Ads by Google X

رواية غرام العنقاء الفصل الثالث عشر 13 - بقلم داليا احمد

الصفحة الرئيسية

  رواية غرام العنقاء كامله بقلم داليا احمد عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية غرام العنقاء الفصل الثالث عشر 13

 

نظرت كاميليا إلى الرقم الغريب الذي ظهر على شاشة هاتفها.. وعبست باستغراب .. هي لم ترد على أرقام غريبة لا تعرفها

بعد دقائق اتصل بها الرقم مرة أخرى .. بالتأكيد احد يعرفها..لترد على الهاتف

– منزلتيش الشغل ليه ؟

انتفضت عندما سمعت هذا الصوت الرجولي الذي تعرفه..

– باشمهندس نديم !

قال ساخرا :

– أه.. منزلتيش ليه؟ … ولا انتي لسه مكتبتيش الاستقالة

همهمت باعتذار :

– انا اسفة.. حضرتك انا قولت لنسمة..

نديم بعتاب :

– هي نسمة اللي عينتك ولا انا !!

المفروض يا باشمهندسة طالما عايزة تسيبي الشغل تبلغي مديرك .. على الأقل وحيد تبلغيه حتى.. لكن نسمة !

ليردف مصدوما:

– متوقعتش ابدا انك تتخلي عن شغلك اللي بذلتي مجهود كبير عشان تشتغلي فيه

تمتمت بارتباك:

– انا اسفة بس حضرتك مش فاهم اللي حصلي .. ماما عرفت اللي حصل و…

ثم قصت عليه ما حدث معها

صاح نديم بإندفاع:

– وانتي ازاي تقلقيها عليكي !!!

قاطعته بتبرير:

– انا مبعرفش اكذب عليها .. طالما سألتني خلاص هقولها وغير كده كانت صاحية وشافت البلوزة اللي اتقطعت وطبعا استغربت اللبس بتاعك جبته ازاي.. ده غير أنها زعلت مني عشان قبلت ان حضرتك تشتريلي الاوت فيت

صمت للحظات طويلة قبل أن يقول فجأة:

-عنوانك بالظبط فين ؟

همست بدهشة:

– هاا !

قال بحزم:

– عنوانك.. عشان اجي لوالدتك

كاميليا بسرعة :

– مستر نديم … حضرتك متعرفش ماما.. صعب توافق وغير كده هي خدت قرارها خلاص

زفر نديم بضيق :

– كاميليا… انا السبب في اللي حصلك.. سيبيني اصلح اللي عملته

– حضرتك السبب ازاي بس .. انت ساعدتني وانقذتني من اللي كانوا هيعملوه فيا

شعر نديم بالذنب :

– بس انا السبب في البداية لما قولتلك تشتغلي شيفت بالليل وده خلاهم ينتهزوا الفرصة يعملوا فيكي كده

– حضرتك كنت عايز تساعدني ازود دخلي

رد بنبرة حاسمة:

– عنوانك يا كاميليا…انا هقدر اقنع والدتك انك تنزلي الشغل

كاميليا بتوتر:

– بس… حضرتك متأكد من اللي هتعمله ده !

قاطعها فجأة:

– كاميليا انا كده كده هجيلك… انتي ملكيش ذنب في اللي حصل .. انا عليا جزء منه لازم اصحح موقفك وافهم والدتك عشان تطمن.. وان مفيش حد هيقدر يتعرضلك..

كاميليا بتردد:

– انا مش عارفة اقول لحضرتك ايه

نديم بإصرار:

– متقوليش ..ابعتيلي اللوكيشن على الواتساب على الرقم بتاعه ده

اغلقت معه الهاتف وارسلت له العنوان على تطبيق الواتس اب

______

جرس الباب رن.. مما جعل قلبها يدق بقوة.. فهي أقنعت والدتها رغما عنها بموافقة مجئ نديم إلى منزلهم……أخرجت أنفاسها المحتبسة عندما سمعت أمها وشقيقها يرحبوا بنديم… فـ جدها كان بالخارج مع دانا ليأخذها من التمرين.. فهي لم تستطع الذهاب فـ انتظرت إلى أن يأتي نديم

طرقة خفيفة على الباب تبعها دخول أمها:

– المدير بتاعك بره…

ثم اردفت باستغراب :

– هو ده مديرك بجد ؟

– ماله

صاحت امها بذهول:

– ماله ده ايه ؟ ياختي انا قولت راجل كبير في السن بقى ولا حاجة

ضحكت كاميليا :

– لا هو صغير .. عنده 30 سنة

– طب يلا عشان الراجل مستني بره

زفرت بتوتر:

– طيب يا ماما … شوية وجاية

لتخرج امها تحضر شيء يشربه الزائر

حاولت كاميليا تنظيم أنفاسها بهدوء :

– انا متوترة ليه هاا…عادي يعني… مش عارفة ليه لما بشوفه بتوتر

خرجت كاميليا لترحب بنديم لتجد امها تناوله المشروب فابتسم وهو يأخذه منها..

لينظر إلى كاميليا كانت ترتدي بنطال قطني بيج داكن ضيق من الخصر ويتسع من فوق الركبة إلى الأسفل باتساع ، وترتدي بلوزة بقماش شمواه باللون الكافيه تنتهي برباط من عند الخصر، بينما شعرها البني الداكن تركته مموج واسع بنعومة ليغطي اخر ظهرها

لم تضع مكياجاً وهي بالبيت ليرى ملامحها وكأنها اجمل واصغر بدون مكياج

فقط تضع مرطب شفاه وردي

كان مظهرها انيق وجميل

ليتذكر ما شعر به تجاهها بالأمس

عندما كانت قريبة منه

ليهز رأسه متجاهلا أفكاره … فهو أتى ليساعدها فقط

بينما هو كان يرتدي بنطال من الجينز الداكن, وكنزة صوفية أنيقة باللون الرمادي

كان مظهره وسيم بعيداً عن الملابس الرسمية بالشركة

بينما استأذن كمال أخيها ليذاكر فهو طالب بالثانوية العامة .. أو بالأدق ليلعب لعبته المفضلة “بابجي”

بعد ثوان قليلة همس نديم بهدوء :

– انا عارف أن حضرتك خايفة على كاميليا خصوصا بعد اللي اتعرضتله .. بس ده مش معناه انها تخسر شغلها اللي هي مجتهدة فيه وبتحاول تثبت نفسها فيه

ردت صفاء بتأنيب لكاميليا:

– والله هي اللي جابته لنفسها … لما مدت أيديها على الراجل..انت اصلك مش فاهم كاميليا دي كانت بسكوتة ورقيقة كده .. دي عمرها ما مدت أيديها على بنت حتى مش راجل !

رمقها نديم بذهول :

– ده انتي !

أرتبكت كاميليا من حديث امها:

– ماااما

صفاء بحزن:

– والله كانت غير كده خالص .. بس الزمن بقى بيغير.. بس والله هي من جواها اطيب واحن قلب في الدنيا .. يمكن هي بس تبان قوية شوية لكن من جوه لسه حنينة خالص

زفرت كاميليا بضيق قائلة:

– خلاص يا ماما … عشان مستر نديم مشغول

– لا ابدا سيبيها براحتها

رمقتها امها ببراءة:

– انا بس بقوله الحقيقة لاحسن يفتكرك مفترية ولا حاجة

نديم بتفهم:

– لا حضرتك في فرق بين الافترا والشجاعة وانا فهمت موقف كاميليا منه.. هي كانت خايفة على البنت مش اكتر.. بس برضو ده مش معناه أن كاميليا تكرر التصرف ده تاني عشان متعرضش نفسها لاي خطر

اومأت امها :

– عندك حق والله كل شوية اقولها كده

همس نديم محاولا إقناعها:

– أنا كنت حابب أن حضرتك توافقي أن كاميليا ترجع الشغل

هزت رأسها بنفي:

– والله ما كان له لزوم تتعب نفسك .. كاميليا عارفة رأيي في موضوع الشغل بقى مرفوض .. انا مش هستنى يجرالها حاجة .. وانت كتر خيرك يا باشمهندس

نظر نديم إلى كاميليا قائلا بابتسامة :


– انا عارف ان حضرتك خايفة عليها ..بس كاميليا شاطرة ودماغها حلوة وبتتعلم بسرعة .. خسارة أن حضرتك بعد كل ده تخليها تقعد في البيت لمجرد انك خايفة عليها من حاجات ممكن متحصلش

قاطعته صفاء و هى ترد بقلق:

– ما هي برضو متروحش ترمي نفسها في النار

نديم بحرص:

-مفيش نار يا طنط .. هما استغلوا ان الشارع فاضي وهي لوحدها وبالليل… لكن الحمدلله ربنا سترها معاها.. مينفعش أننا نستخبى عشان خايفين من حد يأذينا .. لا طبعا ده مش صح .. الصح أننا نواجه اللي قدامنا بكل شجاعة بس في نفس الوقت مأمنين نفسنا كويس اوي .. عشان اللي قدامنا حتى لو فكر يغدر ميلحقش

ردت صفاء بعدم فهم:

– وهي بس هتعرف تواجههم ازاي ولا تحمي نفسها ازاي !

