رواية اوتار حاده كاملة بقلم مروه اليماني عبر مدونة دليل الروايات
رواية اوتار حاده الفصل الخامس 5
نور
تجلس وتضع رأسها بين يدها وتبكي بجرقة لأجل أخيها المصاب بتلقات نارية وهو الأن بالعنايه المركز لمستشفى الشرطه، كان شريف يجلس أيضاً في الناحيه المقابله لها ولكنه يبعد عنها، حاله كحالها..حزين علي صديق عمره, ورفيق دربه وعمله أيضاً، كان صوت صراخ صديقه ما زال يدوي في أذنيه ومنظر الدماء يراه أمام عينيه, كانت تلك اللحظات المريرة كأنها لم تفت بعد, وتتكرر بكل تفاصيلها أمام عينيه .
أقترب زياد منها وجلس بجوارها قال: ممكن كفايه عياط بقا....أنتي مبطلتيش عياط من ساعت ما عرفنا .
ظلت صامته لولا صوت أنفاسها المتقاطعه ونحيبها الذي لم ينقطعا، قال زياد: طب يعني أنتي لما تعيطي حالته هتتحسن ويخرج معانا ...العياط مش هيفيد بحاجه .
خرجت إحدي الممرضات فوقف الجميع قالت نور: طميني لو سمحتي .
الفتاة: للأسف يا جماعه الحاله حرجه جداً بس هنعمل كل إلي نقدر عليه والله المستعان .
قالت نور برجاء :ممكن أدخل معاكم هقدر أساعدكم أنا دكتورة جراحه .
تعاطفت معها الفتاه وأخبرتها أنها ستسأل الطبيب اولاً, تفهم الطبيب حالتها وأشار لها برأسه موافقاً بعدما أخبرته ما قالته نور, دلفت نور بعدما عقمت يديها جيداً وارتدت ملابس الأطباء الزرقاء ووقفت معهم لتساعدهم، بين يديها مريض لكن ليس مريض عادي, أخيها, حين رأت أخيها وفي جسده ثلاث رصاصات أحدهم بيده اليمني والأخرى في كتفه الأيسر صدها الدرع الواقي ولكن أثرها في جسده, والأخيرة في قدمه،
اغرورقت عينيها بالدموع ولكنها سرعان ما سيطرت علي حالتها وساعدت الطاقم الطبي بكل ما أوتيت من قوة .
بعد سعات من القلق الشديد والوف العارم, خرجت من العناية هي والطبيب المشرف أخيراً, كان الجميع يقف بالخارج وقد أتت سارة خطيبته هي ووالدها سيادة اللواء بعدما علمت ما حدث له من صديق والدها بمكتب المكافحة .
فتوجه لها والدها مسرعاً وكذلك الجميع كانت تتعجب كثيراً من والدها فقد كانت تظن أنه هو من سيطلب الدخول للعمليات لينقذ أبنه وخاصة أنه من أمهر الأطباء, ولكنها تعلم أنه لم يدخل لغرفة العمليات منذ فتره طويله لا تعلم السبب الحقيقي ولكنه أخبرها أنه يريد التركيز علي إدارة المستشفى لم تسأله لأن الوقت ليس مناسب لذلك .
قال والدها: طمنينا يا نور !
قالت نور بإجهاد شديد: متقلقش يا بابا خرجنا الرصاص
نظر والدها بصدمه فهو كان يتوقع كلمة رصاصه ولكنها قالت
رصاص يعني أكثر من واحده
فقالت نور: كانوا ثلاثة واحده الدرع الواقي صدها واتنين صابوه بس والحمد لله مفيش أصابت في مناطق حيوية ربنا سترها مكتوب له عمر .
أزعجته أشعة الشمس التي اقتحمت غرفته, وافسدت عليه راحته, وجعلته يعود لآلامه من جديد, فتعصر قلبه, بلا رحمة, أو حيلة فمهما فعل لن يتخلص من تلك الذكريات إلا إذا قرر أن لا يكون حبيس الماضي بعد اليوم .
