رواية لما قالوا دي صبية كاملة بقلم ميمي عوالي
رواية لما قالوا دي صبية الفصل السادس 6
فى صباح يوم مشرق ، و بعد مرور خمسة اشهر على بداية العمل الرسمى بالمشفى الخاصة بكامل ، كانت الامور تجرى على طبيعتها ، فالجميع كانت مجرى حياته تسير بروتينية معهودة
فابراهيم و منصور يمضيان بعملهما كالمعتاد ، و عادل و فاطمة تسير حياتهما بتؤدة و محبة
اما نادر و نبيل فقد انحرف خط حياتهم بعدما تعرض نبيل لما تعرض له فى مرضه و شدته ، فبعد ان استقرت الحالة الصحية لنبيل ، و بعد ان حضر مع اخيه حفل افتتاح المشفى ، قررا الذهاب الى الاراضى المقدسة لاداء مناسك العمرة ، و بعد عودتهما قررا محاولة تعويض مافرطا فيه من مستقبلهما و دراستهما
و قد كان ، فقد التزما بالجد و الاجتهاد حتى استطاعا تعويض جزء ليس باليسير من دراستهما باحد المعاهد و ها هما قد التحقا بالامتحانات حتى جاء اليوم الاخير من امتحاناتهما و عند خروجهما من المعهد ، وجدوا فرح تقف مستندة الى سيارة نادر بالخارج و هى تلتهم شئ ما
فاقترب منها الشقيقان بمرح من خلفها حتى انقض نادر على مابيدها و دسه بفمه و هو يقول بصياح : انتى واقفة هنا بتاكلى و احنا محتاسين جوة بقالنا ساعتين ، ده بدل ماتفرغى نفسك للدعا ، بقى هى دى الوصية اللى وصيناكى بيها
نبيل و هو يحتضن فرح بذراع واحد و يقبل رأسها : انا متاكد انها دعيتلى عشان انا حاسس انى حليت كويس
لينظر نادر بذهول لفرح قائلا : يا نهارك مش فايت ، انتى دعيتى لنبيل بس و مادعيتيليش انا كمان
فرح بانزعاج : معنى كلامك ده ايه بقى ، انك ماجاوبتش كويس
نادر و هو ينفى برأسه يمينا و يسارا : لا ، انا مش حاسس انى حليت كويس ، انا حاسس انى حليت كويس جدا
لتبطش به فرح موكزة اياه فى كتفه و هى تقول : يا اخى حرام عليك .. وقعت قلبى
ليقبلها نادر بوجنتها و هو يداعبها قائلا : سلامة قلبك يا قلبى
فرح باستفهام : يعنى اتطمن على التقدير
نادر : ماتقلقيش ، ان شاء الله هنجيب التقدير اللى نقدر بيه نكمل فى الكلية
فرح بسعادة : ايوة كده فرحتونى ، طب ياللا بينا بقى احسن انا جعانة اوى و مهبطة ، و حتى البسكوت اللى كنت باكله جيت سيادتك و استوليت عليه ، و كمان لسه هنعدى على محمود ناخده من عند المدرسة
نادر : طب ماتيجى نتغدا برة ، انا هعزمكم ، و اهو نفرفش محمود
فرح : لا ، اخواتك مستنيينك عشان مايزعلوش ، و بعدين زمان احمد خلص الامتحان بتاعه هو كمان و طلع على عند ندا على طول
نبيل : طب خلاص ، نروح النهاردة لندى ، و نتفق على يوم تانى نخرج مع بعض و نتجمع فيه كلنا سوا
ليقوم نبيل و نادر بمهاتفة امهما لطمأنتها عليهم بعد الامتحان ، و ابلغاها بانهما سيتوجها مع فرح الى منزل شقيقتهما و تقضية باقى اليوم بصحبتهم
و فى الطريق اثناء توجههم الى منزل ندا ، سمع نادر رنين هاتفه و عندما قام بالرد وجد ابيه ، ليتبادل النظرات مع نبيل قبل ان يجيب قائلا : السلام عليكم ، ايوة با بابا
منصور : انت فين انت و اخوك
نادر : احنا خلصنا الامتحانات و ………
