رواية وجوه الحب كاملة بقلم نور بشير عبر مدونة دليل الروايات
رواية وجوه الحب الفصل الثالث عشر 13
( ١٣ ) – انفجار –
لحقت بزوجها سريعًا وما أن دلفت إلى غرفتهم حتى وجدته بغرفة الملابس يُبدل ملابسه فإنتظرته بالخارج أعلى فراشهم على أحر من الجمر فالقلق قد بلغ ذروته وتمكن منها على أكمل وجه. وما أن خرج من غرفة الملابس حتى أسرعت ” شـهـيـرة ” إليه هاتفه به بقلق واضح.
– مُـراد أرجوك قولي فيك إيه..؟!
أوعي تفتكر أن الكلام اللي قولته من شوية قدام عمي تحت أنا أقتنعت بيه..
أنا لو توهت عن الدُنيا كلها مش هتوه عنك لأني حفظاك أكتر من نفسي..
فتابعت وهي تمسك يديه بحنان والعبرات محتجزه بداخل أعينها.
– من فضلك يا مُـراد متخبيش عني خليني اساعدك وأشيل معاك الحمل اللي على كتافك أرجوك..
” مُـراد ” بعد تفكير دام للحظات وهو يفرك بيديه جبهته محاولًا التحكم بإنفعالاته ومن ثم حسم قراره وتفوه بهدوء على عكس ما بداخله من براكين تُنذر بالإندلاع بين لحظة وآخرىٰ.
– هقولك يا شـهـيـرة حاضر..
هقولك عشان الخبر بكرا هيتنشر على السوشيال ميديا أن مكانش أنتشر خلاص والدُنيا هتعرف باللي حصل..
ثم أضاف بحرص شديد.
– هحكيلك بس توعديني أن محدش فيكم هيجيب سيرة باللي حصل قدام بابا مهما حصل لأن صحته مش هتستحمل اللي حصل وهيقع منا تاني..
” شـهـيـرة ” وهي تُسرع في الرد دون أدنىٰ تفكير للحظات حتى.
– أوعدك يا مُـراد عمي مش هيعرف حاجة خالص بس أرجوك أتكلم وبلاش تلعب بأعصابي أكتر من كده..
” مُـراد ” بوجوم.
– السفينة اللي جاية من أسـبـانـيـا اللي فيها شحنة اللحوم غرقت وكل اللي عليها ضاع وبصعوبة كبيرة قدروا ينقذوا الناس اللي عليها بس مقدروش يحافظوا عالشحنة..! كل ذلك و” شـهـيـرة ” تستمع إليه في صدمة كبيرة واضعه يديها أعلىٰ فمها بذهول محاولة كتم شهقاتها ومن ثم تسرسل ” مُـراد ” في حديثه قائلًا.
– ومش بس كده..
النهارده ولأول مرة شركتنا تخسر أهم مُناقصة في تاريخها كله وتراجعت أسهمنا ٢٪ بعد ما المُناقصة رست على شركة الـصـاوي وشركة بـدران..
” شـهـيـرة ” بصدمة وقدميها لم تعد قادره على حملها فهوت على الفراش بذهول.
– مش معقول ده خراااااب بيوت مستعجل..!
أكيد في حاجة غلط..؟!
” مُـراد ” بنبرة مبهمة.
– ده أكيد بس في حلقة مفقودة ولحد الآن محدش عنده تفسير للي حصل ده..
ثم أضاف وهو يؤكد على كل حرف يتفوه به حتى تُدركه جيدًا.
– مش عايز أي كلمة من اللي قولتها توصل لبابا يا شـهـيـرة وعايزك أنتي وسـهـام على قد ما تقدروا تبعدوا عنه الجرايد والتليفزيون وأي حاجة ممكن من خلالها يوصله الخبر وكمان متنسيش تأكدي عالولاد والخدم محدش يجيب سيرة الموضوع ده نهائي..
” شـهـيـرة ” ببكاء وهي تُطيعه بحزن.
– حااااااضر..
