Ads by Google X

رواية خسوف الفصل العاشر 10 - بقلم اية العربي

الصفحة الرئيسية

  رواية خسوف كاملة بقلم اية العربي عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية خسوف الفصل العاشر 10

غادر بدر تاركاً روحه خلفه … للمرة الثانية يشعر بمعنى الضياع والتشرد … هذه المرة هُدمت احلامه ومشاعره وامانيه فوق رأسه … سُحِق تحت عشقه المدمر .

يقود سيارته بعيون ذابلة … يلتقط انفاسه بصعوبة … بين الأمس واليوم ساعات قليلة وفارق كبير جداً … ليته ضل ف الأمس … ليته ضل مع عائلته ذلك اليوم … ليته لم يأتى الى تلك البلد ابداااا .

لأول مرة يشعر بالخيبة والعجز عن التصرف .

توقف بسيارته على جانب الطريق يلتقط انفاسه الضيقة بصعوبة … يشعر بالاختناق … فك زره الاول .

اغمض عينه يعتصرها ثم فتحها يرفع رأسه للأعلى يناجي ربه ويردف هامساً يخرج كلماته ببطٍ شديد ( يارب … بعرف حالي كتير مُقصّر معك بس ما الي غيرك بلجأ اله … بعرف انه صعب نتلاقى انا وياها مرة تانية … بس ما بقدر اتخلى عن حبها بعد ما عرفت شو يعنى الحب معها … ما بقدر اكمل حياتى بدون ما تفوت ع عقلي كل لحظة … ما بقدر انساها واكمل كأنه ما صار وكانت مرتى وملكى حتى لو ما كان هالجواز حقيقي ! … كيف فيني انسى عيونا وقلبا وجنونا وكل شى فيها !! … ياارب ما بعرف ليش زرعت حبها بقلبي ! … ما بعرف شو نهاية هالعذاب اللى عم اتعذبه هلا !… ما بعرف شو الحكمة بأنه تكون مرتى بعدين تتركنى هلا ! … بس بعرف قدرتك العظيمة فى تيسير الامور … عم حس حالي هلا طفل مشتت ما بعرف شو ساوى او شو اعمل ! … عقلي رح يوقف ما عم بقدر افكر منيح … بعرف انه دائما يكمن الخير فى ما نحسبه شر … وكلتك امرى ربي … دبره كيفما تشاء ) .

اغمض عينه وانزل رأسه لثوانى … استكانت روحه قليلاً بعد مناجاته لربه … تنهد بعمق ثم ادار محرك السيارة مجدداً وانطلق ليعود منزله فهناك من تنتظره … هناك ريحانة ابنة عمه وزوجته الاولى العائدة من الموت الذى لا يريد ظلمها من البداية … مر في طريقه ليبتاع بعض الاطعمة لهما ثم اكمل طريقه بملامح حزينة وتشتت يلتقط انفاسه بصعوبة وكأن برحيلها اصبح الهواء شبه معدوم .

&&&&&&&

مازالت كما هى عندما تركها … تضم ساقيها الى جسدها ورأسها متدلية للأسفل … ملامح وجهها مغطاه بالكامل وشعرها يتمرد حول جسدها بعدما القت حجابها ارضاً .

عقلها لا يتقبل ما حدث اليوم … منذ ١٠ اسابيع كانت فى نفس الحالة تماماً مع اختلاف الاسباب .

منذ اسابيع كانت صدمتها في الزواج منه … لا تتقبل فكرة ان صديق والدها اصبح بين ليلة وضحاها زوجها … لا تتقبل انه تم تزويجها قصراً ودون ارادتها … لم تكن تستوعب حينها انها فى منزله وان له الحق الاكبر فيها … تمردت عليه … عاملته بقسوة … نعتته بابشع الكلمات ودائماً نهرته وخالفت اوامره وتوقعاته بها … دائما كان يقابل معاملتها بالين والتفهم والهدوء وكانت هى تزداد معه سوءاً وتمرداً … حاول مراراً وتكراراً ان يجعلها ترى الوجه المظلم لهذا الجبان ولكنها كذبته … تخلى عنها والدها وشقيقها واكرمها هو ولكنها اهانته .

