Ads by Google X

رواية خطاياها بيننا الفصل الواحد و العشرون 21 - بقلم هدير نور الدين

الصفحة الرئيسية

 رواية خطاياها بيننا كاملة بقلم هدير نور الدين عبر مدونة دليل الرويات 


 رواية خطاياها بيننا الفصل الواحد و العشرون 21

استيقظ جابر و هو يسعل بقوة فقد كان هناك دخان خانق يملئ الاجواء لكنه انتفض فازعاّ عندما شاهد النيران مشتعلة بلهيب متأجج كضوء النهار تلتهم كل شئ من حوله بالغرفة..
ايقظ غزل التى استيقظت تصرخ بخوف فور ان وقعت عينيها على النيران التى تحيط بهم اسرع جابر بحملها بين ذراعيه بعد ان التقط هاتفه و مفاتيح سيارته من الطاولة التي بجانب الفراش…
حمل غزل متجهاً بها نحو النافذة التى بالغرفة انزلها على قدميها حتر يفتح النافذة و هو يحاول تمالك اعصابه و السيطرة عليها لكن دب الرعب بداخله فور ان اكتشف ان النافذة تأبى الفتح فيبدو ان حدهم قد اغلقها من الخارج…
اخذ يضرب بيديه بكامل قوته محاولاً فتحها لكن فشلت محاولاته تلك..
التف باحثاً عن شئ يفتحها به ليتذكر الادوات التى اسفل الفراش الذى كانت النيران الان تلتهم جزء منه لكنه لم يكن امامه حل اخر فاذا لم يذهب و يحضر تلك المعدات سوف يموتوا محترقين فقد اصبحت النيران منتشرة بالغرفة..
صرخت غزل برغب فور ان رأته يتجه نحو الفراش المشتعل بالنيران
=رايح فين يا جابر… لا

امسك بيدها قائلاً بهدوء يعاكس الخوف الذى يلتهم قلبه لكنه كان يحاول تطمئنتها
=متخفيش… خاليكى هنا….
ثم تركها متجهاً نحو الفراش المشتعل مما جعلها تصرخ باكية بان يعود ثم التفت نحو النافذة تضربها بيديها محاولة فتحها لكن فشلت كل محاولاتها
وقفت تراقب باعين متسعة بالخوف و الرعب جابر و هو ينحنى اسفل الفراش بالجزء الذى كانت النيران لم تصل اليه بعد..
اخذ عدة لحظات طويلة يبحث عن المعدات حتى وجدها اخيراً عاد مسرعاً اليها يحمل اداة حادة كبيرة و بدأ يضرب بها النافذة..
بينما تمسكت غزل بقميصه من الخلف و كامل جسدها يرتجف خوفاً تبكى بشهقات ممزقة و هى تشاهد باعين متسعة بالرعب النيران التى اصبحت تملئ الغرفة و تقترب منهم….
اخذ جابر يضرب النافذة بكامل قوته لينجح بالنهاية بتحطيم جزء من النافذة بالفعل لكن اثناء فعله لذلك جرح يده التى اخذت تنزف بغزارة لكنه لم يبالى استمر بضرب النافذة حتى تحطمت بالكامل اسرع على الفور بحمل غزل و اخراجها من النافذة التى لم تكن عالية كثيراً فقد كان المنزل مكوناً من طابق واحد انزلها ثم قفز هو الاخر لاحقاً بها..
اسرع بحملها و ركض نحو سيارته التى كانت مصفوفة امام المنزل مباشرة فتحها و وضع غزل بداخلها ثم صعد بها و قادها مبتعداً قليلاً عن المنزل و ما ان فعل ذلك حتى انطلقت النيران من جميع النوافذ قاد السيارة مبتعداً اكثر ليسمعوا بعدها صوت انفجار عالى فقد انفجرت اسطوانة الغاز التى بالمنزل وجعلت منه حطاماً.
