رواية شد عصب البارت الثالث 3 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية شد عصب الفصل الثالث 3
بأقصى أطراف البلده منزل من" الطوب اللبن "
يُشبه العِشش تفوح منه رائحة كريهه
رائحة مكان يُعقد فيه عهود مع شياطين الجان، هنالك أيضًا شياطين البشر التى لا تفكر سوا فى الطمع.
ألقت بعض من الرمال فوق ذالك المنقد (موقد صغيرللفحم)
حتى تهدأ نيران ذالك الفحم المُتأججه، زفرت نفسها قائله:
صالح الأشرف من زمان رِچليك مخطتش لعِشتي، چاي كيف العاده عشان مصلحتك،" أرض الچميزه".
إستغرب صالح الذى شعر بغثيان من رائحة المكان الكريهة أخرج منديل مُعطر من جيبه ووضعه فوق أنفه.
إستهزأت به قائله:
الأرض راجده(راقده)على كنز كبير بس كل شئ بآوان ولساه آوان خروچ الكنز مجاش.
لمعت عينيه بطمع وإنبسط وجهه بظفر فى البدايه ثم سأم وجهه مُتهجمً يقول:
وميتى بجى آوان خروچ الكنز يا "غوايش".
ألقت غوايش بعض الرمال فوق المنقد قائله:
لما أعرف طلبات مارد المقبره،بس قبلها لازمن تحاوط الأرض دى بـ سور خرساني عشان لازمن نحفُر الأرض،الكنر فى جُب غويط،ولو حفرت أكده فى العلن ألف يد هتتمد عالكنز المدفون.
لمعت عين صالح بطمع متسألًا:
بس أنا ليا جزء فى الأرض مش كلها ملكي،صلاح له فدان وصفيه نص فدان،كيف هحاوط على نصيبهم بالأرض،ومش معجول هجول لهم إن فى كنز تحت الأرض،صلاح ولاده التنين لابسين توب العِفه،وصفيه هتمشى وراء صلاح وولاده.
زفرت غوايش نفسها ونفخت فى ذالك المنقد ليشتعل الفحم قائله:
بس تجدر تحاوط نصيبك مش قليل،فدان صحيح الكنز راجد تحت الأرض كلها بس سهل نسحبهم من نصيبك فى الأرض بعد الحفر.
تنهد صالح بطمع قائلًا:
تمام،بس هيسألونى عن سبب إنى بحاوط الأرض دى؟.
زفرت غوايش نفسها بضيق قائله:
سهل الچواب،جول لهم إنك هتبنى عليها مصنع فخار كيف جاويد ولد أخوك ما عنده مصانع،هتستغل الأرض وإنها جريبه من النيل وأكيد طميها هينفع المصنع،وكفايه أسئله عاد دلوك وكل سؤال له چواب بعدين،دلوك إلحق حاوط الأرض
بـ سور سميك وبلاش تستعجل عالكنز له آوان يخرج فيه،لما يتم طلب مارد المقبره... ودلوك هملني وأنا هبجى أشيع لك، كيف ما حصل سابج، هتغرف من كنز ثمين مدفون مش بس دهب مساخيط، كُمان فى اللى أهم من دول.
برقت عيناه بجشع مُبتسمًا يقول بأستفسار:
وأيه اللى بالمقبره أهم من الدهب والمساخيط، بترول إياك.
نظرت له غوايش بعين تحولت الى وهج نيران مُستعره تقول:
لاه مش بترول، ده سر جديم تركيبه ترچع الشايب شاب من تاني ويعافر مع صبيه مش يبلبع حبيتين وآخره يحسس بيده.
فهم صالح مغزى حديثها شعر فى البدايه بخزي لكن لمعت عينيه وبرقت بآشتياق وأهتز جسده برغبه قائلًا:
جصدك "الزيبق الأحمر".
ردت غوايش:
لاه مش الزيبق الأحمر ده ترياق تاني مخلوط ومِعزم عليه بجوة مارد المُجبره،ودلوك كفايه أسئله،جولت هملني لحالي. وحط اللى فى چيبك على الكرسى اللى جاعد عليه.
