رواية عهود محطمة كاملة بقلم ديانا ماريا عبر مدونة دليل الروايات
رواية عهود محطمة الفصل الخامس عشر و الاخير 15
تطلعت سلمى لوجه أمير الذي تبدل بتعجب واهتمام.
قال أمير بسرعة قبل أن يغلق الهاتف ويلتفت لسلمى التي قالت بلهفة امتزجت بالقلق: في إيه يا أمير ؟ حصل حاجة؟
تردد قليلا ثم قال بنبرة مشدوهة توضح صدمته: مروان عمل حادثة وفي المستشفى.
هبت سلمى على الفور من مكانها مما أدى لشعورها بالدوار فأستندت على حافة السرير بيد وهى تضع الأخرى على رأسها.
أسرع أمير لها بقلق: مالك يا ماما أنتِ كويسة ؟
فتحت عيونها وقالت بنبرة ضعيفة: خدني لمروان يا أمير بسرعة.
أومأ برأسه: حاضر يا ماما يلا.
ذهبا بسرعة وسلمى تبكي طول الطريق، حاول أمير تهدئتها عدة مرات دون فائدة كل ما تفكر فيه هو أبنها الحبيب، ماذا حدث له؟ وكيف حاله الآن ؟
كانت هذه الأسئلة هى كل ما يشغل ذهنها وهى تفكر بأنه لا يهم ما حدث بينهما ما يهم الآن أن يكون بخير وتراه عينيها حتى لو بعيد عنها.
حين وصلوا إلى المستشفى، ذهبوا للاستقبال مباشرة.
قالت سلمى بنبرة هلعة وهى توشك أن تبكي مجددا: لو سمحتِ يا بنتي أبني عمل حادثة وجاي هنا.
أمسك أمير بذراعها: أهدي يا ماما لو سمحتِ.
نظر أمير لموظفة الإستقبال بجدية: لو سمحتِ فيه حد عمل حادثة وجه هنا إسمه مروان نادر ممكن تقولي لنا هو فين وحالته إيه؟
نظرت الموظفة للكمبيوتر ثم ضغطت عدة أزرار بعدها نظرت لهم وقالت بهدوء: أيوا مروان نادر وأبوه جم أمبارح في حادثة، هو عمل عملية من ساعتين وفي أوضته الخاصة دلوقتي.
ثم تابعت بنبرة متأسفة: وللأسف الأستاذ نادر جه متوفي.
دوار شديد هاجم سلمى وهى تنظر للفتاة بصدمة فأمسكها أمير الذي لم يقل صدمة عنها، همست بعدم تصديق: نادر…. نادر مات!
أومأت الفتاة بعطف: اه البقاء لله.
تماسك أمير بسرعة وأفاق من صدمته: فين أوضة مروان ؟
ردت الفتاة بعملية: في الدور التالت رقم ***.
أومأ أمير وشكرها بخفوت ثم أخذ سلمى التي مازالت مصدومة حتى يصعدوا لرؤية مروان وسلمى مازالت تستوعب خبر وفاة نادر.
دلفوا إلى الغرفة بعد أن سمحت لهم الممرضة بعد علمها بصلة القرابة.
نظرت سلمى لمروان وسرعان ما أغُرقت عيونها بالدموع، كان نائم ووجهه الشاحب به بعض الكدمات كما أن ذراعه مجبرة، أقتربت منه وهى تقبله من رأسه وتمسح على وجهه بحنان وحزن.
أفاق مروان وهو يفتح عيونه بتعب، قالت سلمى بلهفة: مروان يا حبيبي أنت كويس؟
نظر لها مروان بتشوش في البداية إلى أن استعاد وعيه كليا، حدق إليها للحظات قبل أن يشهق ببكاء حار وهو يمسك يديها بيده السليمة وينحني عليعا وهويحاول تقبيله: سامحيني يا ماما.
حدقت سلمى إليه بذهول ثم سحبت يدها بسرعة وهى تضمه إليها وتقول بحيرة: مسامحاك يا حبيبي مالك فيك إيه ؟
أزداد نشيج بكاؤه وقال بصوت متوسل: بالله عليكِ سامحيني يا ماما بالله عليكِ، سامحيني.
ضمته إليها بقلق ثم نظرت لشقيقه الذي بادلها النظر بحيرة وقالت بحنان: مسامحاك يا حبيبي، و أنا عمري أزعل منك أبدا، خف أنت وقوم بالسلامة.
ظل يبكي لفترة وهو يكرر طلبه السماح منها بصوته الباكي المتوسل مما أثار قلقها ولكنها واساته وأجلت سؤاله لحين خروجه من المستشفى.