رفعت رأسها تستند على ركبتها وتنظر للامام بعيون لامعة وقد سقطت عبراتها متتالية تفكر وتفكر بندم يتآكلها ( اه لو يعود بي الزمن الى الوراء قليلاً … ليتنى استطيع اللجوء للماضي القريب … وقتها سأغير الكثير … سأراء بعين قلبي … سأناديك حبيبي وبدري … سأقفز فرحاً حين يكتب اسمك مع اسمي …اه لو يعود بي الزمن الى الوراء قليلاً … سأقع فى حب عيناك الشقراء وملامحك الوسيمة … سأعشق خصلاتك البنية وذقنك النامية … سأموت عشقاً فى حنانك وتفهمك … اه لو يعود بي الزمن الى الوراء قليلاً … سأصلح حال عقلي الساذج وقلبي الأجدب وآتى اليك يا ملاذي… ستكون انت نور حياتى المظلمة … ودليل طريقي المُعسر … اه لو يعود بي الزمن الى الوراء قليلااااا . ) .

ازداد عبرات الألم والندم وهى تردف بصوت مسموع متألم _ مش هينفع خلاص … خلاص يا قمر هو طلقك وبعد عنك … خلاص هو جاب أخره منك … انتِ بعمايلك نهيتي كل حاجة من قبل ما تبدأ … انتِ السبب مش حد تانى … خلاص يا قمر بدر المرة دى اتخلى عنك فعلاً … انتِ متستاهليش واحد زيه اصلا .

طرقات خفيفة على باب غرفتها تبعه فتح الباب … نظرت بدموع فوجدت والدها يطالعها بترقب ..

دلف يقترب منها ببطء وهو يرى حالتها التى آلمت قلبه .

جلس على طرف الفراش ثم اردف بنبرة لينة _ خلاص يا قمر … مالوش لزمة العياط دلوقتى … المهم انك عرفتى حقيقته … ومحدش بيتعلم ببلاش يا بنتى … وبالنسبة لجوازك من بدر فهو كان الحل الوحيد وقتها يا قمر بعد ما المنصورة كلها شافت الصور واتكلمت عليكي … متفكريش انى ظلمتك بقرارى ده انا فعلاً كنت وقتها خايف عليكي من نادر ومن نظرة الناس وكلامهم ومن نفسك بالأكتر ..

تنهد بعمق يتابع بشرود _ كان نفسي اطمن عليكي بس مافيش نصيب … آخر حاجة كنت اتخيلها ان مرات بدر ترجع بعد السنين دى كلها وتطلع عايشة .

ذهلت وانسحب قلبها للأسفل … لقد تناست هذا الأمر تماماً … اذاً زوجته عادت بالفعل ! … لم تمت وعادت اليه بعد كل تلك السنوات ! … الهذا السبب طلقها دون سماعها ؟! … ايراها الآن عبء عليه ! .

ضيقت عيناها ونظرت لوالدها متسائلة بقلبٍ متألم مرعوب وصوت متحشرج باكى _ طب .. هى فين دلوقتى يا بابا ؟!

نظر لها ياسر واردف بتعجب _ هو انتى متعرفيش انه جابها هنا ! … ماشوفتيهاش !!! موجودة ف الشقة اللى تحت شقتك .

اغمضت عيناها تهدأ من انقباض قلبها والتواء احشائها ولكنها لم تستطع !! .. حتى لم تستطع التحكم فى دموعها بل زاد بكاؤها بشكل هستيري وشهقاتها تعالت بقوة مما جعل ياسر يتعجب واقترب منها يحاول افاقتها مردفاً _ قمر اهدى … اهدى بس فيه ايه ؟!

هزت رأسها بقوة دون نطق حرف ووضعتها على كتف والدها تبكى وتجهش بمرارة وقلبٍ يتمزق اشلاء على حبٍ انفجر فجأة بداخلها كبركان لم يلاحظه قلبها الصغير فأغرق واحرق روحها .

ضمها اليه بحنو يعانقها بألم لاجلها … لاول مرة يشعر بفظاعة ما فعله …

ظل يهدهدها ويتلو آيات الذكر الحكيم على رأسها بحنو …. بعد دقائق عدة من محاولته تهدأها استكانت بالفعل وانتظمت انفاسها فعلم انها غفت بين ذراعيه ولكنه لا يعلم انها هربت في النوم متعمدة .