بس قولي هتعمل إيه في الكارثة دي يا مُـراد وهتعوض الخسارة الكبيرة دي إزاي..؟!
” مُـراد ” وهو غير قادرًا على التفكير.
– لسه مفيش حاجة واضحة قدامنا لحد دلوقتي..
ثم أضاف وهو يقترب من فراشه ممسكًا بيديه شرشفه ومن ثم تسطح بتعب شديد وهو يختخت بإنهاك واضح.
– بكرا الصبح بدري هروح المينا إستلم شحنة القمح الجاية من فـرنـسـا وأوردها في المخازن وبعدين هيكون عندي إجتماع في الشركة مع عـاصـم ومـمـدوح والـمـحـامـي يمكن نقدر نوصل لحل للمصيبة اللي وقعت على رأسنا دي..
ثم غمغم وعيناه بدءت أن تُعلق بالنوم.
– تصبحي على خير يا شـهـيـرة..
” شـهـيـرة ” وهي تُعدل من وضعيه الغطاء عليه بحزنًا دفين.
– وأنت من أهله يا مُـراد..
ربنا يلطف بيك ويعدينا من المصيبة دي على خير..
وبالفعل في صباح اليوم التالي باكرًا قد ذهب ” مُـراد ” إلى الميناء ليستلم شحنة القمح القادمة إليه من ” فـرنـسـا ” وتم توريدها بالفعل بمخازن شركات نـجـم الـديـن وهو يترأس لكل ذلك واضعًا يديه بداخل كل تفصيلة أثناء نقل البضاعة إلى مخازنه وما أن أنتهىٰ عمله وأطمن على أن الأوضاع أصبحت على ما يُرام حتى توجه إلى مقر الشركة الرئيسي وإجتمع بالجميع في غرفة الإجتماعات الخاصة به وبعد إجتماع دام لخمس ساعات متواصله إستطاع خلالهم مُـراد أن يصل إلى حلًا لو كان بوقتًا آخر لم يكن ليسمح به ولكن تأتي الرياح دومًا بما لا تشتهي السُفن مما جعل الجميع في دهشة حقيقية مما يتفوه به حتى هتف به ” عـاصـم ” بعدم تصديق.
– مستحيل يا مُـراد اللي أنت بتقوله ده..؟!
أنت عارف يعني إيه شركات نـجـم الـديـن اللي إسمها بيرن في العالم كله توافق على عرض زيّ ده يا مُـراد..؟!
أنت مستوعب هتعمل إيه..؟!
” مُـراد ” بعملية.
– مفيش قدامنا حل تاني يا عـاصـم عشان نقدر نعوض خسارتنا ونطلع من المصيبة دي بأقل الخساير الممكنه..؟!
أنت عارف يعني إيه الأسهم بتاعتنا تتراجع ٢٪..؟!
عارف يعني إيه نخسر مُناقصة بملايين غير اللي دفعناه تعريقه الراجل اللي كان هيسلك لينا الشغل ودلوقتي إختفىٰ وكأنه فص ملح وداب..؟!
عارف يعني نخسر شحنة اللحوم اللي مستوردينها بمليارات..؟!
مفيش قدامنا حل تاني غير كده يا عـاصـم يا نقبل بالعرض ده يا هتبقا فضحتنا في السوق بجلاجل ومش بعيد نعلن إفلاسنا قريب غير أن بابا لحد دلوقتي معندوش فكرة عن كم الخساير اللي خسرناها وأنا بحاول أسيطر عالوضع قبل ما بابا يعرف حاجة لأنه مش هيستحمل الخبر ده وممكن يروح فيها مش هيبقا موت وخراب ديار يا عـاصـم..
” عـاصـم ” بعدم تصديق لكل ما يمرون به.
– بس مش لدرجة نقبل ببضاعة فرز تالت يا مُـراد دي لوحدها فضيحة لينا ولإسمنا في السوق..
” مُـراد ” بعملية.
– الخسارة القريبة أحسن من المكسب البعيد يا عـاصـم مفيش قدامنا حل تاني غير ده..
