رواية غرام العنقاء كامله بقلم داليا احمد عبر مدونة دليل الروايات
رواية غرام العنقاء الفصل الاول 1
في شقة بإحدى المناطق المتوسطة بالقاهرة..
كانت تقف أمام المرآة، تسرح شعرها الطويل جدا الداكن اللون ما بين الأسود والبني ، جميلة هي ببشرة بيضاء وعينين رماديتين فاتحة جميلة، ملامحها جذابة جدا
كاميليا في الفرقة الثانية من كلية الهندسة..
نظرت إلى ساعتها ، لم يتبقَّ وقت على الإفطار ، أمامها عشر دقائق فقط حتى تكون جالسة أمام جدها “رحيم” على طاولة الطعام .. حملت حقيبتها وهي تركض نحو غرفة الطعام بأقصى سرعة ..
اتسعت ابتسامتها إليه وهي تقترب منه بحيويتها المُعتادة نحو جدها، هتفت قائلة بابتسامة:
-جدو حبيبي صباح الخير
جدها رحيم وهو يقبل خديها:
-صباح النور يا حبيبتي
همست كاميليا متلهفة :
-جدو إيه هي المفاجأة؟
-افطرى الأول وبعدين هتعرفيها
جلست مع جدها على الطاولة، كاميليا تعيش مع جدها وحدهما منذ عامين بعد نزولها مصر
همست كاميليا بحماس أثناء إفطارها:
-ها يا جدو بقى قول
تنهد بضيق :
-باباكِ ومامتك خلاص راجعين من السعودية آخر الأسبوع
صاحت كاميليا بحماس وذهول شديدين :
-بجد أخيرًا بقى..دول وحشوني أوي .. بس غريبة إزاي محدش منهم يقولي
قال جدها بصوت حزين :
-عشان للأسف فيه خبر وحش
-خير يا جدو
قال جدها:
-باباكِ كان تعبان بقاله فترة أنتِ عارفة
قطبت حاحبيها بعدم فهم :
-أيوة بس تعب عادي وبقى كويس
-للأسف باباكِ طلع عنده سرطان في الرئة
صرخت كاميليا قائلة:
-لأااا بابا … أنت أكيد بتهزر لأ مستحيل !
قاطعها جدها وهو يحاول تهدئتها:
-إهدي يا كاميليا أنا مرضتش اعرفك لما يجي عشان متنهاريش قدامه
صاحت كاميليا في إنهيار:
-أنت بتقول إيه يا جدو .. ده أنا بصبر نفسي ودي تاني سنة ليا في مصر من ساعة ما جيت عشان أدخل الجامعة هنا وأنا مستنية رجوعهم ويوم ما ينزلوا بابا يكون تعب كده
دُق جرس الباب؛ ليفتح جدها الباب فهو طلب حضور خطيبها سامح لكي يحاول تهدئة كاميليا .. ركضت كاميليا إلى سامح لتسأله برعب:
-سامح.. هو بابا ممكن يحصله حاجة ؟
صمت بحزن قليلًا لتردف قائلةً:
-رد عليا يا سامح .. هو بابا ممكن يحصله حاجة ؟
أمسك يديها برقة محاولًا تهدئتها :
-إهدي يا حبيبتي بس خير الأعمار بإيد ربنا .. ربنا يشفيه بإذن الله ويبقى كويس
قالت بصوت خافت:
-أنا خايفة اوي .. أنا ماليش سند غيره هو وجدو
قال سامح بنبرة حنونة:
-وأنا روحت فين بس يا كاميليا !.. أنا خطيبك وحبيبك وسندك مش كده ولا إيه؟!
-ربنا يخليك ليّ يا سامح
-ممكن تهدي بقى عشان خاطري لحد ما باباكِ يرجع من السفر وبعدين نشوف الدنيا فيها إيه
هزت رأسها متفهمة، بينما داخلها مشتعل قلقا، هل من الممكن أن يحدث لوالدها شيء سيء ؟!
