رواية عفريت مراتي كاملة بقلم نداء علي عبر مدونة دليل الروايات
رواية عفريت مراتي الفصل العاشر و الاخير 10
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
بعض المحن منح إلهية كي نحيا، نتسابق مع أنفسنا فنرهقها وتهلكنا ولا ندر أن العمر كاد أن ينتهي.
عدلَ الطبيب من نظارته ونظر بترقب وتقييم إلى وجه كرم الشاحب ليتحدث بصوت هامس قائلاً:
عندك كام سنه ياعم كرم؟
اجابه كرم بنفس الهمس : خمسه وستين سنه يادكتور، هو في ايه؟
الطبيب : خير ان شاء، انت اخر مره رحت للدكتور كان من كام شهر؟
فضيلة : عمره ما راح لدكتور، بعيد عنك عنده حساسية من ناحيتهم
الطبيب بصوت مريب : اممم، الحقيقة أنا شاكك في حاجات كتير..
اكمل بصوت هامس من جديد:
هو انت بتدخن يا حج كرم
كرم : لا يا دكتور بس بشيش
الطبيب : بتشيش!
فضيلة : اه يا باشا أصل الشيشه أرخص
كرم بغيظ : لأ يا دكتور أنا مليش في السجاير، مش حكاية فلوس ابدا
الطبيب : للأسف يا حج كرم من واقع خبرتي المهولة أحب اقولك انك hopelss case
كرم بدهشه : وده مرض خطير !؟
الطبيب : يا حج كرم انت كل حاجة عندك بايظه خالص، ضغط سكر، كسل في الكبد، املاح و….
كرم : بس اسكت الله ياخدك، ايه اللي بتقوله ده، وبعدين انت عمال توشوشني ليه، جبتلي الخفيف، أنا كويس يا دكتور نص لبه انت، مبسوطة كده يا فضيله، جيبالي دكتور اهبل وبتسترخصي
فضيله : والله ابدا، ده واخد ٢٠٠ جنيه
كرم : لااااا، أنا كده هروح فيها بجد!!!
الطبيب وكأنه لم يستمع إلى ما قاله كرم وبنظرات ثاقبه :
أهدى ياعم كرم، الانفعال غلط عليك، انت مش مقدر حجم المشكلة
كرم منفعلا : شدي ايدي يا فضيله، قوميني اخلص عالراجل ده
فضيله : اهدى يا كرم بدل ما تتعب تاني
كرم باجهاد : اه يا راسي، منك لله يا دكتور الهم، الصداع هيموتني
الطبيب بثقه : قولتلك مصدقتنيش، احسن تستاهل
كرم بغضب : طلعيه بره يا فضيله، هيموتني منه لله
الطبيب بجديه : اطمن، انت قدامك كام شهر مش هتموت دلوقتي
فضيله : جرى ايه يا دكتور، في حد يقول كده لواحد عيان؟
الطبيب : أنا بتبع مدرسة مصارحة المريض بحالته يا حجة فضيله، الطب مدارس ومذاهب
كرم : مذاهب ايه، ده انت ولا كفار قريش، امشي يابني بدل ما اخلص عليك
الطبيب بهدوء : أنا ماشي، كتبتلك نظام غذائي وادوية تلتزم بيه وإلا الحاله هتدهور جدا، سلام عليكم …
نظر كرم إلى زوجته قائلاً بخوف:
يعني ايه يا فضيله، هموت واسيبكم واسيب فلوسي وحال ومالي
فضيله : كلنا هنموت ياخويا حد ضامن نفسه، وبعدين سيبك منه شكله دكتور مبيفهمش
كرم : ويمكن بيفهم، كان مستخبيلك ده كله فين يا كرم ؟
فضيله بتعاطف معه وخوف من فقده:
اطمن يا فضل مفيش فيك غير الصحة والعافيه، هروح اعملك فرخ شامورت تاكله يرم عضمك وهتبقى زي الفل
كرم : طول عمرك اصيله يا فضيله، اعمليلي شوية محشي بالمره
فضيله ضاحكة : حاضر ياخويا هعملك اللي نفسك فيه
كرم : تسلمي وتعيشي.
غادرت فضيله وتوجه كرم مسرع يبحث عن مفتاح الصندوق الذي يخبيء بداخله ما لديه من أموال طائلة.
نظر بحزن وندم إلى تلك الأموال قائلاً :
معقول هسيبكم لوحدكم ياحبايبي، وغيركم ياخدكم ويضيعكم، ليه كده بس، اعمل ايه واتصرف ازاي!!
