رواية اغصان الزيتون كاملة بقلم ياسمين عادل عبر مدونة دليل الروايات
رواية اغصان الزيتون الفصل السادس و السبعون 76
||^ أغـصان الـزيتـون ^||
الفصل السادس والسبعون:-
الجُـزء الثـاني.
“في القواعد لا يتفق أبدًا المتضادان، لا يلتقي الموجبان والسالبان، ولا يسير على القضبان قطاران.. لكننا كـسرنا -ولأول مرة- تلك القواعد.”
____________________________________
مرّ عليها بضع ثوانٍ من الذهول، وهي تنظر لكفه المبسوط أمامها، ثم وأخيرًا هتفت بشئ من الإنفعال :
– أكيد مش في وعيك!.. انت اتجننت؟ أنا أحط إيدي في إيدك انت؟؟
لم يسحب يده من أمامها، بل خطى نحوها خطوة وهتف بإصرار :
– كل اللي بتقوليه ده مش وقته.. أنا لازم ألاقي زيدان وأوصل لقاتل يسرا وانتي هتساعديني في ده.
بسمةٍ هازئة لوحت فوق أفق شفتيها، بتقول بعدها بإستنكارٍ مهين :
– أمال رجالتك فين، وصلاح راح فين؟ جاي تطلب مني أنا أساعدك! ده لو بتموت قدامي مش هعمل كده.
لم يُخفض يده الممدودة بالسلام لها، بل دفع بها إليها لأقرب مسافة حتى فصل بينهما عدة سنتيمترات عديدة، وحاول أن يلمس وترًا حساسًا سيكون من وسعه التأثير الجذري على قرارها :
– انتي مش هتعملي ده عشاني، أنا لو عليا مستحيل اتعاون معاكي، إنما الضرورة حكمت، وانا عارف إن يسرا هي اللي الوحيدة اللي تقبلتيها مننا.
رخى صوته لدى تلك العبارة الأخيرة، متابعًا بصوت أكثر لينًا وتأثرًا :
– وهي كمان خدت صفك وحبيتك، عشان كده بطلب منك دلوقتي تساعديني.
كلماته أثرت على عاطفتها، لا سيما إنها شاعرة بالذنب الكبير حيال “يسرا” حتى الآن، مما دفع بواطنها المتعاطفة مع ميتتها البشعة لأخذ اتجاة مُغاير لعقلها تمامًا، ولأول مرة نظرت لكفهِ في ترددٍ وحيرة، للحظات وهي ساهمة هكذا والصمت سيد الموقف، حتى اندفعت بكامل إرادتها الحُرة وصافحت يدهِ الممدودة لإعلاء كلمة الهُدنة؛ لكنها أصرّت على توضيح نيتها :
– أنا موافقة عشان يسرا بس.. لكن وضعنا مع بعض زي ما هو يا حمزة.
وسحبت يدها من كفه الذي أطبق أصابعه عليه، ثم تابعت :
– واعتبر زيدان بقى معاك خلاص.
لا يعلم من أين أنته هذه الثقة فيها، كيف صدق إنها تستطيع أن تفعل، بل وآمن أن لا أحد غيرها في وسعه القيام بذلك!.. نظر إليها متأملًا أن تنقذه من هنا، أن تعطيه لجام “زيدان” كي يعلم حقيقة الأمر المرير، ولم تفارقها عيناه حتى خرجت، فـ أسبل جفونه وهو يهمس بتحسرٍ متوعد ذلك الحيوان الغادر الذي اختطف روحها :
– أوصله بس، ساعتها هعمل منه عبرة يتحكي عنها.
**************************************
– مستحيل ده يحصل، أنا مش موافقك أبدًا على الجنان ده.
صدح صوت “نضال” عاليًا، وهو يرفض رفضًا قاطعًا ما تنويه “سُلاف” من خطوة جنونية ستدفع بها لقاع الخطر، ورغم هذا كانت قد أعلنت نواياها المستميتة في الإنقضاض على قاتل “يسرا” وتسليمه على الأقل للمحاكمة :
– مش جنان يا نضال، أنا هجيب حق يسرا مهما كان التمن، مش هسيب ضميري مموتني بالشكل ده وفي قاتل عايش حياته برا.
