رواية لما قالوا دي صبية كاملة بقلم ميمي عوالي
رواية لما قالوا دي صبية الفصل الخامس 5
فى اليوم التالى …. وصلت فرح الى غرفة الرعاية التى يرقد بها نبيل ، لتنظر له من وراء الزجاج ، لتجد بصحبته كامل بصحبة الطبيب الجراح المسئول عن حالة نبيل ، و عندما نظرت لوجه نبيل وجدته يبتسم لها بوهن و هو يشير اليها باصابعه محيبا اياها ، ليلتفت كامل اليها ، و ما ان رآها التفت الى احدى الممرضات و اسر اليها بشئ ما و هو يشير باصبعه على فرح ، لتقوم بالخروج الى فرح قائلة بابتسامة : اتفضلى معايا يا دكتورة عشان اعقمك ، اخو حضرتك عاوز يشوفك
لتذهب معها فرح حتى انهت تعقيمها ثم دلفت إليهم لتجد ان الجراح الاخر قد انصرف و بقى كامل فى انتظارها و هو يتحدث بمرح مع نبيل ، فقالت : السلام عليكم ، طمنونى اخباركم ايه
كامل بمرح : تعالى يا ستى اتفرجى ، الدكتور بيقول لنبيل الممرضة بعد كده هتغير لك على الجرح ، قال له مش معقول يبقى ابن عمى دكتور و اختى دكتورة و اسيب حد غريب يغير لى على الجرح
فرح بابتسامة تملأ عينيها قبل ان تطل على شفتيها : عاوزنى انا اللى اغير لك على الجرح
نبيل بوهن : ايوة
فرح : و اشمعنى بقى
نبيل : الممرضة هتغيرلى بعملية بحتة ، شغلها بقى و اخدت على كده ، لكن انتى هتغيرى لاخوكى ، فهتغيري لى بالراحة و بحنية و كمان هتبقى خايفة عليا لا اتوجع
لتدمع اعين فرح و هى تستمع لتبرير شقيقها ، فتنحنى لمستوى رأسه لتقبل جبهته قائلة بدلال : و ما خوفتش ان قلب اختك يتوجع و هى بتشوف جرحك
نبيل بابتسامة : لا … مافيناش من سهوكة الله يكرمك ، احسن انا ماسك روحى بالعافية
كامل بسخرية : و لو ما مسكتش روحك هتعمل ايه يعنى مش فاهم
نبيل : اسكت يا كامل بالله عليك ، احسن انا اخدت حتة حضن قبل العملية ، مش عاوز اقول لك على جماله و لا حلاوته ، ثم تنهد بعمق قائلا : الله يسامحك يا بابا
فرح و هى تكشف عن موضع جرحه لكى تقوم بالتغيير عليه فتقول بتعجب : ما الجرح متغير عليه اهوه
كامل ضاحكا : ما الدكتور قال له المرة الجاية بقى ، لانه كان لازم هو بنفسه اللى يكشف عليه و يغيرله علي الجرح المرة دى عشان يتطمن ان كله تمام
لتعيد فرح هندمة ملابس اخيها قائلة : طب طمنونى .. ايه الاخبار
كامل : الدكتور متطمن و بيقول ان كله هيبقى تمام ان شاء الله ، و انه هينقله اوضة عادية فى خلال تلات ايام بالكتير ان شاء الله
فرح و هى تقبل جبهة اخيها : حمدالله على السلامة يا حبيبى ، و ان شاء الله تقوم بالسلامه و تبقى زى الفل
نبيل : نادر عامل ايه دلوقتى
كامل : عاوز يجيلك باى طريقة ، بس احنا مانعينه لحد ما الجرح بتاعه يلم شوية
نبيل : بابا لسه ما عرفش
كامل : لسه ، و بنحاول نعطله على اد ما نقدر ، بس شكله خلاص جاب اخره
لينظر نبيل برجاء لكامل قائلا : ماتسيبهومش لوحدهم يا كامل الله يخليك
كامل بمرح : ااه يا عم ، انت الوحيد اللى هتبقى فى الامان
نبيل : ربنا يستر
فرح بدهشة : انا نفسى اعرف انتو مالكم خايفين كده ليه ، عدت الحمدلله و انت واخوك بخير ، خلاص بقى
كامل و هو يسحب فرح الى الخارج : ياللا بينا احنا عشان نشوف نادر و نتطمن عليه ، كفاية كده النهاردة على نبيل
