رواية مالك المصري كاملة بقلم نسمة مالك عبر مدونة دليل الروايات
رواية مالك المصري الفصل الثامن 8
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
مش ناوية أرجع ! تفوهت بها و أستمعها هو جيدًا لكنه لم يبدي أي إهتمام لحديثها،يعرفها أكثر من نفسها، يعلم ما يدور بخاطرها و ذهنها، كل ما تقوله الآن لا تفهم معناه لأنها مازالت هنا بوطنها داخل أحضان عائلتها محاوطها هو بذراعيه..
لكن حين تصبح في بلد غريبة بمفردها بعيدة عن كل ما تملك وقتها ستدرج حجم خطائها المهول، و برغم انها جرحته حين طلبت منه أن ينساها و يحب غيرها، إلا أنه تدرب جيدًا على الصبر، ابتلع العتاب ، توقف عن الجدال معاها مؤقتاً ، غصص كلماتها ابتلعها بابتسامة مغمغمًا..
“بما أنك ناوية تسافري و مش هترجعي تاني.. خلينا نسهر سوا الليلة في مكان عمرك ما هتنسيه”..
قالها و هو يخرج هاتفه من جيب سرواله، و قام بإرسال رسالة صوتية قائلاً..
“أتحرك حالاً يا ابني”..
أنهى جملته و قام بحملها لداخل حضنه كما يحملها دومًا منذ صغرها، جعل قدميها ملتفة حول خصره سار بها بخطي متسعة، عبست هي بملامحها الطفولية الفاتنة مردفة بتسأل..
“هنروح فين دلوقتي بس يا مالك؟ .. أنا لازم أنام بدري عندي طيارة أصبح”..
“هخطفك يا قلب مالك”.. هكذا اجابها ببساطة و هو يهبط بها بها الدرج المؤدي لحديقة القصر..
“ماااااالك”.. صاح بها “فارس” من أسفل أسنانه حين أستمع لصوت الطائرة الهليكوبتر التي استقرت بمكانها المخصص بإحدى جوانب الحديقة ، دار بعينيه يبحث عن ابنته رغم أنه على يقين أنها برفقته ليجده بالفعل يخرج بها من الداخل بخطي راكضة مندفع نحو الطائرة..
كتموا الجميع صوت ضحكاتهم بصعوبة بالغة على هيئة “فارس” الذي حمل إحدي أسياخ الشواء و ركض خلفه مرددًا بصوته الجوهري..
“واخد بنتي على فين يالا.. أقف عندك يا حيوووااااان”..
نجح في الوصول له قبل أن يصل للطائرة، قام بالإشارة للكابتن فأوقف محرك الطائرة في الحال، و وقف أمام “مالك” مباشرةً شاهرًا سيخ الشواء بوجهه مكملاً بغضب عارم..
“نزل البنت بدل ما اغرس السيخ ده في رقبتك أجيب أجلك يا ابن غفران المتحرش”..
نظر “غفران” لزوجته “عهد ” التي أبتسمت له، ليغمز هو لها بعينيه و تحدث ببراءة مصطنعة و هو يلتهم قطعة من اللحم الشهي مدمدمًا..
“اممم..نسيت الوزير.. غفران الوزير” ..
“غفران الوزير المتحرش الكبير اللي مخلف متحرشين و طلقهم عليا أنا و بناتي”.. قالها” فارس ” و هو يهم بالهجوم على “مالك” بالسيخ الذي يحمله، عدل “مالك” وضع “إسراء” حملها على ظهره متمسكًا بها بكل قوته جعل فرارها منه مستحيلاً..
كان السيخ الذي يحمله “فارس ” بينه و بين أعين” مالك” انش واحد فقط، تراجع برقبته للخلف قليلاً و نظر للطعام المعلق على السيخ بتقيم مردفًا بفرحة..
“الله كفتة مشوية دي يا فارس؟ “..
قالها و هو يميل بفمه و بدأ يتناول الطعام بشهية أمام أعين “فارس” التي يتطاير منها الشررٍ..
“هات حتة يا مالك”.. غمغمت بها “إسراء ” المعلقة بعنقه و هي تميل على كتفه بوجهها..