اوقف جابر السيارة بعيد عن المنزل المحترق بعدة اميال ثم التف الى زوجته التى كانت تبكى بانتحاب و كامل جسدها يرتجف خوفاً جذبها بين ذراعيه يضمها بقوة اليه دافناً وجهه بجانب عنقها ملتقطً نفساً طويلاً محملاً برائحتها الدافئة التى طمئنت قلبه العاصف قليلاً فقد كاد ان يفقدها الى الابد..و كاد ان يفقد حياته معها…
فى ذات الوقت…
وقف كرم على بعد عدة اميال بالاراضى الزراعية التى خلف المنزل يراقب انفجار المنزل و النيران المتأججة منه و ابتسامة واسعة شامتة تملئ ثغره شاعراً بفرح و سعادة لم يشعر بمثلهم من قبل
اخرج هاتفه واتصل بلبيبة قائلاً بفرح فور ان اجابت على اتصاله
=البقاء لله يا خالة لبيبة…. البقاء لله

هتفت لبيبة بحماس و لهفة
=ايه… عملتها يا واد يا كرم
اجابها باستمتاع و غرور
=اومال ايه طبعاً… هو انا بلعب
ليكمل وعينيه تلتمع بالغل و الحقد
=ده انا فحمتهم… عارفة يعنى ايه فحمتهم
ابتسمت لبيبة بفرح قائلة
=عفارم عليك يا واد.. راجل ابن راجل بصحيح بردت نار قلبى اخيراً
لتكمل بشك و خوف
=انت أمنت نفسك كويس.. متأكد محدش شافك بدل ما نروح فى ستين داهية
اجابها بهدوء و ثقة
=اطمنى كله تمام… البيت فى حتة مقطوعة و مفيش غير حراس الارضى اللى موجودين و دول مشغولين بالارض….
ليكمل باستهزاء وسخرية
=يلا اجهزى علشان تستقبلوا الخبر… زمان الحراس اللى فى الارض القبلية شافوا النار اكيد كانوا عارفين ان جابر كان هناك هيجوا يبلغكوا…
اجابته لبيبة مهمهمة بالايجاب قبل ان تغلق معه..
بينما وقف كرم يشاهد النيران باستمتاع عدة لحظات قبل ان يلتف هارباً قبل ان يلاحظه احد….
༺༺༺༻༻༻
بعد مرور ساعتين…
قاد جابر السيارة حتى مدينة المنصورة كانت غزل تمسك بيده التى كانت تنزف على الرغم من شعورها بالألم الا انها كانت تقاوم من اجل جابر فقد كانت تشعر بالخوف و القلق عليه بسبب نزيف يده على الرغم انه كان يطمئنها انه بخير الا انها لم تستطع تصديقه…
غمغمت بصوت مرتجف و هى تشاهد يده التى كانت تنزف بغزارة
=لازم نروح المستشفى يا جابر
هز رأسه قائلاً برفض
=مش مستاهلة يا غزل….
هتفت به بعصبية و هى تكاد تفقد اعصابها بسبب ألام جسدها
=هو ايه اللي مش مستاهلة ايدك بتنزف اوقف عند اقرب مستشفى يا جابر…..
غمغم بهدوء و عينيه مسلطة على الطريق امامه متجاهلاً الألام المبرحة التى بيده
=بعدين يا غزل.. المهم دلوقتى نروح قبل ما تجيلك النوبة
صرخت وهى فى حالة شبه هستيرية
=اوقف عند اقرب مستشفى يا جابر قولتلك…
زفر جابر بحدة و هو يومأ برأسه باستسلام فلم يكن يرغب بالدخول بشجار معها فهى لم تكن بحالتها الطبيعية بعد لازالت تعانى من اثر المخدرات…
قاد السيارة بهدوء حتى اوقفها اخيراً امام احدى المشافى الخاصة التف اليها قائلاً بهدوء
=خاليكى هنا يا حبيبتى هدخل انا بسرعة و هاجى على طول
غمغمت بحدة وهى تفتح باب السيارة
=هاجى معاك…
اسرع جابر باغلاق بابها مرة اخرى قائلاً بصبر و هو يشير نحو شعرها
=مينفعش يا حبيبتى انتى ناسية انك من غير الطرحة بتاعتك… مينفعش حد يشوفك كدة.. انا 10 دقايق بالكتير و هكون هنا
اومأت برأسها بتفهم ممررة يدها فوق شعرها الذى كانت قد نسيت امره خرج جابر من السيارة واحكم اغلاقها حتى لا تستطيع فتحها فى غيابه و الهرب فهو اصبح لا يعلم ما يمكن ان تفعله بسبب ادمانها هذا…
بعد ربع ساعة…
بعد ان قام الطبيب بتقطيب جرحه بعدة غرز عاد جابر للسيارة ليجد غزل متقوقعة فى مقعدها تحيط جسدها بذراعيها تأن بألم جلس بجانبها قائلاً بهلع وقلق
=مالك… يا حبيبتى…
همست باكية و وجهها مشدود بالألم الذى كان يمزق جسدها فقد كانت تشعر كما لو ان هناك نيران تحرق جسدها
=مش قادرة يا جابر بموت… نار فى جسمى… مش قادرة
شعر بغصة تخنقه و هو يراها تتألم بهذا الشكل قاد السيارة باقصى سرعة متجهاً نحو منزله الخاص بالمنصورة..
