رواية رحيل العاصي كاملة بقلم ميار خالد عبر مدونة دليل الروايات
رواية رحيل العاصي الفصل السابع و الثلاثون 37
ولكن ما لم يحسب حسابه هو تقدم هذا العسكري إليه وقبل أن يفتح أحمد فمه طعنه العسكري في صدره بقوة! ثم أخرج السكين وطعنه مرة أخرى فسقط الآخر غارق في دماءه وفر العسكري هرباً!! ولكن عند فراره وركوضه بعيداً اصطدم بشخص ما بقوة، وكان هذا الشخص هو عز الدين!! وقبل أن يتحرك أمسك به عز وقال:
– في إيه بتجري كده ليه
تلعثم العسكري وهو يقول:
– حصل عندي حالة وفاة لازم أمشي
نظر له عز بشك ثم تركه فركض الآخر، ولحسن الحظ أن عز كان في طريقه الى أحمد، وعندما وصل إلى الزنزانة الخاصة به أصابته الصدمة حين وجده غارق في دماءه ولو تأخر عز كان الآخر سوف يلفظ أنفاسه الأخيرة، تحرك بسرعه واتصل بالإسعاف وبعد فتره ليست قصيرة كان أحمد قد وصل إلى المستشفى ودلف إلى العمليات فوراً..
***
في شركة عاصي..
وصلت رحيل إليها بعد أن أقنعت أهلها أن تخرج بسبب حالتها الصحية، أخذت نفساً عميقاً قبل أن تدلف إلى مكتبه ثم فتحت الباب ودخلت ولكنها توقفت مكانها حين وجدت سلمى هنا أيضاً، والتي قد وصلت إليه بعد خروج شريف ونظرت رحيل على المكتب فوجدت علبة طعام، فعاودت نظرها إلى عاصي لتجده يتفحصها بتساؤل ثم قال:
– جيتي ليه أنا مش قولتلك ترتاحي؟!
ابتسمت رحيل ابتسامة صفراء ثم دلفت ووقفت أمامهم ثم قالت:
– مش عارفه حبيت الشركة فجأة بقيت أحس أنها بيتي التاني
ثم جلست أمام سلمى ومدت يدها إليها وخصوصاً التي توجد بها الدبلة، وقد قصدت أن تُظهر الدبلة إليها فسلمت عليها الأخرى وتجاهلت محاولتها تلك، ثم أخذت سلمى عُلبة الطعام وقدمتها إلى رحيل، ولكن الأخرى وكالعادة كان معها عُلبة طعامها فرفضت بلطف، ولم تستطع سلمى أن تكتم سؤالها فقالت:
– بس إيه حكاية الدبل اللي في أيديكم؟
قال عاصي بشكل هادئ:
– الخطوة دي كانت متأخرة أصلاً المفروض أول ما كنت أعلنت الخطوبة كُنا نلبسهم عشان الناس
قالت سلمى بسرعه:
– بس الخطوبة دي أي كلام صح ؟
نظر عاصي إلى رحيل للحظات ولم يعرف كيف يرد، وفجأة قال:
– دي إشاعة، طبيعي مش هتكون حقيقية
ابتسمت سلمى وقالت:
– طب كويس، طب وهتنهوا الموضوع ده أمتى؟ أقصد عشان رحيل تكمل حياتها برضو وتشوف نصيبها
قال عاصي بضيق:
– ممكن نقفل الموضوع ده دلوقتي
طالعته رحيل بغيظ ثم نظرت إلى سلمى بضيق، وساد الصمت للحظات حتى هبت رحيل فجأة وقالت:
– أنا همشي مش عايزه اعطلكم أكتر
قال عاصي بسرعه:
– تعطلينا عن أيه مش بنتكلم في حاجه أصلاً
– معلش عن أذنكم
ثم نهضت من مكانها وهي تشعر بألم حاد في قلبها وخرجت من المكتب، وبعدما خرجت قالت سلمى :
– واضح أنها زعلت، هي مصدقة الخطوبة دي ولا إيه؟
طالعها عاصي بصمت وقد قطب حاجبيه بضيق فكررت سلمى كلامها فصاح بها:
– يا ستي مصدقه ولا لا دي حاجه بتاعتنا، لو في حاجه جديدة في حياتي أكيد هتعرفوا يعني
قالت سلمى بهدوء:
– لا أقصد يعني عشان أنت قولتلي إنك مش بتحبها فأكيد هي كده برضو فاستغربت أنها اضايقت من كلامي