مددها على الفراش ودثرها بالغطاء ثم انحنى يقبل جبهتها بحنو وينظر اليها باشتياق … عادت اليه حياته من جديد … فمهما فعلت تظل هي قطعة روحه وقلبه .

اعتدل يغادر الغرفة ويتركها تنام واتجه لغرفته يتمدد وينام هو الآخر ولكنه تذكر ذلك اليوم .

عودة الى قبل ١٠ اسابيع

________________

دلف ياسر على ابنته التى كانت تُحبس فى غرفتها يحمل في يده دفتر الزواج الخاص بالمأذون الشرعي مردفاً وهو يناولها اياه _ يالا يا قمر علشان تمضي .

نظرت له بحزن واردفت بعتاب _ ليه كدة يا بابا !! … ليه مصمم توجع قلبي وتحرمنى من اللى بحبه ؟! … ليه حكمت عليا كدة كان ممكن تعاقبنى بمليون طريقة تانية ! …. بلاش يا بابا اتراجع … احنا لسة قدامنا فرصة … انا هسمع كلامك ومش هقابل خالد غير لما ييجي هو يتقدملي بس بلاش جواز من بدر .

ابتلع ياسر لعابه واردف بصوت متألم _ مبقاش ينفع خلاص … بعد اللى اتقال عنك وعنى والضرر اللى انتى اتسببتى فيه ليا ولاخوكى ولنفسك مبقاش ينفع يا قمر … جوازك من الكل*ب ده مستحيل … يا اما تمضى على جوازك من بدر يا اما تنسى ان ليكي اب .

نظرت لعينه لتحاول ايجاد نقطة تراجع بها ولكن نظرته اكدتت لها ان الامر محسوم .

تناولت منه القلم والدفتر ووقعت على العقد مسرعة ثم نظرت له تردف بتمرد وغضب _ اتفضل … ده توقيعي اهو … بس ملتومنيش على اي حاجة تانية هتحصل … وافتكر انك ظلمتنى .

نظر لها بعمق قليلاً قبل ان يحمل الدفتر ويغادر الى الخارج حيث يجلس بدر ونادر والمأذون وبعض رجال المنطقة المقربين من ياسر .

ناول ياسر الدفتر للمأذون الذى اردف بترقب _ طيب بعد اذنك عايز اسمع رأي العروسة .

نظر ياسر اللى بدر بقلق ثم اومأ وعاد لابنته مجدداً … دلف الغرفة واردف بنبرة صلبة _ المأذون عايز يسمع الموافقة منك … وقسماً عظماً يا قمر لو قولتى لاء وفضحتيني قدام الناس اكتر من كدة لهتشوفي منى وش تانى جديد عليكي .

طالعته بتعجب … فهى لاول مرة تراه هكذا طيلة حياتها … وقفت تخطى معه للخارج ثم توقفت امام المأذون والرجال الذين يطالعونها بترقب بينما هى سلطت انظارها على بدر تطالعه بتوعد وحقد مردفة _ انا موافقة .

قالتها وعادت غرفتها بينما هو نظر ارضاً يتنهد بعمق ويستعد للحرب التى ستقام .

اتم المأذون الأجراءات واردف _ بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما فى خير .

غادر المأذون بينما اردف احد رجال المنطقة بترقب _ هيبقى فيه فرح يا ياسر ؟

كاد ياسر ان يعترض ولكن قاطعه بدر يردف بهدوء _ ان شالله اخي محمود … المنطقة كلها معزومة عنا بالمطعم بعد يومين … رح تكون حفلة بسيطة وسط الاحباب .

اومأ الرجل يردف _ تمام … عين العقل كدة .

بعد دقائق رحل الرجال وذهب نادر للمطعم وجلس ياسر امام بدر يردف بتساؤل _ ليه قولت على الحفلة يا بدر ؟! … هو انت مش عارف قمر !.

طالعه بدر يبتسم بهدوء ثم اردف بإيماءة بسيطة _ بعرفها طبعا اخى … بس هاد هو الصح … بدنا نخرس تم اي حدا اتكلم عنها بالعاطل .

اومأ ياسر مؤيداً بينما يردف بقلق _ انا معاك بس يارب هي متعملش مشكلة .

