رواية اولاد الجبالي كاملة بقلم شيماء سعيد عبر مدونة دليل الروايات
رواية اولاد الجبالي الفصل السادس و العشرون 26
………………
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله 🌺
أسوأ ما قد يمر على المرء، أن يحزن من نفسه وعلى نفسه .
…………
أعد حمدان القصر على أكمل وجه إستعدادا لزفاف أولاد الجبالى وزينه بالورود والبلالين ومكبرات الصوت والشاشات المعلقة .
كما استعدت الفرقة لأداء أول فقراتها الأستعراضية وتجمع الحضور فى انتظار قدوم أولاد الجبالى ليتم العرس وتنتشر الفرحة .
وفى غرفة منصور وقف حمدان يطالعه بنظرة شماتة على ما وصل إليه ، وها هو يتجرع نفس ما أصاب به زوجته الراحلة فريال وكسر قلبه عليها .
حيث تذكر عندما وجه ابنه الصغير جابر يسرع إليه فى عمله ، بأنفاس متقطعة ودموعه لا تتوقف .
طالعه حمدان بدهشة مردفا بقلق …مالك يا ولدى؟ حوصل إيه ؟
چابر بنحيب …امى ، امى .
حمدان بذعر ..مالها أمك ، انطق يا جابر .
جابر بغصة مريرة….أمى وجعت من فوق السطح ، ثم أجهش بالبكاء وقال بثقل فى لسانه …ومااااااااااتت .
أمى ماتت يا بوى .
فتجمدت أطراف حمدان من الصدمة مردفا بجزع…فريال ماتت ليجهش بعد ذلك بالبكاء مردفا ….لا حول ولا قوة الا بالله.
انا لله وانا اليه راجعون
ثم ضم جابر لصدره بحنو و حمله وذهب به إلى داره .
فوجد الإسعاف قد حملت زوجته المتوفاة ، وتستعد للمغادرة .
فأصر على الركوب معها ليودعها وداعها الاخير.
ثم ظل بعد ذلك حبيس أحزانه لفترة طويلة ، يتجنب الحديث مع أحد ،وكانت تردد عليه فهيمة من وقت لآخر ولكنه تجده فى كل مرة متكورا على نفسه والدموع تلمىء مقلتيه من الحزن .
فحركت فهيمة شفتيها يمينا ويسارا بإستياء مردفة. …ما كفاية حزن بجا يا حمدان ، راعى نفسك وراعى ولدك .
فلم يجيبها حمدان بشىء.
فأقتربت منه فهيمة مردفة بتودد …انت لساك زعلان منى ومهتردش عليا ، والله غصبا عنى اتلهيت فى الوكل ومعرفش كيف فتحت باب السطح وفى ثانية حصل اللى حوصل وملحجتهاش .
وده مقدر ومكتوب يا خويا ،وعمرها إكده .
وفوج لحالك بجا وبس حواليك عتلاجى وحدة تتمنالك الرضا ترضى وعتشيلك فى عينيها التنين انت وولدك .
حرك حمدان رأسه بإستياء مردفا …ايوه مقدر ومكتوب ، ربنا يرحمك يا فريال .
بس هى فين اللى عترضى بيه وبعشتى اللى على الجد دى ؟.
لمعت عين فهيمة بمكر مردفة.. …اللى عتحبك من جلبها ومستنية منك كلمة بس انت حس بيها شوية يا راچل وفتح عينيك عتلاقيها جدامك .
فطالعها حمدان بإندهاش مردفا …صوح يا بت عتحبينى ، ولو جولتلك نچوز عتوافجى ..
تهللت أسارير فهيمة مردفة بفرحة …ده يوم المنى عندى يا حمدان ، متصورش انا اتمنيت اليوم ده قد ايه ؟
ليتزوجها بعدها وعندما امتلكت عليه قلبه ، كان لا يجرؤ على أن لا يرفض لها طلب .
حتى جاؤه ممدوح محملا ببعض الهدايا فى أحد الليالى .
استقبله حمدان بترحاب ، فجلس ممدوح بإرياحية .
حمدان بإمتنان ..والله كتير الحچات اللى جبتها دى يا ممدوح .
ممدوح…دى حاچة بسيطة جوى يا واد عمى .