لو عندك حل تاني قوله..؟!
” عـاصـم ” بقلة حيلة وهو عاجزًا عن التفكير.
– للأسف مفيش قدامنا حلول تانية ولا حتى وقت للتفكير..
” مُـراد ” بعدما أتخذ قراره وأخيرًا.
– يبقا أتفقنا..
ثم تابع وهو يوجه حديثه إلى ذلك الـ ” مـمـدوح ” بصرامة.
– أبعت ليهم فاكس في أسرع وقت ممكن يا مـمـدوح وبلغهم بموافقتنا وأننا مستعدين نحول المبلغ في أي وقت المهم الشحنة توصل في أسرع وقت..
” مـمـدوح ” بطاعة وتقدير.
– تحت أمرك يا مُـراد بيه..! وهنا أصدر هاتفه صوتًا معلنًا عن وصول إتصال إليه فستأذن منهم بتهذب ومن ثم قام بفتح الهاتف مرددًا بعملية.
– الو..
فإستمع إلى الطرف الآخر ومن ثم هب واقفًا وهو يتابع بذعر وصدمة جاليه على كل أنش به.
– أمته حصل الكلام ده..؟!
طب أقفل أقفل أنا ثواني وهكون قدامك..
” مُـراد ” بقلق وهو يقطب بين حاجبيه في غرابه.
– في إيه يا مـمـدوح إيه اللي حصل..؟!
” مـمـدوح ” بتوتر وإرتباك شديد.
– أنا في الحقيقة مش عارف أقول لحضرتك إيه بس..؟!
” مُـراد ” بقلق وضربات قلبه تضرب بقوة بداخل صدره دون رحمة.
– بس إيه يا مـمـدوح أنطق وقعت قلبي..؟!
” مـمـدوح ” وهو يبتلع لعابه بصعوبة غير قادرًا على الإفصاح عما يدور بداخله وإستمع إليه من لحظات فأخذ نفسًا عميقًا ومن ثم تابع بعدما أستجمع شتات نفسه قائلًا.
– مُـراد بيه لسه مكلمني من المخازن حالًا وبيقولوا النار شاعلة في كل حتة ومسكت في المخزن الشرقي اللي لسه موردين فيه القمح والمطافي دلوقتي في طريقها له..
” مُـراد ” وهو يهب واقفًا بعدم تصديق.
– إزاي ده حصل..؟!
إزاي النار تولع في المخزن وأشمعنا الشحنة دي بالذات..؟!
” عـاصـم ” وهو يجذب خصلاته بقوة من فرط غيظه.
– مش معقول كل اللي بيحصل ده..؟!
مش معقول المصايب دي كلها الموضوع ده في آنه يا مُـراد..؟!
” مـمـدوح ” بقلق.
– مش وقته دلوقتي يا عـاصـم بيه الكلام ده إحنا لازم نلحق نوصل للمخازن عشان أكيد في محضر هيتعمل ولازم نكون هناك..
” المحامي ” بحكمة.
– مـمـدوح عنده حق يا مُـراد إحنا لازم نتحرك عالمخازن دلوقتي..
” مُـراد وعـاصـم ” في صوت واحد وهما يهموا بالرحيل.
– يلااااااا بيناااا..!
وبعد مرور عشر دقائق كان الجميع يقف أمام مخازن نـجـم الـديـن التي تتأكلها النيران و” مُـراد ” يقف يُتابع النيران المشتعلة التي ينعكس شعاعها بداخل بؤرة عيناه المتحجره بداخلها العبرات التي تآبي الهطول مهما حدث.
وبعد لحظات جاء أحد الضباط حاملًا بين يديه حزمة من الأوراق يُطالب مُـراد بتوقيعها لإنهاء المحضر الذي أُثبت خلاله بأن الحريق قد حدث بفعل ماسًا كهربائي أدىٰ إلى ذلك الحريق الهائل الذي أستمر لما يُقرب من نصف ساعة كاملة ولكن بالرغم من قصر المدة إلا أنها قد أخذت معها الأخضر واليابس ولم يتبق من الشحنة سوا الرماد وما أن وقع مُـراد على أقوله والمحضر حتى شعر بأن الأرض جميعها وما عليها تدور من أسفله والرؤية بدءت في التشوُش قليلًا وما أن رفع يديه ليفرك بها عيناه حتى وجد الدماء تُغرق كفه ومن بعدها لم يعد يرىٰ شيئًا وسقط فاقدًا للوعي.
