Ads by Google X

روية جمال الاسود الفصل العاشر 10 - بقلم نورا عبد العزيز

الصفحة الرئيسية

  روية جمال الاسود كاملة بقلم نورا عبد العزيز عبر مدونة دليل الروايات 


 روية جمال الاسود الفصل العاشر 10

 

فتحت الباب دون أن تدق ورأته يجلس على مكتبه ينفث دخان سيجارته، رفع “جمال” رأسه بأندهاش من فتح الباب دون طلب الأذن لكنه رأها، تقابلت عيونهما فى صمت مُنذ شهر تقريبًا وهو لا يراها وقررت العمل فى القصر كخادمة، تبسمت “مريم” بلطف فور رؤيته وتسارعت نبضات قلبها من لقاء عيونهما لتقسم أن مهما أختراع هو وأمثاله من وسائل للأتصال لن يكن هناك ما يشبه النظرة وهذا الشعور الذي يحتلها من الداخل بسبب رؤيته، أزدرد لعابه بأرتباك من رؤيتها لطالما هرب منها ليراها تقترب منه بلطف مُبتسمة كأنها تخطو على طريق قلبه حتى تصل إليه، قالت بنبرة خافتة:-

-ممكن أخرج!!

قال بسخرية من طلبها وعاد بنظرة إلى اللابتوب الخاص بيه:-

-دا طلب بصفتك موظفة هنا ولا ضيفة، لأن لو موظفة فدى أول مرة تحصل فى التاريخ وتجي موظفة عندي تطلب أذن عشان تسيب شغلها

كادت أن تتحدث لكن أستوقفها ألم رئتيها من الدخان الذي ينفثه من سيجارته وتتنفسه هي وبدأت تكح بصعوبة بعد أن وضعت يدها على أنفها وفمها وقالت:-

-أى حاجة بس أنا عايزة أخرج ضروري

تحدث “جين” بصوته الألي قائلًا:-

-عودي للخلف ستُصاب رئتك المريضة بهذا الدخان

رفع “جمال” نظره إليها بأندهاش من حديث “جين” وقبل أن يستفسر عما يحدث، أخترق “جين” اللابتوب الخاص به وأظهر له سجلها الطبي وأنها تعاني من حساسية مُفرطة من الدخان، أطفيء سيجارته وضغط على زر تقنية الهواء لأجلها، قال بهدوء:-

-روحي أخرجي

-ممكن تيجي معايا

قالتها بلطف لينظر إليها مُجددًا بتعجب فقالت بترجي تستعطفه:-

-واحد زميلي فى المدرسة عايز يعرفني على أهله وطبعًا أنا معنديش أهل غيرك، ممكن؟

أغمض عينيه بضيق شديد من كلماتها ثم قال بأختناق شديد:-

-أنا كام مرة قولتلك ممنوع ….

قاطعته بلطف شديد ووجه عابس:-

-أتكسفت أقوله لا عشان كدة بطلب منك تيجي معايا، هتجي ولا لا مين عالم ممكن يطلب مني الأرتباط وأتكسف أرفض

تأفف بضيق شديد من ردها وهي تخبره بأن هناك معجب بها ويطلب منها الأرتباط ويسعى لتقديمها إلى أهله، يحمل بداخله غضب كافي اليوم على أن تزيده هذه الفتاة، صعد ليبدل ملابسه وأرتدي بدلة رسمية وفوقها البلطو الخاص به وخرج معها بسيارته ليقود هو هذه المرة دون “صادق” أنطلق إلي حيث أتفقت مع صديقها على اللقاء وهناك قابل شاب من عمرها لم يرفع عينيه عنها ويجلس بجوار والدته التى أعجبت كثيرًا بجمال “مريم” فقال الشاب بلطف:-

-أوعدك يا عمي أنى مزعلهاش أبدًا

قالها هو يمد يده كي يمسك يدي “مريم” من فوق الطاولة ليرمقه “جمال” بنظرة أرعبته وجعلته يسحب يديه قبل أن تلمس يدها وقال بحدة:-

-عمك!! ومين قالك أنى هيدهالك

تحدث الشاب بنبرة ناعمة كأنه فتاة لا يحمل من الرجولة شيء هائمًا بالنظر إليها قائلًا:-

-لا أرجوك متفرقش أتنين بيحبوا بعض أنت معندكش قلب ولا أيه، مريم دى أجمل بنت قابلتها فى حياتي وخطفت قلبي من النظرة الأولي ومستحيل أسمح أنها تكون لغيري أو تكون فى حضن رجل تاني ….