نهض من فراشه وهو يطالع هاتفه الذي أخبره بالساعة وكانت السابعة فارتدا ثيابه وأعد نفسه للخروج, وقف أمام صورة والديه الموضوعتان علي الحائط وهو يبتسم دعاء لهم بالرحمة والمغفرة ودعاء الله أن يجمعه بهم علي خير في الدار الآخرة.
عادت به ذاكرته إلي الماضي البعيد, تلك الأيام التي حياها مع أسرته الصغيرة أبيه وأخته وأمه الحنون, الأيام التي كان يلعب فيها ويمرح دون أن يحمل أعباء الحياة التي أرهقته مؤخرا, التي لم تنقطع فيها سعادته ووالده يعلمه دينه ويحببه فيه هو وأخته الكبرى, ووالدتهم التي كانت تسقيهم الحنان والرحمة وترعاهم كادت دمعه تفر من مقلته ففرك عينه ليمسحها ويمسح أي أثر لها, ثم خرج ليذهب إلي عمله .
في الصباح ذهبت لتطمئن علي أخيها بعدما رحل الجميع بالأمس, لم تنم ولم يغفل لها جفن تنتظر الصباح الذي سيأتيها بأحد الخبرين...أما النجاة أو الموت...فهي لم تخبرهم أن الساعات المقبلة ستحدد مصير أخيها فهل سينجو بالفعل أم لا؟!
كانت تعلم أن أمامه علي الأقل ثمانية وأربعون ساعه ليفيق بعدما دخل في غيبوبة لفقده كثيراً من الدماء, وعلي الرغم من ذلك لم تتمكن من منع قلبها من الذهاب وعينيها من شوق النظر لأخيها ولو من خلف زجاج الغرفة, فهو رغم صرامته طيب القلب وحتي ان لم يكن كذلك فهو أخيها! .
في طريقها للمستشفى كانت تفكر في أمها هل تخبرها؟ أم لا؟!
كانت تخشي أن تخبرها فيصيبها مكروه أو لا تخبرها فتعلم وتنهرها علي لأنها أخفت عنها أمر كهذا
_ : هتعملي أيه يا نور .
ردت علي نفسها وكأنها شخص أخر: هتعملي أيه يعني يا نور؟...لازم تقولي لها برضوا بس لو أصرت تشوفه هتعملي... أيه دي هتبقي كارثه ساعتها .
ظلت هكذا حتي وصلت واطمأنت عليه بعد قليل من الوقوف خلف الزجاج والنظرات الحزينة والدعوات المسترسلة ذهبت لوالدتها وهي لا تعرف هل الذهاب الآن وأخبرها حل مناسب أو لا كل ما كانت تعرفه أنها يجب أن تعرف ما حل بأبنها فهي أمه وهذا حقها في النهاية .
دلفت للمنزل بعدما فتحت لها زينب وجلست معها قليلاً تحدثت عن نفسها وتثامروا في مواضيع مختلفة حتي قالت لها زينب
_ : أخواتك عاملين أيه؟!
تقطب حاجبيها وبداء وجهها يشوبه القلق لاحظت أمهما وجوم وجهها فقالت: حد من أخواتك حصله حاجه...أتكلمي يا نور سكتي ليه؟!
_: أيوه عصام أنضرب بالنار وهو في شغله.
ظلت والدتها صامته كأن لسانها بُتر أو عجزت الكلمات عن الخروج منه فقالت نور:
متقلقيش يا ماما هو كويس جداً دوقتي أنا تابعت حالته مع المستشفى بنفسي وأخبرتها ما حدث معهم منذ بداية الاتصال الذي أتاهم حتي الصباح مع تزيف بعض الأمور الحقيقة حول حالته الصحية كي لا نقلق أمها أ كثر من ذلك .
