رواية غرام العنقاء كامله بقلم داليا احمد عبر مدونة دليل الروايات
رواية غرام العنقاء الفصل الثامن 8
التفتت كاميليا بتوتر لترى من صاحب الصوت الذي يعرفها !
فوجدت فتاة تعرفها جيدا .. صديقتها نسمة التي تعرفت عليها في بداية نزولها مصر.. منذ سنوات لم تراها فهي نقلت من جامعتها إلى جامعة أخرى ولم تراها منذ ذلك الوقت.. سلمت عليها بترحيب حار وعناق :
– وحشتيني يا نسمة
لترتسم على ملامحها السعادة:
– عاملة ايه يا كوكي .. ايه الاخبار ؟
– تمام أنتِ فينك اختفيتي كده فجأة ومعرفتش اوصلك تاني
زفرت نسمة بحزن :
– موبايلي باظ وقتها والارقام كلها ضاعت ومعرفتش اكلم كل صحابي
ابتسمت كاميليا برقة:
– مبسوطة بجد عشان شوفتك صدفة حلوة اوي
ثم اردفت بفضول:
– وانا اكتر .. انتي بتعملي ايه هنا ؟
كاميليا بتوتر:
– انا جاية اقدم على شغل .. وعندي مقابلة متحددة بس خايفة اوي متقبلش
نسمة بسعادة:
– بجد !! انا بشتغل في الفرع التاني للشركة بس بنزل هنا يومين في الاسبوع كده .. استني اعمل مكالمة لمستر وحيد ال HR بتاع الشركة
ثم أجرت مكالمة إلى وحيد زميلها وبعد انتهاءها .. نظرت لها كاميليا لتسألها بتوجس:
– تفتكري هيوافق ؟
– متقلقيش سيبيها عليا
تمنت كاميليا أن يوافقوا على تعيينها فهي لن تحصل على وظيفة مثلها ابداً خاصة أنها ببداية حياتها العملية، وهذه الشركة لها فرع بكندا فهي شركة multinational من أهم شركات المقاولات، تحتوي على معظم اقسام الهندسة
ولديهم فرع آخر من الشركة في مكان آخر
بعد دقائق في مكتب وحيد..
نظر لها قائلا بإعجاب و تقدير ممسكا بملفها الشخصي :
– باشمهندسة كاميليا تقديراتك ممتازة وال CV بتاعك متظبط كويس جدا والكورسات اللي كنتي بتاخديها كمان واضح انها ساعدتك كويس.. انا بالنسبة لي خلاص مفيش مشكلة لكن مستر نديم المدير العام للشركة هيشوفك بس ولو تمام هتشتغلي معانا
شكرته نسمة بامتنان :
– شكرا يا وحيد .. بس ايه مفيش واسطة كده حلوة عايزين نخدم صاحبتي
– هنشوف كده نديم بيه هيقول ايه بس الاول
بعد مرور نصف ساعة … في مكتب المدير العام للشركة .. نديم المهدي
شاب في الثلاثون من عمره، ملامح الثراء ظاهرة عليه .. يحمل ملامح جذابة بشرة بيضاء متوسطة مع لون عيناه زرقاء مثل لون عيني طفلتها دانا.. تعطيه وسامة رائعة، شعره بني بخصلات حريرية كثيفة.. وجسدا طويلا رياضيا ينبض بالرجولة..
قدم وحيد كاميليا ونديم يتعرفا ببعضهم قائلا:
– الآنسة كاميليا .. مستر نديم
رمقها نديم سريعا ليلاحظ جمالها الملفت .. عينين جميلتان رمادية تسحر .. و شعرها البني الداكن الناعم الطويل يصل إلى خصرها .. ترتدي بنطال جينز ثلجي فاتح اللون، كنزة بيضاء فوقها جاكيت جلد لونه بيج فاتح قصير يصل إلى نصف فخذها بأكمام فرو ناعم ابيض ومن الاسفل محدد بفرو ناعم ابيض … من أوائل درجات البيج ويمثاله من اللون حذاء بوط جلد طويل يصل إلى أسفل ركبتيها بقليل، حقيبة بني صغيرة مشجرة اللون
بينما شعرها صففته جيدا
كانت أنيقة جدا كعادتها.. وملابسها يبرزوا قوامها المثالي .. بعد الانفصال والانجاب التزمت كاميليا بالرياضة كما نصحتها الطبيبة .. وأصبح وزنها مثل قبل الزواج وافضل بكثير .. بمنحنيات ممتلئة .. بينما خصرها مرسوم صغير بدقة..
