رواية القاتل الراقي كاملة بقلم سارة بركات عبر مدونة دليل الروايات
رواية القاتل الراقي الفصل العاشر 10
“أنا القاتل”
في المساء:
يجلس بغرفة إجتماعات الشركة متحدثًا مع جميع رجال الأعمال في مناقصة مهمة ولكن قاطع ذلك الإجتماع طرقات على باب الغرفة بشكل مستمر، عكف ياسين حاجبيه بغضب سامحًا لرجل من رجالة بفتح الباب … دلف أحد رجالة وهو يتنفس سريعًا كأنه كان يجري أميالًا طويلة … تعجب ياسين من حاله ..
ياسين بإستفسار:”إيه إللي حصل؟”
؟؟ بتوتر:”الدكتورة …..”
صمت الرجل ولا يعرف كيف يخبره بما حدث …
ياسين بهدوء للجميع:”الإجتماع خلص.”
خرج الجميع بتعجب مما يحدث وبعد خروجهم؛ إستقام ياسين من مقعدة وتوجه سريعًا نحوه …
ياسين بهدوء:”مالها الدكتورة؟”
؟؟:”الدكتورة إتخطفت يا ياسين بيه، وصلناها لمكان هي كانت محتاجه تروحه غابت هناك ساعتين ولما حبينا نتأكد منها هل هتطول أكتر ولا لا مكانتش موجودة، من وقتها بنحاول نوصل لحضرتك وحضرتك مش بترد و لا حتى زمايلنا إللي مع حضرتك ماحدش فيهم رد.”
أغمض الرجل عينيه بقوة مستسلمًا لما سيحدث بعد ذلك ولكنه تعجب من عدم حدوث شئ ولا حتى حدوث عقاب من ياسين له .. قام بفتح عينيه وكان ياسين إختفى من أمامه وكان باقي رجاله يهرولون خلفه ..
……………………………
تشعر بلمسات خشنة على جسدها وهي نائمة، لمسات محرمة قد إستباحها خاطفها، ولكنها لا تستطيع الإستيقاظ لمنعه بسبب ذلك المخدر الذي إحتُقنت به .. تسمع صوته الذي أصبحت تمقته ولا تستطيع فتح عينيها ولا التحدث أيضًا … ينظر لجسدها بشهوة كم كان يريد التقرب إليها وجعلها بين يديه هكذا، إقترب هشام من أذنها هامسًا بلهفة ..
هشام:”كان نفسي تبقي بين إيديا زي دلوقتي، كنت بتمنى اليوم ده ييجى، أنا بحبك يا مريم وماحبتش غيرك، أنا هفضل طول عمري أحبك.”
نظر لشفتيها وقام بلمسهما بضيق متذكرًا أنهما تقابلتا مع شفتيّ شخص غيره، إقترب منهما سارقًا عذرية شفتيها … تإن برفض وهي نائمة، تشعر بما يحدث حولها ولا تستطيع التحرك .. تيقنت بداخلها أنه قام بحقنها بمخدرٍ مرة أخرى حتى لا تستيقظ ولا تفر منه .. هبطت الدموع من مقلتيها على ماتشعر به من قهر وهو أنها لا تستطيع إنقاذ نفسها .. قطع قبلته لها طرقات مستمرة على باب الشقة المتواجدين بها .. عكف هشام حاجبيه بغضب لأنه يريدها الآن … إبتعد عنها على مضضٍ وخرج من الغرفة متجهًا نحو باب الشقة وعندما قام بفتحه تفاجأ بتلك الرصاصة التي إخترقت صدره ووقع أرضًا يلفظ أنفاسه الأخيرة … إنتشر رجالٌ بالشقة وقاموا بالبحث عنها وعندما دخلوا غرفة معينة وجدوها أمامهم .. حملها أحد الرجال ووضع آخر ورقة مطوية على الفراش بالمكان التي كانت مريم به سابقًا … تشعر بأحد يحملها ولا تدري من ولكن قلبها ينبض من الذعر … خائفة كثيرًا ولا تدري أين هي ذاهبة، حتى نامت مرة أخرى وغابت أحاسيسها …
………………………………………….
