رواية اوصيك بقلبي عشقا كاملة بقلم مريم محمد عبر مدونة دليل الروايات
رواية اوصيك بقلبي عشقا الفصل السابع 7
“قلت لي ذات مرة ؛ ماذا عليّ أن أفعل لتكوني لي؟.. دعني أخبرك بهذا إذن، لقد كنت دائمًا لك، و لكن معك… لن أكون أبدًا!”
_ إيمان
حلّ الصباح و لأول مرة يبيت كلاهما متخاصمان، فقد نفذت “سلاف” ما برأسها و عاقبته، لكنه هذه المرة لم يقع في شِراكها كليًا، لم يشأ أن يتقرّب إليها ليلة أمس حتى لا تقابله بالجفاء و البرودة، تحمّل أن يطبق جفونه و يغفو دون أن تكون بين ذراعيه مثل كل ليلة، و قرر أن يحل ما بينهما حين يستقيظا ؛
و لكنها لم تكن بجواره الآن، و قد فتح عيناه و لم يجدها في فراشه، خمن فورًا بأنها ذهبت إلى الصغار، تثاءب “أدهم” و هو ينفض عنه الكسل في الحال، أطفأ المنبّه و قام مرتديًا خفيّه، مضى رأسًا إلى الحمام أولًا، أدّى روتينه الصباحي و توضأ، ثم خرج و عاد إلى غرفته أثناء مروره بالرواق سمع قهقهات صغاره و أمهم فابتسم
و بعد فرغ من صلاته خرج و عرج عليهم بغرفة الأطفال، ليجد “سلاف” قد أطعمتهم و ألبستهم ملابس غير التي ناموا فيها _ كعادة كل يوم _ و ها هي تنهي تمشيط شعر طفلها الأوسط، كانوا جميعهم آية في الجمال و بهجة لنظره، فمكث مكانه دون أن يصدر صوت يراقبهم و هو يبتسم بحب و موّدة
حتى صرخ طفله الأصغر بسعادة عندما لاحظ وجوده، قام عن قوائمه و مشى كما يسير طائر “البطريق” وصولًا إليه …
-بـ بـ بآااااااااااااااععع !
انحنى “أدهم” بلحظةٍ و حمله بين ذراعيه هاتفًا :
-حبيب بابا. روحي. صباح الفل يا نور عيني !
كانت قافيته الشهيرة دائمًا في محلها، متناغمة مع اسم طفله “نور”.. احتضنه و قبّله دون أن يحيّد بعينيه عن زوجته التي ما زالت تعامله بجفافٍ و بل أزادت عليه التجاهل، فلم يجد بُدًا من إتخاذ الخطوة الأولى كعهده، سار ناحيتها حيث كانت تجلس فوق كرسي صغير و تضع في حجرها الصغير “آدم” تضع له المرطبات العطرية الخاصة ببشرة الأطفال …
-نور عامل إيه إنهاردة. حساسيته هديّت ؟ .. تساءل “أدهم” بصوته الهادئ الرزين
جاوبته “سلاف” دون أن تنظر إليه :
-كويس على دراعك أهو. العلاج إللي مشي عليه كان سريع الحمدلله
تمتم إثرها : الحمدلله. الله يعافيه و يحفظه هو اخواته
و قبّل الصغير مرةً أخرى، ثم أنزله على قدميه، و إلتفت لأمه :
-عايزك يا سلاف من فضلك !
ردت بصوتها الناعم الطبيعي و لكن باللهجة اللا مبالية نفسها :
-حاضر. هاخلص مع الولاد بسرعة و هاروح أحضر لك الفطار. مسافة ما تغيّر هدومك هايكون جاهز
أدهم بصرامةٍ : أنا مش عايز فطار. أنا عايزك.. حالًا !!
و أدار لها ظهره فورًا، عاد أدراجه إلى غرفة النوم و انتظرها هناك و هو يقف مستعرضًا محتويات خزانته، لم تمر دقائق إلا و أتت إليه في الحال كما أمرها …
-نعم !
انبعث صوتها ناعمًا من خلفه، فلامسه بنفس ذات النعومة و جعله توّاقًا أكثر إليها، تنهد “أدهم” و إلتفت نحوها.. كانت تقف أمامه بمنتهى الأريحية، كما لو أنها لم تضايقه أبدًا مِمّ استفزه
لكنه كظم غيظه من جديد و تحدّث برفقٍ :
-تعالي يا سلاف.. قرّبي عندي
أطاعته و مشيت إليه وئيدًا، حتى وقفت قبالته، تطلعت إليه بشجاعة، فظل فقط ينظر إليها لبضع لحظاتٍ دون كلام، تنهد من أعماقه و هو يرفع كفّه ليحط به جانب وجهها قائلًا بلطفٍ :
-هانوصل لفين يا سلاف ؟ في كل مرة نختلف فيها. ليه الخلافات بتاخد أكتر من قيمتها. بدل حبنا.. ليه مش هو إللي يتغلّب على عنادك. ليه بتتعمدي تقسي كده و أنا عمري ما قسيت عليكي !
