Ads by Google X

رواية اطفت شعلة تمردها الجزء(2) الفصل الاربعون 40 - بقلم دعاء احمد

الصفحة الرئيسية

   رواية اطفت شعلة تمردها كاملة بقلم دعاء احمد

رواية اطفت شعلة تمردها الجزء(2) الفصل الاربعون 40

كانت نور تصرخ به بغضب و كره من تقلباته المزاجية، هل يعتقد انها لعبة بيديها يحركها كما يشاء.
ردت معنفه اياه بغضب مشعله نيران الغيرة بداخله :
-أنا مش مرات حد انت فاهم يا باسل بيه، انت طلقتني خالص فركش خلصت الحكاية اللي حضرتك رسمتها، ايه عايز ايه تاني؟
و بعدين انت مالك اتجوز و أحب أن شاله حتى اصاحب….
لم تكمل جملتها لتجده يقترب منها بعيونه الحادة و الحمراء من شدة الغضب.
ابتلعت ما بحلقها بارتباك
شاعرة بتيار كهرباء يسير بجسدها لكن لا مجال للخوف منه،
هو من اذاها فعليه تحمل نتائج أفعاله، تركها بدون أي مبرر أو ذنب…
حملها سريعا على كتفه كشوال الارز.
صرخت نور بصدمة و هي تركل بطنه بقدميها بينما
هو يخرج من الحفل غير مبالي بنظرات الضيوف له:
-انت اتجننت نزلني يا باسل بقولك نزلني”
صرخت عليه بجنون وهي تحاول النزول عن كتفه الصلب
-أنا مش مراتك فاهم… لو عملت أيه ما أنا رجعالك… نزلني يا حيوان”
جز على أسنانه من شدة الغضب مزمجرا بحدة:
-هنشوفي يا حرمي المصون…..
قالها هازئا واثقاً و هو يخرج من القاعة باكملها متجها نحو سيارته المصفوفة في الجراچ.
ألقاها بسيارته في المقعد الخلفي سريعاً أمام أعين بعض الأشخاص المتابعين للموقف.
كانت ستصرخ به مرة أخرى الا انه كمم فمها بيديه و هو يرمقها بعسليتها الضاريتان:
-قسما بالله لو سمعت صوتك لاكون جايب أجلك انتي فاهمة مش عايز عبط على المساء،
و بعدين في حد يتكلم مع جوزه كدا برضو يا شبح.1
-شبح لما يلهفك”
ردت بتلك الكلمة بداخلها و هي تنظر له عن قرب بعيون تلمع بالشراسة و الغضب
قضمت يديه باسنانها الحادة فطبعت أسنانها علامات حمراء على يده، كبح باسل التاوه سريعا و هو يبعد يده عن فمها.
نظر لها بشر في لحظة تهور رفع يديه و كاد ان يصفعها لكنه توقف حينما رآها تنكمش على نفسها، تغمض عينيها بخوف.
منتظره شي يقسى قلبها عليه أكثر.
انزل يده المرفوعه وقبض عليها بقوة وهو يلقي عليها نظرة معاتبه غاضبه ثم جذب بعدها حزام الامان وربطه جيداً بها بقوة… حرصاً على الا
تفتعل جنوناً اثناء قيادته……
خرج من السيارة صافق الباب خلفه بقوة بينما
سار بعدها خطٍ من الالم منتشر بجسدها ولم تلبث
إلا واغمضت عينيها مستسلمة للواقع المرير
معه والحروب التي ستقام بينهما من الان
فصاعداً………حتى يتنازل احدهم ويترك
للآخر حرية الهرب منه…….
دخل السيارة واحتل مقعد القيادة…أدار محرك
السيارة وهو يلقي عليها نظرة محتنقة….
بينما هي ساكنة بالخلف تغمض عينيها هرباً من نظراته………
اثناء قيادته والصمت الأسود بينهما
لاح بعقله وجهها المضطرب و الخائف منه.
بعد مدة قصيرة
وصل باسل الي تلك الفيلا الصغيرة بعيدة عن قصر العلايلي.
بلعت غصة حادة كشفرة مسننة
وهي تراه يخرج من السيارة ويفتح الباب جوارها
ثم اشار لها بمنتهى الهدوء وعيناه تحذرها إلا تفتعل جنوناً…
-انزلي يا نور…….
كتفت ذراعيها امام صدرها ونظرت امامها بغضب و شراسة
-انا عايزة أروح………
رد وهو يستند على سقف السيارة ببرود
-مفيش مرواح، انتي هتقعدي في المكان اللي انا عايزة……
ردت نور بتمرد وهي تنظر اليه بقوة
-ليه أن شاء الله، تكونش اشترتني و انا معرفش…….
اجابها بنبرة صادقة و هو يتمعن النظر لبنيتيها…..
– آآه اشتريتك يا نور بس بقلبك اللي كل ما أقرب منه احس بأنه بيدق علشان انا.
قالت بعينين نافرتين نحوه :
انت فاكرني لعبة عندك يا باسل بيه، طب انت عملت ايه لما حسيت بقلبي بيدق علشانك، بكل بساطة قلتها انتي طالق و كأني مش بني ادمه اول ما تحصل مشكلة تكسر قلبها و تيجي عليه بالجزمة، انت غبي يا باسل غبي اوي و بعدين انت طلقتني……..”
هدر بانفعال بعد تلك النظرة المعاتبه منها وهو يميل براسه عليها….
-مفيش طلاق سامعه و لو هنيجي لحكم الدين فاحنا لسه في شهور العدة
و لو قلتي ملمستكيش فمفيش عدة هقولك احنا قعدنا مع بعض وقت طويل
حتي لو جوازنا على الورق فأنا و انتي كسرنا حدود كتير اوي شفتك مثالا بشعرك و فساتين قصيرة و اخدت في حضني و انتي نايمة و بوستك …. العلماء اختلفوا على موضوع العدة
بس دا لو انتي مكنتش دخلتي بيتي و عشنا شهور مع بعض في نفس المكان و شاركنا بعض نفس الأوضة
فكي الزفت ده وطلعي يا نور …
حاولت جذب الحزام ولكنها فشلت في خلعه
فسبت بغيظ وهي تصيح
-تعالى فك الزفت اللي ربطني بي ده… ولا كانك رابط جاموسة جاتكم قرف صنف مالوش امان …….
حذرها باسل ببرود….
“لمي لسانك يا نور وتعدلي……”
صاحت بتشنج من الخضوع اليه….
“احنا جايين هنا ليه انا عايزه اروح روحني…….
مالى عليها وفك حزام الامان وهو بالقرب منها انفاسه تضرب وجنتيها وتوصل الرجفة لجسدها وقلبها الابله الذي يخفق بالقرب منه بجنون
كان قريب منها جداً يكاد يلامس شفتيها بشفتيه ان رفع راسه قليلاً
فقد كان منحني امامها يحل الحزام الذي يابى بعناد تحريرها مثل
شخصٍ ينحني امامها الان وعطرة الرجولي يداهم انفها بقوة واصابعه تلامس جانبها بين الحين والاخر وهو يحاول حل الحزام……دققت النظر
لراسه المنحني وجانب وجهه الرجولي المتشرب من اشاعة الشمس……وخصلات شعره المائلة
للاشقر قليلاً التي تلمع كذهب بجاذبية فاتنة مع اشعة الشمس…..
تنفست باضطراب وهي تشعر بالحزام ينساب عن كتفيها و راسه ترتفع اليها لتكتمل الصورة بشكلا
مهلك
ورغم الغضب تتدفق مشاعر اساسها
عاطفي راقي كحبهما تماماً………
تبدلا ذكرى عن أشياء كانت بمثابة الحلم الجميل وقد انتهت بكابوس خذلان وكلاً منهما له وجهة معينة….
بلعت ريقها وهي تقول بحنق
-هتفضل تبصلي كده كتير وسع عشان انزل…….
تافف امام وجهها بغيظ يكبت تلك المشاعر التي انكشفت عن الستار بنظرة واحده لعينيها…….ابتعد عنها وانتصب واقفاً منتظراً اياها بصمت
كانت تسير بشرود و بداخلها ينفجر الغضب و يتصاعد لتجده يتحدث :
-تعرفي اني حفظت سور كتير في القرآن في الفترة الأخيرة…
ردت نور بشرود :
-مبروك بس انا عايزه امشي يا باسل لو سمحت، أنا و انت اطلقنا ياريت تفهم دا.
رد بعصبية و غطرسة:
-و الله مش انتي اللي تقرري هنا
-ليه لازم انت اللي تكون متحكم في العلاقة
-أنا مقصدش كدا على فكرة، أنا أقصد ان انا غلطت بس انا كنت ضايع يا نور، القرار لو هناخده يبقى بينا مش انتي لوحدك اللي تقرري
رفعت حاجبيها قائلا بخشونة و غضب
-طب معملتش كدا ليه يا باسل بيه، و لا انت عجبتك اللعبة اللي انت عمال تكسر فيها، أنا قلتلك اني عايزه اكمل معاك و مش فارق معايا حاجة، عملت انتي ايه بقى كسرتني و بمنتهى السهولة طلقتني، دا معناه اني مستحيل اثق فيك يا باسل مستحيل
-بس انتي بتحبيني…
اخذت نفس عميق قائلة بهدوء:
-جايز بس انا خالص مش عايزه اكمل مع بطريقتك دي انا ليا حياتي و عايزاها تمشي و تعدي بدون وجع و لا كسرة قلب…
لتتابع امام عينيه الحادة بنفور……
-ويترى خلصت كده ولا لسه في مصيبة جديدة حضرتك محضرهالي، ها في حاجة. جديدة مرتبها علشان تبوظلي حياتي اكتر ما هي متنيلة. ”
رد باسل باستهجان
-الحاجة الوحيدة اللي رتبت ليها اني أبعد……وشوف حياتي بعيد عنك، كنت عايزك تدوري على حياتك مع حد يقدر يسعدك.
قربت وجهها منه بجرأة، ثم قالت بتشفي وثقة لم تتغذى إلا على افعاله وحبه لها….
-وعرفت تشوفها يا باسل بص على نفسك…انت معايا هنا و كل ما هحاول تبعد هتلقي نفسك بتقرب، انا بجري في دمك يا باسل لان القط مبيحبش الا خناقة، فضلت تبعد و انت عايز تقرب و مجرد ما حسيت ان في حد تاني عايزني قلت لا مستحيل…
لأنك مش هتقدر تنساني باي واحدة من اللي كانوا في حياتك ……”
شعر بالغيظ منها فاخذ يقترب منها حتى دفعها لاقرب حائط وهو امامها يحجزها بجسده الضخم…. مسك وجهها بين يداه بقوة وهو يقول بجنون من بين انفاسه
اللهثة وجعاً
وامام عينيها الجميلة خضع قلبه عند بابها،
كيف حدث كل هذا و هو من تمرد على اجمل الجميلات!