فور ان وصل امام المنزل حملها بين ذراعيه وصعد بها الى الاعلى كان كامل جسدها متصلب من شدة الألم بين ذراعيه..
فتح باب الشقة و دلف الى الداخل متجهاً على الفور نحو الحمام انزلها برفق لتقف على ارضية الحمام حافية القدميين فعندما هربت من النيران لم تكن ترتدى سوا عباءة النوم الخفيفة التى عليها الان..
نزع جابر ملابسها مشغلاً الدش من ثم جذبها اسفله لتغرقها على الفور المياة الباردة كالثلج فقد كانوا بفصل الشتاء القارس برودة خاصة فى شهر يناير…
وقف معها اسفل المياة بعد ان نزع ملابسه يضمها اليه برفق ممرراً يده بحنان فوق ظهرها لكن ظل جسدها يرتجف ألماً مما جعله يزيد من احتضانه لها محاولاً جعلها تقف اكثر وقت ممكن اسفل المياة الباردة حتى تهدئ من نيران جسدها بسبب مرضها
بالفعل لم تمر عدة دقائق الا وانتهت نوبة ألمها فقد خفف الماء البارد من حدة الألم دفنت وجهها بجانب عنقه تلتقط نفساً طويلاً و هى تشعر بالراحة اخفض جابر رأسه نحوها هامساً باذنها بحنان عندما شعر بها تسترخى بين ذراعيه
=احسن..؟؟
اومأت برأسها مهمهمة بالايجاب و هى تدفن وجهها اكثر بحنايا عنقه مغلقة عينيها.
ظل جابر واقفاً معها اسفل المياة حتى تخدر جسده من شدة البرود اغلق الصنبور ثم تناول منشفة كبيرة جفف جسدها بحنان ثم تناول اخرى جفف جسده بها..
حملها بين ذراعيه خارجاً من الحمام مما جعلها تغمغم ببعض المرح رغم انها لازالت تعانى من اثر بعض الألم لكنها ارادت تخفيف الامر عليهمقبلة خده برفق
=بعرف امشى على فكرة…
ابتسم جابر قائلاً بلطف
=عارف… انك بتعرفى تمشى…
ليكمل هامساً باذنها كما لو كان سيخبرها سراً
=بس بينى و بينك بتلكك علشان اشيلك
ضحكت بمرح و خدييها يحمران بالخجل مما جعل السعادة تتراقص بداخله فور ان رأى حالتها تلك فقد كان يعانى من رؤيته لها تتعذب من الألم طوال الايام الماضية..

اخفضها امام خزانة الملابس التى كانت تحتوى على بعض من ملابسه التى كان يتركها هنا
اخرج احدى قمصانه ومرره فوق رأسها ملبسها اياه فور ان انتهى طبع قبلة فوق رأسها ضامماً اياها الى صدره يحتضنها بقوة قبل ان يتركها و يتجه نحو الخزانة مخرجاً ملابسه الخاصة بالنوم اسرع بارتداءها قبل ان يتجه نحو طاولة الزينة و يتناول الفرشاة من عليها…
وقف خلف غزل وبدأ يمشط شعرها بحنان حتى جف و استرسل فوق ظهرها اتجه نحو الطاولة متناولاً الحقيبة الصغيرة التى اتى بها من المشفى..
فعندما كان بالمشفى ليقطب جرح يده اتصل بصديقه الطبيب و طلب منه ان يوصف له علاج زوجته من جديد ثم قام بشراءه من الصيدلية التابعة للمشفى..
