رواية نجمة في سمائي (كاملة جميع الفصول) بقلم حصريا عبر دليل الروايات دعاء احمد
رواية نجمة في سمائي الفصل السابع 7
يا من تراقبني بصمت، متى يبدأ حديثك!
في قصر دويدار و بعد مرور بعض الوقت
كانت السيدة صفاء تجلس على كرسيها المتحرك و يبدو على وجهها الغضب الشديد و القلق على شمس و لولا اصرار حمزة بعدم ذهبها للمشفى لكانت الآن معها و لن تهتم بمرضها الذي جعلها عاجزة عن رؤية تلك الفتاة التي عاملتها بمنتهى الحب و الرقة.
كانت السيدة سلمي تقف بجوارها منكسه الرأس و الحزن يتوغل اكثر في قلبها.
فمنذ رؤيتها لشمس بتلك الحالة و هي تشعر بقبضة قوية تعتصر قلبها.
شمس! تلك الفتاة غريبة. استطاعت بمنتهى البراءة امتلاك قلوبهم جميعاً و كيف لا
و هي تتعامل معهم بقلبها.
تمتمت صفاء بعصبية و حدة:
=أنا عايزة أعرف مين عمل كدا، و مين اللي وصل الورد الزفت دا لاوضة شمس؟
و الحرس كانوا فين و لا كانوا نايمين على نفسهم؟
ردت السيدة سلمي بحرج و لباقة:
=و الله ما عارفه يا هانم، أنا اخر مرة شفت شمس لما كانت مع حضرتك و بعد كدا قالت هتطلع تاخد شاور و تذاكر
و بعد كدا مشوفتهاش الا لما حمزة بيه كان شايلها و هي بتنز"ف.
صفاء بحدة:
=سلمي أنتي معايا من زمان و البت دا مسئوليتك فيه أن كل حاجة تمشي مظبوطة و كل اللي شغالين هنا يكونوا تحت إشرافك و مراقبة صارمة منك دي القواعد اللي بيمشي عليها كل الشغالين في قصر دويدار ، لو شفتوا مني الطيبة لفترة معينة متنسوش اني صفاء النوري يعني اللي بيغلط يتحاسب، عايزة اعرف مين عمل كدا في أسرع وقت ممكن.... اظن الكلام واضح و مفهوم؟!
السيدة سلمي بلباقة و احترام شديد:
=مفهوم يا هانم، بعد اذن حضرتك.....
صفاء بهدوء:
=استنى، قوليلي حمزة و شمس هيرجعوا انتي من المستشفي؟
سلمي :حمزة بيه قال ساعة و هيكونوا موجودين.
صفاء بجدية:
=خالي سارة تجهز أوضة شمس لو فيها حاجة مش مرتبه.
سلمي:
=حاضر يا هانم
**************
في المشفي
قامت الممرضة بتجهيز شمس و تبديل ثيابها لآخر ثم خرجت من الغرفة سامحة لحمزة بالدخول
حمل حمزة شمس التى مازالت غائبه عن الوعى
بتملك رافضاً كل محاولات او عروض حرسه او موظفى الإسعاف فى مساعدته ، صعد بها إلى السياره بحذر وهو لا يزال يحملها ويضمها إلى صدره بقوه ، فى الحقيقه هو من كان بحاجه إلى ذلك العناق ، بحاجه إلى قربها ، إلى ان يشعر بدقات قلبها قريبه من صدره حتى تستكين روحه المرتجفة ويتسلل الهدوء لخلايا جسده المنتفض .
وصل إلى المنزل ووجد فى استقباله سلمي و السيدة صفاء
صفاء بسرعة؛
=حمزة! الدكتور قالك ايه؟ ليه لسه فاقدة الوعي.
حمزة بجدية :هطلعها اوضتها الاول يا صافي و بعدها نتكلم، سلمي حصليني على فوق.
أومات له السيدة بلباقة و هي تصعد الدرج خلفه.