على الجانب الآخر..
كانت ” مـريـم ” تقف مع العُمال بداخل المطعم تتابع أعمالها بتشوش على غير عادتها؛ وهي تشعر بالقلق يُساورها فهي منذ فترة وهي تهاتف ” مُـراد ” لكنه لم يُجيب على إتصالاتها وبعد محاولات عديدة قد تم إغلاق الهاتف تمامًا وذلك سببًا كافيًا لقلقها وخوفها الشديد طيلة اليوم فهو لأول مرة بحياته يتجاهل إتصالاها به. فإنصرف العُمال بعدما فرغوا من عملها ومن ثم إستدارت هي الآخرىٰ لجمع أشيائها حتى تعود إلى منزلهم لتطمئن فؤادها على ذلك الـ ” مُـراد ” أبيها الروحي والأب الأوحد الذي شعرت بدفئه وحنانه بهذا العالم؛ إلا أنها أصتدمت بذلك المدعو بـِـ ” سـلـيـم ” وهو يقف قبالها مرددًا بقلق واضح على حالتها.
– أنتي كويسة..؟!
” مـريـم ” لا رد ولكنها تنظر إليه بتسهيم وتوهان.
” سـلـيـم ” بغرابة.
– أفهم من سكوتك ده أنك زعلانة من اللي حصل أمبارح ولا مش عايزه تكلميني..؟!
” مـريـم ” بهدوء على عكس الكثير من المشاعر المتخطه بداخلها.
– صدقني يا مستر سـلـيـم الموضوع مش كده خالص بس أنا فعلًا متلغبطه و Out of Mood النهارده عشان كده مش عارفة أركز في حاجة Sorry بجد..
” سـلـيـم ” بهدوء.
– ممكن تقوليلي سـلـيـم عادي على فكرة من غير مستر إحنا تقريبًا سننا مقارب وأعتقدت أن بعد قعدتنا وكلامنا أمبارح أننا هنشيل الكُلفة والرسميات اللي بينا ونتعامل على طبيعتنا..
” مـريـم ” بتفكير.
– بس..! وما أن همت بإستكمال حديثها حتى أوقفها ” سـلـيـم ” قائلًا.
– مـريـم أنتي المفروض تكوني أطمنتي ليا بعد قعدتنا وكلامنا أمبارح والمفروض كمان أننا بنتشغل مع بعض يعني الدُنيا تبقا أسهل من كده والتعامل بينا يكون خفيف عشان نحس أن الشغل هو كمان خفيف..
أنا مش حابب أفرض نفسي عليكي ولا أجبرك أنك تتعاملي معايا بس لو أنتي حبه متشوفنيش تاني لحد ما تنتهي من شغلك فأنا مستعد لده عشان أريحك..
” مـريـم ” بخجل.
– صدقني يا سـلـيـم الموضوع مش كده خالص أنا بس النهارده متوتره شوية وتركيزي مشوش..
” سـلـيـم ” بقلق مصتنع على حالتها.
– أنتي كويسة طيب تحبي أطلبلك دكتور..؟!
” مـريـم ” بإبتسامة هادئة.
– لأ لأاااا الموضوع مش مستاهل دكتور هما شوية قلق وهيروحوا لحالهم متقلقش..
” سـلـيـم ” بتساؤل وفضول.
– ممكن أعرف إيه اللي قلقك وموترك بالشكل ده لو مش هيضايقك..؟!
” مـريـم ” بقلق واضح عليها.
– أونكل مُـراد عمي بكلمه طول اليوم بس مش بيرد ومن شوية جربت تاني لقيت موبايله مقفول وقلقانه جدًا عليه..