اخرج حبة وضعها بين يديها ثم خرج ليحضر لها كوب من الماء. احضره و عاد اليها مناولها اياه
بعد ان تناولت غزل دوائها بطاعة حملها جابر بين ذراعيه مما جعلها تضحك رغم شعورها ببعض الألم الطفيف ابتسم جابر فور سماعه ضحكتها تلك…
استلقى على الفراش محتضناً اياها بقوة بين ذراعيه بينما تسند هى رأسها على صدره العريض الصلب امسكت بيده المصابة مقبلة اياها برفق هامسة
=تفتكر الحريق كان صدفة ولا كان حد عايز يموتنا…
قطب جابى حاجبيه قائلاً
=لا دى حد مدبرهالنا… و الا مين اللى قفل الشباك من برا…
ارتجف جسدها بخوف فور سماعها كلماته تلك مما جعله يحيط خصرها بذراعه يضمها اليها و هو يكمل
=علشان كدة مش عايز حد يعرف مكانا هنا… لحد ما ربنا يشفيكى و نقدر نرجع…
ليكمل وعينيه تلتمع بالقسوة و الغضب
=وقتها قسماً بالله ما هرحم حد فيهم
اومأت غزل برأسها قبل ان ترفع رأسها عن صدره تنظر اليه لتجد عينيه مشتعلة بنيران الغضب الحارقة مما جعلها ترغب من التخفيف من غضبه هذا
=بحبك يا جابرى….
لتنجح خطتها بالحال ارتسمت على شفتيه ابتسامة دافئة منحنياً نحوها طابعاً قبلة فوق جبينها مغمغماً بصوت ممتلئ بعشقه لها
=و انا بعشقك يا قلب و روح جابرى
ابتسمت برضا عاقدة ذراعيها من حوله دافنة وجهها بحنايا عنقه تستنشق بعمق رائحته التى تعشقها و التى تبث بداخلها الطمئنانة قبل ان تغلق عينيها وتغرق بنوم هادئ و عميق بين ذراعيه
༺༺༺༻༻༻

فى صباح اليوم التالى…
بغرفة الاستقبال..
كان عثمان جالساً بوجه مكفهر هاتفاً بغضب بلبيبة الجالسة على المقعد الذى امامه
=كل ده حصل… و انا غايب…
ليكمل بحدة عاصفاً بقسوة
=ليه مبلغتنيش يا لبيبة… مستنية ايه لما يموتوا ويخلصوا على بعض
اجابته لبيبة بحدة و انفعال والغيرة تنهش قلبها
=و هو انت كنت فاضى ما انت قاعد جنب ازهار طول الوقت فى المستشفى و كلمتك تليفونك كان مقفول
شعر عثمان بالذنب يجتاحه لاهماله اولاده فلو كان موجوداً وقتها ما سمح للأمر يصل بينهم الى هذا الحد غمغم قائلاً و هو يمد يده نحو لبيبة
=هاتى مفتاح اوضة بسمة
تصنعت لبيبة بالخوف قائلة بتردد مصطنع
=بس… بس جابر لو عرف هيطين عيشتى
زمجر عثمان عاصفاً بشراسة
=جابر اللى انتى مرعوبة منه ده انا ابوه… انا اللى كلمتى تمشى فى البيت ده ولا خلاص نسيتوا
اومأت لبيبة قائلة بخوف و هى تربت فوق ذراعه محاولة تهدئته
=لا طبعاً يا خويا ننسى ازاى ده انت حسك بالدنيا كلها.. و كلمتك سيف على رقبتنا…
لتكمل و هى تخرج المفتاح من محافظتها
=امسك ياخويا المفتاح اهو
اخذه منها عثمان و قاد مقعده نحو غرفة بسمة عن طريق الدرج المخصص لمقعده ادار المفتاح من ثم طرق برفق علي الباب قبل ان يفتحه دلف الى الداخل لتلحق به لبيبة لكنه التف واقفاً بمقعده فى طريقها كحصناً منيع يمنعها من الدخول قائلاً بفظاظة
=عايزة ايه يا لبيبة.. انا عايزة اتكلم انا و بنتى لوحدنا…
احمر وجه لبيبة بالغضب مهمهمة باحراج
=و ماله يا خويا… و ماله
لتكمل بحرج و هى تلتف مغادرة
=هنزل اشوف سعدية و البنات هيحضرولنا ايه على الغدا
اغلق الباب خلفها عثمان ثم التف بمقعده متجهاً نحو ابنته التى كانت جالسة على الفراش تحدق به برفض هاتفة بغضب
=خير جاى ليه..؟ جاى تشمت فيا مش كدة…
لتكمل بغضب اكبر ترمقه بنظرات مشتعلة
=ولا جاى.. تبهدل فيا و تكمل اللى ابنك عمله علشان خاطر بنت حبيبة القلب..