تولى أمير أمر دفن والده مع أقارب لهم من بعيد لأن والده لم يكن له أشقاء وقد توفى والديه منذ زمن، ثم بعد ثلاثة أيام لاحقة خرج مروان من المستشفى وعاد للمنزل مع والدته.
كانت رنا تجلس مع سلمى في الصالة لا تكاد تصدق ما تسمعه.
هتفت بها: مروان يحصل منه كل ده ؟ إزاي!
أبتسمت سلمى إبتسامة خفيفة بمرارة: أهو اللي حصل يا رنا بس الحمدلله رجع البيت دلوقتي وجوا.
هزت رنا رأسها وهى تتابع: ونادر مات يا سبحان الله بجد.
ربتت على سلمى بعطف: ربنا رحيم بيكِ يا حبيبتي، الحمدلله أنه مروان رجع لك هيهديه ليكِ وهتلاقي نتيجة صبرك خير.
تنهدت سلمى: الحمد لله على كل حال.
قالت رنا بإستغراب: طب هو مقالكيش حاجة خالص؟
قالت سلمى بتعجب وحيرة: لا بس كل اللي طالع عليه يقولي سامحيني يا ماما وبس.
رنا بإقتناع: أكيد حس بغلطته وعرف أنه زعلك أهو الحمد لله رجع.
دلفت سلمى بالطعام لمروان بعد أن غادرت رنا بعدما اطمئنت عليه سريعا، وجدته شاردا ينظر بحزن لنقطة غير محددة.
أبتسمت وهى تقترب منه: يلا حبيبي وقت الأكل.
نظر لها بحزن نظرات غير مفسرة فتألم قلبها من مشهده.
وضعت الصينية على المنضدة المجاورة للسرير قبل أن تجلس بجانبه وهى تمسك بيده وتقول بحنان: مروان يا حبيبي لو عايز تتكلم قول أنا هسمعك.
دمعت عيون مروان ثم تحرك ونام في حضنها، مسحت سلمى على شعره وهى صامتة تنتظره.
قال بصوت مخنوق: أنا أخيرا فوقت واكتشفت الحقيقة يا ماما، الحقيقة اللي كنت رافض أصدقها أو أشوفها كل حياتي، لما نزلت تحت وأنتِ كل لسة مفوقتيش بابا اقنعني أمشي معاه وأنه هيحل لي مشكلتي وأنه عادي طالما بقيتِ كويسة هاجي تاني يوم أشوفك.
نظر لها وإحساسه بالذنب يظهر على وجهه بوضوح: أنا مش عارف إزاي اقتنعت أمشي معاه والله مش عارف بس متزعليش مني.
مسحت على وجهه ولم ترد أما هو أخذ نفسا عميقا ثم تابع : لما روحت معاه وقولتله هتحليلي المشكلة إزاي، ضحك وقال إنه هيروح يشرح لوالد رغد إزاي أنتِ ظلمتيه وجيتِ عليه ومن كتر ظلمك ليه وإهمالك راح اتجوز عليكِ وكان هيطلقك وأنه أنا مش هعيش معاكِ تاني فمفيش خوف على بنته، حسيت بالضيق أوي لأنه دي مش الحقيقة وقولتله كدة، زعق لي لأنه أنا كدة هبقى مغفل ومش بفهم حاجة بس أنا مكنتش راضي عن كدة.
توقف قليلا ليلتقط أنفاسه ثم تابع وهى تراقبه بحزن: كنا رايحين لرغد في الطريق بس قولتله أني مش هعمل كدة ومش هحقق سعادتي على حساب ظلمك وتشويه صورتك بالكدب، اتخانقنا وساعتها قال كل حاجة وهو متعصب، أد ايه ظلمك وجه عليكِ وكل حاجة عملها فيكِ وكان ناوي يعملها وأنه كان ناوي يخلينا أنا وأمير نبقى معاه ضدك وهو كدة هيكون انتقم منك لما يخليكِ وحيدة وولادك بيكرهوكِ.
نظر لها بعيون دامعة وأكمل بنبرة مرتجفة: حتى قال إنه مش مهتم بينا ولا بأنه يرجع لي البنت اللي بحبها كفاية أنه يكسر.ك وكفاية أنه نجح في أنه يبعدني عنك، قال إني شبهه وطالع زيه علشان كدة نجح بسرعة أنه يكرهني فيكِ ووسط كل ده دخلت فينا عربية وعملنا حادثة كانت جاية من ناحيته، شوفته وهو بيموت قدامي وساعتها كان خايف أوي، هو مفكرش في نهاية كل اللي عمله هتكون قدام ربنا إيه ولا عقابه هيكون عامل إزاي.
تساقطت دموع سلمى و كان تأثر أمير شديدا الذي يستمع منذ البداية وهو يقف عند الباب.
