Ads by Google X

رواية حبيسة قلبه المظلم الفصل الثامن و الثلاثون 38 - بقلم سارة علي

الصفحة الرئيسية

 رواية حبيسة قلبه المظلم كاملة بقلم سارة علي عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية حبيسة قلبه المظلم الفصل الثامن و الثلاثون 38

  
في صباح اليوم التالي
كانت تجلس على طاولة الإفطار ترتشف قهوتها بصمت تام .. لم تنم طوال الليل وعقلها يفكر في ردة فعل زوجها عندما يعلم بما حدث البارحة في غيابه ووجود تلك الفتاة في القصر ..
عقلها كان لا يكف عن التفكير طوال الليل بعدما غادرت المكان حيث جناحها لتنفرد به تماما فيأتي زوجها ويخبرها بما حدث وطلاق جيلان ومهند الذي كان المفترض أن يسعدها فالفتاة حقا بريئة ولا تستحق هذه الزيجة لكن ما حدث قبلها لم يسمح لها بالتفكير بأي شيء سوى بردة فعل زوجها بعدما يعلم ما حدث ..
ألا يكفي إن تلك الفتاة ستصبح زوجة إبنها بل وستنجب حفيدا لهم ..؟!
لا تعلم كيف يمكنها أن تتقبل هذا بل كيف سيتقبل زوجها هذا ..؟!
أفاقت من أفكارها على صوت توليب وهي تلقي تحية الصباح قبل أن تجلس في مكانها يتبعها فيصل الذي تسائل :-
” أين البقية ..؟! ألم يستيقظوا بعد ..؟!”
” والدك تركته نائما فقد عاد متأخرا جدا البارحة .. راغب وهمسة لم يستيقظا بعد .. راجي غادر فجر اليوم فلديه مناوبة … ومهند لا أعلم عنه شيئا …”
هتفت توليب بصوت مرهق :-
” أساسا انا أشعر بالتعب حقا .. لم أنم سوى ساعات قليلة ولولا إنه لدي موعد هام ما كنت لأستيقظ أبدا …”
” جميعنا لم ننم حتى الفجر .. ..”
قالها فيصل بجدية لتسأله توليب :-
” ولماذا إستيقظت إذا ..؟!”
” لدي موعد مع أصدقائي ..”
منحته توليب نظرة ذات مغزى تجاهلها وهو يشير الى الخادمة أن تصب له القهوة ..
تقدم بعد لحظات راغب ملقيا تحية الصباح ليجلس في مكانه على الطرف الأيسر جانب كرسي أبيه مقابلا لكرسي والدته لتسأله والدته بإهتمام :-
” همسة لم تستيقظ بعد ، أليس كذلك ..؟!”
رد راغب بجدية :-
” تركتها نائمة .. تعلمين البارحة لم ننم حتى وقت متأخر ..”
رمقته بنظراتها وهي تتسائل بخفوت :-
” ماذا ستفعل الآن …؟!”
تبادل راغب النظرات معها ورد بعدما أطلق تنهيدة طويلة :-
” سأتحدث مع والدي بعد الفطور ..”
” انا لا أريد تلك الفتاة هنا يا راغب ..”
قالها زهرة بصرامة ليرد راغب بجدية :-
” تحمليها يا أمي .. جميعنا مجبورون على ذلك …”
سأل فيصل بتردد :-
” هل هي حقا حامل من مهند ..؟! يعني ألا يمكن أن تكون كاذبة ..؟!”
رد راغب ببرود:-
” شيء كهذا لا يمكن الكذب فيه يا فيصل.. هي ليست غبية أبدا لتكذب بشيء كهذا ..”
هتفت زهرة بملامح عصبية :-
” يعني ماذا ..؟! ستتزوج أخيك وتنجب طفلا منه أيضا … يا إلهي لا أصدق .. والله سأصاب بالجنون .. لا يمكنني تحمل هذا ..”
” ماما اهدئي ..”
قالتها توليب محاولة تهدئتها لتهتف زهرة بإنفعال :
” كيف سأهدأ وتلك الفتاة ستصبح فردا من عائلتنا بل وتنجب حفيدا لنا ..؟! فتاة كهذه كيف يمكن أن تنتمي لنا …؟!”
قال فيصل بسرعة :-
” لقد جاء أبي .. لا تتحدثي الآن من فضلك ..”
صمتت زهرة على مضض وهي تسحب فنجانها وترتشف منه مجددا بينما دلف عابد ملقيا تحية الصباح متأملا ملامح زوجته المتشنجة ..
جلس بإسترخاء على مقعده وأشار للخادمة أن تصب له القهوة قبل أن يصرفها ويبدأ في إرتشاف قهوته ..
لحظات قليلة وأشار الى راغب يتسائل :-
” أين مهند يا راغب ..؟!”
رد راغب وهو ينظر الى والدته :-
” لا أعلم .. في جناحه بالتأكيد ..”
هتف عابد ببرود قبل أن يرتشف من قهوته مجددا :-
” مع تلك الفتاة ، أليس كذلك ..؟!”
تطلع كلا من توليب وفيصل بدهشة بينما سيطر الجمود على ملامح راغب اما زهرة فتأملته بعدم استيعاب ليبتسم مرددا بتهكم :-
” أزيلوا تلك الدهشة عن وجوهكم … ألم تتعلموا بعد ألا يوجد شيء يمكن إخفائه عني …؟؟”
” جيد إنك تعلم .. لقد وفرت علي الكثير ..”
قالها راغب بجدية لتهتف زهرة بتجهم :-
” بما إنك تعلم يا عابد فدعني أتحدث بصراحة إذا .. تلك الفتاة لا مكان لها هنا .. انا لا يمكنني تقبل فتاة مثلها في القصر .. ”
رد عابد بجدية :-
“تلك الفتاة تحمل حفيدك …”
” أساسا هذا يثير جنوني أكثر …”
قالتها زهرة بغضب ليقول عابد بهدوء مريب :-
” كل شيء سيتم حله ، لا تقلقي …”
سألته زهرة بعدم إقتناع :-
” كيف يعني ..؟! ماذا ستفعل بتلك الفتاة والطفل الذي تحمله ..؟!”
رد عابد بغموض :-
” سأفعل ما يتطلبه المنطق .. انت فقط اطمئني .. طوال حياتي لم أسمح لأحد أن يسيء لسمعة العائلة ولن أسمح بذلك مهما حدث … في النهاية لن تأتي فتاة كهذه لا تساوي شيئا وتدمر ما بنيته لسنوات .. ”
ضغطت زهرة على شفتيها بقوة بينما أشار عابد لهم وهو ينهض من مكانه :-
” لا تتدخلوا في هذا الأمر .. تلك الفتاة ستبقى حاليا هنا .. لا تتسببوا في مشاكل معها نحن في غنى عنها .. اتركوا الأمر لي وتصرفوا بشكل طبيعي ..”
أكمل وهو يشير الى راغب :-
” سأنتظرك في مكتبي لنغادر سويا الى الشركة … هناك أمور كثيرة يجب أن نتحدث بها …”
نهض راغب من مكانه قائلا بسرعة :-
” إنتهيت من فطوري أساسا .. لنغادر الآن ..”
تحرك عابد خارج المكان يتبعه راغب ترافقهما نظرات زهرة الغير راضية أبدا عما يحدث ..
…………………………………………………………
تقدمت نحو طاولة الإفطار لتجد والدها يترأس الطاولة وبجواره أختها بينما والدتها ليست موجوده ..
قالتها مبتسمة وهي تسحب كرسيا لها على الجانب الآخر بجانب والدها ليرد كلاهما تحيتها عندما تسائلت :-
” ألم تستيقظ ماما بعد ..؟!”
رد أحمد بجدية :-
” أظن إنها تتعمد عدم الإستيقاظ ..”
سألت مريم بإستغراب :-
” لماذا ..؟! هل حدث شيء ما ..؟!”
رد والدها بخفوت :-
” إختلاف في الآراء ليس إلا ..”
نظرت مريم نحو أختها بتسائل فأوضحت ليلى بإختصار :-
” الأمر يخص سهام وما فعلته .. يعني بابا لديه وجهة نظر وماما لديها وجهة نظر مختلفة تماما ..”
سألت مريم والدها :-
” وما هي وجهة نظرك يا بابا ..؟!”
رد أحمد بجدية :-
” انا طلقت سهام وهي أصبحت خارج حياتي وبما إنها تخلت عن طفلها فسيقى ابني معي ولن أقبل أن تساومني على إستعادة الطفل مقابل أي شيء كان ..”
” هذا أفضل قرار يمكن إتخاذه تجاه واحدة مثلها ..”
قالتها مريم بتأكيد لترد ليلى بهدوء :-
” في خضم كل هذا لا تنسوا إن هناك طفل يحتاج والدته وطفل آخر سيأتي بعد عدة أشهر .. الأمر لا يتوقف عند سهام فقط بل هناك طفلين في الوسط يجب التفكير بهما جيدا قبل أي خطوة نتخذها …”
ردت مريم ببرود :-
” على أساس إنها تهتم حقا لأمر طفليها .. لو كانت تهتم ما كانت لتترك طفلها مهما حدث …”
قالت ليلى بجدية :-
” لا أحد يعلم كيف تفكر ولكن من الخطأ أن نستعجل في إتخاذ قرارات قد تضر أشخاصا لا ذنب لهم فيما يحدث …”
تجهمت ملامح مريم بينما قال أحمد بهدوء :
” لا تقلقي من هذه الناحية يا ليلى .. لن أفعل ذلك أبدا .. من الآن فصاعدا لن أقوم بأي تصرف يؤذيكِ انت أو أخوانك … الجميع سيكون بخير وتأكدي إن قراري في وضع سهام وعبد الرحمن والطفل القادم سيكون لصالح الجميع …!”
ابتسمت له بصمت عندما رن هاتفها بإسمه فنظرت الى الشاشة قبل أن تنهض من مكانها قائلة :-
” يجب أن أغادر الآن … ”
هتف والدها يتسائل :-
” ألن تتناولي فطورك اولا …؟!”
” سأتناوله في الخارج وأذهب بعدها الى الشركة…”
تحركت نحو الخارج بعدما ودعتهما لتجده في إنتظارها لتتقدم نحوه مبتسمة بهدوء لتلقي التحية عليه فيسألها :-
” هل أنت جاهزة للمغادرة ..؟!”
هزت رأسها وهي تجيب :-
” نعم جاهزة ..”
هتف وهو يشير نحو سيارته :-
” لقد غيرت رأيي .. سأتبعك بسيارتي لإن علي الذهاب الى الشركة بعدها ..”
” سأوصلك الى الشركة إذا ..”
قاطعته مبتسمة :-
” وماذا بعدما أنهي عملي ..؟! لأذهب بسيارتي أفضل ..”
قال مستسلما :-
” حسنا كما تريدين ….”
