رواية كارمن كاملة بقلم ملك ابراهيم عبر مدونة دليل الروايات
رواية كارمن الفصل الواحد و العشرون 21
أومأ رشيد برأسه بتفهم وهو مازال ينظر الي باب غرفتها ويريد الدخول اليها للاطمئنان عليها.
*****
بمنزل الحاج عبد الرازق.
وقفت وداد امام الشرفة بقلق تطلع الي الخارج وتزفر بقلق، اقتربت منها ابنتها ازهار وتحدثت:
– ايه الحكاية يا أمي.. انتي قلقانه عليها ولا ايه؟!
رمقتها والدتها بغيظ:
– قلقانه عليا انا وانتي لو جدك وفراج عرفوا منها اللي احنا عملناه.. لو قالتلهم اننا احنا اللي ساعدنها هنروح في داهية.
تحدثت ازهار بلا مبالاة:
– ونروح في داهية ليه! مش لو كانت فضلت هنا واتجوزت فراج كان زمانه هو اللي راح في داهية.. انتي ناسيه انها طلعت متجوزه!
تحدثت وداد بدهشة:
– انا كمان مش عارفه ايه حكاية جوزها اللي طلع فجأة ده مع ان البت قالت انها مطلقه!
تحدثت ازهار بغيظ:
– طلعت حربايه زي امها!
همست وداد بداخلها:
– الخوف لـ جوزها يجي يطلب حقها في الارض وابويا يعرف اني خدت الأرض منها.
استمعوا الي صوت سيارة فراج تدخل الي الدوار، انتفضت وداد وتحدثت الي ابنتها:
– ارجعي علي اوضتك بسرعة جوزك وجدك رجعوا..
نظرت ازهار الي النافذه ثم ركضت الي غرفتها.. وقفت وداد تنتظر دخولهم الي المنزل بتوتر لكي تسألهم ماذا حدث.
دخل الحاج عبد الرازق الي المنزل وخلفه فراج. اقترب منهما وداد وتحدث بتوتر:
– طمنوني ايه اللي حصل؟
اجاب عليها والدها:
– الحمدلله جت سليمه.
بللت لعابها وتحدثت بقلق:
– اومال كارمن فين؟
اجاب عليها والدها بتعب وهو يتجه الي قاعة الجلوس:
– سبناها في المستشفى وجوزها معاها.
زفر فراج بغضب ولحق بجده الي القاعة، وقفت وداد تلتقط انفاسها بخوف وقلق وتتوقع رد فعل والدها بعد معرفته انها اخذت حق كارمن في الارض.
بالقاعه التي يجلس بها الحاج عبد الرازق. تتزاحم الافكار برأسه الان بعد التأكد من زواج كارمن. عليه ايجاد حل للتفاوض مع زوج كارمن حتى لا يطالبهم بأرض زوجته.
جلس فراج وهو يزفر بغضب امام جده حتى خرج عن صمته وتحدث بعصبيه:
– احنا لازم نعرف ايه حكايته معاها بالظبط يا جدي.. منين امها تقول انها مطلقه ويجي ده يقول انه جوزها!
رمقه جده بغضب واجاب عليه بهدوء:
– هو ده اللي انت بتفكر فيه يا فراج! المهم دلوقتي انها طلعت متجوزة وجوزها معاه اثبات الجواز ويقدر يطالب بأرض مراته في اي وقت.
تحدث فراج بعصبيه:
– ملهاش أرض عندنا يا جدي.. الارض تحت ايدينا ومفيش قوة تقدر تاخدها مننا.
زفر جده بعصبيه:
– اطلع نام جنب مراتك يا فراج.. انت شكلك تعبت النهارده بزيادة!
انتفض فراج من مكانه بعصبيه قائلا:
– انام ازاي يا جدي بعد اللي حصل النهارده! المفروض كنت هتجوزها النهارده وفجأة كده يطلع واحد ويقول انها مراته!
صدح صوت جده بغضب:
– فوق لنفسك يا فراج! خلاص بنت صادق متنفعكش، عقد الجواز معاه واحمد ربنا انها جت لحد كده.