لينادى نبيل على فرح فائلا : فرح … ، و عندما التفتت اليه قال : ما تنسينيش
فرح بابتسامة : مش هنساك ، ما تقلقش .. مش هقدر
ليقومان بنزع ملابس التعقيم ، ليتوجها سويا الى غرفة نادر ، و ما ان دخلاها حتى قام ابراهيم من مجلسه قائلا بلوم لفرح : برضة جيتى ، هو انا يا بنتى مش قلت لك خليكى انتى و مش لازم تيجى تانى .. خصوصا الليلة دى ، انا خايف عليكى
فرح : خايف عليا من ايه بس يا عمى ، هو يقدر يعمل لى ايه اصلا ، و بعدين لعلمكم بقى ، هو اصلا مش هيسأل عليا و لا حتى هيحاول يعرف عنى اى حاجة الا لو عرف ان نادر هو اللى عمل العملية مش انا
ابراهيم : مش فاهم انتى عاوزة تقولى ايه
فرح بسخرية : يعنى بكل بساطة ، لما ييجى هيبقى كل همه انه يتطمن على نبيل ، و لما يستغرب ان نادر مش موجود ممكن تقولوا له اى حجة لغيابة فى الوقت اللى هيبقى هو موجود هنا
ابراهيم برفض : لا يا فرح يا بنتى ، مش للدرجة دى ابدا ، اكيد هيسال عليكى و هيحب يتطمن على صحتك
فرح بسخرية : لولا ان الرهان حرام يا عمى كنت راهنتك على كلامى ده ، عموما جرب و انت تشوف ، و انا عن نفسى مش هسيب نادر لوحده لحد ما تشوفوا الدنيا هيحصل فيها ايه
ابراهيم : هو هيبقى هنا اكيد على واحدة بالليل كده ، وهو فاكر ان العملية لسه هتتعمل ، و لما ييجى يعدلها المولى
و بالفعل ، كان منصور بالمشفى عند منتصف الليل بصحبة دولت ، و عندما قام بالسؤال عن نبيل فى الاستعلامات .. علم بانه قد دلف الى الرعاية المركزة بعد خروجه من غرفة العمليات ، ليهاتف الطبيب و هو فى قمة غضبه ، و لكنه وجد هاتف الطبيب مغلقا ، ليهاتف ابراهيم و الذى كان لا يزال بصحبة فرح و نادر ليذهب اليهم على الفور و ما ان رآهم حتى صاح بغضب : انتو بتلعبوا بيا يا ابراهيم
ابراهيم و هو يهرول اليه : شششششش انت ناسى انك فى مستسفى
منصور بحدة : ده انا هطربقها على دماغ اللى فيها
ابراهيم : ده بدل ما تتطمن على ابنك
منصور بثورة : طبعا دى اوامر الست الدكتورة
ابراهيم بقلة حيلة : لا حول و لا قوة الا بالله ، يا راجل اتقى الله و وطى صوتك ده شوية ، العيانين محتاجين يناموا و يستريحوا و احنا فى نص الليل ، تعالوا معايا عشان تبصوا على ابنكم و تتطمنوا عليه
منصور بلهفة : هو فاق .. اتكلم يعنى
ابراهيم : ايوة الحمدلله ، و كامل كان عنده بعد المغرب ، و الدكتور بص على الجرح بتاعه و طمننا و قال ان قدامه تلات ايام و يروح اوضة عادية
كانوا قد وصلوا الى شرفة غرفة نبيل بالرعاية المركزة ، ليطل عليه منصور بلهفة لينقر على الزجاج نقرتين ليلتفت اليهم نبيل و هو بين الصحو و المنام ، و عندما راى ابواه ابتسم لهما مطمئنا اياهما ، و عندما لمح الدموع باعين دولت اشار لها باصبعه علامة على انه بخير
دولت : هو عملها امتى يا ابو كامل
ابراهيم متنهدا : عملها امبارح يا ام نبيل
منصور بسخرية : كماان ، و المحروس ابنى لغاية النهاردة الصبح يقوللى اصل العملية هتتعمل بالليل متاخر ، خليك و تعالى الصبح ، بتستغفلونى كلكم ، خلاص للدرجة دى عصيتكم كلكم عليا