قرأ ملفها الشخصي فزفر بعنف ثم سار بإتجاه مكتبه وظل واقفاً أمامها يحدق بها للحظات قبل أن يقول ببرود :
– حضرتك مش مؤهلة للشغل عندنا
ماذا ؟! يا الهي.. أيمزح معها ؟؟؟ أم أن الحظ مازال واقف بطريقها
– ليه يا فندم ؟
تسائلت بحيرة بينما تحدق به بعينيها الرمادية غير قادرة على تصديق اي مما قاله ابدا .. فـ السيد وحيد قرأ ملفها وأعجب به كثيرا فهو يحتوي على شهادات علمية ممتازة
تجاهلها لينظر إلى وحيد ونسمة قائلا بصرامة:
-واحنا من امتى بنقول اسباب ؟
انا قولت لا .. وياريت تشوف حد غيرها يا وحيد
يا الهي .. لا يمكن .. هي بحاجة إلى الأموال .. مصاريف طفلتها .. خاصة أنها سوف تنقلها إلى حضانة انترناشيونال وسوف تشترك لها بنادي لتبدأ نشاط جديد … و مصاريفها هي الخاصة ومصاريف جلسات الطبيبة الخاصة بها والچيم الرياضي ومصاريف ابنتها .. هي بحاجة شديدة إلى العمل والا ستنهار حياتها كلها .. تعبت كثيرا من عملها بالكول سنتر .. تريد أن تستقر
تحدث وحيد هامسا بهدوء :
– مستر نديم ممكن نديها فرصة ..
رمقه نديم بنبرة ساخرة:
– ياريت بعد كده يا وحيد لما تحب تشغل حد معانا تشوف ال CV الاول .. مش تبص للشكل
لم تتمالك نفسها لتهمس معترضة :
– حضرتك ازااي…
رمقتها نسمة لتقاطعها سريعا:
– هشششش.. اسكتي دلوقتي
عبس وحيد بعتاب :
– عيب عليك يعني وحيد برضو يشغل اي حد .. تلميذك يا باشا وانت عارف.. انت بس قولنا ايه أسباب الرفض .. حتى عشان لما تقدم في وظيفة بره متترفضش ولا ايه ؟ طب حضرتك شوفت ال CV بتاعها كويس؟
نديم بتبرير:
– أيوة شوفته .. هي تقديراتها كويسة جدا بس معندهاش خبرة عمل سابقة في مجال الشغل ده.. اشتغلت قبل كده كول سنتر اكونت انجلش و عربي .. لكن خبرة مفيش في مجال دراستها نهائي ..
لقد قرأ الملف جيدا إذا ..
شعرت بالدم يغلي من الغضب الشديد من كلامه .. لكن تماسكت .. لا زالت بحاجة الا الوظيفة والمرتب مغري كثيرا … وعليها أن تتحدث بكل لطف حتى لا يمسك عليها أي خطأ
تدخلت نسمة قائلة بإقناع:
– طب ما تجربها يا مستر نديم ايه رأيك ؟ وبعدين في شباب زيها كتير محتاجين شغل ولو اتحطوا في مكان كويس بيطلعوا شغل احسن من اللي متوظفين بخبرة سنين
رفع حاجبه بدهشة:
– واحنا من امتى بنشغل عندنا حد بيتعلم يا آنسة نسمة ولا عشان الانسة تبعك بس
احنا شركة مالتي ناشونال لو أنتِ ناسية
شعرت نسمة بالاحراج .. فردت بتبرير قائلة:
– معلش يا مستر نديم ياريت تديها فرصة .. انا عارفة أن ده مرفوض بس حضرتك ممكن تعملها exception ولو هي متعلمتش بسرعة ومطلعتش قد الشغل ممكن متكملش ..
ثم اردفت نسمة بقلة حيرة:
– وبعدين ما يمكن هي اللي مترتاحش ومتكملش ولا إيه رأيك يا فندم ؟
همت كاميليا بالرحيل ولكن أوقفها صوت نديم الرجولي القوي وهو يسألها:
– مستعدة تشتغلي معانا آنسة كاميليا ؟
عادت ابتسامة كاميليا ترتسم على شفتيها قائلة بحماس:
– اكيد يا فندم
اقترب منها قائلا بتوجس:
– هتقدري تنفذي اي حاجة مطلوبة منك ؟
استدارت تنظر إلى وجهه مباشرة .. ومن ثم اومأت له بالإيجاب
أردف نديم باستهزاء:
– في كذا حد اشتغل معانا قبل كده لسه متخرجين ومبيكملوش الشهر معانا … ولا واحدة فيهم عرفت تتحمل مسؤولية معانا..