تحدث فراج بعصبيه:
– عقد جواز ايه يا جدي! امها قالت بنفسها انه طلقها من زمان!
تنهد الحاج عبد الرازق بتعب وتحدث بثقة:
– انا سبق وقولتلك ان امها دي حيه وملهاش امان والله اعلم هي مخبيه علينا ايه تاني! وبعدين جوز بنت صادق شكله راجل وابن عيلة ومش متجوزها على طمع يعني نقدر نتكلم معاه في موضوع الأرض ونحمد ربنا انه ظهر قبل ما كنت تكتب كتابك عليها واحنا على عمانا وفاكرينه طلقها.
تحدث فراج بغضب:
– يعني كده هو فاز بيها وبالارض اللي ضيعت عمري فيها!
رمقه الحاج عبد الرازق بغضب واجاب عليه بصرامة:
– ارض الهوارى مش هتروح لحد غريب، انا هتكلم معاه واشوف نيته ايه.
توقف فراج على باب الخروج من القاعة وتحدث بعصبيه:
– اللي انت شايفه صح اعمله يا جدي.. اي كلام هقوله دلوقتي ملوش لازمة.
ترك جده وصعد الي غرفته بالطابق العلوي، تنهد الجد بحزن وذهب هو الاخر الي غرفته ليرتاح قليلاً.
بالطابق العلوي. حيث غرفة فراج وزوجته ازهار.
دلف فراج الغرفة وهو يحاول كتم غضبه وغيرته من رشيد الذي اخذ منه الفتاة التي تمناها منذ رؤيته لها، استرسل له عقله الكثير من المشاهد التي رسمها بخياله تجمع رشيد بـ كارمن. اقترب من الفراش وهو شاردًا في افكاره، جلس فوق الفراش لكي ينزع حذاءه وهو يتساءل بداخله؛ ماذا يفعل رشيد معها الان؟ فهو لم يخجل من عناقها امامهم جميعا!.. اغمض عيناه بقوة لكي يهرب من افكاره.
كانت ازهار زوجته تدعي النوم فوق الفراش وتشعر به وهو يجلس فوق الفراش بجوارها، فتحت عيناها واعتدلت فوق الفراش وجلست تنظر اليه بدهشة. كان مغمض العينين وكأنه في صراع داخلي ويحاول الانتصار على مشاعره الغاضبه. وضعت يديها فوق ذراعه بقلق، انتفض جسده وفتح عيناه بفزع يحدق بها، تأملته ازهار بصدمة وتحدثت بحزن:
– فيك ايه يا فراج! للدرجادي زعلان عشان كارمن طلعت متجوزة؟!
انتفض من فوق الفراش واتجه الي خزانة الملابس وتحدث بنبرة حادة لكي يخفي عنها ما يشعر به:
– ملكيش صالح انتي يا ازهار وارجعي نامي زي ما كنتي نايمة.
وقفت من فوق الفراش ولحقت به بالقرب من خزانة الملابس وتحدثت بحزن:
– انت زعلان عشان متجوزتش عليا يا فراج؟!
زفر بنفاذ صبر والتفت ينظر اليها بغضب:
– انتي عايزة ايه في ليلتك دي يا ازهار؟ قولتلك غوري نامي وملكيش صالح بيا.
رمقته ازهار بحزن ولمعت عيناها بالدموع، زفر بنفاذ صبر واتجه الي الفراش وتركها تقف تتطلع اليه، تمدد فوق الفراش دون ان يبدل ثيابه واخفى وجهه بالغطاء. وقفت تتابع ما يفعله بصمت، فقط تتساقط دموع عيناها بحزن، كانت ترى لهفته في الزواج من كارمن، والان ترى حسرته بعد ان أتى زوج كارمن وحطم احلامه.
****
بداخل المشفى.
جلس رشيد ام الغرفة ينتظر ان يسمح له الطبيب برؤية كارمن. عاد اليه خالد بعد شرائه ثياب جديدة لهما من احد المحلات القريبه من المشفى، اعطاه خالد الثياب واتجه الاثنان الي المرحاض الرجالي بداخل المشفى وقاموا بتبديل ثيابهم ثم عادوا امام غرفة كارمن مرة أخرى.