وقف صالح وأخرج من جيب جلبابه ظرف وضعه على المقعد مكان جلوسه وخرج من العِشه تاركًا
غوايش التى إزداد توهج عينيها نيرانًا وهى ترى خيال مارد شيطاني كبير ومُخيف يقف على الحائط أمامها،نهضت سريعًا وإقتربت من الحائط شعرت بيد قويه توضع فوق رأسها تغصبها أن تسجد بالفعل سجدت أمامه تُشرك بالله تبيع روحها لشيطان طالبه قوه خفيه تساعدها فى أعمال شريره تأذي بها الأخرون،تعتقد أنها تُعطيها سطوه كي تأخذ بثآر الماضي.
.........ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنزل مؤنس القدوسى
رغم أن الغرفه مُظلمه، لكن جافى النوم مرقده بسبب هو يعلمه جيدًا، الشوق والحنين، لفتاه كانت مُدلله ربما أفرط فى تدليلها، ليكون هذا الدلال سبب هلاكها، لا يعلم سبب لتذكره لها اليوم لكن سأل قلبه:
هل نسيتها يومً بل لحظه بحياتك،تخليت عنها وتركتها تذهب خلف هلاكها بعيدًا لتعود لك فى يوم جثه دفنتها دون عزاء وإعتقدت أن هذا كان عقابً لها بل كان لك، قلبك يآن بكل لحظه، تتمنى لو كنت سبقتها إلى القبر وإنقلب الوضع وهى من أخذت عزائك.
نهض من على فراشه واشعل الضوء وأخذ عباءه عربيه وضعها على كتفيه وخرج الغرفه لو ظل بالغرفه يتذكر أكثر سيجن عقله،خرج الى حديقة المنزل،حتى قدميه ساقته نحو ذكراها وهو ينظر الى شجرة التوت التى بالحديقه رأى تساقط أورقها بسبب الخريف حين تسلط ضوء شبه منير من القمر الاحدب،للحظه إبتسم وهو يتذكر صبيه يافعه تتسلق فروع شجره توت مثل هذه،كانت تتسلق بحذر كأنها فراشه تتنقل بين الأغصان وقفت بحذر على أحد الفروع تقذفه بحبات التوت الأحمر قائله بغنج:
إفتح حجرك يا أبوي وخد دوج(تذوق) توت أحمر كيف ما بتجول عليه
"خد الچميل" متخافيش الچلابيه اللى عليك غامجه وكمان جديمه ولو بجعت (بقعت)أمى ما هتصدج وتعملها خلجات تمسك بيها الطناچر من على الباجور.
كان يضحك لها ويفعل مثلما تقول يفتح حجر جلبابه ويتلتقط حبات التوت التى تقذفها من فوق الشجره وينتظرها حتى تهبط من فوق الشجره تجلس جواره أسفل الشجره يستمتعان بتذوق التوت وحين يرى ذالك المياء الأحمر حول فمها وخديها يضحك قائلاً:
كُلى واحده واحده بلاش بالحِفان (كف الايد) خدودك وشفايفك بتاكل معاكِ بجى لونهم أحمر.
كانت تضحك بدلال قائله:
ده لونهم الطبيعي يا أبوي ناسى إنك بتنادم عليا "مِسك خد الچميل".
" مِسك خد الچميل"
ترددت تلك الجمله فى رأسه مع دموع حسره على شبابها الذى ذهب سريعًا، جلس على جذع شجره قريب من تلك الشجره ، لا يعلم سبب لذالك الشعور الذى يتوغل بقلبه، يشعر برائحتها فى نسمة الهواء الخريفيه، يشعر أنها قريبه منه، ربما لو عاود النظر لأغصان الشجره يرها واقفه على أحد أغصانها، لكن غص قلبهُ، هذا وهمً، فالراحلون لا يعودن فقط يتركون ذكريات وآسى بالقلوب.