لم يتمالك “جمال” غضبه أكثر وغيرته التى أكلت قلبها للتو وهو يتحدث عن ضمها وجمالها ليسكب كوب الماء البارد فى وجهه وهو يقول:-

-يمكن تفوق وتسترجل شوية

أخذها من يدها وأنطلق للخارج غاضبًا، نظرت “مريم” على يديهما المُتشابكة وأقسمت بأنه يغار عليها حقًا فلن تتعب نفسها بالسؤال وعينيها ترى غيرته بوضوح، كان قلبها على وشك الأنفجار من سرعة نبضاته على عكس “جمال” الذي يشتعل من الداخل غضبًا كالبركان، فتح لها باب السيارة وقال بجزم:-

-أركبي

-أنا جعانة

قالتها “مريم” بضيق شديد مُصطنع ليتأفف “جمال” قائلًا:-

-أبقي كُلي لما تروحي البيت، أهو بالمرة تتعلم أزاى تكسري قواعدي وتختلطي بذكر.. وحياة اللى خلقني يا مريم لدفعك تمن كسر …….

قاطعته “مريم” بلطف عندما وضعت يدها على فمه ثم قالت:-

-جعانة ممكن تأجل عقابي لما أكل

تسمر مكانه عندما وضع يدها على فمه كأنه جمد مكانه فقط عينيه ترمش بأرتباك وتحدق بها، ظلت تنظر إليه كثيرًا فى صمت ليأخذها إلي أقرب مطعم وطلب من أجلها الطعام الذي تريده وأختارته وجلس مكتوف اليدين يراقبها فى صمت دون أن يتناول شيء، وبدأت تجبره على فعل الكثير من اجلها كتناول المثلجات في هذا الطقس البارد وتسير معه فى الطرقات، تساقطت الأمطار لتركض بعفوية أسفلها وتبتسم بل صوت ضحكاتها تخترق أذنيه وتسرع من ضربات قلبه فظل يسير واضعًا يديه فى جيبه خلفًا ويراقبها وهى كفراشة تتطاير بخفة وسعادة فى الهواء، نظرت إليه وهى تكمل ركضها وتسير للخلف بظهرها لتلمع عينيه رغم تحجر شفتيه عن الأبتسامة، حتى رأي صخرة كبيرة يجلس عليها ثنائي من الأحباء وكادت أن تصطدم بها وتسقط فوقهما ليسرع فى خطواته إليها وسحبها من ذراعها إليه حتى أرتطمت بصدره القوي، نظرت إليه ووجهها مبلل بالأمطار وحبات الماء الباردة وشفتيها ترتجف من البرد لكنها سعيدة بهذا البرد الذي ينعش جسدها، تقابلت عيونهما فى نظرة صامتة رغم الحديث الطويل الذي دار بينهما، رفعت يدها إلى صدره القوي وقالت بتمتمة:-


-ممكن أقولك أنى هموت من الساقعة بس متروحنيش

رفع يده إلى وجهها يمسح حبيبات المطر عنه ويبعد غرتها عن جبينها بلطف ثم قال:-

-هتمرضي

-حتى لو، كفاية أنى مبسوطة.. دى من اللحظات الناردة فى حياتي يا جمال

قالتها بدفء رغم أرتجف جسدها من البرد لكنها تتشبث بهذه اللحظة الجميلة التى صنعتها السعادة بفضل قدرها، لا تملك الكثير من اللحظات السعيدة فى حياتها لذا تتشبث بهذه اللحظة جيدًا باستماتة، ظل “جمال” صامتًا يرمقها بعينيه لا يعلم أيكسر سعادتها من أجل صحتها أم يترك السعادة لأجلها حتى تظل هذه البسمة تنير وجهها، مرة أخري أقتحمت “مريم” عقله الذي يرغب بضمها أكثر إليه فى الحال رغم قربهما الشديد والتصاقها بصدره الصلب لكن يرغب بالشعور بدفء جسدها لتقول “مريم” قاطعة شروده بنبرة ناعمة:-