قالت وهي تخرج هاتفها من حقيبتها :-
” سأرسل لك موقع المطعم وأعتذر حقا لإنني جلبتك الى هنا بدلا من ذهابك الى المطعم مباشرة لكنني قررت فجأة وقبل قليل الذهاب الى الشركة ..”
” لا عليك يا ليلى …”
قالها مبتسما لتبادله إيتسامته وهي ترسل له الموقع قبل أن تتجه نحو سيارتها بينما يركب هو سيارته وينتظر تحرك سيارتها كي يتحرك بسيارته هو الآخر ..
بعد حوالي نصف ساعة جلست ليلى على الكرسي المقابل له ليتقدم النادل نحوهما ويضع أمامهما قائمة الطعام …
قالن ليلى بسرعة :-
” هنا يعدون فطور تركي رائع .. يمكننا تجريبه ..”
رد بنفس الإبتسامة :
” لنجربه إذا …”
أشارت ليلى الى النادل فتقدم نحوها لتطلب منه أن يعد مائدة الفطور التركي التي إعتادت على تناولها هنا ..
غادر النادل لتنظر نحو زاهر مجددا وتقول :
” أشكرك جدا لإنك لبيت دعوتي على الفطور ..”
ابتسم مرددا بجدية :-
” وأنا بدوري أشكرك على الدعوة …”
أكمل يتسائل :-
” ولكن بالتأكيد هناك شيء ما خلف هذه الدعوة ..”
ظهر التردد على ملامحها فسألها مجددا:-
” ماذا هناك يا ليلى .. ؟! هل هناك مشكلة ما ..؟! أخبريني ..”
ردت ليلى بسرعة :-
” أبدا ، ليست هناك اي مشكلة ..أريد التحدث معك قليلا ولكن دعنا ننتهي من تناول الطعام أولا ..”
” حسنا .. كما تحبين ..”
قالها بجدية لتبتسم له بإمتنان ليأتي النادل بعد لحظات ويبدأ في إعداد المائدة ..
انتهى النادل من تجهيز المائدة ليهتف زاهر بإعجاب :-
” المائدة منظرها رائع والطعام يبدو شهيا للغاية ..”
قالت ليلى مؤكدة حديثه :-
” نعم جدا .. تناوله هيا وأعطني رأيك ….”
بدأ كلاهما يتناولا الطعام حيث بعض أنواع الأكلات التركية الخاصة بوجبة الفطور فوجد زاهر الطعام لذيذا حقا ..
تأمل زاهر ليلى وهي تضع قطعة صغيرة من الخبز في ذلك الطبق الذي يحوي على ما يبدو شيئا أصفرا لا يعلم طبيعته لكنه يبدو شهيا خاصة عندما حملت ليلى القطعة بشوكتها بعدما ذابت كليا في الكتلة الصفراء لترفعها بتأني فترتفع معها الآكلة الذائبة التي لا يعرف مكوناتها بعد فتسارع ليلى لقطع لقمتها وتناولها بتلذذ ..
مضغت ليلى لقمتها ثم قالت وهي تشير له :-
” تذوقها .. إنها لذيذة للغاية …”
أكملت وهي تكرر نفس الفعل مجددا لكن وضعت اللقمة في طبقه هذه المرة :-
” تناولها وأعطني رأيك …”
ابتسم وهو يتناولها بالفعل ليشعر بطعم الجبن قليلا مع الزبد ولكنه لم يشعر بنفس اللذة التي كانت تبدو عليها فظهر ذلك على وجهه لتسأله بإحباط :-
” ألم تعجبك ..؟!”
رد بسرعة وهو يمسح فمه بالمنديل :-
” ليس تماما .. طعمها عاديا … يعني لا بأس بها ..”
” هل هي آكلة مشهورة ..؟!”
” مشهورة جدا وخاصة في منطقة الشمال التركي .. إسمها موهلاما …”
ضحكت وهي تردد :-
” نعم اسم غريب قليلا ولديها اسم آخر كويماك …”
ابتسم مرددا وهو يرفع بيالة الشاي :-
” إسمها غريب حقا .. ”
أضاف بعدما إرتشف القليل من الشاي :-
” ولكن يبدو إنك تحبيها كثيرا ..”
” كثيرا .. إنها آكلتي المفضلة .. في الحقيقة أنا أحب الطعام التركي عموما … ”
” ربما لإن أصولك تركية ..”
ضحكت قائلة بجدية :-
” من قال هذا ..؟!”
” سمعت أبي يقول هذا ذات مرة .. عمي أحمد لديه أصول تركية ..”
” أظن هذا الكلام غير الصحيح .. البعض يقول إن إصول عائلتنا تعود الى تركيا وإن أجدادنا كانوا أتراك وأمور كهذه لكن لا يوجد شيء مؤكد …”
” عندما أنظر الى عائلتكم يزداد شكوكي بشأن هذا ..”
ضحكت تتسائل بخفة :-
” وما بهم عائلتي ..؟!”
” يعني الشقار المنتشر في عائلتكم .. ليس في عائلتك فقط بل اغلب أفراد عائلة أبيك .. حتى الغير شقر يمتلكون بياضا ناصعا ..”
اومأت برأسها موافقا :-
” نعم … البشرة البيضاء والشعر الأشقر والعيون الملونة صفة مكتسبة في جميع أفراد عائلة سليمان ..”
هتف بنبرة ذات مغزى :-
” والعيون العسلية أيضا ..”
ابتسمت تتسائل بخفة :-
” وما بها العيون العسلية ..؟!”
” جذابة جدا جدا .. وحلوة جدا جدا كالعسل تماما ..”
توردت وجنتيها فكحت بخفة وهي تحمل بيالة الشاي خاصتها ترتشف منها فقرر أن يغير الموضوع ليتحدث في أمور مختلفة فتبادلت الأحاديث معه حيث تحدثا في الكثير من الأمور وغرقا في الضحك عدة مرات حتى تناست ليلى سبب دعوته على الفطور وما أرادت قوله ..
……………………………………………………………..
جلست هايدي بجانب أختها تتأمل شرودها المستمر فتهتف بجدية :-
” حسنا يا نانسي .. لقد جاء الطعام .. هيا لنتناوله …”
التفتت نانسي نحوها بعدما أفاقت من شرودها وقالت :-
” هايدي اتصلي بعمي … أريد أن يخبرني بقراره .. ”
قالت هايدي بجدية :-
” انتظري قليلا … هو سيخبرنا بنفسه .. وعمي بالطبع سيوافق لإنه لا يمكن أن يقف ضد رغبتك ..”
أضافت بجدية :-
” ولكن المهم أنت.. عليك أن تتخذي قرارا سريعا بشأن الطفلين … ”
نظرت نانسي لها للحظات ثم سألتها:-
” لو كنت مكاني ماذا ستفعلين ..؟!”
نهضت هايدي من مكانها وأجابت بعدما عقدت ذراعيها أمام صدرها :-
” كنت سأجهض بالطبع .. لكن هذا لا يعني أن تفعلي مثلي .. انت تختلفين عني يا نانسي .. شخصيتك تختلف عن شخصيتي .. نعم انا كنت أشجعك على الإجهاض لكن عندما فكرت وجدت إنه من الأفضل أن تحددي قرارك بنفسك ولهذا توقفت عن محاولة إقناعك بالتخلص من الحمل .. انا فقط لا أريدك أن تتخذي قرارا تندمين عليه …عليك أن تتذكري دائما إن هناك مسؤولية طفلين ستتعلق بك إذا لم تجهضِ .. عليك أن تتأكدي من مقدرتك على تحمل مسؤوليتهما حتى لو رفض والدهما تحمل المسؤولية معك .. إذا وجدتِ نفسكِ قادرة على هذا فإحتفظي بهما ولكن في المقابل إذا كنتِ لستِ متأكدة من ذلك فلا تنجبي طفلين وتتسببين في تعاستهما طوال حياتهما بسبب عدم قدرتك على رعايتهما جيدا وتحمل مسؤوليتهما كاملة …”
همست بتردد :
” ربما علي أن أسأل صلاح …!!”
قالت هايدي بجدية :-
” برأيي هذا سيكون افضل .. يجب أن يكون لديه علم بهذا ..”
نهضت نانسي من مكانها تهتف بقلق :-
” وماذا لو رفض ..؟!”
قالت هايدي ي بسرعة :-
” غالبا سيرفض وسيطلب منك إجهاضهما ..”
تسائلت نانسي بفزع :-
” وهل سيجبرني على الإجهاض ..؟!”
ردت هايدي بجدية :-
” توقعي منه أي شيء …”
ظهر التوتر على ملامح نانسي فتسائلت هايدي وهي تقترب منها وتقبض على كفيها :
” هل تريدين الطفلين يا نانسي ..؟! هل تريدين الإحتفاظ بهما ..؟! ”
إبتلعت نانسي ريقها وهتفت بتحشرج :-
” لا أعلم .. ولكن فكرة قتلهما وهما داخل رحمي تفزعني … ”
أكملت بعينين محتقنتين :-
” الأمر ليس سهلا بل هو أصعب ما يكون … ”
أضاف بصوت مبحوح :-
” أشعر إنني لن أسامح نفسي أبدا إذا قتلتهما .. وفي نفس الوقت أخاف أن أندم فيما بعد على إنجابهما .. سأموت يا هايدي .. تعبت حقا .. تعبت من وضعي هذا وعجزي عن إتخاذ قرار ..”
احتضنتها هايدي تردد برفق :
” حسنا يا نانسي … تمهلي قليلا .. ما زال أمامك بضعة أيام .. ”
أردفت وهي تنظر الى عينيها بقوة :
” يمكنك الإحتفاظ بهما إذا تأكدتِ من رغبتكِ بذلك ..”
سألها نانسي بتردد :
” وماذا عن صلاح ..؟!”
اجابت هايدي بسرعة :-
” ليس مهما قراره .. انت تتوقعين أن يرفض الطفلين .. لا نريد منه شيئا سوى إسمه فقط ..”
أضافت بتهمل :-
” ولكن عليكِ أن تكوني مستعدة لمستقبلك مع طفلين دون وجود أب يهتم بهما … يعني ستكونين أنت الأب والأم حينها ..”
تسائلت نانسي بألم :-
” ألا يمكن أن يقبل بوجودهما …؟! يعني يكون أب لهما .. في النهاية هما من صلبه .. إبنيه .. يعني من غير المعقول أن يرفضهما .. أليس كذلك يا هايدي ..؟! ”
هزت هايدي رأسها دون رد لتأخذ نانسي نفسها ثم تهتف بها :-
” اتصلي بعمي يا هايدي من فضلك …”
” حسنا .. سأتصل به لأعرف قراره ثم تتناولين الطعام بعدها ..”
هزت نانسي رأسها وهي تقول بترجي :-
” فقط اتصلي به …”
………………………………………………………………
حمل أشرف هاتفه فوجد هايدي تتصل به ليجيبها مرحبا بها قبل أن يقول :-
” كنت سأتصل بك اليوم يا هايدي ..”