ابراهيم بذهول : هى مين دى اللى عصيتنا يا منصور ، هو انت مش هتفوق لروحك بقى ، يعلم ربنا ان البنت و لا كان ليها اى دخل بالكلام ده لا من قريب و لا من بعيد
منصور : اومال ليه ده كله لو مش شورتها
ابراهيم : عشان كلنا عارفين انكم على اعصابكم ، طب بزمتك مش كده احسن ، اديك اهوه لا وقفت قدام العمليات و لا اعصابك تلفت من القلق بسبب الانتظار ، انما فجأة لقيت العملية اتعملت و نجحت كمان ، حقك تحمد ربنا و تبوس ايدك وش و ضهر انك فى غمضة عين اتطمنت على ابنك
دولت و هى تقبل يدها : احمدك و اشكر فضلك يارب ، ربنا يتم فضله علينا للاخر
منصور : اومال البية التانى فين
ليأتيهم صوت كامل و هو يقول : نادر مع اخته يا عمى
منصور بسخرية : بقى بدل ما يقعد مع اخوه و يراعيه ، قاعد لى مع الهانم اللى اتشرطت على ابوه
كامل : الهانم دى اللى هى اخته على فكرة و تبقى بنتك برضة بالمناسبة ، و بعدين اخوه فى الرعاية ، و ممنوع حد يدخل له ، فهو هيقعد هنا يعمل ايه
منصور بعدم اهتمام لحديثه : اندهولى
ابراهيم : طب ما تروح انت اتطمن عليهم بنفسك
منصور : لا … مرة تانية
دولت باحراج : خدنى انا ليها اتطمن عليها يا ابو كامل
منصور بغلظة : اقفى مطرحك .. عاوزة تروحى فين
دولت : اروح اتطمن على اللى انقذت حياة ابنى و اشكرها
منصور بعنجهية : ربنا هو اللى انقذ حياة ابنك مش حد تانى
كامل بسخرية : اللهم قوى ايمانك يا عمى
منصور بحدة : روح اندهلى الزفت ده عشان يروح يستريح ، طالما مالوش عازة فى المستشفى
كامل بجمود : نادر ما ينفعش يسيب المستشفى دلوقتى
منصور بحدة : و ماينفعش ليه بقى ان شاء الله
كامل بشماته و هو يتمعن فى رد فعل منصور : اصل نادر هو اللى عمل العملية يا عمى … مش فرح
منصور بلهفة : ابنى .. ابنى انا .. اخدتوا حتة من جسم ابنى انا ، مين سمحلكم تعملوا كده ، مين قال انى موافق على حاجة زى دى
كامل : اصل فى حاجات كتير اوى مش لازم نستنى موافقتك عليها يا عمى ، فى اولويات .. زى الموت من الحياة كده ، ما ينفعش نستناك تقسمها بمزاجك
ليزيحه منصور من امامه بعنف و هو يجذب ابراهيم من ملابسه و هو يقول : ودينى عنده .. ودينى لابنى و حسابكم كلكم معايا هيكون عسير
ليمد كامل يده ليزيح قبضة منصور من على ملابس ابراهيم ويقول بحدة : لولا اننا فى المستشفى انا كان هيبقى لى كلام تانى معاك ، ياريت حضرتك تتصرف بتحضر و باحترام للمكان إللى احنا موجودين فيه ، و اتفضل امشى ورايا و انا هوصلك لاوضة نادر
ليلجم منصور غيظه و يسير وراء كامل بعنفوان تدل خطواته على غضب دفين ، و ما ان وصلوا الى غرفة نادر حتى فتحها منصور بعنف ليجد فرح تقف بجوار نادر و هى تساعده على شرب الماء ليزيحها بعنف حتى اصطدمت بالحائط فى حين انحنى على نادر قائلا بحدة : ليه تعمل فى روحك كده ، انا مش حذرتك من الحكاية دى و قلتلك بلاش منها ، فهمنى ليه عملت كده
نادر و هو ينظر لفرح باسف : انا عملت كده عشان انقذ اخويا ، انا اولى باخويا من اى حد تانى يا بابا ، و ما ينفعش ابقى انا الراجل و اسيب اختى البنت هى اللى تتعرض للكلام ده و انا واقف اتفرج عليها
منصور بغضب : اختك البنت اللى اتشرطت على ابوك و اتمسخرت بيه ، ثم مش انت قلتلى انها موافقة
