربي كويس وعارفينه ومستقبله مضمون يعني مفيش أحسن من كدا
قال ياسر بغضب وثقه : والله أنا إلي بنتي فرصة متتعوضش ويتمناها ألف وأحد وبرضوا هيفضلوا مش من مقامها دي دكتوره نور بنت دكتور ياسر علام
قالت عصمت بغيظ دفين تداريه تلك العيون والابتسامة :اه طبعاً
نزل إياد سريعاً من علي الدرج قال: بابا حمد لله على السلامة
أبتسم ياسر وقال :الله يسلمك يا حبيبي
إياد: طب سلام بقا عشان بنتك سبتني الصبح وراحت هي الجامعة
ياسر: طب السواق برا هيوصلك
إياد :ماشي ...بس خلي بالك أنا لسه فاكر وعدك ومش هسيبك إلا لما يجيلي موتسكل عشان نور شكلها اتخنقت مني
قالها وهو يفتح باب الفيلا ليخرج
قال والده بلامبالاة : هنبقي نشوف الموضوع ده بعدين
عصمت :أنا هطلع أرتاح شويه من السفر ....هتروح المستشفى
قال ياسر وهو يبتسم :ايوه...بس هفطر علي ما السواق يوصل إياد ويجي .
الثالثة عصراً رن الجرز فذهب مصطفي ليفتح: مواعيدك مضبوطة .
قالها وهو يصافح ياسين الذي قبل دعوتهم علي الغداء اليوم وخاصة أنها دعوه مباشرة من السيد عثمان الذي يعتبره في مقام الوالد فهو رجل ذكي وحكيم دائماً يذكره بوالده .
قال عاصم وهو ينهض من علي مقعده ليرحب بصديقه: اكيد مش ياسين القاضي
ضحك ياسين وقال: طب يا عم الفالح أنت...هو فين عثمان بيه؟!
مصطفي: طلع فوق ونازل حالاً ...أقعد يا ياسين .
بعد دقائق...حوالي عشرة دقائق نزل عثمان البارودي فقام ياسين وقال: أهلا عثمان بيه حضرتك عامل إيه
عثمان: كويس يا حبيبي اتفضل
قال كلمته الأخيرة وهو يشير لمائدة الطعام
جلسوا جميعاً علي المائدة ورص الخادم الطعام عليها قال عثمان وهو ينظر لياسين مبتسم: أحلا حاجه يا ياسين أنك شجعت الأولاد دول يعملوا مشروع لوحدهم
ضحك ياسين وقال: أنا حاسس بيك هما فعلاً خانقه
ضحك الجميع وقال مصطفي ممازحاً :بقا كدا ....ماشي بكرا تقول ولا يوم من أيامك يا مصطفي
ضحك عاصم وقال: يا أخي أتنيل
بينما في منزل ياسر علام قال عصام بفرح شديد وهو يجلس علي مقعده ليشاركهم الغداء :بابا أنا اترقيت لرتبة رائد
قال ياسر وهو يبتسم: اه ما النسر منور كتفك
نور: مبروك يا حبيبي ...عقبال ما نشوفك لواء ,ضحك الجميع وقالت عصمت بمكر: عقبال ما نفرح بيكي أنتي يا حبيبتي
رمقتها نور بطرف عينها وقالت :إن شاء الله عن إذنك يا بابا هطلع اوضتي اريح شويه
ياسر :ماشي يا نور
عصمت: أرتاحي يا حبيبتي عشان لما الضيوف يجو تبقي كويسه ووشك رايق
غادرت نور بضيق وهي تعلم ما تريده عصمت ولو رفضت تلك الزيجة ستفعل لتفسد مخطتها ليس إلا
مال لون السماء إلي الأسود تزينه نجومها اللامعة كان الجميع مجتمعون في غرفة الصالون قال شريف وهو شاب طويل القامه في عمر أخيها عصام ويعمل معه في قسم مكافحة المخدرات وهو نقيب :مبروك يا عصام ...فرحت لك جدا يا صحبي
عصام :الله يبارك فيك
نظر شريف لياسر واعتدل قائلا: أنا طالب أيد نور يا عمي وهكون سعيد لو قابلت طلبي لان ليا الشرف أني أكون واحد من عيلتكم
قال ياسر: والله يا أبني أنا ما عنديش مانع
ثم أردف وهو ينظر لنور :بس الرأي في الآخر يرجع لنور لازم هي كمان توافق
قالت عصمت للخادمة وهي تبتسم : اعملي شربات
قالت نور وهي تنظر لعصمت :بيتهيقلي ناجل موضوع الشربات ده أنا لسه هفكر والوقت قدامنا طويل
شريف: أ كيد يا نور خدي وقتك وفكري كويس
قالت عصمت وهي تحاول إخفاء غضبها وتنظر لأختها الصامتة منذ البداية والتي ظهر علي وجهها الوجوم من فعلت نور :طب هاتي عصير
أنتهوا من تناول العصير وأخبرتهم والدت شريف أنهم سيرحلون وأخبر شريف نور أنه ينتظر قرارها
فظلت نور في غرفتها تفكر حتي غلبها النعاس ونامت
بينما في غرفة ياسر وعصمت قالت عصمت بغضب :ينفع إلي بنتك عملته دا ؟!
ياسر: عملت إيه يعني ؟!....انا مش شايف أنها عملت حاجه البنت قالت رأيها ودا من حقها
قالت عصمت وهي تجلس علي الفراش: أيوا بس كانت المفروض تتكلم بطريقه أحسن من كدا أميرة كانت متضايقة وكان باين عليها
ياسر: والله .....بقول ايه يا عصمت ملناش دعوه إحنا وسيبي الولاد يختطوا حياتهم زي ما هما عايزين سوء نور وافقت أو رفضت أنا مش عايزك تتكلمي في الموضوع دا
قالت عصمت بتعجب :أنت شايف كدا؟!
قال ياسر وهو يطفى النور: اه وسيبيني أنام عشان عندي شغل
في الأسفل كان عصام يجلس منتظر إياد الذي لم يأتي بعد
فُتح الباب فوقف وقال: كنت فين يا أستاذ؟!
إياد: أيه يا أبيه مالك ؟! ...كنت مع صحابي عادي يعني
قال عصام بنفاذ صبر :لا ولا حاجه ....مش المفروض تشيل المسؤولية بقا شريف كان جاي يتقدم لأختك وكنت فكرك بقيت راجل وقولت لك عشان تبقي موجود بس للأسف طلعت عيل
إياد: عادي يعني ما أنا عيل...مسؤولية أيه يا أبيه يعني أنا عايز أفهم وجودي كان هيفرق في إيه؟!
عصام: عندك حق أنا الي غلطان إني عايز اخليك راجل يعتمد عليه ....ثم أردف وهو يدفعه نحو الدرج: أتنيل أطلع نام عشان جامعتك ولينا كلام تاني لما تصحا عشان رجوعك متأخر
صعد أياد لغرفته وهو يتمتم: يااا ربي هو مفيش غيري في البيت دا بيتهزق ...أمته نخلص بقا .
أنا برئ ....برئ قالها ياسين وهو يصرخ بقوه ويضرب بيده الحديد, تململ في الفرش والعرق يكسو وجهة,فزع من علي الفراش .
يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية اوتار حاده) اضغط على أسم الرواية