ولو جولت ماشى اللى الموضوع اللى چى عشانه ، ساعتها عتكون أتفتحتلك طاقة القدر وعتلعب بالفلوس لعب .
حمدان بترقب …خير ان شاء الله ، موضوع ايه ده ؟
ممدوح بنظرة شيطانية .. ..كل خير يا واد عمى.
انا رايدك تكون يدى اليمين فى كل حاچة ، وده طبعا عشان واد عمى واكيد عتخاف على مصلحتى .
توتر حمدان لانه يعلم أن كل أعماله مشبوهة وهو عاش طول عمره على الحلال .
حمدان بحرج …بس يا واد عمى ، لا مؤاخذة متزعلش منى .
انا راجل بحب أكلها من عرج جبينى بالحلال .
وهنا كانت فهيمة تختلس السمع لما يدور بينهما .
فحدثت نفسها فهيمة ..راجل فقر صحيح ، حد يجول على النعمة لأ.
ممدوح بعتاب …انت هتعمل زيهم يا حمدان ، كنت بحسبك عاقل إكده ، وخابر مصلحتك .
وان اللى معاه جرش هو اللى بيجدر يعيش فى الزمن ده ومش مهم منين .
حمدان بتردد …بس يعنى !
وهنا تدخلت فهيمة بقولها …بس ايه يا خويا ، محدش بيرفس النعمة برچليه .
ثم طالعت ممدوح بمكر ..اعتبره موافق يا سى ممدوح بيه .
طالعها حمدان بذهول مردفا ..أنتِ فاهمة عتجولى ايه يا فهيمة ؟
فهيمة بتأكيد …ايوه فاهمة ،وخلينا بجا نعيش ونجب على وش الدنيا ونودع الفقر .
حمدان مترددا …بس يعنى .
فهيمة ..مفيش بس والرزق يحب الخفية .
زفر حمدان بضيق …اللى اتشوفوه عاد .
ومن هذا الوقت طبع الله على قلبه وأصبح طريقه طريق الشيطان ، بل أصبح أشد لعنة من ممدوح .
وصدق الله العظيم حين قال
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
خرج حمدان من شروده على صوت نهلة …عايز ايه يا حمدان ؟
حمدان بسخرية …عايز سلامتك يا بت ولا ريدانى أجول يا ست هانم .
المهم انا چى أجول لمنصور كلمتين ، عشان ميعرناش جدام الخلق اللى تحته .
إنه يجعد ساكت وميجومش من مكانه عشان محدش يعرف أنه ثم ضحك متابعا …أنه بجا عقله طاير.
فوصيه كأنه ابنك يا بت ، عشان الليلة دى تعدى على خير .
ثم ولاهم ظهره وغادر .
نهلة بغضب …ايه الراجل ده وايه نظرة الشماتة دى ، وليه وهو يعتبر دراعه اليمين فى كل حاچة ومفروض كان يزعل عليه .
حاچة غريبة وسبحان الله كأنه مصدق أنه تعبان وعقله طار
زى المثل اللى بيجول العجل لما بيوقع سكاكينه بتكتر .
……….
كادت صباح أن تموت غيظا وهى ترى استعداد محفوظ للزواج من إلهام بعد أن قام بطلاء الغرفة باللون البمبى .
فقامت ووقفت أمامه تصيح بغل …بمبى يا محفوظ بردك .
ده ميلجش عليها غير الأسود يا ولدى عشان عتسود عشتك بت حكمت .
زفر محفوظ بضيق …ياما سايج عليكى النبى ، انا مش ناجص ، هملينى فى حالى ، وروحى شوفى ابوى كان المأءون وخد منه معاد بكرة على الساعة كام .
عشان أعرف ميتى أچيب العروسة .
صباح بغيظ …إلهى تزف على القبر البعيدة .
فصك محفوظ على أسنانه بغيظ مردفا …والله حرام عليكى اللى عتجوليه ده ياما ، بزيادكى عاد .
وضعت صباح يدها على ذقنا وحركتها بقولها …دقنى أهى يا ولدى ، لو شوفت يوم عدل مع اللى ما تسمى وبكرة تجول ياريتنى كنت سمعت كلامك ياما .