بنفس اللحظه شعر مؤنس بيد على كتفه،بلهفه جفف دموع عينيه بيديه ونظر خلفه،للحظه ظن أنها مِسك وأن ما حدث كان كابوس حتى أنه قال بلهفه:
مِسك.
إبتسم محمود وهو يظن أنه يعتقد أنه إبنته قائلًا:
مِسك من وجت ما عاودت مع صفيه من دار خالها دخلت لمجعدها، وزمانها فى سابع نومه، أيه اللى مسهرك يا أبوي...أنا خدت نعسه وجومت من النوم عطشان ملجتش ميه فى المعجد نزلت للمطبخ لمحتك باب الدار مفتوح وكنت هجفله بس لمحتك فى الچنينه،أيه اللى شاغل بالك إكده يا أبوي من صباحية ربنا وإنت شارد.
تنهد مؤنس يتنفس الهواء يشعر بآسي فى قلبه محمود ظن أنه يتحدث عن إبنته بينما هو قصد "خد الچميل"التى رحلت وتركت مكانتها فى قلبه لم تهتز،لكن بداخله ندم لو عاد الزمن مره أخرى لن يتركها ترحل بعيد عنه حتى لو كان ألزمها بالزواج
بـ رجل تبغضه،لكن فات الآوان وأصبح كل شئ ماضى مؤلم،تنهد يحبس تلك الدمعه التى تترك قلبه أشلاء قائلًا بكذب:
أنا مش شارد يا ولدي ولا حاچه،بس يمكن تقلت فى الوكل،والنوم طار من عيني جولت أتمشي هبابه أهضم الوكل وأها أنا جايم أدلى على مجعدي وإنت كمان مش شربت يلا إدلى على مجعدك.
قبل أن ينهض مؤنس من على جذع الشجره جلس محمود على جذع آخر قائلًا:
فى موضوع يا أبوي عاوز أتحدت فيه وياك وأخد بشورتك،بصراحه إكده،صالح الأشرف عرض عليا أنى أشتغل وياه وأبيع له بضاعة الفخار اللى عم صنعها وهو يبيعها فى البازار بتاعه للآجانب.
زفر مؤنس نفسه بسأم قائلًا بتحذير:.
لاه يا ولدي بَعِد عن سكة صالح الأشرف،سكته واعره وآخرها الندم،إنت مش ربنا رازقك وبتشتغل مع بازارات تانيه فى الاقصر غير زباينك اللى واثجين فى جودة صنعتك،بلاها يا ولدي وبلاش تسمع حديت مرتك الفارغ،بالك لو كان چالك العرض ده من صلاح أو جاويد كنت جولت لك وافج بدون ما تفكر حتى إنت يمكن مكنتش هتبجى محتار وتسألنى،آخر حديت يا ولدى خلينا بعيد عن سكة
صالح الأشرف كفايه اللى حصل منيه بالماضي،لسه مكان الچرح لغاية دلوك بينزف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بغرفة مِسك
خلعت ذالك المئزر الحريرى من على جسدها وبقيت بثوب نوم نسائى شبه عاري ذهبت وجلست على مقعد أمام المرآه، جذبت قلم حُمره للشفايف وبدات بطلي شفاها منه بكثرة حتى أصبحت شفاها شبه دمويه ومُغريه أطبقت شفاه أكثر من مره ثم وضعت قلم الحُمره ونظرت لإنعكاس وجهها وجسدها بالمرآه
نهضت واقفه تدور حول نفسها بإعجاب من جسدها الغض وشفاها المثيره تخيلت لو جاويد رأها بكل تلك الفتنه ماذا سيكون رد فعله، ذهبت نحو الفراش وأرتمت بظهرها عليه تُغمض عينيها تتخيل لو تحققت تلك الأمنيه
تخيلت أن جاويد نصف عاري فتح باب غرفتها ودخل وأغلق خلفه باب الغرفه مُبتسمًا ينظر لها بإفتتان ورغبه تضُخ من عينيه وهو يقترب من الفراش، نهضت قليلًا وبدأت يديها تسير على مُحنيات جسدها بإغواء، تبتسم له وهو ينحني على الفراش عليها وشعرت بيديه فوق وجنتيها شعرت بأنفاسهُ القريبه من شفاها، قلبها يدق بصخب تنتظر أن تشعر بشفاها بين شفاه، لكن هنا فاقت من تلك الغفله التى يتمنى قلبها قبل عقلها تحقيقها، فاقت بعد أن شعرت بخواء وان ذالك كان مجرد وهم لذيذ تحي من أجل أن يتحقق يومً ما قريبًا وتُصبح مِلك يمين جاويد، تلك هى الامنيه التى تحيا من أجلها، تعشقه منذ نعومة أظافرها هو فارس أحلامها، رغم أنه لم يُعطي لها يومً إهتمام أكثر من كونها إبنة عمته، ذمت نفسها قائله بلوعه:
لحد ميتى يا مِسك هتتحملي جفى جاويد، إنت سمعتى بودانك الليله حديته عالموبايل مع مرات خالك بتسأله هو فين، وإن عمته فى الدار ونفسها تشوفه، إتحچچ أنه مشغول ومجاش.
