رواية رحيل العاصي كاملة بقلم ميار خالد عبر مدونة دليل الروايات
رواية رحيل العاصي الفصل الرابع عشر 14
استقلت رحيل السيارة ومعها بدر وتحرك بالسيارة، وأثناء الطريق قالت له :
– كانت مفاجأة بنسبالي إنك تعرف ماما عاصي
ضحك بدر وقال:
– سيبك من المفاجأة دي دلوقتي .. أنتِ إيه حكايتك
قالت بعدم فهم:
– حكاية إيه
نظر لها بدر وقال:
– ده على أساس إني مش واخد بالك .. إيه حكايتك مع عاصي ؟
نظرت له بعدم فهم وبعد ثواني استوعبت ما يقوله فقالت بدهشه كبيرة :
– أنا وعاصي؟! إزاي جه في دماغك كده يا بابا مستحيل
– مستحيل ليه يعني غير كده أنتِ فاكره إني مش واخد بالي من قربكم الزيادة وخصوصاً النهاردة
قالت رحيل بصوت خفيض:
– اقولك إزاي أن ورانا مصيبة مش حب
– بتقولي إيه ؟
– بقولك إن لو عاصي ده أخر راجل في الدنيا مستحيل نكون سوا
نظر لها بدر بدهشه وقال:
– ليه يا بنتي ده أنا اتمنالك واحد زيه
قالت رحيل بسرعه:
– لالا أرجوك اتمنالي واحد تاني .. خلي بالك ده عشانه مش عشاني هو عصبي أوي وبيزعق من أقل حاجه تخيل بقى لو اتجوزنا أنا ممكن اجبله جلطه بسبب مصيبة من بتوعي يرضيك الراجل يموت ناقص عمر !
ضحك بدر بصوتٍ عالي من كلماتها تلك وقال:
– طيب يا ستي أنا قولت اطمن بس
ضحكت رحيل وقالت:
– أنا وعاصي مش ممكن نكون سوا .. أنا وهو مختلفين عن بعض تماماً زي الأبيض والأسود والسما والأرض كده
ابتسم بدر ثم صمت الاثنان حتى قالت رحيل:
– بقولك إيه هي مش داليا هتخلص كلية النهاردة متأخر؟
– تقريباً اه
– طب لو كده نعدي عليها نجيبها في طريقنا إيه رأيك
– طيب اتصلي بيها بس الأول
أمسكت رحيل هاتفها واتصلت بداليا لتجدها مازالت في جامعتها فقالت لها أن تنتظرهم عند باب الجامعة حتى تعود معهم إلى البيت..
***
الكاتبة ميار خالد
دلف عاصي إلى غرفة ليلى وهي بين يديه ووضعها على سريرها ووضع عليها غطائها جيداً ثم خرج من الغرفة، اتجه إلى حنان وقال بدون مقدمات:
– أنتِ تعرفي أبو رحيل منين؟
– ما قولتلك معرفة قديمة يا عاصي غير كده هو عمها مش أبوها
– أيوة معرفه قديمة ازاي وازاي يعرف مريم؟
– مش أختك طبيعي يعرفها
– أيوة يعني كنتم على اتصال لحد ما خلفتينا بقى
صمتت حنان بتوتر فنظر لها عاصي للحظات وكأنه يفكر بشيء ما ثم اتسعت عيونه بدهشه وهو يقول:
– كان صاحب محمد؟!
– مش هيجرالك حاجه لو قولت عليه بابا بدل محمد
– ردي عليا .. أستاذ بدر كان صاحبه؟!