منصور بحدة : عارف انكم خلصتوا الزفت ، و عارف انكم مع الدكتورة اللى بقيتوا معاها طول الوقت و ناسيين انى ابوكم و ليا حق عليكم ، ممكن افهم انتو رايحين معاها فين و ليه
نادر بهدوء و هو يحاول كبت رد فعله : ابدا يا بابا ، بس حسن و حسين و اخواتى البنات عازمينا على الغدا فى بيت ندا عشان يحتفلوا بينا اننا خلصنا الامتحانات
منصور بسخرية : و من امتى بتضحوا بشلة النادى و رحلة السخنة فى اخر يوم امتحانات
نادر بابتسامة : لا ما خلاص يا حاج ، توبنا الى الله
منصور : طب مش انا و امكم اولى من اللى انتو رايحين لهم دول
نادر بتنهيدة : انتو الخير و البركة طبعا يا بابا ، حاضر ، بكرة ان شاء الله هنقضيه كله معاكم
منصور بحدة : و ليه مش النهاردة
نادر : لانه كان اتفاق و وعد من اسبوعين فاتوا ، و لان الايام جاية كتير ، فماحبكتش يعنى
منصور بغضب : خليكوا ورا الدكتورة اللى سايقاكم و معصياكم عليا ، و لما اشوف اخرتها معاكم
ليغلق منصور الهاتف بغضب بوجه نادر الذى لم يقم بأى رد فعل سوى انه اكمل حديثه و كأن منصور مازال على الخط قائلا : حاضر يا بابا ، هسلم لحضرتك عليهم كلهم ، مع السلامة .
ليدس نادر الهاتف فى جيبه مرة اخرى و ينظر لفرح قائلا بمرح : ها يا دكتورة ، عاملة ايه بقى
فرح بابتسامة و تنهيدة : عاملة نفسى مش واخدة بالى
نادر باستفهام : مش واخدة بالك من ايه بالظبط
فرح بسخرية : من التليفون اللى اتقفل فى وشك يا ابن منصور
نادر بمرح و هو يدلك وجهه : ايه الاحراج ده ، انتى سمعتى
فرح : الحقيقة منصور حنجرته قوية و تخرم اجمد طبلة ودان فيكى يا بلد
نبيل : حقك عليا يا فرح ، ماتزعليش منه
فرح و هى تنظر لنبيل بحب : حقى عند ربنا يا حبيبى ، و انا مش زعلانة منه على فكرة
نبيل بطيبة : طب ماتنسى اللى فات يا فرح ، و تعالى نبتدى صفحة جديدة ، ايه رأيك ، احنا من ساعة ماعرفناكى و احنا حسينا ان فاتنا كتير اوى ، واعتقد ان بابا كمان اكيد هينبسط لو …...
لتقاطعه فرح بهدوء قائلة : بص يا حبيبى ، انت فهمت كلامى غلط ، انا اما قلت انى مش زعلانة منه .. ما كنتش اقصد انى قلبى صفى من ناحيته ، بالعكس ، انا اقصد ان احساسى من ناحيته ماينفعش يتوصف بالزعل ، لان احساسى اتخطى احساس الزعل بمراحل ، لكن اللى اقصده انه مابقاش يفرق معايا فى اى حاجة يعملها و لا فى اى حاجة يقولها
ليتبادل نبيل و نادر نظرات الخجل فى صمت فينا بينهما ، ليصلوا الى مدرسة محمود و يصطحبوه معهم الى منزل شقيقتهم
و عند وصولهم ، وجدوا الجميع بانتظارهم ، لتستقبلهم رحمة قائلة بفضول و لهفة : طمنونى الامتحانات اخبارها ايه النهاردة
نادر : انا بالنسبة لى تمام اخر حاجة
نبيل : و انا برضة الحمدلله
محمود : و انا راجعت الامتحان مع فرح و بتقول انى الحمدلله تمام
لتقبلهم رحمة و هى تقول ببهجة : عقبال النتيجة يا حبايبى يارب
لتجد فرح عمها ابراهيم يجلس بهدوء فتذهب اليه و تحييه و هى تقول : ازيك يا عمى ، مالك ساكت ليه كده ، لا اسكت الله لك حسا
ابراهيم بابتسامة هادئة : اهلا يا فرح يا بنتى ، عاملة ايه
فرح بمداعبة : زعلانة منك عشان مابتسألش عليا
ابراهيم : ازاى بقى ، ده انا حتى ببعت لك السلام كل يوم مع كامل