خائفون؟ .. نعم هم خائفون فمنذ لحظة معرفته بإختفائها هو صامت لم يتحدث ولم يبد أي ردة فعل وهذا مايخيفهم كثيرًا … يقف بالكافيتيريا التي حدث بها تلك الواقعة، يرى تسجيلات المكان وعلم أنها كانت معه ورأى كل ماحدث ورأى أيضًا تحرُك هشام بسيارته بعد أن وضعها بها، إستقام ياسين من مقعده وخرج للخارج ولحقه رجاله .. ركب ياسين سيارته وإلتقط هاتفه وقام بإرسال رسالة لرقم معين ..
ياسين:”عربية رقم **** موجوده فين دلوقتي؟”
إنتظر ياسين قليلًا بهدوءه المعتاد أمام الجميع ولكن لا أحد يعلم أن هناك بركان غاضب بداخله … سيقتله … سيقتل ذاك الطبيب دون رحمة منه … قرأ الرسالة التي وصلت إليه للتو؛ فالعنوان الموجود أمامه بمدينة الإسكندرية .. قام بعمل مكالمة هاتفية لم تستغرق ثوانٍ ثم أغلق هاتفه و بعد مرور عدة دقائق كان ياسين يجلس بطائرته الخاصة المتجهة لمدينة الإسكندرية والتي لم تستغرق سوى عدة دقائق للوصول إليها … عند الوصول لمدينة الإسكندرية كان هناك العديد من السيارات السوداء بإنتظار ياسين المغربي ورجاله … ركب ياسين بإحدى السيارات وركب رجاله بالسيارات الأخرى .. بعد مرور دقائق قليلة وصل لمبنى سكني وسأل أحد الحرس عند الطبيب هشام وقد أبلغهم حارس المبنى بالطابق المتواجد به .. صعد ياسين لذاك الطابق وعند طرق الباب لم يُجب أحد، قام رجال ياسين بفتح الباب بطريقتهم الخاصة؛ ثم دخل ياسين الشقة أولا ورأى جثة هشام ملقاةً أمامه … عكف ياسين حاجبيه ثم بدأ بالبحث في الغرف الموجودة بالشقة على مريم وصل لغرفة بها فراش يوجد عليه ورقة مطوية وبجانبه شئ صغير يصدر لمعانا … إقترب ياسين من الورقة وحملها وبدأ بقرائتها ..
“وأخيرًا قدرنا نعرف إيه هي نقطة ضعف ياسين المغربي .. إنسحب من المتاقصة إللي إنت فيها عشان تقدر تشوف الدكتورة الجميلة بتاعتك مرة تانية.”
فقط ذلك ما كُتب في الورقة التي يحملها قلب ياسين الورقة على ظهرها ولكن لم يجد شئيًا مكتوبًا، تنهد تنهيدة بسيط ثم جلس بهدوء على ذلك الفراش ونظر لتلك الورقة لعدة دقائق … يقف رجاله خارج الغرفة ينظرون له بترقب تُرى ماذا سيفعل بهم بعدما فشلوا في حمايتها؟؟ … إلتقط ياسين الشئ الصغير الذي كان يصدر لمعانًا وكان عبارة عن سوارٌ فضيٌ رقيق .. السوار الذي ترتديه الطبيبة حول معصمها الأيمن دائمًا … تأمل ذلك السوار لعدة دقائق يتأمله؛ ثم عاد وإلتقط هاتفه وقام بعمل مكالمة هاتفية ..
ياسين بهدوء:”أنا بعلن إنسحابي من المناقصة.”
لم ينتظر ردًا من الطرف الآخر وقام بإنهاء المكالمة .. إستقام ياسين من الفراش وتقابلت عينيه مع أعين رجاله الذين ينظرون له بترقب ولكن سرعان مانظروا أرضًا خوفًا من عقابة .. تحرك ياسين لخارج الغرفة حتى أصبح أمامهم .. ثم تحدث برقيّ يليق به كعادته ..
ياسين:”بعد ما الدكتورة ترجع، هشوف إذا كنتم هتتعاقبوا ولا لا.”
ثم توجه بنظره نحو جثة الطبيب ..
ياسين:”بلغوا أهل الشاب إنه توفى.”
هز الجميع رؤؤسهم بطاعة؛ ثم خرج ياسين من الشقة ممسكًا بسوار مريم بقوة ..