وقف يردف بترقب _ فيني حاكيها اخى ؟!

اومأ ياسر مردفاً _ تمام يا بدر اتفضل .

خطى بدر حتى توقف امام غرفتها وطرق الباب بهدوء فلم تجيب فعاد وطرقه فسمحت للطارق بالدخول .

فتح ودلف بترقب ثم اغلق خلفه ووقف يطالعها مردفاً _ ينفع نتكلم !

نظرت له بعمق ثم اردفت بحدة وحنق _ خير !

اتجه يجلس امامها على المقعد الجانبي ثم أردف بهدوء وقد تخلى عن لهجته السورية معها متعمداً بداية من تلك اللحظة _ بعد يومين هنعمل حفلة صغيرة فى المطعم … هنعلن عن جوازنا قدام الناس اللى حكوا عنك وعن ابوكى بالعاطل … عايزك تضبطى حالك وبلاش حركات عيال .

نظرت له بكره وغضب واردفت _ حفلة ! … حفلة ايه انت صدقت نفسك ؟! … ناقص تقولي هنروح نقضى شهر العسل فى باريس ! … الجواز ده كله على بعده اصلا باطل … لانى رفضاك فى حياتى تماماً … ومش هعمل اي حاجة تطلبها منى …. انا مضيت بس علشان شكل ابويا قدام الناس اللى برا … لكن اي حاجة انت هتقول عليها هعمل هكسها تماماً … وهتطلقي في الآخر انت سامع .

تنهد يومئ بهدوء ثم اردف بتعقل متفهماً لحالتها _ هتعملي يا قمر … هتعملي علشان خاطر الراجل اللى برا ده من وقت اللى حصل وهو مكسور … انتى مسمعتيش اللى اتحكى عنه فى قلب مطعمه وهو متكلمش لانه شايف ان معاهم حق … ذنبه الوحيد انه دلعك زيادة عن اللزوم … يعنى فكرى بعقلانية مرة واحدة واعملي اللى قولتلك عليه … ابوكى واخوكى الناس مرحمتهومش من وقت اللى حصل … حتى المطعم الناس بعدت عنه … فكرى فيه شوية .

تركها وغادر وهو شبه متأكد انها ستوافق على تلك الحفلة التى اقيمت بعد يومين بالفعل وتم التقاط بعض الصور اليهما وسط الموجودين وتم ارفاقها على الصفحات الشخصية لمواقع التواصل الاجتماعى لكلا الطرفين وشاركها الجميع .

عودة للحاضر

__________

&&&&&&&&

وصل بدر منزله .

ادخل سيارته فى مكانها المخصص وترجل منها يلتقط اكياس الطعام التى ابتاعها فى طريقه .

صعد الدرج يسحب انفاسه ويهدأ من قلبه المتألم … وصل امام الشقة الثانية وطرق بابها .

بعد قليل فتحت له ريحانة تبتسم له بهدوء … بادلها فافسحت له المجال ليدلف .

دلف يتطلع على المنزل من حوله بتعجب ثم نزل بنظره اليها يردف متسائلاً _ انتى يللى نظفتى هالمكان ؟

اومأت له بهدوء واردفت وهى تجلس ارضاً _ ايه يا بدر … بتعرفنى ما بقبل اضل بمكان مانو نظيف … هيك انا بكون مرتاحة اكتر .. انت لوين رحت .

تنهد بعمق ثم نظر للأكياس في يده واردف وهو يضعها على الطاولة بهدوء _ رحت اجيب أكل … اكيد انتوا جعتوا وما لقيت فوق … يالا نادى ع امى حليمة وتعوا لحتى تاكلوا .

اومأت له وزحفت تنادى السيدة حليمة بينما نظر بدر لاثرها بتعجب … لم يعيقها عائق مثل ما هي … هي فعلاً قوية وذو مبادئ عظيمة … تنهد بعمق عندما مر على عقله صورة معذبته … زفر بضيق وألم ثم وضع صنية الطعام ارضاً ورص عليها ما ابتاعه ثم وقف ينتظرهما .

خرجت ريحانة وخلفها حليمة تخطى بهدوء وتنظر للأطعمة وهى تسعل .