هتفت هايدي بسرعة :-
” حقا يا عمي .. ”
رد أشرف بجدية :-
” نعم ، كنت سأخبرك إنني وافقت على طلب صلاح بالزواج من أختك وسأبلغه هو أيضا موافقتي اليوم ..”
هتفت هايدي بفرحة بالغة :-
” حقا ..؟! شكرا كثيرا يا عمي …
رد أشرف مبتسما :-
” على ماذا يا إبنتي ..؟! انا لا يمكنني الوقوف أمام رغبة أي واحدة منكما طالما رغبتكما تلك لا شيء سيء فيها ..”
قالت هايدي بسرعة :-
” وماذا عن ماما ..؟!”
رد أشرف بجدية :-
” سأذهب لرؤيتها الآن وأتحدث معها وأحاول إقناعها ..”
تسائلت هايدي مجددا بقلق :-
” وماذا لو أصرت على قرارها بالرفض ..؟!”
تنهد أشرف وقال :-
” حينها سنضطر الى إتمام الخطبة دونها ….”
قالتها هايدي بخفوت ليطمأنها أشرف :-
” لا تقلقي .. كل شيء سيكون بخير ..”
ودعها بعدها وأغلق الهاتف معها ليخرج من غرفته ومن الفيلا بأكملها متجها الى منزل أخيه الذي لم يدخله منذ مدة طويلة ..
كان يشعر بالضيق وهو مضطر لرؤية زوجة أخيه الراحل والتي لم يتفق معها يوما لكنه مضطر لذلك ..!
وقف امام باب الفيلا بعد مدة لتفتح له الخادمة الباب فيبتسم لها وهو يخبرها :-
” أخبري تهاني هانم إن أشرف مختار يريد مقابلتها ..”
سارت به الخادمة نحو صالة الضيوف ثم إستأذنته لتنادي تهاني بعدما سألته عما يفضل تناوله ..
جلس في مكانه يتأمل الفيلا التي لم تتغير كثيرا منذ وفاة أخيه والذي بعد وفاته تغيرت الكثير من الأشياء …
زفر أنفاسه ببطء مفكرا إن كل شيء بسبب تهاني التي لطالما حاولت تدمير علاقته بأخيه ولكن أخيه رحمة الله عليه كان يقف لها دائما بالمرصاد وعندما توفي أخيه سارعت لقطع العلاقات بينه وبين أبناء أخيه وقد نجحت في ذلك عندما أصبح تواصله مع إبنتي أخيه شبه معدوم ولا يلتقيهما إلا نادرا بينما بقي كرم إبن أخيه الوحيد الذي يتواصل معه رغم سفره منذ سنوات للدراسة في الخارج …
ولكن الآن بدأ يتغير كل شيء وها هما إبنتي أخيه لجئتا إليه وسيدركان إنه مهما مهما حدث سيظل عمهما الذي يسعى دائما لحمايتهما ورعايتهما فهما إبنتي أخيه الراحل .. أخيه الوحيد ..!!
أفاق من أفكاره على صوت تهاني تلقي التحية بإقتضاب فتأمل ملامحها الحادة كعادتها وهو ينهض من مكانه يرد تحيتها ..
جلست قباله بملامح جامدة فهتف بجدية :-
” جئت للتحدث معك يا زوجة أخي بشأن موضوع خطبة نانسي ..”
قالت تهاني بتجهم خفيف :-
” وما علاقتك أنت بالأمر ..؟!”
” كيف يعني ما علاقتي أنا …؟! أنا عمها أم نسيت هذا …؟؟”
ضحكت مرددة بتهكم :-
” إذا عندما تعسرت عليها الأمور كليا لجأت إليك …”
أضافت بعدها بصوت هامس لكنه مسموع :-
” سأريها ماذا سأفعل بها .. تظن إنها تتحداني بهذه الطريقة …”
قال أشرف بصوت قوي لا يخلو من الحدة :-
” ماذا ستفعلين بها يا تهاني ..؟! هل ستضربيها ..؟! أم تحبسيها وتمنعيها من رؤيتي ..؟؟ الفتاة لم تفعل شيئا خاطئا .. لقد أتت الى عمها … عمها أخو والدها الراحل ..”
قالت بسخرية :-
” كف عن هذه الخطابات المملة بالله عليك …”
” كفي انت عن تصرفاتك تلك يا تهاني ..نانسي وهايدي كبرتا وبدأتا تستوعبان كل شيء بوضوح .. هما لم تعدان تلك الفتاتين اللتين تتحكمين بهما وتملئين عقلهما وقلبها كلاما كاذبا وحقدا نحوي …”
” مالذي تقوله انت ..؟! وثانيا انت كيف تتحدث معي هكذا ..؟! انظر الي انا والدتهما و …”
قاطعها بحزم :-
” أعلم إنك والدتهما لكن ليس دائما الأمهات هن الصح … أحيانا يكونن الأمهات لعنة في حياة أبنائهن ..”
انتفضت من مكانها تصيح :-
” هل تقصد إنتي لعنة في حياة إبنتي ..؟! هل جننت ..؟!”
نهض بدوره من مكانه وقال بقوة وهيمنة :-
” انا أقول هذا بناء على تصرفاتك التي لا داعي لذكرها مجددا .. اسمعي يا تهاني .. رغم كل أفعالك ما زلت أضع حدودا للتعامل معك لأجل خاطر أخي الراحل وخاطر أبناء أخي لهذا تعقلي وإجلسي ودعينا نتحدث ..”
” عم سنتحدث ..؟! انا لست موافقة على هذه الخطبة .. هذا قراري وانتهي ..”
” لماذا ..؟! لماذل ترفضين هذه الخطبة ..؟! هل لديك سبب مقنع ..؟!”
” انا حرة .. انا أرفض هذا الشاب … ابنتي لن تتزوجه .. لا أحد يمكنه إجباري على شيء لا أريده ..”
” ولكن إبنتك تريده يا تهاني ..”
قالها بجدية لترد بلا مبالاة :-
” فلتذهب الى الجحيم .. قراري هو الذي سينفذ …”
ضحك مرددا بإستخفاف :-
” يبدو إنك لم تفهمي بعد .. نانسي جائت وتركت القرار لي وانا عندما رأيت رغبتها في ذلك الشاب وافقت وهي بدورها تتمنى موافقتك لكنها لن تتراجع عن الزيجة إذا لم تحصل عليها .. هذا كلامها هي وليس كلامي …”
” انت تفعل ذلك عن قصد .. تحرضها ضدي ..”
قالتها بعينين مشتعلتين ليرد بثبات :-
” إفهمي يا إمرأة .. ابنتك هي من جاءت بنفسها إلي وطلبت مني مقابلة الشاب …. ”
” وانت لم تصدق ووافقت فورا مي تكسبها وتجعلها في صفك ضدي ..”
قالتها بغضب ليرد بقوة :-
” هذه التصرفات تصدر من أمثالك يا تهاني … ممن يحاولون أذية من حولهم دون مبرر .. انا لا يمكنني إستغلال إبنة أخي فقط لإغاضتك وإزعاجك كما تدعين ..”
تسائلت بعصبية :-
” لماذا اذا وافقت ..؟! لماذا وافقت عليه ..؟!”
” لإن إبنتك تريده ومقتنعة به تماما ..”
صاحت بصوت أكثز علوا :-
” انه شاب مستهتر لا مستقبل لديه .. لو كانت ابنتك مكان ابنتي هل كنت ستوافق عليه ..؟!”
” كنت سأتحدث معها كما فعلت مع نانسي وأتحدث معه ايضا وإذا وجدتها مصرة على قرارها وهو بدوره يحبها ويريدها وينوي التغير لأجلها سأمنحهما الفرصة وأوافق ..”
” كلام أهوج .. انظر الي يا أشرف .. انا لن أوافق على هذه الزيجة أبدا ..”
قالتها بتحدي ليرد أشرف بجدية :-
” ولكنني وافقت وأخبرت صلاح بذلك وسيأتي هو وعائلته غدا للتقدم رسميا لخطبة الفتاة .. أتمنى أن تأتي يا تهاني ..”
صاحت بنبرة مجنونة :-
” ستزوج ابنتي دون موافقتي يا أشرف ..؟!”
” أتيت بنفسي وحاولت إقناعك لكنكِ ترفضين بتعنت دون سبب واضح ولهذا إعذريني انا مضطر لإتمام الخطبة دونك … ”
” لا يمكنك فعل هذا .. ولا تنسي إن لديها أخ أيضا يجب أن يمنح موافقته ..”
رد أشرف وهو يبتسم بهدوء :-
” رغم إن القرار يخص نانسي لوحدها لكنني تحدثت مع كرم وأخبرته وهو بارك هذه الخطبة بل وأخبرني إنه سيتواجد في الزفاف أيضا ..”
اتجه نحو الباب بعدها قبل أن يتوقف مكانه ثم يستدير نحوها مرددا بجدية :-
” فكري جيدا فيما قلته وحاولي أن تتواجدي غدا لأجل إبنتك يا تهاني ..”
تركها ورحل وهي تكاد تنفجر من الغضب وقد جاءت موافقة ابنها كالصاعقة فوق رأسها وهو الذي كان الأمل الوحيد المتبقى لها …
……………………………………………………….
فتحت باب الشقة لتجده أمامها يتأملها بملامح تنطق بمدى غضبه فشعرت بالقلق يكسوها وهي تهتف بتوتر ظهر رغما عنها :-
” فراس ..؟! ماذا هناك ..؟!”
رد ببرود مخيف :-
” قولي مرحبا أولا ، تفضل يمكنك الدخول .. أم ستتركيني واقفا هنا عند الباب يا أم ولدي ..؟!
” انا لوحدي و ..”
لكنه دفعها بلا مبالاة وهو يردد :-
” لا تخافي .. لن آكلك لإنك وحدك ..”
استدار نحوها يخبرها بقوة :-
” أغلقي الباب وتعالي .. علينا أن نتحدث …”
هزت رأسها وهي تدفع الباب تاركة فتحة لا تكاد ترى منه قبل أن تتقدم نحوه فيجذبها من ذراعها ويجلسها على الكرسي خلفها ثم يجلس هو الكنبة قبالها يسألها بحدة :-
” أخبريني بكل شيء .. متى وكيف خططتم لكل هذا ..؟!”
سألت بخوف :-
” عم تتحدث يا فراس …؟! ”
تقدم نحوها أكثر حتى قبض على ذراعها بعنف فشهقت بفزع ليتحدث من بين أسنانه :-
” انا لست غبيا يا هذه .. أخبريني ما حدث بينكما بالضبط … علام اتفقت مع غالية ..؟!”