…………………………………
بدأت أعراض المخدر في الذهاب وبدأت مريم في الإستيقاظ شيئًا فشيئًا .. نظرت حولها بخوف ووجدت نفسها في مكانٍ مُظلمٍ وكادت أن تتحرك ولكنها لم تستطع بسبب أنها مُكبلة بالفراش الذي توجد به … بدأت مريم بالصراخ لعل أحدًا يقوم بإخراجها ولكن لم يُجبها أحد .. شرُعت بالبكاء وبدأت بمناداة هشام لعله يسمعها فهو من إختطفها …
مريم بصراخ:”هشام.”
ولكن لم يُجبها أحد … بكت بقهر على الخوف الذي ينتشر بداخلها … تتذكر جيدًا ذلك اليوم .. ذلك الشعور الذي شعرت به …هي خائفة .. خائفة جدا مثل ذلك اليوم … الظلام الحالك المنتشر بالمكان .. أين النور الذي تتمسك به لتخرج من تلك الظلمة الحالكة؟؟ … ظلت تبكي لعدة دقائق ولكنها هدأت عندما بدأت بالتفكير ب “ياسين المغربي” … لا تدري بماذا تشعر ولكنها تتمنى من قلبها أن يقوم بإنقاذها مما هي فيه ….
……………………………………………….
هبطت طائرة ياسين المغربي مرة أخرى ولكن عودة للقاهرة .. وبعد مرور عدة دقائق .. يجلس بسيارته ممسكًا بسوارها الفضي بقوة في يد وفي يده الأخرى ممسكًا بهاتفه … يعلم جيدًا ما نوع الأشخاص الذي يتعامل معه .. يريدونه أن يترك المناقصة لهم .. سيتركها .. لكن لن يتركهم على قيد الحياة .. سيقتلهم جميعًا … نظر لهاتفه فقد إنتشر خبر إنسحابه من المناقصة بسرعة كبيرة جدا … إنتبه لسؤال سائقة الشخصي …
؟؟:”حضرتك ماقولتش هنروح فين؟”
لم يُجبه ياسين ولكنه كان ينتظر .. ينتظر فقط .. حتى إرتسمت إبتسامة قاتلة وهو ينظر لتلك الرسالة التي أتت للتو على هاتفه … والتي تبين إنتصار أحد المساهمين بتلك المناقصة … فقد كان إنسحابه من تلك المناقصة يعني إنسحاب أغلب المشاركين بها وسيتبقى المذنب … وبعد دقائق قليلة وصله عناوين خاصة بالمساهم الذي ربح المناقصة والذي يُدعى “وائل” .. أمر سائقه بالتحرك وتحرك خلفة رجاله …
………………………………..
تجلس في الظُلمة الموجودة بها و كان المسموع في تلك الغرفة الهادئة هو صوت شهقاتها المستمرة … حتى قطع ذلك الهدوء صوت باب يتم فتحه وإضاءة عالية تم تشغيلها في المكان مما جعل مريم تغمض عينيها بشكل تلقائي نظرًا لوجودها في الظلام لوقت أطول؛ وحينما إعتادت عينيها على الضوء نظرت لذلك الرجل الذي ينظر لها بإبتسامة ودودة كأن شيئًا لم يكن، كأن لم يتم خطفها من الأساس …
مريم بصوت متحشرج من البكاء:”إنت مين؟ وعايز إيه مني؟”
إقترب الرجل منها وجلس بجانبها بالفراش … وهي حاولت الإبتعاد ولكنها كانت مكبلة؛ فلم تستطع التحرك ..
؟؟ بإبتسامة:”إهدي.”
مريم بتكرار:”إنت مين؟ وعايز إيه مني؟”
؟؟:”مش عايز منك حاجة خالص.”
مريم بإستفسار:”أومال انا هنا ليه؟”
؟؟:”إنتي هنا بسبب ياسين المغربي، جبتك هنا عندي عشان ينفذلي حاجة وهو نفذها خلاص.”
تحدثت مريم بأمل:”وهتخرجني من هنا دلوقتي صح؟”
صمت الرجل والذي يٌدعى وائل، ونظر لجسدها بنظرة تعجبتها مريم، حتى شعرت أنه يراها عارية، أرادت أن تستر جسدها على الرغم من أنها ترتدي ثيابها … تحدث وائل بنبرة غريبة ..
وائل:”ممكن تقعدي معايا هنا لو حابه.”