ثم تركته وغادرت يتجرع آلام الحسرة والإنكسار .
أما إلهام فكان حالها لا يخفى على أحد ، لا تترك غرفتها ولا تكاد تأكل شيئا حتى ضعف جسدها وأصفر وجهها بجانب دموعها التى لا تتوقف .
فولجت إليها حكمت ، تحمل إليها بعضا من الطعام وجلست بجانبها وربتت على ظهرها بحنو مردفة …وبعدهالك يا بتى ، هتفضلى على أكده كتير ، جومى شوفى وشك اللى كان عامل زى الوردة الحمرا ، دلوك بجا اصفر .
يا بتى عمره البكى ما عينسى اللى فات ، فزيادة وجومى كلى ده انتِ فرحك بكرة عاد .
كيف عتدخلى عليهم بالشكل ده ، أنتِ عايزة صباح تتمجلس عليكى ، دى ما هتصدق .
طالعتها إلهام بإنكسار واغمضت عينيها بألم مردفة ..ياريتنى اموت وأرتاح قبل ما ادخل عنديهم وأشوف الذل على حاچة مليش دخل فيها ، جريمة انا معملتهاش بس دفعت حقها من دمى ثم أجهشت بالبكاء متمتمة بالدعاء …العوض عليك يارب وانت المنتقم الچبار .
شقت كلماتها قلب والدتها لأنها تعلم أنها بالفعل ستجد المرار بعد الزواج ولكن ما باليد حيلة وحاولت التخفيف عنها بقولها …بس يا بت بطلى كلام ملهوش عازة وانا خابرة محفوظ عيحبك يعنى اكيد عيزعل شويتين ويطلعهم عليكى بس بعد أكده هيلين وعينسى .
ثم تابعت بقولها ..وجومى يلا شوفى الخلجات الچديدة اللى اشترتهم ليكى وكمان الملايات والفرش ، عشان عخدهم دلوك وعروح انا وخالتك نفرش وأحطلك خلجاتك فى الدولاب .
نظرت إلهام بحزن إلى ملابسها الجديدة التى كانت تتخيل نفسها بها وهى ترتديها من أجل محفوظ فيرقص قلبها عشقا ولكن الأن الحال أختلف ويتهيأ لها انها مجرد أكفان سيدفن بها حبهم الذى مات قبل أن يخرج للنور .
……..
ولجت زهيرة إلى بانة فوجدتها فى أبهى صورها ، متألقة فى فستانها الأبيض مع حجابها الرقيق ، فكانت كالملاك .
زهيرة …بسم الله ماشاءالله ، عينى عليكى باردة يا بانة .
زى الجمر ربنا يحفظك يا بتى .
لمعت عين بانة بالدموع وأسرعت إلى صدر والداتها تحضنها بحب مردفة ..ربى يخليكى يا يا ست الكل وادعيلى عشان خايفة جوى .
كيف بس ياربى أتچوز أكده واحد معرفهوش فى كام يوم .
طمئنتها زهيرة بقولها …وكيلك ربنا يا بتى ولى تخافى منيه ،ميجيش احسن منه وجابر ولد حلال مصفى وان شاء الله ربنا يسعدك معاه .
أما باسم فكان فى غرفته ، يشعر بالأختناق من رابطة عنقه ويكره تلك البذلة التى تقيده.
فألقى بنفسه على المقعد وزفر بضيق …يارب هون .
ثم أخرج هاتفه وبعث رسالة إلى ملك …سامحينى يا جلبى بس غصب عنى .
ودى اخر رسالة أوعدك ، بس ادعيلى عشان حاسس انى مخنوق جوى جوى ، وحاسس انى هموت وانا بعيد عنك .
قرئت ملك رسالته بدموع عينيها وبعثت له ”
ربنا يهونها ويسعدك ، ويألف بين قلوبكم .
ثم سمع طرق على الباب .
فإذ به براء يحدثه …يلا يا عريس ، جوام ، روح هات عروستك .
تنهد باسم بألم …حاااضر ، حاااضر .
وكانت عزة فى ذلك الوقت لا تكف عن البكاء .
فولجت إليها والدتها وطالعتها بحزن …وبعدهالك يا بتى .