-خايفة أوي يا رب طول في عمره
-متخافيش خالص وأنا جنبك
__________
بعد مرور أسبوعين من عودة والديها وإخوتها من السفر وبعد بدء مرحلة كابوس الكيماوي والإشعاع ومرحلة الخوف والرعب لـ كاميليا وخوفها من فقد والدها فهي تحبه كثيرا، دخلت غرفة والدها عندما طلب حضورها لتجلس معه قليلا قبل أن يذهب إلى المشفى :
-ايوة يا بابا كنت عايزني؟
اقتربت منه وهي تنحني إليه تُقبله من خديه:
-تعالي يا حبيبة بابا
-انت كويس يا حبيبي ؟!
همس والدها بأمل:
-هبقى كويس لو شوفتك عروسة يا كاميليا
أومأت كاميليا بابتسامة:
-إن شاء الله يا بابا تشوفني وأنا عروسة خلاص كلها 3 سنين واتخرج من كلية الهندسة ونتجوز أنا وسامح ما هو حضرتك متفق معاه على كده
رد والدها بحزن:
-أه يا حبيبتي عارف .. بس دلوقتي الوضع اتغير
اتسعت حدقتا عينيها بدهشة :
-مش فاهمة يا بابا
-نفسي اشوفك عروسة قبل ما أموت يا كاميليا
قالت كاميليا مقاطعةً إياه :
-لالا يابابا لو بتحبني إوعى تقول كده عشان خاطري
هز والدها رأسه بيأس وقال:
-دي الحقيقة يا بنتي أنا المرض بينتشر عندي أكتر و حالتي بتسوء.. عشان خاطري طمنيني عليكِ قبل ما اموت يا حبيبتي
لم يكد يكمل حديثه فقالت بصوت باكٍ:
-يا بابا .. انت عارف إني متفقة مع سامح لحد ما اتخرج وأنا كليتي عملية وصعبة
نظرت إليه وكأنها تريد أن تنفي كلامه مرة أخرى ولكنه قاطعها:
-سامح طمني وقالي أنه هيساعدك في كل حاجة ومش هيخليكي تعملي مجهود في أي حاجة خالص وهيعيشك ملكة
ردت بخوف:
-بس يا بابا أنا خايفة .. أنا مكنتش مستعدة للجواز دلوقتي خالص..و كنت مرتبة نفسي مع سامح على خطوبة 5 سنين مش سنتين بس
مسح دموعها قائلًا :
-عشان خاطري يا كراميلا لو بتحبي أبوكي حققيلي أمنيتي .. أنا مش ضامن هعيش إمتى
ردت عليه باستسلام ممتزج بالتردد:
-حاضر يا بابا .. إللي تشوفه
همس والدها بنبرة واثقة:
-أنتِ قوية وهتقدري تسندي نفسك وتسندي أمك يا بنتي
________
اتفق والد كاميليا مع سامح على تعجيل زواجهما ليتم في خلال شهر ! وبالطبع سامح فرح بهذا كثيرا
حسنا هو يريد أن يتزوجها في التو واللحظة .. لكن كاميليا دائما تتحجج بدارستها تريد أن تنهي دراستها بالجامعة أولا .. لكن سامح بالطبع لم يمنعها منها .. اتصلت به كاميليا فمن الضروري أن تقابله على عجل
وصل إليها كانت تنتظره في مطعم هادئ وجدها شاردة الذهن فـانتبهت إليه لتهتف بريبة:
-سامح
سألها مباشرةً:
-أيوة يا حبيبتي .. جيتلك أهو.. ممكن تفهميني مالك بس!!
عقدت حاجبيها بتوتر:
-أنا خايفة
همس برقة:
-من إيه يا روح قلبي
همست بخوف:
-خايفة إنك تعاملني وحش بعد الجواز وتهيني وتضربني وتبقى زي الرجالة التانية دي وانا يعني هبقى مليش غيرك.. أنا بنفذ وصية بابا ليّ بحققله أمنيته يشوفني عروسة قبل ما اتخرج
ثم بادلته النظرات ببراءة وهي تكمل حديثها:
-متعملش كده ولا تضربني عشان خاطري اوعى.. أنا بحبك و بسمع كلامك ومش هزعلك..و هعمل أي حاجة أنت بتحبها عشانك..ممكن يا سامح؟
قاطعها سامح بنبرة حازمة :
-مش محتاجة تطلبي مني ده أنا من غير حاجة هشيلك في عينيا أصلا وعمري ما ازعلك.. أنا بحبك والله
قالت له في دلال :
-يعني هتفضل تحبني كده !