رد نديم بهدوء:

– انا عندي في الشركة سواق خاص احتياطي وهو يعني السبب اني اقدر اساعد كاميليا…اكيد كاميليا حكتلك عن شجاعته واللي عمله معاها لما انقذها

– بصراحة دعيتله والله ربنا يكرمه ويستر طريقه .. راجل ابن حلال فعلا ولولاه كان بعد الشر بنتي حصلها حاجة…وطبعا شكرا لحضرتك عشان انت جيت في الوقت المناسب وانقذتها معاه

– الحمدلله عدت على خير … السواق ده لما بكون تعبان او رايح مشوار طويل ومش قادر اسوق بخليه يروح معايا.. هو شاطر جدا … واصلا كان شغال في اوبر بس انا خليته يشتغل معايا.. و بأمنله يوصل اهلي

ف انا هخليه يوصل كاميليا اول فترة كده بعد ما ترجع الشغل لحد ما هما يتلهوا بعيد عنها وغير كده في واحد منهم انا خليته يروح القسم و يتأدب هناك ومعتقدش هيتعرضلها تاني … الواد التاني اللي كان معاه ده خاف و هرب

اتسعت عينا امها بدهشة قائلة برفض :

-لا طبعا ميصحش برضو حضرتك تتعب نفسك وتخلي السواق بتاعك يوصلها

رد نديم بحرج:


– خلاص انا ممكن اخليه يوصلها لحد الباص بتاعها بس .. يعني من قدام الشركة لحد مكان الموقف اللي هي بتركب منه مواصلتها.. بس طبعا اليومين اللي هتشتغل فيهم بالليل ده لازم يوصلها لحد هنا

– بس برضو ده تعب على حضرتك و تكلفة

نديم بإصرار :

– ولا اي حاجة… انا مقدر خوفك على كاميليا .. ويمكن تستغربي بس انا نادرا لما اشوف ام بتشتغل وتعمل اي حاجة عشان تثبت نفسها وتنجح عشان تخلي بنتها تعيش في مستوى كويس.. بنتك فعلا شاطرة وتستاهل تاخد فرصتها وتكمل.. وغير كده ده حل مؤقت بس لحد ما الوضع يهدى وترجع تروح طبيعي زي الاول.. حضرتك قولتي ايه ؟

اقتنعت امها قليلا.. لتجيبه قائلة:

– انا هوافق بس لو كاميليا حاولت تعمل حاجة تانية ياريت انت اللي بنفسك تمشيها..

ضحك نديم:

– لا من الناحية دي خلاص حضرتك اتطمني .. معتقدش كاميليا هتكرر نفس التصرف تاني… ولو حصل انا بنفسي كمان اللي هبلغك

رفعت كاميليا حاجبيها بدهشة:

– لا والله !

ضحك نديم ليتجاهل كلامها موجها حديثه لوالدتها:

– يعني كاميليا راجعة الشغل من بكرة صح ؟

– أن شاء الله


رن جرس الشقة … ليفتح كمال شقيقها الباب فقالت كاميليا باستغراب:

– هو جدو مش معاه مفتاح !

كمال بمرح ودانا تركض خلفه:

– لا مش جدك .. دي القردة الصغيرة بتاعتك اللي بتتشعبط في اي حاجة .. طلعت على الباسكت ترن الجرس

– بس يا واد متقولش على بنوتي قردة

ركضت دانا إلى الصالون .. بالتحديد إلى حضن امها قائلة بحماس :

– ميكي… مااااامي انا جيت من التمرين

قبلتها كاميليا برقة:

– حمدالله على السلامة يا روح مامي..

دلف جدها خلف دانا قائلا بعتاب :

-كده تسبقي جدو وتطلعي قبلي يا دانا !

لتلتفت دانا في تلك اللحظة أمامها .. لتجد نديم !!

رمشت عدة لحظات تستوعب ما تراه فقالت صارخة بسعادة وهي تركض نحوهه:

– دييييم !

ابتسم نديم بذهول وهو يحملها تجلس على ركبتيه وهو ينظر إلى كاميليا باستيعاب:

– دانا ! هي دانا بنتك ؟؟

رمشت كاميليا للحظات لتهتف بعدها:

– انت تعرفها ازاي ؟

لتمسكه دانا من خديه قائلة بتساؤل:


– ديم وحشتني… انت بتعمل ايه هنا !

– انا مدير مامتك في الشغل

كاميليا باستيعاب :

– ديم !! انت بقى ديم بطل الشوكولاتة البيضا؟

نظر إليها نديم قائلا :

– وانتي ميكي ؟

– هي قالتلك دلعي كمان

ضحك جدها قائلا:

– هو انت صاحبها اللي في الحضانة ؟ دي دانا معندهاش سيرة غير عنك

ابتسمت كاميليا بتوتر وهي تعرف جدها على نديم :

– جدو .. ده مستر نديم مديري في الشركة

– اهلا بحضرتك

– ايه الصدفة الجميلة دي

سألته دانا :

– انت بتشتغل مع ميكي ؟

رد نديم بابتسامة:

– أيوة شوفتي بقى

أبتسمت دانا قائلة بمرح:

– ديم يا ماااامي … بيجيبلي شوكولاتة بيضا حلوة

ابتسم نديم برقة :

– والله انتي اللي شوكولاتاية بيضا..

ابتسمت كاميليا قائلة بخجل متذكرة :

– والله خسارة بجد انت بتجيبلها شوكولاتات مستوردة غالية اوي … انا حتى مش بلاقيها اصلا

نديم ببساطة:

– انا بجيبها من ماركت معين قريب من بيتي … عنده ركن خاص بالشوكولاتة المستوردة كلها

ردت امها :

– بس برضو كنت بتكلف نفسك يا استاذ نديم

نظر نديم إلى دانا بحب :

– مفيش حاجة كتيرة على دانا .. هي بنوتة عسولة..

ثم أردف وهو يربت على شعرها الناعم برقة :

-صحيح يا دانا انا معايا تحت في عربيتي شوكولاتة تانية.. ايه رأيك تاخديها؟

صاحت دانا بحماس طفولي :

– بجد… يلا اخدها

رمقتها كاميليا بعتاب قائلة:

– لا ربنا يخليك … انا بجيبلها على طول حاجات .. بس هي معرفش بتشبط في الشوكولاتة بتاعتك ليه

نديم بابتسامة:

– انا عندي سارة اختي بتحب الشوكولاتة البيضا اوي زي دانا لكن انا بحب البني

لتهتف دانا ببراءة:

– مامي برضو بتحب الشوكولاتة البيضا زيي

نظر نديم إلى ساعة يده قائلا بجدية :

– معلش انا لازم امشي دلوقتي … عشان متأخر عن الشغل .. وبكرة لازم تيجي طبعا يا كاميليا

– ليه بس خليك قاعد ملحقتش تقعد معانا

– مرة تانية أن شاء الله… انا لازم امشي

امسكته دانا قائلة بعناد :

– خليك يا ديم…انا مقعدتش معاك

ارجع خصلات شعرها الناعمة العسلي الشقراء خلف أذنها قائلا بغزل :

– لا انتي هتنزلي معايا اصلا تاخدي شوكولاتاية حلوة زيك

نزلت دانا من على ركبتيه قائلة بأدب:

– هقول لماامي

ثم اردفت إلى امها ببراءة:

– ايه رأيك يا مااامي؟

رفعت امها حاجبها بدهشة:

– مؤدبة اوي …

ثم وجهت كلامها الى كمال :

– انزل معاها يا كمال

دانا قائلة بتذمر طفولي:

– لا انا زعلانة من كمال عشان قالي قردة… انزلي انتي معايا يا ماامي..