اتجه نحوها عثمان قائلاً بهدوء
=اشمت فيكى…!! هو فى اب يشمت فى بنته يا بسمة
قاطعته هاتفة بحدة وهى تنتفض واقفة من الفراش
=انا مش بنتك… بنتك غزل بنت حبيبة القلب ازهار… غزل اللى دايماً بتفضلها عليا
اقترب منها حتى اصبح امامها قائلاً
=عمرى ما فضلتها عليكى… ده وهم عششته فى راسك امك الله يرحمها بقى و يسامحها
هتفت بقسوة و عصبية
=مالكش دعوة بامى… و ايوة انت بتفضلها عليا…
قاطعها عثمان بحزم
=محصلش… افتكرى مين اللى كان بيغرقك فلوس ولعب ده انا مكنتش بروح فى مكان الا و انتى فى ايدى كان الناس مسمينك دلوعة ابوكى من كتر ما كنت بدلع فيكى… غزل كانت يتيمة و كان لازم اراعها اها انا بحبها بس عمرى ما هحبها اكتر منك انتى روحى و نور عينى يا بسمة
غمغمت بسمة بارتباك و قد بدأت تتأثر بكلماته تلك
=يوم الحريقة مصدقتنيش… و وقفت جنبها…
اجابها بهدوء بكلمات تحتوى على اللوم والعتاب
=علشان انتى كنت بتكدبى … زى ما امك الله يرحمها كدبت علشان تلبس ازهار نفس التهمة.. اللى هيجننى ازاى هانت عليكى نفسك
احمر وجه بسمة بالخجل فقد كانت تعلم باتفاق والدتها و لبيبة بان تتدعى وفاء ان ازهار حاولت حر.قها فقد كانت بسمة مراهقة وقتها و كانت تقف فى صف والدتها ضد والدها الذى كانت تشعر بالغيرة عليه من حبه لازهار و ابنتها .
همست بصوت مرتجف وهى تفرك يديها بعصبية
=انا مش مجنونة يا بابا علشان احرق نفسى علشان بس اتهم غزل….
لتكمل باضطراب و عصبية و هى تتحدث لأول مرة مع شخص عن حقيقة تلك الحادثة
=انا كنت بحب كرم ابن عمى… و لما عرفت انه بيحب غزل اتجننت و غيرت اكتر كنت عايزة أأذيها باى شكل…. كنت عايزة جابر يكرهها و يطردها من البيت لما يعرف انها حاولت تحرقنى… زى ما امها حاولت تعمل فى أمنا….
همست وعينيها تلتمع بالدموع و هى تردف
=يومها انا رميت على نفسى البنزين وكنت ناوية اصوت واقول انها حاولت تحر.قنى.. بس البوتجاز كان شغال ومخدتش بالى عديت من جنبه و النار مسكت فيا…
اقترب منها عثمان جاذباً اياها من يدها مجلساً اياها على ساقيه محتضناً اياها بحنان مما جعلها تدفن وجهها بصدره و تنفجر فى نحيب مؤلم اخذ يربت على ظهرها محاولاً تهدئتها…
ظلت تبكى بحضن والدها هامسة من بين شهقات بكائها الممزقة
=انا عارفة انى غلطت… بس غيرتى كانت عميانى يا بابا
اخذ عثمان يربت على ظهرها محاولاً تهدئتها وعندما هدئت قليلاً رفع رأسها اليه قائلاً
=كلنا بنغلط يا حبيبتى المهم تتعلمى من غلطك.. لان محدش اتأذى من اللى عملتيه ده غيرك..
ليكمل بهدوء
=ها هتوافقى بقى تعملي عملية التجميل اللى رفضتى تعمليها علشان كانت بفلوسى
ليكمل وهو مقطب الحاجبين
=طيب و رفضتى تخلى جابر يعملهالك ليه
اجابته بصوت منخفض
=علشان بعد اللى حصل افتكرته هيطردها لكن هو كان بيحبها اها شغالها خدامة بس اللى كان بيجى جنبها كان بياكله بسنانه
هز عثمان رأسه قائلاً بحيرة من ابنته
=عايزاه يعمل فيها ايه اكتر من اللى عمله يا بسمة
ليكمل وهو يربت برفق على ذراعها
=ها موافقة تعملى العملية اكلم الدكتور…
هزت رأسها بالموافقة مبتسمة مما جعله يحتضنها قائلاً بفرح
=الحمد لله… ربنا يهديكى يا بنتى
همست بسمة وهى تضمه بقوة
=انا بحبك اوى يا بابا….