نظر لها عاصي بضيق وغضب ثم نهض من مكانه وتحرك خلف رحيل، وكانت الأخرى قد وصلت إلى الجراچ حيث توجد سيارة بدر التي قد تحركت بها من بيتهم، وقبل أن تستقلها شعرت ببعض الدوار فوقفت مكانها وامسكت رأسها، قد ارتفع ضغطها بسبب ما حدث قبل لحظات، وقفت أمام السيارة وأخذت شهيق و زفير عدة مرات حتى تنظم دقات قلبها، وقبل أن تتحرك أمسك بها عاصي وقال:
– أنتِ مشيتي ليه؟
قالت رحيل بغضب مكتوم:
– وجودي ملهوش لازمه خليني أمشي
أمسكها من ذراعيها فمنعها من الحراك قال:
– كلام سلمى ضايقك في حاجه؟
صمتت رحيل بحزن ثم قالت بانفعال:
– إحنا ممكن ننهي اللعبة دي دلوقتي، أنا مش عايزه أكمل في حوار الخطوبة ده، وموضوع الصور والتهديد خلص خلاص، أنا عايزه نعلن الإنفصال
نظر لها عاصي بتفاجئ وقال:
– أنتِ ممكن تهدي! في إيه وليه الكلام ده، ما أنتِ عارفه أنه كل ده غصب عني
قالت بانفعال:
– غصب عنك؟!! ومن أمتى أنت بتعمل حاجه غضب عنك؟ بعد أذنك سيبني عايزه أمشي
طالعها عاصي بعدم فهم وحقاً لم يعرف ما الذي يحدث، لماذا تتكلم معه بتلك النبرة وهذا الانفعال، نظر لها بضيق وقال:
– أنا مش بحب حد يتكلم معايا كده ركزي لكلامك
نظرت له بغضب وقالت:
– أنا زهقت من كل ده، ومش عايزه أكمل، مش أنت مستني العملية بتاعتي عشان تبعد عني؟ أنا بقولك من دلوقتي أبعد أنا مش عايزه أشوفك تاني!
انفعل عاصي قليلاً من كلماتها تلك، ثم قال:
– يعني إيه الكلام ده؟
قالت بغضب وصوتٍ عالٍ:
– يعني أبعد عني زي ما أنت ناوي تعمل، وملكش دعوة بحياتي زي ما دخلنا حياة بعض بالغلط هنخرج برضو
ثم تحركت من مكانها فامسكها من يدها عنوة وقال:
– مش بمزاجك تدخلي حياتي وقت ما تحبي وتخرجي وقت ما تحبي!
سحبت يدها بعنف وقالت:
– لا بمزاجي، أنا بريحك من الحِمل بتاعي أنت مش ملزم تتحمل كل ده، لو بتشفق عليا أنا بشيل عنك الإحراج أهو وبقولك أمشي..
طالعها بغيظ وانفعال ثم قال بغضب عارم:
– تمام اللي تشوفيه، براحتك
ثم تركها وتحرك بضع خطوات ولكنه وقف مكانه مجدداً ولم يستدير لها، زفر بضيق وأمسك رأسه بيديه وأخذ نفساً عميقاً و قال ومازال يعطيها ظهره:
– بس أنا مش عاوز أمشي.. ولا عاوزك تبعدي، بقول كلام وقلبي بيقول كلام تاني وأنتِ قولتيلي ادي فرصة لقلبك أنه يقرر، وهو قرر من فتره بس أنا مش عارف أتقبل ده ..
ثم التفت إليها وانقطع كلامه حين وجدها على الأرض فاقدة الوعي! ركض نحوها بهلع وأمسك وجهها ليجده شاحب جداً، ضربها على وجنتها برفق ولكن بدون فائدة لم تستجيب، وفي تلك اللحظة كانت سلمى هي أيضاً وصلت إلى الجراچ وخصوصاً عندما وجدت أن عاصي قد تأخر قليلاً، فوجدت أمامها هذا المشهد فركضت نحوهم بسرعه وقالت:
– في إيه مالها!
قال عاصي بخوف وقلق:
– أكيد تعبت تاني أنا قولتلها ترتاح لكن هي مش بتسمع الكلام
ثم حملها بين يديه واستقلت سلمى السيارة معه بسرعه وذهب برحيل إلى أقرب مستشفى وكان بين الحين والآخر يطمئن على دقات قلبها وعندما وجدها منخفضه أسرع في طريقه..