كمال بمكر:

– كده ! طب شوفي مين هيجيبلك حاجة حلوة بكرة

لتمسك دانا يد امها قائلة بإصرار:

– يلا يا مااامي

رمقتها كاميليا بحرج .. لتنظر إلى جدها قائلة باستأذان :

– بعد اذنك يا جدو هنزل معاها

أومأ جدها بإيجاب :

– ماشي يا حبيبتي

خرجت كاميليا مع دانا ونديم خارج باب الشقة .. لتوقفها دانا قائلة بحماس:

– مااامي شيليني

كاميليا بتعب:

– لا حرام عليكي احنا في الرابع مش هقدر

صاحت حماس طفولي:

– شيليني شيليني

زفرت كاميليا بضيق وهي تحملها إلى حضنها :

– طيب اهدي

ليقترب منها نديم وهو يأخذها من حضن كاميليا ليحملها هو برقة :

– هشيلها انا

هزت كاميليا رأسها بنفي :

– لا هتتعبك احنا في الدور الرابع

نظر إلى دانا وهي سعيدة للغاية فابتسم قائلا:

– مفيش تعب خالص

بعد دقائق .. نزلوا إلى الدور الارضي واقتربوا من سيارة نديم .. ليفتح نديم سيارته ويأخذ قطعة كبيرة من الشوكولاتة البيضاء إلى دانا قائلا:

– اتفضلي يا دانا..

ابتسمت دانا وهي تأخذ الشوكولاتة إلى حضنها قائلة بامتنان :

– شكرا اوي يا ديم

ابتسمت كاميليا لتتذكر شيء .. فأخرجت أموال من جيبها قائلة بحرج وهي تناوله لنديم:

– دي فلوس الاوت فيت اللي حضرتك اشتريته

زفر نديم برفض قاطع:

-عيب اللي بتعمليه ده يا كاميليا .. ده كان موقف اتحطينا فيه وكان لازم ده يحصل

– بس برضو ده غالي اوي يا مستر نديم..

نديم بإصرار:

-حطي فلوسك مكانها.. لأن مش هقدر اخد منك حاجة

حاولت كاميليا معه مرة أخيرة ليرفض رفض قاطع وبشدة .. ولم تفلح محاولاتها معه

فأخرج من سيارته قطعة شوكولاتة أخرى كبيرة ليناولها إلى كاميليا قائلا:

– كاميليا.. دي بقى ليكي انتي عشان دانا قالت انك بتحبيها:

أرتبكت كاميليا وهي وترفض اخذها منه:

-بس دي غالية اوي

ابتسم نديم هامساً :

-انت ليه مش مقتنعة أن انتي تستاهلي اغلى حاجة في الدنيا

ليناولها إياها في يدها بإصرار قائلا بتأكيد:

-دي عشانك وهي اصلا قليلة عليكي

_______

في الصباح الباكر

جلست بجانب طفلتها الصغيرة على السرير تحادثها بحنان :

-يلا يا روح مامي عشان نروح الحضانة

تململت دانا في نومها و هي تتثأب:

-يوووه يا مامي انا عايزة انام حرام عليكي.. دانا تعبانة

زفرت كاميليا بضيق:

-انا برضو اللي حرام عليا ولا انتي ؟؟ ينفع تأخريني على الشغل كده

دخل جدها في تلك اللحظة قائلا:

-صباح الخير يا كوكي

همست كاميليا بابتسامة جميلة:

-صباح الخير يا جدو

جدها بحنان:

-ايه يا حبيبتي هتلحقي تجهزي اوصلك معايا في الطريق .. انا رايح الشغل بتاعي متأخر شوية النهاردة بالمرة اخدك معايا

ابتسمت كاميليا بامتنان :

-متحرمش منك يا جدو.. هترحمني اليوم ده من المواصلات..انا شبه جاهزة بسرعة يدوب بس البس دانا واصحيها انت عارفها بتتعبني الصبح كالعادة

نظر جدها إلى ساعة يده منبها اياها قبل أن يخرج من غرفتها :

-ماشي يا حبيبتي حاولي بس متتأخريش

كاميليا و قد سحبت الغطاء عن طفلتها:

-دانا .. اصحي بقى عشان خاطري

تململت دانا بعناد:

– يا مااامي انا مش عايزة حرام عليكي انا عايزة انام يا مامي انا مش قادرة

قبلتها كاميليا برقة على وجنتيها وهي تهمس لها بتلك الطريقة الأخرى التي تستخدمها معها محاولة إقناعها :

-دانا .. خليكي شطورة وحلوة كده عشان مامي تجيبلك حاجات حلوة معاها وهي راجعة من الشغل..وبعدين احنا ممكن نلبس ونرجع ننام ايه رأيك؟

سألتها دانا بنعاس :

-بجد ؟

احضرت كاميليا ملابس طفلتها بجانبها وهي تقول بتأكيد:

-أيوة هلبسك وتنامي شوية على ما اجهز

خلعت ملابس نومها وبدأت تساعدها لارتدائها ملابس الحضانة .. فـ صاحت دانا بزهق :

– يا مااامي دانا مش بتحب كده لا يا مااامي بيخنقني

انتهت اخيرا كاميليا من تجهيز ابنتها .. لتقبلها من خدها قائلة بتنهيدة:

– يا روح مامي انتي … اخيرا تمت المهمة بنجاح.. يلا نامي بقى شوية على ما اجهز انا

مسكت دانا يد كاميليا قائلة بحب وتعب قليلا :

-انتي احسن ام في العالم

ابتسمت كاميليا وهي تقبل يدها .. لتنام طفلتها مرة أخرى و من ثم اكملت كاميليا تجهيزها للذهاب إلى عملها ..

دلف كمال إلى غرفة اخته هامسا بابتسامة:

– قوليلي ايه الحلاوة واللذاذة دي بس !

التفتت له كاميليا وهي تضع العطر المفضل لها قائلة:

-كيمو حبيبي

-صباح الخير يا كوكي ..

ثم أردف كمال بإستغراب:

-ايه ده الآنسة دانا نايمة وهي لابسة!

ضحكت كاميليا قائلة بتبرير:

– هعمل ايه بس اهو الفكرة دي ماشية عليها بقالي فترة بدل الزعيق والعصبية عشان متعيطش وتتعبني.. يدوب ألبسها وانيمها شوية لحد ما اجهز انا وبعدين اصحيها بالعافية تاني وتروح الحضانة

ابتسم كمال بفخر :

-انتي شاطرة والله .. وام جميلة جدا

– ربنا يخليك ليا يا حبيبي ..

-ربنا يعينك يا كوكي بتتعبي والله

-يارب يا حبيبي .. اخبار المدرسة ايه؟

-الحمدلله ماشية اهو

ابتسمت كاميليا بحماس:

-اتجدعن كده .. عايزين مجموع حلو ها

– يارب دعواتك

تدخل جدها عندما سمعهم قائلا بتأنيب:

– كمال هيذاكر ازاي بس باللعبة اللي مضيعاه دي !

كتمت كاميليا ضحكتها وهي تحذر كمال قائلة:

– كفاية بابجي بقى هتدمر نفسك

صحح لها الجد قائلا:

-قصدك هتدمر مستقبله

ليردف برجاء :

– يابني ذاكر عشان تطلع دكتور وتنفعني لما اتعب

غمز كمال قائلًا بسخرية:

-ده انت مستغني عن عمرك بقى يا حاج !