أكمل وعيناه تقدحان شررا :-
” أنا أعلم إنك إتفقتِ معها من الباطن وربما أنتِ من حرضتها على ذلك فهي لم تكن لتفعل ذلك لوحدها .. انت السبب الخفي لكل ما حدث .. ولكن ليكن بعلمك لا انت ولا هي تستطيعان إجباري على ما لا أريده … ”
انتفضت من مكانها مبتعدة عنه تردد بغضب مكتوم :-
” انا لا أفهم عم تتحدث ولست مسؤولة عما يحدث بينك وبين خطيبتك … حسنا ..؟!”
نهض بدوره مرددا :-
” بل تفهمين جيدا ومسؤولة ايضا .. تظنين إنك ستلوين ذراعي بهذه الطريقة .. لكنكِ مخطئة .. لا انت ولا هي ولا عشرة منكما يمكنهما الوقوف في وجههي وإجباري على ما لا أريده … ”
سمعا كلاهما صوت طرقات على باب الشقة فإندفعت عهد مسرعة وفتحت الباب لتجد فادي أمامها يتسائل بإستغراب :-
” لماذا الباب غير مغلق بالكامل ..؟!”
أضاف وهو يدلف الى الداخل :-
” جئت لرؤية تميم ورؤيتك ..”
ثم توقف مكانه متفاجئا بوجود فراس فهتف مندهشا :-
” انت هنا يا فراس …”
رد فراس بوجوم :-
” نعم وسأغادر حالا …”
تحرك نحو الباب ليوقفه فادي متسائلا بإستغراب :
” ماذا حدث ..؟! لماذا تذهب بهذه السرعة …؟!”
رد وهو يثبت عينيه فوق عهد الواقفة بجانب الباب :-
” لم آت لأجلس أساسا .. أردت أن أخبر عهد بما عندي وأغادر …”
نطقت عهد أخيرا :-
” أخبرتك إنني لا أعلم أي عما تتحدث ..”
رد فراس بقوة :-
” كاذبة … انت كاذبة يا عهد وأنا سأكون أكبر غبي إن صدقتك ..”
التفت فادي نحو عهد يتسائل بضيق :-
” هل يمكنني أن أعلم ما يحدث هنا بالضبط ..؟!”
قالت عهد وهي تتقدم نحوهما :-
” انا مثلك تماما لا أعلم أي شيء .. يبدو إن هناك مشكلة بينه وبين خطيبته ويتهمني إنني السبب عنها …”
” فراس انت بالتأكيد مخطئ .. عهد بالتأكيد لن تتسبب بمشكلة بينك وبين خطيبتك ..”
قالها فادي بجدية ليرد فراس بغلظة :
” لم تعد خطيبتي .. نحن إنفصلنا ..”
هتف بها فادي بدهشة ليضيف فراس متهكما :-
” ابنة الخولي تركتني .. فسخت الخطبة بعدما حققت ما تريد بمساعدة تلك التي تقف جانبك وتدعي بكل براءة إن لا دخل لها فيما حدث ..”
” ولكنني بالفعل ..”
قاطعها فراس بصرامة :-
” إصمتي تماما .. انا أعرف كيف أتصرف معكِ ومعها .. أعرف جيدا ..”
أنهى كلماته بتهديد واضح واندفع خارج المكان ليهتف فادي مسرعا وهو يلحقه :-
” سأتبعه وأفهم ما يحدث معه …”
ثم ركض خارج الشقة وهو ينادي على أخيه الذي توقف مكانه في غضب ليتقدم فادي نحوه ويقف أمامه متسائلا :-
” ماذا يحدث يا فراس ..؟! مالذي فعلته خطيبتك …؟! ولماذا تتهم عهد بالتواطئ معها ..؟!”
” لإن هذه هي الحقيقة ..”
قالها فراس بغضب ليهتف فادي :-
” أخبرني ما خدث .. دعني أفهم .. قبل ليلة كنتما سويا تحتفلان بعيدميلادك .. ماذا حدث لتفسخ غالية الخطبة وو…”
قاطعه بصوت عصبي :-
” ما حدث إنني أصبحت لعبة بين يدي هاتين المخادعتين … بين خطيبتي ومن كانت زوجتي وأم إبني ..”
” كيف يعني ..؟!”
أغمض فراس عينيه بنفاذ صبر ثم فتحها وقال :-
” دعني الآن يا فادي من فضلك ..”
لكن فادي أوقفه مرددا بحزم :-
” لن تتحرك خطوة واحدة دون أن تخبرني بما حدث .. انا متأكد إن هناك مصيبة ما حدثت معك ولن أتركك دون أن أن أعرف ما هي ..”
” ما بالك يا فادي ..؟! لا تنسى إني أخوك الكبير … انت لا يمكنك أن تجبرني على ما لا أريد ..”
رد فادي بهيمنة :-
” بل يمكنني مثلما يمكنني الذهاب حالا الى خطيبتك المصون ومعرفة منها كل شيء ..”
تجهمت ملامح فراس بعدم رضا ليقول فادي بحزم :-
” والآن تعال معي الى شركتك حيث سنتحدث في مكتبك عما حدث ..”
……………………………………………………
انتفض فادي من مكانه ما إن أنهى فراس حديثه صارخا بغضب بدا كالجحيم :-
” أيها اللعين .. كيف تفعل شيئا كهذا ..؟! هل انت غبي ..؟! ”
نهض فراس بدوره صائحا بتحذير :-
” الزم حدودك ولا تتجاوزها معي يا فادي ولا تنسى إنني أخوك الكبير ..”
قال فادي بعينين مشتعلتين غضبا :-
” أخي الكبير المحترم .. الذي لا يتوقف عن علاقاته المشبوهة حتى وقع في يد فتاة صورت له فيديو فاضح .. ”
نطق فراس من بين أسنانه :-
” فادي يكفي ..”
ردد فادي بإصرار :-
” أليست هذه الحقيقة ..؟! هل قلت شيء خطأ ..؟! بسبب نزواتك الحقيرة حدث كل هذا وها أنت بل نحن جميعا مهددين بفضيحة كبيرة مثل هذه ..”
” انظر إلي .. انا لم أخبرك بما حدث لتبدأ في تأنيبي ..”
قاطعه فادي بحدة :-
” بل أنت من يجب أن ينظر إلي بل ويسمعني جيدا .. ألن تتوقف عن نزواتك وعبثك الذي لا ينتهي و علاقاتك القذرة … ؟! ألا ترى ماذا فعلت بك نزواتك .. ؟! بسبب ما تفعله خسرت الكثير وما زلت تخسر ..”
هتف فراس بصوت متصلب :-
لكن فادي لم يسمعه وهو يسترسل بنفس النبرة :-
” خسرت زوجتك التي كانت تحبك بحق .. خسرت إحترامك أمام جميع من يدرك حقيقتك … حتى إبنك خسرته ..”
ضرب فراس على المكتب بقوة يصرخ بصوت مرعب :-
” قلت يكفي …”
تقدم فادي نحوه يجذبه من ياقة قميصه مرددا بصوت قوي :-
” انت من يكفي .. انت من يكفي يا فراس .. في السابق كنت تدمر نفسك .. لطالما حذرتك وانت لم تسمع .. لكن الآن الموضوع لم يعد يخصك وحدك بل يخصنا جميعا .. سمعتنا جميعا سوف تتدمر بسببك … بسبب نزوة من نزواتك الحقيرة….”
قال فراس بملامح مشدودة غضبا :-
” نعم بسبب نزوة من نزواتي الحقيرة .. في النهاية انا القذر الوحيد بينكم وأنت القديس هنا .. ”
قاطعه فادي بنفور :-
” انا لست قديسا ولن أكون .. لكنني على الأقل لا أرمي نفسي كل يوم بين أحضان عاهرة لا أعرف إسمها حتى … ”
” نعم ، أساسا قلتها منذ قليل .. انا القذر الوحيد بينكم …”
قالها فراس بتهكم ليرد فادي ببرود :-
” قذارتك تخصك وحدك .. لكن انا ولوجين ووالدتي لن نسمح لك أن تؤذينا بسبب أفعالك تلك … ”
أكمل وعيناه تنطقان قوة :-
” اتصل بغالية تلك وتحدث معها …”
قالها فراس ببرود ليتسائل فادي بغضب مكتوم :-
” ماذا يعني لا تريد ..؟! الفتاة معها فيديو يخصك .. فيديو فاضح .. ”
” سأتصرف معها بنفسي ..”
قالها فراس ببرود أغاظ فادي الذي ردد هازئا :-
” حقا … ؟! وماذا ستفعل ..؟! كيف ستأخذ الفيديو منها ..؟! هل سوف تهددها ..؟؟ أم ترسل عصابة وتخطفها ..؟؟”
رد فراس بنفس البرود :-
” كل شيء ممكن …”
قال فادي بتحذير :-
” لا تجن .. هيا اتصل بها وحاول أن تتفاوض معها …”
نظر له فراس برفض لكن فادي أشار له بقوة :-
” ماذا تنتظر …؟! لا يوجد حل آخر أمامك .. أي تصرف آخر كي يؤدي بك الى الجحيم .. حاول أن تتفاوض معها وإذا إضطررت تنازل عن تميم …”
هتف فراس بعدم تصديق :-
” هل تطلب مني التنازل عن إبني …؟!”
رد فادي بسخرية :-
” على أساس إنك تركت لنا حلا غير هذا …”
زفر فراس أنفاسه بضيق قبل أن يخرج هاتفه ويتصل بها ليطلب منه فادي أن يجعله يسمع المكالمة كي يسجلها في هاتفه الذي أخرجه وبدأ يسجل بالفعل عندما جاء صوتها يردد :-
” اهلا فراس بك … توقعت أن تتصل بهذه السرعة …”
أشار له فادي أن يتحدث ليقول فراس :-
” يجب أن نتحدث يا غالية …”
ردت غالية ببساطة :-
” عم سنتحدث بالضبط ..؟! الأمر لا يحتاج الى حديث .. الفيديو عندي .. إذا تنازلت عن حضانة الطفل لعهد فلن أنشره وإذا لم تفعل فسيتم نشره في كافة المواقع …”
قاطعها فراس يتسائل بغضب مكتوم :-
” هذا إبتزاز يا غالية ..؟!”
صدحت ضحكتها الناعمة وهي تردد :
” إبتزاز من النوع الجيد .. انا لا أطلب منك مقابلا مشينا يا فراس .. ”
تسائل فراس بأعصاب بدأت تفلت :-
” وما علاقتك انت بكل هذا .. ؟؟ ما علاقتك بعهد وابني ..؟؟”
ردت غالية بجدية :-
” هذا ما عندي … إذا تنازلت عن حضانة الطفل فلن يتم نشر الفيديو أبدا ..،”
” لحظة ، هل تعنين إنك لن تعيدين لي الفيديو اذا ما تم نشره …؟؟”
تسائل بوجوم لترد بخفة :-
” الفيديو سيبقى معي حتى بعدما تتنازل لإنني لا أضمن كيف سيكون إنتقامك مني بعدها .. طالما الفيديو معي فأنا في أمان ولا يمكن أن تلمس شعري واحدة مني ..”