***
الكاتبة ميار خالد
كانت تفكر بكلمات شادي بشرود فلم تنتبه لحنان التي قد جلست أمامها وطالعتها بابتسامة جميلة، وبعد ثواني انتبهت لها مريم فابتسمت، سألتها حنان ما الذي يشغل بالها فلم ترد عليها، وبعد لحظات قالت بدون مقدمات:
– تفتكري هيجي يوم وهفرح وهحس أني زي البنات ؟
– يعني إيه ؟
– أقصد الخطوبة والجواز والحب الصح، كل الحاجات دي عيشهاا؟
ابتسمت وقالت:
– طبعاً يا حبيبتي و ليه ميحصلش كده
– مش عارفه
– أنت بس عشان مقابلتيش حد صح
نظرت لها مريم وقالت:
– ولو قابلته؟
– لو قابلتيه اوعي تفرطي فيه، الشخص اللي يقبلك بكل عيوبك واللي هيقبل بيكِ وأنتِ في أسوء حالاتك زي أحسن حالاتك، هو ده اللي يستاهل تكملي معاه..
نظرت لها مريم بصمت وتنهدت بضيق، ثم نهضت بعدها وذهبت حتى تطمئن على ابنتها ليلى فكانت الأخرى قد تحسنت كثيراً، غير اعتناء مريم بها يكفي شعورها واحساسها عندما تنام بحضنها كل ليلة، وعندما كانت في غرفة ليلى انتبهت أن ادويتها أصبحت فارغة، فعادت إلى حنان وقالت:
– الصيدلية اللي قريبة من هنا لسه موجودة ولا لا؟
– آه لسه زي ما هي بس ليه
– أدوية ليلى خلصت ينفع تبعتي عم منصور يجيب
– استني شوية طب أنا بعته يجيب حاجات تانيه
– مش هينفع فاضل نص ساعه على ميعاد الدوا بتاعها
فكرت حنان للحظات ثم قالت:
– اخرجي أنتِ هاتيه طب، عشان كمان سلمى مش عارفه هترجع أمتى وكذلك عاصي
نظرت لها مريم برهبه وطلبت منها أن تأتي معها لأنها تشعر ببعض الخوف، ولكن حنان رفضت فوراً لأنها كانت تريد أن تكسر الرهاب الإجتماعي لدى مريم، وفجأة جالت فكره في رأس مريم فأمسكت الهاتف الذي قد أحضره لها شادي وقبل أن تتصل به قالت حنان بدهشه:
– جبتيه أمتى ده؟
– ده شادي جابهولي النهاردة، عشان لو احتاجت حاجه أكلمه
-ذوق أوي دكتور شادي ده، هو متجوز؟
نظرت لها مريم بتوتر وحركت رأسها بالنفي فابتسمت حنان بهدوء، اتصلت هي بشادي فرد عليها بابتسامة، قالت هي بتوتر:
– ينفع تيجي معايا نروح نجيب دوا ليلى عشان خايفه أروح لوحدي؟
– ده فرصة مقدرش افوتها عشان أشوفك بس لا، خدي الخطوة في المرة الأولى لوحدك
– بس أنا خايفه ولازم أجيب الدوا
– يبقى اكسري خوفك ده زي ما كسرتيه الفترة اللي فاتت وخدي الخطوة لوحدك، أنا واثق فيكِ يلا، أنتِ هتجيبي من الصيدلية اللي قريبه من بيتك أنا شوفتها وأنا جايلك مش بعيدة، يعني الموضوع مش صعب خالص بلاش تتوتري
أخذت مريم نفساً قوياً ثم أومأت برأسها واستعدت حتى تذهب وتأتي بدواء ابنتها، وبعد لحظات خرجت من المنزل واتجهت إلى الصيدلية وهي تنظر حولها برهبه وقلق، وبعد وقت قصير وصلت إلى وجهتها واشترت ادويتها ثم خرجت من المكان ووقفت توضب الأغراض التي تحملها، وفي هذا الوقت اقتربت منها رجلاً ما وعندما انتبهت له ابتعدت بخوف! مد يده هذا الرجل برسالة مغلقة وقال:
– دي من أحمد
قالت مريم بهلع:
– مش عايزه حاجه أبعد عني !