قهقه جده ضاحكا:

– يخرب عقلك يا كمال … مفيش فايدة فيك

– يا جدو دكتور من ادبي ازاي بس ! اقنعني هااه

رجعت كاميليا إلى السرير عند طفلتها وهي تيقظها مرة أخرى :

– يلا يا آنسة دانا … عشان نروح الحضانة.. جدو هيزعقلنا على التأخير ده

تململت دانا بتعب :

– مااامي انا تعبانة … مش قادرة

ومن ثم بدأت تسعل بارهاق .. فحضنتها كاميليا بقلق :

– ايه ده دي شكلها تعبانة فعلا… دي بتكح

همست دانا بصدق:

– مش قادرة اقوم

وبدأت تسعل قليلا فهمست كاميليا بقلق:

– مش هينفع تنزل لا … ممكن تعدي الاطفال زمايلها حرام.. خليها نايمة

همست ببراءة:

– خليكي معايا يا مامي

قبلتها كاميليا بتأثر :

– والله كان نفسي منزلش الشغل بس مش هينفع اخد اجازة عشان عندي شغل ضروري النهاردة

ربت كمال على كتف اخته قائلا بحنان :

– خلاص يا حبيبتي روحي .. وانا وماما موجودين لو في حاجة.. تلاقيها خدت دور بسيط بس

نهضت كاميليا بعد أن نامت ابنتها مرة أخرى :

– لما ارجع من الشغل لو مبقتش كويسة هوديها لدكتور..

_______

‏”لولا الله ثم الأخوات لهرمت أرواحنا، وتثاقلت الدنيا على أعناقنا.”

رجعت كاميليا من عملها لتجد طفلتها نائمة .. فاندست بجانبها على السرير متعبة هي أيضا من العمل .. وفي منتصف الليل .. قبل الفجر بساعة

استيقظت دانا وهي تبكي وتسعل بشدة لتفزع كاميليا وتحاول أن تهدئها ولكن ركضت إلى الحمام فجأة لتستفرغ ما في معدتها وهي تبكي من التعب .. لتبكي كاميليا معها

استيقظت أم كاميليا من الصوت لتتفاجئ بابنتها تعانق طفلتها وهي تغسل لها وجهها وفمها

هتفت صفاء بقلق:

– في ايه يا كاميليا ؟ دانا مالها

تحدثت كاميليا بحرقة :

– تعبت اوي يا ماما.. ورجعت ومش مبطلة كحة

– مش قولتي هتوديها للدكتور

ردت والدموع تنفجر من عيناها بشدة:

– رجعت لقيتها نايمة يا ماما معرفتش اصحيها

– شكلها تعبانة اوي…لازم تروح للدكتور ومينفعش تروح حضانة

هزت رأسها بنفي:

– لا حضانة ايه … هخليها اليومين دول متروحش

– طب هتوديها للدكتور امتى ؟ حرام تفضل لحد ما تيجي من الشغل

زفرت كاميليا بضيق وهي تخرج من الحمام ووالدتها خلفها:

– مش عارفة يا ماما … ومش هعرف اخد اجازة بيكون صعب اوي .. مستر وحيد متشدد في الاجازات شوية

بينما دانا ظلت تسعل لدرجة أنها لم تستطع أن تأخذ نفسها بسهولة

هتفت كاميليا بسرعة بدون تفكير:

– انا هوديها دلوقتي … دانا تعبانة اوي يا ماما … مش هينفع استنى لبكرة

اتسعت عينا امها بدهشة:

– دلوقتي يا كاميليا ده الفجر قرب !!

انتحبت بتبرير:

– هعمل ايه طيب .. مفيش قدامي حل غير كده.. وبعدين هي مش اول مرة يا ماما .. مانا بقالي سنين اهو بجري على الدكاترة بالليل لو حصلها حاجة… عادي اتعودت

– طب استني اصحي كمال ينزل معاكي.. وخدو عربية جدك

امها بقلق زائد:

– مينفعش يا بنتي تنزلي لوحدك الوقت ده … استني هصحي كمال ولو مصحيش هروح معاكي انا

– لا يا ماما انتي هتتعبي .. حرام

مدت يدها ليتلمس وجهها بلطف وهي تمسح دموع ابنتها:

– ربنا يشفيها يا حبيبتي و يقويكي

_______

ذهبت كاميليا مع كمال اخوها إلى عيادة طبيب خاص ولكن كشفه مرتفع قليلا … نظرا للوقت المتأخر..

تفحص الطبيب الطفلة و كتب بالروشتة المطلوب وجلس على مكتبه أمام كاميليا قائلا:

– عندها كحة من نزلة برد.. هنحتاج جهاز تنفس الفترة الجاية عشان تعمل الجلسات في البيت .. لحد ما تبقى كويسة..

أعطت أخيها الروشتة المكتوب بها العلاج واسم الجهاز ومعهم النقود وخرج من العيادة .. ليلاحظ الطبيب عدم ارتدائها دبلة في يدها.. فسألها بمكر:

– هو والد بنتك فين مجاش معاكم؟

ردت كاميليا من بين أسنانها:

– انا ولية أمرها

الطبيب بنظرات خبث :

– ااه ربنا يقويكي

لتلاحظ نظراته الغريبة المتفحصة لها بشدة .. فشعرت بالضيق الشديد وحاولت أن تتماسك ولا تفعل شجار أو جدال مع أحد .. حتى لا يحدث ما حدث سابقا .. فأخذت ابنتها في حضنها وهي تخرج من الغرفة.. ليوقفها الطبيب قائلا بذهول :

– رايحة فين ؟؟ استني لما أعلمك تستخدمي الجهاز ازاي

رمقته قائلة بنبرة حادة ساخرة:

– شكرا صرفت نظر … هبقى اتعلم انا استخدم الجهاز لوحدي..

______

رجعت كاميليا وكمال و دانا إلى المنزل

علمتها والدتها طريقة استخدام الجهاز .. فهمست كاميليا بغيظ بعد أن قصت على والدتها ما حدث:

-شايفة يا ماما الدكتور الحقير ده !

والله لولا أن دانا معايا وتعبانة كنت وقفته عند حده بس قولت اكبر دماغي مش ناقصاه

ثم زفرت بضيق :

– المشكلة حتى ملحقتش اجيب العلاج بتاعها واستعجلت كان ناقص جزء منه ملقتهوش ملحقتش ادور ودانا كانت تعبانة اوي .. دفعت ٧٥٠ جنيه في الجهاز

صاحت الأم بزهق:

– ياربي معقولة

اومأت كاميليا بحزن:

– اه والله .. حتى ملحقتش اجيب باقي العلاج .. واهو يدوب كشف و بنزين والجهاز… هحتاس باقي الشهر بقى انا عارفة

همست امها بتفكير :

– معلش يا حبيبتي .. خدي من معايا وهاتي علاجها وسيبي اللي معاكي على جنب عشان التزاماتك التانية والجمعية بتاعتك اللي داخلاها وشغلك الاون لاين

هزت رأسها برفض:

– لا يا ماما أنا مش بحب اتقل عليكي.. كفاية عليكي مصاريف البيت ومصاريف كمال والثانوية العامة و دروسه

انا معايا الحمدلله

امها بإصرار :

– سيبيها على ربنا يا حبيبتي

– ربنا يخليكي ليا يا ماما

لن تجد قلباً يستقبلك في كل أوقاتك كقلب أمك

_______

في اليوم التالي

في منتصف النهار

ارسل نديم رسالة عبر تطبيق الواتساب لكاميليا قائلا:

– اسر قالي أن دانا بقالها يومين غايبة مبتروحش الحضانة .. هي كويسة ؟

ردت كاميليا:

– الحمدلله هي تعبانة شوية بس

– الف سلامة عليها مالها ؟

– عندها كحة من نزلات البرد

– مالها بس كانت كويسة

– مش عارفة والله فجأة كده تعبت..

– أن شاء الله تبقى كويسة

بعد مرور ساعة..