جاوبت على نفسها بلوم قائله:
واه يا مِسك هتتخيلى وترسمى قصص من خيالك عاد،أكيد جاويد حداه شغل مهم هو عنده مسؤليات كتير،أيه اللى هيخليه يتهرب وميجيش عالعشا،من ميتى وجاويد بيهمه حاچه أو يستحي وكيف ما جالت أمى لو مش رايدني كان ولا همه وإتزوچ من زمان من بنت غيري،بس هو عامل نفسه تجيل(تقيل) حبتين،بس بعد عمل المحبه اللى أمى دَسَتَهُ له فى المرتبه أكيد هينسى التُجل ويبيح باللى فى جلبه،ويتم المراد.
تنهدت بأمل تُغمض عينيها ترسم وهم لذيد لديها إحساس أنه أقترب تحقيقه.
.. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمحطة القطار
" ساعة القدر يعمى البصر"
هذا هو تفسير ما لا تشعر به كآنها فقدت الإدارك تمامًا لا تشعر بشئ رغم ذالك تدافع الهواء القوي الذى لولا تشبُث جاويد بعضديها لدفعها ذالك الهواء أسفل عجلات القطار.
بينما جاويد المُتشبث بها كان أول شئ وقعت عيناه على شفاها المرسومه بحُمره طبيعيه،سار بقلبه رغبه قويه فى تقبيلها للحظات تنحى العقل وكاد يقترب من شفاها ويُحقق تلك الرغبه، لكن فاق من ذالك الإنسياق على صوت إحداهن تصرخ وتقول:
الجطر دهس بنت تحت عجلاته.
فجأه عم الصخب بين نزلاء القطار وتوقف القطار للدقائق البعض ينظر الى أسفل عجلات القطار يرى تطاير ملابس منهم من يُجزم أن هنالك من فرمتها عجلات القطار وآخر يقول أن تلك حقيبة ملابس فقط،تأكدوا حين عاود القطار السير،وأقترب البعض من مكان وقوف جاويد المُتشبث بـ عضدي سلوان التى بدأت تشعر بعودة الإدراك،هنالك من ظن وأبتسم أن هذان الإثنان عاشق يستقبل معشوقته الآتيه من السفر، وأخر إستهزئ من ذالك وأعتبره وقاحه لا داعى منها أمام أعين الغرباء، وهنالك آخر من رأى الموقف من البدايه وفهم أنه كان عمل إنساني من جاويد لكن إستغرب حين رأى تقارب جاويد منها يضمها أكثر وكاد يقترب من شفاها.
بينما جاويد رفع رأسه قليلًا نظر لوجهها الخالى من أى رد فعل، لكن لفت بصره وطن برأسه وصف إمرأة المعبد حين همست له قائله:
العلامه فى وشها "شامه عالخد وإتنين عالشفايف وخصله غجريه ثايره على شفايفها".
هذا بالفعل ما يراه أمامه، بنفس اللحظه سقط ورقة العشق وأيقن أن تلك المرأه لم تكن تقول له خزعبلات بل كآنها قرأت الطالع والمكتوب على قلبه...