نظر لها بدر ثم اردف بترقب _ امى حليمة حضرى حالك الصبح بدك تيجي معى ع الطبيب … ما بيصير هيك .

هزت حليمة رأسها تردف بصوت لاهث _ لا حبيبي … لا طبيب ولا حبيب انا بعرف شو عندى … انا معى تليف بالكبد الله يحفظك يارب انت والسامعين … يعنى حالتى معروفة وعندى ادويتى … ما تحمل همى حبيبي قلتلك انا .

حزن لاجلها … كان يظن انه يستطيع مساعدتها ولكنه اردف بهدوء _ ماتقلقي … كل شئ اله علاج هلا … وان شاء الله بتتعافي يا امى .

اومأت له فاردف وهو يتحرك _ طيب اذا بدكم شئ تانى ؟

هزت ريحانة رأسها مردفة بهدوء _ لا تسلم .

اومأ وكاد يغادر فاوقفته حليمة متسائلة _ ما رح تاكل مع ريحانة !!

توقف يطالعها بينما اردفت ريحانة بحدة قليلة _ امى حليمة بدر بيته فوق … وزوجته اكيد عم تنتظره اتركيه يطلع .

اومأت حليمة بتعب بينما عاد بدر يردف بهدوء وهو يطالع ريحانة _ لا ريحانة ما تحكى هيك .. ما انتى كمان مرتى وهادا بيتي … انا قلت هيك لأنو يمكن ما تاخدو راحتكن بوجودي … اصلا قمر اليوم مانا فوق … باكل طبعا معك .

ابتسمت ريحانة بهدوء وشردت ( هل اسمها قمر ! ) وبالفعل جلس بدر ارضاً واقتربت ريحانة من الطعام بينما جلست حليمة بتعب تردف بهدوء _ انا إلي أكل خاص بالله لا تؤاخذنى … رح أكل بس من هدول (الجبن القريش والخبز والعصير )

اردف بدر بأسف _ بعتذر منك انا اذا بعرف كنت جبتلك أكل خاص ..

اومأت حليمة تردف بحنو _ بعرف حبيبي بعرف … يالا كُل وما تهكل همى .

بدأوا يتناولون الطعام بينما بدر يأكل دون ادنى شهية ولكن فقط من أجل خاطر ريحانة .

بعد حوالي نصف ساعة

صعد بدر شقته … دلف واغلق خلفه واتجه يجلس ويضع محتوياته علي الاريكة باهمال ..

يتطلع للمنزل الخالي من وجودها … مهجور هو لا روح فيه ولا نور … اغمض عينه يسحب انفاسه بعمق ..

وقف بعد دقائق تاخذه قدماه الى غرفتها … دلف يتطلع على اركانها وزواياها … اتجه الى فراشها وجلس عليه يتحسس بيمناه مكان نومها … تناول وسادتها ثم قربها من انفه بترقب … اغمض عينه يستمتع برائحتها التى يعشقها … يسحبها بعمق ليسكنها في رئتيه .

تمدد على فراشها يعانق الوسادة ويغمض عينه ولكن عقله عاد للوراء الى اليوم الذى دخلت فيه هذا المنزل .

عودة للزمن قبل ١٠ اسابيع

دلف بدر الشقة يفسح لها المجال مردفاً _ اتفضلي .

نظرت له بغضب وكره ودلفت تتطلع على الشقة بحنق … اثاثها مرتب وهادئ يمتاز بالذوق الرفيع ولكنها تبغضه .

التفتت اليه تردف بحدة لازعة _ فين اوضتى هنا … ولا فين قبري ؟!

تنهد بعمق يطالعها ثم اشار لها الى احدى الغرف مردفاً _ اوضتك اللى هناك دى .

سحبت نفسها واتجهت الى الغرفة التى اشار اليها … دلفتها واغلقت خلفها بقوة ثم التفتت تتطلع عليها بهدوء … لا تنكر اعجابها بها ولكنها تظل مقبرة بالنسبة اليها .

كانت ترتدى فستان هادئ لونه ابيض يتناسب مع الحفلة التى اقيمت اليوم ف المطعم .