رن هاتف كاميليا لتجد مديرها .. فردت على الفور

نديم بتساؤل:

– انتي فاضية النهاردة ؟ عشان اجيلك اطمن على دانا

كاميليا بخجل :

– ربنا يخليك يا مستر نديم مالوش لزوم والله تتعب نفسك

– بصراحة أنا مش جاي لوحدي .. اسر قلق عليها و جاي معايا وقلق عليها لما عرف

كاميليا بابتسامة :

– تنوروا طبعا في أي وقت

_________

في المساء

– اهلا يا استاذ نديم … منورنا انت واسر

رحبت والدة كاميليا بنديم واسر

نديم بابتسامة:

– تسلمي يا طنط ده نورك

صفاء بحرج من هدايا نديم ل دانا من الشوكولاتات والحلويات الراقية غالية الثمن ل حفيدتها :

– ليه التعب ده بس .. تعبت نفسك

نديم باحترام وتواضع .. رغم الزيارة غالية الثمن الراقية التي أتى بها لدانا:

– مش مقامكم والله يا طنط.. دي حاجة بسيطة

ثم أردف بابتسامة:

– اسر بيحب دانا اوي .. ولما عرف زعل عليها جدا .. هما أصحاب جدا و معاهم بنوتة اسمها زينة

ابتسمت كاميليا برقة :

– و دانا برضو بتحبهم اوي

ربت نديم على يد دانا النائمة على السرير وهي تضع على فمها جهاز التنفس :

– الف سلامة عليكي يا دانا

خلعت دانا الجهاز قائلة بتعب :

– الله يسلمك يا ديم

اسر بحزن على مظهرها :

– الحضانة وحشة من غيرك يا دانا … انا معرفتش العب من غيرك انا و زينة

همست دانا بحزن :

– مامي مش راضية اروح لحد ما اخف

رد نديم :

– خليكي يا حبيبتي زي ما انتي … عشان تخفي وتبقي كويسة

زفرت دانا بزهق:

– بس انا تعبااانة اوي يا ديم …دانا زهقت

– سلامتك يا حبيبتي.. عشان تبقي شطورة وكويسة

ثم أردف نديم باهتمام:

– اخدتي العلاج بتاعك ؟

هزت دانا رأسها بنفي ببراءة:

– لسه

ردت كاميليا بتوتر فهي لم تشتري العلاج بالأمس:

– انا جيبتلها الجهاز امبارح .. العلاج لسه هتاخد باقيه النهاردة هجيبهولها عشان كنت مستعجلة وملحقتش اجيبلها الباقي

سألها نديم :

– وريني كده الدكتور كتبلها ايه

ناولته الورقة المسجل بها العلاج ” روشتة ” :

– كتبلها العلاج ده

صاحت دانا برعب:

– دانا مش بتحب الحقن يا مااامي

كاميليا بنفي:

– متخافيش يا روح مامي مكتبش حقن

– بجد

– اه والله

بعد مرور نصف ساعة .. رن جرس الباب فنظرت ام كاميليا باستغراب للخارج فهي لم تنتظر أحد … ليهمس نديم باحراج قائلا :

– معلش كنت طالب اوردر بس على هنا عشان كنت مستعجل.. بعد اذنك هستلمه

كاميليا وهي تخرج معه إلى باب الشقة :

– ولا يهمك .. اتفضل طبعا

استلم نديم الاوردر من المندوب ومن ثم ناوله إلى كاميليا قائلا باحترام:

– اتفضلي يا كاميليا

كاميليا باستغراب :

– ايه ده ؟

نديم ببساطة:

– علاج دانا

اتسعت عيناها الرمادية الفاتحة بدهشة :

– ده ازاي !! لا طبعا … مستر نديم انت انت طلبت اوردر بعلاج دانا !

نديم باحراج :

– بصراحة أنا صورت الروشتة من غير ما تاخدي بالك .. انا اسف طبعا اني عملت كده بس عارف انك مشغولة اكيد وملحقتيش تجيبي العلاج

هذا الرجل يفاجئها بأفعاله الغير متوقعة !!

همست كاميليا بتساؤل:

– تمنه كام ؟

زفر نديم بضيق قائلا بتبرير:

– كاميليا .. دانا زيها زي اسر بالظبط .. هو اسر لو تعب و سارة طلبت مني اجيب علاجه هو أنا هحاسبها !

كاميليا بنبرة حاسمة:

– بس انا مش سارة .. انا مش اختك يا مستر نديم.. مينفعش أن حضرتك تحاسب على حاجة زي كده !

قاطعها نديم بحزم:

– بس دانا بالنسبة لي زي اسر بالظبط .. نفس الغلاوة.. تعالي بس ندخل اوضتها عشان تاخد علاجها اهم حاجة

وقفت كاميليا أمامه قائلة برفض:

– مستر نديم مش هينفع صدقني… مش هينفع أن حضرتك تحاسب على علاجها.. قولي الفاتورة حسابها كام

خرجت والدتها في تلك اللحظة قائلة باستغراب :

– في ايه يا كاميليا مالكم اتأخرتوا كده ليه ؟

ردت كاميليا :

– اصل .. مستر نديم طلب العلاج ل دانا ومش راضي ياخد فلوسه ولا يقولي الفاتورة تمنها كام

رمقته امها بعتاب :

– ليه كده بس يا باشمهندس نديم..ميصحش طبعا … وبعدين كاميليا معاها فلوس العلاج بس هي عشان امبارح ملحقتش تجيبهم خصوصا انها نزلت الفجر للدكتور

ابتسم نديم قائلا بتبرير:

– عارف والله يا طنط عندكم الخير كله والله بس عشان دانا تعبانة ولازم تاخد علاجها على طول وغير كده الدوا ده هيبقى ناقص من الصيدليات اللي قريبة هنا .. خصوصا أنه مستورد قولت اطلبه من فرع صيدلية مشهورة اون لاين

– كتر خيرك بس الواجب برضو انك تاخد فلوسهم

رفض نديم بنبرة حاسمة:

– مستحيل والله اخد حاجة .. دانا زي اسر بالظبط … انا هدخل ادي العلاج ل دانا بما أن محدش فيكم حابب تاخد العلاج على طول

ليستأذن منهم ومن ثم يدخل نديم إلى غرفة دانا وهو يعطيها علاجها قائلا باهتمام حقيقي :

-الف سلامة عليكي يا دانا بالشفا يا حبيبتي

– الله يسلمك يا ديم

نظرت دانا إلى امها ببراءة:

– مامي .. قولتي ل بابا أن دانا تعبانة.. يمكن يكلمني لما يعرف زي ما بابا زينة بيكلمها ويجيلها لما تتعب

اطرقت كاميليا برأسها:

– ها… اه اه يا حبيبتي .. بس

قاطعتها دانا وهي تتنهد بحزن :

– مشغول مشغول … نفسي أكلمه .. اكلم بابااا… قوليله دانا تعبانة عايزاك جنبها

قبلتها كاميليا بتأثر فوق جبينها:

– هو انا مش جنبك ؟ انا مش كفاية يا دانا ؟

نظرت لها دانا قائلة برقة:

-انتي أحسن واحلى مامي في الكوكب

ثم اردفت بتلك الجملة التي تكرهها كاميليا:

بس انا عايزة بابا كمان معايا

ردت كاميليا بتوتر:

– أن شاء الله

ومن ثم خرجت كاميليا إلى الصالة…فكلما تأتي سيرة والدها تتأثر قليلا وتشعر بالذنب على حال طفلتها

لتسمع صوت نديم الرجولي قائلا بتساؤل:

– انتي فعلا هتقولي ل باباها؟

رفعت نظراتها له بنفي:

– لا طبعا هقوله فين بس … هو انا بشوفه ولا في بينا كلام.. انا معرفش عنه حاجة داخلة في أربع سنين اهو

نديم بإستغراب :

– طب ليه مفهمة دانا كده أنه هيكلمها

– دانا اصلا متعرفش إننا منفصلين

– ليه كده

تنهدت كاميليا مبررة بقلق زائد:

– انا عارفة انك اكيد هتقولي انتي غلط و ازاي تعملي كده .. بس صدقني انا خايفة على بنتي .. خايفة تحس انها اتسابت .. خايفة تحس انها اقل من زمايلها .. خايفة تحس انها ناقصها حاجة عن أي حد غيرها.. عشان كده خبيت عليها انفصالي أنا وباباها وفهمتها انه موجود بس مسافر ومشغول .. بس للأسف هي بدأت تسأل عنه الفترة دي اوي .. وبدأت تحس انها محتاجة باباها.. وكل شوية تسألني هو فين .. طب هيكلمني امتى .. طب يكلمني فيديو كول

قال عابسا دون أن ينظر إليها :

– واضح انك بتحبي بنتك اوي

قالت باستنكار:

– طبعا … وهو في ام تكره ولادها !