فيه عروسة تبكى أكده ، ده حتى يبجا فال وحش .
وكده بوظتى الزواج اللى عملته الكوافيرة .
ولما يشوفك عريسك أكده عيجول ايه بس !
وش فقر كيف ما بيجول ابوكى بردك .
لا يا بتى ، ده أنتِ زينة البنات ، وهو ابن الچبالى زين الرجال .
فافرحى يا بتى وانسى كل الجديم واعرفى أنه قدر ومكتوب ، وارضى بلى ربنا كتبهولك يا بتى .
فحركت عزة رأسها واغلقت عينيها عزة بألم وإنكسار وحدثت نفسها …ربنا يسترها عليا الليلة دى ولو انى خابرة اللى هيوحصل.
مش معقول ابدا ابن الجبالى يعرف اللى فيها ويسكت عاد .
ثم دعت عزة والدموع فى عينيها ….استرها يارب بحق حبيبك النبى صلى الله عليه وسلم.
فكيف ستكون ليلتهم ؟
……
توجه براء إلى غرفة زاد فتنهد بضيق واستوقف نفسه للحظات متسائلا …خلاص معقول هكون انا وأنتِ تحت سقف واحد ، مش عارف كيف ؟
ده انا طول عمرى بشوفك زى بانة بالظبط مش اكتر .
عمرى ما تخيلت انك تكونى مرتى ، وفعلا مش عجدر ألمسك لانى وعدت حبيبة الجلب قمر بده .
وده جلجنى جوى لانى عارف أنه ظلم عشان ده حق ليكى بس غصبا عنى عاد مش عجدر .
ثم أخرج هاتفه ونظر لصورة قمر وابتسم بقوله …انتِ الحب وحشتينى يا جلبى ومتخافيش انا عند وعدى ليكى .
ثم وصل إلى باب غرفتها وحاول السيطرة على أعصابه وطرق الباب ولكنها لم تجيب .
فزفر بضيق….من أولها أكده هطنشينى ، إظاهر يومك مش فايت ، ليدفع الباب غاضبا بقوله …..حضرتك ايه مش سامعة اطرشتى عاد ولا مطنشة ، ولكنه توقف عن حديثه الغاضب عندما لم يجدها بالغرفه .
براء بإندهاش …راحت فين دى ؟
يمكن فى الحمام ، ولكنه وجد بابه مفتوح وليست به ..
فضرب بيده جبينه بغضب …يا وجعة مربربة ، راحت فين المخبولة دى ؟
ربنا يستر وميكونش اللى بالى صوح ، ده يبجى أخر يوم فى حياتها .
بس اعمل ايه دلوك وكله مستنى عاد ؟
عجول ايه للناس ؟
ثم كور يده بغضب مردفا بتهكم ..هى دى اللى عتجولوا عتحبنى ، كدب .
شكلها مش جادرة تنسى حبيب الجلب صلاح وعشان إكده هربت .
اه يا نارى ، هطير رجبتك يا زاد. .
ثم أخرج هاتفه واتصل بحمدان مردفا بتوتر …ألحجنى يا عمى .
حمدان بذعر ..ايه يا ولدى حوصل إيه ؟
براء …زاد مش لقيها ، شكلها هربت عشان متمش چوازى عليها .
حمدان بصدمة ..كيف ده ، هو لعب عيال ولا ايه ؟
ولو الناس عرفت عتكون فضيحة العيلة كلاتها .
براء ..هنعمل ايه بس دلوك ؟
حمدان ..هچبها من تحت سابع ارض ، وهنتم الجوازة ، وانت بجا ربيها بمعرفتك بينك وبينها .
صك براء على أسنانه بغيظ مردفا …اه طبعا هوريها النچوم فى عز الضهر عاد .
بس نلاجيها .
حمدان …عنلاجيها إجفل دلوك وانا هتصرف .
ليأمر حمدان رجاله سريعا بفحص كاميرات المراقبة حول القصر وفى المناطق القريبة منه سريعا وعلى الطريق.
وظل يدور حول نفسه فى قلب وتوتر محدثا نفسه ..يعنى عتيچى انتِ يا بت ثريا وتبوظى كل حاچة فى اخر وجت ، لا لا عشت ولا كنت .