كذالك سلوان التى بدأت تشعر باحساس عودة الحياه مره أخري، تلاقت عينيها مع عيني جاويد دخل الى قلبها شعور لا تعلم ما هو لكن شعور
بـ قبول غريب عليها
كذالك بدأت تشعر بيدي جاويد المُمسكان بعضديها ببديهيه منها تراجعت للخلف خطوه لكن مازال أثر الخضه وكذالك يدي جاويد يُحطان بها الى أن أقترب ذالك الرجل الذى رأى كل شئ من البدايه ومد يده بزجاجة مياه نحو سلوان قائلًا:
خدي يا بتِ بلى ريجك بشوية مايه.
مدت سلوان يدها بضعف تُمسك زجاجة المياه،لكن قبلها نظرت لـ جاويد قائله بهدوء:
سيب إيديا.
بتردد شعر جاويد بالخزي وترك عضديها،لكن مازال ينظر لها بتعجب وإعجاب،فى نفس الوقت،بينما إرتشفت سلوان بعضًا من الماء ثم نظرت نحو قضبان القطر رأت بقايا حقيبتيها وملابسها التى ذهبت أدراج الرياح لم يبقى شئ سوا قطع ممزقه من كل شئ...كذالك جسدها واهن بصعوبه ذهبت نحو إحدى الآرائك تسير بوهن الى أن جلست عليها مازالت تائهة الوجدان،بتلقائيه ذهب جاويد الى مكان جلوسها وجلس جوارها فقط ينظر لها صمت غريب حل على المكان وإختفى الماره.
شردت سلوان وهى تنظر الى بقايا أشلاء ثيابها بين قضبان القطر،لو لم يتغير القدر وإنزلقت مع حقيبتيها أسفل عجلات القطار،كانت ستُصبح أشلاء كهذه،ولن يتعرف أحد على جثمانها،شعرت ببروده تسري فى جسدها بتلقائيه ضمت يديها تمسد عضديها بكفيها،تود أن تبكي لكن حتى الدموع تحجرت بعينيها،لكن شعرت بمعطف ليس ثقيل يوضع على كتفيها،رفعت نظرها،رأت ذالك الرجل الذى أعطاها المياه قبل قليل يبتسم لها قائلًا:
متخافيش الچاكت نضيف.
إبتسمت له بوهن وإمتنان وإرتدت المعطف فوق ثيابها،شعرت بدفء...
بينما جاويد نظر لذالك الرجل وشعر بالغيره حين إبتسمت له سلوان، رغم أنه يعلم ان بسمتها له مجامله منها...زفر نفسه قويًا ونظر نحو قضبان القطر،رأى لمعان شئ يضوي،دخل إليه فضول ونهض من جوارها وقفز بين القضبان وذهب نحو ذالك الشئ الامع،وجذبه من بين بعض الأشلاء، كانت بطاقة هاويه نظر نحو سلوان وكاد يتحدث لكن الفضول جعله يود قرأة إسمها،إقترب من أحد أعمدة إنارة المكان وهمس إسمها بذهول
"سلوان هاشم خليل راضى"
بينما جلس الرجل جوار سلوان متسألًا:
إنتِ زينه يا بتي.
ردت سلوان على سجيتها بتلقائيه:
إسمي سلوان مش زينه.
إبتسم لها الرجل قائلًا:
عاشت الأسامي يا بتى أنا جصدى إنك بخير.
ردت سلوان:
الحمد لله بخير،بس مش عارفه هعمل أيه دلوقتي وهروح فين بعد كل حاجه ما ضاعت تحت عجلات القطر.
إبتسم الرجل قائلًا:
ربك هيدبرها يا بتي متجلجيش،زى ما أنجدك من شويه.
صمتت سلوان وهى ترى جاويد يقترب من مكان جلوسها مره أخرى حتى وقف أمامها ومد يدهُ لها قائلًا:
أنا لقيت بطاقتك الشخصيه بين قضبان القطر أتفضلي.