-بيعجني دفئك يا جمال، مهما كانت الأيام باردة أنت دافئ

أزدرد لعابه بتوتر شديد ثم أبتعد عنها بقلق من القادم وأخذها إلي السيارة كي يعود للقصر بها قبل أن يفقد صوابه أمامها، ضربات قلبه تؤلمه أكثر وعقله يتذكر الماضي فبعد ما حدث لعن جميع النساء وأخرجهما من حياته لكن جاءت طفلة تكسر كل حواجزه الذي صنعها، سبها بالكثير ولعنها بالسوء بسبب زواجها من أخاه الذي يكبرها بعمر لتتسلل بداخله هو الذي يكبرها بأربعة عشر عام، لا يعلم أهذا عقاب القدر له على ما تفوه به بحقها حتى يظهر له القدر أن الحب والعشق لا يحتاج لسن معين أو فرق سن محدد فقط يكفي أن يتألف قلبان وتعشق روحان حتى يصبحوا روحًا واحدة، وصل للقصر وألتف لينظر إليها فرأها تضم يديها الأثنين إلى بعضهما قرب فمها وتنفخ بهما بشدة من البرد، قال بجدية:-

-أنزلي

ألتف لكي يغادر أولًا لكنها أوقفته عندما مسكت يده فعاد إلى جلسته ونظر إليها بهدوء على عكس نظرتها التى تحدق به بلطف وعينيها تعانق عينيه فى عناق طويل ثم أقتربت لكي تضع قبلة على وجنته فوق لحيته السوداء بلطف وأبعدت قليلًا وما زالت أنفاسهما تخلتط معًا وهو مُصدومًا تمامًا فى فعلتها وتوقف عقله وجسده بهذه اللحظة حتى سمعها تهمس إليه من هذا القرب:-

-أنا بحبك يا جمال…….

__________________________________

نظر “حمزة” للهاتف الذي أخذه من هذا الرجل ويحدق بصورة “مريم” وهى على قرب من “جمال” أمام النيل ليتوقف عقله عن التفكير وتمتم بصدمة ألجمته:-

-سارة عندها حق، جمال رجل زى البقية ومريم بنت جميلة ولو أستنيت ممكن تبقي مراته…..

_________________________________

“قصــــــــر جمــــال المصـــــري”

دخل إلى غرفته بصدمة الجمته من أعترافها بحبه وكيف صفعها ردًا على هذه الكلمة التى تفوهت بها، لا يستوعب ما يحدث ليقذف كل شيء فوق مكتبه الموجود بالغرفة بغيظ شديد لكنه توقف فجأة عندما لمح بعينيه صندوق أسود فى الأرض، أنحني ليلتقطه وكان مُثبت به بطاقة مكتوب عليها

(أنا صنعتها بنفسي عشانك…

كل سنة وأنت طيب


مريم )

فتح العلبة وكانت تحمل دُمية وردية اللون مصنوعة من الصوف، أدرك بأن كل ما فعلته اليوم هو لأجل عيد ميلاده وأردت أن تمحي ذكرياته السيئة بصنع ذكريات جميلة معها، تأكد بأنها سمعت من الخدم قصة عيد ميلاده وخيانة زوجته لذلك سعت جاهدة لمساعدته فى التخلص من ألم الخيانة بأعتراف بالحب، أغمض عينيه بضيق شديد مما حدث ومسح وجهه بيديه….