كيف حدث وهو كان دائما المتحكم لماذا لا تخضع له مثل الباقية!
لما لا تكف عن عنادها أمامها و مع ذلك تجعله يريد الاقتراب اكثر
-فعلاً مش هنساكي عشان…. بحبك… ”
خفق قلبها سريعاً وتوسعت عينيها بدهشة وهي تراه
ينظر لشفتيها بجوع ثم لعينيها بشوق…شعرت بانفاسه الساخنة تلفح صفحة وجهها الشاحبة….
اغمضت عينيها وهي تشعر باضطراب
في كل حواسها بقربه….
وقبل ان تصل شفتيه للفاكهة المحرمة وجدها تفتح عينيها بشراسة متذكره أفعاله لتقوم بدفعه بقوة
و الصراخ به؛
-كداب و اناني مفيش حد يحب و يبقي عايز ياذي اللي بيحبه، انت اذتني يا باسل فاهم اذتني….
انسابت دموعها و هي تصرخ به بغضب
– انت فاكر نفسك مين علشان تجرحني و اسامحك حتى لو كنت بحبك…
كانت كلمة قالتها دون ادراك، مجرد كلمة أحيت قلبه لينبض بقوة
لكن قبل أن يتحدث تركته مهروله لداخل تلك الفيلا لأنها على يقين انها ان حاولت الخروج سيمنعها الحرس
__________________________
اخذ باسل نفساً عميقا كاد ان يقتلع أزرار قميصه الأبيض سحب ربطة العنق باهمال فاصبحت متدليه
من الجاهتين
ثم فتح اول ارزاز من القميص وهو يشعر بالاختناق رغم انه تخلص قبلها من سترة
الحلة والقاها جانبه…..
شعور يتفاقم بداخله الاختناق عدم الراحة…عدم السعادة عدم التكيف مع أمرا اختاره بكامل أرادته، عدم التكيف بدونها، عدم البعد عنها…..العجز في هجرها ونسيان ما مضى بينهما منذ اول لقاء بينهما، كل شيءٍ يخنقه
يشعر
بان صدره يضيق به لدرجة تجعل سحب النفس مجهود كبير بنسبة له…..تمتم ساخراً….
_مش هسيبك يا نور يمكن لان القط ميحبش الا خناقه
دلف لداخل الفيلا ثم صعد الدرج ليجد نور إحدى الغرف مضاء ليعلم انها بالداخل
بعد ان اطرق الباب انتظر فتحه على احر من الجمر وحينما طلت البهيه وقف عقله للحظات عن العمل وعيناه سافرت على ملامحها الشاجنة الباكية
سافرت على هيئتها و عيونها الحمراء الباكيه وكانت تلتف بشالها الاسود كي تخفي نصف ذراعها المكشوف من بلوزة المنامة
كان شعرها الغجري منساب حول وجهها بجاذبية حتى بعد أن وضعت عليه حجابها الا انها اخذ حريته.
لطالما كان شعرها المتموج شيءٍ يسحره بعد لؤلؤة عينيها الداكنتان
بلعت نور ريقها بصعوبة وهي تتفقد هيئته الفوضوية الغير مرتبه وكانه عاد منهزم من أحد الحروب !…..
فكانت نظراته جامعة بين الحدة والحزن والانكسار………
ظلت النظرات متبادلة بينهما للحظات وكلا منهم
يناظر الاخر بتراقب وتامل لتفاصيله وكل مابها
وكانهما يتعرفا على بعضهما من جديد
شيءٍ جعلها تسأله بتردد وهي ترمش برموشها المبلله عدت مرات….
-في اي تاني يا باسل، اي اللي جابك هنا مش خلص خلاص الكلام….
-تجوزيني…….
تلك الكلمة الوحيدة التي تفوه بها في وقفته الشامخة وعيناه الحادة الضارية
كلمة اخذت وقتاً لان تفسر معانيها وكانها تركت عقلها على الوسادة وفتحت الباب بدونه ؟!
اعادا الكلمة بنفاذ صبر وعيون متوحشة النظرات….
وكانه سيفتك بها ان ظلت على صمتها هذا……..
-تجوزيني يا نور……..
اشتدت عينيها وهي تصيح بغييظ
-اتجوزك، انت اتجننت يا باسل، طلقتني و جاي تطلب ايدي انتي مجن……….
اخرسها بخفوت خطر
-وطي صوتك وتعدلي وانت بتكلميني متنسيش انا اسمي باسل العلايلي، انا بطلبك للجواز دلوقتي ردك إيه…..
-لا طبعاً مش عايزة اتجوز…..
كانت ستغلق الباب في وجهه لكنه سحب يدها بقوة لتكن خارج الغرفة ينغلق الباب قليلاً لتجد ان المكان اظلم ولم يكن هناك إلا ضوء متسلل بسيط من فتحت باب الغرفة المضاءه
توسعت عينيها وهي تراه يحجز وجهها
بيداه ثم يميل على شفتيها في قبله افقدتها ثوابها
كانت تقاومه بغضب و حنق
سحبها لصدره شاعر بخفقات قلبها القويه فوق صدره
لكن قلبها خان عهدها وسلم حصونه الى حبيب تركها في لحظة ثم عاد نادما. ”
ابعد باسل عنها همس بالقرب من
وجهها ويداه تحيط خصرها معانق اياها بحب وشوق
-انا بحبك يا نور بحبك وعايز اتجوزك بس المره دي بارادتك و حبك ليا، خلينا نبدأ صفحة جديده….
ضربته في صدره بغيظ وهي تحاول إلا تبكي…
-و ترجع توجعني تاني و تتجوز تاني و تالت عليا لا تاني و تالت ايه إذا كان انا الرابعة ”
حجز وجهها بيده وهزه برفق قائلاً ببحة
عميقة أرجفت اصولها…….
-هشش كفايه معافرة يا نور انسي اللي فات
انا عايزك، عايزك تكوني مراتي على سنة
الله ورسوله وتنسى اي حاجه فاتت التلاتة اللي اتجوزته صدقيني مفيش واحدة قدرت تهز فيا شعره يا نور…”
مسحت عينيها وهي تقول بتهكم…..
“يسلام….. وانا ايه اللي يضمنلي..”
عقد حاجبيه قائلاً بخشونة…..
-كلمتي… اظن دي ضمان يا نور، أنا لو كنت بستغلك و راجع علشان حاجه كدا و لا كدا كنت زماني اخدتها من زمان و بارادتك”
تنهد بثقل وعبث وجهه قليلاً وقال امام عينيها الجميلة…
“اما فكرة الجواز تاني دي …….فا متشغليش بالك لان انا توبت عن الصنف كله من وقت ما شوفتك
و طالما انا عايزك وانتي عايزاني يبقا الباقي كله سهل…..
نظر لعينيها واضاف بحب وندم….
-انا مش هسيبك تاني يا نور، انا عايزك عايز اتجوزك، وكمل معاكي خلينا ننسى اللي فات….
سألها وهو يرى الدموع تجري على وجنتيها….
-قولت اي ياشبح تجوزيني بذوق.ولا
بالعافية احسن…..
قالت بحزن وعتاب…
-مفيش فايدة فيك يا باسل …
فسحبها هو لاحضانه بقوة وهو يمرر يده على
شعرها بحنان محاول الاعتذار لها عن قراره الغبي و المتهور في البعد عنها
الامر صعب وهي تعلم ذلك
لذلك رضخ قلبها إليه ولم يكسر خاطره…حينما عاد معتذراً لها…… ضربته في صدره وبكت في احضانه وهي تقول بوجع
-بكرهك بكرهك…….
ضمها اكثر مبتسماً بعمق شاعر بطيف دافئ من السعادة أخيراً يتخلل جسده الصلب البارد…..
-وانا بعشقك بعشقك يا نور…….
ماذا عليها ان تفعل بداخلها شيءٍ يود الافصاح عنه
يود الراحة والسلام من حرب لم تؤذي الا كلاهما وللعجب كلاً منهم كان يؤذي نفسه فقط……
ضمها اكثر لصدره شاعر بجسدها اللين اكثر بين ذراعيه……اغمضت عينيها مستمتعه بهذا العناق
وكان عقارب الساعة توقفت عند تلك اللحظة…
بعد لحظات سمعت إحدى يقترب و ينادي عليه من الأسفل و يبدو و كأنه حارس
ابتعدت عنه سريعاً هامسة بقلق…
-في حد بينادي عليك……..
عادت الحياة لوجهه وهو يشاكسها بحلاوة….
-ومالك خايفه كدا ليه احنا في حكم المتجوزين.. بس علشان انا بفهم في الأصول هستنا لبكرا و اخدك لحد بيتك و نكتب الكتاب من تاني
رفعت شفتها للاعلى مستنكرة ثم وضعت
يدها بخصرها مدعيه الدهشة…..
-أصول …اشك…… و بعدين كتب كتاب ايه اللي بكرا انت اتجننت
رد ببساطة ومشاكسه
-لا يا شبح لازم تثق فيا…….
و الفرح بعد يومين، وعليا طلاق بتلاته ما راجع في كلامي يا نور و المرة دي هنعمل فرح كبير انتي فاهمه……
رفعت حاجبها بتعجب وهي تزيح كفه عن
فمها…..
-طلاق !!!……طلاق من مين …….
اجابها بغلاظة….
-طلاق منك مفيش غيرك يعني…….
احتدت نظراتها وقالت بغضب…..
“بطلقني من قبل ما تكتب عليا …طب خد في بالك بقا هاجل الفرح شهرين……اصل الصراحة مش واثقة فيك…. ”
اشار بعيناه على الباب خلفها وهو يقول بحزم….
-بت ادخلي جوا، دا كلام رجالة ملكيش انتي
دعوة بيه، و على فكرة انا كلمت ابوكي و قلت اني رديتك اصل يعني مش هينفع احكيله عن التفاصيل يا بيبي”
مطت شفتيه بسخط
-يسلام هو عافية ولا إيه، و بعدين انا بقى مش عايزه اتجوز
اوما بغلظة……
-هي فعلاً عافية….هجوزك ورجلك فوق رقبتك، ادخلي يلا….
اخر جملة قالها بقوةمما جعلها تستدير كي تدخل وهي تمط شفتيها بجزع اوقفها قبل ان تدخل بخشونه
-انتي يابت استني هنا…..
-عايز إيه…..
اقتربت منه قبل ان تفتح الباب لتجده يطبع قبلة على وجنتها، ابعدت وجهها سريعاً قائلة بغيظ…
-بطل قلة آدب بقا …….
ابتعدت قبل ان ينال منها ثم اغلقت الباب في وجهه سريعاً مما جعله يرفع حاجباً مندهشاً من فعلتها
على الجهة الأخرى عضت نور على شفتها
الحمراء وهي تتمتم ذاهلة
-انتي وفقتي يا بنت المجنونة، طب و الله بحبه بس لازم اجننه شوية اه ما هو بنات الناس مش لعبة يا باسل.