هم بشتمها قائلا :-
قاطعته بتحذير :-
” إياك أن تتجاوز حدودك يا فراس .. انتظر قرارك في أسرع وقت مع السلامة ..”
اغلقت الهاتف في وجهه ليغلق فادي هاتفه بدوره بعدما حفظ التسجيل فيتبادل النظرات مع أخيه وكلا منهما له أفكاره …
………………………………………………………..
هبطت من غرفتها أخيرا وهي ترتدي ملابس شديدة الإناقة إستعدادا للخروج مع مجموعة من صديقاتها للترفيه …!!
وجدت والدتها تتناول قهوتها في صالة الجلوس وهي تتابع أحد البرامج لتلقي التحية بإبتسامة صادقة وهي تتقدم نحوها وتقبلها من وجنتها لتبتسم صباح بدورها وهي تتأملها مرددة :-
” اهلا حبيبتي .. ما كل هذا الجمال …؟!”
ضحكت غالية مرددة بثقة :-
” انا دائما جميلة حتى لو إرتديت شوال بطاطا كما يقولون …”
” انت جميلة وجذابة وفاتنة وكل شيء …”
قالتها صباح وهي تربت على كفها لتهتف غالية بجدية رغم إنها ما زالت تحتفظ بإبتسامتها :-
” لقد فسخت خطبتي ..”
اختفت إبتسامة صباح كليا وهي تردد بعدم إستيعاب :-
” ماذا ..؟!”
ابتسمت غالية بخفة وهي تردد :-
” فسخت الخطبة .. ”
” لماذا ..؟!”
سألتها صباح وقد أفاقت من دهشتها أخيرا لترد غالية بنفس الجدية :-
” لم نتفق … ”
رددت صباح :-
” هكذا فقط ..؟!”
قالت غالية موضحة :-
” هذا سببا أكثر من كافي بالنسبة لي ..”
قالت صباح بحيرة رغم فرحتها بخبر إنفصالها عن ذلك الشاب :-
” حسنا ولكن انا لا أفهم .. لماذا وافقت على الخطبة من الأساس ثم فسختها بهذه السرعة …؟!”
” يا ماما .. الخطبة هي فترة تعارف لأي إثنين وانا بالفعل تعرفت على فراس وفهمت إنه لا يناسبني وأنهيت الأمر بهدوء …”
سألتها صباح بشك :-
” هل انت متأكدة إنه لا يوجد سببا آخر يا غالية ..؟!”
قالت غالية وهي تبتسم بهدوء :-
” صدقيني هذا هو السبب الوحيد يا ماما …”
هزت صباح رأسها بتفهم ثم ربتت على كتفها تقول بدعم :-
” لا تحزني حبيبتي .. خطبة وانتهت .. لا بأس …”
ضحكت غالية وهي تردد :-
” انا لست حزينة من الأساس .. على العكس تماما انا سعيدة .. سعيدة للغاية …”
” سعيدة .. للغاية ..!!”
كررتها صباح بعدم استيعاب لتهتف غالية بجدية :-
” نعم سعيدة ومرتاحة وأشعر بكافة المشاعر الإيجابية … ”
” غريب أمرك يا غالية .. يعني عادة الفتيات ينزعجن ويحزن قليلا في هذه الحالات ..”
ضحكت غالية وقالت :-
” هؤلاء الفتيات الآخريات أما أنا فلا أحزن على شيء كهذا لإنني من ربحت عندما تخلصت من زيجة كانت ستفشل في جميع الأحوال …”
أضافت بعدها وهي تنظر الى. ساعتها :-
” حسنا سأتأخر على موعدي .. دعيني أذهب … أراك مساءا ..
سألتها والدتها :
” إلى أين ستذهبين ..؟!”
ردت غالية بجدية :-
” سأذهب مع مجموعة من صديقاتي الى مطعم جديد يقولون إنه رائع لذا سنذهب لتجربته .. هيا أراك مساءا ..”
قالتها بعدما قبلتها من وجنتها تاركة والدتها تتابعها وهي تغادر بحماس غير مستوعبة ما يحدث حتى الآن ..
اتجهت غالية نحو الكراج وشغلت سيارتها لتركبها وتتحرك خارج الفيلا عندما وجدته يقف خارج الفيلا بجانب سيارته وما إن رآها حتى إعتدل في جلسته وأخذ ينظر لها بقوة …
تجهمت ملامحها وأوقفت سيارتها وسارعت تهبط منها وهي تتجه نحوه تتسائل بضيق :-
” ماذا تفعل هنا ..؟!”
رد يتسائل بقوة :-
” ألم أحذرك مسبقا ألا تقتربي من عائلتي …؟!”
عقدت ذراعيها أمام صدرها تتسائل بإستفزاز مقصود :-
” حقا ..؟! وماذا فعلت ومتى أساسا إقتربت من عائلتك ..؟!”
تقدم نحوها خطوتين يردد من بين أسنانه :-
” غالية .. انت تدركين جيدا ما أعنيه .. كيف تجرأت على فعل هذا …؟! ”
هتفت بتهكم :-
” من الواضح إن أخيك أخبرك بما حدث …”
” نعم ، أخبرني بتصرفك الدنيء والذي لا يليق بفتاة محترمة ..”
قاطعته بحدة :
” إياك أن تتجاور حدودك .. انا محترمة غصبا عنك وعن أخيك …”
أضافت ببرود وهي تعاود عقد ذراعيها أمام صدرها :-
” وثانيا إذا كان هناك من يستحق محاسبته فهو أخيك المحترم .. ماذا كنت تتوقع مني بعدما إتضح لي إنه يخونني بعد فترة قصيرة من خطبتنا …؟! ”
تأملها بملامح جامدة للحظات قبل أن يتسائل بنبرة ذات مغزى :-
” أخبريني يا غالية … تصرف كالذي قمت به انت .. هل يليق بفتاة محترمة حقا …؟!”
ردت بجدية :-
” تصرفي كان لدوافع محددة وأهمها كشف حقيقة أخيك … ”
” وما علاقة هذا إذا بموضوع حضانة تميم …؟!”
سألها متهكما لترد ببرود :-
” والله فكرت في أكثر شيء يكسر أخيك فوجدت إن هذا أكثر شيء سوف يؤذيه بل ويلقنه درسا قويا أيضا كي لا يتلاعب من خلاله ببنات الناس إضافة الى ذلك فسأقوم بعمل خيري حيث سأعيد طفل مسكين الى أحضان والدته التى حرم منها لسنوات…”
” نشكرك على خدماتك العظيمة يا غالية …”
قالها بسخرية قبل أن يهتف بقوة :
” ولكن لا تتدخلي في أمورنا العائلية فنحن نعرف كيف نحل مشاكلنا بيننا .. ”
رددت بإستهزاء :-
” نعم وأكبر دليل تصرفات أخيك وعلاقاته المشبوهة وفوق هذا إستغلاله ابنه الوحيد كورقة ضغط على طليقته …”
ردد فادي بتصلب :-
” لا تتدخلي فيما لا يعنيك .. والآن هاتي الفيديو فورا .. هيا ..”
ضحكت مرردة بخفة :-
” يا لك من مضحك .. هكذا بكل بساطة …”
رد ببرود :-
” نعم ، هكذا يا غالية وبكل بساطة …”
” وإذا قلت لا ..؟!”
سألته بنعومة مستفزة ..
” أنت تعبثين مع الشخص الخطأ ..”
قالها بملامح مهيبة وقد شعرت في تلك اللحظة إنه تحول الى نسخة من أخيه ولا تعرف لماذا شعرت بذلك رغم إختلاف ملامحهما لكن ربما نزعة الشر التي إرتسمت على ملامحه في تلك اللحظة كانت تشبه شر أخيه ..
” انا لا أعبث .. أساسا العبث ليس من صفاتي .. انا فقط أخطط وأنفذ وأنال …”
اقترب منها خطوتين أخريتين حتى بات قريبا للغاية منها وقال بصوت متسلط قوي :-
” أنت تدركين جيدا إنني يمكنني حبسك بتهمة الإبتزاز ..؟! ”
ردت والبرود يسيطر على ملامحها :-
” جيد ولكن حينها عليك أن تحبس أخيك المحترم بتهمة الزنا …”
رد عليها مستهزئا :-
” حقا ..؟! هل تظنين إن القانون سيحاسب أخي لكونه أقام علاقة غير شرعية مع بائعة هوى بكامل إرادتها ..؟!”
ردت بصوت قوي حازم :-
” لن أمنحك الفيديو مهما حاولت …”
هتف وقد بديت عينيه في تلك اللحظة تتحدانها أن ترفض :-
” هاتي الفيديو وإلا قسما بربي سأريك وجها آخرا لم تعهديه … انا لا أسمح لأي شخص أن يقترب من عائلتي وانت بتصرفك تجاوزت كل الخطوط الحمراء لذا تراجعي فورا عن تصرفك الدنيء وإلا ..”
وصمته كان وراءه الكثير من الحكايا …
نطقت أخيرا وهي ما زالت ثابتة في مكانها :-
” ليتنازل أخيك اولا عن حضانة الطفل وسنتحدث بعدها بشأن الفيديو …”
أضافت :-
” وانت لا يمكنك أن تهددني… لا انت ولا عشرة أمثالك يمكنهم أن يهزوا شعرة واحدة مني ولا تنسى يا حضرة الضابط إن الفيديو الذي معي سيدمر سمعة عائلتك بالكامل .. يعني رقبتك انت وأخيك وكل عائلتك بيدي لذا تمهل قليلا ولا تتحدث بطريقة تندم عليها فيما بعد …”
منحته نظرة مليئة بالقوة والغرور وهي تنسحب بخطواتها متجهة نحو سيارتها لتركبها فتنظر إليه من مرآة السيارة تمنحه إبتسامة باردة قابلها بملامح جامدة تماما قبل أن تشغل سيارتها وتحركها بأقصى سارعا …!
……………………………………………………….
جلس في صالة الجلوس يتناول الشاي مع زوجته وحنين ونضال عندما هتفت حنين تتسائل بفضول :-
” برأيك لن تأتي حقا يا بابا ..؟!”
رد أشرف بتجهم :-
” لا أظن .. ”
همست حنين :-
” إنها إمرأة صعبة حقا …”
قال أشرف بجدية :-
” انا فعلت ما يتوجب علي فعله … هي حرة فيما ستفعله … ”
قالت أحلام بجدية :-
” ولكن يجب أن تتواجد في يوم كهذا بجانب إبنتها ..”
قال أشرف :-
” أساسا إذا تحدثنا بناء على الأصول فالخطبة يجب أن تتم في منزل والد الفتاة وبحضور والدتها وانا وكبار العائلة لكن ماذا نفعل ..؟؟ هذا ما أرادته تهاني هانم …”
سألت أحلام بجدية :-
” هل أخبرت كبار عائلتك ..؟!”