ليأتيهم صوت كامل من المطبخ و هو يقول بصوت عالى : و انا بوصل لها سلامك كل يوم يا بابا حتى اسألها
فرح بمشاغبة : ماحصلش ، طب انت النهاردة ماوصلتليش حاجة
ليخرج كامل من المطبخ و هو يرتدى مريول الطهى و يمسك بيده احدى ادوات الطهى و هو يقول : و هو انا جيت المستشفى اصلا النهاردة عشان اوصل لك حاجة
فرح و هى تنظر الى مظهره بمرح : مش عذر ابدا يا دكتور ، المفروض كنت اتصرفت و وصلت الأمانة ، و بعدين سيبك من كل الكلام ده ، انت ناوى تأكلنا ايه النهاردة
ندا و هى تأتى هى الاخرى من الداخل بنفس المظهر : استعدى يا بنتى ، ده كامل ناوى يشهيصكم النهاردة ، عامل شوربة كريمة بالمشروم انما ايه .. تجنن ، انا شكلى هخلصها قبل ما احطلكم الاكل
ليلتف الجميع حول المائدة و هم يتناولون طعامهم فى جو من المودة و المرح ، و لكن فرح كانت تلاحظ ابراهيم بين الفينة و الاخرى و هو يجلس بينهم شارد الذهن ، لتميل فرح على كامل قائلة : عمى ماله ، حاساه مش على طبيعته ، فى حاجة شغلاه و اللا لا قدر الله تعبان
كامل بتنهيدة هامسة : بقاله كام يوم على دا الحال ، على طول سرحان و بيفكر فى حاجة الله اعلم بيها
فرح : طب ماسألتهوش
كامل : كل ما اسأله يقوللى ماتشغلش بالك ، موضوع كده لما يحصل هبقى اقول لك
فرح بمرح : اوعى يكون ناوى يتجوز و عاوز يعملهالك مفاجأة
ليضحك كامل بخفة قائلا : و انا موافق
فرح باستغراب : بتتكلم جد
كامل : و ليه لا ، حقه ، بابا تعب معايا انا و اخواتى سنين على ماوصلنا للى احنا فيه ، و اعتقد انه لو حب انه يتجوز فعلا ماحدش فينا ابدا من حقه انه يعترض ، بس انا ما اعتقدش ان ده اللى فى باله ، واضح ان فى حاجة معينة بيفكر فيها ، يمكن حاجة فى الشغل
فرح : عموما انا بعد الغدا هبقى احاول اتكلم معاه
حسين بصوت عالى : ايه يا كامل انت و فرح ، ياريت مش عاوزين اى احاديث جانبية
حسن : ده انت حشرى اوى ، ماتسيبهم ياعم
حسين : اصلهم اكيد بيتكلموا فى الشغل ، حاكم انا عارفهم هم الاتنين ، يموتوا فى الشغل ، حتى وهم نايمين تلاقيهم بيحلموا بالعيانين بتوعهم
محمود : اهو انا ان شاءالله لما اجيب مجموع و ادخل كلية الطب هبقى اقعد فى النص ، عشان اتعلم بسرعة و اخد الكلية فى سنتين تلاتة بس
كلهم ضحكوا على كلام محمود و احمد قال : ياللا على البركة ، على الاقل بعد التخرج تلاقى مكان تشتغل فيه على طول
نادر : و احنا ان شاء الله اول مانجيب تقدير هنقدم فى كلية التجارة و بعد مانخلص البكالوريوس انا ناوى ان شاء الله انى اكمل دراسات عليا و اشتغل فى الجامعة
فرح بابتسامة : برافو عليك يا نادر ، ايوة كده ، و انت يا نبيل هتعمل كده برضة و اللا ناوى على ايه
نبيل : انا ان شاء الله ناوى اكمل زى نادر برضة ، بس حتة تدريس الجامعة ده مش فى دماغى ، انا ناوى امسك الشغل مع بابا ان شاء الله
حسن : و الله عين العقل يا نبيل ، و اهو على الاقل حد فيكم يبقى فاهم الدنيا رايحة فين و جاية منين
بعد الغدا ، اتجمعوا كلهم قدام التليفزيون ، و فرح راحت قعدت جنب عمها و مالت عليه و قالت له بهمس : بتفكر فى ايه شاغلك اوى كده و مخليك ساكت بالشكل ده