وهچيبك من شعرك عاد ، هى نجصاكى .
فلاش باك
بعد أن أتمت زاد إرتداء فستان الزفاف وقامت بتزيين نفسها باشياء بسيطة تبرز جمال وجهها .
انتباها رعشة فى جسدها عندما تخيلت نفسها بين يدى براء ثم نعتها باسم حبيبته وليس باسمها هى .
فارتجفت وتلون وجهها مردفة…لا لا يستحيل اكون لواحد عيحب غيرى وعيشجها .
وانا بس أكون مجرد وحدة زى ملك اليمين زمان ، واكون وجت الحاجة من غير احساس ولا مشاعر .
مجدرش أقبل على نفسى أكده ولو حتى بحبه وبتمناه ، لكن صعب عليه جوى .
ثم تابعت
انا لازم أبعد ، وأهرب من أهنه بسرعة .
بس أروح وين وانا مليش حد غيرهم .
مش مهم المهم أمشى وخلاص .
ثم تسللت من غرفتها ببطىء واستغلت انشغال الجميع بالإعداد والتجهيز لتلك الليلة ، وأسرعت على السلم الخلفى المؤدى إلى البوابة الخلفية للقصر.
وبالفعل وصلت إلى البوابة وحمدت الله أن الحارس كان نائما فى ذلك الوقت ، فأنطلقت هاربة ، تركض بأقصى سرعتها ، ثم توقفت لتسطيع أن تأخذ أنفاسها قليلا ، ولكنها ضعفت وبكت وانتحبت بقولها … أروح فين ؟
ما هو انا طول عمرى يتيمة ولا أب ولا أم .
يارتنى كنت موت معاكى يا امى .
ليه سبتينى لحالى فى الدنيا دى.
ثم تابعت بقولها “”
انا هجيلك وأقعد جارك أشتكيلك من اللى انا فيه ياما .
لتركض بعدها إلى المقابر حيث مقبرة والداتها وجلست بجانبها تبكى وتشتكى إلى والدتها.
وتدعو الله أن يقبضها لتلازمها وتدفن بجانبها ولا تعود إليه ابدا ..
…..
اتصل أحد رجال حمدان ، فاستجاب سريعا بقوله …ايه وصلتوا ليها ، أوعى تجولوا معرفتوش حاجة عينيها ، هيكون يومكم أخبر .
سعد …لا يا باشا ، احنا شوفنا الكاميرات طلعت من الباب الورانى وجريت على الطريق ، لغاية ما آخر حاجة جبتها الكاميرا فى الكاميرا ،طريق لا مؤاخذة الچبانة.
فدخلت لجيتها جاعدة تبكى جدام جبر المرحومة أمها .
وهى هناك دلوك وجولت اتصل بيك ، عشان أجولك نعمل ايه ؟
نشدها غصب عنها ولا نعمل ايه ؟
زفر حمدان بضيق وفكر قليلا ثم حدثه ….خليك جمبيها راقبها من بعيد وانا چى محدش يچى جمبيها ولا يكلمها عاد .
سعد ..حاضر ، تؤمر يا حمدان بيه .
حدث نفسه حمدان …البت دى طول عمرها غلبانة زى جابر ابنى ، بس مش خابر زعلانة ليه من جوازها من براء .
ثم صمت للحظة مردفا …تكونش خابرة المدرى وإن بسلامته مچوز .
ثم ضحك بسخرية وتابع بتهكم ..وميعرفش أننا خابرين ده واحنا مخططنله من زمان جوى .
عشان نعرف كل عملياته مع الحكومة وناخد احتياطتنا .
بس هى عرفت كيف ، يكونش هو جلها !
بس معجول عيفضح نفسه بنفسه المغفل ده .
يلا انا هروحلها وأحاول استرضيها بالذوق أكده .
عشان نكمل الليلة الغابرة دى .
خليها تعدى بجا ، عشان نفوج للچى .
فذهب إليها مسرعا وسمعت زاد صوت على مقربة منها بعد أن كادت تدفن رأسها على قبر والدتها باكية .
حمدان ببعض الحنو…تعيشى وتفتكرى يا بتى .