لاحظت إقترابه من جسدها أكثر، وكادت أن تصرخ ولكنه قام بلثم فمها بيده ..
وائل:”ماتخافيش، ماحدش هيعرف حاجة، رجالتي بره ومش هيدخلوا علينا خالص … المهم ننبسط أنا وإنتي.”
هبطت الدموع من مقلتيها قهرًا على ماسوف يحدث لها و في تلك اللحظة فقط تمنت الموت … لم تستطع مقاومة ما يحدث لأنها مكبلة بقوة لدرجة أنها لا تستطيع التحرك …. قبل عدة دقائق … وصلت سيارة ياسين لمكان مهجور ومن الواضح أنه يبدو مصنع قديم للأقمشة … عكف ياسين حاجبيه عندما رأى الكثير من الرجال يحاوطون المكان أمر السائق بإيقاف السيارة هنا حتى لا يلاحظهم أحد وتوقفت سيارات رجاله أيضًا وجميعهم يتجهزون بأسلحتهم النارية … قام ياسين بأخذ سكينٍ حادٍ وعيارٍ ناري من أسفل مقعده بالسيارة … هبط ياسين من سيارته بهدوء ونظر لرجاله بنظرته الخالية من الحياة وتلك كانت إشارة لهم بالإنطلاق … حاوط رجال ياسين المكان بهدوء وكان كل تحركاتهم بالإشارات كأنهم تدربوا على ذلك جيدًا .. وعندما إقتربوا من المكان كانوا على أهبة الإستعداد؛ أما ياسين كان واقفًا منتظرًا إشارتهم في التقدم حتى بدأت أصوات إطلاق النيران …. لم تستطع مقاومة ما يحدث لأنها مكبلة بقوة لدرجة أنها لا تستطيع التحرك، قامت بعض أصابعه بأسنانها بقوة …
وائل بألم:”يا بنت ال *****، أنا هوريكي.”
قام بضربها بقوة وهي بدأت بالصراخ وعندما تزيد صرخاتها يقوم بضربها أكثر وأغلب ضربه لها كان في الرأس مما جعلها تشعر بالدوار، ولكنه توقف حينما إنتشرت أصوات طلقات النيران حول المكان .. فزع وائل من تلك الأصوات وفهم أنه قد كُشف … قام بفك قيد مريم سريعًا وأخذ عيارٍ ناريٍ ووجهه لرأسها ..
وائل بغضب:”قومي إتحركي.”
…………………………………..
“رواية/ القاتل الراقي .. بقلم/ سارة بركات”
دخل ياسين ذلك المصنع يمر فوق الجثث التي تم قتلها من قِبَل رجاله … ولكنه أثناء سيره توقف أمامه العديد من الرجال ..
؟؟:”نزل سلاحك.”
نظر لهم ياسين بهدوء كأنهم لم ينطقوا شيئًا ..
؟ بتكرار وغضب:”نزل سلاح……..”
قطع حديثه ذلك السكين الذي قام ياسين بتصويبه نحو عنقه سريعًا ولم يستطع الباقون إصدار أي ردة فعل بسبب سرعة ياسين في التصويب عليهم من عياره الناري … تنهد ياسين وتوجه نحو سكينه الموجود في عنق أحدهم .. نزع السكين وأكمل سيره بهدوء ولكنه وجد أحدهم حي .. توجه ياسين نحوه ..
ياسين بنظرة خالية من الحياة:”هي فين؟”
كان ذلك الرجل يلهث ويلفظ آخر أنفاسه، وينظر لياسين بخوف ورعب … أمال ياسين رأسه للجانب الأيسر إعتراضًا عن صمته وقام بالتصويب نحو منتصف جبهته وأكمل طريقه بحثًا عنها .. تمسك بها وهو يوجه عياره الناري نحو رأسها وهي واقفة أمامه .. ينظر نحو باب الغرفة بترقب خوفا مما يمكن أن يحدث … كل مايسمعه هو طلقات النيران المنتشرة بالمكان …. تحاول الإبتعاد عنه ولكنه قام بإمساك شعرها بقوة وإلصاق عياره الناري برأسها أكثر ..
وائل بغضب:”إخرسي.”