رفعت طرفه بترقب وتناولت الهاتف التى كانت تخفيه فى خصرها ثم نظرت للامام واردفت بتوعد وتمرد _ اصبر عليا يا بدر يا شامى … ان ما عرفتك مين هي قمر وخليتك تطلقنى خلال ايام مبقاش انا .

اتجهت على الفراش تجلس فوقه ثم نظرت للهاتف في يدها وفكرت هل تراسل خالد ام لا … فهو منذ ذلك اليوم وبعد ضرب بدر له وهو لا يراسها يبدو انه غاضب منها … ولكن هى ليست مذنبة … هى ظلمت مثله … هكذا تعتقد .

اما بدر فاتجه لغرفته ومنه للمرحاض يغتسل ثم خرج يؤدى فرضه ثم تمدد فوق فراشه يتنهد بعمق ويفكر … هل حقاً ما يحدث الأن ! … هل اصبحت زوجته وتنام فى منزله ؟! … هل من كان يحلم بها ويظن ان حلمه مستحيل تنام الآن ويفصلهما حائطٍ فقط !! .

اغمض عينه ثم اردف معنفاً ( فوق بدر … فوق هي هلا عم تكرهك ) .

عودة للحاضر

__________

فتح بدر عينه مجدداً يردف بهمس ( ما بعرف اديش بدو يضل هالألم بصدرى .. ما فيني قمر … مافيني كون سعيد بدونك ) .

&&&&&&&&&&&

فى الأسفل تجلس ريحانة مع حليمة تردف بعتب _ امى حليمة … انا بعرف شو عم تعملي … بس اذا الي خاطر عندك ما بقى تخجليني قدام بدر … بدر هلا اله بيته ومرته وحياته … بالاساس انا ما كان لازم ابقى هون بس شو بدى اقول لك يا امى … انتى بتعرفي انو انا تنازلت عن حقوقي بارادتى امى .

تنهدت تهدأ من حالها ثم تابعت بهدوء _ بعرف انو انتِ سويتي هيك كرمالي … وبعرف انو بدك يانى اكون سعيدة بس صدقيني انا هيك مرتاحة … ما رح اكون سعيدة بتعاسة غيري .

سعلت حليمة بهدوء ثم اردفت متسائلة _ كيف حبيبتى ! … كيف بدك تكونى مرتاحة وانتى بتعرفي انه اتجوز غيرك ؟! … هاد حب عمرك ريحانة وانتى بالاساس مرتو الاولي وبنت عمه … اذا سويتي هيك بتكونى عم تظلمى حالك وتخالفى شرع الله .

بكت ريحانة واردفت وهى تتطلع على ذاتها _ منشان الله امى ما بقى تحكى هيك … بدر حب عمرى بس انا مانى حب عمره … بدر اتجوزنى واكرمنى كرمال خاطر بيي وعمى … وهاد الشى انا والعيلة بنعرفه من زمان كتير … انتى ما عم تشوفي حالتى ! … كيف بدك يانى اطالبه بحقوقي بعد هالعمر وهالوضع ! … وانا بالاساس اللى تركته واتنازلت عن حقوقي … انا ما بدى شى امى غير انه يضل بخير … هاد عندى بالدني … بس حالي ما عم فكر فيه بنوب … انا هيك منيحة كتييير … واصلاً انا كنت متأكدة انه اتجوز … لهيك ما تخربي علاقته بمرته كرمالى … والا بحمل حالي وبمشي امى وبروح اعيش بأي دار رعاية … كرماااال الله ما بقى تعذبيني … انا هيك بدى وما رح اكون مرتاحة اذا رجعلي .

تنهدت حليمة بحزن ثم اردفت بهدوء _ خلاص حبيبتى … ما بقى اخجلك قدامه … واذا انتى مرتاحة هيك انا ما بيطلعلي قول شى .

&&&&&&&&

بعد مرور اسبوع

فى شقة ياسر

يقف فى الصالة يتحدث مع ابنه نادر مردفاً بحدة _ نادر … خدلك راجع بقى … اللى حصل قبل كدة راح لحاله خلاص … اختك دلوقتى رجعت بيتها واصلا جوازها من بدر كلنا كنا عارفين انه مؤقت .

اردف نادر بتهكم _ طب افرض يا بابا رجعت تكلم الكل*ب ده تانى !! .

