رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي كاملة بقلم اسماعيل موسي عبر مودنة دليل الروايات
رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي الفصل السادس عشر 16
فورا حملت الحقيبة وسرت تتبعني كيان، كانت الخطوات تشير تجاه البحر عرضيا فتبعناها، نزلنا بين صخور وعره جرحت ساق كيان نحو الساحل، استوي الطريق امامنا فسرنا بمحاذاة البحر ونحن لا نلمح اي أثر لعوني فالتفت إلى كيان بخوف قائلا
لا بد أن نلحق بعوني ونخبره بالجزء الناقص من المخطوطة قبل أن يبتلعه الظلام للأبد
الجزء الخامس
الرحله نحو مدينة أبناء الساعه
(أبطال الرحله، صبرى حفيد الجد عونى احمد عبد الهادى واخته فريده)
مالت الشمس غربا وتورات خلف التلال الخضراء مخلفه شفقه احمر قاني، سنخيم هنا، قالت فريده، فور بلوغنا بقعة مسطحة غاطسة أسفل قعر التلة!
لماذا سألتها؟
نحن لا نعرف تلك الأرض وليس من المأمون ان نواصل سيرنا ليلا، انا، ورفعت فردت يدها بطريقه ساحرة شريرة، لا أرغب بفقد كلاكما دفعه واحده وأضطر لخوض تلك الرحلة اللعينة وحدي بتلك المدينة غير الموجودة!
لا تعتقدين فعلا بوجود تلك المدينة؟
ما اعتقده او لا اعتقده ليس له معني يا عوني فأنا افضل التمرغ بوحل الحقيقة علي ان اعيش وهم زائف!
أشعلنا النار بالحطب والتففنا حولها، أخرجت فريدة بعض المعلبات لتناولها وزعتها علينا!
ما أثار حيرتي صمت احمد عبد الهادي وشروده حتي انتابني شك انه قبل تلك الرحلة فقط للتخلص من ثرثرة اخته فريدة!
هل يمكنني أن اري المخطوطة؟ سألتني فريدة
لكن الجو ظلام اعترضت، لن تستطيعي قراءة اي كلمه، بالغد، واردفت بنبرة وغديه ربما اسمح لك بلمسها!
وضعت حقيبتي تحت رأسي ببقعة بعيدة عن أحمد عبد الهادي وفريدة و حاولت النوم، رغم بعدي بمسافة كافية إلا أن صوت فريده كان يخنقني!
لم أكد يغمض لي جفن حتي سمعت صوت خطوات تقترب مني، كنت راقد علي جانبي الأيمن في مواجهة البحر، دون أن التفت قلت!
احمد عبد الهادي؟
كنت أدرك انك لن تقدر علي النوم بجوار تلك الرعناء، الوغدة، الثرثارة، ارجو ان تغفر لي وقاحتي لكنها لا تطاق يا اخي!
اردفت وانا اعدل جسدي، ارقد هنا بجوار! لم أتم كلمتي، أحمد عبد الهادي لا يمتلك ذلك الشعر المسدل، العيون الواسعة الخضر وذلك القوام النادي!
رغم حماقتها إلا أن فريده كانت جميله بصورة ما!
أكمل لن أقضمك، احب ان اسمع رأي الذكور بي!
لماذا ان شاء الله قلت بنبرة مستنفره؟
حتي يتضح لي قدر الحرائق التي أحدثها بصدورهم!
سحقا لقد افسدت كل شيء قلت في نفسي، كنت أشعر بالخزي وارغب في القيام بأي شيء للتكفير عن ما رشقتها به من لعنات!
جلست بجواري، وكان موج البحر يداعب الشاطئ الرملي ويقبل قدميها البيض، السماء صافيه ولا أثر لغيمه واحده فيها!
حدقت فريده بالنجوم ونسمه فجائية تراقص شلال الشعر الأسود المنسدل على كتفيها!
أتعلم! قالت فريده بعد طول صمت، انا أمجد الوحدة واقدس العزلة يا عوني، رغم الظلام الا انني وجدتني ارمقها بنظرة اندهاش لا تخلو من سخريه!
تقدسين العزلة؟
يا فريده انت لم تتوقفي عن الكلام لحظه واحده منذ بدأنا تلك الرحلة!
تنهدت فريده بعمق مفسحة المجال للحظه من الصمت ان تفصل بيننا!