بداخل الغرفة..
فتحت كارمن عيناها بتعب ونظرت الي الممرضه التي تعطيها الدواء وتحدثت اليها بصوت منخفض:
– انا فين؟!
اجابتها الممرضة بابتسامه:
– حمدلله علي السلامة.. انتي في المستشفى.
نظرت كارمن حولها وتحدثت بخوف:
– انا جيت هنا ازاي؟
اجابة الممرضه:
– اهلك جابوكي الفجر كده وجوزك برا مستني يطمن عليكي.
شهقت كارمن بصدمة بعد استماعها لكلمة زوجك! اعتقدت انها تقصد فراج.. حدقت بالممرضة وتحدث بخوف:
– هي المستشفي دي فين؟
اجابة الممرضة:
– هنا المستشفى العام في قنا.
شهقت بصدمة ونظرت حولها تتذكر ماحدث معها بعد هروبها من منزل عم والدها. لا تتذكر شئ سوى عجز قدميها من شدة الخوف وصوت نباح الكلاب يقترب منها.. اعتقدت ان فراج علم بهروبها واستطاع الوصول اليها وهو من جاء بها الي هنا. لمعت عيناها بالدموع من شدة الخوف وتحدثت الي الممرضه برجاء:
– انا عايزة امشي من هنا بسرعه ومش عايزاه يعرف اني مشيت.. ممكن تساعديني.. لو سمحتي.
حدقت بها الممرضه بستغراب:
– مش فاهمة يعني ايه؟!
بكت كارمن بخوف واجابة:
– لو سمحتي ساعديني.. هو عايز يتجوزني غصب عني وانا مش عايزاه.
حدقت بها الممرضه بصدمة:
– ازاي يعني هو مش جوزك!! بس هما قالوا انه جوزك واهلك مشيو وهو فضل قاعد مستني هنا عشان يطمن عليكي وكمان شكله بيحبك اوي وكان هيموت من الخوف عليكي.
بكت كارمن من الخوف وكلما تحدثت الممرضه تعتقد انها تقصد فراج بالحديث. تحدثت اليها كارمن برجاء مرة اخري:
– ارجوكي هربيني من هنا.. ارجوكي.
تحدثت الممرضة بأسف:
– انا اسفه مش هقدر اساعدك.
بكت كارمن وخفضت وجهها وهي تفكر كيف تهرب مرة أخرى. دلف الطبيب الي الغرفة واستغرب بكائها، اقترب منها وتحدث اليها:
– خير يا مدام في حاجة بتوجعك؟
نظرت اليه بعيونها الدامعه وهزت رأسها:
– لا..
استغرب الطبيب وتحدث بفضول:
– طب رجلك كويسه.. حاسه بيها؟!
تذكرت قدميها على الفور ونظرت الي قدميها وشعرت بهما جيدا لكنها فكرت سريعاً بداخلها واجابة:
– لا مش حاسه برجلي خالص.
اعتقدت ان بهذه الكذبه يمكنها البقاء اكثر في المشفي حتى تستطيع الهرب مجددا.
أومأ الطبيب برأسه بأسف واقترب يتفحص قدميها وتحدث:
– الحالة دي اتكررت معاكي كتير؟
أومأت برأسها واجابة:
– اه..
تنهد الطبيب وتحدث:
– تمام.. انتي محتاجة دكتور متخصص هو هيقدر يساعدك اكتر.. انا هطلع ابلغ جوز حضرتك ونشوف نقدر نعمل ايه.
خفق قلبها بخوف عندما خرج الطبيب من الغرفة، خرجت الممرضة خلفه وتركوا كارمن بالغرفة بمفردها.
اقترب رشيد من الطبيب وتحدث اليه بلهفة:
– خير يا دكتور طمني؟
اجاب الطبيب:
– للاسف لسه مش حاسه برجليها ولازم دكتور متخصص يشوفها.
تحدث رشيد بقلق:
– تمام انا ممكن اخدها القاهرة ونشوف دكتور متخصص هناك او ممكن اسفرها خارج مصر.