نادر بشجاعة : فرح مالهاش اى علاقة بالكلام اللى قلتهولك ، انا اللى قلت لك كده عشان ماتمنعنيش انى انقذ اخويا قبل ما يفوت الاوان ، و انا اتفقت مع فرح اننا نفهمك كده لحد ما العملية تتم على خير
منصور بفضول : يعنى ايه ، يعنى بتضحكوا عليا من البداية ، اومال ازاى الفحوصات طلعت متطابقة
نادر : متطابقة لانها فحوصاتى انا مش فرح
منصور بوعيد : يعنى الحكاية متدبرة من الاول ، و انا برضة اللى مستغرب انها وافقت بسهولة كده انها تدى اخوك حتة من لحمها ، و اتاريها تمثيلية
ليلتفت منصور الى فرح قائلا بحدة : و يا ترى بقى التمثيلية دى كانت من تأليف مين ، طبعا من تأليفك انتى ، ما هو الموضوع جه على هواكى عشان تنتقمى منى ، مش كده يا دكتورة ، اوعوا تفكروا انى ممكن اصدق ان الكلام ده يطلع من دماغ نادر لوحده ابدا
لتعتدل فرح فى وقفتها و تقول بسخرية : و الله لو التفسير ده هو اللى هيريحك ، فصدق براحتك ان انا اللى الفت السيناريو ده
ليلطمها منصور لطمة بظهر يده لم يدركها احد لمنعها .. اسالت الدماء من شفتيها و اسنانها ، لتنظر له فرح بقوة و تقول بكره : مش جديدة عليك
منصور بحقد : اطلعى برة ، مش عاوز اشوف وشك تانى ، و لا تقربى من ولادى تانى ، صدق اللى فال عليكى قدم نحس ، غورى من وشى
لتنظر فرح بجمود الى ابيها و لكنها اعتدلت بوقفتها و قالت و هى تسحب حقيبتها استعدادا للرحيل : لو كنت شايف انى نحس عشان جيت بنت مش ولد ، فامى اهيه جابت بدل الولد ما شاء الله اتنين ، و من يوم ما اتجوزت عمو عادل و هى السعادة و الضحكة مافارقوهاش ، تفتكر مين بقى اللى كان نحس على التانى يا منصور بيه
ليقترب منها منصور بحدة و هو ينتوى ان يطيح بها مرة اخرى لولا ان وقف كامل و ابراهيم حائلا بينهم و كان ابراهيم يقول : اوعاك تأذيها تانى يا منصور ، و لكن كامل فعل مالم يكن بحسبان احد ، فقد قام بتوثيق منصور بكلتا يديه و قال له بحدة و هو يسيطر عليه بين يديده : هو انت مش ناوى تتقى الله و تجيبها لبر ابدا ، ايه مالك ، متفرعن و ماشى تقول انا ربكم الاعلى بمناسبة ايه ، ما تفوق بقى و بطل جبروتك ده .. الدنيا ماهياش ماشية على هواك ، كل اللى حواليك كرهوك حتى عيالك
منصور و هو يحاول الفكاك من بين يديه : انا ماليش عيال غير نبيل و نادر
كامل بشماته : حتى دول كرهوك و طلعوا من تحت طوعك ، كفاية بقى احنا كلنا زهقنا من الغل اللى مالى قلبك ده
منصور بحقد : انت اللى محروق بزيادة من ساعة ما خليتها سابتك و اتجوزت غيرك ، و بدل ما تشكرنى انى بعدتها عنك بطمعها ، عمال تغل من ناحيتى و كارهنى و كاره لى الخير
لينظر له كامل باشمئزاز و دفعه بعيدا عنه قائلا : تعرف ، انا بدعيلك من كل قلبى انك تفضل على ضلالك ده لحد ما تموت ، عشان تندم وقتما لا ينفع الندم
ثم رفع اصبعه بتحذير و اكمل قائلا : بس انا بقى بحذرك ... على الله تفكر تأذى فرح لانك لو فكرت بس مجرد تفكير فى ده ، ماحدش هيقف لك غيرى يا … يا عمى