ثم وضعها أمامها على الأرض وقبل أن يتحرك قال:
– ياريت تقرأيها، فيها كلام مهم
ثم تحرك من مكانه! ظلت هي مجمده مكانها لوقت طويل وتردد هل تأخذ الرسالة أم تتركها وتذهب في طريقها وكأنها لم ترى أي شيء، ولكن فضولها قد غلبها في النهاية واقنعت نفسها أنه من الممكن أن يكون هذا الكلام يخصها هي أو ليلى! لذلك أخذت الرسالة ووضعتها في جيبها وتحركت إلى بيتها، أعطت ليلى الدواء وجعلتها تتناوله وعندما اطمأنت عليها قررت أن تعود إلى غرفتها ولكنها توقفت حين سألتها ليلى:
– هو بابا فين؟ هو وعدني أنه مش هيسبني تاني
عادت إليها مريم وقالت بتساؤل:
– يعني أنتِ مش خايفه منه؟
قالت ليلى برفق:
– خالص، بابا اتأسف مني وقالي أنه هيصلح كل حاجه وهيكلم خالوا عاصي عشان يشوفني على طول وقت ما يحب، بس من ساعتها مجاش هو خالوا عاصي مش عايز أنه يجي صح؟
– لا أكيد مش كده
– اومال إيه؟ عارفه أنا كنت مش بحب بابا بس لما شوفته وهو اتأسفلي وكان بيعاملني حلو أوي أنا حبيته، وقالي أنه هيجيب ليا حاجه حلوة ويخرجني زي اصحابي
نظرت لها مريم بشرود ثم جعلتها ترتاح قليلاً حتى تغلق هذا الموضوع وذهبت إلى غرفتها فوراً حتى تقرأ تلك الرسالة!
***
الكاتبة ميار خالد
– أنا بجد مبسوطة جداً مش متخيله أن يوم امبارح عدى!
قالتها داليا بفرحه كبيرة وهي تحدث فارس على الهاتف، حاول الآخر أن ينسى ما حدث والكلمات التي قد سمعها، لذلك حدثها بنبرة سعيدة حتى لا يكسر قلبها، قالت هي بحزن:
– بس أنا مضايقة عشان مامتك، مكنتش عايزه أول انطباع ليا عندها يكون كده
– خير بلاش تزعلي نفسك، إيه رأيك تعملي لها مفاجأة ونروح لها الاتيلية دلوقتي
قالت بتردد:
– تفتكر هتكون فكره كويسة مش عارفه خايفه من رد فعلها
– أنا أمي أطيب من كده بكتير، صدقيني هي تهدي بس وكل الأمور هتتصلح
– طيب بص أنا بفكر أعمل حاجه، ايه رأيك اجبلها هديه مثلاً وأروح أقعد معاها شوية في الاتيلية؟
– حلو جداً قومي البسي وأنا شوية وهكون عندك، ومش عايزك تخافي ولا تقلقي من حاجه أنا معاكي
فابتسمت براحه وحب ونهضت من مكانها وجهزت نفسها، وقد أخبرت أمينه أنها سوف تذهب لزيارة نسرين وخصوصاً بعد أحداث البارحة علها تُصلح الامور، ولم يكن بدر في البيت بل في عمله ليتابع ما يحدث به، وبعد فتره وصل فارس أسفل بيتها ونزلت هي إليه، أمسك يدها وقبل أن يتحرك وجدها متسمره مكانها لا تتحرك، نظر لها بتعجب وقال:
– وقفتي ليه اتحركي؟
– أنا بحبك
أبتسم الآخر ثم ضحك ضحكة خلابة وطالعها بعيون لامعه ثم قال:
– واشمعنا دلوقتي قولتيها؟
ابتسمت هي بخجل ثم ضحكت وقالت:
– مش عارفه، كنت مكسوفه كويس أني قولتها صح أصلاً
ابتسم قليلاً ثم قال بحب:
– وانا كمان بحبك
ثم شدد قبضته على يدها وتحرك الاثنان، ذهبوا أولاً واشتروا هديه إلى نسرين ثم اتجهوا إلى الاتيلية..
وعند والدته نسرين..
كانت تجلس في مكتبها تتابع مبيعات هذا الأسبوع وتراجع كاميرات المراقبة، وعندما وصلت إلى اليوم الذي حدث فيه مشكلة حازم مع داليا انتابها الفضول قليلاً، فضغطت في الحاسوب ليظهر أمامها تسجيل الكاميرا الخارجية لأتيليةا والتي تُظهر المتحركين في المول بشكل كبير، ولاحظت أن حازم كان يسير خلف داليا ووالدتها وبرغم دخولهم العديد من المحلات المجاورة لها والتي تظهر في كاميرات المراقبة لم يُحدث ضجة كما أحدث في الاتيلية الخاص بها، لذلك شعرت أن فارس أبنها محق نوعاً ما وخصوصاً عندما أخبرها أن حازم قد فعل كل هذا عن قصد حتى تتدهور صورة داليا في عيونها، وايقنت أنها من الممكن أن تكون قد ظلمت تلك الفتاة وهي لا تحب أن تظلم أي شخص..