تحدث الطبيب بهدوء:
– اللي حضرتك تشوفوه بس من رأيي بلاش موضوع السفر للخارج قبل ما دكتور متخصص هنا يشوفها الاول ويقول لحضرتك رأيه في الحالة.
تحدثت الممرضه بحرج:
– تسمحولي اقول حاجة.
نظر اليها رشيد بقلق، تحدث اليها الطبيب بهدوء:
– اتفضلي.
تحدثت الممرضه بقلق وهي تنظر الي رشيد:
– تقريبا اللي عندها ده حالة نفسيه بسبب خوف من حضرتك.. وكمان هي قالتلي حاجة كده وانا خايفه انها تضر نفسها.
تحدث رشيد بقلق:
– قالتلك ايه؟
اجابة الممرضه بتوتر:
– كانت عايزاني اساعدها تهرب من هنا وتقريبا عايزة تهرب من حضرتك.
استغرب رشيد حديث الممرضه ثم نظر الي الطبيب وتحدث:
– ممكن حضرتك تسمحلي اشوفها.
نظر اليه الطبيب بحيرة.. تحدث رشيد برجاء:
– لو سمحت.
أومأ الطبيب برأسه بالموافقة. ربت خالد علي كتف رشيد بدعم قائلا:
– انا هستناك هنا.
أومأ رشيد بالايجاب واتجه الي الغرفة، ذهب الطبيب والممرضه وجلس خالد ينتظر رشيد امام الغرفة.
بداخل غرفة كارمن.
كانت تفكر بخوف في كذبتها علي الطبيب وكيف يمكنها خداعهم جميعا حتى تستطيع الهرب من المشفى.
فتح باب الغرفة بهدوء، خفق قلبها من الخوف واعتقدت انه فراج واغمضت عيناها سريعا تدعي النوم.
دلف رشيد الي الغرفة واغلق الباب من الداخل بهدوء. ارتجف جسدها من شدة الخوف وهي مغمضت العينين. اقترب منها رشيد وهو ينظر اليها باشتياق، وقف يتأملها للحظات دون حديث. استغربت صمت فراج وشعرت بالخوف من ان يقترب منها. اقترب منها رشيد بالفعل وهي تشعر بخطواته اليها وقلبها يخفق بشدة، لاحظ من ارتجاف جسدها الشديد انها تدعي النوم ولم تكن نائمة بالفعل، ابتسم بداخله واقترب منها اكثر وجلس بجوارها فوق الفراش، اغمضت عيناها بقوة اكثر وجسدها يرتجف بخوف، نطق اسمها بصوته المميز وهو يتأملها عن قرب:
– كارمن..
صوته المميز جعلها تفتح عيناها مسرعه تنظر اليه بصدمة، شهقت بصدمة بعد رؤيتها له بجوارها، نطقت اسمه بذهول:
– رشيد..!!
حاولت الاستعاب وهي تغمض عيناها وتفتحها اكثر من مرة لكي تتأكد من رؤيته، لمس خدها بيديه وتحدث اليها بحنان:
– انتي كويسه؟
حنانه عليها الذي تفتقده منذ سنوات جعلها تبكي وهزت رأسها بـ لا وارتمت بداخل حضنه تبكي وتخبره بصوت يصاحبه شهقات البكاء:
– لا يا رشيد.. انا مش كويسه ابدا.. انا تعبت اوي من غيرك.. عايزين يجوزوني غصب عني وانا مستحيل اتجوز غيرك.. انا خايفه منهم اوي.
عانقها بقوة وهو يقربها الي قلبه.
انهارت في البكاء وهي تضيف بحزن:
– ماما سبتني ليهم يعملوا فيا اللي هما عايزينه.. انا حاولت اهرب منهم ومقدرتش.. رجلي اتجمدت في الارض وانا بجري ومقدرتش احركها..
كان يستمع اليها بحزن وهو يعانقها بقوة، بكت بداخل حضنه بانهيار وهي تتمسك به خوفً من ان يتركها مجددًا، تحدثت بخوف وهي بداخل حضنه:
– متسبنيش ليهم يا رشيد.. هربني من هنا.. انا مش عايزة اتجوز فراج.