أخذت منه بطاقة الهاويه بإنشراح وهى تنظر الى الرجل الجالس جوارها قائله:
إنت راجل بركه،قولت لى ربنا هيدبرها وأهو بطاقتي الشخصيه والأستاذ لقاها،كده تقريبًا إتحل جزء مشكلتي.
إبتسم لها الرجل قائلًا:
سلمي أمرك دايمًا لله يا بتي، بس زى ما جولتى اللى إتحل جزء من المشكله وأيه الباجي؟.
ردت سلوان:
أنا كنت حجزه هنا فى الأقصر فى أوتيل عن طريق النت حتى كمان كنت حولت جزء تحت الحساب، بس أنا مش عارفه هروح للاوتيل ده إزاي دلوقتي؟.
إبتسم الرجل وهو ينظر نحو جاويد قائلًا بمكر وهو يرى نظره خاصه من جاويد لها قائلًا:
بسيطه يا بتي ممكن تأخد تاكسي ولما توصلى للأوتيل خلي الاوتيل يحاسبه ويضيف الحساب على فاتورتك...أو...
صمت الرجل،بينما قالت سلوان بإستفسار:
أو أيه؟.
نظر الرجل نحو جاويد قائلًا:
أو الأخ ده لو معاه عربيه يجدر يكمل معروفه ويوصلك للأوتيل.
نظرت سلوان لـ جاويد تشعر نحوه بشعور غريب،لا تستطيع تفسيره وكادت تسأله لكن صمتت حيائها منعها،فعرض جاويد:
معايا عربيه بره محطة القطر ولو فاكره إسم الاوتيل خليني أوصلك له.
نهضت مُبتسمه تقول له:
آه فاكره إسم الأوتيل بس معرفش هو قريب من محطة القطر أو لاء.
إبتسم الرجل قائلًا:
مش هتفرق يا بتي،خلى الأستاذ يوصلك،دلوك بحينا بعد نص الليل والله أعلم بمين عالطريج.
دب الخوف فى قلب سلوان لكن شعرت بالامان ناحية ذالك الرجل قائله برجاء:
تعالى معانا، أنا حاسه ناحيتك بانك راجل طيب وتشبه بابا.
إبتسم لها قائلًا:. واضح إن جلبك طيب يا بتي، بس أنا هنا عشان هستلم بضاعه جايه فى الجطر من أسوان وهى تجريبًا وصلت عالرصيف، والأستاذ كمان شكله طيب وولِد حلال.
نظرت سلوان لـ جاويد تشعر ناحيته بآمان ربما أكثر من ذالك الرجل وشعور آخر لكن تخشى الثقه الزائده، وكادت تقول برجاء لـ ذالك الرجل الذى قاطعها قبل أن تتحدث:
عمك "بليغ" له نظره فى الناس يا بتي، روحى مع الأستاذ متوكد أنه أمين.
كأنها كانت بحاجه لسماع ذالك الكلام من بليغ لتذهب مع جاويد، بالفعل أومأت برأسها بموافقة وسارت بعض الخطوات أمام جاويد الذى إقترب منه بليغ قائلًا:
شكلي جيت فى الوجت المناسب،
إدلى مع الصبيه وصلها للفندق، ومتحملش هم البضاعه انا هستلمها وادخلها للمخازن.
إبتسم جاويد له قائلًا:
لو مش اللى حصل الليله كان هيبجى ليا رد فعل تاني إنك تكسر كلمتى وتچى تستلم البضاعه وإنت مُصاب ولازمك راحه.
إبتسم بليغ وهو ينظر لـ سلوان التى توقفت عن السير تنظر لهم قائلًا:
أعتقد إنك هتكافأني إنى جيت فى الوجت المناسب روح وصل سلوان... شكلها محتاجه لراحه بعد اللى شافته الليله، لو مش إنت اللى جيت فى الوقت المناسب يمكن...، ربنا بيسبب الأسباب، أشوفك بكره فى المصنع يا جاويد.