هل أخطأت القول !

رأت فمه يتصلب ولون وجهه يتغير…

فهي لم تكذب !

فقط الأم من تحبك بصدق وتفضلك على نفسها .

سألها نديم :

– باباكي فين يا كاميليا ؟

كاميليا بحزن :

– بابا اتوفى بعد ما اتجوزت.. كان عنده كانسر

رد معتذراً:

– أنا اسف مكنش اعرف… ربنا يرحمه ويغفر له

– ولا يهمك.. امين يارب

– طيب ليه محاولتيش تخلي باباها يشوفها .. عشان ميأثرش على بنتك ونفسيتها

كاميليا بنبرة ساخرة:

– هو اللي اختفى.. انا ممنعتوش .. ده واحد مشافش بنته غير مرة واحدة بس يوم ما اتولدت وعليها لحد النهاردة … بنته قربت تكمل 4 سنين وهو ميعرفش عنها حاجة… ولا طبعا بيبعت مصاريف ولا اي حاجة… بس على الاقل حتى كان يحسسها بوجوده .. بس هو خلاص اتجوز واكيد خلف ومش محتاجها

هناك شعور قوي يجذه تجاه تلك الطفلة ” دانا ”

هو يحبها بلا سبب…شيء مألوف بها يجعله يريد أن يساعدها .. يقف بجانبها … شعر بالحزن على حالتها

________

بعد مرور عدة أيام .. اتصلت صديقة كاميليا بها في يوم اجازتها

– عاملة ايه يا كوكي..

كاميليا بابتسامة:

– الحمدلله يا حبيبتي

صديقتها بتساؤل:

– دانا عاملة ايه دلوقتي؟

– الحمدلله احسن من الاول.. نزلت الحضانة

– ما تجيبي دانا ونخرج سوا النهاردة وهجيب ولادي ونقضي اليوم مع بعض رأيك ؟

– هشوف كده ماما

____________

في المساء ..

كانت تجلس مع صديقتها على طاولة في مطعم راقي وفي ركن الاطفال “الكيدز اريا”

تلعب دانا مع اولاد صديقتها بسعادة.. هي كل حين تخرج ابنتها حتى لو وحدهم فقط .. حتى لا تشعر بالنقص من اي شيء .. تهتم بها كثيرا .. تشتري لها ملابس أنيقة باستمرار واشياء أخرى أنيقة

هتفت صديقة كاميليا بسعادة:

– والله الخروجة دي كنت محتاجاها من زمان

اومأت كاميليا بفرح وهي ترمق ابنتها وهي تلعب مع اطفال صديقتها :

– اه والله فعلا

صديقتها بتذكر:

– فاكرة يا كاميليا ايام الكلية .. كنا لسه رايقين .. ومفيش عيال ولا مسؤولية

ابتسمت كاميليا بحزن :

– والله الواحد بيفتكر الايام دي كانت أكبر همومنا مشاكل عادية اوي.. حتى لما اتخطبت كانت مشاكل الخطوبة ولا حاجة .. قصاد الحال دلوقتي

همست صديقتها بنبرة ذات مغزى :

– بس انتي لسه صغيرة وحلوة…واكيد ربنا هيعوضك.. بصراحة كده يا كاميليا انا صعبان عليا المرمطة اللي انتي فيها .. اتجوزي صدقيني…

قاطعتها كاميليا بحدة:

– بسمة .. لحظة واحدة …انا مشتكتش لحد اني محتاجة عريس ولا حاجة

اومأت بسمة بتأكيد:

– عارفة والله وانتي بنت ب 100 راجل وشايلة مسؤولية لوحدك.. بس صدقيني لما تتجوزي وتقعدي في البيت وتبقي مع راجل مسؤولة منه كده ويصرف على بنتك وعليكي احسن بكتير من التعب ده… عارفة لو انتي بطولك لوحدك هقولك ماشي .. لكن انتي بتتعبي عشان بنتك وبتصرفي و تتحملي كل حاجة عشانها

ردت بواقعية:

– ومين دلوقتي يقبل ببنتي!!

انتي عارفة كويس اوي أن مش كل الرجالة بتتقبل تربي عيال من حد غيرها

بسمة بتأنيب :

– مانتي لو تسمعي كلامنا وتسيبي بنتك ل سامح وهو بقى يشيل الليلة وكان بيجيلك ناس كويسة .. او حتى تسيبيها مع مامتك

هزت رأسها برفض تام:

– انتي عارفة اني مش هقدر اعمل كده … أنا مستحيل ارمي بنتي عشان راجل … مستحيل اعمل فيها كده.

بسمة بغموض:

– طيب ولو قولتلك أن فيه راجل مستعد يشيل مسؤوليتك كاملة انتي وبنتك وتعيش معاكم ومتقبل الفكرة

– مين ده !

تحدثت بتلعثم:

– هو بس في مشكلة بسيطة ممكن انتي تعترضي عليها بس والله أنا شايفة أنه كويس اوي ومستواه عالي اوي ماشاء الله

سألتها بتوجس :

– مشكلة ايه دي ؟

ردت بحرج:

– السن .. هو في الأربعينات .. يبقى حمايا.. والد جوزي وطبعا هو ارمل انتي عارفة

حدثتها بذهول:

– انتي بتقولي ايه يا بسمة !! … ده ضعف عمري و زيادة وبعدين مستحيل اهلي يوافقوا

– معتقدش هيرفضوا .. انتي دلوقتي وضعك اتغير يا كاميليا

فغرت فمها بدهشة :

– اتغير ازاي معلش !! ناقصني ايه يعني

بسمة بتبرير:

-متزعليش مني بس انتي دلوقتي مطلقة ومعاكي بنت.. عارفة انه نصيب وعارفة أن ده مش حاجة تعيبك بس الناس شايفة غير كده .. اه انتي لسه صغيرة وعندك 23 سنة بس انتي دلوقتي بتتساوي بواحدة عدت التلاتين من عمرها ولسه فرصتها مجتش

هتفت كاميليا بغضب:

– هو اولا اللي عدت التلاتين دي لسه صغيرة برضو .. لسه نصيبها الحلو متشالها .. مفيش حاجة اسمها تتساوى بواحدة اتطلقت .. بالعكس دي فرصتها احسن مني بكتير.. الحاجة التانية أن مش معنى اني اتطلقت اني اقبل بأقل من اللي استحقه … ليه اظلم نفسي في جوازة مع راجل ضعف عمري وانا اصلا مفرحتش بشبابي وبنفسي … يعني سامح يبقى ظلمني مرة .. اروح انا اظلم نفسي مرتين ليه ؟؟؟

قاطعتها بإقناع:

– ومين قال انك هتظلمني نفسك !! انتي عارفة هو هيقدملك ايه اصلا ! عارفة انه ناوي يكتبلك شقة باسمك لوحدك وعربية باسمك ومصروف شهري يكفيكي انتي وبنتك وانتي قاعدة معززة مكرمة في شقتك انتي وبنتك و هو معاه بنتين صغيرين في المدرسة غير جوزي دول هيعيشوا في بيتهم زي ما هما مع جدتهم .. وهيبقى ما بين شقتك وشقته

هزت رأسها بنفي:

– مش هينفع يا بسمة … صدقيني مش هينفع هبقى بظلم نفسي

بسمة محاولة إقناعها بعقل :

-كاميليا متحسبيهاش كده .. شوفي مامتك وفكري و ردي عليا وانا مش هقوله انك رفضتي .. انا هقول انك بتفكري واعتقد دي فرصة تتمناها اي بنت أن واحد يجيبلك شقة و عربية باسمك يعني يأمنلك مستقبلك تماماً

_________

دلفت كاميليا إلى المنزل هي ودانا .. لتجد اختها فاتن و زوجها احمد في المنزل .. غيرت لابنتها ملابسها وذهبت للنوم.. فخرجت كاميليا لتجلس معهم .. ومن ثم قصت عليهم ما حدث اليوم معها

زفرت كاميليا بضيق :

– مش قادرة اصدق ان بقى يتقدملي حما صاحبتي كمان ! كل ده عشان بقيت مطلقة

صاحت فاتن بغيظ :

– مهزقتيهاش ليه نفسي اعرف

ردت كاميليا :

– دي صاحبتي يا فاتن

فاتن بغضب:

– بس متقوليش صاحبتك

تدخل احمد زوج فاتن قائلا باستغراب :

– انا مش عارف يا فاتن انتي بتقولي ايه ! تهزقها ايه البنت محترمة بتعرض عليها جواز هي قالت لها ايه يعني

رفعت فاتن حاجبيها بذهول:

– لا والله تقولها حماها ! وهي تبقى متجوزة ابنه الصغير في العشرينات ازاي يعني !