________________________________

لم تتوقع “مريم” أن يصفعها لأنها أخبرته بأنها تكن المشاعر له وعاقبها كأنها تتحكم بقلبها ولها سلطان عليه وتختار من تحب، ظلت تبكي طوال الليل حتى الصباح، وقفت “حنان” تفحص الخادمات فى الساعة الخامسة والنصف قبل أن يبدأ يومهم وقالت بجدية لأحدهن:-

-قولت مشوفش قلم روج فى وشك

مرت لفحص البقية وبدأت تلقي بتعليماتها عليهن:-

-قولت ممنوع الزين والأكسسوارات بأى شكل….. تقريبًا بعلم فى بهايم مش قولت مشوفش شعرة خارجة من التسريحة بتاعتك…

وصلت أمام غرفة “مريم” ولم تجدها فقالت بتمتمة:-

-وأخيرًا قررت تعتزل الشغل

فتحت باب الغرفة لتراها بالفراش ترتجف وصوت أنينها عالي، أقتربت منها “حنان” بقلق ووضعت يدها على جبينها لتجدها مُلتهبة كالجمر لتطلب من الخدم الأتصال بالطبيب فورًا وحملوها إلى غرفتها بالأعلي ليراهما “شريف” فى طريقه لإيقاظ “جمال”، دلف للغرفة ووجده مُستيقظ بالفعل ليقول:-

-متقوليش أن حضرتك صحيت على صوت الخدم

هز رأسه بلا لينتبه “شريف” إلى غرفته الفوضوية ليعلم بأنها كانت ليلة أليمة كعادته وأنطلق الأثنين بعد الأستعدادات للخارج لكنه وجد الطبيب يغادر غرفتها وأخبره بأنها تعاني من حمي شديد، لا يفهم من التي تعاني لكن سرعان ما استوعب الأمر عندما أنتبه لغرفتها، فتح باب الغرفة ودلف مسرعًا بقلق ليغادر الجميع للخارج، تطلع بوجهها بقلق سافر ولمس وجنتها ليراها كجمر مُلتهبة لا يعلم سبب مرضها أهو البقاء أسفل المطر لوقت طويل أم صفعته من فعلت بها هذا بعد أن كسر قلبها ورفض حبها، أنحني إلى جبينها ليقبلها بدون وعي وهمس فى أنها قائلًا:-

-أمرتك مترمضيش يا مريم

غادر عابسًا وكأن مرضها من شأنها حتى تتطيع أوامره ولا تمرض، أمر الجميع بألا تعود للعمل فى القصر نهائيًا وغادر القصر وكانت هذه أخر مرة رأها، مرت الأيام وهى تتجنب رؤيته وتسكن غرفتها طوال اليوم ولا تذهب لرؤية “إيلا” إلا عندما يغادر صباحًا للعمل وتعود إلى غرفتها فور عودتها من المدرسة، قررت أن تتوقف عن حبه وستجاهد لهذا الأمر بكل عزيمتها…

________________________________

“شــــركـــة الجمـــال جي أند ام للألكرونيات”

وقع “جمال” الأوراق إلى “اصالة” وعينيه لا تفارق هاتفه الذي أنذره صباحًا بواسطة “جين” بأن اليوم عيد ميلادها، مر تقريبًا شهر ونصف مُنذ يوم مولده ولا يراها أو يسمع عنها فأصبحت كتومة جدًا لا تخبر “نانسي” بشيء عمدًا حتى لا يصل إليه، أكتفي بمعرفته لذهابها إلى المدرسة ورؤية “إيلا” غير هذا لا يعرف شيء بشأنها، أخذت “أصالة” الأوراق من أمامه وقبل أن تغادر أستوقفها “جمال” بتوتر قائلًا:-

-أصالة

نظرت إليه لتبتسم بعفوية وهى تعلم أنه لا يُحدثها بهذا التوتر إلا عندما يكون الحديث بشأن “مريم” فقدم إليها بطاقته البنكية ثم قال:-