دنى منها” نضال” خطوتين، ليرمقها بنظراتٍ حامية وهو يسألها مستنكرًا :
– واحنا كنّا عايزين إيه من الأول يا سُلاف، مش غايتنا كانت نسجن حمزة وأبوه ويعيشوا عمرهم كله ورا الحديد!! إزاي بعد ما راغب دخله عايزه تخرجيه، أنا مستغربك جدًا ومش فاهم إيه دوافعك عشان تدافعي عنه!؟.
اندفعت “سُلاف” بتهورٍ متعصب لتصيح بـ :
– مش هيدخله مظلوم يا نضال، هيدخله بذنبه هو مش بإيدنا، إحنا أصحاب حق مش ظالمين زيهم.
والتفتت تنظر لعمها الذي التزم بالصمت منذ أول جلستهم، وسألته بجدية :
– ولا إيه يا عمي؟ مش ده كلامك.. مش انت اللي قولت هيدفعوا التمن بأثمهم؟.
أخفض “مصطفى” نظراته عنهما، قبل أن يردف بـ :
– ظلم الظالم عدل يا سُلاف.
رفضت “سُلاف” تلك الطريقة التي تورطت بها “يسرا” وضاعت حياتها بسببها :
– مش في موضوع زي ده، أنا عايزة حق البنت اللي راحت دي.
تأفف “نضال” بنفاذ صبر، وذكّرها بحقد “راغب” الشديد على “حمزة” والذي لن يترك جذور الأمر :
– راغب لو عرف إن انتي اللي ساعدتي حمزة هتبقى مدعكة يا سُلاف.
سئمت “سُلاف” محاولاتها المتكررة لتبرير نفسها، وقررت أن تفرّ من حصارهم عليها :
– خلاص خرجوا نفسكم من الموضوع وسيبهولي، أنا هتصرف فيه.
نظرت “سُلاف” بإتجاه “عِبيد” قبل أن تهتف بـ :
– يلا يا عِبيد، ورانا حاجات كتير لازم تتعمل.
واستبقته بالخروج، فـ تعلقت عينا “عِبيد” بـ” مصطفى” گمن ينتظر الإشارة، فـ أومأ “مصطفى” برأسه وأردف بخفوت :
– قولها على مكان زيدان يا عِبيد، طالما سُلاف حطته في دماغها يبقى هتوصل هتوصل.
أسرع “عِبيد” بالخروج من خلفها قبل أن تلاحظ تأخيره، فـ سمحت فرصة انفرادهم لأن يسأل “نضال” متوجسًا :
– إيه رأيك في اللي بيحصل يا عم مصطفى؟.. أنا مش مرتاح.
ضغط “مصطفى” على ساقه المبتورة بأصابعه المغتاظة، ثم هتف بـ :
– ولا أنا يا نضال.
***************************************
كان لقائهِ بالنيابة مُدينًا له، وكافة الأدلة الغير ملموسة تشير إليه بوضوح، حتى اختفاء “زيدان” الغير مبرر وطدت من قوة الدلائل المضادة لأقواله، صارع” حمزة” أمام النيابة من أجل الحصول على خروج من سراي النيابة بضمان مهنتهِ ومحل الإقامة الثابت؛ لكن صراعهِ المستميت هذا لم يجدي نفعًا، وفي النهاية أمرت النيابة بحبسهِ أربعة أيام على ذمة التحقيقات، ولحين ظهور دليل ينفي إدانتهِ. خرج “حمزة” برفقة المجند، وعيناه تبحث عنها هنا وهناك، فلم يجد سوى أبيه الذي همّ إليه متسائلًا :
– ها؟.
فأجاب “حمزة” وعيناه تُطلق حُمم بركانية شديدة التوهج، حتى أنفاسه گأنها گالنار المُسعّرة تخرج من صدرهِ :
– ٤ أيام على ذمة التحقيق.
حدق “صلاح” فيه متفاجئًا :
– إزاي الكلام ده، ما تفــهمنـي مخبي إيـه عليـا يا حـمزة ؟ اللي بيحصل ده مش طبيعي أبدًا.
باغته “حمزة” بسؤال غير متوقع بالمرة :
– سُلاف فين؟ مشوفتهاش؟.
تغضن جبين “صلاح” بإستغراب وهو يسأله :
– وانت بتسأل عن البومة دي ليه؟.. عايز إيه منها.
لاحظ “حمزة” نبرته العدائية، فـ حزّره تحذيرًا حازمًا :
– أسمع يا بابا، ملكش دعوة بسُلاف ولا تقرب منها لحد ما أخرج من هنا.. أنا مكلفها بمهمة ولازم تقوم بيها من غير ما تتعطل بأي حاجه.