ابراهيم : ابدا يا بنتى ، ما انا معاكم اهو
فرح : هو انا يعنى مش عارفة حضرتك يا عمى ، لا طبعا ، انت فى حاجة شغلاك اوى و مش مخلياك معانا خالص
ابراهيم : ابدا يا بنتى ، ده انا حتى فرحان بلمتكم مع بعض ، انا بس اللى عندى شغل كتير الفترة دى و مش ملاحق عليه
فرح بعدم تصديق : شغل ايه ده يا عمى ، ده حتى حسن و حسين على طول مع حضرتك و مش سايبينك ، اوعى تكون تعبان بعد الشر و مخبى علينا
ابراهيم بنفى : لا يا بنتى .. انا الحمدلله زى الفل ، و بلاش تعملى دكتورة عليا ، انتى بس خدى بالك من نفسك و خدى بالك من كامل
فرح باستغراب : ماله كامل يا عمى
ابراهيم بحزن : العمر بيجرى بيه يا بنتى
فرح : العمر بيجرى بينا كلنا يا عمى ، بس ايه اللى يشغلك كده بالنسبة لكامل
ابراهيم بتنهيدة : كان نفسى اتطمن عليه قبل ما اقابل وجه كريم
فرح بانقباضة : ربنا يديك طولة العمر يا عمى ، ليه بتقول كده ، ده حتى دكتور كامل كل الناس بتحبه و بتدعيله
ابراهيم : كان نفسى اشوف له زوجه تكون هى اللى بتحبه و تراعيه و اشوف عياله زى اخواته
فرح بفهم : ان شاء الله تشوف احفاده كمان ، ثم اكملت بمرح .. انت بس دور له على عروسة حلوة كده و بنت ناس و ليك عليا اروح اخطبهاله بنفسى
لينظر لها ابراهيم بتمعن ثم يقول بخفوت : لو طلبتك ليه يا فرح تقبلى
ليعتلى الوجوم و الصمت على وجه فرح التى تنظر لعمها بصدمة دون اى تعليق ، ليكمل ابراهيم حديثه قائلا : انا نفسى اتطمن عليكى و عليه ، انتو اللى فاضلين ، و شايف ان مافيش احسن منكم لبعض ، صدقينى يابنتى مش عشان كامل ابنى ، لا ، بس انا شايف ان كامل اكتر بنى ادم فى الدنيا دى ممكن يصونك و يراعى فيكى ربنا ، و انتى كمان ، انا متأكد انك برضه هتصونيه و تراعى فيه ربنا
انا اتطمنت على اخواتك مع ولادى ، و بتمنى اتطمن عليكى انتى و كامل مع بعض ، رغم انى عارف ان يمكن يكون فى فرق سن بينك وبين كامل اكتر من الفرق اللى بين اخواتك و اجوازهم ، لكن ماهواش الفرق اللى يخوف
انا من فترة و انا نفسى افاتحك و اتكلم معاكى فى الحكاية دى ، بس كنت خايف تصدينى ، لكن لقيت ان سكاتى طول و الايام بتجرى ورا بعضها و هى واخداكى و واخداه
و رغم انى عارف ان يمكن تكون قلوبكم لسه ماولفتش على قلوب بعض ، لكن صدقينى يا بنتى ، العشرة بتولف القلوب اكتر بكتير من توليفة العشق اللى مش دايما بتدوم
مش عاوزك تردى عليا دلوقتى ، لكن عاوزك تفكرى ، و هسيبك شهر بحاله تاخدى و تدى مع نفسك ، و صدقينى .. لو رفضتى مش هزعل منك ، لكن تأكدى انك لو وافقتى ، هتبقى فرحتينى فرحة العمر كله
ظلت فرح تستمع الى عمها و هى فى حالة صمت شديد من تأثير المفاجأة ، عندما وجدته ينظر اليها و هو فى انتظار اى تعليق منها قالت بوجوم : يا عمى حضرتك عارف انى ما بفكرش فى موضوع الجواز ده من اساسه و مش فى دماغى
ابراهيم : عارف يا بنتى ، بس لامتى ، ماهو يعنى اكيد مش هتفضلى عمرك كله كده عايشة من غير راجل
فرح : و هو يعنى الراجل هيزودنى ايه ، بالعكس ، انا من غيره احسن بكتير ، بكبر فى شغلى و بتقدم فى مستقبلى من غير اى تدخل من اى حد ، انما لو اتجوزت ….