شرد ياسر قليلاً ثم اردف بهدوء _ لا يا نادر … اختك عرفت حقيقته خلاص … المهم انت ملكش دعوة بيها يا نادر .

نظر لوالده باستنكار ثم اردف وهو يغادر _ ماشي يا بابا .

غادر هو بينما وقف ياسر يفكر فى حال ابنته الذي تبدل تماماً … فمنذ ان اتت وهى نائمة معظم الوقت … لم تتناول الا القليل جداً … ملامحها بهتت واصبحت حتى التلفاز لا تشاهده … وحتى بدر لم يظهر ولم يأتى الى المطعم من وقتها وعندما يهاتفه يتحجج بزوجته العائدة حديثاً ..

وقف يتجه الى غرفتها … طرقها وفتح ليدلف ولكنه تفاجأ بها تصلي … انفرجت ملامحه بسعادة ودلف يجلس على المقعد ينتظرها .

انتهت بعد دقائق ووقفت تلملم سجادة الصلاة وتضعها على ظهر المقعد ثم نظرت لوالدها بملامح مرهقة واردفت بهدوء _ فيه حاجة يا بابا ؟!

نظر لها مبتسماً ثم اردف بحنو _ تقبل الله يا قمر .

ابتسمت له واردفت وهى تجلس امامه _ منا ومنكم يا بابا .

تنهد يردف بترقب _ مالك يا قمر ! .

توترت نظرتها ولفت ف الارجاء تردف _ مالي يا بابا … انا كويسة اهو .

نظر لها بشك يردف بعيون ضيقة _ هتخبي عنى ؟ … هو انا مش عارفك ! … من وقت ما جيتي من عند بدر وانتى فى حالة تانية خالص … دايماً ساكتة ونايمة و الأكل مبقتيش تاكليه … حتى الافلام الاجنبي اللى كنتى بتحبيها بطلتى تشوفيها … قوليلي فيكي ايه ؟ .

نظرت له وقد سقطت عبراتها الدافئة … مدت كفها تزيلها على الفور واردفت وهى تبتعد بنظرها _ انا كويسة يا بابا … بجد كويسة .

فكر قليلاً يطالعها بعمق قبل ان يردف بترقب _ انتى بتحبي بدر ؟!

رفعت عيناها المتسعة تطالعه بصدمة وقد توقفت عن الحركة وتوقفت عيناها عن البكاء .

اومأ ياسر مؤكداً وهو يطالعها _ باين اوى فى عيونك يا قمر .

تحشرج صوتها واردفت بقلبٍ ملتوى معذب وهى تبعد عيناها عن والدها _ ايه اللى انت بتقوله ده يا بابا !!.

تنهد ياسر يبعد ناظره عنها ثم عاد واردف _ بقول اللى شفته وحسيته يا قمر من وقت ما جيتي … بقول اللى كنت بتمناه لبنتى الغالية من زمان .

وقفت على حالها تلتفت وتواليه ظهرها مردفة بتوتر وألم يفتك بقلبها _ مينفعش يا بابا … انا وبدر كل واحد راح لحاله وهو خلاص مراته رجعتله ونسيني .

ابتسم ياسر يومئ ثم وقف واردف بترقب _ لو انتى شايفة كدة يبقى تمام يا قمر … بس وضعك ده لازم يتغير … لازم تكملي حياتك وجامعتك من مكان ما وقفتى … وانا معاكى ومش هتخلي عنك المرة دي .

التفتت تطالعه ثم ابتسمت له بهدوء تومئ بصمت …

تركها وغادر الغرفة ينوى الاستعداد للذهاب الى عمله وهو متأكد ان ابنته دق العشق الحقيقي قلبها .

&&&&&&&&

عند بدر

يجلس حبيس شقته منذ ان غادرت … يشعر بالتخدير فى جسده بالكامل … يفكر في تلك الليلة واحداثها … الامور تتضح امامه رويداً رويداً … يؤنب حاله كان عليه ان يسمعها !!… ربما كان هناك امرٍ ما يعيدها الى حياته الذابلة .

ينزل احياناً عدة مرات ليطمئن على ريحانة وحليمة ويلبي طلباتهما … يصعد شقته ويدلف غرفتها يظل بها مستيقظاً الا ان يغيب القمر فينام . لاحظ البعد الذى تتعمد ريحانة احداثه … كلما حاول التحدث او النظر اليها تتعمد الرد باختصار … احترم رغبتها وقرر الانتظار حتى تعتاد على الوضع .