كانت نور تتحدث ووالدتها صامته حتي أنها ظلت صامته بعد انتهاء نور لعدة دقائق مما جعل قلب نور يرتعد قلق علي أمها كادت تتحدث ولكن زينب قالت:
أنا عايزه أشوفه .
كانت تعلم أن هذا أول ما ستقوله لها فقالت:
مش هينفع يا ماما لو بابا عرف هيزعق لي وهيمنعني أني أجيلك تاني
نظرت لها بصمت وفي عينيها الحزن وألم وفؤادها يتمزق علي فلذة كبدها وأبنها البكري, بالأمس شعرت بنغزة قويه في قلبها نفس التوقيت الذي أصيب فيه أبنها, والأن تشعر بالأسي والضعف أمام قوة ياسر علام فها هو أبنها راقد في فراشه ويحتاج لأمه ولكنها ليست معه ولا تقدر علي ذلك .
_: أبقي طمنينى عليه يا نور أوعي تنسي .
هزت راسها إيجاباً, ثم قبلت رأس امها واستأذنت منها لترحل فأذنت لها .
خرجت نور من المنزل وهي تشعر بالانتصار فقد أخبرت أمها كي لا تغضب منها وفي الوقت ذاته أقنعتها بعدم رؤية أخيها ولكنها كانت حزينة لأجل أمها التي فقدت أبنائها وفقدوها وكل منهم علي قيد الحياة.
أنقضت ثلاثة أيام أخره لم تراه كانت تذهب فيها لعملها, ثم لرؤية أخيها ثم لأمها لتخبرها عن حالة عصام وتطمئن عليها أيضاً في المستشفى وفي مساء كل يوم كان له تقضي ليلها تفكر في هذا الغريب, كانت تسأل حالها لماذا تفكر فيه كثيراً... بررت لنفسها بأنها تريد أن تراه لتعتذر منه علي وقاحتها معه وهكذا حتي اليوم الرابع عشر علي لقائهم .
كان ياسين أيضاً يقضي أيامه بملل بين عمله الذي لقي نجاح وبدأت أموره تتحسن شيء فشيء, وبين مكالماته مع أخته ولكن لاحظ اختفاء شيرين فهي لم تعد تزوره أو حتي يراها بمحض الصدفة منذ يوم عيد ميلادها هذا حتي سمع صوت الجرز ظنه أحد أصدقائه لكنه وجدها شيرين تعجب كثيراً وسألها قائلاً: شيرين!...أنتي كنتي مختفيه فين الفترة اللي فاتت .
كنت في طنطا عند جدي مع ماما .
قالتها شيرين وهي تبتسم ثم أ كملت بعدما رأت علامات التعجب علي وجهه :
أصل جدو كان تعبان شويه رحنا نطمئن عليه...أحنا أصلاً من طنطا وبعدين نقلنا القاهرة .
أبتسم وقال: القاهرة نورت .
_: منوره بوجودك...هو أنت...
لم تكاد تكمل كلامها حتي صاح هاتفه فذهب ليحضره وهي ما زالت واقفه بالخارج, عاد لها ورد علي هاتفه قائلاً : أيوه يا حبيبتي...عامله أيه ؟.
ابتلعت غصتها ثم أشارت له أنها ستذهب فهز رأسه إيجاباً ثم أغلق الباب وقال لنشوي: طب يا نشوي هكلمك لما أرجع من الشغل
لم يكن يريد أن تصل الأمور لما آلت إليه, لم يكن يريد أن يجرحها بتلك الطريقة, ولكنه تأكد من مما كان يخشاه حين أتت عينها في عينه بالصدفة قبل أن يعيدهم للأرض كعادته, راء بريق عينيها وهي تتبعه بنظراتها العاشقة فما كان عليه إلا صدها .