ثم التفت و سحب معه فرح متجها الى الخارج ، لتسير معه فرح دون اى حديث حتى جلست بجواره بسيارته ، و لم تنتبه الا بعد ان توقف بجوار النيل و كان الجو هادئا ، فكان الوقت متأخرا ، و الشوارع تكاد تخلو من المارة ، و انتبهت اليه و هو يقول : كانت بتشتغل سكرتيرة عند ابويا فى مكتبه ، كانت ظروفها على ادها ، لما كنت بروح لبابا المكتب كنت بحب اقعد معاها و نتكلم سوا فى كل حاجة ، كانت بتدرس فى كلية تجارة جنب شغلها عشان تقدر تصرف على روحها ، امها و ابوها كانوا متطلقين ، عاشت مع امها ، و ابوها ما كانش بيصرف عليهم من بعد ما طلق امها و سابهم و ساب روحه لشيطانه و سكره و جريه ورا الستات لحد ما اتحبس بسبب خناقة فى سهرة من سهراته ، و ما كانلهومش مصدر رزق ثابت ، عجبنى اصرارها و اعتمادها على نفسها ، و صدقها مع نفسها و اللى حواليها ، حبينا بعض و اتفقنا نتجوز بعد ما اخلص الجيش ، و فاتحت بابا اللى كان متعاطف جدا مع ظروفها و معجب باخلاقها ، وادانى موافقة مبدأية على طلبى ، و فجأة رجعت فى اجازة من الاجازات مالقيتهاش ، اختفت .. كأنها فص ملح و داب ، كل اللى عرفته انها اتجوزت ، مين و امتى و ازاى ، ماحدش دلنى على حاجة ، لحد ما فى الاخر عرفت ان هو اللى ورا الحكاية من اولها لاخرها ، هددها بامها و انه هيشردهم فى الشارع لو ما سمعتش كلامه و جوزها لواحد من اللى بيشتغلوا معاه و خلى امها عزلت من البيت اللى كانوا عايشين فيه عشان ما اعرفش طريقها
فرح : اومال عرفت الكلام ده ازاى
كامل بسخرية : فى مرة كنت قاعد هنا ، ده المكان اللى كنت دايما بقعد فيه معاها بعيد عن الكل ، لقيت ايد بتتحط على كتفى و بتقوللى : ازيك يا كامل
التفتت بسرعة لقيتها هى ، و لقيتها …. حامل ، و لما لقتنى بصتلها و سكتت حكتلى على اللى حصل ، و قالت لى انها ماكانتش هتقدر تتحمل تبقى السبب فى بهدلة امها فى اواخر ايامها ، و ان لطف ربنا بيها ان جوزها ابن حلال و بيحبها و بيعاملها بما يرضى الله
يومها فضلت اسمعها لغاية ماخلصت كلامها كله و مشيت ، مافكرتش ابدا من وقتها انى اعرف عنها حاجة ، لكن لسه لغاية دلوقتى موجوع منه ، كرهته ، زى ما انتى كرهتيه و يمكن اكتر ، بس انا كرهت عنجهيته الكدابة و جبروته ، و اللى لغاية دلوقتى مش لاقيله سبب و لا مبرر
يمكن تكونى بتفكرينى بيها ، انتى كمان اعتمدتى على نفسك و رسمتى طريقك و بتحاولى تمشى فيه ، بس يمكن انتى تصميمك و عزيمتك اكبر و اقوى منها
كامل التفت لفرح لقى دموعها نازلة على وشها فقال لها بتعاطف : اول مرة اشوفك بتعيطى ، ايه … اوعى اكون صعبان عليكى ، و اللا يكون اللى عمله مأثر فيكى و اللا فرق معاكى .. ده منصور يا فرح ، ثم احنا كنا متوقعين اللى حصل ده من الاول
فرح بحزن : مش بعيط عشانه ، انا بعيط لانى للاسف حبيت اخواتى و صعبان عليا انه يحرمنى منهم او يبعدهم عنى من تانى
كامل و هو يمد يده ليدير السيارة مرة اخرى : صدقينى .. المرة دى مش هيقدر
اما عند نادر ، فقد ساد الغرفة صمت رهيب بعد انصراف كامل و فرح ، مما زاد فى وضوح انفاس منصور العالية المتلاحقة من شدة الغضب ، فكان يلهث بشدة و كأنه فى حلبة سباق ، و ظل كذلك حتى قال نادر : انا من زمان و انا عارف من ماما ان عندى اخوات بنات .. رغم ان عمرك ما جيبت سيرتهم قدامنا ، بس عمرى ما اهتميت بالحكاية دى ، و اما لقيت انك مش مهتم بيهم و لا بتسأل عليهم ، ماحطيتش فى دماغى ، حتى لما رحمة و ندا اتجوزوا ولاد عمى ابراهيم ، لقيتهم لطاف و طيبين ، بس برضة ما اهتميتش انى اقرب منهم و لا اتعرف عليهم من قريب ، لكن فرح لا يا بابا