ابراهيم مقاطعا اياها : مانتى مش هتتجوزى اى راجل ، و اديكى شايفة كامل تفكيره عامل ازاى ، طول عمره و هو مؤمن بالمساواة بين الراجل و الست و عمره ابدا ما هيقف فى طريق مستقبلك ، بالعكس ، ده اول واحد هيساندك و يشجعك انك تنجحى و تتقدمى
فرح باحراج : ايوة يا عمى بس …
ابراهيم : انا مش عاوز ردك دلوقتى ، انا عاوزك تفكرى على مهلك و تصلى صلاة استخارة مرة و اتنين و تلاتة ، و بعد اسبوعين من دلوقتى هكلمك و اسمع ردك
فرح بفضول : طب و حضرتك تضمن منين انى لو حتى وافقت ، ان كامل ممكن يوافق ، حضرتك كده بتحرجنى و بتحرجه
ابراهيم : عمرى ماكنت هفاتحك فى حاجة زى كده الا لو متأكد ان انتى بالذات طول عمرك و انتى ليكى معزة خاصة عند كامل ، يمكن حتى من يوم ولادتك .. لما صمم ان هو اللى يسميكى بنفسه
فرح بذهول : كامل هو اللى سمانى
ابراهيم بابتسامة : اومال ايه ، هو انتى اول مرة تعرفى
فرح : ايوة ، و حتى طول عمرى مستغربة و بقول مين اللى شاف ان الاسم ده يليق عليا وسط كل اللى حصل وقتها
ابراهيم بصوت مسموع : وقتها كانت امك الله يكون فى عونها حالتها حالة ، و خالك كان ملخوم بيها و باللى حصل ، و لما ابوكى طلب منى اطلع لك شهادة الميلاد ، كامل جه معايا المستشفى و شافك ، و صمم يسميكى فرح
كان الجمبع قد انضموا تباعا لمجلس ابراهيم و فرح بعد ان سمعوه و هو يقص على فرح تلك القصة ، فنظرت فرح لكامل بفضول و قالت : طول عمرى و انا شايفة ان ماليش اى علاقة باسمى ، و ماكنتش اعرف مين اللى سمانى ، و بما انى اخيرا عرفت ، ممكن تقوللى اشمعنى الاسم ده اللى اخترتهولى
كامل بابتسامة : لانى اما شيلتك فى المستشفى ضحكتيلى ، وقتها كنت لسه عيل و مش فاهم طبعا ان صحكتك وقتها مش ليا من اصله ، بس انا فرحت بالضحكة دى ، و يمكن كانت اول مرة افرح فيها بعد ما امى الله يرحمها ما ماتت ، و عشان كده سميتك فرح ، و الاسم عجب بابا و كتبك بيه
فرح : كنت دايما اسال ماما و اقوللها .. ليه اخترتولى الاسم ده ، فكانت تقوللى ما اعرفش مين اللى سماكى
كامل بمرح : و اديكى عرفتى ، ها ، هتعملى ايه بقى
فرح و هى تلتقط حقيبتها و تنهض متأهبة للانصراف : هاخد بعضى و اروح
ندا : ايه ده ، تروحى فين ، احنا لسه ماقعدناش مع بعض ، انتى جاية تاكلى و تمشى
نادر : ايه يا فرح ، انتى مش قلتى هنقضى اليوم سوا
فرح : معلش حقكم عليا ، بس حسيت فجأة انى محتاجة انام
ندا : طب ماتدخلى تناميلك ساعة كده و هبقى اصحيكى
فرح : لا ساعة ايه ، انا عاوزة انام و اتعمق فى النوم ، محتاجة استريحلى شوية ، انا بقالى كتير ما اخدتش راحة ، فعاوزة انام النهاردة اصحى الفجر
لينهض ابراهيم قائلا : خلاص يا اولاد سيبوها براحتها ، انا هاخدها اوصلها قبل ما ارجع على المكتب
كامل باستياء و هو يوجه حديثه لفرح : عاجبك كده ، اديها هتفركش ، ماتقعدى يا بنتى شوية و انا هنزل اوصلك
ابراهيم بحزم : خلاص بقى يا كامل سيبها براحتها ، و انتو يا اولاد كل سنة و انتم طيبين و ان شاء الله نتجمع تانى لما نتايجكم كلها تظهر و تفرحونا بإذن الله