ضمها اليه بقوة وهو يهمس اليها بثقة:
– متخافيش يا حبيبتي.. محدش هيقدر يبعدك عن حضني تاني.
اغمضت عيناها بداخل حضنه وهي تشعر بالدفئ والراحة والأمان.. صوته ودفئ حضنه جعلها تهدأ كثيرا ونظر رشيد امامه بغضب وهو يتوعد بالانتقام من كل من ساهم في فراقهما.
بعد لحظات شعر بانتظام انفاسها بداخل حضنه، يعلم انها تعرضت للكثير من الارهاق النفسي والجسدي ولا يمكنها الصمود مستيقظه اكثر من ذالك. ابتعد عنها قليلا وابتسم عندما رآها ذهبت في نوم عميق، وضعها فوق الفراش بهدوء ووضع فوقها الغطاء ووقف ينظر اليه للحظات بتفكير ثم تركها نائمة وخرج من الغرفة.
اقترب منه خالد امام الغرفة وتحدث اليه بقلق:
– ايه الاخبار يا رشيد طمني؟
تحدث رشيد بتعب:
– الحمد لله يا خالد هي كويسه بس احنا لازم نرجع القاهرة بكره بالكتير عشان دكتور متخصص يشوفها.
تحدث خالد بحيره:
– وانا لازم ارجع القاهرة دلوقتي انت عارف الشغل.. بس انا ممكن ارجعلك هنا تاني علي باليل.
تحدث رشيد:
– انا هحاول اروح بيت جدها اخر اليوم واشوفهم عايزين يتكلموا في ايه وبعدها اخدها ونرجع شقتي في القاهرة.. متقلقش انت ومش ضروري ترجع هنا تاني.
تحدث خالد:
– خلاص انا هتابع معاك علي التليفون ولو احتجت اي حاجة هجيلك على طول.
أومأ رشيد برأسه، عانقه خالد ثم ذهب. جلس رشيد مجددًا امام الغرفة يفكر في كل شئ حدث معهما حتى الآن.
*****
بداخل منزل الهوراي.
الساعة الواحدة ظهرًا..
لم تغمض وداد عيناها لحظة واحدة، تفكر في كارمن وتتساءل بداخلها؛ هل أخبرت كارمن زوجها انها اجبرتها التوقيع علي تنازل عن ارضها؟ ماذا سيفعل زوج كارمن حينها؟ وماذا سيفعل معها والدها بعد معرفته انها هي من ساعدت كارمن علي الهرب مقابل التنازل عن الارض.
زفرت بغضب وخرجت من غرفتها وترجلت الي الاسفل، تفاجأت بجلوس والدها يستند علي عكازه بتعب، اقتربت منه وتحدثت بقلق:
– خير يا ابويا.. انت لسه منمتش ترتاح شوية؟!
اجاب والدها بتعب:
– هيجيلي نوم ازاي يا وداد بعد اللي حصل!
جلست وداد بجوار والدها وتحدثت بتوتر:
– هو انتوا متكلمتوش مع كارمن في المستشفى وتفهموا منها ايه اللي حصل وايه حكاية جوزها اللي ظهر ده؟!
اجاب والدها:
– هنعرف كل حاجة في وقتها يا وداد.. المهم دلوقتي اطلعي انتي الاوضة اللي بنت صادق كانت بتنام فيها وهاتيلها هدوم من بتاعها ناخدهالها المستشفى انا وانتي ونطمن عليها.
نظرت اليه وداد بتوتر:
– هنروحلها المستشفى دلوقتي يا بويا انا وانت؟
اجاب والدها:
– ايوه يا وداد.. اطلعي اعملي اللي قولتلك عليه.
أومآت وداد برأسها بالايجاب وصعدت الي الطابق العلوي حيث غرفة كارمن. نظر الحاج عبد الرازق امامه بتفكير ثم اغمض عينيه بتعب وهو يستند فوق عكازة بيديه.