يخربيت حلاوة أمك يا جدع
_________________________
في داخل القاعة
أبتسم عمر بسعادة و هو يقترب من بيلا، يعتقل خصرها بين ذراعيه و هو يرقص معها، الإضاءة خافته و الموسيقى هادئة، لا يوجد غيرهما،
رفعت رأسها مبتسمة تنظر له بخفوت و سعادة:
– بتبصلي كدا ليه؟
همس بحرارة و صوت اجش متحشرج أثر تاثره :
-أنتي ازاي لسه جميلة كدا يا بيلا، معقول في حد كدا، عارفة النهاردة كأنه نفس اليوم اللي افترقنا فيه لسه عيونك بتلمع، بعد ما سيبنا بعض شفت بنات كتير منكرش انهم كانوا حلوين لكن مفيش و لا واحدة في جمالك، بحسك زي الملايكة، ناعمة اوي، لو هطلب حاجة من ربنا هطلب اني اخر عيون اشوفها قبل ما اموت تكون عيونك”
أخفضت بصرها مغمغمه بجدية :
-سيب سيرة الموت يا عمر لو سمحت لان في كتير ماتوا و سابوني.
_طب ايه هنفضل هنا كتير انا ابتديت ازهق
ردت بيلا بهدوء قائلة :
-وانا كمان.
جذبها نحوه و هو يعود للجلوس على تلك الاريكة الناعمة المخصصة للعروسان،
مرت عدة دقائق
دلف محمود الي القاعة برفقة زوجته كاميليا و ابنته الوحيدة داليد.
صوبت بيلا نظرها عليه مع اقترابه منها بوجه مبتسم يحمل من الندم ما جعله يبدو حزيناً.
وقف أمامها قائلا بحب و حنان:
-الف مبروك يا بيلا، و مبروك رجوع ملك ليك.
ابتسمت بيلا بهدوء يدل على عدم رضائها و كأن هناك غصة قوية بقلبها لتجده يجثو على ركبتيه أمامها محاوطاً وجهها بين يديه و عيونه مليئة بالدموع يثير بها حزنها :
-حقك عليا يا بيلا، حقك عليا عارف اني نسيتك يا حبيبتي رغم أنك كنتي اكتر حد بيقف معايا، بس و الله العظيم غصب عني انا بس كنت حاسس اننا غلطانين لما وفقنا تتجوزوا بالطريقة دي، كنت حاسس باحساس وحش اوي،
كل لما اشوفك كنت بفتكر ماما و ادا ايه تعبت في آخر حياتها برضو بسبب الحب هي اختارت ابونا لكن هو مكنش بيحبها و عاشت معه علشنا انا و انتي و مريم،
كل ما اشوفك احس انك غبية اوي و انا شاركت في الغباء دا لما وفقت على جوازكم بالطريقة دي،
يمكن لان وقتها كنت شاب و عندي اندفاع الشباب و قلت يحيى الحب بس للاسف يا بيلا انا كنت غلطان.
يحيى الحب لو في النور و انا اشتركت معاكم في الضلمة، أنا آسف لاني ظلمتك و بعدت عنك كان مفروض أقف أدام بابا و اقوله انك مغلطتيش
و اننا كنا معاكي بس انا سكت و
كنت بشترك معه في دفنك بالحياة، أنا معنديش اي مبرر لبعدي عنك، نسيت اني اخوكي الكبير،
عارفة يا بيلا انتي وحشاني اوي، و وحشني حضنك و ابتسامتك وحشني الطفلة الصغيرة اللي جواكي و اللي كانت دايما بتحبني حتى لما كنت بغلط في حقها،
مش انتي لسه بتحبيني يا بيلا؟ ”
انسابت دموعه بندم و رجفة صوته متضرعه مترجيه اياها و كأن الهموم ثقُلت بقلبه.
فكيف لا تثقل و هو الأخ الذي ترك أخته الصغيرة تعاني وحدها و لم يحتضنها او يواسئ قلبها.
هبطت دموعها و لم تستطيع الرد تشعر بأن لسانها قد لُجم مقيد لتجده يحتضنها بقوة، بينما اطلق انين حزن ندم و مع ذلك سعادة عارمة
ابتعدت بيلا عن حضن أخيها لتجد مريم تقف جوارهما و هي تغمز لهما بسعادة
ليجتمع الثلاثة في حضن قوي دافء
احتضن عمر ملك مقبلا أعلى راسها قائلا بلهفة :
-بحبك على فكرة اوي يا ملك اوي
ابتسمت بسعادة وهي تضع راسها على صدره مغمضه العينان تدعو الله أن تستمر تلك السعادة الي الأبد….
بعد مرور بضع دقائق
هتف عمر بحدة قائلا:
-ايه هنقضيها بوس و احضان و انا كيس جوافة واقف جانبكم تحب اجيبلكم شجرة و تلاته لمون…
ضحكت زينب بخفة قائلة:
-بابا!!
ابتسم محمود وهو ينظر لزينب التي يحتضنها عمر بسعادة :
-بنتك زي القمر يا بيلا، بس لازم نقعد وقت طويل مع بعض و لازم نتعرف عليها.
أقترب منها مبتسماً ليقول بلباقة حانية:
-اسمي محمود ابقى خالك و دي بنتي داليد في أولى جامعة.
ابتسمت زينب قائلة برفق:
-منور يا خالي ربنا يحفظهالك…..
ابتسمت داليد بطيبة قائلة بتهور كعادتها:
-أنا سمعت انك عندك تلات تؤام صح الكلام دا، طب هما شكلهم زي بعض، بتعرفي تقعدي معاهم التلاته، هو الموضوع صعب مش كدا؟
ردت زينب بحيرة قائلة:
-هو انا المفروض ارد على انهو سؤال الاول
ضربت داليد على رأسها قائلة بخفة:
-معليش اصل اول ما عرفت اتحمست اوي و بجد نفسي اشوفهم و اتعرف عليك تعرفي انا معنديش اخوات بنات و كنت حاسه بالوحدة اوي بس خالص بقى عندي اخت دا لو تسمحيلي نكون صحاب.
ابتسمت زينب و غمرتها السعادة قائلا بحماس:
-طبعا معنديش مانع.
كانت تظن ان داليد ستبتسم كردة فعل تلقائية لكن دُهشت حين وجدتها تندفع نحوها محتضنه اياها لتقول بامتنان صادق:
-شكرا بجد، أنا فعل معنديش صحاب.
ابتسمت زينب و شعرت بحنين نحو تلك الفتاة لتقول بحب:
-وانا متأكدة اننا هنكون صحاب جامدين و خصوصا لما تشوفي نور.
نظرت بيلا لمحمود بحنان و سعادة و هما ينظران للفتاتان و ذلك الجو الجميل الذي نشأ بينهما….
مر بعض الوقت
كاد حفل الزفاف ان ينتهي و يخرج عمر برفقة بيلا من القاعة الموجودة بالفندق متجهين نحو حناجهم الخالص
أقترب محمود من بيلا قائلا بخفوت و توتر و هو يعطيها ظرف يبدو عليه انه قديم
بلل شفتيه بارتباك :
-بيلا، الظرف دا ليك… من.. بابا.. الله يرحمه، أنا عارف اني اتاخرت في توصيل الأمانة لكن جيه وقت تسليمها ليك، اقريه يا بيلا و اوعي تنسى أن دا ابونا”
رغم الرجفة القوية التي تملكتها عند ذكر والدها الراحل و رغم الحزن و الهاشتاق الكامن بداخلها و تلك الدموع التي تراكمت بعينها الا انها اخدت منه الظرف قائلة:
-هو كان زعلان مني لما مات صح؟
ابتسم محمود ساخرا ليقول برفق:
-لما تقري الجواب هتعرف..
أخفضت بصرها تنظر له شاعرة بثقل على قلبها كلما يأتي على بالها ان والدها توفي و هو غضبان منها، وجدت عمر يقربها منه قائلا بابتسامه جميله :
-خلينا نمشي و اقريه يا بيلا، ياله يا قلبي.
أومات له براسها بالايجاب قبل أن تغادر معه و خلفهم زينب و داليد الذان يتحدثان بسعادة و مرح غريب لتدرك زينب أنها شخصية مرحة تلقائية
صعد الاثنان بالمصعد نحو الجناح الخاص بهما
ساعدها عمر في الدخول بذلك الثوب الأكثر من رائع حقاً
وجدته يتحدث بتفاهم و حب قائلا:
-ادخلي غيري يا بيلا و لو احتاجتني ناديلي”
أومات له
و هي تتركه ذاهبه نحو غرفة النوم، جلس عمر علي الاريكة
بتوتر من تلك الرسالة
فك رابطة عنقه و ألقاها جانبا و أيضا تلك السترة السوداء وهو ينظر نحو الغرفة و القلق يتصاعد بداخله
في داخل الغرفة
جلست بيلا على الفراش بعد أن بدلت صوبها بحزن و يديها ترتجف بينما تفتح تلك الرسالة، بدات تقراء كلمات والدتها و الدموع تنساب على وجنتها و الرعب يجعلها تتصبب عرقاً
“بسم الله الرحمن الرحيم،
بيلا… بيلا.. فضلت أكرر اسمك كتير اوي يا بيلا طول الليل و انا قاعد في مكتبي بشبرب سجاير الدخان كان مشوش عليا الرؤية، بس تقريبا الدموع هي اللي خليتني مشوفش ادامي،
أنا أسف يا بيلا…… آسف يا حبيبة عمري و طفلة قلبي…. انتي وحشتيني اوي.. وضحكتك وحشتني اوي يا بيلا، حاسس اني موتى قرب اوي
و آخر مرة جيتلك المصحة كان نفسي اشوف ضحكتك البريئة دي يا قلب حبيبك
بس المشكلة انك فضلت تعيطي و دموعك كانت بتقتلني
بس عارفة لما حضنتك و فضلتي تعيطي كنت حاسس انك حاسه بيا مكنتش عايزه تبعد و لا انا و اللهِ يا بيلا
اسف لاني اخدتك بذنب مش ذنبك… جايز لاني حرمتك من حبيبك انتي دلوقتي تعبانه و في المصحة…. بس انا مكنتش متخيل كل دا يا بيلا،
انتي طول عمرك بتسمعي كلامي حتى لما بتخلفيه كانت بتبقى حاجات بسيطة لكن
المرة دي مقدرتيش تسمعي كلامي
و جريتي مع دقات قلبك و مين فين يقدر يقوي قلبه لما الحب يلمسه
أنا آسف على موت بنتك و اسف لاني خليتك تبقى مجبورة تتجوزي بالطريقة دي
لو رجع بيا الزمن و الله العظيم انا اللي هجوزك بأيدي لعمر و بنتك كنت هاخدها في حضني و مش هسمح لحاجة تاذيكي كدا،
انا حاسس اني خالص مش هشوفك تاني بس ربنا يعلم اني بحبك اد ايه
انتي الوحيدة في اخواتك اللي خليت سالم الدمنهوري ينهار فراقك صعب اوي يا بيلا.