فهو يتوارى من نظرات الشفقة بالابتسامة رغم ما بداخله من ألم...رغم الماضي الذي ينبش في قلبه لا تفارقه الابتسامة أحياناً يطلق عليه أصدقائه لقب ( الجبل ) لقوته وصموده رغم ما حدث معه .
لكنه يظهر ذلك مثله مثل أغلبية البشر يصبر نفسه بالابتسامة, كأنها الماء الذي يطفئ بركانه الداخلي كي لا يثور ويحرق الجميع.
دلفت شيرين لمنزلها وأسرعت لغرفتها ألقت نفسها علي الفراش وبكت كلما تذكرته وهو يقول (حبيبتي) كان يزيد بكائها كانت قد تأكدت من حبها له في الفترة التي قضتها عند جدها لطالما شغل عقلها هناك, كانت تسال نفسها هل هذا حب أم مجرد إعجاب, كانت تسال نفسها هل غموضه هو ما يدفع عقلها للتفكير فيه؟ .لكنها تتذكر ضربات قلبها التي تتسارع إذا رأته!
وشوقها لرؤيته حين غاب عنها كل هذا كان يوحي بما هو أ كبر من إعجاب.
لكن ماذا ستفعل وهو لديه (حبيبة) ؟! أتنساه كما يقول العقل ؟ , أم تصبر عله يكون لها في المستقبل ؟ , لكن ماذا أن لم يكن! .
خرج ياسين من منزله وذهب إلي عمله, وصل وقد اقتربت من التاسعة صباحاً قال له عاصم ساخراً : ناموسيتك كحلي يا أستاذ .
_ : معاك حق يا عاصم المفروض هو إلي يروح يجيب الفطار عقاباً ليه .
قالها مصطفي وهو يقترب منهم ويضحك فضحك ياسين وقال:
مبتصدقو أنتو تمسكوا عليا حاجه صح .
قال عاصم وهو يربت علي كتف ياسين بجديه : الله هو احنا عندنا أغلي منك يا غالي .
ثم أنفرط الثلاثة ضاحكين وبعدها تركهم ياسين وسط نظرات العملاء المتعجبين وذهب ليحضر الطعام .
بعد نصف ساعه كان يقترب من المعرض وهو يحمل الأكياس في يده اليسرى وفي يده اليمني يتكلم في هاتفه مع نادر زوج أخته وقبل أن يدخل وضع هاتفه في جيب بنطاله وهو يسير للداخل وقبل ان يرفع عينه أرتطم بأحد ما فوقعت الأكياس
نزل ليلملم أشيائه وكذلك الشخص الذي أرتطم فيه نزل ليساعده
فقال ياسين: أسف جداً مخدتش بالي .
_: ولا يهمك محصلش حاجه , ثم قالت بتعجب وهي تقف:
هو أنت!
وقف ياسين ليري من يتحدث معه وخاصة أن الصوت صوت فتاه أمعن النظر لها قبل أن ينزل عينيه للأرض وهو يستغفر ربه في سره .تعرف عليها وكيف لا يعرفها وهذا الوجه لا ينساه أحد, أنها هي الحمقاء التي تطاولت عليه في المول منذ أيام عده .
قالت بغضب : كدا كتير هو أنت بتراقبني .
أعتلي وجهه الدهشة أنها وقحه حقاً ومجنونة أيضاً, قال:
لا مش معقول أنت مجنونة ومحتاجه تتعالجي .
أول مره هزقتيني وسكتلك والمره دي براقبك ...أنتي مين أنتي عشان أعبرك أصلاً .
صدمت من وقاحته تلك المره وقالت بفخر: أنا
لم تكمل كلامها حتي تدخل أخيها إياد قائلا: أستاذ ياسين أنا إياد...أتمني أن حضرتك تكون لسه فاكرني
أبتسم ياسن وصافح إياد وهز رأسه مؤكد وهو يقول: أيوه طبعاً فكرك يا إياد وكل حاجه جاهزة ...روح لأستاذ عاصم وخلص معه الأوراق .