-معلش خلي حنان تعملها حفلة صغيرة عشان عيد ميلادها وأشتري ليها هدية

تبسمت “أصالة” بحماس لفعل ذلك وأخذت بطاقته البنكية وغادرت من الشركة حتى تصل للقصر وهناك أخبرتها “حنان” قائلة:-

-بس مريم النهار دا ولأول مرة مؤخرًا تقرر أنها تخرج ومتسألنيش راحت فين

أتصلت “أصالة” به وأخبرته انها ليست بالقصر ولا يعرفون إلى أين ذهبت ليغلق معها بقلق وأتصل بـ “حسام” فأخبره أنها أخذت “إيلا” صباحًا للمشاركة فى سباق خيل بالغردقة ولن تعود إلا بعد الغد، أستشاط غضبًا من أفعالها وهى قررت أن تسافر دون علمه وخصيصًا بهذا اليوم كأنها تعمدت ألا تحصل على شيء من أحد فى يوم عيد ميلادها…..

أتصل بـ “أصالة” وطلب منها أن تلغي طلبه ولا تفعل شيء وأخبر “حسام” أن يعود بها اليوم قبل أن يأتي إليهم بنفسه وبالفعل عادت بالأكراه بعد أن ترجاها “حسام” أن تعود معه وألا سيخسر وظيفته وهو شاب مُقبل على الزواج بحبيبته لتخضع إلى طلبه وعادت غاضبة كالعاصفة مما جعل الجميع يخشوا مُحادثتها، اليوم أكملت العشرين من عمرها لكنها تحمل غضب بقدر أيام عمرها كاملة..

الأيام تمر وهى تصمد بصعوبة فى مواجهة قلبها الذي يشتاق إليه وعازمة أمرها على التغلب على هذا الحب والتخلي عن مشاعرها، بينما هو مثلها يكاد يفقد عقله من التفكير بها ورؤيتها تتطاير مع المطر كذكري أخيرة جمعتهما لا تفارق عقله، دخلت “أصالة” إلى مكتبه تقول:-

-نادر الهواري عايز يقابل حضرتك ضرورى

نظر “شريف” بتعجب إليه وقال:-

-والله!! جاي بنفس هنا مش كفاية عمايله، أرفض مقابلته يا مستر جمال

تبسم “جمال” برحب ومكر شديد كأنه يرحب برؤية منافسه بسعادة حتى يشعر بالأنتصار وقال:-

-دخليه يا أصالة

أومأت إليه بنعم ليخرج “جمال” بطاقته البنكية فتبسمت وهى كالوسيطة بين هذا الثنائي المتخاصم ليقول:-

-أنا معرفش غير أن فترة الإمتحانات بتكون ضغط علي طلاب الثانوية العامة، أشتري ليها أى حاجة تغير من نفسيتها وتساعدها على التركيز مشروبات وشيكولاتات، سناكس وبسكويتات كثير، كترى من الأكلت السريعة دى عشان حنان بتقول أن معندهاش وقت تأكل معرفش أزاى

تنحنح “شريف” بجدية ليُذكره بأنه يُفرط فى الأهتمام بها، على عكس “أصالة” التى رحبت بالفكرة جدًا خصيصًا أن امتحاناتها بعد أسبوع وكغيرها من الطلاب فى هذه المرحلة يعانون من التوتر والقلق وخصيصًا أن “مريم” تسعي لكلية القمة والمجموع الكامل أن أستطاعت، خرجت من المكتب بينما “شريف” قال بجدية:-

-مش شايف أن دا كثير شوية

رفع “جمال” نظره به ليبتلع لعابه بخوف وغير حديثه قائلًا:-

-قصدى على نادر جاي لحد هنا بنفسه مع أنه منافس لينا

تبسم “جمال” بسمة خافتة على خوف “شريف” منه وهو يعلم بأن حديثه كان عن “مريم” ليقول:-

-جاي يشوف اللى إحنا وصلنا له متقلقش يا شريف، نادر أصغر من أنه يكون منافس ليا…

______________________________

“قصـــر جمــــال المصـــري”