كاميليا بثقة:
– وانا أن شاء الله هكون قد المسؤولية معاكم
– هنعمل اختبار صغير اشوف هتقدري تشتغلي ولا لا
ثم أعطاها ملف كبير جدا .. به تصميمات صعبة وكثيرة جدا .. ليهمس بجدية:
– لو قدرتي تعملي التصميمات دي كلها وتخلصيها من غير ولا غلطة.. اعتبري نفسك وقتها اشتغلتي
أخذت من يده الملف قائلة بتأكيد:
– تمام مستر نديم
أوقف يدها قبل أن تسحب الملفات منه .. قائلا بمكر :
– استني … مسألتيش انا عايزك تخلصيهم امتى ؟
رفعت وجهها لتسأله بتوجس :
– امتى يا مستر نديم ؟
همس بحزم:
– بعد بكرة
ماذا ؟! يا الهي .. أيمزح؟! لا بكل تأكيد هو لا يمزح .. فوجهه صارم جدا وكلماته كلها لا تدل على المزاح ابدا
سألها بلهجة ساخرة :
– هتاخدي الشغل ؟؟
شعرت بالدموع تلسع عيناها بقوة وتهدد بالسقوط لكن لم تسمح لهم بالسقوط بعد أمام أحد .. هذه تعليمات الاخصائية النفسية الخاصة بها ..
همست نسمة بجانب أذنها قائلة :
– كاميليا خلاص لو مش هتقدري …
حاولت تمالك نفسها مجددا لكن صوتها خرج مختنقا ممزوج بقوة:
– هاخدهم
رفع حاجبه بذهول وكأنه غير مصدق ابدا لقبول طلبه فهو ظن أنها ستتراجع مثل ما قبلها.. فقال بهدوء شديد وهو يبتعد عنها عائدا إلى مكتبه :
-بعد بكرة تكوني في مكتبي التصميمات دي كلها تكون خلصانة .. مفهوم !
أجابت بسرعة البرق وهي تنظر إلى عيناه الرمادية مرة أخرى قبل ان تخرج من المكتب مع صديقتها نسمة:
– مفهوم يا فندم
شكرته نسمة بامتنان .. وخرجت خلف كاميليا وهي تتمنى أن صديقتها تحاول أن تنهي العمل بالفعل
تحدث وحيد بغيظ بعد خروج الفتيات :
– حلو الرفض اللي بشياكة ده
رفع نديم حاجبه ببراءة:
– الله .. ما هي البنت قبلت
عبس وحيد بضيق :
– انت عارف كويس اوي أن ده صعب حد يخلصه دي معاها على الأقل اسبوع عشان تعرف تخلص كل الشغل ده..
ثم اردف بتساؤل:
– بس تفتكر هي تقدر تخلص كل ده فعلا ؟
ضحك نديم قائلا بسخرية :
– لا طبعا .. ده عايز حد شاطر جدا ويموت نفسه عشان يخلصهم.. بس لو حصل .. تبقى البنت دي اشتغلت معايا
رمقه وحيد بزهق:
– مفتري والله .. مبتشغلش حد بسهولة انا عارف
– متنكرش أن الشركة ماشية زي الساعة
– حد يقدر ينكر يا باشمهندس
_________
يومان وهي جالسة في غرفتها تعمل على التصميمات المطلوبة تحاول إنجازها بأكبر قدر .. حتى طلبت من جدها توصيل ابنتها معه إلى الحضانة
صاحت كاميليا بغيظ:
-عاملي فيها اختبار يطفشني ؟؟؟ …. منك لله يا اخي …. وايه الغرور بتاعه ده كله ! متنفعيش للشغل معانا قال عشان معنديش خبرة … ااه لو كانوا سابوني ارد عليه كنت عرفته ازاي يقول كده .. بس ماااشي انا بقى هكسفه واخلص كل الشغل ده ويكون بكرة على مكتبه … عشان بس اشوف شكله لما اخلص
لمحت الساعة لتجدها تقترب من الثالثة صباحاً .. يا إلهي لقد مر وقت طويل وهي مازال لديها الكثير من التصميمات … وها هي الآن أصبحت تشعر بالنعاس ..
هسمت كاميليا لنفسها بتعب:
– ياربي ايه العذاب ده
لتسقط بعدها مكانها تنام على مكتبها فجأة…لتنعم بنوم عميق.. لتنسى انها ستخسر اهم وظيفة بحياتها
******
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية غرام العنقاء ) اسم الرواية