قبل رأسها قائلاً بفرح من سماعه تنطق بهذة الكلمات اخيراً
=وانا بحبك يا حبيبة قلب بابا… ليكمل بمرح و هو يدغدغها ببطنها
=دلوعة بابا
ضحكت بسمة بسعادة شاعرة كما لو كانت قد عادت للمنزل كما لو ان كل متاعبها و حزنها قد اختفوا اخيراً
ظلوا على وضعهم هذا غارقين بالهدوء حتى قاطع الهدوء المحيط بهم صوت صراخ لبيبة
=يالهـــــــــــــوى مكنش يومك جابر…
انتفضت بسمة من فوق ساق والدها الذى شحب وجهه كشحوب الموتى فور سماعه صراخ و عويل لبيبة
هتفت بسمة فزع و هى تركض خارجة من الغرفة
=ماله اخويا… ماله جابر
بينما لحق بها عثمان مهرولاً بمقعده وهو يهتف بخوف
=استرها يا رب… الا ابنى …الا ابنى يا رب اختبرنى فى اى حاجة الا ولادى…
هبطوا الى الاسفل ليجدوا لبيبة تفترش الارض تضرب يديها بساقيها و هى تصرخ بعويل و امامها يقف رجلان من حراس الاراضى
=ياللى شببكوا ضاع… يا غزل يا جاااابر
هتف عثمان بفزع و خوف
=فى ايه يا لبيبة….
ليكمل ملتفاً نحو الرجال قائلاً بلهفة عندما ظلت لبيبه تصرخ باكية دون ان تجيبه
=فى ايه انتوا انطقوا…
اجابه احدى الرجال بصوت حزين منكسر
=البقاء لله يا عثمان بيه… جابر بيه والست غزل بيتهم اتحرق امبارح الفجر الانبوبة فرقعت فيه
صرخت بسمة بعويل شديد قبل ان تنهار ارضاً منفجرة غى البكاء و الصراخ بينما هتف بهم عثمان و كامل جسده يرتجف
=بيت ايه اللى اتحرق بيهم.. وانتوا عرفتوا منين انهم جوا البيت ده من الاساس
اجابه احدى الرجال
=البيت اللى فى الجهة القبلية يا بيه.. و جابر بيه و غزل مراته شوفناهم اليومين اللى فاتوا هناك…
ابتلع عثمان غصة البكاء التى خنقته قائلاً
=لقيتوا جثاثهم….
غمغم الرجل قائلاً بأسف
=البيت اتفحم يا باشا … وكل اللى فيه بقى رماد خصوصاً لما الانبوبة انفجرت
هز عثمان رأسه قائلاً بصوت مرتجف
=لا…لا انا ابنى عايش… قلبى بيقولى عايش… فى حاجة غلط يعنى ايه البيت اتفحم…
نهضت لبيبة التى كانت تمثل الحزن والبكاء واقفة بجانبه تواسيه
=وحد الله يا عثمان… ربنا يصبر قلبك…
صرخ عثمان بحدة و هو بتراجع مبتعداً عنها رافضاً لمستها
=بقولك ابنى مماتش.. سمعتوا ابنى مماتش…. غزل مماتتش….
دفن وجهه بين يديه منهاراً فى البكاء بينما اقتربت منه بسمة تحتضنه و هى تبكى بنحيب ممزق فقد كانت لا تشعر بالحزن على شقيقه فقط بل على غزل ايضاً فلم تكن تعلم انها ستحزن على موتها هكذا..
انطلق رنين هاتف عثمان لكنه تجاهله فى البداية لكن عندما استمر الرنين لمدة طويلة اضطر الى الايجاب
رد عثمان بصوت ضعيف حزين لكنه فور ان سمع صوت ابنه هتف بفرح و صدمة باكياً
=جابر… ياحبيبى يا بنى انت عايشو غزل طمنى على غزل
شحب وجه لبيبة فور سماعها ذلك هتفت بهلع وهى تنهار ارضاً جالسة
=ايه… جابر عايش…
لتكمل هامسة بغيظ
=يخربيتك ياكرم و يخربيت سنينك
اجاب جابر والده قائلاً بهدوء محاولاً تطمئنته
=الحمد لله يا بابا اطمنا احنا كويسين متقلقش…
غمغم عثمان من بين بكاءه قائلاً
=انتوا فين يا بنى طيب طمن قلبى.