رفعت حاجبيها و رددت بذهولٍ :
-لأ بجد. و الله.. انت عمرك ما قسيت عليا يا أدهم ؟ انت بتكدب يا دكتور ؟ أمال إللي عملته فيا إمبارح على السلّم ده كان إيه !؟؟؟
عبس بتأثر متمتمًا :
-ماكنش قصدي. إنتي عارفة.. أنا في الأساس مابستحملش أشوف فيكي أي سوء. إزاي ممكن تفكري إني آذيكي يا سلاف !؟
بالفعل أقرّت بصدق قوله، فهو الوحيد من بعد والديها و جدتها المرحومة الذي حملها حرفيًا في قلبه و عاملها بأبوّة في المقام الأول قبل أن يكون زوجها، و لكن لا يمكنها أن تتغافل أيضًا عن عمّا فعله ليلة أمس، كان جديدًا و لا تريده أن يتكرر حتى و لو كان بدون قصدٍ …
كانت ستقول له ذلك، لكنه استبقها بالقول :
-و بعدين اسلوبك كله غلط. يعني إيه تفرضي عليا عقوبة كل ما تحصل بينا مشكلة ؟ أنا دايمًا بحاول أحل معاكي أي حاجة و إنتي كالعادة بتعندي. ليه بتعملي معايا كده. بتبقي مبسوطة لما كل واحد فينا يكون في طرف. ده بيعجبك.. ردي من فضلك يا سلاف !!
كان السأم المرير يجلل قسماته الوسيمة بشكلٍ أنساها غضبها منه، محيىّ كل شيء و لم يبقى أمامها سواه، أثار حقيقته بداخلها و ماذا يعني لها، زوجها “أدهم” يمثل لها الهواء الذي تتنفسه، قلبها ينبض لأجله و لا تتخيّل حياتها بلاه ؛
جاءت ردة فعلها مندفعةً.. حيث شبّت على أطراف أصابعها و تعلّقت بعنقه و مقبّلةً إيّاه بكل حبها و شوقها الدائم إليه …
طفا تجاوبه معها في اللحظة نفسها، أخيرًا ذاب الجليد و ألقت أسلحتها أسرع مِمّ توقّع هذه المرة، كان بينهما تلهف، وصب، رغبة سافرة… و لكن !
-الولاد !!! .. غمغمت “سلاف” بين قبلاتهما
همس لها “أدهم” بأنفاسه الرطبة الساخنة :
-أنا مش نازل طول النهار. و ماما مش هاتقول حاجة. دلوقت أكلمها تاخدهم عندها و نقضي الوقت ده كله لوحدنا.. إيه رأيك ؟
توّردت خجلًا و هي تبتسم، ثم قالت على استحياءٍ :
-أوكي. حطهم في العربية بتاعتهم و نزلهم في الأسانسير.. و أنا. أنا هاخد شاور بسرعة و أرجع لك
ابتسم بدوره و قال بحماسة و هو يستلّ هاتفه ليحدث أمه :
-تمام. بس لو اتأخرتي عليا إنتي حرة. هاجي لك ناخد الشاور سوا !
لم تستطع تمرير مزحته الجديّة كما تعلم، ضحكت بانطلاقٍ و شقاوة و ركضت بسرعة من أمامه، أما هو و قد استعاد إشراقة وجهه و نشاطه، زفر بارتياحٍ شديد و مضى مسرعًا ليحضّر صغاره للنزول إلى جدتهم …
*****
كان عبءً ثقيل عليه، أن يلتقي بها مجددًا، و خاصةً بعد مواجهة البارحة
مرةً أخرى مدى غبائه حين قرر العودة إلى هذا البيت، كان قد قطع صلته به مثلما قطعها معها منذ تلك الليلة، لكنه تحامق و عاد.. ما الذي توقّعه ؟
ألّن يأتي ذلك اليوم الذي يتواجها فيه ؟
يا له من أبله حقًا
و ها هو يكرر نفس الخطأ و يذهب إلى حيث هي بقدميه …
-صباخ الخير يا خالتو !
ارتاح كثيرًا لأن التي قابلته عند باب الشقة هي خالته و ليست هي ؛
استقبلته “أمينة” بابتسامة ملء وجهها و دعته فورًا للدخول :
-صباح الفل يا حبيب خالتك. خش يا حبيبي. أنا كنت لسا هاطلع أشوفك صحيت و لا لأ. الفطار جهز خلاص ..
لبّى “مراد” دعوتها و دلف مطرقًا رأسه تحسبًا و قلقًا من لقاء “إيمان”.. لكنه دحض مخاوفه عندما علا صوت خالته متجهة إلى رواق الغرف :
-الله يخليك يا مراد يا حبيبي تقف بس عند الأسانسير تقابل ولاد أدهم و تجيبهم على هنا على ما أدخل أصحي إيمان !
و كأنه طوق الإنقاذ، صاح من مكانه :
-أكيد حاضر يا خالتو. طالع أهو
و هرول إلى الخارج ثانيةً ليأتي لها بصغار “أدهم” الثلاثة، فتح باب المصعد حين وصل إلى الطابق، فإذا بالصغار متراصين بجوار بعضهم داخل عربتهم العريضة، استقبلهم مبتسمًا و أسند الباب بقدمه ريثما يتمكن من إدارة العربة ليخرجهم ؛
و قد نجح في وقتٍ وجيز، دفع بهم على مهلٍ للداخل و هو يتأملهم لأول مرة مرددًا بحبورٍ و حنين للشعور الذي يفتقده بشدة :
-الله أكبر. ما شاء الله. ما شاء الله !
و أجفل فجأة حين عادت خالته راكضة شاحبة الوجه …
-إلحقني يا مراد !!
فزع “مراد” من حالتها و سألها من فوره :
-إيه حصل إيه !!؟؟؟
أمينة بهلعٍ كبير :
-إيمان مش في أوضتها لا هي و لا لمى. و دولابها فاضي.. إيمان سابت البيت ! ……………………………………………………………………………….
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية اوصيك بقلبي عشقا ) اسم الرواية