اسف لاني ضربتك و اجبرتك تكدبي على عمر
و اسف لاني كنت بسمعك بتبكي و تصرخي كل يوم و محاولتش أصلح اللي عملته..
انا ضيعتلك حياتك يا بنتي بس انا مكنتش متخيل اني هضيعك، لما تقري الجواب دا هتكوني برا المصحة دي وصيتي لمحمود يوصلك الجواب بعد خروجك و بعد موتى مش عايزك تحسي للحظة اني زعلان منك بالعكس يا حبي انتي طفلتي البريئة
وردة عيلة الدمنهوري بحبك اوي يا بيلا”
عندك تلك الكلمة انفجرت الدموع و الألم بداخلها وهي تحتضن رسالته باشتياق و حزن قائلة بقهر و حزن:
-و انا بحبك اوي يا بابا و الله العظيم بحبك اوي و حقك عليا و على قلبي، أنا مكنتش اعرف ان الحب هيخسرني وجودك معايا و طبطتك على قلبي انا اسفة ليك يا بابا و بحبك اوي و غصب عني مقدرتش لقيت نفسي مسحوبة وراء قلبي ياريتني ما كنت بريئة و لا حبيته و لا حببته فيا جايز كنت قدرت اقولك اني بحبك اد ايه و احضنك
انا اسفة يا حبيبي، طمن قلبك و قله اني خالص بقيت احسن دلوقتي لقيت بنتي و اخواتي و عمر
رجعت لعيلتي يا بابا و بحاول اتعافى بوجودهم لكن مفيش حد وجع قلبي اد موتك، ارتاح يا حبيبي
انا دلوقتي فرحانة اوي و كمان خالص لقيت محمود و مريم و بنتي…..
وردة عيلة الدمنهوري بتحبك اوي رجعت تفتح تاني بعد وجع السنين دي كلها
دلف عمر الي الغرفة ليجدها تبكي بهسترية و هي تحتضن تلك الورقة و شعرها الأسود يتالق حول راسها برقة ملائكية
تذكر لقائهم في الماضي في ذلك القطار حينها رأي نفس المرأه الجميلة الناعمة
هي كذلك شعرها مازال اسود ليست عجوز او ما شابه هي فقط تبلغ من العمر ثلاثه و أربعون عاما، مر عشرين عام على فراقها و ها قد حان وقت الالتقاء مجددا ليغمرها بعشقه و تغمره برقتها الناعمة
تلك الفتاة التي تشبة الورد في نعومتها ناعمة هي و بداخلها الكثير من الطفولة و دلال
انغمس قلبه بداخل تلك الرقة، ليتالف قلبها و يعشق الحياة جوارها.
أقترب منها ليجثو على ركبتيه أمام الفراش قائلا بابتسامه :
-بيلا اهدي يا عمري ممكن علشان خاطري
أعطته الورقة و هي تتمتم بسعادة ممزوج بحزن و ألم :
-مش زعلان مني يا عمر مش بيكرهني لسه كان بيحبني، مماتش و هو غضبان عليا، أنا كمان يا عمر وحشني اوي اوي
حاسه قلبي هيقف مش قادرة ”
جذبها بقوة لصدره وهو يجلس جوارها لتندس بداخل احضانه و قد بلغ العشق ذروته و قمة لهفتهما
اخذ كوب الماء من على الكومود مقربا اياه من شفتيها قائلا:
-بيلا اشربي يا حبيبتي علشان خاطري اهدي
اخذت الكوب منه بيدي مرتجفه و شفتيها ترتعش و مازالت دموعها تنساب و يدها الأخرى تحتضتن تلك الورقة القديمة و كأنها طوق نجاة
مر بعض الوقت
كانت نائمة بنعومة جواره و هو يربت على ظهرها بحنان، تنهد بعمق و هو يشدد بقوة على احتضانه لها حتى اصبحت و كأنها ضلع ثاني له بجسده الصغير ليمتم بعشق
-سامحيني يا بيلا لو شايفه ان حبك ليا ذنب انا اسف ليك بس انا عمري ما هتوب عن ذنب حبي ليك……
و لو هتمني حاجه من الدنيا فأنا هتمني اعيش في حضنك طول عمري، ربنا يجازي اللي كان السبب منه لله….
____________________
في اليوم التالي بشقة صالح..
وقفت زينب في تلك الغرفة المطلية بلون الأبيض، وضعت يديها على خصرها بحماس.
في نفس التوقيت.
دلف صالح الي الغرفة بكسل وهو يحرك راسه يمين و يسار يعاني مؤخر من الارق.
أبتسم وهو يقترب منها معانقاً خصرها وهو يدفن وجهها
بتجويف عنقها طابعاً قبلة شغوفة عاشقة على عنقها :
-صباح الخير يا جميل..
اتسعت ابتسامتها مغمغمه بدلال و تغنج انثوي
_صباح الورد يا حبيبي…
عض على شفتيه بغيظ مزمجرا بسخرية
-هو الدلع مبيحلش الا الصبح عندك و لا ايه و لا انتي بتحبي تجننيني.
ابتسمت زينب و هزت كتفها مداعية البراءة و هي تدير جسدها نحوه لتصبح في مواجهته، لتضع يديها بنعومة على عنقه محاوطه اياه بدلال مغوي:
-طب وانا عملت ايه يا حبيبي…
زفر بحرارة متحدثاِ بصوت اجش أثر مشاعره المتاثره بلمساتها :
-انتي بتسالي كمان!.. اللهم اخزيك يا شيطان..
صدحت ضحكتها الماكرة و هي تبتعد عنه، وضعت يدها على خصرها قائلة بخفوت:
-انت وراك شغل النهاردة…
رد صالح وهو يعتقل خصرها مقرباً جسدها الغض نحوه متمتم:
-و الله لو مش عايزانى اروح أنا ممكن افضيلك نفسي بس ايه الدنيا لو في دلع انا قاعد طبعا
انهي جملته بمكر و ابتسامة خبيثة تزين ثغره،
لكزته زينب في جانبه ليطلق ضحكة عالية خبيثه ملتقطاً
يدها بسرعة ليجذبها بسرعة لصدره هدر بخبث و صوت متحشرج و أنفاسه الساخنه تلفح صفحة وجهها :
-طب ايه مش ناوي تحن..
ردت زينب بسرعة وهي تبتعد عنه قائلة بخبث:
-الاول ياله تعالي نفطر علشان اروح شغلك و صحيح متتاخرش لان ورانا حاجات كتير نعملها سوا لما ترجع..
مرر انامله في شعره يشد خصلاته من شدة الغيظ قائلا:
-حاجات ايه؟.
-لما تخلص شغل هتعرف ياله بينا…
رد صالح قائلا بجدية:
-طب الولاد انا مش سامع صوتهم هم فين؟
-مع ايمان تحت جيت من شوية و اخدتهم معها.. ياله بينا
بعد مرور عدة ساعات
فتحت الدلو وبدات في تغميس الفرشاة بدهان ثم تمريره بانسياب على الحائط
شعرت بسعادة تتسلل لقلبها
بتأني كلما دهنت جزء من الحائط بلونٍ آخر
التغيير بحد ذاته ودمج الألوان بنفسك شعور مريح للنفس يبث التجدد بداخلك
الفكرة كانت جيدة و بالأخص لان تلك الغرفة كانت لابنتيها لم تستطيع من قبل دهن الغرفة
و لكن صالح أخبرها انه سيأتي بالنقاش لفعل تلك الأشياء بعد أن اختار الاثنان الألوان للغرفتين.
و جلب أيضا الدهان الخاص و لكنه قررت أن تفعلها بنفسها
بعد مدة قصيره كانت قد انهت نصف الجزء الاول من الحائط
توقفت وهي تحرك ذراعها بتعب ثم نظرت للهاتف الذي يسجل تلك اللحظات فقد قامت بفتح الكاميرا و تثبيتها في احد الأماكن لتسجل كل تلك اللحظات.
ضحكت وهي تمسح قطرت العرق عن جبهتها وقد تعلق بها جزء من الدهان مكان مسح يدها
لكنها لم تشعر به وحدثت نفسها وعيناها على كاميرا الهاتف
-قررت ابدا باوضة بيلا و حياء بس تعبت اوي، شوفوا عارفه اني مش شاطرة اوي يا حياء و انك هتطلعي عنيده حاسه كدا انك شقية اصلك بتغلبيني اوي بس والله زي القمر تعرفوا انا بحبكم اوي ”
ضحكت وهي تنظر للحائط بفخرٍ
بعد هذا الانجاز الجبار فقالت وهي تعود للكاميرا..
-صالح لو شافني هيجيله القلب من اللي هببته في الاوضة دا، بصراحه كنا متفقين نجيب نقاش يدهن الأرض بس الفكرة نفسها جميلة اوي.
ضحكت امام الكاميرا معقبة بسخرية
-انا عبيطه أوي بكلم نفسي.
جلست على الأرض وهي تاخذ بعضاً من الألوان وتدمجها ببعضها وهي تقول
_حابه ارسم على الحيطة انا اللي اختارت اللون السماوي للاوضة فخليني اكسر اللون و نرسم شويه، كنت بفكر احط صور لاميرات ديزني بما اني بحب الكرتون،
بس فكرت فيها ممكن نعمل شوية رسومات تليق بوجود اريل هي كدا كدا عروسة بحر فلون السماوي هيكون لايق عليها بس الأفضل اخلطه بالازرق شوية”
نظرت للكاميرا قائلة بفخرٍ……
“انا بعرف أرسم على فكرة مش اوي يعني بس البت نور شاطرة اوي في الرسم و كانت علمتني شوية رسومات…
ضحكت وهي تذكر نفسها انها بمفرها فقالت
-الفيديو دا هيبقا مسخرة لازم يتمسح البنات لو شافوه هيقولوا اني هبلة…
نهضت من مكانها وبدأت تمسك فرشاة صغيرة أشبه بفرشاة الرسام لكنها اغلظ قليلاً ثم بدأت برسم بعض الأسماك الملونه بالون الأصفر و الأبيض.
زمت شفتيها وهي تجد الألوان تندمج مع بعضها بسبب ان الدهان الاول لم يجف بعض لتعطي لوناً بشع في النهاية بسبب اختلط الأزرق مع الأبيض و كذلك الاصفر
نظرت للكاميرا قائلة وهي تحرك كتفيها
ببؤس….
-تجربة فشلة
تركت ما بين يداها واتجهت للكاميرا لتغلق الفيديو…
لكنها شهقت بهلع وهي تجد من يعتقل خصرها ويرفعها عن الأرض قليلا
توسعت عيناها وهي تنظر إليه بابتسامة مشدوهة..