فزعت زاد من صوته ورفعت رأسها تتطالعه بإندهاش مردفة…عمى حمدان كيف عرفت انى أهنه ؟
ابتسم لها حمدان بتودد مردفا …مش لازم تعرفى كيف يا بتى ، المهم انى لجيتك بعد ما كنا عنموت عليكى كلاتنا يا بتى لما اختفيتى والكل عيبكى وحزين عشان خاطرك .
ليه بس يا بتى تهملى الجصر فى يوم زى ده ؟
ده أنتِ عروسة ودى ليلتلك !!
زاد بحرج ..اناااا معيزاش اچوز .
حمدان …كل البنتة عتجول أكده عشان بتبجا خايفة من الچواز لكن بعد كده ، عتحمد ربنا لما يرزقها العيل .
دى سنة الحياة يا بتى وقدر ومكتوب .
وبراء زين الرجال ومفيش زييه ابدا .
أومئت زاد برأسها ..خابرة ثم أجهشت بالبكاء مردفة بنحيب…..بس هو جلبه مع غيرى .
فأدرك حمدان ما كان يخشاه فأردف بتروى …ومين من الرجالة معيبصش برا ويحب دى ودى .
لكن مين هى اللى هيرچعلها أخر اليوم ويقدرها ويحترمها وتكون أم عياله وسنده فى الدنيا ، مفيش غير مرته وهو اكيد عيحبك من چواه وأنتِ عنديه غالية جوى وانا خابر ده زين .
بس هو أكده الرچالة طبع فينا ، فراغة عين بجا عتجولى ايه ؟
فمعلش يا بتى وجومى الله يهديكى عشان خاطر حتى مرت خالك انا خابر انك عتحبيها ، وعشان الناس اللى موجودة يرضيكى تبجا سيرتنا على كل لسان ويجولوا العروسة هربت ليه ، اكيد معيوبة .
وانا خابر إنك ست البنتة كلها .
طالعته زاد بتفكير مردفة بتروى …لا ميعجبنيش .
فابتسم حمدان …طيب يلا يا بتى جبل ما حد يحس .
وارچعى لچوزك وافرحى بشبابك وحياتك الچديدة وارمى كل حاچة ورا ضهرك عاد .
وفكرى كيف تكسبى چوزك ، عشان الست الذكية هى اللى تجدر تخلى چوزها ميفكرش ولا يجدر يتطلع لغيرها واصل .
وهنا اقتنعت زاد بـحديث حمدان ولكن مازال فى قلبها غصة لا تطيب ابدا ولكن لم تجد مفر من العودة حتى لا تلطخ اسم العائلة وتشعر بالذنب وايضا ليس لديها أحدا غيرهم .
فأومئت برأسها ، فابتسم حمدان بمكر ، ثم مد يده إليها وساعدها على الوقوف .
حمدان مداعبا لها …يلا امسحى دموعك يا اماااال .
فابتسمت عاد وأزالت عبراتها .
ثم اتجه بها إلى القصر واتصل بـ براء …حضر نفسك عشان تستجبل عروستك وتفرح يا سيد العرسان .
براء بإندهاش ..لجيتها ، كانت فين المصيبة دى ؟
والله لأوريها مجامها وتعرف أن الله حق .
حمدان بتروى ..اصبر بس تعدى الليلة على خير مش ناجصين كلام وحديت عاد .
براء ..ماشى يا عمى بس والله ما انا سيبها .
……
وفى ذلك الوقت كان منصور فى حالة فرح يمسك بالعصا ويرقص ويضحك بصوت عالى ، فتعجب منه كل الحضور ، لأنه كان ذو هيبة ولا يتحرك من موضعه .
فقال أحدهم …غريبة جوى منصور بيه النهاردة هيرجص ووشه عيضحك ،دى أول مرة أشوفه إكده !
فرد عليه رجل آخر …يمكن من فرحته بولاده ، الفرحة بردك عتغير الإنسان .
وربنا يهديه ويفضل إكده على طول ، هو فيه أحلى من الوش اللى عيضحك لكن الحزن هيجصر العمر .
سلم حمدان زاد إلى براء ، الذى نظر له بحدة أربكتها وجعل الخوف يتسرب إلى أوصالها فتجمدت ووقف الكلام على طرف لسانها .