ارتفع حاجبي “صلاح” وقد فاجئه هذا الوضع المريب، وتهكم ساخرًا منه :
– هي إيه الحكاية بالظبط؟؟ السمن بقى على العسل ولا إيه يا حمزة؟.
نفخ “حمزة” منزعجًا وهو ينظر من حوله :
– سمن إيه وعسل إيه يابابا؟؟ بقولك مهمة وبتعملها عشان الورطة السودا دي.. خليني أخرج من هنا وبعدين اتريق براحتك.
كاد يتحرك من مكانه لولا أن استوقفه والده، نظر لداخل عينيه وحذره بنبرة شديدة اللهجة :
– إياك يا حمزة، إياك تنسى أي حاجه من اللي حصلت، إياك تمشي مع التِعبانه دي في سكة واحدة.
من زاوية فمه ابتسم ساخرًا، ثم أردف مستخفًا :
– حتى لو ده حصل، ماانا جربت أكرهها ومنفعش، هجرب أحبها يمكن أنجح.
تقلصت تعابيره الهزلية قبل أن يختم مزحته :
– أصل بنات الكون خلصوا مفضلش غيرها.. سيبني في حالي يا بابا أنا مكفيني اللي فيا على الآخر.
سار برفقة المجند وكلماته الساخرة تتأرجح بداخل لُبه، كأنها صورة تهتز أمام عينيك مثيرة قمة استفزازك، حاول أن يتجاهلها بتعمدٍ، إلا أن تجاهله لم يُزيده إلا إصرارًا للتفكير بشأنها وبشأن التوتر حول فكرة نجاحها أو فشل ذريع. حدسهِ كان متيقنًا من كونها ستنجح، وسيتخطى محنتهِ بها هي، عدوتهِ اللدودة.
***************************************
خرجت “سُلاف” بعدما ارتدت معطفها ذا الفراء الرمادي الكثيف، نظرًا لسوء الأحوال الجوية، وتناقلت خطواتها السريعة على الأرض حتى بلغت سيارتها، والتي كان واقفًا لديها “عِبيد” ينتظر خروجها. ضمت الوشاح الصوفي إلى صدرها ورفعت أنظارها المتحفزة إليه تسأله :
– ها، عملت إيه؟.
لم يكن “عِبيد” راضيًا عمل يفعله، ولكن في سبيل إرضائها رضخ لرغبتها وأعلمها بذلك :
– أنا ضد اللي بتعمليه، بس مفيش في إيدي غير إني أساعدك.. زيدان واخد شقة بتاعت صاحبه في حي في السيدة زينب، لو روحنا دلوقتي هنلاقيه هناك.
ارتخى تيبّس عضلاتها، وتهدلت أكتافها بأريحية بعض الشئ وهي تردف :
– كنت عارفه إنك مش هتتأخر عليا، يلا بينا.
أشار “عِبيد” لأفراد الحراسة خاصتهم من أجل الإستعداد للمغادرة، ثم فتح لها باب السيارة الأمامي وهو يقول :
– مش هنروح لوحدنا، المكان لبش وكله بلطجية.
– ماشي.
أغلق بابها والتفت حول السيارة ليستقر في مقعد السائق، وبدأ يضع حزام الأمان وهو يبلغها بذلك الخبر :
– حمزة أخد ٤ أيام على ذمة التحقيق.
تنهدت “سُلاف” دون أن تكترث بالخبر كثيرًا، ثم هتفت بـ :
– عارفه، خليه يتلوع شويه لحد ما أشوف هنعمل إيه.
فتحت نافذة السيارة قليلًا وصدمت وجهها بالهواء البارد، أغمضت عيناها، فـ أحست ملمس يداه يسير على كفها گتدفق الدماء في العروق على حين غُرةٍ، گمن تدفأت في ليلٍ شديد البرودة، فـ تناست ما معنى الشتاء القارص وهي بين أحضان الشعور الأول بالأمان. هاجمت شعور الإنسياق خلف التفكير فيه، وفتحت عيناها فجأة لتنظر على الطريق الذي يتآكل أمامها بسرعة مهولة، فـ انفجرت منها ضحكة ساخرة أعقبتها بقولها :
– الكوابيس بقت تيجي للواحد وهو صاحي كمان!.