اومأ برأسه وهو يجيب :-
” تحدثت مع عمي وأبناء عمومي .. سيأتون جميعا …”
تسائلت حنين بجدية :-
” بابا ، هل ذلك الشاب سيء الى هذا الحد لترفضه زوجة عمي لهذه الدرجة ..؟؟”
تنهد أشرف وقال :-
” هو ليس سيء لكنه يبدو غير مناسبا للزواج كونه لا يعمل وما زال لا يتحمل مسؤولية وأشياء من هذه القبيل .. لكنني تحدثت معه وأخبرني إنه بدأ يتغير لأجل نانسي وإنه يحبها حقا والأهم من ذلك إن نانسي تحبه أيضا …”
” ولكن ماذا لو لم يفِ بوعده وإستمر بنمط حياته هذا ..؟!”
سألته حنين بإهتمام ليرد أشرف :-
” حنين ابنتي .. هذا شيء في علم الغيب … صلاح لا يبدو سيئا وكلامه معي يدل على ذلك وانا أساسا وافقت بناء على رغبة ابنة عمك … ”
هتف نضال بجدية :-
” برأيي إن الأمر سار بسرعة قليلا .. يعني نانسي ما زالت صغيرة وهو ايضا .. ليستقر في حياته وعمله لفترة ويثبت تغييره على الأقل كي نطمئن على الفتاة معه ..”
التفت أشرف نحو ابنه يقول :-
” إفهم يا نضال .. الفتاة تريده .. هذا ما جعلني أوافق … أن تتزوج أمامي وبموافقتي أفضل من أن تتصرف لوحدها ..”
قالت حنين بعدم تصديق :-
” بالطبع لن تفعل نانسي ذلك .. يعني مستحيل أن تتزوج دون موافقتك انت ووالدتها ..”
قال أشرف بعقلانية :-
” لا يوجد ضمان يا ابنتي .. نحن في زمن كل شيء متوقع فيه ..،نانسي فتاة أحبت شابا وتريده بشدة وهي بالغة راشدة .. يعني يمكنها أن تتزوجه دون الرجوع إلينا ولا أحد يستطيع منعها او محاسبتها مهما حدث لإنها شرعا و قانونا لم تفعل شيء خطأ لذا الأفضل أن تتزوج بموافقتي وتبقى أمام عيني وتحت رعايتي وفي حمايتي بدلا من أن تتصرف بطريقة تسيء لنا ولها مستقبلا ….”
سألته أحلام :-
” هل سيتزوجان فورا أم هناك فترة خطبة ..؟!”
رد أشرف بجدية :-
” لا أعلم .. غدا سنتحدث في هذه الأمور …”
” لا تستعجلوا يا أشرف .. برأيي أن تكون هناك فترة خطبة في البداية ..”
قالتها أحلام بجدية وهي تضيف بتنهيدة :-
” على الأقل تتعرف عليه جيدا وتتأكد من حسن أخلاقه ونيته ..”
” ما بالكم تتحدثون جميعا بنفس الطريقة ..؟! حتى أنت يا أحلام تفكرين بنفس طريقة تهاني …!!”
قالها أشرف بعدم تصديق لترد أحلام بجدية :-
” والله لو كنت مكانها ما كنت لأزوج إبنتي لشاب ليس مضمونا يا أشرف .. شاب لست واثقة من قدرته على تحمل المسؤولية …”
قاطعها أشرف مرددا وهو مصدوما من تفكير زوجته :-
” ما هذا الكلام ..؟! على أساس إن كل شاب يعمل ومسؤول عن نفسه يصلح للزواج .. أخبريني كم شاب ينتمي لعائلة محترمة ومتعلما ويعمل بجدية ويبدو قمة في الأخلاق والإحترام لم يفلح في زواجه وتسبب بتعاسة زوجته …؟! نحن لا يمكن أن نحكم على نجاح زيجة من عدمها بناء على ما نراه خارجيا …”
” ولكن الحذر واجب …”
قالتها أحلام بإصرار ليسألها نضال ببرود :-
” غريب أمرك يا زوجة أبي … تتحدثين عن الحذر في إختيار الزوج بكل هذا الإصرار الغريب ومع هذا سمحت لإبنك أن تتزوج من سجين سابق .. ربما كان عليك أن تطبقي نصائحك أولا على إبنتك ..”
” نضال …”
صاح به أشرف بحزم بينما أوقفته أحلام وهي تقول :-
” ومن أخبرك إني موافقة على هذه الزيجة يا نضال .. ؟! هل تظن إنني سعيدة بزواج ابنتي منه ..؟!”
هتف أشرف بضيق:
” ما هذا الكلام يا أحلام …؟!”
قالت أحلام بقوة :-
” انا لم أوافق أبدا على هذه الزيجة وانت تعلم يا أشرف لكن حياة كانت مصرة لذا كنت مجبورة على الموافقة خاصة بسبب طبيعة علاقتنا وانا لم أرغب أن أخسرها بعدما سامحتني أخيرا …”
” ولماذا لا توافقين يا أحلام ..؟! ما به الشاب لترفضيه بهذا التعنت ..؟!”
رد نضال نيابة عنها :-
” خريج سجون يا أبي …”
نظر أشرف نحوه قائلا عن قصد :-
” المهم إن حياة تحبه وتريده ومقتنعة به تماما ..”
” نعم … ابنتي معمية بحبه للأسف …”
قالتها أحلام بحنق وهي تضيف :-
” عاطفتها تحكمت بها للأسف ..”
رد أشرف بقوة :-
” لو كنت تعرفين إبنتك جيدا ما كنت لتقولي هذا .. حياة ليست من هذا النوع .. رغم معرفتي القصيرة بها لكنني أدركت كم هي فتاة ذكية وواعية وتتصرف بتعقل وحكمة …”
قال نضال ببرود :
” برأيي إن زوجة أبي معها حق … يعني مهما كانت حياة واعية وذكية لكن في هذا الأمر تحديدا عواطفها من تحكمت بها لإنها لو كانت إتخذت قرارها بعد تحكيم عقلها ما كانت لتربط مصيرها بمصيررجل سجن مسبقا بتهمة مشينة كهذه .. حتى لو لم تفكر بنفسها كان عليها أن تفكر بمصير أطفالها منه والذين ستلتصق بهم تهمة والدهم الى الابد ..”
منحه أشرف نظرات نارية ليهتف نضال بتحدي :-
” لماذا تنظر إلي هكذا يا أبي ..؟! هل قلت شيئا خاطئا …؟!”
قال أشرف وهو بالكاد يتحكم بغضبه :-
” اتركوا الفتاة وشأنها .. دعوها تعيش مع زوجها بسلام .. عندما تشتكي لكم تحدثوا حينها ..”
قالت أحلام :-
” وهل سأنتظر حتى تشتكي …؟!”
تسائل أشرف بملل :
” ماذا جرى يا أحلام ..؟! أليست الفتاة بخير ..؟!”
ردت أحلام بجدية :-
” ونعم لكنني سأرتاح أكثر عندما أراها .. سأسافر قريبا لها …”
” حقا ..؟!”
هتفت بها حنين بدهشة فهزت أحلام رأسها وقالت :-
” نعم وانت ستأتين معي ..”
ابتسمت حنين بحماس بينما قال أشرف :-
” جيد إذهبي لها في إجازة منتصف العام ..”
قاطعته أحلام :-
” بل سأذهب بعد حوالي شهر …”
هتف أشرف بعدم تصديق :
” بهذه السرعة … الفتاة ما زالت عروس جديدة .. يعني من غير اللائق أن تذهبي عندهما بهذه السرعة …”
” والله المهم أن أطمئن على إبنتي وما زال هناك أمامي شهر كامل …”
زفر أشرف أنفاسه بضيق بينما قال نضال بجدية :-
” صحيح يا أبي … هناك شيء هام أريد إخبارك به …”
” ماذا هناك ..؟!”
سأله والده بإهتمام ليرد نضال بجدية :-
” لقد إتخذت قراري .. سوف أستقر هنا بشكل نهائي .. لا عودة الى كندا بعد الآن …”
” حقا …؟!”
قالها أشرف بسعادة وهو يتسائل مجددا :-
” يعني ستبقى هنا معي بعد الآن ..”
ابتسم نضال مرددا :-
” نعم سأبقى دائما … لم أكن أعلم إن هذا الخبر سيفرحك لهذا الحد …”
قال أشرف بصدق :-
” لطالما تمنيت أن يحدث هذا ولكنني لم أشأ أن أضغط عليك … الحمد لله لقد تحقق ما أردته لسنوات وسوف تستقر جانبي .”
ابتسم له نضال بينما رن هاتف أشرف ليخرجه فيقول :-
” هذا كرم يتصل بي …”
خفق قلب حنين بقوة ما إن نطق والدها إسم ابن عمها وهو يجيب عليه لتلتفت حنين نحو والدتها تسألها :-
” هل كرم يعلم بأمر الخطبة ..؟!”
ردت والدتها بجدية :-
” نعم ووافق أيضا ..”
سألتها بلهفة :-
” هل سيأتي ويحضر الخطبة ..؟!”
ردت والدتها وهي تهم بالنهوض :-
” كلا لكنه سيحضر الزفاف .. لقد أكد هذا لوالدك …”
ابتسمت لا إراديا وهي تشعر بالفرحة تملأ قلبها فإبن العم الغائب وحبيب طفولتها سيعود وتراه أخيرا ..
…………………………………………………………
كانت تتحدث معه الهاتف تقول :-
” ستبدأ منى الأسبوع القادم جلسات العلاج النفسي مع جيلان ..”
جاءها صوت عمار المرهق قليلا :-
” جيد …”
” هل انت بخير ..؟!”
سألته بقلق ليرد بنبرة بدت حزينة رغم سخريتها :-
” كيف سأكون بخير بعدما حدث ..؟!”
قالت محاولة التخفيف عنه :-
” لا بأس يا عمار .. لا تغضب منها .. جيلان صغيرة وتصرفت على فطرتها .. ”
قال بصدق :-
” انا لست غاضبا منها انا غاضب من نفسي .. انا خسرت جيلان يا شيرين .. خسرت أختي الوحيدة ..”
قاطعته بجدية :-
” لن تخسرها يا عمار .. جيلان الآن تعيش فترة مضطربة للغاية .. صدقني عندما تبدأ جلسات العلاج سوف تتحسن نفسيتها تدريجيا وحينها يمكنك التحدث معها وإخبارها كم إنك تحبها وتخاف عليها ..”
أطلق تنهيدة مرهقة وقال :-
” سأفعل أي شيء كي أكسب محبتها وثقتها مجددا ..”
” هي تحبك يا عمار .. صدقني .. هي فقط تتصرف نتيجة ما تعرضت له ..”
” هل تظنين إنها ما زالت تحبني ولم تكرهني بعد ..؟؟”
ردت بتأكيد :-
” بالطبع يا عمار .. هي لا يمكنها أن تكرهك … صدقني …”
قال بصدق :-
” ليتك كنت معي يا شيرين ..”