_: تمام... عن أزنك ثم نظر لنور وقال: يلا يا نور
تبعت أخيها وهي ما زالت ترمقه بنظره غاضبة, أما هو فلملم أشيائه ووضعها علي, مكتب مصطفي وانتظروا حتي ينتهي عاصم وينزل ليشاركهم الطعام .
قال مصطفي متسائلاً: هي مين إلي أنت كنت واقف معاها دي!
أخبره ياسين عن لقائه بها منذ راها حتي الأن .
انتهت نور مع أخيها وخرجت من المعرض وهي تحمد ربها أنها لم تلتقي به مرة أخره, فهي كانت تريد رؤيته لتعتذر ولكنها زادت الأمور سواء .
قال إياد: أسيبك دقيقتين أرجع ألقيكِ بتتخانقي يا نور .
_: إياد يلا روح ومتجبش سيرة بالي حصل .
_: ماشي ...أنتي مش هتروحي
_: هروح عند إيمان وهرجع قبل ما بابا يجي من المستشفي متقلقش .
_: تمام .
تركها وذهب بدراجته البخارية أما هي فذهبت لصديقتها كما أخبرته .
ظلت تقود السيارة وهي تسترجع حديثها مع ياسين وهي غاضبه, حين وصلت لوجهتها نزلت سريعاً أمام المكان الذي تعمل فيه إيمان كانت تعمل في بنك, دلفت لمكتبها وأدلت ما في جعبتها لحافظة سرها التي تعتبرها أخت لها .
_ : معقول!...نفس الغلطة يا نور مبتتعلميش أبداً .
_ : أعمل إيه بس لقيته قدامي وارتبكت...الكلام طلع لوحده.
_ : عشان مفيش كنترول علي لسانك...أدعي ربنا بقا أنك متشوفهوش تاني منظرك هيبقي بايخ أوي .
_ : يا رب يا إيمان .
في مستشفى الشرطة دلفت نور وكانت قد اقتربت علي الثانية ظهراً وقفت مع الطبيب تطمئن علي حالة أخيها وتنهي
إجراءات خروجه بعدما استقرت حالته الصحية.
بينما في غرفة رقم (202) كان عصام ممدد علي الفراش قال لصديقه شريف متسائلاً: قبضتوا علي ولاد منصور ولا لسه ؟!
قال ووجهه تعلوه أمارات الفرح: الحمد لله قبضنا عليهم متلبسين أمبارح هما وحنفي وهيتحولو للنيابة بكرا .
_ : الحمد لله...كويس....أنا هخرج أنهاره نحضر الجلسة .
لم يرد شريف وأكتفي بهز رأسه في حين دلفت نور, تبدلت ملامحه وأرتبك قليلاً لاحظ عصام ذلك, بينما نور ألقت عليهم التحية ولم تتهم بالأمر كأن شيء لم يكن, خرجت نور وشريف ووقفوا في الردهة حتي يغير أخيها ثيابه, حاول شريف استجماع قوته والكلمات في ذهنه ثم قال: أنا عارف يا نور أن عرضي للزواج جه في وقت مش مناسب...وأننا مش وأخدين علي بعض وبنتعامل من وأحنا صغيرين كأننا أخوات...ومكنش هيبقي في خطوبة...يعني كل حاجه كانت هتيجي بسرعة وأنتِ من حقك تقلقي...عشان كدا أنا بقول ننسا إلي حصل ونتعامل عادي ونخلي موضوع الجواز دا يجي في وقته المناسب بعد ما نكون عرفنا بعض كويس .