وزفرت أنفاسها الساخنة على مهلٍ وهي تتابع :
– أسرع شويه يا عِبيد، الساعة داخله على ٩.
– متقلقيش.
أغلقت النافذة مرة أخرى بعدما اقشعر بدنها ببرودة الهواء، وضمت ذراعيها لصدرها وهي تهمس :
– أما نشوف أخرتها.
*************************************
من يُصدق إنه الآن بين أربعة جدران في زنزانة كئيبة موحشة، وكل ما يفكر فيه هو “يسرا”. زهرتهِ الشابة التي اجتُثت جذورها بينما هي في ريعان الشباب، واستحل الغادر دمائها بل وشوهها أيضًا، مرسلًا بذلك رسالة وضيعة لم يفهم حتى الآن معناها. توقدت مشاعره المحمومة بعدما طالت شكوكه “زيدان”، وفكر في إنه متسببًـا في حادث مقتل شقيقته المروّع، ودفعه غضبه للتفكير في عدة عقوبات سيستحقها ما أن يتأكد له ذلك، سيجعل منه عبرة يُحكى بها، إن كان خائنًا لهذا الحدّ اللعين الذي يجعله يقتلها أو حتى يتسبب في موتها، سيقتلع روحه من بدنه بأبشع ميتة قد عرفها إنسان في الأرض، وهذا هو القصاص العادل في نظره. فتح “حمزة” عيناه فـ انزلقت دمعة من طرفهِ، متذكرًا حال والدته التي أُصيبت بالشلل وأصاب الضمور عصبها السابع فـ عجزت عن التحدث والكلام والحركة، ثم مرّت صورة “يسرا” أمامه مرورًا سريعًا، وبعدها خُيل له إنه رأى شبحها الباكي في المقابر، فـ انتفضت بدنهِ وهو ينهض عن جلستهِ واقفًا، وبيداه كان يفرك وجهه فركًا عنيفًا، فـ انتقل تفكيره لـ “سُلاف” أخيرًا، وكل ما أتى على ذهنه في هذه اللحظة هو المشهد المُخلد في ذهنه ولم ينساه، حينما مسح عن وجهها كل آثار التلطيخ الزائدة بمساحيق التجميل، فرآها على طبيعتها لأول مرة، حسناء فاتنة، رقيقة، لا تصدق أن مثيلتها قد يصدر عنها كل تلك ردات الفعل الإنتقامية. أجفل عيناه مُصرفًا ذهنه عن أي تفكير، مسلطًا كافة مشاعرهِ العدوانية نحو اتجاه واحد، وكيف كيف يقتص لشقيقتهِ الراحلة؟.
****************************************
قذف “زيدان” بأحجار النرد بداخل الطاولة، ثم ضحك منتصرًا وهو يهتف بصوت مسموع لجميع الجالسين بداخل المقهى الشعبي :
– كده المشاريب كلها عليك يا حدق.
تأفف الرجل منزعجًا وهو يشيح وجهه عنه :
– ده تالت يوم تكسب فيه ياعم، أنا مش لاعب معاك تاني.
– الله الله الله، إحنا فينا من شغل العيال ده!.
سحبت “سُلاف” أحد المقاعد الخشبية وانضمت لمجلسهم دون أن ينتبهوا، وفجأة انتقلت عيناهم إليها في نفس اللحظة، لينظر إليها “زيدان” بتوجسِ وهتف :
– الليلة شكلها كوبيا (سوداء).
نظرت “سُلاف” لذلك الرجل وأردفت بـ :
– خلاص يا معلم أنا شيلت المشاريب، بس سيبنا ٥ دقايق مع بعض.
غادر الرجل طاولتهم، فـ نهض “زيدان” عن جلسته و :
– معلش أصل أنا آ…..
لمح “زيدان” رجالها أمام المقهى، و “عِبيد” يقف أمام الباب وكأنه سدّ منيع، فعاد ينظر نحوها وسأل بجدية خالطت توتره :
– هي إيه العبارة ولا مؤاخذة.
– لما تقعد هتعرف.
وأشارت للصبي وهي تهتف بـ :
– واحد شاي بالنعناع هنا يا بني.
عاد “زيدان” يجلس في مكانه مجبرًا، ونظرات الترقب في عينيه جليّة، بينما عينا” سُلاف” مسلطة عليه وهي تقول :
– روحتلك البيت عرفت إني هلاقيك هنا.
حك “زيدان” طرف ذقنه :
– وإيه اللي مشورك ورايا يا ست الأستاذة؟.