” سـلـيـم ” بلؤم.
– متقلقيش أن شاء اللّٰه خير يمكن مشغول وأول ما يفضىٰ هيكلمك..
” مـريـم ” بقلق.
– عمي مش عادته أنه يقفل موبايله مهما حصل وأنا بالذات على طول بيرد عليه وعمره ما رفض ليا مكالمة..
خصوصًا أني عارفة أنه تعبان الأيام دي وعنده مشاكل كتير في الشغل..
” سـلـيـم ” محاولًا تطمينها.
– أهدي ومتقلقيش كل حاجة هتبقا كويسة وهو أكيد مشغول جدًا في شغله والمشاكل اللي عنده زيّ ما بتقولي يمكن في إجتماع ولا حاجة وأول ما هيخلصه هيكلمك متقلقيش نفسك عالفاضي..
” مـريـم ” والأمل ينتعش بصدرها من جديد.
– يارب يكون كده فعلًا..
” سـلـيـم ” بتطمين.
– أن شاء اللّٰه..
ثم أضاف بنبرة ذات مغزىٰ.
– وقعتي قلبي أفتكرت أنك زعلتي مني عشان سبتك أمبارح وروحت لـصـولا..
” مـريـم ” بغضب حاولت عدم إظهاره.
– وده هيزعلني في إيه يعني أن شاء اللّٰه..؟!
” سـلـيـم ” على نفس نبرته السابقة.
– على فكرة الغيرة باينه أوي في عنيكي مش عايزه كلام يعني..؟!
” مـريـم ” بغضب وإرتباك يتملكها.
– غيرة..!
غيرة إيه..؟! وأنا هغير عليك أنت ليه أصلًا..؟!
” سـلـيـم ” بمرح.
– مهما تقولي وتنكري غيرتك باينه في عنيكي وبعدين بداريها ليه ما أهو أنا يتغار عليا فعلًا هههههه..
” مـريـم ” وهي تضم يديها إلى صدرها بغضب.
– على فكرة كلامك ده مش مقبول..
ومش معنىٰ أني بتعامل معاك بذوق وبأدب يبقا ميته في دباديبك وبغير عليك..
” سـلـيـم ” بهدوء مقصود.
– أهدي بس كده متتعصبيش أنتي ليه دمك حامي على طول كده..؟!
ثم أضاف وهو يغمز لها بطرف عيناه اليسرىٰ قاصدًا كل حرف يتفوه به.
– مش عايزه تعرفي مين الست الحلوة الشيك اللي كانت معايا أمبارح..؟!
” مـريـم ” وهي تُشيح بعيناها بعيدًا عنه بغضب إلا أنها كانت تخجل في باطنها وبشدة وتحاول إلا تتقابل عيناها مع خاصته حتى لا ينفضح أمرها.
– ميهمنيش على فكرة مين الست اللي كانت معاك إطلاقًا..
” سـلـيـم ” بنبرة ذات مغزىٰ.
– طب عيني في عينك كده وقوليلي وأنتي باصه في عيني أنك مش فارق معاكي تعرفي مين هي..؟!
فشعرت ” مـريـم ” بالحرج الشديد وتمنت لو أن الأرض تنشق إلى نصفين وتبتلعها بلعًا من شدة خجلها ووجنتيها أصبحت تكسوُها الحمره التي تُشبه حبة الكريز الناضجة تمامًا؛ فتابع ” سـلـيـم ” وهو يضحك مقهقهًا عندما طال صمتها قائلًا بنبرة ذات مغزىٰ وهو يقترب منها بتروي.
– مش قادره تبصيلي ليه خايفة عيونك تتفضح قصادي..؟!
” مـريـم ” لا رد ولكنها ظلت تعود وتعود إلى الوراء مع إستمراره في التقرب منها حتى إصطدمت بالحائط من خلفها؛ فأقترب منها بدوره محتجزًا لها بين ذراعيه والحائط وهي كقطعة الثلج تكاد أن تذوب من خجلها بسبب قربه الشديد منها فنطقت بتوتر وإرتباك شديد.