كانت فرح تتقلب على فراشها بتوتر و قلق و هى تتذكر كلمات ابراهيم لها فى السيارة حينما قال : ماترميش كلامى من غير ماتفكرى فيه يا فرح ، و ماتخليش الدنيا تسرقك بزيادة يا بنتى ، العمر بيتسرسب من بين ايديكم و انتم مش دريانين ، الحقوا نفسكم قبل قطر الستر ما يفوتكم
لترد عليه فرح بتساؤل قائلة : و هو الستر كمان له قطر و وقت يا عمى
ابراهيم بحكمة : الستر يا بنتى الناس بتحصره فى منظرهم قدام الناس و بس ، رغم ان الستر ده فى كل حاجة فى حياتنا ، فى الصحة و المال و العرض و فى حاجات كتير غيرهم ، لكن اهم ستر فى حياتنا هو ستر الجواز ، الجواز ستر للست زى الراجل بالظبط يا بنتى ، و ماهواش ستر من الغلط او الخطيئة بس … لا .. ده ستر من الزمن ، و الوحدة
كلنا فى صغرنا بنبقى متخيلين ان صحتنا و دنيتنا دأيمالنا ، و مابنبقاش واخدين خوانة من الايام اللى بتمر ورا بعضها و هى بتاكل من عمرنا يوم ورا التانى و من صحتنا معاها
البنى ادم لما بيكبر بيحتاج نفس و ونس معاه ، اسألينى انا يا بنتى ، انا الوحدة واكلة منى راقات و ماحدش حاسس بيا ، لولا انى حرمت على نفسى جنس الحريم من بعد مراة عمك الله يرحمها ، لا يمكن كنت اقدر اصمد السنين دى كلها ، يمكن ربنا عوضنى باخواتك و حنيتهم عليا ، لكن اوقات كتير ببقى نفسى اتساير مع حد من سنى يفهمنى و افهمه ، و نشكى لبعض وجعنا … فاهمانى يا فرح
لتتعمق فرح فى نومها و كلمات ابراهيم تتردد بين جنباتها
اما فى منزل ابراهيم ، فبعدما عاد كامل الى المنزل وجد ابراهيم جالسا فى الشرفة و هو يتأمل السماء بنجومها المتلألئة فى صمت شجى ، ليقول كامل فى مرح : يعنى انت سيبتنا كلنا هناك و جيت هنا عشان تستفرد بالقمر و النجوم و الجو الشاعرى ده لوحدك
ليلتفت اليه ابراهيم بابتسامة هادئة قائلا : حمدالله على السلامة يا ابنى ، ايه الاخبار
كامل و هو يلقى بنفسه على المقعد بجوار ابيه : مافيش جديد ، قعدنا شوية و بعد كده احمد و محمود استأذنوا عشان يمشوا ، فنادر و نبيل قاموا هم كمان و قالوا هيوصلوهم ، فاستأذنت انا كمان و جيت ، انما انت بقى .. لما انت مش راجع الشغل فعلا زى ماقلتلنا ، مشيت ليه
ابراهيم و هو يعيد نظره الى الفضاء : ابدا ، بس كنت محتاج اقعد مع نفسى شوية
كامل بمرح : اوعى تكون بتفكر تتجوز بجد زى مافرح قالتلى
لينتبه ابراهيم على ذكر فرح فيقول : ان كان عليا ، انا مش عاوز غير انى اتطمن عليك و عليها
كامل بفضول : تقصد فرح
ابراهيم بتنهيدة : ايوة فرح
كامل بريبة : و مالها فرح يا بابا ، هو فى حاجة حصلت انا ما اعرفهاش
ابراهيم بوجوم : انا اتطمنت على اخواتها البنات مع اخواتك ، و اتطمنت على اخواتك معاهم ، لكن انت و فرح ، حاسس انى هموت من غير ما قلبى يتطمن عليكم
كامل : ليه بتقول كده بس يا بابا ، ربنا يديك الصحة و طولة العمر
ابراهيم : يا ابنى انا كبرت ، و الاعمار بايد الله وحده ، و كان نفسى اتطمن عليك انت و فرح ، و من كتر ما اتمنيت انى اتطمن عليكن ، حلمت حلم غريب ، ومش عارف ازاى صدقته و مشيت وراه و خايف اكون اتسرعت فى اللى عملته