صارحته بالحقيقة دون تطويل أو مراوغة :
– حمزة اتقبض عليه بتهمة قتل.
أسبل “زيدان” عيناه بأسفٍ و :
– عارف.
– وعارف مين القاتل الحقيقي؟.
بدا بالنسبة إليه سؤالًا عاديًا لا يحمل أى مغزى، فأجاب بنفس الهدوء والرتابة :
– لأ، وانا لو اعرف هسيب أبو البشوات متورط لوحده فيها!.
ضاقت عيناه وهو ينظر إليها بتفحصٍ وسألها بخبثٍ :
– أنا مش مرتاح لمجيتك دي!.. ما تقولي من الآخر وراكي إيه؟
فـ دفعت بالعبارة كاملة من جوفها، حريصة على خفض صوتها :
– شعبان جوز أختك هو اللي قتل يسرا.
– إيــــــــه! ؟.
صاح بها بصوتٍ لفت انتباه الجميع إليه، فـ برقت عينا “سُلاف” وكأنها تنبهه إنهم ليسوا بمفردهم، ليتدارك “زيدان” نفسه بآخر لحظة وأخفض صوته من جديد :
– إيه الكلام الماسخ ده.
نهضت “سُلاف” عن مكانها وهتفت :
– مش هينفع الكلام هنا.. تعالى معايا.
واستبقته للخارج، فـ دخل “عِبيد” ليترك ورقة نقدية فئة المئتي جنيه مصري على الطاولة. خرج “زيدان” في أعقابها حتى وقفوا بالخارج أمام سيارتها، فـ التفتت إليه وأردفت بـ :
– الكلام ده فيه عليه دلائل، النيابة معاها ڤيديو مصور شعبان وهو بيدبح المجني عليها ويفصل راسها عن جسمها ومعاه واحد تاني ملامحه مش باينة.
فُجع “زيدان” غير مصدقًا تلك الورطة، وضرب كفًا بكف وهو يهتف :
– شوف ابن الحرام!.. مش كفاية القضايا الزفت اللي عليه !.. يخرب بيت أهلك يا شعبان روحت في شربة ميا.. ودين الله يا أستاذة أنا ما أعرف مكانه ولا سكته، حتى اختي وعيالها ليهم زمن محدش شافه، يعني مفيش مني رجا ولا هنفعك في السكة دي.
مطتّ “سُلاف” شفتيها بحنقٍ، ثم أردفت قائلة :
– أنا مش جاية عشان تعرفني مكانه، دي حاجه بتاعت البوليس.
قطب “زيدان” جبينه بعدم فهم وسألها :
– أمال عايزة مني إيه؟.
– الكلمتين اللي قولتهم دول تقولهم للنيابة.
ضحك “زيدان” ساخرًا وهو يرفض ذلك الإقتراح رفضًا قاطعًا :
– لأ معلش ماليش في سكك الحكومة، اللي بيدخل هناك مبيخرجش يا ست الناس وانا مش مستغني عن روحي.
انفعلت “سُلاف” وقد ضاقت ذرعًا من التحدث إليه :
– أفهم يا بني آدم.. النيابة معاها صور وحمزة بيسلمك فلوس، يعني انت كمان متهم معاه في القضية وبيدورا عليك، لازم تروح تبرأ نفسك وتبرئه هو كمان.
رفض “زيدان” رفضًا شديدًا وأعرب عن مخاوفه الشديدة من تلك الأماكن ذات الذكريات السيئة :
– لأ، أنا سوابق ووش سجون ولا مؤاخذة، يعني الحكومة لو عطرت فيا هقول على نفسي يا رحمان يا رحيم، ما هيصدقوا يلبسوا القضية لواحد ملهوش ديّة زيي.
حاولت طمئنته على وضعه القانوني :
– متخافش أنا هخرجك منها، بس وجودك هيفرق جدًا في القضية، انت الدليل الوحيد اللي هينفي التهمة عن حمزة.
ابتسم “زيدان” ساخرًا من زاوية فمه، متعجبًا من موقفها المدافع عنه :
– خير يعني يا أستاذة!.. بقيتي ملاك الرحمة فجأة ليه؟
– هتيجي معايا يعني هتيجي معايا، انت طوق النجاة الوحيد في القصة دي، وأنا مش هسيب حد يشيل شيله مش بتاعته.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية اغصان الزيتون ) اسم الرواية