اجابه جابر قائلاً رافضاً الافصاح عن مكان وجودهم حتى لا يحدث ما حدث اخر مرة
=احنا بخير يا بابا… متقلقش
اختطفت بسمة الهاتف من والدها قائلة بلهفة من بين شهقات بكائها
=جابر… متزعلش منى والله العظيم انا ما حطيت حاجة لغزل صدقنى…
غمغمم جابر قائلاً
=مش وقته يا بسمة…
ليكمل قائلاً سريعاً
=انا مضطر اقفل.. سلام
ارتمت بسمة بحضن والدها تبكى و هى تغمغم
=الحمد لله يا بابا ربنا طمنا عليهم…
همهم عثمان و هو يرفع رأسه للسماء
=الف حمد و شكر ليك يا رب
بينما جلست لبيبة على الارض تتطلع بصدمة امامها و هى لا تصدق ان كل ما خططت له قد انهار و انها عادت من جديد لنقطة الصفر ….
༺༺༺༻༻༻
بعد مرور 3 أشهر…
استيقظ جابر من النوم يبحث عن زوجته بانحاء الشقة ليجدها اخيراً واقفة بالمطبخ تعد الطعام وهى تغنى استند الى اطار الباب يراقب بسعادة و اعين تلتمع بالشغفة زوجته وهى تتراقص و تغنى بصوت عذب بينما هى مشغولة باعداد الطعام لهم شاعراً بالسعادة تجتاحه فقد اشتاق الى رؤيتها بحالتها تلك من الراحة والسعادة فقد توقفت اخيراً نوبات الألم و استعادة بعضاً من وزنها الذى فقدته..
فقد اخبره الطبيب انها على مشارف الشفاء تماماً فقد كان يتعذب لعذابها فرؤيتها تتألم بينما هو عاجز عن مساعدتها جعله يرغب بالموت…
اقترب منها واقفاً خلفها يعقد ذراعيه حول خصرها قائلاً و هو يقبل عنقها بحنان
=حبيبى بيعمل ايه…؟!
ضحكت غزل بسعادة بينما تستدير بين ذراعيه لتصبح بمواجهته
=بعمل لحبيبى الأكل اللى بيحبه
قضب جابر حاجبيه قائلاً بغضب مصطنع
=و ياترى بقى مين حبيبك ده يا ست هانم…؟
تصنعت التفكير قليلاً قبل ان تحيط عنقه بذراعيها
=حبيب قلب و روحى اللى فضل طول ال٣شهور اللى فاتوا يهتم بيا… و ياخد باله منى كأنى روحه…
طبع قبلة فوق جبينها قائلاً بحنان وعينيه تلتمع بالشغف والعشق
=ما انتى روحى فعلاً يا غزل…
احتضنته بقوة قبل ان تقف على اطراف اصابعها و تطبع قبلة سريعة فوق شفتيه قائلة بدلال اطاح بعقله
=طيب هتساعد روحك.. فى لف المحشى
عقد حاجبيه قائلاً برفض و استنكار
=ألف محشى ده كلام يا غزل برضو…
وضعت يدها بخصرها قائلة بحدة
=وفيها ايه بقى يا سى جابر… يعنى مش عايز تساعدنى
ابتسم رافعاً يدها الى فمه مقبلاً اياها بحنان
=هساعدك طبعاً و انا اقدر اقول لا…
اشارت نحو الطاولة التى تنتصف الغرفة قائلة بحزم
=طيب اتفضل يا باشا اقعد
اومأ برأسه جالساً امامها قائلاً وهو ينظر بحيرة الى المكونات التى امامه
=و ده بيتحشى ازاى
=بص و اتعلم…….
قالت مشيرة اليه بان يفعل مثلها بدأ جابر يقلدها لكنه فشل القاه من يده قائلاً بعصبية و عدم صبر
=بقولك ايه يا غزل… انا ماليش خلق بلا محشى بلا بتاع ماله الفراخ المسلوقة اللى كنت بعملهالك
رفعت حاجبها قائلة بسخرية لاذعة
=لا والله… اومال ليك خلق تاكله بس..لما بقعد بالساعات اللف فيه و يتقطم ظهرى
غمغم جابر سريعاً و هو يضع يده فوق فمها
=خلاص… خلاص اقفلى الراديو ده هلف المحشى…
ثم ا لتقط ورقة من الملفوف و اعاد ملئها بالارز و لفها اخذ يتعثر بالبداية عدة مرات لكنه بالنهاية استطاع لفها ابتسمت غزل بفرح قائلة وهى ترسل قبلة له بالهواء
=شاطر يا جبورتى…
ابتسم قائلاً بفخر وهو يرفع اصبع الملفوف الذى صنعه
=شايفة الصباع بتاعى احلى من بتاعك ازاى…
انفجرت بالضحك مما جعله يهتف بغضب
=بتضحكى على ايه؟؟
اشارت الى اصبع الملفوف الضخم الذى بيده
=بضحك على الساندوتش اللى انت عامله و بتقول عليه صباع محشى…
ده انا ممكن اتغدى به بس…..