-صالح انت ازاي جيت وانا محستش بيك لما دخلت ……
طبع قبله على شفتيها ثم أجاب عليها
-لسه دلوقتي انتي بتعملي اي هنا…
رفع عيناه على الحائط الذي قد نال خراباً
هذا الطلاء الذي اشتراه أمس!!….
عادت عيناه عليها متسائلا بصدمة……
-مين اللي عمل كده، دي الأوضة باظت.
عضت زينب على شفتها وهي تكبح ضحكتها مشيرة على نفسها ببساطة
اتسعت عيناه أكثر وكاد ان يصاب بازمة قلبية وهو يسالها
“والحيطه ذنبها اي بتجربي فيها يا زينب، طب البنات ذنبهم ايه..
ثم نظر لرسمة الأسماك البشعة على الحائط التي شحب لونها واصبحت بشعة جدا
-طب سؤال واحد بس نتي نتيبترسمي عليها ايه؟
قالت بحسن نيه…..
“كنت بجرب كنت عايزه ارسم سمك لون اصفر زي اللي مع اريل.
زم صالح شفتيه ممتعضاً بوجوم
-هو مش باين لها ملامح الصراحة الأوضة شكلها باظت اوي.
دارت زينب خلفه وهي تخلصه من سترة الحلة التي يرتديها قلما و لكن اليوم ارتداها مخصوص لأجل مقابلة هامه تخص مطعم والدته.
ردت بحماسية غريبة
“متكبرش الموضوع يا صالح، تعالى نجرب في الحيطه التانيه، أنا الصراحة حابه الفكرة لو باظ هو كمان هنجيب النقاش اوكي. ”
نظر لها مدهوشاً معقباً
-زينب خلينا نجيب النقاش أسهل بلاش وجع دماغ.
“يووو يا صالح ، ادينا بنجرب لو معرفناش نعملها نجيب حد يعملهالنا و بعدين الأوضة دي بتاعت البنات يعني لازم نفنن فيها عارف في كذا حاجة كدا عايزين ننزل تشتريهم سوا، نجوم فسفوريه مثالا
بدات في فك ازرار قميصه قائلة بتصميم
ياله لازم نجرب
سألها وهو يراها تخلصه أيضاً من قميصه…
-بتعملي إيه يا زينب؟
قالت ببساطه والحماس يلمع برماديتيها
نبقلعك القميص عشان هدومك متتوسخش…..
سالته وهي تمرر يدها على وجهها بقلق….
-في حاجة في وشي
ابتسم صالح وهو يمد سبابته يمسحها في جبهتها الملونه بدهان السماوي
ثم مررها على طول انفها قائلاً بنفي
-لا ياقلبي، مفيش اي حاجه…
ابتسمت زينب بحب وهي تمرر يدها برقه
على لحيته قائلة بحب
-وحشتني اوي على فكرة……
رد وهو يقطف قبله حارة من وجنتها
قائلاً بشوق
“وانتي كمان وحشتيني اوي …..
ابعدت يدها عنه ثم اتسعت عيناها وهي تنظر له بصدمة
عقد حاجبيه بتساؤل
-مالك بتبصيلي كدا ليه؟
ضحكت وهي تنظر لكف يدها المصبوغ بدهان ثم للحيته التي صبغة جزءاً منها باللون السماوي
مسح صالح على لحيته بعد ان فهم المغزى من ضحكاتها ونظراتها الغريبة قائلا بغيظٍ….
-نيلتيني طب والله كنت حاسس……
قالت له بمشاكسه و حب
-اللون السماوي حلو عليك…….
عض على شفتيه وهو يقترب من احد عبوات الدهان متوعدا
-والله طب ماتيجي كده نجربه عليكِ..
ضحكت وهي تبعد بخوف قائلة؛
“لا يا صالح بهزر والله مكنش قصدي……..
لكنه لم يبتعد اخذ يقترب منها و هي تبتعد بخوف من نظراته الشيطانية و هو يعض على شفتيه.
صرخت و هي تجري من امامه لكنه في لحظة خاطفه اعتقل خصرها بيديه بينما صدح صوت ضحكاتها و هي تشعر بلمسات يده تدغدغ بطنها لتضحك حتى سعلت من شدة الضحك لتقول :
-خالص يا صالح و حياتي عندك كفاية كدا، مش قادره. ”
ادارها له مبتسماً ليقول بخبث؛
-بقولك ايه انا حبيت الشغلانه دي، بس طالما البنت تحت مع ماما تعالي بقى نتكلم في موضوع ضروري جداً.
ابتعدت بعد أن فهمت نظراته الشيطانيه قائلة بحماس و هي تضع يديها بخصرها:
-لا هندهن الأوضة الاول ياله.
زفر بقلة حيلة و هو يتجة نحو عبوات الدهان قائلا بنفاذ صبر:
-أمري لله….
في لحظة وجدها تطبع قبلة سريعة على خده ثم ابتعدت و هي تمسك الفرشاة بينما ابتسم الأخرى بسعادة.
______________________
في اليوم التالي….
في منزل يوسف الصاوي
كانت تقف في المطبخ تحضر الغداء له
فهي قررت ان تأخذ قسط من الراحة من عملها لمدة قصيرة حتى ترجع اتزان ذهنها و خصوصا بعد انهماكها في العمل بالمشفى التي التحقت بها مؤخر بعد عودتهما لمصر
و رغم نجاحها في الشهور الماضيه في الجراحه الا انها مزالت تشتاق لنجاح الأكبر
هو طفل حتماً ان آتى هذا الصغير ستكتمل حياتهما للأبد ودوماً بجواره ، تشتاق للامومة بشدة تريد ان تحمل طفلاً منه ، منه هو تتمنى ان تبني أسرة ويكن داخلها طفلاً يكمل المتبقي من حرمانها ويخمد نيران اشواقها بوجوده.
تقسم ان الله اعطها كل ما تمنت في تلك الحياة، عائلتها ابيها و امها أخيها و أطفاله
و اختتمت تلك السعادة بدخول يوسف لحياتها، ليجعلها اكثر اشراقاً
هو ليس زوج او أبن عم لها الأمر اكبر من كذلك فهو صديق الطفولة، و حب المراهقة، و ثالث شخص دعمها في حفظ القرآن الكريم
ليس الاول و كيف يكون كذلك و ابيها حي يرزق فهو اول داعم لها و اول شخص جعلها تؤمن ان النجاة في كتاب الله العزيز و العمل به.
و أمها كيف تجفل عن ذكر أمها لطالما كانت معها خطوة بخطوة.
و يأتي ذلك الدخيل و الذي لم يكن سوي قريب بل هو الاقرب
تعلم الان انها تتعجل بالأمر منذ زواجهما حتى عندم اخذت تلك الحبوب الا انها
جائعة لمشاعر الامومة وتريد ان تشبع مشاعرها بهذا الطفل
كانت تظن ان يوسف لا يهتم بهذا الأمر بل ويتلاشى التحدث به
ولا تعرف السبب؟
وقد ظنت انه لا يريد الأطفال او حتى لا يحبهم لكنها دهشة
من طريقته مع يونس ذلك الصغير ابن أخيها فكان يغمره بالحب كلما راه و كلما احتضنه، حتى أنه بالأمس عندم كان بمنزل عمه قام بشراء الكثير من الألعاب و ظل معه لوقت طويل هو و بيلا و حياء الصغيرتان
تفاجأت به وقتها يقول بخفوت..
“تعرفي اني نفسي بنتنا تكون شبهك يا ايمان و تكون لون عيونها بني كدا يااه انا ممكن احبها اكتر منك علشان هي منك و مني.”
إبتسمت وهو تقول بهدوء …
-ان شاء الله يا يوسف بس فكرة انك تحبها اكتر مني دي… ”
-أيوا، مش عجبك ..”
-لا عجبني، بس خلي في علمك انا طفلة اوي و ممكن اغير منها،
بس انا نفسي اجيب منك ولد ويطلع شبهك بظبط…حتى في ضحكته و شقاوته”
داعبت بيداها لحيته متنهده باشتياق
عدل لياقة قميصة وهو يقول بغطرسة ووقار
“شبهي؟ بذمتك أنا في حد شبهي يا بنتي انا كازيرما متتكررش، طب بذمتك في حد زي بيقولك مساء البسبوسه و النبي بوسة”
ابتسمت ايمان بمراوغة و هي تلاعب الصغير قائلة بخجل:
-يوسف احنا مش في بيتنا بطل قلة أدب ”
لم يعير انتباه لما قالت وهو يقترب منها محاوطاً وجهها بضراوة مقبلا اياها.
في نفس التوقيت
دلفت حياء للغرفة لكن ما ان راتهما طرقات على الباب بقوة
ابتعد يوسف بلامباله و هو يحاوط خصرها مقرباً اياها منه بقوة و ضراوة
ارجعت ايمان خصلاتها خلف اذنيها بخجل مطاطاة راسها
أبتسم يوسف بحب و وقاحة قائلا؛
-نورتي يا حماتي و الله بس هو يعني ملقتيش الا الوقت دا.. هو عمي خرج و لا ايه؟
لكزته حياء بسعادة و مكر قائلة:
-وفر قلة الأدب يا حيوان لما تكون في بيتكم.
أبتسم يوسف بسماجة و هو يراها تجلس أمامه على الفراش المقابل:
-مراتي يا حماتي مراتي، وحشتني اوي الصراحة،
بقولك ايه ما تاخدي العيال و تخرجي”
خرجت شهقة قوية خجولة من مرح يوسف المعتاد و الممزوج بوقاحة بينما ردت حياء بجدية:
-نفس وقاحة ابوك الله يرحمه.
ايه دا يا مرات عمي هو ابويا كان وقح معاكي معتقدش بأن عمي مش هيسمح بحاجة زي دي
ابتسمت حياء بخفوت و خرجت منها تنهيدة طويلة عاشقة
_اول مرة لما جيت اسكندرية شفت ايوب و جلال كنا وقتها في بيت بابا في الشقة اللي تحت وقتها مكنتش اعرف ان أيوب موجود و خرجت لاحظت نظرات ابوك ليا لكن في نفس الوقت شفت نظرات جلال و غيرته بس وقتها كنت بكره جلال او مش بطيقه فمكنتش عارفه معنى نظراته…
و يوم فرحنا انا و جلال كنت جميلة. جدا و زي القمر و يومها فردت شعري رغم اني مش بحبه مفرود لان ماما كانت بتحب شعري الغجري زيها، وقتها أيوب لما شفني فصل مركز معايا جلال ضربه يومها بس كان محترم انه اخوه الكبير”
اغمضت عيناها بعشق و اتسعت ابتسامتها بنعومة ليقاطعها يوسف بغمرة و صياح:
-يا جمالو يا حماتي فينك يا حمايا..