بدأ مروان يبكي: هو أنا زيه يا ماما؟ أنا فعلا طلعت زيه؟ بس أنا والله عمري ما كرهتك، أنا بحبك أوي بس كنت متعصب وزعلان.
انحنى على يديها يقبلها فأبعدتها بسرعة وهى تضمه إليها أما هو تابع بنبرة باكية: سامحيني يا ماما أنا أول حد جه في بالي أنتِ، كنت خايف مشوفكيش تاني وأنتِ زعلانة مني، كنت عايز أشوفك أوي وأقولك تسامحيني.
قالت سلمى بحب: هو أنا زعلانة منك أصلا، أنت متعرفش يا حبيبي أنه قلب الأم للأسف مش بيعرف يزعل ولا يشيل من ولاده يا مروان وأنت أبني حبيبي وأول فرحتي مش زعلانة منك يا قلبي المهم الحمدلله بقيت بخير.
قالت بتردد: ومتكونش لسة زعلان مني علشان رغد.
قاطعها بسرعة: أنا خلاص مبقاش فارق معايا وعرفت أنها مش نصيبي يا ماما.
تدخل أمير فجأة قائلا بمرح ليكسر قليلا حالة الحزن السائدة: يعني خلاص مروان رجع مبقاش لأمير مكان، طول عمري بقول بتحبيه أكتر مني وبتنكري.
نظروا له بتفاجئ أما والدته قالت بعتاب: لأنه بحبكم الاتنين واحد يا أستاذ أمير وفعلا غلطان.
ثم نظرت لمروان بحنان: بس مروان البكري بردو.
قال أمير لمروان بمزاح: أهو غيبت عن البيت يوم وكانت زعلانة أوي حتى أنا حاولت أسليها منفعتش.
نظر مروان لأمير بإمتنان: شكرا يا أمير.
فهم أمير ما يرمي إليه شقيقه الأكبر فأوما برأسه بإبتسامة دون أن يرد ثم ضربه في كتفه بمرح: يلا خف بقا علشان نرجع نخرج زي زمان.
جاءت الضربة في كتف مروان المصاب فتأوه من الألم، ضربت سلمى بدورها أمير: أخوك تعبان بتضربه بطل بقا.
ضحك أمير بشدة ليشاركه مروان الضحك أما سلمى نظرت إليهم بمحبة وسعادة وقد كان هذا المشهد هو الأسعد والاحب لقلبها منذ زمن بعيدا.
بعد مرور عام كانت سلمى تستقبل الضيوف لحفل خطبة مروان الذي تعرف على زميلة له في العمل وقد أرتاح إليها وتقدموا لخطبتها وهذه المرة تمكن من القول بإرتياح ودون توتر أن والده متوفي وتمت الخطبة على خير فقد كانت الفتاة جميلة ولطيفة ومهذبة.
رأت سلمى أستاذ ناصف يُقِبل عليها وهو يقول بهدوء يكتنفه الوقار: مبارك يا مدام سلمى، عقبال تخرج أمير وجوازه.
أومأت سلمى بإبتسامة هادئة: الله يبارك في حضرتك، شكرا يا أستاذ ناصف.
أومأ لها ثم تابع طريقه ليجلس على إحدى الطاولات، فجأة وجدت سلمى شخصا يحيط بها وهو يقول بخبث: بس أستاذ ناصف متشيك أوي شكله كان نفسه يبقى دي خطوبته هو كمان.
نظرت لإبنها الذي لن يتغير وقالت بتوبيخ: أنت مش هتعقل أبدا، إحنا في خطوبة أخوك يا ولد وأنت مش صغير على الضرب.
ضحك أمير بشدة ثم قال لها: وليه بس يا جميل؟ ما كلنا في مرحلة هنحتاج اللي يبقى معانا ويمسك إيدينا للنهاية.
أبتسمت سلمى بسعادة: أنا فرحانة باللي وصلته له والحمد لله بحمد ربنا أديت واجبي ومقصرتش وعقبال ما أفرح بيك.
قبل جبينها بحب: عمرك ما قصرتِ يا ماما وهتضطري تستني شوية بيا لأني مش هعمل حاجة قبل ما أخلص الجيش تمام.
تركها هو أيضا ليرحب بأصدقائه أما هى فكرت في حديثه ثم هزت رأسها وضحكت أن ناصف شخص محترما لكنها لا تفكر في هذا النوع من الأمور أبدا، مع هذا لا تعرف إن كان سيتحقق أم لا، هى ستعلم مع الأيام أما الآن نظرت لأولادها وقلبها أخيرا يغمره الدفئ والسعادة دون أي قلق.
تمت
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عهود محطمة ) اسم الرواية