كانت نور تستمع له بإنصات, أو كانت تدعي ذلك! فبالنسبة لها هذا الأمر محسوم وسيظل هكذا مدي الحياة .فقد أخذت وعد علي نفسها بأن لا تقترب من النار, وأي نار تلك أشد من عصمت وأختها اللتان يشبهان بعض في الخبث والدهاء, أما شريف فلا علاقة له بأمر رفضها للزواج...فهو شاب مناسب وخلوق وطيب لم تري منه شيء ولكن أمه وأختها الحيزبون تطفش أي عروس .
أكتفت بابتسامة زائفه والإيماء برأسها .
عادت نور مع أخيها وشريف بعدما أصر علي الذهاب معهم ولحسن حظها هي وإياد كان أبيه لم يعود بعد, ساعد شريف عصام ليجلس, ثم أستأذن منهم ليرحل فقالت له عصمت بأنها ستذهب معه وطلبت من عصام أن يخبر والده بأنها ذهبت لتطمئن علي أختها, ظل الجميع بالأسفل في انتظار أبيها, فكانت هي شاردت الذهن تفكر فيما حدث وإياد يعبث في الهاتف وعصام مشغول بقضية الغد, لم تطول فترة انتظارهم حتي دلف والدها وهو يحمل من الغاضب أطنان قال بغضب: إياد حصلني علي المكتب حالاً
نظر لأخته والتي بدورها قالت: بابا لو سمحت ممكن نتكلم لوحدنا شوية .
_ : مش وقته يا نور .
_ : الموضوع له علاقه بإياد .
نظر لها والدها ثم وافق, دلف لمكتبه وتبعته نور جلس علي مقعده ومن بعده جلست هي فقال بغضب ونبرة يشوبها الشك: إياكِ يكون ليكي علاقه بموضوع الموتسكل دا .
ازدردت ريقها وقالت: ممكن حضرتك تسمعني الأول.
ثم تابعت: بابا إياد أتظلم لم خبينا عليه موضوع ماما
رمقها والدها بنظرة جعلت الخوف يدب في أوصالها فتابعت حديثه قبل أن يثور عليها: أنا قصدي يعني أن حضرتك كنت وعدته أنو لو جاب مجموعه كويس هتجيبله الحاجه الي يطلبها هو...ولما طلب إلي نفسه فيه حضرتك رفضت ...هو زعل جداً وحس أنو ملوش حد بعد ماما....طبعاً حضرتك الخير والبركة وربنا يطولنا في عمرك...بس هو حس أنها علي الأقل لو كانت هنا كانت هتقنع حضرتك أو هتجيبله إلي نفسه فيه ,فأنا يعني قولتله ان حضرتك مستحيل ترفض حاجه هو نفسه فيها أو ترجع في وعدك...صح .
كان يسمعها باهتمام وظهرت عليه أمارات الاقتناع قال:
دا مش معناه أن أنتي تتحديني وتعملي حاجه بدون أذني...ظنت أنه سيرفض وينهرها, لكنه قال: بس المرة دي معلش عشان أستاذ إياد ميزعلش...وعشانك أنتي كمان يا نور بس متتكررش تاني
أومأت برأسها وهي تبتسم وقالت: حاضر
وصل شريف مع خالته للمنزل, لم يجلس إلا لدقائق معدودة, ثم أستأذن من أمه وأخبرها أنهم طلبوه في المكتب, غادر وتركهم فقالت أختها (أميرة) بحنق:
والدكتورة عامله إيه دوقتي .
فهمت عصمت ما تعنيه أختها فقالت :
متقلقيش نور مش هتكون لحد غير شريف...أنا بس مستنه شوية عشان بعد إلي حصل لعصام الأحوال في البيت متدربكه...وياسر علي أخرة...بس مستحيل نضيع الثروة دي كلها من أيدنا .
_ : أنا هطمئن وأعتمد عليكي يا عصمت .
_: أطمني يا ختي متقلقيش ...كله هنا .
قالت كلمتها الأخير وهي تشير علي رأسها بسبتها
يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية اوتار حاده) اضغط على أسم الرواية