جلست “نانسي” ترتب لها الثلاجة الصغيرة الموجودة فى غرفتها بالأغراض التى أحضرتها “أصالة” كما أمرها وتراقب “مريم” وهى تجتهد فى دراستها حتى غادرت دون أن تشعر “مريم” بها او تنتبه لوجودها، مرت فترة الإمتحانات بصعوبة ضغط كبير عليها قليلًا ما تنام، حتى جاء يوم تكرمها من المدرسة لأكونها من أوائل، صعدت على المنصة بسعادة تغمرها رغم حزنها لأنها وحيدة جاءت لحفلة تكريمها بدون أهل معها كبقية زملائها، حتى “جمال” لم يأتي لكونه مالك المدرسة وأكتفي بمديرة المدرسة، أستلمت شهادتها ببسمة سعيدة وألتفت للجالسين ودُهشت عندما رأت “حنان” تقف هناك وبجوارها “نانسي” جاءوا لأجلها ويصفقون لها بحرارة وسعادة فتبسمت بسعادة أكبر علي وجودهما، عادوا معًا للقصر و”مريم” تقول:-

-شكرًا على حضوركم

-وانا مش هتشكرينى

نظرت إلى صوت “شريف” لتراه يقف فى البهو مع بقية الخدم والطباخ وكل موظفين القصر ومعهم “حسام” و”أصالة” وحتى “حاتم” عامل الأسطبل كان موجودًا و”شريف” يحمل كعكة صغيرة لأجلها، وضعت يدها على فمها بسعادة ودهشة ثم ركضت نحوهم بحب وإمتنان لشكرهم على ما فعلوا لأجلها لكنه الوحيد الذي لم يبارك لها ولم يظهر “جمال” ، الرجل الذي اعتقدت بأنه سيتحجج بنجاحها لرؤيتها لكنه لم يفعل، أخذت حمام دافئ وصعدت إلى فراشها بعد يوم طويل، دلفت “نانسي” للغرفة وقالت:-

-مستر جمال عايزك

نظرت “مريم” بأندهاش من طلبه لرؤيتها بعد ستة أشهر تقريبًا تعيش معه تحت سقف واحد ولم يراها مرة واحدة، تأففت بضيق من صلابة قلبه وتحجره ثم نزلت للأسفل فأخذتها “نانسي” للخارج لتراه يقف أمام القصر بجوار سيارة من ماركة المرسيدس صفراء اللون فذهبت نحوه ببرود وجه عابس ثم قالت:-

-أفندم

ألتف إليها ليراها بعد كل هذا الفراق رغم قرب المسافات، أشتاق لها بجنون ولبسمتها لكنها الآن عابسة وتعيسة نحفت أكثر عن السابق فأصبحت كهيكل عظمي وقصت شعرها الذي تعتز به كثيرًا فقال بأندهاش:-

-قصتي شعرك

-معتقدش أنك طلبتني عشان قصة شعري

قالتها ببرود شديد لتذكره بأخر مرة رأها بها وصفعته لها عندما كان يغمرها الحب من أجله ليدرك بأنه سبب كل هذا التغيير القائم بها، أخرج مفتاح السيارة وأعطاها له ثم قال:-

-هدية نجاحك

ضحكت بسخرية بعد أن عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بتهكم شديد:-

-هدية نجاحي!! مش المفروض اللى يهدي حد على الأقل يقوله مبروك بس عمومًا أنا مش عايزاها منك لا كلمة مبروك ولا الهدية، أنا أجتهدت ونجحت مش عشان أخد هدية منك بل عشان أخلص منك يا جمال وأمشي من هنا نهائيًا ولحد ما يجي اليوم دا متخلنيش أشوفك أو حتى أسمع صوتك

ألتفت لكي تغادر من أمامه غاضبة، قلبها يصرخ بالشوق الذي يلتهمه وهذا المتحجر يقف كالصانم كعادته لا يهتم سوى بأن يهديها الأشياء رغم قسوته لطالما أرادت أن تخبره بأنها لا تحتاج للهدايا والمال بل تريد اللطف والحنان، دمعت عينيها وهي تغادر من أمامه بعد أن جاهدة بقوة ألا تسقط دموعها أمامه…