لكزته حياء بقوة في كتفه قبل أن تغادر الغرفة قائلة بصوت عالي:
-احترم نفسك يا يوسف ممكن زينب تنزل لو شافتك كدا مش هتسيب العيال معاك تاني.
رد يوسف بحب و سعادة و هو يطبع قبلة على وجنة زوجته :
-زينب هتشكريني يا حماتي خليها بس تسيبلي يونس اربيه و هتدعيلي و بعدين زينب طيبة و هتسبهولي”
ابتسمت ايمان وهي تهز راسها بحيرة و نفاذ صبر من طريقته التي تعشقها سراً، تعشق كل تفصيلة صغيره به
فلاش باك
وقفت ايمان تتابع الحساء و عقلها شارد
هو أيضا يشتاق لطفل منها مثلما تشتاق هي لقطعة منه!..
كانت المرة الأولى الذي يتحدث معها عن الأطفال بتلك الطريقة المفعمه بالحياة و الحيوية
ولكنه سريعاً غير الموضوع لمزاح حتى لا يخوض معها في شيء يضع مسافات بينهم… فهو ان كان يشتاق لطفل فمن المؤكد انه يريده منها لا من غيرها
وكذلك هي قلما التكلم وهما قررنا ترك زمام هذا الأمر
لله فهو القادر على أعطى الرزق لمن يشاء…
فاقت من شرودها على صوت رنين هاتفها.. اتجهت نحوه وهي تفتح الخط لتضع الهاتف على اذنيها سريعاً…
” أيوا يا ماما، لا مش ناسيه، اكيد هروح بعد ما يوسف يمشي
آآه استنيني هناك وانا هاجي اخدك نروح سوا، تمام يا حبي
ادعيلي تحليل الدم يطلع فيه إني..إني حامل…. ”
قالتها بخفوت وهي تضع كفها على بطنها بأمل فهي تشعر أنها ستسمع الخبر الذي تنتظره منذ أشهر
ردت حياء بحب و أمل :
-ان شاء الله يا ايمان ان شاء الله ربنا هيجبر قلبك” لتكمل جملتها بجدية حانية
-و بعدين اني مستعجله ليه يا حبيبي انتم لسه دي اول سنه بينكم، و ان شاء الله تكوني حامل و نفرح باولادك”
ردت على والدتها بحبور…
“يارب ياماما .. المهم بلاش تتحركي كتير بلاش ترهقي نفسك
وزي متفقنا هقبلك في المكان إللي اتقبلنا فيه إمبارح.. تمام سلام..”
أغلقت معها وهي تبتسم بسعادة حينما اتي على ذاكرتها تلك الأعراض التي تعاني منها منذ بضعة أيام اخذت نفس عميق تريح اعصابها
تنهدت وهي تتمنى ان تحظى بتلك اللحظة مع يوسف وتتشوق لردة فعله ان أصبح التحليل إيجابي واثبت وجود حمل فعلاً !…
بدأت بتقطيع ثمرات الطماطم وهي شاردة الذهن…
على الناحية الأخرى
خرج يوسف من غرفة النوم وهو عاري الصدر ويرتدي بنطال قطني مُريح.. إرجع شعره الفوضوي للخلف وهو يدلف للغرفة رمقها بإبتسامة
مستاءة وهو يتنهد على شرودها الحزين الذي يعرف حتماً اسبابه…
ان ظل الوضع هكذا يجب ان يفعل شيءٍ ليريح قلبها المشتاق هذا ويخمد عواصف أفكارها الحزينة..
هكذا أملى عليه قلبه وعقله فهو أيضا يتمنى ما ينفطر قلبها لأجله لكنه للأسف لم يصل لتلك المرحلة التي وصلت هي لها سريعاً…
عانقها من الخلف وهو يضع يده على يدها ويقطع معها الخضار بتناغم وهدوء…
إبتسمت وهي تجده يلصق وجنته بخاصتها وعيناه على الطعام الذي يتقطع بفعل يداهم ….
-صحيت أمته….”
رد يوسف وهو يترك يدها…
-من نص ساعة….
سألته بتردد…
-هو انت عملت ايه مع الشركة في لندن”
كان يتذوق الطعام بتلذذ همهم باعجاب و ابتسامة:
-خالص مش هسافر تاني هتنقل الفرع الجديد اللي بدا في مصر.
ردت ايمان بتوتر قائلة:
-طب بقولك ايه ما تنزل تروح الوكالة لبابا كان بيقول انه عايز يشوفك..
ادارها إليه وهو يرفع عينيه عليها بشك…
“شكلك بتوزعيني وراكي حآجه النهاردة ولا إيه، يعني انا فاكر إنك من يومين قولتي إنك هتاخدي أجازه من المستشفى
ولا شكلك رجعتي في كلامك…”
هزت رأسها وهي تبتعد عن عينيه المخترقه إياها بدون هوادة تحاصر أفكارها بشدة …
“لا مرجعتش في كلامي… بس أصلي كُنت رايحه كمان ساعة كده مع ماما هروح انا لدكتور..”
أقترب منها بقلق وهو يضع يده على وجنته باهتمام…
-تروحي لدكتور ليه، انتي تعبانه….”
هزت رأسها سريعاً بنفي…
“لا ياحبيبي متقلقش انا كويسه بس… اصل آآه معاد كشف ماما النهاردة وهي… وانا هروح معها عشان متبقش لوحدها…”
شك في تلعثمها الغريب فهي حينما ترتجل بالكذب تكشف سريعاً….
-متاكده إنك مش مخبيه عليه حآجه…”
عقدت ذراعيها حول رقبته وهو تقول بهدوء…
-هخبي عليك اي بس ياحبيبي هو ده كل الموضوع…وبعدين لو انتَ هتقعد في البيت النهاردة انا مش هتأخر هخلص واجي على طول… ”
وضعت قبله سطحية على شفتيه وهي ترمقه بحب وشوق دوما لا يخمد أمامه…
حدج بها بتمعن ليخرج زفير أنفاسه سريعاً وهو يقول بايجاز…
-انا أجازه النهاردة عشانك و بكرا هرجع الشغل تاني،
هستناكي النهاردة بس أوعي تتأخري عشان هتوحشيني يا بسبوسه .”
قبلهامن وجنتيها وحينما اغمضت عينيها بحب زاد في تقربه و بث اشواقه لها
وهو يسألها بخفوت…
-مش هتتاخري عليها صح؟
همهمت وهي مغمضت العين…
“ولو اتأخرتي…. انتي حرة”
داعب انفها بانفه وهي تقول بخجل…
-خلاص مش هتأخر أوعدك….”
رفع رأسه ليرمق عينيها المليئة بالشوق نحوه…
لاحت منه ابتسامة بسيطة وهو يجذبها لاحضانه فبتسمت هي براحة وهي تستنشق رائحته الممزوجه بعطره ….
أثناء عناقهم شم رائحة شيء يحترق فبتعد عنها سريعاً وهو يهم بغلق مفتاح الموقد فقد احتراق الطعام الموضوع عليه….
شهقت وهي تقول بلوم عليه…
“كده يا يوسف اهوه الأكل اتحرق…”
رد عليها بمكر و هو يغمز لها بشقاوة:
“طب وانا ذنبي إيه! …. مش انتي اللي عماله تحضنيني وتبوسيني..
توسعت عينيها بغيظ وهي تقول…
-انا….”
“أمال أنا…. ”
ضربته بكف يدها بقوة في صدره وهي تقول بحنق…
-تصدق إنك غلس وكداب….. ”
رفع حاجبه وهو يعلق على جملته بعدم رضا
وتحذير مُزيف….
-حاولي تلمي لسانك شوية عشان هتزعلي مني المره الجاي…..”
هتفت بعناد واصرار أمامه…
“على فكره دي الحقيقه الأكل اتحرق بسببك
وهتاخرني اكتر على ماما….”
شهقت حينما وجدت الأرض تنسحب من تحت قدميها فهو حملها سريعاً وهو يقول بتحدي وعناد…
“يعني كل اللي فارق معاكي إنك هتتاخري مش فارق معاكي جوزك اللي هتسبيه ماكلش لحد دلوقتي….طب عقاباً ليكي التأخير هيبقى الضعف….”
تذمرت كالاطفال وهي تقول بضيق…..
“نزلني يا يوسف، قسما بالله انتَ بتتلكك….”
“وأنتي بتتلككي أكتر مني…”
رمقها بخبث وهو يتجه بها نحو غرفتهم….
قالت بتبرير…
“يا يوسف الاكل، يعني انتَ مش جعان….”
رد بخبث و سعادة :
-دا انا هموت من الجوع
_____________________
في معمل التحليل…
توسعت عينيها بصدمة وسعادة وهي ترمق امها بعدما غمرة بالفرحه بهذا الخبر المُنتظر منذ أشهر كثيرة….
“انا حامل يا ماما، حامل…..”
وضعت يداها على بطنها بسعادة والابتسامة تزين ثغرها، التمعت عيناها بالدموع
لم تعلم أنها ستشعر بهذا الشعور هي تحمل الامومة داخلها بالفطرة من يوم ان حملت (بيلا) ابنة شقيقها على يداها
لكنها اليوم ستختبر الامومة مع من ينمو الآن داخل احشائها مُخبرها انهُ بانتظا رأيتها ويشتاق أيضاً لاحضانها مثلما تشتاق هي لوجوده معها….
“مبروك ياحبيبتي…” عانقتها حياء وهي تبكي بسعادة لأجل ابنتها فهي تعلم ان هذا ماكانت تتمنى إياه وتنتظره منذ فترة ليست بقصيرة بدلتها العناق الحار دموعها تنساب بسعادة
“مش مصدقه اني هبقى أم… تفتكري يوسف هيفرح قد إيه…”
ابتعدت عنها حياء وهي تتذكر مكالمة يوسف لها ظهرا وهو يقول بطريقة غامضة لم تفهم ما خلفها…
-بقولك يا مرات عمي ينفع تاخري ايمان شوية معاكي…”
ردت حياء بشك…
-ااخرها ليه انتَ مش عايزها تروح؟ انتم اتخانقتوا يا يوسف…”
“طبعاً لا ربنا ميجبش خناق
انا عايزها تروح، بس مش دلوقتي لم أتصل بيكي تحاولي تمشيها من عندك على طول…
رفعت حياء حاجبيها بحيرة…
-امشيها على طول.. هو في بظبط انا مش فاهمه حاجه …
“مش لازم تفهمي يا ماما بس اخريها شوية لو سمحتي اسمعي الكلام …”
برمت شفتيها وهي تفيق على صوت ايمان التي قالت بحماس…
“يلا بينا يا ماما انا هموت وشوف يوسف دلوقتي..”
“يابنتي أهدي بلاش استعجال… وبعدين انا جعانه وعيزاكي تعزميني على اكلت سمك في مطعم لسه فاتح جديد بيقولوا حلو اوي و انا الصراحه عايزه اجربه، ها قولتي إيه…”
رفعت ايمان حاجبيها بدهشة..