نظر لها نظرة خاطفة و تحدث و هو يلوك الطعام باستمتاع قائلاً..
” عيوني لعيون مالك.. بس خلي بالك لأنها سخنة ناااار”..
أنهى حديثه و من ثم مال على السيخ ثانيةً و قام بسحب قطعة كبيرة بأسنانه، حانت منه التفاته تجاهها، لتقوم هي بأخذ الطعام منه بأناملها و تناولته بتلذذ و هي تقول..
“اممم.. تسلم ايدك يا بابي.. الكفتة حلوة أوي “..
و من ثم أطعمت” مالك” بفمه من جديد ليقوم هو بالتهام أصابعها مع الطعام مدمدمًا ..
“اممم.. صوابعك أطعم من كفتة أبوكي”..
كاد ” فارس ” أن ينفجر فيه بأفظع الألفاظ لكنه لجم نفسه بشق الأنفس، و تحدث بصوتٍ مخيف قائلاً..
“ده أنت عدتني بمراحل في البجاحة يا أخي ! “..
صكت لبرهةً و تابع محذرًا إياه ..
” سيب إسراء يا مالك و مش هقولها لك تاني “..
وضعت” إسراء ” كف يدها على وجه” مالك”أجبرته على النظر لها، رمشت باهدابها الكثيفة عدة مرات مردفة ببراءة مصطنعة..
” نزلني بليييز يا مالك عشان لو بابي ضربك بالسيخ ممكن يعدي من رقبتك يدخل في رقبتي يموتني أنا كمان و أنا عندي طيارة أصبح بدري و أحلام كتير لسه عاوزة احققها”..
أبتسم لها “مالك” و هو يقول.. ” خليكي أنتي في الحتة الشمال ناحية قلبي”.. نظر ل “فارس” مكملاً “و نشن أنت يا فارس في اليمين بعيد عنها عشان أنا مش هنزلها”..
فتح” فارس ” فمه و كاد أن يسبه بوابل من الشتائم إلا أنه توقف بصدمة حين لمح” زين” يقوم بإطعام” زهراء” ابنته بفمها و يأكل من بعدها، و” فهد” يقوم بإطعام” رواء” هو الأخر، بينما شقيقهم الأصغر “فارس” فابنته” خديجة” هي التي تقوم بتقبيله أثناء إطعامه..
لهنا و جن جنون” فارس” و وصل غضبه لزروته فصاح بصوته الأجش قائلاً..
“غفررراااان خد ولادك و أمشي من هنا دلوقتي حالاً بدل ما ارتكب جنابة و أخلص لك عليهم”..
ضيق “غفران ” عينيه و نظر له نظرة عاتبه مردفًا..
” بتطردني يا فارس!!”..
“لا يا جدع أنا مش بطردك لوحدك.. أنا بطردك أنت و المتحرشين اللي أنت مخلفهم”..
حرك “غفران” رأسه بالايجاب و تحدث بجدية قائلاً..
” حاضر يا صاحبي أنا هاخدهم و أمشي”..
تنقل بنظره بين أولاده و تابع بحدة قائلاً..
“يالا يا بيه منك له قدامي على البيت و هاتوا الشواية بالأكل اللي عليها معاكم “..
بلحظة كان ” زين” حمل” زهراء ” على ذراعيه جعلها تشهق بقوة، فصاح “غفران” فيه بغضب قائلاً..
“أنت بتهبب أيه يا زفت أنت؟! “..
أبتسم “زين” له هو و “فارس” إبتسامة متسعة تظهر جميع أسنانه مردفًا..
” حضرتك قولت لي هات الشواية”..
نظر ل” زهراء” نظرة هائمة مكملاً ..
“و زهراء هي شواية قلبي”..
“يا صبر أيووووب”.. قالها “فارس” و هو يهرول بالسير تجاه “زين” لتقفز” زهراء ” من فوق ذراعيه، فقام الأخر بالفرار من أمام” فارس” قبل أن يطوله غضبه..
استغل “مالك” الفرصة و ركض ب” إسراء ” تجاه الطائرة، صعد بها لداخلها و أغلق الباب خلفه بإحكام، و تحدث بأمر للكابتن قائلاً..