ردت بنفس الصدق :-
” انا معك أساسا يا عمار ..”
قال عمار بخفوت :-
” أقصد أن تكونين هنا جانبي …”
أضاف بجدية :-
” أنت تفهمين ما أعنيه …”
قالت بنبرة مترددة :-
” أفهم يا عمار ..”
تسائل بإهتمام :-
” إذا متى سيحدث هذا ..؟! متى سوف تفاتحين عائلتك بهذا الأمر ..؟!”
ردت بجدية :-
” في أقرب وقت يا عمار .. ”
قال بهدوء :-
” اتمنى ذلك …”
ودعته بعدها وأخذت تنظر أمامها بشرود عندما نهضت من مكانها وخرجت من غرفتها حيث هبطت الى الطابق السفلي لتجد أخيها وزوجته مع إبنيهما فألقت التحية وهي تجلس معهما لتتبادل النظر مع منى التي شعرت بوجود شيء فنطقت بتردد :-
” وليد … ”
نظر لها وليد بإهتمام لتهتف بجدية :-
” أريد إخبارك بشيء مهم .. قرار إتخذته …”
نظر لها وليد بهدوء لتهتف بثبات :-
” انا سأتزوج عمار الخولي …”
انتفض وليد من مكانه يصيح بعصبية :-
” ماذا تقولين انت ..؟! هل جننت ..؟!”
سارعت منى تنهض من مكانها وتجذب طفلها تتجه به الى الطابق العلوي بينما تقدمت والدتهما تتسائل بقلق :-
” ماذا حدث ..؟! لماذا صوتك عالي يا وليد ..؟؟”
رد وليد بغلظة :-
” إسألي إبنتك …”
نظرت والدتها نحوها وتسائلت :-
” ماذا حدث يا شيرين …؟!”
نهضت شيرين من مكانها تقول بجدية :-
” أخبرته إنني سأتزوج عمار الخولي … ”
رأت الصدمة في عيني والدتها فقالت :
” ما بالكما لا أفهم ..؟! أين الخطأ فيما قلته ..؟! أليس من حقي أن أتزوج الرجل الذي أريده ..؟!”
قال وليد بقوة :-
” بإمكانك أن تتزوجي الرجل الذي تريدنه بالطبع لكن يجب أن يكون رجلا محترما وجيدا ..”
نظرت له تردد :-
” انت لا تعرفه حتى تحكم عليه ..”
قال وليد ساخرا :-
” يكفي ما سمعته عنه حتى الآن ..”
” زوجي الأول كان يبدو مثاليا ومحترما لدرجة إنك وافقت عليه دون تردد وشجعتني على المضي في زيجتي منه .. ماذا حدث فيما بعد ..؟! تبين إن كل هذا الإحترام والمثالية ليست حقيقية ولا وجود لها من الأساس .. كان غطاءا ليس إلا .. ربما نفس الشيء مع عمار ويكون عكس ما يظهر أمامنا …”
قال وليد بعدم تصديق :-
” وهل سأجازف بك وأمنحك له عسى ولعل يظهر إنه عكس ما نعرفه عنه ..؟!”
” انا مسؤولة عن قراري يا وليد ..؟؟”
قالتها شيرين بقوة ليرد وليد بتحدي :-
” وهذا القرار مرفوض … وأي قرار سيؤذيك فهو مرفوض …”
نظرت إليه بصمت للحظات قبل أن تهتف :-
” يبدو إنك لم تفهم بعد .. انا لا أخذ رأيك … أنا أبلغك بقراري …”
اندفعت خارج المكان بعصبية لتتوقف مكانها وهي تسمعه يهتف بصوت قوي غاضب :-
” إفعلي ما تشائين .. انا لا يمكنني منعك .. لكن تأكدي إنني لست موافقا على هذه الزيجة يا شيرين وإذا تزوجتِ من ذلك الحقير فسوف تنسين إن لديك أخ إسمه وليد ..!!”
اعتصرت قبضتي يديها بقوة وغشت الدموع عينيها فسارعت ترتقي درجات السلم بعصبية وبكاء ..
……………………………………………………..
كانت تجلس على سريرها تنظر الى ملزمتها بإهتمام عندما دلف نديم الى غرفتها قائلا :-
” ألا تنوين الخروج والجلوس معي ..؟!”
رفعت وجهها نحوه تبتسم وهي تقول :-
” سأفعل .. فقط ربع ساعة أنتهي من المحاضرة الأخيرة وآتي عندك …”
ابتسم مرددا :-
” جيد ، أنتظرك ….”
خرح بعدها لتعاود النظر الى الصفحة المتبقية من المحاضرة وهي تخبر نفسها :-
” هيا يا حياة .. ركزي جيدا وسوف تحفظين بسرعة كعادتك ..”
ثم صبت جم تركيزها على الصفحة لتنتهي منها أخيرا فأغلقت المحاضرة وهي تأخذ نفسها براحة فتتأمل الساعة لتجد إنه مرت حوالي نصف ساعة بعد خروج نديم ..
نهضت مسرعة وخرجت من غرفتها وهي تقول :-
” آسفة لإنني تأخرت ولكن المادة كانت صعبة …”
توقفت وهي ترى المائدة التي أعدها وما تحويه من أطعمه بينما تقدم نديم نحوها وهو يحمل طبقا من الفواكه ويقول :-
” لا بأس .. المهم إنك أتيت .. ”
ابتسمت وهي تتسائل :-
” ما هذا يا نديم ..؟!”
وضع طبق الفاكهة يسألها بدوره :-
” ما رأيك …؟! هل أعجبك ما أعددته ..؟!”
قالت وهي تبتسم :-
” يعني مائدة متكاملة .. طعام عشاء وحلويات وفواكه وبوشار وشيبس والكثير ..”
رد مبتسما :-
” قلت لنغير الاجواء قليلا … ”
ابتسمت تردد بصدق :-
” انت رائع ..”
ضحك وقال :-
” ليس بقدر روعتك ..”
ثم جذبها من كفها وقال :-
” تعالي نتناول طعام العشاء اولا ثم بعدها نختار فيلما نشاهده سويا …”
” هيا …”
جلست جانبه وبدئا يتناولا طعام العشاء سويا وهما يتبادلان الأحاديث …
بعدما إنتهيا من تناول الطعام قال نديم وهو ينهض من مكانه ويمد يده نحوها :-
” هيا تعالي لنختر فيلما نراه …”
وضعت كفها داخل كفه ونهضت عندما رن هاتفها فوجدت ماذي تتصل بها لتقول :-
” دقيقة .. سأرد عليها وأعود ..”
هز رأسه بتفهم وهو يتجه ليقلب في الأفلام التي إشتراها بينما أجابت حياة على الإتصال ليأتيها صوت ماذي المتحمس :-
” حياة ، كيف حالك ..؟! اشتقت إليك كثيرا ..”
ردت حياة وهي تبتسم :-
” وانا أيضا اشتقت لك .. انت كيف حالك ..؟! ”
ردت ماذي :-
” انا بخير .. كنت خارج البلاد لبضعة أيام وعدت صباح اليوم ..”
” حقا .. الحمد لله على سلامتك ..”
ردت ماذي تشكرها :-
” أشكرك يا حياة …”
ثم قالت بعدها :-
“حسنا يا حياة … انا اتصلت بك لأدعوكِ على حفل عيدملادي الأسبوع القادم ..”
قالت حياة بسرعة :-
” كل عام وانت بخير .. ”
” شكرا حبيبتي .. ”
قالتها ماذي وهي تضيف :-
” ستأتين ، أليس كذلك ..؟! سأحزن حقا إذا لم تلبي دعوتي ..”
قالت حياة بتردد :-
” سأحاول ان شاءالله …”
هتفت ماذي بتذمر :-
” ماذا يعني ستحاولين ..؟! انت ستأتين بالطبع .. ألسنا صديقتين يا حياة ..؟! ظننت إننا أصبحنا كذلك بعدما فتحت قلبي لك وتحدثنا سويا كثيرا …”
ردت حياة بسرعة :-
” لماذا تتحدثين هكذا يا ماذي ..؟؟ نحن بالطبع صديقتان ..”
قالت ماذي بجدية :-
” إذا ستأتين الى حفل العيد ميلاد…”
قالت حياة بخفوت :-
” ان شاءالله ..”
ودعتها حياك بعدها ثم عادت الى صالة الجلوس ليشير نديم إليها وهو يتفحص الأفلام :-
” تعالي وإختاري فيلما على ذوقك …”
تقدمت نحوه وأخذت الأفلام تقلب فيهم عندما سألها :-
” من كانت تتصل بك ..؟!”
ردت بجدية :-
” ماذي …”
صاح بلا وعي :-
” نعم .. ماذي ..!!”
نظرت له بتأهب وقالت :-
” نعم يا نديم .. ماذي التي جلبتها ..”
” أعلم إنها الفتاة التي جلبتها الى هنا ولكن لماذا تتصل بك ومن أين حصلت على رقمك أساسا ..؟!”
ردت حياة بتردد :-
” انا منحتها رقمي ..”
صاح مجددا :-
” ماذا تقولين انت ..؟! لماذا تمنحيها رقمك أساسا …؟!”
قالت حياة بجدية :-
” اهدأ يا نديم .. الفتاة ليست سيئة … ”
قاطعها بحنق :-
” بعد كل ما أخبرتك عنها ..”
” نديم … صدقني هي ليست سيئة .. هي فقط لديها ماضي تعاني بسببه …”
قالتها بجدية ليزفر أنفاسه وهو يسألها بضيق :-
” وماذا كانت تريد منك الهانم …؟!”
ردت بخفوت :-
” تدعو كلينا على حفلة عيدميلادها …”
” اللعنة.. هذه إعتبرت نفسها صديقة لنا حقا ..”
قالها بعصبية لتهتف حياة :-
” وأين المشكلة في هذا يا نديم ..؟!”
” لا تثيري جنوني يا حياة .. تلك الفتاة لا أرتاح لها بتاتا …”
زمت شفتيها بعبوس ليزفر أنفاسها مجددا قبل أن يقول على مضض :-
” حسنا ، دعينا نختار فيلم ونشاهده .. لن نسمح لفتاة كهذه أن تخرب سهرتنا ..”
وضعت حياة الأفلام على الطاولة وقالت :-
” إختر انت ..”
اتجهت تجلس على الكنبة ليتأملها صمتها فيتجه ويجلس جانبها مرددا:-
” هل تضايقت مني ..؟! صدقيني انا أتصرف هكذا خوفا عليك …”
نظرت إليه وقالت بخفوت :-
” حتى لو .. عليك أن تثق بي قليلا والأهم ألا تحكم على الأشخاص بدون معرفتهم عن قرب …”
” حسنا لا تتضايقي .. لنكمل سهرتنا كما بدئناها ..”
قالها برجاء لتبتسم وهي تقول :-
” حسنا ولكنني حقا لا أعرف أي فيلم أختار ..”