انتهى حمزة من وضعها برفق داخل الفراش فى غرفته وطلب من سلمي تبديل ثياب المشفى لها
ومساعده الممرضة التى جاءت معه فى الاعتناء بها حتى يعود ثم تحرك نحو الخارج بوجهه مكفهر وعرق نابض منتفض من شده الغضب حتى أنه لم يذهب لجدته ليطمئن قلبها و كيف يطمئن قلبها و قلبه هو ملتاع.
دلف الي غرفة الكاميرات الموجودة في المبنى الصغير المجاور للفيلا.
وجد كبير الحرس «ظافر» يجلس أمام شاشة الحاسوب و هو يقوم لتفريغ الكاميرات لعل و عسى يعرف من الفاعل.
الا ان صوت حمزة الحاد قاطعها قائلا بصرامة:
=وصلت لحاجة؟
رد ظافر بهدوء قائلا و هو يشير على شاشة الحاسوب:
=اتفضل حضرتك... المقطع دا سجلته الكاميرات في نفس التوقيت اللي حصل فيه التسمم.
نهض ظافر من مكان ليجلس حمزة و عيناه تشتعل من الغضب وضع يده أسفل ذقنه و هو يتابع بصمت عكس ذلك الانفجار الذي يحدث بداخله
حمزة بحدة مخيفة:
=مين الست دي مش دي من الخدم الجداد؟
رد ظافر باحترام شديد قائلا:
=ايوة، أسمها خلود عندها 37 سنة ساكنه في حي بولاق، الست دي قبل الحادثة بدقايق قالت لحارس البوابة الخلفية ان في مشكلة في المطبخ بين الخدم و فعل لما دخل لقى بنتين ماسكين في خناق بعض لكن الموضوع كان بسيط جدا و ميستاهلش تدخل اي حد من الحرس علشان كدا رجع تاني البوابة.
في الوقت دا خلود ظهرت هنا في الكاميرا دي و هي واقفة مع الشاب اللي مش ظاهر وشة دا و بعدها اخدت منه الورد و دخلت تاني.
حمزة بصرامة :و البت دي فين دلوقتي؟
ظافر :
في المخزن........ بعد ما شفت الفيديو كانت سابت الشغل و هربت لكن كلفت الحرس انهم يجبوها لحضرتك.
نهض حمزة عن كرسيه و اتجه نحو الخارج دون الالتفات لأي شخص، صعد لسيارته ثم قادها بأقصى سرعة متجها نحو المخزن
شعر ظافر بالخوف و القلق مما سيفعله لذلك ذهب خلفه.
مر حوالي نصف ساعة
أوقف سيارته ثم ترجل منها بسرعة مردفا بنبرة حازمة للحارس:
=هي فين؟
ابتلع الاخر ريقه قائلا بجدية:
=جوا.
دلف الي الداخل فكان المخزن عبارة عن مكان لتخزين الآلات القديمة و التالفه الناتجة عن استخدام المصانع لكن مظلم جداً
كانت خلود ترتجف من شدة الخوف و الذعر التي شعرت بهم في تلك الساعات القليلة الماضية، فكان وجهها ينز"ف و ملي بالكدمات
أقترب منها حمزة و هو يكاد يقتنصها بعيونه السوداء الضارية.
جلس أمامها قائلا بحدة :
=شوفي أنا عمري ما مديت ايدي على واحدة لكن و ربي و ما اعبد لو ما نطقتي دلوقتي حالا باللي عندك لهتندمي طول حياتك على اللي هيحصل فيكي، انطقي يا بت ليه عملتي كدا؟
صرخ بنهاية جملته جاعلا منها ترتجف بذعر حاولت الرد عليه بصعوبة لكن لم تستطيع، قام بمسك فكها السفلى و هو يضغط عليه بحدة قائلا و هو يضغط على كل حرف :
=انطقي احسنلك.... علشان مش هتستحملي ف ايدي غلوة.