وأثناء تلك المعركة الذهنية دلفت إليها إحدى الفتيات التي تعمل في المكان وقالت:
– أستاذ فارس موجود بره مع خطيبته قالي أناديكِ
ابتسمت لها نسرين ثم شكرتها ونهضت من مكانها وخرجت لهم، نظرت لها داليا بترقب ثم ابتسمت لها ابتسامة واسعة، نظرت نسرين إلى أبنها وقالت:
– إيه المفاجأة الحلوة دي
طالعتها داليا بتوتر وقلق ثم مدت يدها إليها حتى تسلم عليها، كانت يدها ترتجف من التوتر فضحكت نسرين رغماً عنها وقالت:
– أنتِ إيدك بترتعش ليه أهدي
ثم عانقتها نسرين! نظرت لها داليا بذهول ثم طالعت فارس لتجده يبتسم بفرحة، ابتعدت عنها نسرين وقالت:
– أكيد اللي حصل امبارح كان سوء تفاهم فعلاً عشان كده أنا بقول أننا ننساه ونبدأ من أول وجديد صفحة نضيفه
صاحت داليا بحماس:
– أيوه ياريت ده اللي كنت عايزه أقوله لحضرتك، أنا والله مش وحشه بلاش تكوني أخده فكرة عني مش لطيفة
فضحكت نسرين، مدت داليا يدها بالهدية إلى حماتها وقالت:
– دي هدية بسيطة مني ولو حضرتك قبلتيها هعتبرك قبلتيني في عيلتكم
قالت نسرين برفق:
– المفروض أنا اللي اجبلك الهدية دي مش أنتِ، بس ملحوقة
ثم خلعت أحد الخواتم الموجودة بيدها، كان من الذهب الراقي ذو تصميم رقيق وهادئ وامسكت يد داليا ثم وضعته بها ونظرت لها بترقب لترى ردة فعلها، وما كان من الأخرى سوى البكاء بفرحه وقد عانقت نسرين مجدداً وبعفوية وقالت:
– هديتي الحقيقة أن حضرتك تحبيني وننسى اللي فات بجد، والخاتم ده بقى في قلبي من كتر ما هو غالي عليا شكراً أوي بجد
ضحكت نسرين برفق وربّتت على كتفها وقضى الثلاثة يومهم سوياً، ولم تنكر نسرين أنها قد أحبت تلك الفتاة وشعرت كم هي بسيطة ولطيفة، والأهم أنها تفهم في الأدب والذوق، لذلك قد نالت اعجابها..
***
وصل عاصي إلى المستشفى برحيل التي كانت تحتضر بين يديه، ودلفت إلى غرفة العمليات بسرعة بعدما اسعفوها، ربّتت سلمى على كتفه وقالت:
– متزعلش نفسك هتكون كويسة بلاش تشيل نفسك الذنب
– مينفعش رحيل يجرالها حاجه! مش هعرف أكمل
– هي زعلت ليه أنا مش فاهمه كلامنا مكنش فيه حاجه
صمت عاصي وقال بحزن:
– حاجات كتير بنكون فاهمنها بس منقدرش نتكلم فيها، أنا ورحيل فاهمين كل حاجه بتحصل معانا بس مش قادرين نتكلم، مش عارف ده خوف ولا تردد، مش عارف حقيقي
واثناء حديثهم هذا لاحظوا ضجة قد حدثت في غرفة العمليات ثم خرجت الممرضة بسرعه و عادت مع جهاز الصدمات الكهربائية! نظر لها عاصي بخوف وقد فهم ما الذي يحدث بالداخل..
لا ترحلي.. لا تتركيني..
قلبك الوهن سوف يقتل معاني الحياة بداخلي إذا ترك يده عن الحياة..
لقد شهدتي بداخلي رحيل العاصي، هل ستتخلين عني الآن بعدما تحررت من براثن ذلك الوحش، بسببك..
هل ستسمحين له أن يفتك بي مرة أخرى
لا ترحلي.. لا تتركيني..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية رحيل العاصي ) اسم الرواية