ها هو يقف فى مطبخه بجسد مرهق وملامح حزينة يُعد لنفسه فنجان القهوة الخمسمائة .

وقف امام الموقد ينتظر تسوية قهوته ولكن اخذه عقله الى ذكرياتها عندما كان يكمشها هنا فى هذا المكان تأكل بسرية معتقدة انه لا يراها .

خرج من شروده على فوران قهوته مما جعله يزفر ويغلق الموقد معنفاً ذاته يردف بهمس _ شو بدر ! … رح تضل هيك يا رجل ؟!

ترك المطبخ واتجه يجلس فى الصالة قليلاً ثم لفت نظره الهاتفان الموضوعان باهمال على الاريكة … لقد نسى امرهما تماماً ..

مد يده يتناولهما ثم نظر لهما بغضب … احداهما خاص بقمر والآخر ملكاً لهذا الحق*ير .

نظر لهاتف قمر بترقب فوجده مغلق يبدو ان بطاريتهما قد نفذت … وقف على حاله يتجه لغرفته ثم وضع الهاتف فى شاحن الكهرباء وحاول تشغيله مجدداً وبالفعل فُتح الهاتف وهو ينتظر بترقب ولكنه تفاجأ من عدم وجود رمزٌ سري او حتى بصمةً له .

نظر به يبحث عن محتواياته بترقب … بحث فى سجل المكالمات فوجد رقم يحمل اسم ذلك الجبان وبجواره علامة التسجيل الصوتى فعلم ان هذا الهاتف يسجل المكالمات .

بدأ يستمع الى آخر المكالمات بعيون متسعة لا يستوعب ما يسمعه … بدأت الصورة تتضح امامه كاملة وهو يستمع وعقله يردف بتشتت ( هل كان يبتزها !!) .

اغلق المقاطع واتجه يتصفح الواتساب بيدٍ متصلبة كقلبه ثم رآى الصور التى ارسلها اليها يهددها بها ان لم تذهب اليه .

اسودت نظرته واردف سباباً لاذعاً ينعت به هذا الحق*ير .

خرج من حالته على صوت صراخ حاد آتياً من الأسفل … احداهما تستنجد مردفة بصراخ _ لاااااا فيقي امى حليمة فيييقي بترجااااكى .

تنبهت حواسه وخرج من صدمته تاركاً الهاتف مكانه … يركض مسرعاً يفتح الباب وينزل الدرج حتى وصل الى الشقة التى تقطن بها ريحانة … طرق عليها بقوة ففتحت له ريحانة بعيون مليئة بالدموع وهى تدرف بصراخ وهستيرية _ امى يا بدر … امى حليمة ما عم تفيق .

دلف بدر للداخل مسرعاً الى غرفة حليمة فوجدها ممتدة على الفراش مغمضة العينين دون اي حركة وهناك بقعة دماء تدفقت من فمها … اسرع اليها يدنو منها ليتأكد ولكن لا نفس ولا نبض .

نظر لريحانة التى تنتحب بشدة واردف بحزن وصدمة _ رح اخدها ع المشفى هلا .

بالفعل ركض مسرعاً للأعلي يحضر مفاتيح سيارته وهاتفه ثم نزل للاسفل يخرج السيارة من مخزنها وفتح بابها وصعد مجدداً يسرع خطواته ثم اندفع الى الداخل يدنو من جسد حليمة ثم وضع ذراعيه أسفل جسدها وحملها مسرعاً ونزل بها الدرج بينما تتبعه ريحانة زاحفة ارضاً ببكاء وعويل فأوقفها قائلاً _ ريحانة ما فيكي تيجي … ضلي انتى هون .

هزت رأسها واردفت مترجية _ مشان الله بدر ما بقدر … بجى معك وبضل بالسيارة .

هز رأسه ونزل مسرعاً يدخل جسد حليمة فى الخلف بحذر واستطاعت ريحانة الصعود بمساعدته بجانبها ثم استقل هو الآخر مكان القيادة وانطلق الى اقرب مشفي .

google-playkhamsatmostaqltradent