خرج صوتها اخيراً مردفة بفزع و خبث:
=هتكلم هتكلم...... لي لي بنت عديلة هانم مرات ابو حضرتك.
شعر حمزة بالذهول و الصدمة الحقيقة فلم يكن يتوقع باي شكل من الأشكال ان يكون هناك عداوة بين لي لي و شمس.
لتكمل خلود بطمع و هي تفكر بشئ ماً:
=لي لي هانم هي اللي خلتني اشتغل في القصر اصلا و كانت عايزانى اراقب حضرتك أنت و آنسة شمس
وفعلا كنت بعمل كدا لكن لما وصلت ليها الاخبار عرفت ان حضرتك مهتم بيها اوى و قررت تخلص من شمس و بعدها تخلص من هند الحسيني
حمزة بعدم فهم و حدة
: لي لي! ليه تعمل كل دا؟
خلود :
=أصلها بتحبك و انا عرفت انها كانت عايزة تكون مراتك و لما حضرتك خطبت هند وقتها كانت ناوية تعمل مشكلة لكن صبرت و بعدها كانت بتفكر ازاي تخلص من هند لكن لاحظت في حفلة الخطوبة اهتمامك بشمس هانم فطلبت مني اشتغل عندك و اراقبكم و لما عرفت ان ممكن تكون بتحبها قررت تخلص منها.
ظافر بهدوء:
=حمزة بيه!
لم يلتفت له حمزة و هو يستقيم واضعا يديه في جيب بنطاله ثم خرج من المخزن قائلا بحدة :
=البت دي عايزاها تعرف ان الله حق، متخرجش من هنا و لا تشوف النور الا باذني
أمر حراسه بالتحرك معه ثم صعد إلى سيارته وانطلق بها .
كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل عندما وصل حمزة إلى فيلا والده وأطلق زمور سيارته بقوه ليحث الحارس على فتح الباب الرئيسى ليتسنى له الدخول ، انتفض الحارس من مقعده على صوت اْبواق السيارات التى كانت تدوى دون توقف وهرول مسرعاً ينظر فى شاشه المراقبه عن هويه ذلك المتطفل ثم قام بفتح الباب راكضاً بتوجس من مظهر ابن رئيسه الغاضب ، اندفع حمزة بسيارته للداخل بسرعه ساحقه تتبعه سياره حراسته ثم توقف امام الباب الداخلى ، ترجل منها وعيونه ترمى بشرر من شده الغضب ثم تحدث إلى رئيس حراسه يأمره بأقتضاب :
-خليكم هنا لو احتجتكم ..
انهى جملته وتحرك يركل بقدمه وبكل ما أوتى من قوه الباب وهو يطرق عليه بكفه فكاد الباب ينكسر تحت وطأه طرقاته وغضبه ، آفاق جميع من فى البيت على خبطات حمزة المتلاحقة وركضت الخادمه برعب تفتح الباب ثم تنحنت جانباً عندما رأت حمزة وهو بتلك الحاله.
وقف فى منتصف البهو يصرخ بصوته الجمهورى هاتفاً :
-يا عديلة هانم !!!! انتى يا عديلة انزليلى هنا ..
ركض سالم من فوق الدرج حيث مكان حمزة ابنه الذي و لأول مرة يراه بكل هذا الغضب و الشراسة ثم توقف امامه ينظر له بغضب واضح ثم نهره بقوه قائلاً :
-ايه ده !!! فى ايه !!! انت اتجننت يا حمزة في ايه؟
مد حمزة احدى ذراعيه يزيح والده من امامه بعدما حرك عينيه ينظر إليه بحدة حاول التنازل عنها لكنه لم يستطيع و ذلك المشهد يتكرر أمام عينيه و هو يرى شمس تسقط باحضانه و هي تنز"ف قائلا بأهتياج :
-انتم لسه شفت جنان !! ..