مرت أربعة سنوات بالفعل على لقائهما الأخير

ترجل “جمال” من الطائرة بعد أن وصلت لأرض مصر وقبل أن يرحل جاءت له “سلمي” كابتن الطيران التى كانت تحلق به وصديقته، غادرا المطار معًا وهى ترتدي زي طيرانها وهو يرتدي بدلته الرمادية فقالت بلطف:-

-قولي أنك موجهتكش صعوبة فى رحلتك معى

تبسم “جمال” بلطف وقال:-

-أنتِ عارفة أنك كابتن طيران رائع يا سلمي

خرج معًا من صالة الطيران ليرى “شريف” فى انتظاره مع سيارته فقال:-

-تعالي نوصلك

أشارت له على شاب هنا ينتظرها وقالت:-

-شكرًا معايا توصيلة، لكن هيجيلك أكيد لأاني حابة أتعرف عليها

سألها “جمال” بنبرة جادة وعينيه تحدق بها:-

-هى مين؟ مريم!

ضحكت بعفوية ثم قالت بتلقائية:-

-اللى خليتك تنطق أسمها باللطف دا كله واللي هتجنن عشان تشوفها وتسمع صوتها، لازم أقابل اللي قدرت تقلب كيان جمال المصري وأهو بالمرة أحاول أصلح بينكم قبل ما يجي حد يخطفها منك

-مستحيل أسمح لحد يخطفها مني

قالها بغرور وكبرياء بعد أن عزم أمره على أمتلاكها خصيصًا بعد أن كبرت الآن فلم تعد الطفلة التي جاءت لمنزله، صعد إلى سيارته وبعد ترحيب “شريف” بعودته بدأ يخبره بتطورات الشركة والقصر وهو يستمع جيدًا حتى وصل إلى الجزء الأهم له بالحديث عن “مريم” عندما قال “شريف” بخبث:-

-مش هتصدق أن زميلها فى الجامعة طلب أيدها مني الأسبوع اللى فات لكن أنا مدتهوش كلمة طبعًا وقولت له لما ولي أمرها يجي

صمت “جمال” تمامًا ولم يعقب على الحديث الذي سمعه للتو فهل أصبحت الآن عروس وسيتقدم لخطبتها كل من يعجب بها، تبسم “شريف” بمكر على هذا الرجل الذي يحبها كثيرًا وقد سكنت قلبه بالفعل والآن بعد أن بلغت الرابعة والعشرون من عمرها وما زال كلا منهما يتجنب الأخر لكنه غُرم بها كليًا فى بُعدها عنه، الفتاة التى دخلت قصره خائفة وترتجف وتترجاه ألا يتركها.. هى نفسها الآن الفتاة التى سكنت قلبه ولن يتركها مهما ترجته، وصل للقصر بسيارته لتفتح الأبواب تلقائية وسارت السيارة فى طريقها إلى القصر ليراها على ظهر “إيلا” تركض بعفوية كالطير المحلق بجناحيه بحرية دون قيود، تركض “إيلا” بها بسرعة تعادل سرعة سيارته فى الحديقة فوق العشب، تتطلع بها من خلف الزجاج الفتاة التى كبرت أمام عينيه وتسللت إلي قلبه مع كل يوم مر عليها فى منزله وأمام نظره والآن حتى بعد أن أصبح عمره 38 عامًا لم تجرأ امرأة أو فتاة على هز كيانه كما فعلت هذه الفتاة وأحتلت قلبه كليًا، تمني كثيرًا أن يعود الوقت لهذه الليلة التى أعترفت فيها بحبها له لأخبرها بأنه يحبها بدلًا من صفعها ورفضها فحينها لم تكن تمر كل هذه السنوات فى خصام وفراق طال بينهما….

google-playkhamsatmostaqltradent