سار جاويد نحو سلوان التى أشارت بيدها لـ بليغ بالسلام، ثم سارت أمام جاويد الى أن وصلا الى خارج محطة القطار، أشار لها على سيارته وفتح لها الباب الامامي وذهب هو الى الناحيه وجلس خلف المقود.
كان الصمت بينهم،كل منهم يود سؤال الآخر لكن هنالك شئ يمنعه،الى أن وصلا الى مكان الفندق توقف جاويد بالسياره أمام مبنى ضخم قرأت إسم اللوحه الأعلانيه الكبيره علمت أنه الفندق.
فتحت باب السياره وترجلت منها،توجهت نحو باب الفندق،لكن قبل أن تتبعد عن السياره سمعت صوت إغلاق باب السياره نظرت خلفها ورأت ترجُل جاويد، فقالت له بإختصار:
شكرًا.
أومأ لها برأسه صامتًا وظل واقف أمام سيارته الى أن دخلت الى داخل الفندق،ظل قليلًا ثم دخل الى الفندق وذهب الى مكان الإستقبال سألًا عن غرفتها ثم غادر الفندق...عائدًا عقله يُفكر كل ما حدث الليله الذى لو سرده عليه أحدًا لقال أن هذا قصه خياليه،يحكيها راوي بأحد الموالد الشعبيه...يضحك بها على عقول السُذج.
.....ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
دخلت سلوان الى داخل تلك الغرفه التى من الجيد أنها أكدت الحجز بتحويل جزء تحت الحساب الى الفندق،ألقت بمفتاح الغرفه وبطاقة هويتها فوق الفراش ثم ألقت جسدها فوق الفراش تنظر الى سقف الغرفه عقلها يسترجع ما حدث لها الليله عقلها كأنه مثل شريط فيديو سجل ما حدث دون إراده منها،دمعه سالت من عينيها للحظه كان بينها وبين موت مُحقق خطوه واحده،لولا...
لولا من هذا؟ وما هذا الشعور الغريب الذى بداخلها مره لأول مره تشعر بآلفه إتجاه أحد من أول لقاء لها معه،فما عاشته سابقًا بسبب كثرة تنقُلاتها من مكان لآخر علمها التريُس فى إعطاء الآمان لمن أمامها،هى آمنت لـ ذالك الشاب الذى أنقذها ليس هو فقط ذالك الكهل الآخر،نظرت الى جسدها وذالك المعطف الذى وضعه فوق كتفيها وهى بمحطة القطار،إحساس غريب يغزوا عقلها هى حُذرت سابقًا من المجئ الى هنا بالأقصر ،لكن إنقسم تفكيرها،بين ما كاد يحدث لها وبين ما قابلته هنا منذ البدايه بداخلها تمنت رؤية ذالك الشاب مره أخرى لا تعلم سبب لذالك،لكن نهضت من على الفراش تشعر بإرهاق وخلعت ذالك المعطف ،لكن شعرت بشئ معدنيّ بداخل أحد جيبوب المعطف،بفضول منها أخرجته،كان "سوار فضي" به بعض النقوش الفرعونيه،أعجبها تصميمهُ كثيرًا لفت نظرها حفر كتابه باللغه العربيه داخله ،قرأته بصعوبه قائله:
"جلال الدين".
وضعت السوار بجيب المعطف مره أخرى،قائله:
كان فين عقلي كان لازم أسأل عم بليغ ده عن عنوانه عشان أرجع له الجاكت بتاعه،أكيد الأسوره دى غاليه عليه.
زفرت نفسها قائله:
حاسه جسمي بيوجعنى،هدخل أخد شاور وبعدها هيكون فى طريقه أرجع بيها الچاكت والخاتم ده... كويس أن البطاقه بخير، أكيد فى فرع للبنك هنا فى الاقصر أروح أطلع كريديت جديد وأبقى أشترى لى هدوم وموبايل جديد.
.......ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنزل صلاح الأشرف.