-دلوقتي…”
ردت حياء بحماس قائلة :
-ايوة ياله
بعد ساعتين تقريبا
كانت حياء تجلس على احد الصخور امام البحر
هي تستنشق الهواء باريحيه بينما تمسك في بيدها الأخرى طبق صغير من المقرمشات التي منعها جلال من تناولها منذ وقت طويل بسبب مشكلة معدتها لكنها اشتاقت لتلك الأشياء لتتفق خلسه مع ايمان بتناول القليل
كانت تأكل منه بهدوء
و بجوارها ايمان تمسك كوب من حمص الشام تضع راسها على كتف والدتها قائلة بسعادة و هي تشاهد النجوم اللمعه في السماء قد تعدت الساعة الثامنة مساء
-تعرفي يا ماما انا أول مرة حسيت اني بحب يوسف لما كنت صغيره اوي
لدرجة ان لو حد عرف اني بحبه وانا صغيره كدا كان هيقول ان دا لعب عيال، بس كنت بحبه اوي علشان كدا مخبتش عليك و حكيتلك لسه فاكره حضنك ليا بما قلتلي ان ربنا بيزرع الحب في قلوبنا و هو القادر انه يغيره لكن لو حقيقي هيفضل ثابت طول العمر وقتها طلبتي مني اشغل نفسي اكتر و اختم القرآن مرة و اتنين و تلاته.
انا بحبك اوي… و بحب حبك لبابا و لينا ”
أبتسمت حياء بسعادة مقبلة قمة راسها قائلة بدف:
-ربنا يحفظكم ليا يارب، انتي و زينب و يوسف و صالح أغلى ما عندي يا ايمان ربنا يحفظكم يارب…”
في نفس التوقيت صدح هاتف حياء معلنا عن اتصال لها من يوسف لتقول بجدية:
-ياله بينا يا ايمان خلينا نروح.
أومأت لها بهدوء وهي تشتاق للقائه و مقابلته و اخبره بذلك الخبر..
بعد مدة وصلت إلى منزلها
فتحت البوابه الكبيره امامها ثم دلفت للساحة الداخليه الواسعة،
ضيقت ايمان عينيها فقد كانت الانوار مغلقة تمام ثم بدأت الانوار تضاء بالتدريج فكانت الانوار زرقاء خافته
كانت تسير خلف تلك الاضواء التي تقودها لبهو المنزل الخلفي حيث تلك الجنينه الصغيرة
فغرت شفتيها بذهول و هي تقترب حيث توجد طاوله صغيرة مزين حولها بعض الزهور البيضاء و البنفسج
لكن فجأه صاحت و هو يغمرها بحبه وهو يقف خلفها محتضنا اياها :
-بحبك… و بموت فيكي يا أيمان و الله العظيم بحمد ربنا كل يوم و كل لحظة انك في حياتي و هفضل طول عمري احمد ربنا انه وفقني في حياتي و أنعم عليا بوجودك فيها ”
أدارت جسدها نحوه معانقه رقبته بيديها قائلة بابتسامه؛
-و انا على العهد يا يوسف و هفضل احبك لآخر نفس في عمري”
قبل قمة راسها وهو يخرج تلك العلبة من جيب بنطاله فتحها و ابتسم لها مخرجا سلسلة من الفضة.
انفتحت تلك السلسلة لتظهر من الداخل صورتها معا كانت مميزه ببعض الفصوص اللمعه لتبدو في غاية الجمال.
أقترب منها يزيل الحجاب ليضعه جانبا بينما وضعها في عنقها لتبدو في غاية الرقة و النعومة و هو يحل عقدة شعرها لينسدل بنعومه على ظهرها…
لتقول هي بحب:
-طب ممكن اعرف سر المناسبة السعيدة دي.
-و لا اي مناسبة بيقولوا التجديد في العلاقة بيديها رونق مميز و انا حبيت افرحك مع ان الموضوع بسيط اوي بس حسيته مميز.
_هو فعلا مميز اوي و خصوصا أنا كمان كُنت جيبالك هدية معايا وكنت عايزه اقولك عليها…”
رفع حاجبه وهو يدقق بها بعدم فهم فهي لا تحمل شيء بين يداها من بداية ظهورها أمامه، حدج بها بحيرة…
-انا مش شايف اي هدايا…وكمان مش فاهم معناها إيه هقولك عليها، يعني مش هينفع أشوفها…”
إبتسمت وهي تكمل بتردد وخجل…
-اكيد هتشوفها بس بعد كام شهر كده…”
شك في لأمر قليلاً لكنه حاول ان يستفسر أكثر عن حديثها الغير مفهوم…
قولي على طول يا ايمان انا مش فاهم حاجه…”
عضت على شفتيها ولا تزال الإبتسامة تشق ثغرها بسعادة، جذبت يده ووضعتها ببطء على بطنها
وهي تقول باعين تترقرق بهم دموع الفرح..
“هنا في بيبي صغير، بيقولك ان جاي قريب وناوي اطلع عينك لو أثرت في حقي في يوم او بطلت تحبني ليوم واحد…”
توسعت عينيه بصدمة وهو يلفظ إسمها
-ايمان…”
صمت لبرهة وسالها بعدم تصديق
– انتي حامل يا ايمان؟….”
“ايوا يا يوسف، لسه متاكده النهاردة بعد ماعملت تحلـ….”
لم تكمل عبارتها فهو باغتها بعناق حاني
وهو يقول بسعادة…
-هبقى اب يا ايمان، بجد انتي حامل… ”
-وللهِ حامل…”
نزلت دموعها وهي تدفن وجهها في عنقه فهي لم تتوقع ان يكون بتلك السعادة يوماً لمجرد انها اخبرته عن حملها لم تتوقع ردة فعله بكل تلك الشعلة المتقد بينهم….
أبتعد عنها وهو ينظر لها بحب قائلاً باعين تلمع بسعادة…
-مبروك ياحبيبتي… هتبقي احلى مامي…” قبلها من جبهتها ببطء…
وجدته جثى على ركبتيه أمام بطنها مباشرةً وتحسس مكان موضع طفله وهو يقول بحنان…
“هتنور حياتنا قريب أوي يا شقي… انا مستنيكي انا ومامي
مامي بتحبك أوي وانا متأكد أنها هتكون أحسن ام ليك، بس خالي في علمك دي حبيبتي انا و بس يعني مش مسموح لك تحبها اكتر مني…”
وضع قبله سريعه على بطنها وهو ينهض قائلاً بحنان…
“بحبك اوي ….”
“وانا بموت فيك يا يوسف…”
دلها العناق والقبلات الرقيقة والتي كلما ذاد عمقها وصل لكلاً منهم مدى عشق وشوق الآخر إليه…
كانت لليله على ضوء القمر من مشاعر صادقة واشواق مُلتهبه بالعشق الجامح بينهم…قضت لليلة اخرى داخل احضانه الدافئة وهمساته
الشغوفه ولمساته الحنونه عليها كانت من أجمل اليالي التي مرت عليها فالليله اكتملت سعادتهم بخبر مُبشر لكلاهما ان هناك صغير سياتي ليربط
علاقتهم اكثر ببعضها بل ويوحد ما بينهم للأبد!..
يصعب على المرء المقارنة بين السماء والأرض فكلاً منهم له عطاء محدد للآخر صعب ان يتقارن بعضهم او يتشابهان في طبيعة خلقهم لكن برغم
من ذلك التناقض بينهم إلا ان الحياة تكتمل
بوجودهم سوياً ويصعب الاستغناء عن واحداً منهم !..
قضت يوماً باحضان زوجها وهي تخبره عن خبر حملها وكانت لحظة السعادة بينهما لا توصف كذلك
___________________________
في منزل آل الشهاوي
كان جلال يجلس في شرفة المنزل و هو يتحدث في الهاتف قائلا بجدية:
-ميخصنيش يا بشمهندس انا طلبت منك كل حاجة تكون جاهزه و خالص فات سنة و لسه بتقولي في شوية تعديلات
ردت المهندس أحمد قائلا بهدوء:
-جلال بيه البيت اللي حضرتك بتقول عليه دا فات اكتر من تلاتين سنه عليه و لما اشتريناه من صاحبه كان فيه شوية حاجات عايزه تتعدل علشان يرجع نسخة طبق الأصل قبل تلاتين سنه و دا صعب جدا
رد جلال بحدة قائلا بجدية و صرامة:
-و انت قلت أنك هتاخد ست شهور بالكتير علشان تجهزه و فات اكتر من سنة و انا مش ملزم اصبر اكتر من كدا ادامك اسبوعين يا احمد و كل حاجه تكون مظبوطه انا جاي فرنسا بعد اسبوعين و لو مش هتقدر سيبه
رد احمد بسرعة و جدية:
-ان شاء الله اسبوع واحد و هيكون زي ما حضرتك طلبت….
أغلق جلال الخط ليضع الهاتف على الطاولة أمامه ناظرا للبحر
في نفس التوقيت
دلفت حياء الي المنزل بسعادة و هي تنادي عليه بلهفة
نهض عن كرسيه و خرج من الشرفة قائلا بابتسامة:
-أنا هنا يا حياء، تعالي
اقتربت منه بسرعة و بنيتيها تلمع بحماس و سعادة دون حركة واحدة ألقت بجسده بداخل احضانه متشبثه به قائلة بخفوت:
-ايمان حامل يا جلال بنتنا حامل
كانت ملامحه سعيدة لكن ما ان سمع ذلك الخبر حتى ابعدها عنه بوجه خالي من التعبير قائلا:
-انتي بتتكلمي جدا ايمان حامل طب طب يعني العيلة الصغيرة اللي كنت بشيلها على كتفي هتبقى ماما، البنت اللي مسكت ايديها و هي بتمشي اول مرة حامل ”
التمعت عيناه بالدموع و في لحظة خافته جذبها بقوة لاحضانة:
-الف مبروك يا حياء الف مبروك يا قلبي الف مليون مبروك، أنا لازم اكلمها لا لا انا لازم اروحلها دي اكيد فرحانه اوي”
كاد ان يخرج الان ان حياء مسكت يده قائلة ببكاء؛
-بلاش النهاردة يا جلال، اللحظات دي خاصه بينها و بين يوسف لازم ياخدوا وقتهم مع بعض صدقني”
فرك جلال يده ببعضهما بارتباك قائلا بلهفة :
-بس انا لازم اشوفها يا حياء دي ايمان..
كان ردها بسمة صغيرة على ثغرها قائلة و هي تقبل وجنته:
-معليش خلينا بكرا يا جلال.
________________________
في صباح اليوم التالي
وصل صالح أسفل البناية القديمة حيث كانت تقطن زينب،
أوقف السيارة مغمغماً بجدية:
-ياله و لا ايه يا زينب..