كان ياسين يُقاتل رجال وائل مع رجاله الذين تدربوا على القتال بشكل جيد، ولكن كان ياسين ذو المهارة العالية في القتال فكان يتحرك ويقتل بسرعة لا يترك فرصه لأحد بالتنفس .. كأنه تدرب على ذلك لوقت أطول … نزع سكينه ببرود من صدر أحدهم ووقف أمام الغرفة الأخيرة والمتبقية … كان وائل يقف متمسكًا بمريم جيدًا يرى خيال شخص يقف أمام باب الغرفة .. إرتجف جسده لأنه شعر بالهزيمة، ولكن لا .. تلك الطبيبة هي فرصة نجاته من ذاك المكان … سيخرج من هنا حتى لو إضطر لجعلها رهينة له طوال الحياة .. فُتِح باب الغرفة بهدوء وهنا إبتسمت مريم من بين دموعها وهي تنظر لياسين الذي يقف أمامهما ولكن إختفت إبتسامتها عندما رأت ثيابه الممتلئة بالدماء، ووجهه الذي يوجد عليه قطرات من الدماء؛ أما بالنسبة لياسين، فقد تأمل معالم وجهها شفتيها تنزفان، وثيابها مُقطعة، ووجهها به بعض الكدمات … إقترب ياسين منهما بهدوء وهو يتأمل مريم التي تبكي وهي تنظر إليه، ولكنه توقف عندما تحدث وائل بتهديد …
وائل:”لو قربت خطوة تانية هقتلها، نزل إللي في إيدك.”
حرك ياسين رأسه لليسار بنظراته الخالية من الحياة ..
وائل بتكرار:”بقولك نزل إللي في إيدك.”
تجاهله ياسين ثم عاد بنظره لمريم وتحدث بإبتسامة هادئة ..
ياسين:”أنا آسف يا دكتورة.”
تعجبت مريم من حديث ياسين؛ أما بالنسبة لوائل فتشتت ونظر لمريم التي تنظر لياسين بإستفسار .. إستغل ياسين فرصة تشتته وقام برمي سكينه في رأس وائل والذي يبعد عن رأس مريم سنتيمترات قليلة، وقع وائل أرضًا .. أما مريم شهقت برعب مما حدث وإرتجف جسدها، وشعرت أن الدوار أصبح يجتاحها أكثر حتى وقعت أرضًا … توجه ياسين نحوها و حملها بين يديه وخرج بهدوء من الغرفة .. ظلت هكذا فاقدة الوعي فقط لعدة دقائق ولكنها قامت بفتح عينيها كانت مستندة برأسها على صدرها وهو يحملها بين يديه كان يمشي بها خارج المصنع التي كانت به .. أصابها الدوار مرة أخرى … تحاول أن تنظر لوجهه ولكن الرؤية كانت مشوشة بالنسبة إليها .. كانت مستسلمة لحمله إياها .. مستسلمة لكل شئ … تشعر بالراحة تريد أن تبقى هنا … هنا فقط .. ذلك الشعور؟! هو ماشعرت به من قبل مع منقذها .. تلك الرائحة؟؟ تتذكرها جيدا كانت رائحة الدماء المنتشرة بملابسه، ذكرتها بمنقذها … رفعت مريم رأسها بتعب وإرهاق تحاول النظر لوجهه ولكنها لم تستطع الرؤية جيدًا، أغمضت عينيها وإستسلمت لنومها … مع كلمة أخيرة قالتها …
مريم:”إنت؟”
سمعها ياسين جيدًا ولم يُجبها وتوجه نحو سيارته ووضعها بها وتحرك به سائقه، تاركًا رجاله يتولون باقي المهمة .. وغابت السيارة عن المكان عند شروق شمس يومٍ جديد.
………………………………………..
في القصر:
يصعد سلالم القصر حاملًا إياها بهدوء حتى وصل لغرفتها، وضعها بفراشها بهدوء، وهنا فتحت مريم عينيها بإرهاق .. إبتسم ياسين ومد يده نحو وجهها يلتمسه برقة؛ ثم مرر أصابعه على شفتيها يلتمس جرحها بهدوء .. الإرهاق كانوا يغزوا ملامحها و جسدها فقد تعرضت للضرب المُبرح من ذاك الذي قام بخطفها بعد هشام .. قام بضربها على رأسها كثيرًا حتى شعرت أن جمجمتها سوف يتم كسرها .. كاد أن يبتعد ياسين عنها ولكنها تمسكت بيده التي على وجهها ..