– هما الاتنين كانوا في نفس المدرسة وكانوا صحاب لحد ما كل واحد فيهم اتجوز وراح في طريقة
– ويا ترا هو كمان بني آدم مستغل زيه ولا لا ؟
نظرت له حنان بحدة وقالت:
– أنا مقدره مشاعرك اتجاه باباك بس ده مش مبرر تتكلم عنه كده يا عاصي
– وأنتِ عارفه إني مش بحب الإنسان ده وبكره نفسي ألف مره كل ما افتكر إني أبنه وإن دمه بيجري في عروقي
– بس هو آذاني أنا مش أنتم
الكاتبة ميار خالد
ضحك عاصي باستهزاء وقال:
– والله؟ أنتِ بتقنعي نفسك بالكلام ده أنه آذاكِ أنتِ؟! أنتِ متخيله كان ممكن يحصل فينا إيه لو أنتِ مكنتيش سايبه فلوس بعيد عن ايديه محدش يعرف عنها حاجه .. متخيلة كان ممكن يحصلنا إيه بعد ما أهلك رفضوا أنهم يساعدوكي وأبسط حاجه قالوها وقتها .. ده اختيارك اتحملي بقى
– أنت هتفضل تحاسبني طول العمر .. صدقني باباك كان كويس أنا متأكدة أن كان في حاجه ضاغطه عليه خليته يعمل كل ده قبل ما يموت
– حاجه ضاغطه عليه؟! والحاجه دي برضو اللي أجبرته أنه يبقى مدمن؟ الحاجه دي أجبرته أنه يضيع فلوسك في الزفت ده؟ الحاجه دي أجبرته أنه ينسانا وميجيش البيت ده غير وهو عايز فلوس بس
مسحت حنان دموعها التي تناثرت على وجهها وقالت:
– أيوة .. الشخص اللي أنا اتحديت الدنيا عشانه مش هو الشخص اللي كسرني بحبي ليه
– بطلي تكدبي على نفسك هو مش بس كسرك هو كمان كسر عيالك .. كله بسبب اختيارك اللي دفعتينا تمنه ألف قلم على وشنا
– بلاش تضايق نفسك وتوجع قلبي بكلامك ده
– أنا مش مضايق نفسي أنا جوايا فاضي فقدت القدرة على الإحساس بأي حاجه .. مش فارق معايا كام قلم الدنيا هتديهولي كده كده مبقتش أحس ..
قال تلك الجملة ثم اتجه إلى غرفته لينفرد بقسوته وعصيانه اتجاه كل شيء بحياته..
***
الكاتبة ميار خالد
خرجت داليا من جامعتها وانتظرت رحيل ووالدها على الباب الخارجي بعد أن ودعت زميلاتها، أمسكت هاتفها وقبل أن تتصل برحيل اقترب منها أحد زملائها في الكلية ولكنه قد تخرج من عام ويأتي في بعض الأوقات حتى يرى اصدقائه، ومنهم داليا التي تمتلك معزه خاصة داخل قلبه..
قال فارس:
– عاش من شافك يا ستي
– فارس!! أخبارك إيه أنا اللي المفروض أقولك عاش من شافك خلي بالك
ضحك الاخر وقال:
– الدنيا بقى أنتِ عارفة حياة الناس الخريجين صعبه اوي
ضحكت داليا وقالت:
– ربنا يكتبها عليا قريب
– هانت خلاص كلها شوية وتخلصي من كل ده ولا أنتِ ناوية تكملي دراسات عليا؟
– لا عايزه أركز للشغل بقى أنت عارف أنه بابا عنده بيزنس خاص بيه عايزه أمسك معاه الشغل
ابتسم وقال:
– ربنا معاكي وعايز أقولك إني انبسطت جداً أني شوفتك
ابتسمت داليا هي الأخرى وقبل أن ترد عليه وصلت سيارة والدها فقالت داليا:
– بابا جه ياخدني عن إذنك بقى
– حيث كده لازم أتعرف على بابا وأسلم عليه بقى
ضحكت داليا بتعجب ودهشه وترجل بدر من السيارة عندما وجد الاثنان في طريقهم إلى سيارته وكذلك رحيل، اتجه فارس إلى بدر وقال:
– حضرتك عامل إيه
قال بدر بابتسامه وتساؤل في نفس الوقت:
– أنا الحمدلله
– أنا فارس كنت زميل داليا لكن دلوقتي خريج
– أهلاً بيك يا أبني اتشرفت بيك
– الشرف ليا والله أنا أصلاً كنت بدور على حضرتك
قال بدر بتعجب:
– عليا أنا ليه خير
تنحنح فارس بحرج ثم قال:
– طيب ممكن أخد رقم حضرتك وأبقى أكلمك وقت تاني عشان معطلكش
ابتسم بدر ثم أعطى له رقم هاتفه، وعلى الجانب الآخر قالت رحيل بتساؤل إلى داليا:
– هما بيتكلموا في إيه؟
– مش عارفه
– هو مين ده أصلاً
– ده فارس كان زميلي في الكلية بس اتخرج السنه اللي فاتت
ابتسمت رحيل بخبث وقالت:
– بس شكله لذيذ أوي مش كده
– مش فاهمه تقصدي إيه
– مش ملاحظه إنه عينيه بتطلع قلوب عليكِ تقريباً ولا مش شايفه
قالت داليا بسرعه:
– إيه كلامك ده يا رحيل أكيد لا يعني إحنا زمايل بس .. غير كده أنتِ عارفه إني بحب حازم حتى لو بعدنا عن بعض
– أنا بقول تبطلي هبل وركزي في مصلحتك حازم إيه بس .. ده بني آدم عينه كلها شر هيبهدلك معاه
– مصلحتي إيه اللي بتقولي أفكر فيها هو الشاب قال حاجه ما هو محترم أهو
– طيب سيبي كل حاجه بظروفها
صمتت داليا بتفكير واستقلوا جميعاً السيارة وتحرك بها بدر، وعندما تقدموا بها ظهر حازم من زاوية معينه عند بوابة الكلية وعيونه تشع بنار الغيرة، فهو يعرف أن داليا تتأخر في هذا اليوم لذلك قرر أن يأتي ليراها لأنها لا ترد على مكالماته وقبل أن يذهب لها ظهر فارس أمامها ثم بعدها والدها وتابع كل ما حدث عن بعض، وتمنى أن ما يفكر به ليس صحيحاً..
