رواية شاهد قبر كاملة بقلم اسماعيل موسي عبر مدونة دليل الروايات
رواية شاهد قبر الفصل الثالث عشر 13
بعد أن فرغت حيلى تمددت على الرصيف، نمت حتى انزاح الليل وصدح صوت الباعه فى الصباح الباكر منادين على بضاعتهم مع ان الشوارع كانت لازالت خاليه، انهضت جسدى واتكأت على جدار منزل قديم، بسطت نظرى للأمام عبر الأزقه متخيلآ فى اى لحظه ان تظهر تقى، هكذا نحلم نحن الأطفال ونقتنع ان آمالنا من الممكن أن تتحقق بكل بساطه، لم تظهر تقى، حتى بعد أن اشرقت شمس اول يوم دونها
كانت الساعه تشير العاشره صباحآ أمواج البشر متلاطمه فى الشارع، موظفين، طلبه، عائلات، أطفال بمثل عمرى، الكل لديه شيء يفعله
تبدد آملى فى عودة تقى، كنت اعرف انها عندما تتخذ قرار وتركب رأسها لا تتراجع ابدآ، شعرت ان صدرى شق نصفين ولم أقوى على الذهاب للشقه، رؤية الامكنه دونها ستقتلنى اكتر، مررت على العماره منحت صاحب البيت إجار شهرين وشهر مقدم، طلبت منه اذا رأى تقى تصعد الشقه ان يهاتفنى واضطررت لان اسمع وقاحته، رحلت مثل والدتها.
كنت أتوقع عودتها لذلك دفعت للأيجار لكنى قررت عدم رؤية والدى مره أخرى، كنت اعرف انه السبب فى رحيل تقى ولم أتمكن من الصفح والغفران
كانت الايام الأولى قاسيه جدا على كل ليله كانت بطول شهر حاولت السيده أروى وزوجها مساعدتى، اتصلو بالمشفيات أقسام الشرطه، قدمو بلاغ لكن تقى اختفت ولم تظهر ابدآ
تركت تيار الحياه يقودنى نحو مصيرى، لم أكن مهتم لما سيحدث لى محوت ارادتى كنت مثل قش الشارع تدفعه الرياح بلا وجهه
تلك الفتره التى كنت فاقد فيها للهويه أعادت السيده أروى تشكيلى
تعلمت كل ما ارادتنى تعلمه، المخاطبه، التصرف، اللغه، النشاط الرياضى، كنت تحت تصرفها وكانت تعرف ما ترغب به بالضبط
جعلتنى نسخه من شخص محفور فى ذهنها، شخص تعرف هى فقط ماهيته، تعلمت العزف على البيانو، الرقص، التحدث بالانجليزيه والفرنسيه، قراءة الأدب، درست بعض العلوم المتفرقه
لا انكر ان الوضع كان صعب فى البدايه، بمرور الوقت بت احب تلك الأشياء التى تغذى ذهنى المشتت، عندما نتحدث عن كتاب، روايه، نبته، كاتب، الموضه، العطور، الطبخ، الأرضيات والأثاث الأوروبي
كل ذلك مع الذهاب للجيم كل يوم تقريبا رفقتها لأنها كانت حريصه على الاعتناء بقوامها، كنا نتدرب فى نفس الصاله الفخمه حتى يتعرق كلانا، نركض بعدها نصف ساعه، كما انها مع حرصها على تهذيبى لم تنسى اناقتى، استطيع ان اقول انها كانت مهتمه بكل تفصيله فى حياتى، كان زوجها خلال تلك الأعوام مسرور من انشغالها معى، لم يبدى تذمره ولا مره، كان يشجعنى ويدفعنى على مرافقتها والاعتناء بها، لم أعرف الأسباب التى دفعت كليهم للأعتناء بى، لم يكن مهم اصلآ، والانسان ابن العاده، سرعان مع أتقنت طريقتهم مع مرور الأعوام عندما كنت فى عمر الثامنة عشر استخرجت رخصة قياده، من بعدها كنت اقود سيارة السيده اروى فى كل مكان وراحت تدريجيآ تعرضنى لبعض صديقاتها، متفاخره بما احدثته فى من تغير، كنت ارافقها فى حفلات السهر التى تدعى إليها عندما لا يكون زوجها حاضر
كنت الحارس الشخصي، الحارس الأمين الذى يعرف أسرارها، خبايها، فى على قدر ما كانت السيده أروى غريبة اطوار كانت لها علاقات مزعجه واحده منها علاقتها بدكتور العيون الذى كان يعالج تقى وعرض دفع كلفة عينها البديله، عرفت ذلك لاحقآ بعد أن تبدل مظهرى ولم يعرفنى الدكتور نفسه، لكنها كانت سريعة الملل ولا تظل فى علاقه اكثر من شهرين أو ثلاثه كما انها بعد أن اعادت تشكيلى استغنت عن الكثير منهم، لا أقول ان علاقاتها كانت شريره او غير محتشمه لكنك لا تعرف ابدا ما تفكر فيه أروى
وكانت ترسلنى أحيانآ لإخراج احداهن من ورطة وقعت بها من أجل كلمة شكر تحظى بها فى جلسه نسائيه
او حتى من أجل مرافقة أحدا صديقاتها إلى مكان معين لم اخزلها ولا مره
الا أننى لم اختلط مع ولا واحده منهم حتى عندما كانو يجتمعون كعصابه كنت اجلس بعيد عنهم فأنا لا أهوى ثرثرة النساء التى لا طائل من ورائها غير الصداع
كانت أروى جميله جدا وانيقه الا انها لسبب ما فاقده للثقه بعض الشيء وكانت احيان كثيره تطلب رأى فى ملبسها او عطرها، قصة شعرها ولون حذائها
كنت ضليع بتلك الأشياء وكانت اختياراتى موفقه دومآ
النساء بعد سن الثلاثين يتغيرن جدآ وتتبدل اهتماماتهم إلى درجه مفزعه كانت هذه حياتى فى الفترة الأولى وكانت أروى حريصه على قطع اى علاقه لي مع اى أنثى قبل بدايتها
وكان زوجها الذى لا ينجب حريص على سعادتها مقدر تمامآ قرارها الأستمرار معه رغم حلم الامومه
استطيع ان اقول كان بينهم تواطىء غريب من نوع ما
تعرف ترقص؟
لما طال صمتى قالت، شكلك ما تعرفش
كانت هذه الحفله أواخر ديسمبر عام ٢٠٠٤ وكنت وقتها واقف جوار باب صالة الرقص ادخن لفافة تبغ
اتابع أروى مع رفيقاتها
ليه متعرفش ترقص؟
عادى مفيش سبب يخليني أحب الرقص
انا هعلمك متقلقش
انت معاها؟ بس دى كبيره عليك قالت وهى تشير تجاه أروى
قلت انا اخدمها، حارسها الشخصي
ابتسمت، غريبه عمرها قريب من عمرك
لم أكن مهتم حتى لكزتنى في يدى وقالت اتفرج عليه
دلفت لحلقة الرقص وراحت تهز عودها واطرافها تتمايل
اقتربت منى أروى، سألتنى كانت عايزه ايه منك؟
عادى، كانت بتسألنى تعرف ترقص ولا لا
وانت قلت ايه؟
قلت معرفش ارقص
عايز ترقص معاها؟
اذا كانت رغبتك سأفعلها
حدقت أروى بالفتاه التى ترقص بفرح وشدتنى للخارج سنغادر الأن
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية شاهد قبر ) اسم الرواية