رد احمد بتبرير:

– بس هيجيبلها شقة وعربية باسمها … يعني فرصة مش هيقدمهالها اي شاب في العشرينات في سن اختك.. انتي عارفة اقل شقة دلوقتي بكام ! العقارات بتزيد كل يوم يا بنتي.. يعني اختك هتبقى مليونيرة

قالت كاميليا بلا مبالاة:

– المشكلة ان الفرص بتتغير .. وان بقى اي حد معرضة أنه يخطبني

احمد بابتسامة :

– متبصيلهاش كده يا كاميليا … انتي بيجيلك فرص كويسة حتى لو معرضة لكل انواع العرسان اللي مينفعش يتقدموا لبنات انسات .. بس اقسملك بالله البنات اللي اعرفهم سواء آنسات او مطلقين ولا جتلهم نص الفرص دي بما فيهم اللي انتي شيفاهم مش مناسبين

صاحت فاتن بصراخ:

– وحياة مامتك.. بنات مين دول بقى اللي تعرفهم يا حبيبي !!

ضحك احمد وهو يغمز لها :

– اتنيلي هو انا اعرف حد غيرك

صاحت بتوجس:

– انت مش لسه قايل دلوقتي انك تعرفهم

ضحك احمد ببراءة :

– قرايبي و جيراني و زمايلي في الشغل ومعظمهم اكبر مني مانتي عارفة .. ولا ليا كلام مع حد فيهم

هددته فاتن بتحذير :

– ابقى اعملها بس وشوف هعمل فيك ايه

غمز لها قائلا:

– مش محتاج اصلا انا معايا القمر كله مكتفي بيه

رجعت فاتن لهدوءها قائلة بحب:

– شاطر يا حمادة.. هعشيك مرتين لما نروح

– حياتي

ثم أردف احمد قائلا بجدية:

– المهم فكري يا كاميليا .. صدقيني دي فرصة متتعوضش ..

صاحت فاتن بوعيد:

– وحياتك هتبات من غير عشا النهاردة

ضحك احمد بقهر:

– يا بنتي انا غلطان بقولها الحقيقة.. ان دي فرصة كويسة مش حاجة وحشة

تدخلت امهم قائلة بشرود:

– والله يا كاميليا احمد عنده حق

رمقتها كاميليا بضيق :

– حتى انتي يا ماما !

ردت امها بتبرير:

– على فكرة في بنات متجوزوش قبل كده بيتجوزوا رجالة ضعف عمرهم مرتين وتلاتة كمان .. وده مش معناه أن دي حاجة وحشة .. انا شايفة انك تفكري وتدي نفسك فرصة .. ما انتي خدتي الصغير وبهدلك

صاحت كاميليا بضيق :

– طب وانا ! وحياتي اللي انا مفرحتش بيها.. لا طبعا مستحيل اعمل في نفسي كده.. هبقى بظلمها

احمد بجدية:

– بس الواقع غير يا كاميليا.. مفيش حد كامل .. ومستحيل تلاقي كل حاجة حلوة في شخص واحد..رتبي افكارك وشوفي لو هو شخص مناسب اديلو فرصة وادي نفسك فرصة وامشي في الموضوع لو ارتاحتي وعجبك كملي فيه

__________

“إذا سلكت طريق خال من المعوقات فهو غالبًا لا يؤدِّي إلى أيِّ مكان.”

– ” فرانك كلارك ”

انتظرت الوقت الكافي قبل أن تدعوها السكرتيرة الخاصة بمكتب نديم إلى الدخول… وجدته جالسا مكانه خلف مكتبه

ابتسم لها عندما وضعت على مكتبه العمل الذي كلفها به وقال لها بفخر:

– انتي طلعتي شاطرة ودماغك حلوة وبتتعلمي بسرعة

منحته ابتسامة قائلة مداعبة:

– حضرتك كنت قلقان مني في الاول

– لا فعلا شاطرة وبتعرفي تتصرفي ويعتمد عليكي بزيادة أوي

كاميليا بامتنان:

– ربنا يخليك يا مستر نديم .. ده من ذوق حضرتك

ليسألها باهتمام:

– دانا عاملة ايه ؟ اسر قالي انها رجعت الحضانة

كاميليا بتنهيدة:

– كويسة الحمدلله احسن … النهاردة هروح اجددلها اشتراك التمرين بتاعها في النادي .. عشان هترجع تاني تكمل لأنها كانت غايبة الفترة اللي فاتت

– طب كويس.. برافو عليها

كاميليا بتذكر :

– مش لازم السواق يوصلني النهاردة يا مستر نديم … انا كده كده هركب من مكان تاني عشان هروح اجيب دانا من الحضانة الاول وبعدين هعدي على النادي اجدد الاشتراك وفي شوية ورق همضي عليهم

نديم باقتراح :

– خلاص انا ممكن اوصلك في طريقي لحد النادي ايه رأيك ؟

– لا طبعا متتعبش نفسك…

نديم بتصميم:

– لا مفيش تعب ولا حاجة.. انا كده كده كنت رايح اجيب اسر من الحضانة وبالمرة اشوف دانا واوصلكم النادي

– بس ده تعب على حضرتك

– متقوليش حاجة

ليذهبا معا إلى الحضانة يأخذوا اسر ودانا ومن ثم ذهبت معه إلى النادي

___________

توقفت السيارة امام النادي فطلبت من نديم الانتظار مع دانا واسر لتدلف هي وحدها.

– هنستناكي هنا لحد ما تخلصي

كاميليا بابتسامة :

– ماشي هروح امضي على الورق اللي مطلوب .. وأشوف لو ليها ميعاد النهاردة تحضر التمرين

لتدلف إلى النادي وحدها بثقة

وقف رجل بجانب المدرب الخاص بدانا قائلا بابتسامة :

– مساء الخير يا كابتن

– مساء الفل عليك…

رمق المدرب كاميليا من بعيد قائلا باعجاب :

– البنت مامت دانا دي تجنن قشطة كده .. معرفتش تسألي عليها برضو !

غمز له صديقه قائلا:

– دوس يا عم سمعت أنها مطلقة .. و المسائل هتسهل شد حيلك بقي

ابتسم المدرب بخبث :

– يعني انت شايف كدا

أومأ الرجل بثقة:

– اه طبعا .. حاول يمكن تنجح .. دوس بقى انت

________________

اقتربت منهم كاميليا فانسحب الرجل الاخر.. ليرحب المدرب بكاميليا بابتسامة وترحيب باهتمام على غير العادة :

– اهلا مدام كاميليا.. ازيك

كاميليا برسمية:

– الحمدلله تمام.. معلش دانا كانت تعبانة الايام اللي فاتت

– الف سلامة عليها..

كاميليا بجدية:

– حضرتك كنت قولت أن فيه ورق محتاج امضي عليه يخصها

احضر بعد الاوراق لتمضي عليها قائلا بتطفل:

– اه اتفضلي .. بس يعني هو فيه ابو البنت مش بشوفوا يعني بيجي معاكي يمضي على ورق ولا حاجة !

تحدث كاميليا بحدة وهي تنهي من الامضاء على بعض الأوراق:

– انا ولية أمرها

همس الرجل بخبث وهو ينظر إليها بتفحص :

– طيب لو حضرتك حبيتي تتمرن Private تحت امرك يعني

قاطعته وهي تقول من بين أسنانها بغيظ:

– لا شكرا مش لازم

رد عليها بتبرير :

– ده من غير فلوس خالص عشان مزودش على حضرتك حاجة

ارتفعت حاجبيها باستنكار:

– قولتلك شكرا … حد قالك اني مش لاقية أكل !!!