خلع جاويد بعض ثيابه وظل بالبنطال فقط وذهب يجلس على الفراش،تنهد بإنشراح قلب،أغمض عينيه لثوانى،سكن وجه سلوان خياله،إبتسم بشوق وهو يتذكر نظره لشفاها،سارت رغبه قويه بقلبه وهو يتخيل لو كان أكمل وقبل شفاها بما كان سيشعر وقتها،لعق شفاه،لكن فتح عينيه على صوت طرق على باب الغرفه.
نهض بتكاسل يرتدي قميص قائلًا:
إدخل.
دخلت يُسريه ببسمه قائله بعتاب حازم:
أيه اللى أخرك لدلوك،كل ده عشان جولت لك عالموبايل إن عمتك صفيه هنا،بتتهرب عشان متشوفش مِسك.
تنهد جاويد قائلًا:
موضوع مِسك إنتِ عارفه رأيي فيه من الأول،مِسك زى حفصه،والتخاريف الجديمه بتاعة زمان اللى لسه عمتى متمسكه بيها،"ان جاويد لـ مسك" من وهي فى اللفه حتى لو أنا اللى وجتها كنت واخد الموضوع لعبة طفوله مش أكتر،لما كبرت عرفت حجيجة مشاعري،مِسك فى نظري زى أى بنت عاديه ومستحيل أقبلها زوجه ليا.
تنهدت يُسريه بسأم قائله:
وإنت عارف زين إن عمتك حاطه أمال فى جلب بتها والله بتصعب عليا أحيانًا،أنا مجدرش أغصب عليك تتجوزها،وبعد إكده لو محصلش بينك وبينها وفاج ترچع تلومني،بص يا ولدي كل شئ قدر وربنا هو اللى بيسره وبيدخل التآلف فى الجلوب،أنا كل اللى خايفه منيه هو "حفصه" أختك مِسك ليها تأثير كبير عليها،وعمتك طلبت الليله نحدد ميعاد كتب كتابها هى وإبنها،وأبوك وافج إن كتب الكتاب يتم كمان سبوعين،والچواز فى أچازة نص السنه.
تفاجئ جاويد قائلًا:
وليه الأستعجال ده عاد،ما يتجوزوا بعد أمتحانات نهاية السنه حتى تكون حفصه خلصت دراستها قبل ما ترتبط بمسؤلية جواز.
تنهدت يُسريه بقبول قائله:
جولت إكده بس عمتك جالت إن حفصه كيف بتها مِسك والجواز مش هيأثر على دراستها،وأبوك وافج كمان.
تثائب جاويد قائلًا:
تمام،طالما أبوي موافج يبجى على بركة الله.
نهضت يُسريه من جوار جاويد قائله:
هسيبك ترتاح شكلك هلكان،بس لسه لنا حديت عن سبب تأخيرك لدلوك بره الدار.
ضحك جاويد قائلًا:
ليه هو انا بنته وممنوع أتأخر بره الدار بعد العشا.
تنهدت يُسريه قائله:
لاه مش بنته بس انا بفضل جلجانه لحد ما تعاود إنا وأخوك للدار،هو كمان زمانه راجع من المستشفى
ومعاه وكل من الشارع،طول عمره بيحب الرمرمه.
ضحك جاويد.
نهض من فوق الفراش بعد خروج يُسريه،ذهب نحو حمام غرفته وأخذ حمام دافئ،وإرتخى بجسده فوق الفراش كي ينام لكن سهد النوم وطار من عينيه رغم أنه كان قبل قليل يتثائب ويشعر بالنعاس،وعاود خيال وجه سلوان يشغل عقله وقلبه.
خرج من غرفته وصعد الى تلك المضيفه التى بأعلى المنزل وذهب نحو تلك الطاوله وبدأ بممارسة هوايته المفضله التى ورثها، وهى تشكيل الفخار...حاول الانهماك ،لكن عقله وقلبه يرفضان ان يبتعد عنه وجه سلوان، وتذكر آخر كلمه سمعها من إمرأه المعبد وتحذيرها له:
حاذر تكذب أو تخدع
لوعة العشج مكتوب عـ الجلوب
...........ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: (رواية شد عصب) اضغط على أسم الرواية