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
بداخل سيارة وليد الذي سعى بكل جدية مستخدماً ماله من نفوذ وسلطة لتبرئة ساحة فادي من التهم المنسوبة إليه.
تحدث وليد الي فادي بتحذير قائلاً :
المهم بعد كده تركز، َتشوف الناس اللي بتتعامل معاهم
فادي : حرام وتوبة يا باشا، أنا أساسا هقفل المكتبة وافتح مقلاة ابيع فول ولب.
وليد بتعجب :لب ايه يابني، المكتبه مشروع كويس انت بس ركز
فادي : يا باشا أنا عارف ان كل اللي بيحصلي ده تكفير ذنوب، وأنا صغير كنت عيل غتيت ومؤذي بس وربنا أنا توبت لما كبرت يلا حصل خير، ده أنا انضربت على قفايا جوة السجن لما قفايا ورم.
مال وليد على اذن حامد قائلاً:
هو الواد ده يقرب لفاطيما؟
حامد مبتسماً : لا يا باشا تقريباً عندهم نفس المرض
وليد : مرض ايه؟
حامد : البراءة، مبيعرفوش يكرهوا حد يا وليد بيه، قلوبهم نضيفة وصعب تلاقي زيهم كتير.
وليد بجدية : ورغم كده وقت الجد تلاقيهم سند، أنا لحد النهارده مش قادر اتخيل ازاي مراتك ضحت بحياتها علشان تنقذني، ربنا يقومها بالسلامة
حامد : يارب يا وليد بيه
وليد : هنطلع دلوقت عالمستشفى نطمن عليها ونشوف الدكاتره رايهم ايه، ان شاء الله يطمنونا
حامد : معقول يا باشا، أنا بدأت افقد الأمل انها ترجعلي من تاني
وليد : خلي أملك في ربنا كبير، المستشفي دي من اكبر المستشفيات العسكرية ومهتمين بحالتها جدا، أنا اسف والله المفروض كنت اتدخلت ونقلتها من أول ما حصلت الحادثة
حامد : ولا يهمك يا بيه، كل شيء بأوان
تدخل فادي قائلاً : أنا جعان يا جماعة، متجبولي سندوتش ينوبكم ثواب
ابتسم حامد ونظر إليه وليد قائلاً :
تعرف يا فادي أنا بقول نرجعك الحبس من تاني ونرتاح
فادي : لااااا، خلاص انا شبعان يا باشا، عالأقل اعرف اتعامل مع حمايا ويحس اني موفر ومش هكلفه كتير
نظر فادي الي حامد قائلاً :
ااااه، لا مؤاخذه يا حامد نسيت انه عمك وربنا، ده عم كرم ده سيد الناس
قهقه حامد تلك المرة فكما يبدو أن فادي يشبه إلى حد بعيد فاطيما كما قال وليد.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
اقترب منها والدها كحاله كل يوم يقبل يدها بضعف واشتياق يهمس إليها قائلاً:
ارجعي بقى يابت يا فطيما، هان عليكي تسيبي ابوكي حبيبك لوحده، تعالي يا قلب ابوكي
فاطيما :
لا تعالى انت يا سيد، أنا هنا مع أمي، تعالى بقى وخلاص أنا ما صدقت شوفتها اسيبها ليه؟
سيد باكياً : ولادك وجوزك محتاجينك
فاطيما : يووة بقى بص جمبك هتشوفني أنا اهو يا عم بس زي ما تقول متشعبطة بين اه ولأ، عارف يا سيد انت حضنك وحشني خالص بس مش عارفه ارجعلك وبيني بينك خايف ارجع، الدنيا بتاعتنا دي صعبه أوي، بس برده حلوة، كفايه انت وحامض وثناء والعيال ولادي…
حتى بنتي اللي لسه معرفش شكلها بقى عامل ازاي دلوقتي بس اكيد هتطلع حلوة زي أبوها
أنا تعبت يا سيد، اعمل ايه في الحوسه اللي أنا فيها، يكونش بقيت عفريت، لا لا، لو بقيت عفريت كان زمانها فضلت اتنطط وانت بتقرأ قرآن…
طب ايه اللي حصلي يا عم انت
اقتربت من اذنه قائلة:
توووووووت، رد بقى يا سيد والله اخاصمكم كلكم.
💬💬💬💬💬💬
استمع حامد ووليد إلى الطبيب بانصات تام إلى أن شرح باستفاضة ما يراه من وضع صحي تمر به فاطيما
وليد : يعني حضرتك شايف ان الغيبوبه ملهاش سبب عضوي؟؟
الطبيب : اكيد، الحاله عضويا الحمد لله تمام، المشكله غالباً نفسيه
حامد : بس فاطيما عمرها ما زعلت من حد ولا حاجة ضايقتها، دي اربعة وعشرين ساعه بتضحك يا دكتور وتعمل مقالب، الضحكة مبتفارقش وشها
الطبيب مبتسماً : حضرتك أنا قدامك اهو ببتسم، تعرف ان والدتي متوفيه من اسبوع وللأسف مليش حد غيرها في الدنيا..