مريم بتخترف وبكاء:”ماتسبنيش.”
ياسين بإبتسامة هادئة:”حاضر، دلوقتي إنتي محتاجة ترتاحي .. نامي يا مريم …نامي.”
بسبب إرهاقها ودوارها لم تنتبه أنه نطق إسمها دون ألقاب وكانت تلك المرة الأولى التي يفعل بها ذلك .. كأن حديثه ووجوده بجانبها كالمخدر .. أغلقت عينيها بإرتياح … إبتعد ياسين عنها وعادت نظراته للبرود ثم خرج من الغرفة …
……………………………………………..
في المشفى:
واضعًا رأسه على سطح مكتبه نائمًا فقد سهر كثيرًا ليلة أمس .. يقوم بمهاتفة هشام ولم يستطع الوصول إليه … فمن بعد ما أرسل له تلك الرسالة النصية ظهر أمس يخبره بذهابه إلى شقته بالإسكندرية مع حبيبته مريم ولا يريد أي إزعاج وهو من وقتها يحاول الوصول إليه لكي يمنعه عن ذلك؛ فياسين المغربي لن يتركه، ولكنه لم يستطع الوصول إليه لأن هشام أغلق هاتفه … ظل هكذا حتى ذهب في النوم وهو على مكتبه … إستيقظ طارق على صوت رنين هاتفه المستمر، إستقام من مقعده بهلفة لعله هشام، ولكنه كان رقمًا غير مدونًا بهاتفه .. أجاب طارق الهاتف بإستفهام ..
طارق بنعاس:”ألو؟”
؟؟:”دكتور طارق عزت؟؟”
طارق:”أيوه أنا.”
؟؟:”مع حضرتك مستشفى **** في إسكندرية، بنبلغ حضرتك بإستلام جثمان هشام عادل أبو الوفا.”
صُدِم طارق من حديث الذي يهاتفه ..
طارق بعدم إستيعاب:”إنت بتخرف بتقول إيه؟؟”
؟؟:”أنا مقدر إللي حضرتك فيه، إحنا في إنتظار حضرتك.”
تم إغلاق المكالمة الهاتفية أما طارق ظل هكذا غير مصدقٌ لما سمعه ولكنه بكى بغير تصديق .. لا يعلم كيف يحادث بلقيس شقيقته الغالية ؟؟؟ .. لا يعلم بماذا يخبرها؟؟ .. إستقام من مقعدة سريعًا وخرج من مكتبه ينوي أولا التأكد من ذلك الخبر ..
……………………………..
كانت نائمة على فراشها المريح بالقصر ولكنها كانت تشعر بإنزعاج شديد أثناء نومها، وكل ماتراه حولها هو الدماء ونظرات ياسين الخالية من الحياة … فتحت أعينها بفزع وخوف ووجدت نفسها بغرفتها بالقصر .. هل ما عاشته كان حقيقة أم حلم؟؟ .. وضعت يدها على وجهها وتأوهت بألم، وبسبب ذلك الألم تيقنت أن كل ما عاشته كان حقيقة .. إرتعش جسدها عندما تذكرت تلك اللحظة .. لقد قتله بدم بارد .. غير أن ثيابه كانت ممتلئة بالدماء!! .. هل هو ضابط متنكر في هيئة رجل أعمال؟؟ هل هو في مهمة سرية أم ماذا؟؟ .. لقد تهيأ لها أنه هو منقذها منذ الصغر، ولكن لو هما نفس الشخص فذلك هو إجابه إستفسارها الوحيد الذي وصلت إليه من كل ماحدث .. لأن لا أحد يقتل بدمٍ بارد هكذا … حسنًا مريم إنه ضابط وكان في مهمة إنقاذها … تنهدت بإرتياح لعلها تريح قلبها، ستواجهه اليوم .. لا بد أن تجد تأكيدًا لما وصلت إليه، وذاك التأكيد سيكون منه هو … إستقامت من فراشها وجاءت عينيها على سوارها الفضيّ .. إلتقطته من على الكومود بجانب فراشها بسعادة وقامت بإحتضانه فهو ذكرى جميلة من أمها .. إرتدته وتنهدت بعمق مغمضة عينيها لعلها تهدأ قليلًا؛ ثم خرجت من غرفتها وإتجهت مباشرة نحو غرفة ياسين