ترجل فراج الدرج وهو ينظر الي جده بدهشة، اقترب منه وتحدث بقلق:
– خير يا جدي انت بخير؟
رفع جده وجهه واجاب عليه بهدوء:
– بخير يا فراج متقلقش.
جلس فراج امامه وتحدث بتعب:
– هنعمل ايه معاهم يا جدي؟
تنهد جده بتعب واجاب:
– انت مش هتعمل حاجة يا فراج.. انا هاخد عمتك ونروح المستشفى دلوقتي وهحاول اتكلم مع جوز بنت عمك صادق واشوف نيته ايه.
تحدث فراج بعصبيه:
– وانا مجيش معاك ليه يا جدي؟
اجاب جده:
– عشان انت كنت هتتجوز مراته يا فراج.. يعني مش هينفع اي كلام في وجودك!
زفر فراج بغضب ثم وقف من مكانه قائلا بانفعال:
– اعمل اللي تشوفه يا جدي بس مفيش حد فيهم هيقرب من ارضنا.
ترك جده وذهب، هز الحاج عبد الرازق رأسه بتعب، اهتز هاتفه يعلن عن اتصال له من القاهرة، وضع الهاتف على اذنيه وهو يستمع الي المتصل باهتمام وتركيز.
****
بعد ساعتين بداخل المشفى..
جلس رشيد أمام غرفة كارمن بالمشفى ينتظر خروج الممرضة بعد ان تعطيها الدواء. يشعر بالارهاق الشديد ويتمنى ان ينتهي كل هذا ويعود بزوجته الي منزلهما.
خفض وجهه ارضًا ووضع رأسه بين يديه بتعب، استمع الي صوت الحاج عبد الرازق يتحدث امامه:
– ازيك يا بني.. ايه الاخبار؟
رفع وجهه ونظر اليه ثم وقف واجاب عليه بهدوء:
– الحمد لله.. اهلا بحضرتك.
نظر الحاج عبد الرازق الي وداد وتحدث:
– ام ازهار عمة مراتك جت معايا عشان تطمن عليها وجبتلها هدوم معاها.
أومأ رشيد برأسه:
– شكرا لحضرتك..
ثم اشار بيديه الي غرفة كارمن قائلا لعمتها:
– الممرضه جوه معاها.. ممكن حضرتك تدخلي وتساعديها.
أومأت وداد برأسها بالايجاب ودلفت الي الغرفة وهي تدعوا بداخلها ان تستطيع اقناع كارمن ان لا تخبر احد باتفاقهما معا.
جلس الحاج عبد الرازق بجوار رشيد امام الغرفة وتحدث اليه بهدوء:
– ربنا يعينك يا بني.. انا عارف ان الوقت مش مناسب بس انا كنت عايز اعرف منك انت ليه سايب مراتك مع امها تبهدل فيها كده..؟ وليه امها قالت انها مطلقه وهي مراتك وعلى ذمتك.. انا من ساعة اللي حصل مش عارف اغمض عيني وعمال افكر.. ومتأخذنيش يعني يا بني.. انا خدت اسمك من علي عقد الجواز وسألت عليك في مصر وعرفت انك ابن ناس طيبين ومن عيلة كبيرة وجدك راجل له اسمه وابوك كمان راجل محترم.. يعني انت راجل يتشرف بيه اي حد.. ليه سايب مراتك كده؟
تنهد رشيد بتعب واجاب:
– انا مسبتش مراتي..
ثم نظر اليه واضاف بصدق:
– انا بحب مراتي ولو كانت طلبت مني روحي مكنتش هفكر لحظة واحدة وكنت هقدملها روحي وحياتي كلها بين ايديها.. بس اللي حصل وفرقنا عن بعض مكنش سهل ولسه مش واضح ليا ايه اجبرها تعمل فيا كده!..