أومأ برأسه موافقًا:
-اكيد والله واكتر من كده..بس انتي متزعلنيش منك
-مقدرش ازعلك أصلا
-حبيبتي أنتِ
أومأت برأسها كلامه وهي تخبره:
-بس أنا خايفة كمان من حاجة .. عشان يعني أنت عارف في مصر هنا بيت العيلة ومشاكله
هزأ من كلامها ضاحكا:
-بيت عيلة إيه بس يا حبيبتي إللي تخافي منه !! ده أنا أمي دي مش حما أصلا أنتِ عارفة بتموت فيكي وهتشيلك في عينيها .. واخواتي مفيش أطيب منهم و بيحبوكي ما أنتِ عارفة يعني مش هتحسي بجو بيت العيلة إللي بتسمعي عنه في مصر ده خالص
نظرت إليه وكأنها ترجو أن يؤكد لها شيئاً:
-بجد يا سامح .. يعني لو حد مثلا منهم عمل معايا مشكلة أو كده أنت مش هتخذلني
منعها من استكمال حديثها قائلًا في حزم:
-لأ حبيبتي مش هيبقى في مشاكل طول ما احنا مع بعض إن شاء الله..وبعدين خلاص يا كوكي فرحنا قرب أهو وهتبقى مراتي
-مش مصدقة بابا سايب لنا مهلة شهر نرتب فيهم كل حاجة
-هانت.. حبيبك طالع عينه بس كله يهون عشانك يا روح قلبي
-ربنا يخليك لي يا حبيبي
هزت رأسها متفهمة ، بينما داخلها قد اشتعل قلقا ، هل ستصبح سريعا زوجة لسامح ؟ هل يمكن أن يتغير تجاهها كما يفعل الرجال الآخرون ؟ هل يمكن أن تستيقظ على ذلك يوما .. لا يارب لا ..
شعرت بتقلصات في معدتها ، ورغبة عارمة بالرفض والهروب ولكن والدها !!!
والدها الذي تحبه يريد أن يراها أجمل عروس
يريد أن يفرح بها
________
بعد مرور شهر تم الانتهاء من أغلب تجهيزات العرس
دخلت كاميليا إلى غرفتها بعد أن انتهت من مشاوير الزواج اليومية وهي ترمي بجسدها على السرير بقوة ، لـ تغمض عينيها تمنع الأفكار والهواجس من أن تغزوها ، ولكن سامح ! .. ولكنه ليس من ذلك النوع من الرجال ، إنها تعرفه حق المعرفة لن يفعل بها شيء سيء إلا إذا كان هو يريد ذلك
دخلت أمها إلى غرفتها قائلةً بدهشة:
-مالك يا كوكي .. مغيرتيش هدومك ليه يا عروسة ؟؟ المفروض تنامي خلاص فرحك كمان كام يوم
-مش عارفة مالي يا ماما .. قلبي اتقبض مرة واحدة .. خوف .. توتر .. فرح .. حاجات كتير مشاعري ملخبطة
ردت والدتها بابتسامة :
-ده بس عشان أنتِ خايفة على بابا يا حبيبتي..لكن ده سامح حبيبك إللي بتحبيه وهو بيحبك
قالت ودموعها تنهمر على خديها :-
-تفتكري؟؟ مش عارفة حاسة بابا اتسرع أنه وافق نتجوز أنا وسامح دلوقتي
همست أمها بحماس:
-باباكِ نفسه يفرح بكِ يا حبيبتي .. أنتِ إللي مخطوبة و فاتن أختك أصغر منك لسه في أولى كلية ومتخطبتش دلوقتي .. وبابا عايز يفرح بكِ نفسه يشوفك أنتِ أو فاتن عروسة.. وأنتِ اللي عليكِ الدور
ابتعلت لعابها في خوف:
-ربنا يطول في عمره ويشفيه يارب
ربتت والدتها على كتفها قائلةً :
-نامي يا كوكي.. وارتاحي كده يا حبيبتي عشان تبقي عروسة زي القمر .. أنتِ كده كده زي القمر
-ربنا يخليك لي يا أحلى ماما
___________
رمق سامح عروسه وهي تتهادى فوق الرواق الطويل الخاص بالفندق الذي أقيم به زفافهما..