همس المدرب بحرج:

– لا مقصدش بس يعني عشان باباها مش معاها وكده وباين حضرتك لوحدك انا قولت بس اساعد

هتفت كاميليا بقوة :

– ويا ترى بقى إدارة النادي عارفة أن حضرتك عايز تساعد ببلاش عشان باباها مش موجود !!؟

ولا ده من وراهم !

رد بتلعثم:

– لا طبعا ميعرفوش انا كنت ..

صرخت به بغضب وتهديد :

– انت تسكت خااالص … وانا همشي بنتي من النادي ده اصلا وهسحب ورقها من هنا

ومن ثم خرجت كاميليا من النادي بسرعة … لتدلف إلى السيارة بضيق .. فهمست لها دانا بتساؤل :

– ايه يا مااامي مش هروح التمرين

هزت كاميليا رأسها بنفي :

– لا مفيش تمرين .. مفيش هنا تاني اصلا !

سألها نديم بتوجس:

– في ايه يا كاميليا ؟

– مفيش .. يلا نمشي من هنا

نظر لها نديم ليسألها بصرامة:

– قولتلك في ايه !؟؟ فهميني.. حد زعلك !

هتفت بغيظ :

– محدش يقدر اصلا … ممكن نمشي من هنا عشان الولاد

تحرك نديم بالسيارة ليقف عند كافيه به ركن خاص بالأطفال ليجلسا سويا .. بينما اسر ودانا صمموا أن يلعبوا وفي نفس الوقت شعر نديم أن كاميليا لا تريد التحدث أمام طفلتها

سألها نديم بقلق ما أن جلست معه على الطاولة وحدهم :

– انا عايز افهم حصل ايه بس ! ومتقوليش مفيش .. ملامحك باين عليها أن في حاجة ضايقتك

شعرت كاميليا أنها بحاجة لتفريغ ما بداخلها .. فقصت عليه كل ما حدث معها بالنادي

صاح نديم بغضب معاتباً إياها :

– مقولتيليش ليه واحنا هناك كنت دخلت هزقته

هزت رأسها بهدوء :

– مكنش ينفع … مش لازم يحصل مشاكل .. انا بعرف اجيب حقي كويس من الناس دي وحتى من غير مد ايد ولا حاجة، حتى من كام يوم دكتور دانا حاول يقل أدبه بس عرفت أوقفه عند حده

زفر بعنف متحدثا من بين أسنانه:

– مش عارف ايه القرف اللي بقى في الناس دي !

زفرت كاميليا بضيق :

– انا اللي مش عارفة هفضل استحمل كل ده لحد امتى

– بصي يا كاميليا هو واقعياً فرص الارتباط بالبنت المطلقة اكتر من الآنسة .. في ناس كده زبالة فاكرين أن هي ممكن توافق عليهم .. بس ممكن اللي اتطلقت دي اخلاقها تبقى احسن من واحدة متجوزتش وممكن العكس

هزت رأسها باستنكار :

– بس انا تعبت و زهقت … كل ما انسى اللي مريت بيه الاقي الناس المتخلفة دي يفكروني بكل اللي حصلي..

سألها فجأة:

– مفكرتيش ترجعي لطليقك؟ او حسيتي انك لسه بتحبيه !

ردت كاميليا بسرعة :

-انا مستحيل ارجع لطليقي.. مستحيل ارجع لشخصية متتعاشرش اصلا.. لواحد باع بنته !!!

انا نسيته الحمدلله وكرهته ورجع زيه زي اي حد غريب كأني مش عارفاه بس نفسي اعدي كل اللي بمر بيه بسببه بسبب تجربة جواز

أجابها نديم :

-خلاص يبقى اهم واصعب فترة هي انه يبقي زيه زي اي حد غريب والحمدلله الفترة دي عدت و وصلتي للمشاعر دي الباقي سهل

اللي عليكي تعمليه دلوقتي انك تكملي وتنجحي و تحبي روحك و تهمتي بيها و تهتمي بشغلك و تعيشي حياتك وكده كده التعويض هيجي هيجي

همست بضيق:

-بس يمكن بفتكر الالم بفتكر الوجع .. كل ما اتعرض لمواقف في حياتي..

-عشان احنا مش بنبطل نحس او بننسى ، احنا بنتعود وبنعرف نتحكم في الالم اللي جوانا اللي مكنش مخلينا نعيش، بنتغلب عليه وبنعيش ، وبنفرح تاني ، ونضحك ، و واحدة واحدة بيتركن في الجزء البعيد من ذاكرتنا

تنهدت بحزن :

– امتى بس .. نفسي ارتاح من كل ده .. بستحمل كل ده عشان بنتي .. بس اوقات اقول لنفسي انا صغيرة على كل ده..

ابتسم نديم بثقة قائلا :

-كاميليا انا واثق انك فى يوم من الايام هتبقي حاجة كبيرة تشرف.. شوفي انتي اثبتي نفسك ازاي في شغلك ومستسلمتيش من اللي حصلك وفضلتي مكانك.. كله هيعدي صدقيني

إن كانت الحياة مُرة ،إصنع من أحلامك سكر.

صاحت بألم:

-غبي اللي ما يتعلمش من الوقعة ، وأنا وقعتي علمتني وفوقتني كويس اوي

– متقلقيش كل حاجة هتعدي

ثم اردفت بتفهم:

-كله بيعدي وهيعدي ، كل ده كلام لطيف وحقيقي طبعا .. بس احيانا وأنت في نص المحنة الكلام ده ما بيأكلش عيش !

ساعات بحس اني مخنوقة ونفسي اسيب كل حاجة واهرب اقول ليه انا بيحصلي كده.. ليه نصيبي كده..ليه الشخص الوحيد اللي حبيته خذلني كده… بس برجع اقول الحمدلله افتكر أنه صحيح كله بيعدي حتى لو عدى على قلبي ، على روحي وخطفها معاه بس هيعدي

همس نديم بتشجيع :

– تعرفي أن انتي احسن حد قابلته يتحط فى اي حتة و يثبت نفسه فيها .. انتي بنت بـ 100 راجل

حاول نديم تشجيعها ومواساتها بلحظات ضعفها الحالية..هو يثق انها قوية وتعرف قيمة نفسها ولكن احيانا نمر بلحظات ضعف نشعر أننا بحاجة إلى كل كلمة تشجيع لطيفة من حولنا

فـ ‏إن أحن مواساة ‏يمكن أن تقدمها لشخص

‏أن تلهمه أن يحب نفسه مجددا

ثم أردف بجدية:

-انتي بس شايفة كده دلوقتي لكن دي مش الحقيقة..

الحقيقة ان لسه فيه ايام حلوة متشالة ليكي و لسه فيه شخص هيتمناكي و لسه فيه جواكي مكان حتى لو صغير دلوقتي لما يجي الشخص الصح هينسيكي كل ده و هتحسي انك اول مرة تحبي اصلا و هتحسي ان اللي فات من عمرك ده مش محسوب و هتحسبي عمرك من لحظة دخوله في حياتك

كن صبورا أحيانا يجب أن تمر بالأسوأ حتى تصل للأفضـل !

يجب أن تمر بصفعات كثيرة من الحياة كحال البعض

ولأول مرة تتغير من الفتاة البريئة الهادئة جداً إلى الفتاة القوية الشرسة التي لديها استعداد لأن تقاتل العالم بأسره من أجل نيل حقها

والحمدلله حققت بعض من ما تريد

وشيئاً فشيئاً بدأت بالعودة إلى الأفضل

وها هي اليوم تشعر بالرضا عن نفسها

________

بعد خروجهم من الكافيه .. وقف نديم بالسيارة أمام متجر ما .. فأخذ كاميليا معه وترك الطفلين بالسيارة

همس بتنبيه إلى اسر ودانا:

-خليكم قاعدين تلعبوا هنا … هنروح نجيب حاجة وراجعين

دلف نديم إلى متجر بيع مجوهرات وترك كاميليا بالخارج.. ليخرج بعد مدة وبيده علبة قطيفة أنيقة جدا يعرضها على كاميليا قائلا بابتسامة وهو يفتح العلبة :

– كاميليا … ممكن تلبسي دي.. دي ليكي

اتسعت عيناها الرمادية بدهشة قائلة بذهول غير مصدقة :

– دبلة !!!

google-playkhamsatmostaqltradent