الانسان اللي بيحاول يسعد اللي حواليه ويبين انه دايما سعيد وفرحان ومفيش حاجة تعباه ده جبل وقت ما بيقع صعب يقوم تاني لأنه بيكون خلاص استنفذ كل طاقته، يمكن فعلا زوجتك دايما بتهزر وبتضحك بس اكيد في أمور كتير كانت بتضايقها وبترفض تقولها علشانك انت واسرتها.
انصرف وليد بصحبة الطبيب وغادر فادي مشتاقاً الى بيته، وبقي حامد وكلمات الطبيب تدور برأسه وتصفعه…
متى سأل هو فاطيما عن حالها، لمَ لم يجلس إليها من قبل ويستمع إلى يومها وكيف تقدر على القيام بتلك الأمور السهلة الهيئة صعبة التنفيذ، كانت تضمه إليها كل حين ان لم يكن بيديها فكان قلبها يفعل، تذكر ما حدث بالحفل وكم طلبت إليه أن يعترف بحبه لها لكنه أبى …
هرول تجاه غرفتها وجلس إلى جوارها قائلاً بندم:
أنا فعلا غبي يا فاطيما، غبي ومستاهلش نعمه زيك..
كنتي شمس منوره دنيتي بس زي عادة البني أدم بيشوف الشمس كل يوم فميحسش بقيمتها غير لما تغيب والبرد يموته..
أنا بحبك، أه والله بحبك من أول ما كبرت ووعيت عالحب وشفت بنات كتير ومفيش واحدة كانت بتجنني غيرك…
لما كان يفوت يوم وابوكي ميجبكيش عندنا كنت بحبس نفسي في الأوضة واقول الدنيا وحشه ليه كده…
بس خفت يا فاطيما، طول عمري وحيد مليش حد وحبي ليكي كان غريب عليا أوي..
فضلت اقول بكره هقولها، لأ استنى شويه لاحسن لما تعرف اني مليش غيرها سند ودار تبعد عني، خفت ومعرفش السبب يمكن طبعي كده…
غبي مبعرفش اتكلم، غيرك انتي، أنا بحس انك نجمة بتلف الدنيا، بتعرفي تعملي كل حاجة ارجعي يا فاطيما وأنا هعوضك عن اي حاجه
وقفت هي في دائرة مغلقة من الضوء في منتصفها ترتدي والدتها ثوب يتلألأ وتنظر إليها بأعين دامعة، مدت فاطيما يدها إليها قائلة:
تعالي يا ماما هاتي ايدك
اجابتها بحب : ارجعي لولادك، عوضيهم عن كل اللي اتحرمتي منه يا حبيبتي
فاطيما باكيه بانهيار:
لأ أنا عوزاكي معايا، مش هسيبك ابداً
ضمتها بكلماتها قائلة:
هنتقابل يا قلب امك، كلنا هنتلاقى في يوم مفيش من بعده فراق، بس يومك لسه مجاش
غابت والدتها عن ناظريها واغلقت الدائرة بعدما خرجت من داخلها فاطيما التي صاحت بكامل قوتها تبحث عن والدتها، التفت من خلفها عندما تبينت صوتاً باكياً يناديها قائلاً :
محتاجلك أوووي، مابقتش قادر اصبر علي غيابك ولا قادر اشكي لحد غيرك
انتظر حامد أن تجيبه لكن دون فائدة، كفف دموعه بحزن وهم بالخروج إلى ان سمع صوتها الهامس قائلة:
يعني بتحبني يا حامض
اقترب ينظر إليها دون تصديق إلى أن قالت: ما ترد بقى.
صاح بجنون دون تحفظ أو خوف:
بحبك يا فاطيما، يخربيت اللي يزعلك، أنا بحبك يابت
فاطيما : وهتجبلي غسالة اطباق
حامد : هغسل أنا المواعين وانضف واعمل كل حاجة بس ارجعيلي
فاطيما : حامد
فاطيما : هتصدقني يا حامد لو حكيتلك
حامد : لو قولتيلي كنتي في الجنه هصدقك، عارفه ليه يا فاطيما!
فاطيما بهدوء : ليه؟
حامد : لأنك حته منها.
انتهت
يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عفريت مراتي ) اسم الرواية