ابتسم بشراسه ثم قال بتهديد وهو يضغط على شفتيه بقوه ثم صاح بوالده قائلاً :
-انا .. هوريكم الجنان اللى على اصوله.. انتى يا لي لي تعاليلى هناا انتي و أمك انزليلي
انهى جملته بصراخ هز أركان المنزل وجعل والده الواقف بجواره ينتفض و شعور الصدمة يسيطر عليه و كأنه يرى شخص آخر غير ابنه المهذب في التعامل
، هبطت عديلة إلى الاسفل وهى تغلق رداء نومها الحريرى بأحكام وتتسائل :
-ايه ده !! فى ايه ؟!.. ايه الهمجيه دى ؟!...
خرجت لي لي من غرفتها برعب بادي على ملامحها قائلة:
=حمزة؟! في ايه؟
أبتسم حمزة بشراسة و ركض نحوها تحت صدمة سالم و زوجته
قبض حمزة على ذراعها بقوه وغزر أظافره بذراعها قائلاً بعصبيه شديده :
-عملتى كدا ليه فيها انطقي.
هدر بسؤاله بقوه جعلتها تنتفض من مكانها وتجيبه برعب من بين تأوهاتها قائله :
-معملتش حاجه .. اه سيب ايدى دى قلتلك معملتش حاجه ... و بعدين انت بتتكلم معايا كدا ليه
اجابها حمزة بغضب وهو لايزال يضغط على ذراعها بقوه مستطرداً حديثه وقائلاً بحنق :
-امال مين اللى عمل !!!! مين اللي بعت الخدامة تشتغل في القصر و حطاها السم في الورد !!!
انطقي و لا انتي فاكرة اني سالم دويدار هتضحكوا عليه بكلمتين، زمان أمك قدرت تتجوز ابويا علشان ينشلها من الفقر اللي هي فيه و استغلت موت أمي لكن انا مش هو، علشان ابصلك و لو انتي اخر واحدة في الكون، انطقي عملتي كدا ليه؟
حركت رأسها نافيه بيأس وقد بدءت تشهق بصوت مسموع من الم ذراعها وقوه قبضته قائله بتوسل :
-معملتش حاجه .. والله ما عملت حاجه انا معرفش انت بتتكلم عن ايه ..
نفض حمزة ذراعها بقوه تاركها تتلمسه بحذر للتأكد من عدم اصابته ثم اجابها بتحذير قائلاً وهو يرميها بنظرات احتقاريه :
-انا بنفسى هعرف مين اللى عمل كده ولو كان ليكى دخل بالموضوع ده اتشاهدى على روحك .. وأقسم بالله لو عرفت ان ليكى يد فى الموضوع لكون مولع فى البيت ده بكل اللى فيه .. فاهمه !!!!!!! .
انهى جملته بصراخ قوى وهو ينظر نحوها بشراسه قبل ان يستدير للخارج ويغلق الباب خلفه بعنف رج معه أركان المنزل من شده قوته ، توجه سالم نحوها يسألها بحدة :
-عملتى ايه يا لي لي خليت حمزة بالشكل دا ؟!..
اقتربت لي لي من والدتها و هي تبكي لتحضنها الأخرى قائلة بعصبية
=بنتي معملتش حاجة يا سالم، إبنك هو اللي شكله اتجنن على الآخر هو دا حمزة اللي بتحلف بيه و بأخلاقه يتهجم علينا كدا لا و يقول اني ضحكت عليك زمان و استغليت موت مرام.
رد سالم قائلا بحزن :
=خدي بنتك و اطلعوا اوضتكم عايز اكون لوحدي "ليكمل بشراسة مشابهاً لابنه
=و فكري كويس يا لي لي و شوفي عملتي ايه لان لو غلطتي في حد يخص حمزة يبقى اقري على روحك الفاتحة.