أخذ يتأملها تقترب .. عيناه تعلقت بعينيها وكأنه يطالبها بالتقدم وعدم الالتفات لأي همس يجري من حولها.. اقتربت قليلاً عندها بدأ يلحظ تفاصيل الفستان الجميل الابيض..
كان حفل زفافهما رائعا وهادئ .. سلمها والدها له وهو يسلم عليه قائلا بحزن:
-خلي بالك منها يا سامح .. دي حتة مني وأغلى حاجة بديهالك
سامح بابتسامة مشرقة:
-متقلقش يا عمي دي في عينيا
بدأ حفل زفافهما الرائع وبعد انتهاء اليوم ذهبت معه إلى بيتهما ..
فتح سامح باب الشقة وسمح لكاميليا بأن تتقدمه.. قبل أن يغلقه خلفه.. ثم مد يده يقبض على أناملها الرقيقة بقوة ويسحبها خلفه..
كانت تتجول سريعا وقد قرر سامح التوقف عن التجول بالشقة.. وهو يسألها:
ـ ايه رأيك في الشقة؟..
-حلوة اوي
-بس مش أحلى منك يا كوكي
-ميرسي يا حبيبي
-طب ايه هتفضلي بالفستان كده ..
مال نحوها ليقبل شفتيها.. رجعت للخلف.. وهمست:
-ها .. اه هغيره بس شوية كده
ليميل نحو عنقها ويداه تفك شعرها من ربطته المصففة بعناية بتسريحة هادئة.. لينساب بين يديه.. يصعد ليقبل شفاهها.. هي كانت ستمنعه ولكن إرادتها سُلبت مما يفعله.. كان يهمس لها عندما يفصل قبلته:
-جميلة يا كوكي .. أجمل بنوتة في الدنيا
خلع قميصه أمامها.. لا تعلم متي استسلمت له.. شعرت بأمان بعد أن سلمت رأسها إلى صدره وأنها ليست بحاجة لشيء سوى هذا الرجل الذي تحبه..
بينما سامح كان لا يفكر بشيء سوى أن حبيبته أخيرًا بجانبه، كاميليا التي يحبها بين يديه.. هو أسعد رجل على هذه الأرض.. لم ينم طوال الليل… هو فقط يفكر بها.. يقبلها على رأسها.. يبتسم عندما ينظر لها بين يديه لا يصدق أنها أصبحت زوجته أخيرًا
________
بعد مرور شهر على زواجهما .. عاد سامح من عمله؛ فهو عاد إلى عمله منذ أسبوع .. استقبلته كاميليا من أمام الباب كعادتها وهي تقبله على خده برومانسية :
-سامح .. حمدالله على السلامة يا حبيبي
سامح بنبرة حماس :
-عندي لك مفاجأة
-خير يا حبيبي
-جتلي فرصة سفر لشغل هايلة.. خلاص بفكر أرتب كل حاجة يدوب
رمشت بأهدابها عدة مرات وابتلعت ريقها بصعوبة.. تحاول أن تستوعب ما يقوله :
-سفر !! تسافر إزاي يعني.. ومقولتليش
تحرك ليبتعد عنها قليلاً قائلا ببرود:
-جت فجأة يا حبيبتي
هتفت باعتراض:
-سامح أنت بتهزر !! ده احنا بقالنا شهر بس متجوزين هتسافر إزاي يعني؟ وهتسيبني لوحدي !
رفع حاجبيه بسخرية:
-لوحدك فين أمي وأخواتي موجودين معاك يعني مش هتبقى لوحدك
هتفت بنفي:
-أنت عارف إني متفقة معاك من قبل الجواز بلاش تسافر وتسيبني وأنت عارف كده
صمت قليلا ليكمل بسخرية:
-وجت فرصة كويسة اضيعها يعني !
صاحت به غاضبة :
-لأ يا سامح مش هتسافر.. مينفعش أصلا
صرخ حينها بصرامة:
-كاميليا في إيه !! مالك .. أنا جيت اعرفك .. وغالباً كده أنا أخدت قرار
وخرج بعد أن أغلق الباب خلفه تاركاً إياها وحيدة في شقتهما .. بينما عندها فقد قفلت عينيها قليلًا وهي تمنع الدموع المتناثرة على خديها
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية غرام العنقاء ) اسم الرواية