منصور بحدة : و اشمعنى يعنى فرح ، تعرفها من امتى و اللا اتعاملت معاها امتى عشان تتمسك بيها أنا مش فاهم
نادر : كفاية انى لجأتلها عشان تساعدنا انا و نبيل و ما اتأخريتس
منصور بغضب : عشان غبى ، رايح لاكتر واحدة بتكره ابوك و عاوزها تساعدك انك تستلطخ ابوك .. تفتكر هتمانع و اللا هتقول لك لا ، دى ماصدقت انها تدينى بالقلم على وشى بايدك
نادر بذهول : دى بنتك و من صلبك زينا بالظبط ، ازاى تتكلم عنها بالشكل ده
منصور : مابحبش البنات و خلفتها ، خيرها كله للغريب ، لكن انت و اخوك عزوتى ، و انتم اللى هتخلدوا اسمى على وش الدنيا
نادر : بس انا مش هقاطع اخواتى و ابعد عنهم من تانى بعد ما ابتديت اقرب منهم عشان طريقة تفكيرك الغريبة دى
منصور بسخرية : اخواتك .. و انت بقى كنت قربت منهم امتى عشان تبعد من تانى يا سى نادر
نادر : اخواتى ما سابونيش من ساعة ما عملت العملية ، دايما كانوا جنبى و ماخلونيش محتاج حاجة
منصور : هو عشان قعدوا جنبك يومين يبقى خلاص السمنة ساحت على العسل ، قال اخواتك قال
نادر : و لما هم مش اخواتى ، روحت ليه تعمل لهم الفحوصات و كنت عاوز تاخد منهم عشان تدى نبيل ، اشمعنى بس افتكرتهم و انت اللى عاوز منهم بدل ما تديهم
منصور بعنجهية : كفاية انهم شايلين اسمى ، هديهم ايه تانى اكتر من كده
كان ابراهيم يجلس فى صمت وصبر شديدين فى انتظار ما ستأوول اليه مناقشتهم حتى نفذ صبره فقال : ده بدل ما تفرح ان ولادك قريبين من بعض و قلبهم على قلب بعض ، يا راجل اتقى الله و انسى بقى ، مش كل بنت فى الدنيا و لا كل ست ابدا هتبقى زى نوال .. اتقى الله فى بناتك بقى و بطل تحملهم ذنب عمره ما كان ذنبهم
ليلتفت له منصور بحدة ناهرا اياه و هو يقول : اسكت يا ابراهيم ، مش عاوز اسمع السيرة دى ابدا
ابراهيم بعند : لا مش هسكت ، و المرة دى بالذات مش هسكت لانك زودتها اوى ، طول السنين اللى فاتت و انا بقول معلش .. معذور ، بكرة يفهم ، بكرة يعقل ، بكرة يعرف قيمة بناته ، بكرة يفرح بيهم و يقرب منهم ، حتى لما جوزت بناتك لولادى قلت فرصة تقرب منهم و تودهم و يودوك ، لكن انت عامل زى تل الرمل اللى كل ما يهب عليهم شوية هوا ماينوبش اللى حواليه غير الرمل اللى يعمى عينيه
لا انت اول و لا اخر واحد يحب و ما يطولش ، نوال اما هربت منك هربت من قسوتك و جبروتك ، ذنبها ايه فاطمة تنتقم منها بدل نوال و تزلها و تعمل اللى عملته فيها ، ذنبهم ايه بناتك تقهرهم و تيتمهم و انت على وش الدنيا ، حتى دولت .. استغليت حوجتها و يتمها عشان تتجوزها و تسيطر عليها ، و اتجوزتها وانت فى ضميرك تعمل فيها زى ماعملت فى فاطمة لو برضة جابت لك بنات ، بس ربنا كان رءوف بيها عشان عالم بظروفها و ان مالهاش حد .. اتقى الله بقى ، انا خلاص نفضت ايدى منك ، و من عمايلك ، بس اعمل حسابك يوم ما هتندم و تفكر تلجألى عشان احنن قلب بناتك عليك ، هقول لك ماكانش ينعز .. كان فى و خلص يا منصور