لتكمل و هى ترفع اصبع الملفوف الخاص بها امام عينيه
=شايف صباع المحشى اللى على حق و يتاكل اكل…
امسك جابر بيدها تلك ملتقطاً بين اسنانه عاضضاً اياها مما جعلها تصرخ ضاربة اياه بكتفه هاتفة بغضب وهى تفرك اثر عضته
=بتعضنى يا جابر….
لتكمل وهى تنهض تقبض على شعره تجذبه بقوة قبل ان تنحنى و تعض كتفه مما جعله يصرخ متألماً
=اها… يا بنت بالعضاضة
ابتعدت عنه قائلة برضا
=احسن…. تستاهل
امسك بيدها جاذباً اياها نحوه لتسقط فوق ساقيه جالسة احاط وجهها بيديه قائلاً بصوت اجش
=اعضك و اخليكى تعيطى دلوقتى…
هزت غزل رأسها بصمت وهى تتصنع البرائة همت بالابتعاد عنه لكنه رفض تحريرها انحني نحوها ممرر اً يده برقه فوق وجهها يرسم ملامحها باصبعه ببطئ شعرت برجفة حادة تسري بسائر جسدها عندما شعرت بانفاسه الدافئة تمر فوق وجهها وقفت تنظر اليه بعينين متسعه بينما اخذ صدرها يعلو وينخفض بشدة وهي تكافح لالتقاط انفاسها فقد مر اكثر من اربعة اشهر دون ان يلمسها هكذا بسبب رفضها له قبل اكتشاف ادمانها و ثلاثة اشهر اخرى خلال علاجها..
مال نحوها و شفتيه تلمس شفتيها و يده تمر ببطئ على عنقها يجذبها اقرب اليه بينما يستحوذ بالكامل علي شفتيها مقبلاً اياها بشغف مما جعل النيران تنتشر بداخله كالحمم الملتهبة فقد كان يريدها اكثر ما يريد انفاسه القادمة فقد اشتاق اليها و الى لمسها فصل قبلتهم..
و نهض حاملاً اياها بين ذراعيه متجهاً بها نحو غرفة النوم ليغرقوا بعدها ببحر عشقهم الذى طال غيابهم عنه…
༺༺༺༻༻༻
بعد مرور شهر….
عاد جابر و غزل الى المنزل ركضت نحوهم بسمة فور دخولهم من باب المنزل ترتمى بين ذراعى شقيقها تضمه بقوة و هى تبكى ضمها جابر اليه فقد كان الان متأكداً بان بسمة ليس لها يد بما حدث لغزل فبعد محاولة حرقهم اصبح شكه ينحصر على لبيبة فقط فشقيقته لن ترغب بايذاءه فهو متأكد من مدى حبها له…
لدهشته احتضنت بسمة غزل قائلة ببكاء
=حقك عليا يا غزل… انا مكنتش اعرف انى بحبك كدة الا لما افتكرت انك موتى…
نظرت اليه غزل بتردد و هى لا تدرى بما تجيبها يعلم انها لا تستطيع مسامحتها بسهولة فبسمة قامت بأذاءها كثيراً لكن لراحته اومأت لها غزل بصمت
بينما غمغم هو متسائلاً
=اومال فين بابا…
اجابته بسمة مبتسمة
=بابا فى المستشفى عند الخالة ازهار بقاله 3 ايام…
غمغمت غزل قائلة بقلق
=ليه فى حاجة…؟
اجابتها بسمة سريعاً
=لا ابداً هو حب بس يقضى الوقت معاها . زى عادته مفيش…………
لكنها ابتلعت باقى جملتها تنظر الى الباب الذى خلف جابر و غزل هامسة باختناق
=ايه ده ..
هزت غزل رأسها بينما عقد جابر حاجبيه باستفهام استدارت غزل تنظر خلفها الى ما جعل بسمة تنصدم بهذا الشكل لكن اهتز جسدها بصدمة فور ان رأت والدتها تدلف من باب المنزل يصحبها عثمان

google-playkhamsatmostaqltradent