أومأت له بالموافقة بينما ظلت صامتة شاردة الذهن ليقول مقاطعاً ذلك الصمت :
-مالك يا زينب؟ ساكتة و سرحانة من مدة مالك؟
أخذت نفس عميق لتملاء رئتيها بالهواء ثم زفرت بحرارة و إحباط قائلة:
-زعلانة يا صالح… تعرف زعلانة من نفسي، و خايفة بابا يكون زعلان مني.
ضيق المسافة بين حاجبيه بارتياب قائلا:
-طب و عمر هيزعل منك ليه؟ أنتي عملتي حاجة تزعله؟
وضعت يدها أسفل خدها قائلة بقلة حيلة:
-أنا أقصد بابا منصور، هو كمان ابويا يا صالح و عمل علشان كتير اوي، و أنا الفترة الأخيرة قلت زيارتي ليه و بقالي كتير مقعدتش معه لوحدنا و لا عملته اكلة حلوة و لا اي حاجة، أنا بس خايفة يزعل مني و يفتكر اني علشان لقيت ابويا الحقيقي ابقى نسيته بس و الله العظيم أبداً.
ابتسم بحنان قائلا بهدوء:
-عمي منصور مش بيفكر كدا، اولا هو اكيد عارف انك مشغولة مع الاولاد الفترة الأخيرة، و بعدين انتي بتكلميه كل يوم و بتطمني عليه، في حاجة كمان، أنا ياستي و الله بطمن عليه كل يوم و كل يوم ببعت سيد يطمن عليه و يجهز له كل حاجة و حتى البيت و كل حاجة.
لم ترد عليه لتظل تاخذ أنفاسها بضيق مخرجة زفير معبر عن عدم رضائها لتجده يقول بهدوء :
-طب انا عندي فكرة حلوة، ايه رايك تقنعيه يجي يعيش معانا، الدور الرابع من البيت جاهز من كل حاجة، منها تبقى جانبه و كمان متقلقيش عليه و مع الاولاد.
ابتسمت بسعادة و اتسعت شفتيها بإشراف مهلله :
-بجد يا صالح يعني مش هتضايق لو عملت كدا.
عقد ما بين حاجبيه باستنفار قائلا:
-اتضايق ايه انتي هبلة دا لو أطول كنت كل يوم اروح اشكره على تربيته ليك، ياله خلينا نطلع له هو اكيد عايز يشوف الولاد،
انا هسيبك معه هقعد شوية و بعد كدا هطلع على الوكالة و بعد كدا اجي اخدك و لو قدرتي تقنعيه هيجي معانا.
ابتسمت بسعادة و في لحظة خاطفة اقتربت منه محاوطه وجهه بين يديه طابعه قبلة طويلة على خده، متمتمه بسعادة:
-يخربيت جمال أمك.
ابتسم قائلا بمناغشة :
-طب نخلي الكلام اللي يخلي الواحد يتهور دا لما نروح و لا ايه؟
ردت عليه بدلال و تغنج:
-اللي تشوفه.
ترجل من السيارة و هي كذلك ثم اتجهت نحو المقعد الخلفي لتأخذ أطفالها النائمون برقتهم الملائكية
اخذ منها بيلا و التي سجلها في شهادة الميلاد باسم نبيلة لكن فقط في شهادة الميلاد.
أغلق باب السيارة بقدمه و هو يحمل طفلتيه و هي خلفه تحمل يونس .
صعد لتلك البناية ثم الدرج القديم و البالي حتى أن بلاط درجاته قد بهت
وصلت للدور الثاني
اطرقت على باب الشقة عدة مرات لكن لم ياتيها الرد لتخرج ذلك المفتاح من شنطة يديها
دلفت الى المنزل و خلفها صالح لتصيح بصوت عالي نسبيا:
-بابا يا حجيج فينك يا عم منصور
اتجهت نحو غرفته لتجد الغرفة مظلمة
انارتها ثم دلفت للدخل لتجده ينام بعمق
وضعت يونس على الفراش و هي تتجه نحو شرفة الغرفة تفتحها ليدخل الضوء لها
فتح منصور عيناه ببطئ و انزعاج من اشعة الشمس قائلا :
-بسم الله الرحمن الرحيم
ابتسمت زينب و هي تقفز على الفراش قائلة بحب و حماس:
-وحشتني اوي… اقتحمت عليك الأوضة
اعتدل منصور في جلسته ناظرا لها بحب و هي تبتسم له، مرر يده على وجنتها قائلا:
-صباح الورد على عيونك يا زينب، عاملة ايه يا حبيبتي..
-بخير الحمد لله، ها مش عايز تشوف القطط الصغيرين و لا ايه…
رد بسعادة قائلا:
-اكيد عايز اشوفهم
دلف صالح الي الغرفة و هو يلقى السلام ليرحب به منصور بهدوء
_ازايك يا عم منصور أخبرك أيه يا راجل يا طيب…
رد منصور بود قائلا:
-بخير الحمد لله.
وضعت زينب الطفل بين ذراعيه قائلة:
-يونس ابني يا بابا…
اخفض بصره ليجد الطفل يفتح عيناه بكسل و نعاس يبدو في غاية الجمال…
-ربنا يحفظهولكم يا ولاد و تربوه لحد ما يبقى راجل يُعتمد عليه
-ان شاء الله يا حبيبي
___________________________
في منزل على
في وقت متأخر من الليل
دلف على الي غرفتهما بعد يوم عمل طويل و منهك
كانت الغرفة هادئة يرى الظلام والهدوء سائدا
بداخله فحاول عدم اصدار اى صوت
حتى لايقلقها فى نومها ولكنه ما ان تقدم خطوتين الى الداخل
حتى اسرعت هى فى النهوض تلقى بالاغطية عنها تسرع اليه تحتضنه بشدة هامسة
-وحشتنى اوووى كنت فين كل ده
شدد علي من احتضانه لها هو الاخر يزفر بقوة دون ان ينطق بكلمة لترفع راسها عن صدره تنظر اليه بقلق
ترى الارهاق مرسوم فوق محياه فاخذت بيده بين يدها تتجه به الى الفراش تجلسه فوقه و امتدت انامله الى ازرار قميصه تحاول حلها حتى هتف بها بضعف وشك
– انتى ناوية على ايه يا بيبة بالظبط؟
ضحكت برقة تهمس له بدلال
– متخفش مش اللى فى دماغك يا قلبي
لتستمر اناملها فى حل تلك الازرار واحد تلو الاخر تخلعه عنه ثم تستدير تجلس خلفه فوق الفراش
تمد اناملها الى حنايا عنقه تدلكها ببطء ورقة لتستمر فى عملها بصمت حتى شعرت
باسترخاء عضلاته تحت يديها لتجد ان الوقت مناسب لتساله بنعومة:
-لسه رقبتك بتوجعك.
أبتسم مغمغما برفق :
-لا يا حبيبتي دلوقتي احسن الحمد لله، بس ايه اللي سهرك لحد دلوقتي ”
اعتدل في جلسته ناظرا لها بتمعن لتبتسم قائلة:
-و أنا من امتى بعرف انام و انا بعيدة عن حضنك يا على، تعرف انا من يوم ما اتجوزنا و أنا بعرف انام بعمق و انا معاك رغم ان زمان كان صعب اوي حتى المنوم مكنش بيعمل اي مفعول معايا.
هز علي راسه و هو يمرر عينيها على ملامحها بافتتان و لوعة
ليسود الصمت ارجاء المكان كانت اناملها خلاله
تعمل بشرود فوق بشرة كتفه بينما
ذاكرتها تعود بها الى الماضي فى هذا المكان وكم قاست
فى حياتها ليلاحظ علي شرودها هذا ليمسك بيدها يوقفها عما تفعل يلفها فى اتجاهه حتى اجلسها فوق ساقيه ينحنى يقبلها فوق جبهتها هامسا لها
_بتفكرى فى يا عيون علي و سرحتى فيه بعيد عنى
تنهدت حبيبة تهمس هى الاخرى بخفوت
-فى الزمان اللى فى لحظة اتغير وبقت كل حاجة بالمقلوب انا بحبك اوي يا علي
ارجع علي خصلات شعرها خلف اذنيها قائلا بعقلانية
– قصدك كل حاجة رجعت لاصلها وكل واحد اخد جزاءه واللى يستحقه و خالص الماضي فات يا قلبي
ثم انحنى فوق اذنيها يهمس بحب
= بس تعرفى ان نصيبى مفيش احسن منه عندى اغلى هدية ربنا هدانى بها بعد طول انتظار
احنت راسها تهمس بخجل
– وايه بقى هى الهدية دى؟
علي وفى عينيه نظرة مرحة قائلا بخبث
-ودى عاوزة كلام امي طبعا
رفعت حبيبة عينيها بصدمة تضربه فوق صدره بقوة تحاول النهوض من فوق ساقه
– بقى كده يا سى علي طب سيبني بقى انام
التفت ذراع علي حولها يحاول تثبيتها فى مكانه يضحك بشدة قائلا بصعوبة من شدة ضحكه
– طب خلاص حقك علي ميبقاش زعلك وحش كده
اخذت تحاول الافلات منه فما كان منه الا ان يحملها يضعها فوق الفراش يستلقى
هو الاخر فوقه ذراعيه تحيط براسها من الجانبين يهمس بخفوت فى حنايا عنقها
– مانتى اللى بتسالى اسئلة غريبة ياقلب علي هو فى عندى اغلى واحلى والذ منك يا فراولة واللى عندى بالدنيا كلها
سكنت فجتحت جسده تهمس له هى الاخرى
بحب ترد كلماته لها
= ولا فى عند فراولتك اغلى ولا احلى والا الذ منك يا فارس وحلم عمرها
اشتعلت عينيه بالنيران عشقه وشغفه وبها يهبط فوق شفتيها يقبلها بجنون قبلة خطفت منهم انفاسهم لوقت طويل ليرفع راسه بعدها يسالها بصوت متحشرج عاقدا حاجبيه بعبوس
-هو الحصار هتفك عنى امتى انا خلاص شوقى ليكى هيقتلنى، مش خلصنا امتحانات بقي
ضحكت حبيبة بدلال قائلة
-خلصت بس بجد مشغولة جدا بكرا خلينا ننام بس لان هنخبز انا و والدتك و عايزه اغسل السجاد و الهدوم
رفعت حبيبة يدها تتلمس وجهه بحنان ورقة تهمس له بحب
-بحبك يا عوض العمر و جبر القلب
زفر علي يغمض عينيه بتثاقل هامسا بصوت اجش
-مش بقولك هتموتينى فى مرة بكلامك اللى بيقتل ده
اخذت حبيبة دون ادراك منها تشدد من احتضانه له بحماية تدعو الله حتى يحفظه لها الى ابد الدهر لا ترى فيه مكروها ابدا من اعاد لها الحياة وجعل لكل لحظة تعيشها معه بالعمر كله يحيطها بحبه
google-playkhamsatmostaqltradent