متمنية أن يكون موجودًا فاليوم هو يوم عُطلة، قامت بطرق الباب عدة مرات ولكنها لم تجد إجابه، قررت أن تتسلل لغرفته لتعلم بعض المعلومات عنه .. دخلت الغرفة بهدوء وكم تفاجأت بضخامتها ورقيِّها … غرفة تبدو مثل غرف الملوك بقصورهم ولكنها كانت بديكور عصري ؛فقد كانت خليطًا رائعًا من العصر القديم والحديث … كانت شاردة بجمال الغرفة ولكنها إستفاقت من شرودها وعكفت حاجبيها بغضب … تحركت بالغرفة تحاول البحث عن أي شئ مريب .. ولكن الغرفة كلها مريبة، زمجرت بضيق وهزت رأسها بنفي وأكملت بحثها .. توجهت نحو غرفة بداخل الغرفة وهذا ماجعلها متعجبة .. فقد كانت تلك غرفة مكتبه، غرفة منظمة مليئة بالكتب تدل على ثقافة مالكها .. نظرت حولها فكل شئ مرتب هنا ولا يوجد شئ مريب .. عكفت حاجبيها موبخه نفسها … “مابكي مريم؟؟ أتبحثين في نظافة الغرفة؟؟ أم تبحثين عن شئ يثبت أنه ضابط سري؟!” … توجهت نحو مكتبه الخشبي الكبير وقامت بفتح الأدراج وللعجب الأدراج غير مقفلة كما ترى بالأفلام السينيمائية … بدأت بالبحث في الأوراق الموجودة بمكتبه ولكن بلا فائدة لم تجد أي شئ .. فكلها أوراق صفقات تابعة للعمل ومناقصات وإلخ … نفخت بيأس ثم أعادت كل شئ كما كان وعندما إستدارت فتحت عينيها بصدمة عندما رأته واقفًا عن باب مكتبه ينظر لها بهدوء …
ياسين بإبتسامة هادئة:”مساء الخير يا دكتورة، نمتي كويس؟”
شعرت مريم بالحرج كثيرًا فقد ضبطها متلبسة …
إقترب ياسين منها بهدوء وإبتعدت هي للخلف في المقابل حتى إلتصقت بمكتبه الخشبي .. لم يكن بينهما سوى مسافة صغيرة، كانت تنظر أرضًا بتوتر وإحراج أما هو يتفحصها بهدوء …
ياسين بإستفسار:”حد عملك حاجة إمبارح؟”
رفعت رأسها بتلقائية نظرا لسؤاله … تقابلت أعينهما … عينيه الهادئتين مع عينيها المرتبكة، ولكنها تحدثت بصوت مبحوح من الخجل والإحراج في آن واحد ..
مريم وهي تنظر أرضًا مرة أخرى:”ماحدش لحق يعمل حاجة.”
هل تنهد بإرتياح أم لا؟؟؟ … هذا ماشعرت به مريم بعدما أجابته بتلك الإجابة … تفاجئت به يُمسك بذقنها برقة ليرفع وجهها يتفحصه …
ياسين:”الجروح بدأت تخف، الكمادات تقريبا مفعولها أعلى.”
تعجبت من حديثه، هل هو من ظل بجانبها؟؟ نعم لقد كانت تشعر بأحد بجانبها طيلة نومها … لاحظت عينيه الناعستين تنظر لها بإستفسار ولكنها إبتعدت بعينيها عنه بإحراج .. إبتعد ياسين عنها بخطوات بسيطة ..
ياسين بإستفسار:”كنتي بتدوري على إيه يا دكتورة؟”
مريم بتوتر:”لا أنا ماكنتش بدور على حاجة، أنا بس كنت بتفرج على جمال المكتب.”
نظر ياسين لمكتبه والذي لم يعد منظمًا كما كان … توجه نحو مكتبه الخشبي وقام بتعديل بعض الأوراق عليه وضبط أماكنها كما كانت، ثم عاد ينظر إليها مرة أخرى ..
ياسين بهدوء:”أنا مابحبش الكذب يا دكتورة.”
شعرت مريم بالتوتر أكثر لأنه قام بكشف كذبها ..
ياسين بتفهم:”إتفضلي، محتاجة تسأليني في إيه؟”
مريم بتوتر:”أنا بس .. كنت …كنت بدور على حاجة.”