***
الكاتبة ميار خالد
في اليوم التالي ..
استيقظت رحيل من نومها جهزت نفسها وحضرت علبة طعامها وأخذت دوائها وقبل أن تخرج أمسكت بها داليا، قالت:
– أنتِ رايحه فين؟
– رايحه الشركة
– شركة مين؟
– شركة عاصي
ابتسمت داليا بخبث وقالت:
– اه قولتيلي طيب هو مش تقريباً العقد أتمضى خلاص يعني مبقاش فيه داعي إنك تروحي
قالت رحيل بتوتر:
– أيوة ما هو اا ما هو
– ما هو إيه بس
– هكون رايحه في إيه يعني يا داليا ما أكيد في شغل يعني أصل عاصي عجبه أفكاري أوي وبقى مبهور بيها فقرر أنه ياخد رأيي في كذا حاجه في المول
– والله؟ وإيه حكاية عاصي اللي ظهر فجأة ده
– أنتِ هتعمليلي زي ابوكي امبارح برضو سألني إيه حكاية عاصي يا جماعة والله ما فيه حاجه إحنا بينا شغل بس ما كله في مصلحتنا في الأخر
– هو حلو يعني؟
– هو مين ده
– أستاذ عاصي بتاعك ده .. إيه ده استني كده هو عاصي القاضي! هو حلو فعلاً طب يا مسهل الحال ياريت والله
نظرت لها رحيل بعيون متسعه وحاجبين مشدودان لأعلي ثم قالت:
– جماعه أنتم بتتكلموا في إيه بجد بطلوا هزار
– والله دلوقتي بطلوا هزار ده أنتِ رفعتي ضغطي بهزارك يا شيخه استحملي بقى
– أيوة بس مش لدرجة عاصي .. إيه الجنان ده!! عاصي
ثم خرجت من البيت بسرعه واتجهت إلى الشركة، ضحكت داليا وقالت:
– والله شكلك هتقعي وقعه وحشه لما نشوف
***
لم ينم ليلاً بسبب تفكيره، من ناحية ذكرياته القاسية ومن ناحية أخرى هذا الشخص الذي يهدده بتلك الصور، ومن ناحية أخرى رحيل..
لا يعرف لماذا يقلق عليها كثيراً، أو بمعني أصح يقلق بسبب تصرفاتها العفوية التي قد تصل بها إلى الهلاك في بعض الأحيان..
اسكت عقله بصعوبة ونام لساعات قليلة ثم استيقظ في الصباح وذهب إلى عمله، وعندما دلف إلى مكتبه وجد رحيل تجلس في الداخل وبيدها علبة الطعام تأكل، ضرب رأسه بقلة حيلة ثم زفر بضيق ودلف إلى الداخل وعندما لاحظته رحيل نهضت من مكانها وقالت بابتسامه واسعه:
– صباح الخير
جلس على مكتبه وقال:
الكاتبة ميار خالد
– صباح النور .. خير في إيه على الصبح؟
اتسعت عيونها وهي تقول:
– أنت مش قولتلي بكره هتقولي هنعمل إيه مع الراجل اللي بيهدد ده
– هنعمل إيه؟؟ اسمها هعمل إيه
– ما علينا يعني اعتبرني إيدك اليمين في الموضوع ده
– هو أنتِ ليه مش بتسمعي الكلام أنا مش قولتلك خليكي بعيده
– ما علينا تاني شكلك مفطرتش صح تعالى كل معايا عامله حسابك
– شكراً مش عايز
– والله ما يحصل المرة دي مش هتهرب مني هتاكل معايا يعني هتاكل معايا وبص حتى عاملة أكل صحي أهو عشان متعترضش
نظر لها عاصي قليلاً ولوهله قد شرد مع تلك الفتاه، أنها وبحركاتها الغير مدروسة والعفوية تلك تجعل قلبه يلتفت إليها أكثر فأكثر، في البداية كان يظن أن كل ما تفعله هذا هو مجرد تمثيل حتى تلفت النظر إليها، ولكنه عندما بدأ يعرفها جيداً أدرك أنها أغبى من كل ظنونه تلك !