“يالا أتحرك بسرعة “..
كاد “فارس” أن يفقد عقله من تصرفاتهم التي تثير جنونه و تذكره بأفعاله الشنعاء و ما كان عليه فيما سبق، ركضت “إسراء” زوجته عليه و ربطت على صدره بكف يدها تحاول تهدأته..
“خد البنت.. خد بنتي من غير حراسة”.. قالها “فارس” بغضب هو يدور حول نفسه كالأسد الثائر..
وقفت” إسراء” بين ذراعيه على مقربة من حنايا صدره و تحدثت بصوتها المدمر الذي أخمد نيران غضبه على الفور قائلة..
“فارس حبيبي أهدي..أنت عارف إن مالك يفدي إسراء بروحه يعني متخفش عليها و هي معاه و شوية و هتلاقيه جيبها و جاي”..
……………………… صلِ على محمد…………
“مكة”..
كانت عينيها مثبتة على “حسن” طيلة الوقت، ترمقه بنظراتها المُتيمة، تتلهف لنظرة من عينيه التي تنظر نحوها من حين لأخر..
انسحبت بهدوء من بين جميع الحضور و سارت بجهة أخرى من الحديقة،بها حمام سباحة مغطي فدلفت للداخل و جلست أرضًا على حافة حمام السباحة، خلعت حذائها و وضعت قدميها في المياة عينيها مثبتة على الباب، تنتظر مجيئه خلفها..
مّرت دقائق معدودة قبل أن تراه يدلف من الباب بطوله الفارهه، لم يخُيب ظنها و لبي نداء قلبه الذي قاده لها..
“مدام عهد بتسأل على سيادتك يا فندم”..
قالها “حسن” بعملية متجنب النظر لها، أبتسمت “مكة” بخبث، و نظرت له بابتسامة ملائكية و مدت يدها تحثه على مساعدتها للنهوض..
ابتلع رمقه بتوتر قبل أن يعطيها يده لتضع هي قبضة يدها داخل راحة يده، و قبضت عليها و جذبته منها بكل قواتها تدفعه لداخل حمام السباحة..
ليذهلها بقوة بنيته حين ظل ثابت مكانه يتطلع لها بحاجبين مرفوعين، و بلمح البصر كان سحبها هو من يدها، شهقت بخفوت حين وجدت نفسها محمولة بين ذراعيه كما لو كانت لا تزن أي شيء..
“عايزة توقعيني في المية ليه يا مكة؟!”.. قالها و يقبض على ذقنها بأصابعه اجبرها على النظر له..
رمقته “مكة” بنظرة نارية و صاحت بوجهه قائلة..
“عايزه افوقك لنفسك عشان تبطل نظراتك ليا اللي كلها حب دي و خليك فاكر إنك خاطب يا سيادة الظابط”..
“هفسخ الخطوبة “..قالها بنبرة جادة لا تحمل الجدال، تطلعت له بملامح مندهلة، ليكمل هو بتنهيدة حارة قائلاً..
“مش هقدر أتجوز واحدة و أنا قلبي معاكي أنتي “…
تعمق النظر داخل عينيها التي تجمعت بها العبرات، همس بحميمية أشعلت كل مشاعرها تجاهه أكثر..
“أنا بحبك يا مكة “..
“و لما أنت بتحبني أنا روحت تخطب غيري ليه! .. عملت فيا و فيك و فيها هي كمان كده ليه بس يا حسن؟!”..
قال “حسن” بلهفة..
“غلطة و أوعدك إني هصلحها في أقرب وقت بإذن الله”..
نظر لعينيها نظرة يستجديها أن تبوح له بما تحمله بقلبها تجاهه، تفهمت هي نظرته جيدًا فعضت على شفتيها و همست بستحياء قائلة..
” أيوه..أنا كمان بحبك يا حسن”..
خطفها من خصرها في عناق محموم، دار بها عدة مرات و هي تضحك بغنج مرددة..” نزلني يا حسن.. نزلني يا مجنون لحد يشوفنا آهه “..
كانت تلك أخر ما تفوهت به قبل أن تنزلق قدم “حسن” و يسقط بها داخل حمام السباحة..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية مالك المصري ) اسم الرواية