ياسين بإستفسار:”إيه هي؟”
صمتت وظلت تنظر أرضًا بإحراج وخجل مما هي فيه، ولكنها شجعت نفسها قليلًا ورفعت رأسها له مرة أخرى ..
مريم بإستفسار:”إنت مين؟ أنا حاسه إن أنا أعرفك قبل كده!، صح؟؟ إحنا إتقابلنا قبل كده؟!”
ظل ياسين ينظر لها بهدوء …
مريم برجاء:”أرجوك محتاجة أعرف إحنا إتقابلنا قبل كده ولا لا؟”
ياسين بإستفسار:”هيفيدك بإيه يا دكتورة؟”
مريم بضيق من ذلك اللقلب:”ماسميش دكتورة .. أنا بني آدمة وليا إسم زي باقي الناس .. إسمي مريم، أنا محتاجة أعرف إنت مين؟؟ وهل إحنا إتقابلنا قبل كده؟؟ قصدي أنا محتاجة أعرف أنا بتعامل مع مين؟؟ أنا حاسه إن أنا في متاهة، محتاجة أعرف الحقيقة”
ياسين بهدوء:”دكتورة، تقريبا إللي حصلك أثر على دماغك، إتفضلي إرجعي أوضتك إرتاحي شويه.”
مريم برفض تام:”لا مش هرجع غير لما أعرف الحقيقة، أنا واثقة إن أنا وإنت إتقابلنا قبل كده، إنت أكيد مش فاكرني من كتر مهامك إللي بتقابلك أكيد .. بص أنا هفكرك بيا، *بدأت دموعها بالهطول* … لما كنت صغيرة إتخطفت من أهلي، في عصابة خطفتني يعني كنت أنا وأطفال كتير معايا، في اليوم ده حد من العصابة ضربني على راسي عشان أنام لإني كنت بصرخ وبعيط عشان حد يلحقني، وبعدها بشوية سمعت صوت ضرب نار في المكان، ماكنتش شايفه حواليا عشان كنت دايخه والرؤية كانت مشوشة عندي نتيجة الضربة، بس في حد لحقني … *إقتربت منه أكثر* … حد شالني وخرجني من المكان ده، حد كان حضنه أمان ليا، *إرتجف صوتها* … حسيت بالأمان وأنا معاه … بس سابني هناك عند شجرة وبعدها زمايله لقوني وأخدوني ورجعوني لأهلي، إفتكرتني؟”
ظل ياسين صامتًا ينظر لها بهدوء ..
مريم:”أرجوك رد عليا.”
ياسين:”إجابتي هتفيدك بإيه؟”
مريم:”هتفيدني في حاجات كتير أكيد.”
ياسين بإستفسار:”ولو أنا طلعت عكس إللي إنتي بتتمنيه؟”
مريم بتجاهل لإستفساره:”المهم إني أعرف إنت هو ولا لا.”
ياسين بنبرة ثليجية:”أيوه أنا هو .. دلوقتي هيفيدك في إيه؟”
نظرت له بذهول من إجابته … “إنه هو!!” … منقذها يقف أمامها … كادت أن تتحدث بلهفة ولكنه قاطعها ببرود شديد ..
ياسين:”ماتعيشيش أحلام وطموحات على الفاضي يا دكتورة، أنا مش الفارس المغوار إللي إنتي متخيلاه.”
نظرت له بإستفسار عن معنى حديثه .. ولكنها إستفاقت ..
مريم بإبتسامة:”هعدي كلامك ده، * تحدثت بإستفسار وتوتر* إنت ظابط صح كده؟؟ أكيد طبعًا أنا بقول إيه بس؟، إنت أكيد تحفظت على هشام عشان خطفني، هو فين طيب؟؟ هيخرج إمتى؟ أو هتحكموا عليه بأد إيه؟ إعذرني أنا مابفهمش في القانون وكده.”
لم يُجبها ياسين بل كان ينظر لها بهدوء قاتل …
ياسين:”عشان يا دكتورة إنتي بعدتي كتير بتوقعاتك دي عني.”
مريم بعدم فهم:”أنا مش فاهمة؟ طب لو إنت مش ظابط، معنى كده إنت تبقى إيه؟”
ياسين بإبتسامة هادئة:”أنا قاتل يا دكتورة.”
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية القاتل الراقي ) اسم الرواية