كامل : حلم ايه ده يا بابا اللى حلمته و ايه ده اللى اتسرعت و عملته
ابراهيم بخجل : حلمت ان انت و فرح اتجوزتوا ، و من ساعة الحلم ده و انا عمال ابنى فى امانى لدرجة انى مشيت وراها و فاتحتها النهاردة فى الموضوع ده
لينظر كامل الى ابيه ببعض الفضول قائلا : فاتحتها ازاى يعنى مش فاهم ، قلتلها ايه يابابا
ابراهيم بتنهيدة : عرضت عليها انى اخطبها ليك يا ابنى
كامل و هو لازال تحت تأثير الصدمة : خطبتلى انا فرح بنت اخوك ، دى اصغر منى باتناشر سنة يا بابا ، ده اخواتها الكبار متجوزين اخواتى الصغيرين
ابراهيم : الفرق اللى بينكم ماهواش كبير للدرجة دى يا ابنى ، انا كنت اكبر من امك الله يرحمها بخمستاشر سنة ، و ما اعتقدش ان كان فى حد فى سعادتنا و احنا مع بعض ، و رغم انك كنت لسه صغير وقت ما امك الله يرحمها ما ماتت ، الا انك اكيد فاكر كنا عاملين ازاى مع بعض
كامل : ايوة يا بابا بس فرح ….
ليقاطعه ابراهبم قائلا ببعض الحدة : بس ايه و مابسش ايه ، انا عارف انى جريت ورا حلمى من غير تفكير ، و عارف انى اتسرعت ، بس اللى مش عارفه هى ممكن تنسالى طلبى ده و تسامحنى و اللا لا
كامل بتردد : هى … هى ردت عليك و اللا سكتت و اللا ايه بالظبط اللى حصل
ليقص عليه ابراهيم كل ما دار بينه و بين فرح ، ليقول كامل : يعنى المفروض انك اديتها فرصة تفكر و تقول رأيها
ابراهيم : ايوة ، رأيها اللى انا عارفه و متوقعه من دلوقتى
كامل : و اللى هو ايه بقى ؟
ابراهيم : اكيد هترفض مش محتاجة كلام يعنى ، و اكيد بعد كده هتتعامل معايا انا و انت بحزازية و يمكن مع اخواتكم كمان
كامل بفضول : و ايه اللى مخليك متأكد اوى كده انها هترفض
ابراهيم بتنهيدة : طول عمرها و هى واخدة موقف من صنف الرجالة بحاله ، ده سبحان من خلاها تتعامل مع الكل و تتكلم و تضحك ، بس انا طمعت بزيادة و فكرتها ممكن تلين و توافق
كامل بشرود : طب مش يمكن توافق
لينظر اليه ابراهيم بفضول قائلا : انت عاوزها توافق
كامل بانتباه : الصراحة يا بابا ، انت عارف انى شايل من دماغى موضوع الجواز ، لكن لو فرح وافقت ، فانا كمان موافق
لينظر اليه ابراهيم و كأنه لا يصدق اذنيه و قال : انت بتتكلم جد يا كامل ، يعنى انت اخيرا قررت تتجوز
كامل : لا يا بابا ، ما قررتش اتجوز ، لكن موافق انى اتجوز فرح
ابراهيم بعدم فهم : يعنى ايه مش فاهم
كامل : مش فاهم ايه يا بابا ، انا كلامى واضح ، انا مابفكرش نهائى فى موضوع الجواز دلوقتى ، لكن لو فرح وافقت على اقتراح حضرتك فانا كمان موافق
ابراهيم : يعنى ايه ، هتتجوز تقضية واجب
كامل : لا يا بابا مش تقضية واجب و لا حاجة ، فرح انسانة صبورة و مكافحة ، دكتورة و مثقفة و يعتمد عليها ، عندها طاقة ايجابية تكفى جيل بحاله ، و فوق كل ده كله … قلبها كبير
يعنى باختصار شديد .. يوم ما افكر فى الجواز مش هلاقى احسن منها
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية لما قالوا دي صبية ) اسم الرواية