نظر الى قائمة الأفلام بحيرة لتهتف بجدية :-
” ما رأيك أن نشاهد فيلم رومانسي حزين ..؟!”
” أي فيلم ..؟!”
سألها بإهتمام لترد بخفة :-
” انت بالتأكيد شاهدته مثلي فأنا شاهدته مرارا لكنني أحبه .. فيلم Me before you ”
رد نديم بجدية :-
” سمعت عنه كثيرا لكننه لم أشاهده مسبقا ..”
” حقا لم تشاهده …؟!”
سألته بدهشة ليومأ برأسه فتقول بحماس :-
” انه فيلم رائع ومقتبس من رواية تحمل نفس الإسم .. قرأت الرواية عدة مرات وشاهدت الفيلم عدة مرات كذلك …”
” طالما يعجبك الى هذا الحد دعينا نراه ..”
قالها بجدية فقالت :
” ربما لا يعجبك فهو حزين قليلا ..”
قال مبتسما :-
” كل شيء يعجبك يعجبني يا حياة ..”
ابتسمت وهي تنهض من مكانها وتحمل هاتفها لتربطه بالتلفاز العريض كي تفتح الفيلم …
بعد مدة من الزمن كانت حياة تجلس بجانبها تشاهد أخداث الفيلم بتركيز شديد وإندماج ورغما عنه إندمج نديم كذلك في الفيلم الذي إنتهى أخيرا لتمسح حياة وجهها بسرعة تخفي آثار التأثر وهي تتسائل :-
” ما رأيك …؟!”
رد بجدية وهو ينظر الى عينيها الحمراوين وقد فهم إنها تأثرت بالفيلم :-
” رائع ..”
ابتسمت مرددة :-
” أحبه كثيرا ..”
” نعم ولكن نهايته حزينة جدا ..”
قالها بجدية لتهز رأسها موافقة وهي تردد :-
” وهذا ما أجمل ما فيه ..”
” كيف يعني ..؟!”
سألها مدهوشا لترد :-
” يعني ربما يبدو شيئا غريبا لكنني أحب هذا النوع من النهايات … النهايات التي تنتهي بهذه الطريقة ربما لإن جميع قصص الحب الخالدة كانت نهايتها مأساوية …”
ابتسم يتسائل :-
” غريب أمرك … ”
قالت موضحة :-
” انظر الى هذا الفيلم مثلا .. لو كانت نهايته سعيدة ما كان ليبقى في ذاكرة المشاهدين لهذه الدرجة … لا أعلم ولكن النهايات الحزينة تخلد الى الأبد وتبقى محفورة في الذاكرة …”
” برأيي إن نهاية الفيلم كانت منطقية.. يعني أساسا لم يكن هناك هناك أمل أن ينتهي الفيلم بسعادة …”
أضاف مكملا :-
” في النتيجة ما فعله البطل وإختيار الموت الرحيم هو منطقي جدا لوضعه …”
همست مبتسمة :-
” هو لم يفعل ذلك فقط لأجله .. فعل ذلك لأجلها هي … كي لا تربط حياتها به وتتعذب معه الى الأبد.. عندما أفكر بهذه الطريقة أشعر بمدى حبه لها .. فكرة أن يضحي شخص بحياته لأجل شخص آخر تبدو فكرة ثمينة حقا ونادرة في زمننا هذا …”
صمتت قليلا يتأملها قبل ان يهمس :-
” من الواضح إنك متأثرة جدا بأحداث هذا الفيلم ..؟؟”
ردت وهي تنظر اليه :-
” أحب التفاصيل التي فيه .. تضحيتها بالكثير لأجل البقاء جانبه ورعايته .. إهتمامه هو بأبسط التفاصيل التي تحبها ..، لا أعلم ولكن أحب هذه الأشياء والأهم يبدو لي إن من يعيش هكذا تجربة فهو شخص محظوظ …”
ضحك وهو يردد غير مصدقا :-
” محظوظ ..؟! هل تريدين تجربة هذا إذا ..؟؟ يعني مثلا أضحي لأجلك وأموت لأجلك فترثيني أنت وتعيشين على أطلال حبي …”
” لا تكن سخيفا يا نديم ..”
زجرته بضيق ليهتف يسألها بجدية ظهرت على ملامحه :-
” حقا يا حياة ..؟! هل يمكن أن تضحي بحياتك أمامي ..؟! يعني لو كانت هناك رصاصة قادمة نحونا وانا وانت نقف بجانب بعضنا ، هل سوف تسارعين وتقفين أمامي لتصيبك الرصاصة بدلا مني …؟!”
تأملته بصمت للحظات وعيناها تتخيلان الموقف رغما عنها فتهمس بعينين شاردتين في تخيل تفاصيل الموقف :-
” عادة هذا يكون رد فعل لا إرادي .. يعني انا مثلا إذا تعرضت لموقف كهذا فلن أتردد لحظة واحدة في محاولة إنقاذك … انا احبك وبالتالي سأفعل أي شيء لحمايتك .. بالنسبة لي الحب يتلخص هنا .. لذا جوابي على سؤالك هو نعم .. سأقف أمامك وأخذ الرصاصة بدلا عنك ..”
ابتسم لها قبل أن يقول بصدق :-
” لن تلحقي أن تقفي أمامي أساسا لإنني قبلها سأكون دفعتك بعيدا عن المكان لأبقى وحدي في مواجهة الرصاصة …”
نظرت له بصمت للحطات قبل ان تضحك وهي تقول :-
” ما بالنا نتسابق على الموت ..؟!”
ابتسم مرددا :-
” انت من تريدين نهاية حزينة يا حياة .. ”
تأملته بطرف عينيها ليقول مبتسما بهدوء :-
” عديني فقط ألا تنسيني بعدها …”
نظرت له مصدومة مما يقوله فتهمس بعدم استيعاب :-
” ما هذا الكلام ..؟! انت بخير ولن يصيبك شيء …”
ربت على جانب وجهها وقال مبتسما :-
” لا تقلقي .. يبدو إنني تأثرت بالفيلم قليلا ..”
اضاف وهو ينهض من مكانه :-
” دعيني أفتح لك فيلما آخر لكن على ذوقي هذه المرة .. فيلما كوميديا …”
تابعته وهو يبحث عن الفيلم في هاتفه بينما شردت رغما عنها في كلماته ولا تعلم لماذا تأثرت بها كثيرا ..؟!
……………………………………………………….
دلفت الى الفيلا التي تسكن فيها لترحب بها الخادمة فتسألها ماذي :-
” ستيلا هانم هنا ..؟!”
ردت الخادمة :-
” نعم .. نائمة في غرفتها منذ عدة ساعات ..”
هزت رأسها بتفهم ثم اتجهت نحو الطابق العلوي ورمت حقيبتها على سريرها بإهمال قبل أن تخلع قميصها وتهم بخلع بنطالها ولكن رنين هاتفها أوقفها فسارعت تخرج هاتفها من حقيبتها لتنفرج ملامحها وهي ترى الهاتف يضيء بإسمه ..
” ميرو ..”
قالتها بسعادة ليأتي صوته المنزعج يؤنبها :-
” توقفي عن قول هذا الإسم يا ماذي ..!!”
صحكت تتسائل ببراءة :-
” ما به اسم ميرو .. ؟!” الخطأ مني لإنني أدلعك ”
هتف بضيق :-
” اسم يليق بشاب تافه وسخيف مثله ..”
ضحكت بخفة وهي تقول :-
” انا لإني أحبك أحب تدليعك …”
رد بجدية :-
“إختاري طريقة أخرى لذلك من فضلك ..”
أضاف ممازحا :-
” اسمي عمار فلا تناديني سواه من فضلك ..”
زمت شفتيها ترددد :-
” كما تريد ..”
تسائل بإهتمام :-
” إدا كيف الأحوال عندك ..؟!”
ردت تصطنع الصيق :-
” جيد إنك تذكرت .. لم تتصل بي منذ فترة .. ظننت إنك نسيتني ونسيت ما أردته مني ..”
رد بسرعة :-
” كنت مشغولا للغاية الفترة السابقة يا ماذي … ”
سألته بغيرة :-
” مشغول بإمرأة ..؟!”
ضحك مرددا :-
” أكثر من إمرأة …”
” وماذا عني …؟!”
سألته ببحة جذابة ليتسائل مدعيا عدم الفهم :-
” ماذا بك انت ..؟!”
ردت :-
” متى ستشعر بي ..؟!”
قال بخفة :-
” ماذا قلنا يا ماذي ..؟!”
زفرت أنفاسها وهي تردد :-
” حسنا ، نحن أصدقاء فقط لا غير ..”
ابتسم مرددا :-
” نعم رغم إنك صغيرة جدا على أن تكوني صديقتك ..”
أضاف يتسائل بإهتمام :-
” المهم أخبريني .. ماذا حدث معك بعدما أرسلت المعلومات … هل توصلت لشيء …؟!”
ردت بسرعة :-
” كم أنت قديم يا رجل .. انا لم أتوصل الى شيء فقط .. انا تعرفت على أخيك بل وبت في منزله أيضا ..”
نهض من مكانه يردد بعدم تصديق :-
” تمزحين ..؟!!”
قالت وهي تضحك بحماس :-
” والله ..”
” بهذه السرعة .. كيف فعلتها يا فتاة ..؟!”
سألها مدهوشة لترد بثقة :-
” انا ماذي يا بك …”
سألها :-
” ماذا حدث ..؟! أخبريني ..”
” تعرفت عليه وعلى زوجته وقضيت يوما كاملا في شقتهما …”
” رائع يا ماذي ..”
أكملت بتفاخر :-
” وسارعت لتوطيد علاقتي بزوجته فهو صعب للغاية لذا قررت الدخول عن طريق زوجته ..”
سأل بإهتمام :-
” هل حدث شيئا مهما حتى الآن ..؟! ”
قالت بسعادة كمن حصل على جائزة :-
” خذ الكبيرة .. ينامان في غرفتين منفصلتين ..”
” تمزحين ..!!”
قالها بعدم تصديق لتهتف موضحة :-
” نعم … إستغليت إنشغال زوجته وبحثت في الغرف .. كلاهما يعيش في غرفة منفصلة عن الآخر .. ”
” يا لك من ماكرة ..”
قالها بسعادة إنتقلت إليها وهي تقول :-
قال بسرعة :-
” أريد أن أرى .. أريد أن أرى الكثير يا ماذي … كنت أعلم إنكِ لن تخيبي ظني بك ..”
قالت بثقة :-
” عيب يا باشا … صدقني أفعل كل هذا لأجل عيونك…”
” أعلم يا حلوتي ..”
قالها مبتسما وهو يتسائل بحماس :-
” إذا ما الخطو القادمة ..؟!”
قالت بجدية :-
” الخطوة القادمة قيد التنفيذ .. أنت إجلس مكانك مسترخيا يا حضرة الباشا وقريبا سأزف لك بشرى طلاق أخيك من زوجته …”

google-playkhamsatmostaqltradent