ليستدير ابراهيم استعدادا للانصراف ، و لكن يستوقفه صوت نادر و هو يقول و هو ينظر الى ابيه بتحدى : عمى ، من فضلك ، بلغ فرح انى مستنيها بكرة
ابراهيم : هبلغها يا ابنى ، و هى حرة ان كانت تيجى و اللا ماتجيش بعد اللى حصل
لتمر الايام و يعلن الطبيب نجاح عملية نبيل و ان جسده قد تقبل الزراعة بنجاح ، و كانت فرح تقوم بزيارة اشقائها فى الاوقات التى تتاكد فيها ان منصور قد غادر الى منزله او عمله ، و اجتمعت بدولت اكثر من مرة و التى عاملتها بود و لطف لم يخلو من بعض الحزازية
و بعد مرور اسبوع استطاع نادر مغادرة المشفى ، اما نبيل ، فظل تحت الرعاية و الاشراف الطبى لاسبوع اخر حتى استطاع هو الاخر مغادرة المشفى مع المتابعة المستمرة مع طبيبه المتخصص
الى ان جاء موعد افتتاح المشفى الخاص بكامل ، و الذى حضره جميع افراد العائلة ما عدا منصور ، الذى تغيب عن الحضور بعد ان علم ان كامل قد دعا فاطمة و زوجها و أبنائهم ، و حضره ايضا نادر و نبيل اللذان توطدت علاقتهما بابناء عمهما خلال محنتهما
و كان نادر و نبيل قد تعرفا بدورهما على احمد و محمود ، و فاطمة و عادل و كان هناك جو من الالفة و البهجة بين الجميع ، حتى اختلى نادر و نبيل بابراهيم بعيدا عن الجميع و قال نادر : بقولك يا عمى
ابراهيم : خير يا ابنى
نادر : كنت عاوز اسألك … مين نوال دى اللى قلت عليها لبابا يوم ماجالى المستشفى
ابراهيم بامتعاض : ده موضوع قديم يا ابنى و اتقفل من زمان
نادر : بس شكله كده عمل عقدة لبابا و مش قادر انه ينساها ، و انا عاوز اعرفها
ابراهيم بتنهيدة : ابوك طول عمره و هو جامد فى معاملته مع اللى حواليه ، مهما كان بيحبهم ، مابيبينش ابدا ده لانه بيبقى فاكر ان ده ضعف
نوال كانت بنت خالتنا ، و كانت امنا اللى مربياها بعد موت ابوها و امها ، و ابوك كان بيحبها و طلبها للجواز ، و فعلا اتخطبوا ، بس كانت بتخاف منه و من قسوته ، فهمته انها موافقة عليه ، و كانت بترتب لهروبها مع اللى بتحبه بجد و اللى كان صاحب منصور من سنين
صحينا فى يوم لقيناها اختفت ، بعد ما سابت جواب لامى انها عملت كده عشان مش عاوزة منصور و ما بتحبوش و بتخاف منه لدرجة الرعب
صمم انه يخطب ويتجوز بعدها بسرعة ، و اتقدم لفاطمة و اتجوزها خلال شهرين تلاتة ، سقاها من العذاب و الاهانة اشكال و الوان لحد ما حصل اللى حصل ، و بعدها بمافيش اتجوز امكم بعد مابيتهم ولع باللى فيه ، و جوزها مات فى الحريقة هو و ابنها اللى كان عمره شهور
نادر بذهول : هى ماما كانت متجوزة قبل بابا
ابراهيم : كانت ارملة يادوب عدى عليها ست شهور ، و مالهاش حد ، لكن كان كل تفكيره وقتها انها سبق لها خلفة الصبيان ، يبقى اكيد هتجيبله هو كمان الصبيان اللى بيحلم بيهم
نادر : انا برضة لحد دلوقتى مش فاهم هو كاره اخواتى ليه
ابراهيم : هو شايف ان الستات كلها خاينة و ان خلفة البنات عار ، و لولا انه عشان يجيب الولد لازم يتجوز ست ، متهيألى ماكانش اتجوز ابدا
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية لما قالوا دي صبية ) اسم الرواية