– أنت بتعمل إيه يا سـلـيـم أبعد من فضلك.. ؟!
” سـلـيـم ” وهو ينظر إلى عيناها نظرات أربكتها وكادت أن تفقدها إسمها؛ ومن ثم همس لها بتساؤل ونبرة يقصد كل حرف بها.
– بحاول أبص في عيونك اللي أنتي بتحاولي بكل الطرق تبعديهم عني عشان ما يتكشفش اللي فيهم..
ومن ثم هم برفع خصلاتها بأنامله وأبعادها عن جبهتها بلمسات كادت أن تُسلبها أنفاسها وتابع بعد ذلك وهو لايزال ناظرًا بداخل عيناها.
– لسه برضو مش عايزه تعرفي مين هي الست اللي شوفتيها معايا أمبارح..؟!
” مـريـم ” بنبرة مُسكره تمامًا وهي تنظر بداخل عيناه كالمغيبة.
– مين..؟! وما كاد أن يُجيبها ” سـلـيـم ” حتى أصدر هاتفها صوتًا تعرفه جيدًا معلنًا عن وصول رسالة من أحدهم فقامت مسرعه بزجه بعيدًا عنها بعفوية شديدة وأقتربت من حقيبتها جاذبة لهاتفها الذي قامت بفتحه مسرعًا تاركه ذلك الذي يقف وأنفاسه تعلو وتهبط بشكلًا ملحوظًا وكأنه خارجًا من سباق للتو إلا أنه أنتبه جيدًا على حديثها له وهي تُردد بحماس وترقب.
– دي مسدج بتقول أن عمي موبايله أتفتح..!
” سـلـيـم ” محاولًا التصرف على طبيعته وهو يمشط بيديه خصلاته بلامبالاه مصتنعه.
– طب جربي كلميه تاني وأن شاء اللّٰه يرد عليكي..
” مـريـم ” وهي تضع الهاتف على أذنها محاولة الإتصال به.
– جرس..
وبعد لحظات جاءها الرد فردت قائلة بسرعة كبيرة دون أن تُعطي فرصة للطرف الآخر بالرد.
– الو يا أونكل حضرتك مش بترد ليه قلقتني عليك..؟!
الطرف الآخر شخص مجهول المصدر: الو..
حضرتك تقربي إيه لـمُـراد بيه..
” مـريـم ” وهي تبعد الهاتف عن أذنها ناظره به للتأكد من صحة الرقم المطلوب ثم عادت تتحدث من جديد بتساؤل وإستغراب.
الطرف الآخر: أنا الدكتور اللي مشرف على حالة عمك يا آنسة..
مُـراد بيه جالنا من ساعة تقريبًا وهو حاليًا تحت الملاحظة في العناية المركزة..
– اقتباس من الفصل القادم –
شعرت ” مـريـم ” بأن ساقيها لم تعد قادرة على حملها ومن ثم سقط الهاتف من بين يديها على الأرض ، فأسرع إليها ” سـلـيـم ” محتضنًا لها من الخلف وأقترب بها إلى أقرب مقعد مجلسًا لها عليه ثم أخذ لسماعة الهاتف مكملًا لحديثها وهو يردف بإستفهام.
– الو..!
ده تليفون مُـراد نـجـم الـديـن من فضلك..؟!
الطبيب بعملية.
– ايوه يا فندم مُـراد بيه جالنا من حوالي ساعة تقريبًا في حالة حرجة جدًا وحاليًا موجود عندنا في العناية المركزة.
” سـلـيـم ” بصدمة بعدما شعر بوخزه قوية تخترق جانبه الأيسر حيث موضع قلبه.
– ممكن إسم المستشفىٰ لو سمحت..؟!
الطبيب بعملية.
– المستشفىٰ الألماني يا فندم..
” سـلـيـم ” وهو لايزال في صدمته.
– تمام مسافة السكة وهنكون عندك..
شكرًا..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وجوه الحب ) اسم الرواية