ابتلعت لي لي ما بحلقها بخوف و هي تصعد مع والدتها الي الغرفة
بعد قليل
عديلة بعدم فهم و همس؛
=انا عايزة افهم دلوقتي ليه حمزة بيقول انك انتي اللي عملتي كدا؟
لي لي بغضب :
=مش عارفه يا ماما انا قولت الفكرة لهند مش اكتر و قولتلها انها لازم تخلص من شمس و تبعدها عن حمزة، يعني المفروض ان لو اللعبة اتعملت صح و انكشفت هند هي اللي هتبقى المسئولة ليه بقا بيقولي انا.
ردت عديلة بتفكير شيطاني؛
=اكيد هند اخدت الفكرة و عجبتها لكن خافت تنفذها و تتكشف هي
و يمكن تكون فاهمة انك بتعملي كل دا معها علشان عايزة تتجوزي حمزة فتخلصي من شمس و بعدها هند.
لي لي بذهول :
=انتي قصدك ان هند كانت فاهمة اني بلعب عليها علشان اخلص منها فقررت تسايرني و تلعب معايا و في الاخر تدبسني انا في الموضوع.
عديلة بكر"ه:
=مش بعيد هند مش غبية بالعكس دي حية و شغل ابوها مع حمزة مهم جدا بالنسبة ليها و كمان جوازها منه مهم ليها
و اكيد لما حست انك بتلعب عليها قررت تحطك في وش المدفع و يمكن كمان اللي هي كلفتها انها تعمل الخطة دي خليتها تقول انك انتي اللي عملتي كدا
لي لي :
=يا بنت الشياطين؟!!
ردت عديلة بخبث:
=بس هي كدا خلتني احطها في دماغي يبقى تستحمل بقا اللي هيحصل.....
*************
عاد حمزة إلى منزله ومنه مباشرة إلى غرفته للاطمئنان عليها، طرق على الباب ثم تنحنح لتقوم الممرضة بوضع الحجاب على رأس شمس سامحة له بالدخول
، دلف إلى الغرفه بهدوء فوجد الممرضه تجلس فوق المقعد الموجود بغرفتها فى حاله تأهب ، وقفت تنتظر تعليماته ، سألها بأرهاق مستفسراً عن حالتها وهو لا يحيد بنظره عن الفراش حيث هى مستلقيه :
-فى جديد ؟!..
هزت الممرضه رأسها نافيه فاستطرد حديثه قائلا بهدوء :
=اوضتك جانب الأوضة دي
أومات له بهدوء ليخرج من الغرفة شاعراً بألم و إرهاق و أيضا يعاتب نفسه على حديثه الفظ مع والده
دلف حمزة الي غرفته ثم بدء فى حل آزار قميصه الملطخ ببعض دما'ئها وهو يزفر بتعب ثم التقط احدى ملابسه النظيفه من خزانه الملابس وتوجه نحو المرحاض ليغتسل وياخذ دشاً دافئ ليريح به عضلاته المرهقه
خرج بعد قليل وهو يرتدى تيشرت ابيض وبنطال رياضى من اللون الاسود ، ثم تحرك فى اتجاه فراشه يتسلقه و لأول مرة يشعر و كأنه شخص اخر، شخص يمكن محاربة الجميع لأجل شخص واحد.
اجل اجل هو سيفعل ذلك أن تاذي اي شخص يخصه اي شخص من عائلته لكن لما هي!
هي ليست فرد من أفراد عائلته لكن همس لنفسه بضياع قائلا:
=وقعت يا إبن دويدار.... و لا حد سمي عليك يارب.
نهض من فوق فراشة ليلتقط سجادة الصلاة ثم شرع في صلاته التي طلت لوقت لا يعلمه احد فقط ظل يدعو الله أن يهدي قلبه
و أن يعود لهدوءه و سكينته التي فقدها من ان أقترب من تلك الفتاة
بعد وقت التقط هاتفه ثم اجري اتصال بوالده الذي رد على الفور و كأنه يتنظر تلك المكالمة ليستكين قلبه
جلس حمزة على حافة الفراش واضعا يده علي راسه قائلا بنبرة حزينة:
=أنا آسف بس و الله مكنتش اقصد اضايق حضرتك.