نهضت رحيل من مكانها وازاحت كل الأوراق من على مكتبه ووضعت علبة الطعام أمامه وامامها ثم قالت:
– بص دول شوية فاكهه وخضار أهو فطار صحي وخفيف يلا كل معايا بقى
ظلت عيون عاصي معلقه بها ولم يتحرك، خجلت هي من نظراته تلك وتوترت بشدة ومن كثرة توترها أمسكت قطعة من التفاح ووضعتها في فمه بعنف فآفاق الآخر من شروده هذا وانتفض من مكانه ثم قال:
– أنتِ اتجننتي حد يعمل كده!! أنتِ مش طبيعية بجد
ابتسمت رحيل عندما أدركت ما فعلته، وما زاد ابتسامتها أن رد فعل عاصي لم يكن عنيفاً جداً، وبعد فتره انتهت رحيل من طعامها ولم يأكل عاصي أيضًا واكتفي بالنظر إليها، وعندما انتهت قالت:
– ها هنعمل إيه
نظر لها عاصي بعيون متسعه فقالت مصححه كلماتها:
– أقصد هتعمل إيه .. حلو كده
– هوافق
نهضت رحيل من مكانها وقالت :
– توافق على إيه؟ إنك تهرب السلا.ح
– ممكن تقعدي الأول وتفهمي
جلست رحيل مكانها مرة أخرى بوجه عابس، زفر عاصي بضيق ثم قال:
– الأمور مش هتمشي زي ما أنتِ متخيله
– إزاي ؟
– يعني أنا هوافق فعلاً و كل حاجه هتمشي لحد ما أخد الصور دي
– والصفقة؟
– ده شغل البوليس بقى
– يعني إيه
– أنا عندي صاحبي عقيد في الشرطة .. كل حاجه هتبقى بعلمه حتى يوم ما اروح لهم هو هيكون متابعني ومعايا خطوة بخطوة ولو حصل أي حاجه هيكون معاه قوات احتياطي وبمجرد ما أعرف تفاصيل الصفقة دي هبلغه وهو هيتصرف وموضوع الصور هيتصرف فيه برضو
– ومين صاحبك ده؟
– العقيد عز الدين كامل الاسيوطي
– ده جوز ملك الشريف صح ؟
– أنتِ تعرفيها؟؟
الكاتبة ميار خالد
– معرفهاش شخصياً بس سمعت عن الشركة بتاعتها غير كده فيه حد ميعرفش قصة ملك وعز دي زي القصص الخيالية .. المهم طيب وهتقوله كل ده أمتى
– دلوقتي .. حالياً هتحرك وهروحله المديرية لو عايزاني اوصلك للبيت في طريقي معنديش مشكله
– عايزه اجي معاك
– مستحيل .. أعتقد كده أنتِ اطمنتي وعرفتي هتصرف إزاي أكتر من كده مفيش داعي
– أنا مش هتدخل في أي حاجه لكن اسمحلي أفضل معاك في كل ده ما يمكن أقدر أساعدك بحاجه
– معتقدش في حاجه .. عن إذنك
ثم نهض من مكانه وقبل أن يخرج من المكتب صدع هاتفه رنيناً برقم إحد رجاله، رد على الهاتف وقال:
– في أخبار عنها؟
– واحد من اللي مراقبها هناك عرفني أنها حجزت طيارة لمصر وزمانها وصلت دلوقتي
– ومقولتليش من بدري ليه؟!
– لما عرفت بلغت حضرتك
– تمام
ثم أنهى معه المكالمة ونظر أمامه بغضب كبير كاد أن يهدم المكان فوق رأسهم، قال بتوعد:
– أنا هوريكي تكسري كلامي وتتصرفي من دماغك ازاي!!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية رحيل العاصي ) اسم الرواية