صمت قليلا ثم اضاف بحزن:
– انا فجأة لقيت نفسي متهم في قضيه معرفش عنها حاجة ومراتي شاهده ضدي ولما ظهرت برائتي وخرجت عشان افهم منها ايه اللي حصل.. قالوا انها سافرت ومحدش يعرف طريقها.. حياتي كلها ادمرت في لحظة وللأسف مكنش عندي القوة عشان اواجه الصدمات اللي اتعرضتلها وقتها لاني كنت حقيقي بحبها وكنت واثق فيها ومسلم لها كل حياتي.. تعبت وسافرت ومرجعتش غير لما هي ظهرت مع مامتها وقبل ما افهم واعرف منها الحقيقه لقيتها اختفت تاني وعرفت انها جت عندكم وكنتوا هتجوزوها لحفيدك وهي لسه على ذمتي!
نظر اليه الحاج عبد الرازق بصدمة قائلا:
– ازاي كل ده حصل معاكم يا بني.. طب مين اللي عمل فيكم كده؟ وليه مراتك تشهد عليك وانت مظلوم؟!
هز رشيد رأسه واجاب:
– معرفش.. كارمن مش عايزة تتكلم.. وممكن يكون اللي حصلي ده اكبر منها وهي اتورطت غصب عنها وعشان كده خايفه تتكلم!
نظر الحاج عبد الرازق امامه بتفكير وحيرة:
– حكايتكم كبيرة اوي يا بني.. بس انا عايزك تطمن.. كارمن بنتنا وانا معاك لحد ما تعرف الحقيقه.
أومأ رشيد برأسه وهو يتنهد بتعب ويضغط على رأسه بارهاق من كثرة التفكير.
*****
بداخل غرفة كارمن بالمشفى.
دلفت وداد الي داخل الغرفة وهي تحمل بيدها حقيبه صغيره بها ثياب، كانت الممرضه تعطي الدواء لـ كارمن. مازالت كارمن تدعي انها لم تشعر بقدميها حتى الان.
ارتجفت كارمن بخوف عندما رآت وداد تقترب منها. ابتسمت لها وداد بمكر واقتربت منها بطريقه دراميه وعانقتها بقوة تدعي القلق عليها. استأذنت الممرضه وخرجت وتركتهما. نظرت وداد الي كارمن وتحدثت اليها بقلق:
– اوعي تكوني قولتي لحد ان انا اللي هربتك ولا عرفتيهم بلي الاتفاق اللي كان بينا؟
هزت كارمن رأسها بـ لا واجابة:
– متقلقيش انا مقولتش حاجة لحد.
تنفست وداد براحة ثم جلست بجوارها قائلة:
– اومال معرفتيش تهربي ازاي؟
اجابة كارمن:
– اغمى عليا وانا بحاول اهرب.
نظرت وداد حولها وتحدثت:
– جوزك قاعد برا مع جدك..! يعني كنتي بتكدبي عليا يا بنت صادق لما قولتي انك مطلقة؟
نظرت اليها كارمن بستغراب قائلة:
– جوزي مين؟.. تقصدي رشيد ؟!
اجابة وداد:
– ايوه هو.
– بس رشيد كان جوزي واطلقنا من زمان!
تحدثت وداد:
– طلقك ازاي وهو معاه قسيمة الجواز بتاعكم ومفيش ورقة طلاق!
نظرت كارمن امامها بتفكير ثم تحدثت بفضول:
– يعني ايه؟ هو رشيد اساسا عرف مكاني هنا أزاي؟
اجابة وداد:
– بعد ما انتي هربتي من الدوار لقيته جه ومعاه واحد كمان وسألوا عليكي.. وكان هيتجنن عليكي لما عرف انك هربتي.. ودور عليكي هو وفراج والخفر بتاعنا لحد ما لقوكي وجبوكي علي هنا.
نظرت كارمن أمامها بتفكير قائلة:
– انا مش فاهمه حاجة! رشيد ليه دور عليا بعد ما طلقني؟!
اجابة عليها وداد بثقة:
– بقولك هو لسه جوزك ومطلقكيش ومعاه قسيمة الجواز واداها لـ جدك وجدك اتأكد انك لسه مراته.
ابتسمت كارمن بسعادة وهي تستمع الي حديث عمتها وتحدثت بشغف:
– بجد رشيد مطلقنيش!!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية كارمن ) اسم الرواية