رد سالم بابتسامة و لهفة:
=اول مرة احس انك زعلان اني اتجوزت بعد والدتك علي فكرة أنا كنت بحب مرام يا حمزة و الله بس أنا كنت ضايع بعد موتها و لما قبلت عديلة منكرش اني أعجبت بيها...
قاطعه حمزة بهدوء قائلا :
=بابا أنت بتقول ايه أنا عمري ما زعلت منك، ماما الله يرحمها ماتت و أنت من حقك تتجوز و انا عمري ما فكرت فيها كدا صدقني أنا بس الفترة دي حاسس اني مضغوط أوي، أنا بجد آسف
سالم بحب :
=حمزة أنت مش عايز تحكيلي حاجة احنا طول الوقت صحاب، ليه حاسس انك متغير، احكي لي مالك؟
حمزة :
=خلينا ناجل الكلام دلوقتي انا تعبان و عايز انام لكن ان شاء الله نبقى نتقابل و احكيلك يمكن تفهمني و تقولي اعمل ايه
سالم :و انا موجود في اي وقت.
ابتسم حمزة هدوء و هو ينهي المكالمة مع والده ثم وضع الهاتف جانباً ليستلقي على الفراش.
**************************
في صباح اليوم التالي.
خرج من غرفته و هو يهندم بذلته، هبط الدرج ليجد صفاء تجلس برفقة هند التي جاءت منذ قليل و هو تبتسم بمكر فجاءت خطتها كما رتبت لها.
نظر حمزة نحوها ثم تقدم منه قائلا:
=صباح الخير يا صافي. عاملة ايه دلوقتى؟
ردت صفاء بحب قائلة:
=بخير الحمد لله و بقيت أحسن لما أطمئنت على شمس، الممرضة بتقول ان حرارتها ارتفعت بليل لكن الحمد لله دلوقتي نايمة و انا كلمت الدكتور في المستشفى قالي انها هتفوق في اي وقت.
هند بغرور :
=مهتمة بشمس اوي يا صافي؟
صفاء :
=طبعا هي اهتمت بيا لوقت طويل يبقى لازم اهتم بيها و بعدين شمس بنت رقيقة و تستاهل كل خير.
هند: فعلا هي كدا....
حمزة بهدوء:انا لازم امشي عندي شغل ضروري في الشركة، صحيح يا صافي الدكتور اللي هيعملك العملية كلمني و ان شاء الله هنسافر اليومين الجايين دول.
ردت صفاء بحزن:
و الله انا زهقت من العمليات دي كلها فات عشر سنين و مفيش اي حاجه جديدة
جلس أمامها قائلا بحب :
=بس انا المرة دي متفائل يا صافي و ان شاء الله هتقومي و ترجعي تمشي تاني ممكن بقا بلاش إحباط لو سمحتي.
أومات له بحنو ليقبل كف يدها قائلا:
=ايوة كدا يا صافي... أنا همشي دلوقتى.
بعد مرور يومان
كانت شمس استعادت صحتها، كانت تقف أمام الخزانة ترتب حقيبتها للعودة الي البحيرة و هي تشعر بشئ مختلف، في الفترة الماضية لاحظت اهتمامه المبالغ فيه نحوها
و ذلك بشعرها بالاتباك و التوتر حتى أن قلبها ينفعل كلمت أقترب منها، كلما تحدثا.
شمس لنفسها :مالك يا شمس مالك.
فوقي يا حبيبتي فوقي.
حملت حقيبتها ثم غادرت الغرفة.
بعد قليلا كانت تقف في الصالون تودعهم
صفاء بحب:
=خالي بالك على نفسك و ابقى طمنيني عليك.
ردت شمس بحب قائلة :
=ان شاء الله و الله كلكم هتوحشوني اوي بس انا ماما وحشتني اوي فات شهر و عشر ايام و دي اول مرة اتأخر عليها كدا.