فأمسكها براء من معصمها بقوة ألمتها ثم همس فى أذنيها بحنق …كنتى عايزة تهربى منى يا زاد ، للدرچاتى مش طيجانى وعتحنى للجديم.
بس انا عهرف كيف اطلع عملتك السودة دى على جتتك .
بعد تعدى الليلة دى ويتجفل علينا باب واحد .
ابتلعت زاد لعابها بخوف وحاولت التملص من يديه ولكنه أحكم قبضته عليها ،وتوجه بها نحو مقعد الحريم ، حيث دفعها بيديه ، فكادت أن تتعثر بفستانها الطويل ، ولكن جليلة ألحقت بها مردفة بحنو…اصمله عليكى يا ست البنات خلى بالك عاد .
وحدة وحدة وهاتى يدك أجعدك عاد .
فالتفت زاد إلى براء فطالعته بعتاب ولكنه ابتسم بسخرية وحرك شفتيه بلا مبالاة ثم تحرك ليغادر فوجد فى مقابلته
جابر قد وضع يديه فى يد بانة يطالعها بحب وحنو والإبتسامة تزين ثغره ويراه يهمس لها ….خلى بالك وحدة وحدة ، وكنتى نزلتى الطرحة عاد على وشك شوية .
فابتسمت بانة مردفة بتساؤال…ليه عاد ؟
جابر بنبرة صوت بها غيرة وخوف عليها ….أصلو أنتِ كيف القمر فى ليلة تمامه وخايف عليكى من نظر الحريم چوه عاد .
ابتسمت بانة مردفة بإطمئنان …لا معتخفش ،خير إن شاء الله.
طالعها جابر بعشق متيم مردفا …كيف مخفش عليكى وانتِ دينتى كلاتها .
على العموم أوجفى أكده .
بانة بإستفهام …ليه عاد ، الناس مستنينى چوه .
جابر….معلش الصبر ثانية بس ،هرقيكى من العين والله الحافظ .
ثم وضع يده على رأسها وبدء يقرء بصوته العذب آيات الرقية .
– سورة الفاتحة: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) (7مرات).
ثم اتبعها بأية الكرسى والمعوذتين وخواتيم البقرة .
فاقشعر جسد براء وابتسم لذلك الحب الذى رآه فى عين جابر لأخته وتعجب فهو لم يصل لدرجة ذلك الحب حتى مع قمر وتمنى أن يصل إليها .
ثم اقترب من أخته وقبلها بين عينيها مردفا …ربنا يحفظك يا بت ابوى وهنيالك بـ جابر شكله عيحبك جوى .
اخفضت طرفها بانة بحرج مردفة …وانت بردك زاد عتحبك جوى وخلى بالك منيها وعاملها بما يرضى الله .
فابتسم ساخرا …بس إكده ، ماشى ماشى .
على الحب اللى عينجط منيها عاد .
تعجبت بانة من أسلوبه الساخر .
ولكنه تابع …يلا ادخلى وسمى الله وخلى بالك .
ثم أشار إلى جابر ،واحنا يلا بينا عاد مع الرچالة .
جابر…….يلا وفين باسم لساه مجبش عروسته .
براء …زمانه على وصول عاد .
تسارعت نبضات باسم عندما ولج إلى عروسه عزة ليصحبها إلى الحفل .
فولج بعينين شاردة وكأنه لا يراها أمامه وتصرف بجمود حتى أنه لم يلاحظ عينيها الداعمة وارتجاف جسدها بينما كانت والدتها تطالعها بحزن وشفقة على حالها .
واكتفى باسم بإلقاء السلام .
وأشار لها بيديه إليها لتحاوط يده .
لتخرج معه فى حالة ذهول وخوف ، وجسد مرتجف ووجهه اصفر وكأنها يسيريها نحو حبل المشنقة لتعدم جزاء لما ارتكبته فى حق نفسها .
فماذا سيحدث عندما يعلم أن عروسه حامل ؟؟
وما الذى ينتظر نهلة فى النهاية ؟
وهل سيكون الجنون هو عقاب منصور الوحيد ام هناك شىء آخر يتعلمه فى الحلقات المقبلة بإذن الله.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية اولاد الجبالي ) اسم الرواية