منذ وفاة والدتي وانا لا أتحدث لأحد مطلقا، احمد اخي يغادر المنزل لأوقات طويله حيث يسمح له وضعه كشاب ان يتسكع مع شبان مثلك، اما انا فقد حكم علي العيش بين أربعة جدران، اتخبط بين اطلال الذكريات الحزينة :
منذ ثلاثة أعوام يا عوني وحياتي تمضي بين المنزل والجامعة والمطبخ، صدقني انا لا اعلم اني ثرثارة ،رعناء، وقحه كما تعتقد، كل ما اعرفه ان تلك الرحلة سمحت لشيء ما بداخلي ان يتحرك، شيء؟ انطلق مع صوت أمواج البحر وتحليق النوارس والفضاء الأزرق اللامتناهي.
هل تعتقد انني لا استحق ذلك؟
غمرتني التعاسة واشفت عليها حتي كدت ان ابكي، كنت علي وشك مواساتها.
ليله سعيدة، قالتها فريده وهي تخطو مبتعدة.
منذ تلك اللحظة قررت أن لا أشاكس فريدة ولا احبطها، الأن بدا لي جليا، لماذا لاذ احمد عبد الهادي كل تلك المدة، انه يشعر بأخته، ما يؤلمها، ما ينغص عليها وكيف انطلقت فجأة
لكزتني فريده في كتفي وكانت الشمس لازالت نائمه، استيقظ يا عوني اذا كانت لديك نية للوصول لمدينتك خلال مدة العشرة ايام التي حددتها!
نهضت بمكاني أرمق احمد عبد الهادي الذي يفرك عينيه بامتعاض، تناولت قطعة بسكوت التهمت نصفها والقيت بالجزء المتبقي لفريده ، بادرة حسن نيه، تلقفتها فريده ولوحت لي، شكرا!
عندما تبتسم فريدة هناك شيء غريب يحدث بوجهها، انها لا تبتسم من خلال شفتيها فقط، عيونها تبتسم، خدودها تبتسم، جسدها يبتسم!
حملت حقيبتي وسرت خلف احمد عبد الهادي وتولت فريدة الطليعة، لماذا انت شارد يا صديقي؟ مذ الامس وانت لا تعجبني!؟
حدق بي احمد بعينين تائهتين وأشار لفريده التي تتقافز فوق بعض الصخور ببنطالها الأزرق الضيق!
فريدة يا عوني!
لم يطاوعني قلبي لتركها بالمنزل وعندما بدأت رحلتنا شعرت بقدر الحماقة التي ارتكبتها في حقها! انا وانت يا عوني رجلين، اما هي فتاة ، ماذا سيحدث اذا صادفتنا متاعب؟ اشكاليات، كان أحمد عبد الهادي يتحدث بنبره صادقه منكسرة.
لن يحدث لها أي مكروه يا احمد!
توقف احمد عبد الهادي بمكانه وامسك بيدي بين كفيه، عاهدني يا عوني اذا أصابني مكروه ان تعتني بها ولا تسمح لأذي ان يصيبها!
اعاهدك يا صديقي، اعاهدك ، لكن لا تقلق لن يحدث اي مكروه ان شاء الله، كانت فريدة لاحظت تخلفنا عنها فتوقفت، تحتاجون لاستراحة سألتنا؟
شكرا يا قائدة، اجبت وانا الوح لها.
مضت الشمس فوقنا ورحلت، كان علينا أن نبحث عن مكان ملائم لنقضي به ليلتنا، واصلنا السير بالظلام حتي وجدنا بقعه صلده تسمح لنا بالنوم، التقت أجسادنا بالأرض ورحت في نوم عميق غير مبالي بتمتمات فريده ولا ردود احمد عبد الهادي المقتضبة عليها!
كان الليل انتصف عندما شعرت بشيء يحتك بقدمي، يتباعد ثم يقترب مره اخري ليصطدم بها، حاولت أن اتمالك نفسي، كنت ميت من النوم ، ولا رغبه لدي لفتح عيني!
لكن ذلك الشيء واصل احتكاكه بقدمي وغمرت المياه قدمي، انتصبت بمكاني بفزع!
كيف تدحرجت كل تلك المسافة حتي وصلت حدود الماء؟ قدمي مبتلة تماما، هناك بالظلام قرب مكاني لمحت جثه طافيه تتقازفها الأمواج قرب الشاطيء.
لم اتمالك نفسي ، صرخت وانا اهرول تجاه فريده واحمد عبد الهادي، استيقظوا، استيقظوا هناك جثه علي الشاطيء!
الا تملك عقل؟ زعقت فريده، يا عوني ايقظ صراخك حوريات البحر، رغم الصدمة كانت فريده هادئة ورزينة!
جذب احمد عبد الهادي الجثة من ذراعها، انقلع في يده، القي بالذراع بلا مبلاه علي الرمل وهو يتمتم بسباب.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي ) اسم الرواية