ابتسمت صفاء بحب قائلة :
= يبقى سافري و سلميلي عليها.
قبلتها شمس من وجنتها قائلة بود:
=ان شاء الله...
وضعت صفاء ظرف في يدها قائلة بحب؛
= و دا مرتبك انتي تعبتي معايا اوي الفترة اللي فاتت.
ابتسمت شمس بسعادة قائلة بحب:
=متشكرة جدا بجد
دلف حمزة الي الداخل و هو يتحشا النظر نحوها قائلا بابتسامة :
=صباح الخير يا صافي، صباح الخير يا شمس
ابتسمت شمس تلقائيا ثم هتفت قائلة:
=صباح النور...
صفاء: شمس هتسافر خلاص يا حمزة بجد هفتقدها.
جلس حمزة الي جوارها واضعا ساق على الأخرى قائلا؛
=كلنا هنفتقدها يا صافي
تعلق نظره بها لتخفض رأسها بخجل قائلة:
=أنا لازم امشي دلوقتي علشان الحق القطار.
حمزة بجدية:تمام خليني اوصلك....
شمس بسرعة:بس مش عايزه اتعب حضرتك
ابتسم حمزة قائلا:
=و لا تعب و لا حاجة خليني اوصلك......
بعد مرور بعض الوقت
توقفت سيارة حمزة خارج المحطة، ظل صامتا للحظات و هي كذلك
حمزة :
شمس..... خالي بالك على نفسك و لو احتاجتي اي حاجة لازم تكلميني فوراً و انا هبقي موجود معاكي في اي وقت احتاجتيني فيه.
شمس: ان شاء الله خير، متشكرة جدا لحضرتك
حمزة بتاكيد:خالي بالك على نفسك...
أومات له بجدية قبل أن تترجل من السيارة متجهه نحو محطة القطار..
ظل ينظر لها لثواني معدودة قائلا بخفوت :
=ارجع من السفر و ساعتها مش هسمحلك تبعدي أصلا.......
*********************
بعد عدة ساعات في إحدى قرى البحيرة التي تمتاز بطيب هوائها.
كانت شمس تسير بالطرقات و هي تحمل حقيبتها، ابتسمت بسعادة و هي تتذكر والدتها و شقيقتها.
كادت ان تصعد للسيارة الأجرة لتصل للمنزل الا أنها سمعت صوت مألوف يأتي من بعيد.
نظرت خلفها لتبتسم فجأة قائلة بود:
= سعد!
أقترب منها إبن عمها و هو يبتسم بطيبة قائلا :
=أخيراً نزلتي اجازة وحشتينا.
شمس:
=معليش كان حصل شوية ظروف كدا الفترة اللي فاتت، أنت عامل ايه يا سعد و عمي عامل ايه؟
سعد :كلهم بخير الحمد لله، ياله هوصل معايا.
ردت شمس بحرج :
=معليش يا سعد مش عايزاه اعملك مشاكل، اكيد مرات عمي لو عرفت انك وصلتني هتضايق... دعاء أحمد
سعد بجدية: ايه اللي انتي بتقوليه دا يا شمس، هو انتي شيفاني عيل صغير و لا ايه و بعدين امي اه عنيدة و بتهب احيانا لكن طيبة.
شمس :جايز بس معل....
سعد بجدية:بطلي عناد و ياله هوصلك.
ابتسمت شمس بود و هي تسير معه نحو سيارته
سعد : احكيلي بقا يا شمس عاملة ايه في الكُلية بتاعتك.
شمس :بص هي فيها حاجات كتير بس ان شاء الله هتعدي على خير.
سعد بود و حب :ربنا معاكي يا شمس و تنجحي و تبقى من الأوائل كمان.
تنهدت شمس بتعب و هي تضع راسها على زجاج السيارة و أحداث الشهر الماضي يدور بذاكرتها كشريط الفيديو.......
•تابع الفصل التالي "رواية نجمة في سمائي" اضغط على اسم الرواية